عنوان الموضوع : الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة . تاريخ جزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب
الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة .
الجزء الأول :
توطئة:
نالت اللغة الأمازيغية قسطا كبيرا من البحث والدراسة من طرف الباحث العربي والأجنبي على حد سواء[1]. وتعرضت هذه اللغة؛ التي هي أقدم اللغات الافريقية إلى العديد من الهجمات، والسبب في ذلك يرجع إلى عدة عوامل تاريخية واجتماعية وسياسية وغيرها. ولقد وصفت هذه اللغة بأنها لغة بدائية متخلفة، في حين وصفها آخرون بأنها مجرد لهجة لكونها غير ممعيرة ومقعدة ،وتفتقد إلى المقومات التي تقوم عليها كل اللغات الصرفية منها والمعجمية والتركيبية.
ومن أجل تقريب القارئ من مدى استجابة هذه اللغة للمقومات اللغوية والألسنية من عدمها، فإننا سنورد في هذا الموضوع عدة أدلة للوقوف على هذا الجدل الذي أثير منذ قرون مضت ولازال قائما. كما يأتي كمطلب بحثي نزولا عند رغبة الإخوة [2]، على أمل الالتزام بمقومات البحث العلمي وما تم الاتفاق عليه بعيدا عن المزايدات الإيديولوجية والديماغوجية والسياسوية والتهرب مما تم التعهد به.
وللوقوف على حقيقة هذه اللغة سنعتمد على منهجية عامة تأخذ بثلاثية البحث من خلال مقاربة الموضوع من ثلاث زوايا؛ تاريخية ولسنية-اورستية وانتروبولوجية مركزين على الطرح التاريخي وآخذين في نفس الوقت بالطرح اللسني نظرا لطبيعة الموضوع.
I- المقاربة التاريخية
1. الأصول التاريخية للغة الأمازيغية:
إن معرفة الأصول التاريخية للغة الامازيغية يدفعنا إلى الحديث عن أصول الامازيغ من خلال معرفة تاريخ الإنسان قبل تاريخ اللسان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحديث ينطوي على مجموعة من الحقائق التي لابد من التنبيه إليها، وهي أن هناك شبه إجماع على أن أصول الامازيغ ليست معروفة على وجه التحديد، باستثناء كونهم السكان الأقدمون الذين استوطنوا شمال أفريقيا. وهؤلاء السكان الأصليون للشمال الافريقي نعتهم اليونانيون والرومان بـ " البرابرة " في إشارة منهم إلى توحشهم وتخلفهم[3].
ولعل خير مصدر للبحث في تاريخ الامازيغ هو ما كتبه العلامة ابن خلدون ، الذي اعتبر أن الأمازيغ كنعانيون تبربروا، وبأنهم أحفاد مازيغ بن كنعان. وفي هذا الصدد يقول ابن خلدون:" والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره فيشأنهم؛ أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام."[4] وهو نفس الطرح الذي تبناه الدكتور عز الدين المناصرة الذي أرجع الأمازيغ وكتابتهم إلى أصول كنعانية إما فلسطينية وإما فينيقية لبنانية.[5]
وحسب ما أكده المؤرخ الإنجليزي كارل بيرنارس فإن ظهور اللغةالأمازيغية يعود إلى 10.000سنة ق.م واللغة العربية إلى 100سنة قبل ميلاد. ومما يدل على سمو الوجود الامازيغي بمنطقة شمال افريقيا هو تمسكهم بلغتهم وتقاليدهم وذودهم عن أراضيهم ومحاربتهم لكل محتل. وفي هذا الشأن يقول ابن خلدون: [والسبب في ذلك أن هذه الأقطار كانت للبربر منذ آلاف من السنين قبل الإسلام وكان عمرانها كله بدويا ولم تستمر فيهم الحضارة حتى تستكمل أحولها. والدول التي ملكتهم من الإفرنجة والعرب لم يطل أمد ملكهم فيهم حتى ترسخ الحضارة منها فلب تزل عوائد البداوة وشؤونها فكانوا إليها أقرب فلم تكثر مبانيهم].[6]
هذا عن أصلهم الحقيقي، فماذا عن باقي الطروحات التي ذهبت إلى القول بأنهم من أصول جرمانية أو من أصول يمنية، وغيرها من الطروحات؟
الواقع أنه لا يتسع المجال هنا للحديث عن كل هذه الطروحات، نظرا لكون موضوعنا ينصب على اللغة الامازيغية وليس عن تاريخها. لكننا في مقابل ذلك سنورد ما قاله الباحث محمد شفيق في هذا الموضوع وهو قول جامع وحاسم، حيث اعتبر أن الحافز في الادعاءين وغيرها –ادعاء أنهم من أصول آرية جرمانية وادعاء أنهم من أصول يمنية أي من العاربة المستعربة- سياسي بالأساس، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان تبريرا من المستعمر لاستيطان المناطق التي يتواجد بها الامازيغ .[7] كما أن الأبحاث الحديثة في مركز الأبحاث في المغرب الأقصى أكدت بما لا يدع مجالا للشك إلى الرزمة الوراثية للأمازيغ e3b2 وهي الصفة السائدة لدى سكان شمال أفريقيا، وبالتالي دحض هذه الطروحات .
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الشخصيات التاريخية ذات الاصول الأمازيغية لكنها لم تعد كذلك كحنبعل ومارك أوريول وسان أوغستان وغيرهم.
