واقع المعلم بين الامس واليوم

عنوان الموضوع : واقع المعلم بين الامس واليوم
مقدم من طرف منتديات العندليب

واقع المعلم بين الأمس واليوم
ما زلنا نسمع ممن هم أكبر منّا سنًّا عن المكانة المرموقة والمنزلة العالية التي يحظى بها المعلم بالأمس في المجتمع، فلا منازع بين الناس في إجلاله واحترامه، لأنهم يعدونه بلسمًا شافيًا وسراجًا وهاجًا في الليلة المعتمة، وهو كذلك، فنظمت حوله الأشعار وقيلتْ فيه وفي العلم الحكم والأمثال.. حتى جاء " أمير الشعراء" واختزل تلك المعاني الموحية في أجمل صورة وأنصع عبارة، فردد الناس خلفه قوله: " كاد المعلم أنْ يكون رسولا ".
ولاغرو في ذلك فالمعلم يستحق هذا الثناء وأكثر، فبناء المجتمع ونهضته يقوم على كاهل المعلم، أليس هو مَنْ " يبني وينشئ أنفسًا وعقولا "؟ أليس هو مَنْ يصنع الأجيال لتناطح الثريَّا؟ اسألوا إنْ شئتم أطياف المجتمع من مهندسين وأطباء وتجّار وساسة بل وصانعي القرار.. منْ أين تخرّجوا وعلى يد مَنْ؟.
صحيح أنَّ أحمد شوقي " رحمه الله " لم يصوّر المعاناة التي تطال المعلم في مهنته والآلام التي تنتابه من جرَّاء تصرّف بعض طلابه الأشاوس!! فيلحقه الأذى، وتصبح حياته مليئة بالمنغصات، لذا جاء إبراهيم طوقان ـ وهو من المعلمين الشعراء ـ معارضًا " شوقي " مطلقًا عنان شعره للآهات الدفينة في أعماقه تحكي واقع حياة المعلم، فنجده يختار من قاموسه الشعري مفردات " الحسرة ـ الكآبة ـ الخمول ـ العمى ..." ويجعلها صفات ثابتة لكل من ينتمي إلى حقل التعليم، و يتمنى لو أنَّ " شوقي " جرَّب التعليم وذاق مرارته!، لو حصل ذلك منه ( لقضى الحياة كآبةً وخمولا )، والأغرب من ذلك أنه أتمَّ قصيدته تلك بجدلية يراها تنطبق في الواقع فقال:
يامَنْ يريد الانتحار وجدته *** إنَّ المعلم لا يعيش طويلا
ولِمَ لا؟ فلكَ أنْ تتخيّل ذلك!
أما اليوم فما مِن شك قد انحسر ذلك التبجيل، وأخذ يتضاءل في كثير من الأحايين، فلم نعد نسمع " منْ علمني حرفًا صرتُ له عبدا" وغيرها من العبارات التي قيلتْ في ذلك الزمن الجميل، ولم نجدْ ذلك التفاعل الجاد، والمواقف المشرّفة من المجتمع لتشجيع المعلم في أداء عمله، ـ إلا مَنْ رحم ربي ـ فيا تُرى ما السرُّ في هذا الأمر؟ أهو المجتمع نفسه الذي أغرق في المدنية، أم الطلاب أنفسهم، أم عامل الزمن ودوره في تغيير طبيعة الناس ومتطلبات العصر؟، أم ذلك المعلم الذي باع هيبته وضيَّع حقوقه ولم يؤدِّ واجبه على الوجه الأكمل، وانزوى وحيدًا متدثرًا بالحسرة والندم حيث لا ينفع الندم، ولسان حاله يقول:
إذا شئتَ أنْ تحيا سعيدًا من الأذى *** فلاتكُ أستاذًاً ولاتكُ مرشدا
وفي نظري إنَّ المعلم الذي عرف قدر نفسه وارتفع عن سفاسف الأمور، وابتغى فيما آتاه الله ـ من علم وفهم ـ الدارَ الآخرة هو المعلم الناجح، لا يضره من خذله مِنْ طلابه ومجتمعه، تظلُّ هيبته عند كثير منهم خالدة مدى الزمن، ولعلَّه هو الذي عناه الشيخ الأديب علي الطنطاوي ـ رحمه الله ـ في كتابه " قصص من الحياة " بقوله: " إنَّ المعلم هو الشهيد المجهول الذي يعيش ويموت ولا يدري به أحد ولا يذكره الناس إلا ليضحكوا من نوادره وحماقته ".


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


=========

>>>> الرد الثاني :


=========

>>>> الرد الثالث :


=========

>>>> الرد الرابع :


=========

>>>> الرد الخامس :


=========