المشاريع الفرنسية لاحتلال الجزائر
لقد كان اهتما الفرنسيين باحتلال الجزائر يعود إلى الملك لويس التاسع (1226-1270م ) الذي وضع مشروعا لاحتلال الجزائر
و في عهد نابليون وجه عدّةبعثات استكشافية تجسسية لمعرفة أحوال البلاد الإقتصادية والعسكرية و السياسية و قد كان يحلم بجل المتوسط بحيرة فرنسية
و قامت تلك البعثات برسم خرائط جغرافية للجزائر و مناطقها
و يعتبر مشروع (دي كرسي) الذي وضعه عام 1791م من أخطر المشاريع لكن ظروف الثورة الفرنسية وما تبعها من مجاعة و قلة الموارد و تقديم الجزائر مساعدات مادية أجّل المشروع إلى حين
في عام 1799م قام القنصل الفرنسي الساّبق جون بون سان
باعداد مشروع لاحتلال الجزائر لا تتجاوز ثمانية أيّام و أعدّ أحد الموظفين السامين في القنصلية الفرنسية( تيدينا )مشروعا آخر عام 1802م يتلخص في إنزال العساكر الفرنسية في مدينة تنس ثمّ الزحف منها عبر سهول مليانة على مدينة الجزائر.
و على الرّغم من أهمية هذه المشاريع إلاّ أنّ تنفيذها تأجّل بسبب المشاكل الكبيرة القائمة بين نابليون و الدول الإوروبية الأخرى .
و قد يكون توتر العلاقات بين الجزائر و فرنسا 1802-1805م السبب المباشر في التخطيط لاحتلال الجزائر لأنّ الجزائر كانت قد جرّدت فرنسا من امتيازاتها و اعطتها لانكلترا ممّا اعتبر اهانة للشّرف الفرنسي و خرق للمعاهدات المبرمة.
و بعد سحب الجزائر للإمتيزازات أرسل نابليون واحدا من أبرز جنوده ذو خبرة هندسية كبيرة لإعداد تقريرمفصّل وخطّة واضحة للاحتلال و هو الضابط (بوتان) الذي وصل للجزائر في 24 ماي 1808م و مكث 68 يوما و من خلالها جاب البلاد من الشّرق إلى الغرب متجسّسا على الحصون دارسا خطّة النزول بدقّة من برج البحري شرقا إلى سيدي فرج غربا دارسا السواحل الجزائرية و كل ما يتعلق بالشؤون الأهلية اجتماعيا و إقتصاديا و سياسيا .
و تضمّن التقرير معلومات دقيقة عن تحصينات الجزائر و طبيعة أرضها و عدد قواتها و زمن الحملة المقترحة و عدد الجيش الضروري حيث اقترح عدد الجيش مابين 35إلى 40 ألف جندي معظمهم من المشاة و اقترح أن يكون النزول بسيدي فرج لخلوّه من المدافع و الجنود و الفترة مابين ماي و جوان و المدّة لا تتجاوز الشهر (مأخوذ عن أبو القاسم سعد الله :محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث-بداية الإحتلال ص 21)
و مهما كان فإنّ نابليون لم يتمكّن من تنفيذ مشاريعه الإحتلالية لانشغاله بحروبه في اوروبا و ضعف الأسطول الفرنسي بالإضافة إلى اعتبارات سياسية منها مداهمة الإنكليز لمدينة الجزائر و ضربها و بالتالي تحسن في العلاقات الجزائرية الفرنسية (1817-1818م)
لكن سرعان ماعادت للتدهور بسبب قضية الدّيون في عهد الداي حسين و التي انتهت بحادثة المروحة الشهيرة يوم 27 أفريل 1830م و فرض الحصار البحري الفرنسي على السّواحل الجزائرية و بعدها احتلال الجزائر.