ونختم المقاربة التاريخية بمعلومة تصحيحية لما تتداوله الكثير من كتبنا ومفكرينا وللأسف، والتي جاء فيها أن الامازيغ لم يعتنقوا الإسلام إلا بعد قتل دهيا البربرية الملقبة بالكاهنة[8]، وأن الدين الإسلامي لم يصل إلى المنطقة إلا بعد قتل الملكة، وهو كلام غير صحيح بدليل ما جاء في الحديث النبوي الشريف:
جاء في الحديث عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي غَزْوَةٍ قَالَ: فَأَتَى اَلنَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ اَلْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ اَلصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عَلَى أَكَمَةٍ، فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اَللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَاعِدٌ، فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: اِئْتِهِمْ فَاقْعُدْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا يَغْتَالُونَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ: (تَغْزُونَ جَزِيرَةَ اَلْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، وَتَغْزُونَ اَلرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ اَلدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اَللَّهُ.) قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لَا نَرَى اَلدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحُ اَلرُّومُ .[9]
.../... يتبع .
الهوامش----------------------------------------
[1] كان ابن خلدون أول من تحدث عن لغة أهالي شمال أفريقيا ثم الباحث سالوست في كتابه حول "التاريخ"، لكن أهم باحث حسب رأينا درس اللغة الامازيغية وفق منهجية علمية ولسنية هو العالم الفرنسي المستمزغ André Basset ،ليأتي بعده عدة كتاب بحثوا في هذه اللغة بمختلف اللغات.
[2] رغم ما قد يطرحه البعض من تساؤل في هذا المجال بحتمية لغوية اللغة الأمازيغية لكونها لغة مدسترة وتدرس في المدارس لما يقارب عقدا من الزمن.
[3] قمنا في هذا الموضوع باستبدال لفظ البربر بلفظ" الامازيغ"، الذي يعني النبلاء الأحرار.
[4] النص الكامل لابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، الجزء الثالث، من ص 178 من 254:
يقال إن أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غزا المغرب وإفريقية وقتل الملك جرجيسوبنى المدن والأمصار وباسمه زعموا سميت إفريقية لما رأى هذا الجيل من الأعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك وقال: ما أكثر بربرتكم فسموابالبربر. والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة. ومنه يقال بربرالأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة. وأما شعوب هذا الجيل وبطونهم فإن علماء النسب متفقون على أنهم يجمعهم جذمان عظيمان وهما برنس وماذغيس. ويلقب ماذغيس بالأبترفلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانس وهما معاً ابنا برنس. وبينالنسابين خلاف هل هما لأب واحد. فذكر ابن حزم عن أيوب بن أبي يزيد صاحب الحمارأنهما لأب واحد على ما حدثه عنه يوسف الوراق. وقال سالم بن سليم المطماطي وهانيبن مسرور والكومي وكهلان عن أبي لوا وهم نسابة البربر: إن البرانس بتر وهم من نسلمازيغ بن كنعان. والتبر بنو بر بن قيس بن عيلان وربما نقل ذلك أن أيوب بن أبييزيد إلا أن رواية ابن حزم أصح لأنه أوثق………….
[5] وللاستدلال على قرب هذا الطرح فإننا نعود بالقارئ إلى اللغة، حيث يلاحظ أن الأمازيغية أخذت من اللغات السامية نظام تربيع الحروف وأخذت من النظام الفلسطيني والنظام الطبراني نظامالحركات من إشارات وتنقيط. لكن أقرب مصدرللأمازيغية حسب عز الدين المناصرة هو اللغة الكنعانية الفينيقية القرطاجية التي أخذت منها حروف التيفيناغ التواركية. وبالتالي، فإن المصدر الأساسي للأمازيغية حسب عز الدين المناصرة هو الألفبائية الكنعانية التي تفرعت منها كللغات العالم.
[6] ابن خلدون، مرجع سابق.
[7] يقول الباحث محمد شفيق تعليقا على ذلك: "المؤرخين العرب كادوا يجزمون، في العصر الوسيط، أن" البربر" من أصل يماني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمارالفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أوربيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم".
[8] يقول ابن خلدون: (كانت زنانة أعظم قبائل البربر وأكثرها جموعاً وبطوناً وكان موطن جراوة منهم بجبل أوراس وهم ولد كراو بن الديرت بن جانا. وكانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيقان بن باورا بن مصكسري بن أفرد بن وصيلا بن جراو).ويضيف ابن خلدون: (قال هاني بن بكور الضريسي: ملكت عليهم (أي دهيا) خمساً وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة. وكان قتل عقبة بن نافع في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة تهودا عليه وكان المسلمون يعرفون ذلك منها. فلما انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد ضوي إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فلقيتهم بالبسيط أمام جبلها. وانهزم المسلمون واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية). المرجع السابق.
وقد مجدت هذه المرأة البربرية إلى درجة أن بعض الكتاب اليهود سموها ديبورا وهو اسم يهودي معروف أو كهينا نسبة إلى اسم الكوهن. أما الكتاب العرب فيلصقون بها جميع الصفات المحطة بالإنسان بسبب مواجهتها للفاتحين المسلمين وعدم قبولها تسليم الأراضي الامازيغية لهم.
[9] للإشارة فقد وصف ابن خلدون البربر بأنهم كانوا يلبسون الصوف
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة .
الجزء الثاني :
- المقاربة اللسنية[10] للغة الأمازيغية:
إن أهم مقاربة يمكن اعتمادها لحل الجدل القائم ما بين من يقول بلغوية الأمازيغية ومن يعاديه هي المقاربة اللسنية. هذه المقاربة قادرة لا محالة على أن تعري كل مسكوت عنه في فضاء هذا الجدل. لذلك، فإننا سنقوم بمقاربة هذا الباب من خلال الإجابة على السؤالين التاليين :
1. هل الأمازيغية لغة أم لهجة؟ وإذا كانت كذلك فما هو الدليل على كونها لغة؟
2. ما هي خصائص اللغة الأمازيغية ؟
1. هل اللغة الأمازيغية لغة أم لهجة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال يظل سهلا ومحسوما فيه علميا في ظل ما كرسته كل الدراسات التاريخية منها واللسنية، والتي وضحت وبينت أنها لغة سامية وأحيانا لغة افريقية. إلا أنه في المقابل برزت بين الفينة والأخرى في العقود الأربعة الأخيرة بعض الأقلام القليلة جدا، والتي يمكن عدها على رؤوس الأصابع حاولت إظهار أن الأمازيغية ليست سوى لهجة.
وأمام ما تم من تسويق سياسي للأمازيغية من طرف المستعمر خاصة الفرنسي، الذي جنح إلى استعمال القضية واللغة الأمازيغيتين كورقة استعمارية امبريالية من أجل إحداث انشقاقات وتصدعات في صرح الدول المستعمرة، مستغلا في ذلك الأصوات المنادية بالقومية العربية والحركات الأمازيغية المتعصبة، فإننا نرى من باب أولى مقاربة هذا المحور بالاعتماد على الدراسات اللسنية وعلى الفيلولوجيا. وننطلق من طرح أسئلة بديهية من قبيل:
أ- ما هو مفهوم اللغة؟
ب- ما هي طبيعة اللغة؟
ت- ما هي اللهجة؟ ومتى يمكننا التحدث عن اللهجة؟
ث- ما الفرق بين اللهجة واللغة؟
ج- كيف نشأت اللغة؟
ح- ما هي مقومات اللغة؟
أ- ما هي اللغة ؟
إن تحديد معنى اللغة يتطلب أيضا الوقوف على الدلالة المعجمية لهذه الكلمة، ففياللسان العربي نجد أنها مشتقة من اللغو وتعني الكلام الغير المفيد، أما فيلسان العرب لابن منظور فهي كلمات يعبر بها قوم عن أغراضهم، و يركز ابن منظور علىالبعد التواصلي للغة، و في اللسان الفرنسي نجد كلمة********من اللاتينيةlinguaالتي تعنـي الكـلام و الخطاب، أما الكلمة اليونانيةlogosفلهامعان متعددة كاللسان والكلام والخطاب والعقل، و يفهم معناها من خلال السياق الذيوردت فيه.
ولمعرفة أدق بمفهوم اللغة[11] ، نستعرض بعضا من التعريفات الشائعة سواء في الثقافة العربية أو الغربية، ومن بينها:
• تعريف ابن جني: باب القول على اللغة وما هي : أما حدها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم.
ويعلق الدكتور محمود فهمي حجازي على هذا قائلاً : هذا تعريف دقيق، يذكر كثيراً من الجوانب المميزة للغة. أكد ابن جني أولاً الطبيعة الصوتية للغة، كما ذكر وظيفتها الاجتماعية في التعبير ونقل الفكر، وذكر أيضاً أنها تستخدم في مجتمع فلكل قوم لغتهم. ويقول الباحثون المحدثون بتعريفات مختلفة للغة، وتؤكد كل هذه التعريفات الحديثة الطبيعة الصوتية للغة، والوظيفة الاجتماعية للغة، وتنوع البيئة اللغوية من مجتمع إنساني لآخر.[12]
• تعريف إدوارد سابير[13] الذي يقول: اللغة هي وسيلة للإنسانية تستعمل لتوصيل الأفكار والانفعالات والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية، أي أننا نتكلم عندما نرغب أما عندما لا نرغب فلا نتكلم؛
• تعريف دائرة المعارف البريطانية التي تقول: اللغة هي نظام من الرموز والوسائل الصوتية والمفردات والنحو وما إلى ذلك من القواعد التي تعد أداة للتعبير عن الأفكار والأحاسيس.
• تعريف سابير : يقول إدوارد سابير : 1921 E. Sapir
******** is purely human andnon-instinctive method of communicating ideas, emotions and desiresbymeans of voluntarily produced symbols[14].
• تعريف ستيفن أولمان الذي يقول : اللغة نظام من رموز صوتية مخزونة في أذهان أفراد جماعة لغوية، وهي نظام من الرموز الصوتية الاصطلاحية.
وهكذا نجد أن أغلب الذين عرّفوا اللغة يتفقون على أنها نظام من الرموز الصوتية الذي يتم التواصل به داخل مجموعة بشرية وفق مبدأ المعيارية.
ب- ما طبيعة اللغة ؟
للغة أيا كانت مظهران :
• مظهر طبيعي عضوي صوتي تبدو فيه أداة لتحريك الأعضاء الصوتية في جسم الإنسان كالشفتين واللسان واللهاة والفكين والرئتين والحنجرة. وهذه الأجزاء عند تحريكها تخلق أصوات مختلفة تميز الإنسان عن الحيوان.
• مظهر وضعي ثقافي يظهرها كمجموعة رموز أو إشارات أو ألفاظ متفق على معانيها وقواعدها داخل مجتمع، بحيث يتم التعبير عن المشاعر والأفكار بواسطة ألفاظ ومعان تؤدي إلى الحصول على التواصل والاستيعاب المتبادل.
ويتضح مما سبق أن اللغة كيفما كانت ما هي إلا وسيلة طبيعية واجتماعية وبشرية وضعها الإنسان بشكل جماعي من أجل التواصل ، باستعمال الجهاز الصوتي لنقل وتلقي أفكار وأحاسيس.
ت- ما هي اللهجة[15]؟ ومتى يمكننا التحدث عن اللهجة؟
اللهجة عموما هي استعمال خاص للغة في بيئة معينة ونتيجة ظروف مختلفة جغرافية واقتصادية واجتماعية. وقد عرفها سليم شاكر "variante régionale" de la langue. لذلك فإنه لا يمكن الحديث عن لهجة دون لغة نظرا لكون اللهجة تتولد من اللغة ،التي تعتبر الوعاء الذي يحتويها.
ث- ما الفرق بين اللهجة واللغة؟
يجمع علم اللغة –الفيلولوجيا- على أنه ليس هناك فرقا بين اللغة و اللهجة، وذلك بسبب أن كل لهجة هي في حد ذاتها لغة قائمة بذاتها بنظامها الصوتي، و بصرفها، و بنحوها، و بتركيبها، و بمقدرتها على التعبير. لكن هذا الكلام ليس مقبولا من طرف العديد من الدارسين حيث يرون أنه بالرغم من كون اللهجة هي وليدة لغة أم، إلا أن هناك اختلافات بينها وبين اللغة.
فالفرق حسب هؤلاء يكون أولا في عدم القدرة على التفاهم والتواصل نظرا للفروق الموجودة سواء في الأصوات أو المفردات أو التركيب. وهذا الرأي يجعل التفاهم مقياساً للفرق بين لهجة و لغة. و كمثال حي على ذلك عدم تفاهم أهل البندقية وأهل صقلية. فالتفاهم إذن لا يمكن أن يكون الفارق بين لغة و لهجة.
أما الفرق الثاني فهو يذهب إلى أن اللهجة لا ترقى إلى اللغة وبأنها صورة منحطة لواقع لغة فصحى، على الرغم من أن الدراسات اللغوية أثبتت أن اللهجة ليست كذلك بل على العكس من ذلك هي صورة لتطور وتقدم لغوى.
وبغض النظر عن الذي قيل ولازال يقال في الفرق بين اللغة واللهجة فإن العلاقة بينهماهي العلاقة بين العام و الخاص، فاللغة تشمل عادة على عدة لهجات لكل منها ما يميزها وجميع هذه اللهجات تشترك في مجموعةٍ من الصفات اللغوية, و العادات الكلامية التى تؤلف لغةً مستقلة عن غيرها من اللغات مثلما هو الحال بالنسبة اللغة الامازيغية.
ج- كيف نشأت اللغة ؟
السؤال المطروح هنا هو: هل نشأت اللغة منذ تواجد الإنسان على الأرض؟ أم أنها نشأت بعد توفر ظروف معينة؟ وكيف تم ذلك في الحالتين معا؟
يرى أفلاطون بأن اللغة هبة من الطبيعة والإنسان يتلقاها من الطبيعة ثم تطور فتلقاها من الله فسميت بالتوفيقية، أما أرسطو فقد قال قولته المشهورة “اللغة من إنشاء المجتمع”.[16]
وللرجوع إلى نشأة اللغة فانه يقال بأن العقيدة الدينية للهنود هي التي أدت إلى نشوء الاهتمام بعلم اللغة لأول مرة قبل سنة 2500 سنة قبل الميلاد، إذ حدث أن لاحظوا أن اللغة التي يستعملونها في شعائرهم تختلف عن تلك التي كتبت بها النصوص المقدسة، فأرادوا تصحيح هذا الوضع مما أدى إلى مناقشة كيفية تقنين القواعد النحوية للغة السنسكريتية حتى يتمكنون من استعمالها في طقوسهم.أما في أوروبا فالأمر يعود إلى عهد أرسطو الإغريقي الذي اهتم بالعلاقة بين الأشياء والأفعال من جهة وأسمائها من جهة ثانية من أجل التعرف على القواعد التي تحكم اللغة ثم صاغ بعد ذلك مبادئ علم النحو، واهتم اليونانيون في القرن الثالث قبل الميلاد كذلك بالدرس البلاغي فقسموا مفردات اللغة إلى أسماء متعددة الصيغ، وأفعال تحدث في أزمنة مختلفة، ثم حددوا أشكال الخطاب.
أما الرومان فقد التزموا بما تركه اليونانيون من القواعد النحوية لكنهم توسعوا في الشروح المميزة للأساليب اللغوية اللاتينية، وبحلول القرن الرابع الميلادي وضع اللغوي الروماني أليوس دوناتوس صيغ عامة لقواعد النحو اللاتيني، هذه القواعد التي شرحها بريسكيان وبقيت كذلك إلى الآن، ثم استخدمت كمعايير قياسية للغات الأوروبية التي ظهرت فيما بعد. وقد كانت اللاتينية هي اللغة الأكثر انتشارا في أوروبا إلى نهاية القرن ال17 وبداية القرن 18 حيث بدأت اللغتان الفرنسية والإنجليزية تحتلان الصدارة وتتحولان إلى لغات عالمية بفضل اختراع الطباعة وبفضل الحروب والاكتشافات الجغرافية، وبعد ذلك أسس السير ويليام جونز William Jones علم اللسانيات المقارن في نهاية القرن الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني بعض الألفاظ ومن ذلك على سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية التي تعني كلها “أخ”.
واهتم علم اللسانيات بطريقة تشكل كلمات اللغات المختلفة للحصول على معان متشابهة الشيء الذي أدى بهم إلى تحديد العائلات اللغوية التي من أبرزها:
شجرة اللغات الهندوأوروبية : وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية، والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى…. شجرة لغات الجونكوين Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين . شجرة لغة البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى. شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية، ولكي يتعرف اللسانيون على تاريخ انفصال لغة ما عن عائلتها استعملوا طريقة الثوابت، أي الأسماء التي تبقى ثابتة في العائلة الواحدة ولا تتغير عبر مرور الأزمان.[17]
ح- ما هي مقومات اللغة؟
لا يمكن الحديث عن لغة في غياب المقومات التالية:
§ الأصوات Phonétique: ويتعرض لقضية الأصوات وكتابتها، وأعضاء النطق وعملية الكلام وتصنيف الأصوات اللغوية إلى صوامت وحركات ومخارج وهمس وجهر وإطباق. وهذا ما يدرس في علم الفونيتيك أو الفونيماتية، الذي تتميز فيه كل لغة بمواصفات صوتية محددة تجعلها مستقلة عن غيرها أو مشابهة لها أو ضمن أسرتها.إن الصوامتوالصوائت الموجودة في اللغة الأمازيغية هي 29 بالاضافة الى أربع صوائت أي 33حرفا أخذت من اللغة العربية.
§ بناء الكلمة Morphologie: وهي وسائل تكوين الكلمات من الوحدات الصرفية المختلفة؛ الصرفية الاسمية أو الفعلية أو الحرفية والتغيرات التي تطرأ على البنية الصرفية لاعتبارات صوتية.
§ بناء الجملة Syntaxe: ويدرس كيفية تكوين الجمل من الكلمات المختلفة . وهو مجال النحاة في علم النحو والبلاغيين في البلاغة،
§ الدلالة Sémantique: وتُعدُّ قضيةُ الدلالةِ والمفهوم والمدلول.
...م... يتبع
الهوامش -------------------------------------------
[10]علم اللسانيات هو العلم الذي يهتم بدراسة اللغات الإنسانية وخصائصها وتراكيبها وأوجه التشابه والتباين فيما بينها. وقد ظهرت اللغويات قبل القرن 19م مع النحويين المسلمين خاصة، إلا أن العالم دي سوسير هو الذي عمل على علمنة اللغة في كتابه: محاضرات في اللسانيات العامة بجعلها علما قائما بذاته . وتهتم اللغويات بدراسة جميع اللغات بما فيها اللغات المعاصرة، من خلال التركيز على اللغة نفسها، وأصولها وتطورها وبنائها، بالاعتماد على منهج علمي. وينقسم علم اللغويات إلى: علم اللغات الوصفي الذي يهتم بتحليل اللغات في زمن محدد، ويدرس النظم الصوتية، وقواعد اللغة والمفردات، ويعتمد عالم اللغويات هنا في دراسته على اللغة الكلامية الغير مكتوبة فيستمع إلى المواطنين ويعبر عن لغتهم المنطوقة برموز دولية متعارف عليها. أما علم أصول اللغةفهو يهتم بالجانب التاريخي والمقارن من خلال التركيز على العلاقات التاريخية بين اللغات التي يمكن متابعتها تاريخياً عن طريق وثائق مكتوبة.
[11]Une langue est un système de signes linguistiques, vocaux, graphiques ou gestuels, qui permet la communication entre les individus.
[12] محمود فهمي حجازي، علم اللغة العربية، الكويت، وكالة المطبوعات، 1973، ص 10-9.
[13] أنثروبولوجي أمريكي.
[14]Crystal, D.: The CambridgeEncyclopedia of ********, Cambridge, Cambridge University Press, 1989., p. 396 .
[15] من المعروف أن العرب القدامى لم يستعملوا مصطلح اللهجة على النحو المعروف به حاليا بل إنهم لم يستعملوه قط في كتبهم على عكس ما هو شائع اليوم، بل اكتفوا فقط بالقول بأن اللهجةهي اللسان أو طرفه أو جرس الكلام و لهجة فلان: لغتهُ التى جُبِلَ عليها. وكانوا يطلقون على اللهجة لغة أو "لُغية".
[16] أما الفلاسفة المسلمون فقد اختلفوا بعد أن اطلعوا على أفكار اليونانيين، فقال بعضهم كما قال أفلاطون بأنها توفيقية، مستدلين بالآية : " وعلم ادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين"، ولكن ابن جني وآخرون قالوا بأن الاستدلال بهذه الآية في غير محله لأن معنى “علم” هو “منح القدرة على تعلم الأسماء”، أي أن الأسماء كانت قلب ذلك، والراجح أن هذا الخلاف لا مبرر له طالما أن اللغة ذات طبيعة اجتماعية، إذ يمكن الجزم بأن اللغة بطبيعتها الوضعية الدلالية نشأت بنشوء المجتمع الإنساني، ولا يتصور نشوءها قبل ذلك، وربما بدأت أول ما بدأت بالإشارات التي نؤديها بالأيدي وقسمات الوجه. هذه الإيماءات التي لا نستطيع التحرر منها حتى بعد نشوء اللغة الصوتية.
[17] منقول.
--------------------
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
الجزء الثالث والأخير :
.2 ما هي خصائص اللغة الأمازيغية ؟
الخصائص الخاصة:
أ- اللغة الأمازيغية من اللغات الأم:
هي لغة شمال أفريقية حسب جل الباحثين أي هي إحدى اللغات الأفرو- أسيوية القديمة، وهذه اللغات خمس لغات وهي : اللغة المصرية القديمة واللغة الكوشية واللغة السامية واللغة الأمازيغية واللغة التشادية[18] وهي عائلات لغوية تفرقت عنها كل اللغات واللهجات[19]. وهي كذلك لغة معيارية يتواصل بها الناس في ربوع شمال أفريقيا منذ عشرات الآلاف من السنين من واحة سيوى بمصر شرقا إلى جزر الكناري والمحيط الأطلسي غربا ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى مشارف الغابة الاستوائية جنوبا.
ويتكون هذا النظام الصوتي حاليا من عدد من اللهجات عدها أحد الباحثين بثلاثمائة لهجة، هذه اللهجات التي يمكن اختزالها في حوالي 11 فرعا كلها تنحدر من اللغة الأم وتختلف فقط في الجانب الصوتي وبعض الجوانب المعجمية، و أهمها :
• فرع تاتواكَييت : (الطوارقية) وهي اللغة الزناتية ويتحدث بها الأمازيغ الطوارق بالصحراء الكبرى وتنتشر هذه اللهجة في شمال كل من مالي والنيجر وجنوب الجزائر وليبيا ومناطق من تشاد وبوركينافاسو .
• فرع تاسوسييت أو تاشلحييت : وهي لغة مصمودة ولمطة وجزولة وتنتشر في المغرب من خط دمنات – الصويرة شمالا إلى الصحراء جنوبا ومن المحيط الأطلسي غربا إلى منطقة وارزازات شرقا ..
• فرع تاقبايلييت : و هي لغة كتامة المنتشرة في مناطق القبائل بالأطلس الساحلي الجزائري
• فرع تامازيغت : ويسميها بعض السوسيين ب “تابرابرييت”، وهي لغة صنهاجة وتنتشر في شرق الأطلس الكبير وفي الأطلس المتوسط ومناطق زمور و زايان بالمغرب .. + فرع تاريفييت : وهي لغة كَتامة المنتشرة في جبال الريف والهضاب التي تليها جنوبا وفي شرق المغرب …
• فرع تانفوسييت : وهي لغة نفوسة وتنتشر في جبال نفوسة ب ليبيا وشرق – جنوب تونس
• فرع تاغدامسييت وهي لغة منطقة غدامس الموجودة بالجنوب الغربي بليبيا + فرع تازواوييت وهي لغة واحة زواوة بالقرب من جبال نفوسة بليبيا
• فرع تاسييوييت : وتنتشر في صحراء جنوب غرب مصر …
• فرع تاشاوييت : وتنتشر في جبال الأوراس ب شمال شرق الجزائر
• فرع تامزابيت : المنتشرة في وادي مزاب بالجبال الصحراوية الجزائرية ومن المعلوم أن اللغة الأمازيغية قد اضمحلت في جزر الكناري بسبب الاستعمار الإسباني، رغم اعتزاز أهلها الأصليين “الغوانش” بأمازيغيتهم.
ب- ا للغة الامازيغية نظام كتابة وهي تيفيناغ:
وهي اللغة التي استعملها الطوارق في حين كتب الأمازيغ بكتابات أخرى، ولا يوجد دليل على أن التيفناغ كان خطا خاصا بلأمازيغ. كما أن التيفناغ هو نفسه الخط الموصوف في كتاب ابن النديم الفهرست وقد نسبه إلى الحبشة أي إثيوبيا، حيث أنه قال: وأماالحبشة، فلهم قلم حروفه متصلة كحروف الحميري يبتدئ من الشمال إلى اليمين، يفرقونبين كل اسم منها بثلاث نقط ينقطونها كالمثلث بين حروف الاسمين وهذا مثال الحروف وكتبتها من خزانة المأمون، غير الخط. هكذا يتضح أن تيفيناغ ينتمي مجموعة الخطوط البدائية العربية التي ينتمي إليها خط المسند أو القلم الحميري الخط العربي القديم،هذا وقدم ابن النديم على أن النقط استخدمت كفواصل بين الكلمات في خط الحبشة، لكنهافي خط ثمود (خط عربي قديم) رمزت إلى حرف العين نقطة ونقطتين وثلاث نقط وأربع نقطحسب الاكتشاف الأثري وفي بعضها رمز إلى حرف العين عند ثمود بدائرة صغيرة كما في الخط السبئي.
ج- هي لغة أكد عليها كل الباحثين القدامى والمحدثين:
وذلك بشهادة أغلب المؤرخين والدارسين:
Ø يقول العلامة ابن خلدون:"… ولغتهم أي لغة الامازيغ أو البربر من الرطانة الأعجمية متميزة بنوعها وهي التي اختصوا من أجلها بهذا الاسم .."[20]،
Ø يقول الحسن الوزان في كتابه تاريخ أفريقيا: "إن الشعوب الخمسة المنقسمة – يشير إلى شعوب صنهاجا، مصمودا، زناتا، هوارا و غمارا في شمال إفريقيا أو ما يسمى بالأفارقة البيض – إلى مئات السلالات وآلاف المساكن، تستعمل لغة واحدة تطلق عليها إسم « أوال أمازيغ » أي الكلام النبيل، بينما يسميها العرب البربرية، وهي اللغة الإفريقية الأصيلة والممتازة والمختلفة عن غيرها من اللغات"؛
Ø مولود معمري ( 1917-1989 ) في كتابه Tajrrumt n tmazight ؛
Ø سالم شاكر في كتابه Textes en langueberbère؛
Ø أحمد بوكوس في كل كتاباته منها: أطروحته المعنونة ب Langage etculture populaire au Maroc المنشورة في السبعينيات؛
Ø المرحوم قاضي قدور في رسالته لنيل الدكتوراه في موضوع Système verbal en tamazight سنة 1987.
Ø محمد شفيق في كتابه "33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين": نقلا عن الكاتب الفرنسي المستمزغ « André Basset » ما يلي : ” ينتقل الباحث من لهجة إلى لهجة دون أن يحس بأنه ينتقل . ” كتب هذا سنة La langue berbère, p. IX) 1929 ثم أضاف بعد عشرين عاما من مواصلة البحث، قائلا : ” إن بنية اللغة الأمازيغية وعناصرها وأشكالها الصرفية تتسم بالوحدة إلى درجة أنه إن كنت تعرف حق المعرفة لهجة واحدة منها استطعت في ظرف أسابيع أن تتعلم أية لهجة أخرى، تدلك على ذلك التجربة، إذ اللغة هي اللغة نفسها .[21]
Ø يقول نجيب رشيد: "نظرا لما تحتضنه الأمازيغية من كنوز لغوية وذخائر لسنية ونفائس ثقافية, فقد لفتت منذ مدة طويلة أنظار المشتغلين في البحث اللسني وطنيا وعالميا، وإلى حدود منتصف القرن 19 ظهر في تاريخ علم اللسانيات تخصص جديد يدعى ” البحث في اللسانيات الأمازيغية"، وهو تخصص أعطى ثماره واضحة في هذا المجال. ويعتمد إما البحث من داخل اللغة الأمازيغية وجذورها، وإما في منهج المقارنة بينها وبين اللغات الأخرى.
كما أن هناك العديد من الكتابات الفرنسية التي أكدت على لغوية اللغة الامازيغية، ومنها:
• André Bassetالذي كتب كتابا بعنوان La langue berbère سنة 1929؛
• Emil Laoust الذي ألف مجموعة من المؤلفات حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين ومنها Mots et choses berbères سنة 1920 وكتاب Cour de berbèremarocainسنة 1939؛
• Lionel Galand الذي أصدر كتابا بعنوانet la culture berbèreLa langue سنة 1979؛
• بنطوليلا وهو متخصص في الأبحاث والدراسات اللسانية حول اللغة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية، ومن أهم مؤلفاته في هذا الإطار كتاب Les classes d’unités significatives en berbère الصادر سنة 1986؛
• روبير أسبينيون الذي أنجز كتابه "لنتعلم البربرية لهجة تاشلحييت" Apprenons le bérbère ” “le dialecte ****uh”.
هذا فضلا عن الكتابات الاسبانية التي أكدت على لغوية اللغة الامازيغية، ومنها:
Ø كتابات Ibânez و Sarrionanda و Figueras و Lafuente .
أما من جهة الباحثين الأمريكيين فنجد كلا من Penchoen و Applegate و Harrien و Abdelmassih و Greenberg.هذا الأخيرأصدر كتابا بعنوان ********s of Africa سنة 1955 تطرق فيه إلى اللغة الأمازيغية، وقد صنف فيه اللغات الإفريقية إلى أربع مجموعات وسمى إحدى تلك المجموعات بالمجموعة الإفريقية الأسيوية واضعا اللغة الأمازيغية في خانتها.
بالإضافة إلى العديد من الكتب التي لا يمكن احصاؤها، نختمها بالباحث السويسري W.Vycichl الذي ألف كتابا بعنوان Contacts chamito-sémitiques : un seul groupe oudeux groupes distincts ?
الخصائص العامة:
تتميز اللغة الأمازيغية على العموم بعدة خصائص أهمها:
الخاصية الأولى: أنها من بين اللغات القديمة جدا: والتي ولدت مع اللغات الأفرو – أسيوية منذ ما يزيد عن خمسة آلاف سنة، الذي أثار عدة تجاذبات واراء نستعرض أهمها :
أ- الرأي الذي يرى أن الأمازيغية تنتمي إلى الحزام الأفرو- أسيوي، الذي تشترك اللغات المنتمية إليه في حوالي ثلاثمائة كلمة، وهذا هو رأي غالبية الدارسين المحدثين الذي تدعمه الاكتشافات الأنثروبولوجية الأركيولوجية، ويدعم هذا الطرح ذاك الاكتشاف الهام في جنوب المغرب؛
ب- الرأي الذي يرى أنها عربية قديمة، وهذا هو رأي علي فهمي خشيم وهو رأي ضعيف، بحكم وجود اختلافات جوهرية بين اللغتين العربية والأمازيغية، خصوصا وأن اللغات السامية التي تنتمي إليها العربية لغات حديثة العهد إذ ظهرت فقط في الألفية الثالثة قبل الميلاد في حين أن الأمازيغية ظهرت قبل ذلك بكثير؛
ج- رأي أخير يرى أن لها علاقة ببعض اللغات الأوروبية كاللغة الباسكية.
الخاصية الثانية: أنها أكثر اللغات الأفريقية انتشارا فمساحة تواجدها تشمل الشمال الأفريقي والصحراء الكبرى؛
الخاصية الثالثة: أن لها كتابتها الخاصة بها وهي “تيفي ناغ”، التي تعني باللغة الطوارقية “حروفنا”، وقد ساق الأستاذ المحفوظ أسمهر الباحث في التاريخ القديم بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عدة دلائل على أن هذه الأبجدية لها أصل محلي، أي أنها منبثقة من صميم الإبداع الأمازيغي ومن أهم هذه الدلائل: وجود كتابات أمازيغية على الصخور واللوحات الحجرية في كل ربوع بلاد تامزغا (تعتبر نقيشة عزيب نكيس بالأطلس الكبير أقدم نقيشة في المغرب)… تواجدها في مناطق لم يصل إليها التأثير الفينيقي ( الصحراء)…… تميز شكل حروف الكتابة الأمازيغية وطريقة كتاباتها عن الفينيقية التي يقال انها اشتقت منها، فلو تطورت منها لابد أن تحتفظ ببعض خصوصياتها…. توفر اللغة الأمازيغية على كلمات أصيلة لها علاقة بالكتابة وتعلمها ( فعل:” ara ” ومشتقاته، ولفظتي:” taguri ” و aåmmay ) ذكر هذه الحروف في نصوص تاريخية: وأول نص يرجع على مايبدو إلى القرن 6 م، وهو لكاتب يدعى: FULGENCE ، أشار فيه إلى أن اللغة الليبية تتكون من 23 حرفا….أما الثاني فيتعلق بما كتبه الحسن الوزان في كتابه “تاريخ أفريقيا، ففي معرض حديثه عن الأمازيغ ذكر فيه أن لهؤلاء كتابة خاصة بهم قبل ألف عام؛
الخاصية الرابعة: أنها لغة ساكنية : فهي كما أسلفنا تحظى فيها الصوامت بأهمية كبيرة وهذه ميزة مهمة، فقد تتوالى السكنات في الكلمات والجمل والعبارات الأمازيغية دونما حرج كما في قول الشاعر بن زيدا : Ommrn tnt mddn ä in tnt ur av utnt على عكس اللغة العربية، كلغة حركية، يستحيل أن يلتقي فيها ساكنان، …
الخاصية الخامسة: أن لها قواعدها النحوية والصرفية الخاصة بها مما يجعلها من أقدم اللغات المقعدة حسب الدراسات الأنثروبولوجية؛
الخاصية السادسة: أنها لغة حية في المجتمع: يتحدث بها في نطاق جغرافي واسع جدا على عكس اللغة العربية الفصيحة التي لا يتحدث بها إلا نخب من المثقفين، إذ أنها شبه ميتة في الشارع المغربي، وحتى أغلب اللهجات المسماة عربية قد لا تربطها بها سوى خاصية المعجم لا غير؛
الخاصية السابعة: أنها لغة منفتحة متثاقفة أخذت من اللغات التي احتكت بها وجاورتها مدة طويلة وخصوصا اللغة العربية، كما أعطت الشيء الكثير ، فالسيوطي مثلا يعتقد بأن بعض ألفاظ القرآن آتية من اللغة الأمازيغية، ولا غرو في أن تؤثر هي الأخرى في معجم اللغة العربية الذي يضم العديد من الألفاظ ذات اللكنة الأمازيغية، ومثل هذا يمكن قوله عن باقي اللغات التي جاورتها، ومن هنا تتفوق على اللغات الأفريقية المنعزلة التي لم تستطع مجاراة الغزو القافي الأجنبي فتساقطت سقوط الأوراق عاى مر الزمن؛
الخاصية الثامنة: أنها أبرز اللغات الأفرو-أسيوية صمودا في التاريخ رغم كل عوامل الغزو والاستلاب الثقافيين؛
الخاصية التاسعة: أنها أثرت ولازالت تؤثر في الدارجة المغربية، بدليل:
الحمولة الفكرية للألفاظ والعبارات ، فالكثير من الألفاظ رغم أنها عربية في اشتقاقها إلا أنها تحمل معاني ودلالات مأخوذة عن اللغة الأمازيغية منها على سبيل المثال :
+ فعل ” ضْرْبْ ” ، الذي حمّله الفعل الأمازيغي ut معاني عديدة لا نجدها إلا في اللسان الدارج المغربي ك : ضربو لبرد ( أصابه البرد ) ، و : ضرب راسو معا لحيط ( صدم ) ، و : ضرب طريق ( قطع الطريق ) ، و”ضرب طاجين” (أتي على ما بداخل الطاجين) وغيرها …
+ فعل ” دار ” الذي يقابل فعل ” فعل ” العربي، هذا الفعل الذي حمله الفعل الأمازيغي skr العديد من المعاني كذلك، إلى درجة أن استعماله مع الاسم في العديد من التراكيب يتولد معه معنى جديد كما يتجلى في هذه النماذج : دار لعرس، ( تزوج )- دار فوق طبلة ( وضع ) ، دار لغدا ( طبخ )…..
كما تتجلى هذه الحمولة الفكرية الأمازيغية في عدد من العبارات الجاهزة منها على سبيل المثال : ( أنا داخل ف سوق راسي – جمعو بنص ..) وهي عبارات مترجمة حرفيا على كل حال من عبارت أخرى جاهزة في اللغة الأمازيغية .
في الصيغة الدالة على التجارة:
قاعدة التنكير والتعريف: راجل ( معرفة ) ← واحد راجل ( نكرة ) argaz ← yan urgaz + قاعدة العدد: واحد راجل ← جوج رجال ← تلاتا درجال ← فاللسان الدارج المغربي لا وجود فيه للمثني: Yan urgaz ↔sin irgazn ↔kraä irgaz …….
قاعدة صياغة اسم الحدث : نجر ← تانجّارت – خرز ← تاخرّازت ….
قاعدة انعدام إعراب آخر الكلمة : فالمعروف أن أهم القواعد النحوية التي استقلت بها اللغة العربية هي التغيرات الإعرابية التي تطال أواخر الكلمات، أو ما يسمى بقواعد علامات الإعراب، وهذه القواعد لا أثر لها في اللسان الدارج الذي اختار طريقة اللغة الأمازيغية في ترك آخر الكلمة على حالته كما لو كان مفردا: فمثلا نقول: شتّ رّاجل – عطيت ل رّاجل – جا رّاجل : فلفظة “رّاجل” جاءت ساكنة في الحالات الثلاث على نحو ما تعامل به نفس الكلمة في اللغة الأمازيغية[22] fkiv i urgaz – yuckad urgaz
خاتمة:
من خلال استعراض مختلف المعلومات المؤثثة للغوية اللغة الامازيغية، يتضح أن الأمازيغية "لغة أم" وهي من اللغات الخمسة التي تفرعت عنها باقي اللغات.
وبالتالي، فإننا نصل إلى نتيجة مفادها أن اللغة الأمازيغية لغة تحمل معها كل المقومات التي يجب أن تكون في اللغة من بنية صرفية وتركيبية ومعجمية وبنائية. كما أنها لغة غنية من حيث الاشتقاق اللغوي والتطويع النحوي والدلالي، ولا أدل على ذلك أنها من اللغات القليلات التي قاومت الابتلاع اللغوي والاندثار، لأنه لولا سلاستها وقدرتها على التكيف لما استطاعت أن تبقى إلى اليوم.
وتبعا لذلك فان الأمر محسوم فيه، وعلى الجهة التي طالبت بنزال أكاديميي أداء المستحقات المترتبة عنها مع الصوائر.
________________________________________
الهوامش :--------------------------------------------
[18] يقول سليم شاكر:
Le berbère est l’une des branches de la grande famille linguistique chamito-sémitique ou "afro-asiatique", selon la terminologie américaine initiée par J. Greenberg), qui comprend, outre le berbère, le sémiti-que, le couchitique, l’égyptien (ancien) et, avec un degré de parenté plus éloigné, le groupe "tchadique" dont le représentant le plus connu est le haoussa.
[19] كان أول من أشار إلى أن اللغات عائلات هو ابن حزم الأندلسي، حيث أشار إلى أن اللغات أسر كالبشر، وأن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر لا لغة حمير، لغة واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها.
[20] ابن خلدون، مرجع سابق.
[21] Revue le Monde chrétien, n° 11 juillet-sept, 1949, p 10 et 11.
[22] نقلا عن باحث في اللغة الامازيغية.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
الامازيغية مشتقة من اللغة البونيقية
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
انت تعرف
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
نقوش جنوب المملكة العربية السعودية بين نجران و الوادي