عنوان الموضوع : ذكرى وفاة مالك بن نبي رحمة الله عليه من شخصيات الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب

مالك بن نبي'' شاهد القرن''

يوم 31 أكتوبر، هو اليوم الذي رحل فيه عن دنيا الناس أحد أعمدة الإصلاح ورموز الثقافة الجزائرية، حيث فقدت الجزائر شخصية مرموقة وعالما بارزا، ومثقفا متميزا وموسوعة حية، فكان بحق فيلسوفا ومؤرخا وسياسيا واقتصاديا ونفسانيا·· إنه الأستاذ ''مالك بن نبي'' رحمه الله·
من حقه علينا أن نذكّر الناس به لأنه عظيم من العظماء، وأحد منارات هذه الأمة التي تهتدي بهم البشرية، ولا يمكن أبدا أن ننسى أو نتناسى فكره وعلمه وجهده ودعوته·
فمالك بن نبي لازال في عالم النسيان مغموط الحق بين أبناء وطنه وقومه وأمته· ولم ينل من الاهتمام والدراسة ما يستحقه وما هو أهل له·· فهو الذي استطاع أن يشخّص مشكلة الإنسان خلال سلسلة كتبه ''مشكلات الحضارة'' والتي اعتبرها مشكلة فكرية ثقافية· واستطاع أيضا تحديد مشكلة الحضارة والتي تتكوّن حسب مالك بن نبي من ثلاثة عناصر أساسية:
(الحضارة= إنسان + تراب + وقت)·
حياة ''مالك بن نبي''
في سطور


ولد مالك بن نبي بمدينة قسنطينة في 05 ذو القعدة 1323هـ/ 01 يناير 1905 من عائلة ميسورة الحال· تلقى دراسته الابتدائية باللغة الفرنسية في ''تبسة وقسنطينة'' ولم يحفظ من القرآن إلا جزءا يسيرا·
بعد ذلك، زاول دراسته بإكمالية سيدي جيلس بقسنطينة· وفي سنة 1923م دخل المدرسة الرسمية ليتخرج منها عونا قضائيا· وفي هذه الفترة بالذات بدأ يكوّن وعيه وينهل من مناهل الأدب العربي، حيث تأثر برائد النهضة الجزائرية الإمام ''عبد الحميد بن باديس'' ودرس فكر الإصلاح لمحمد عبده، فقرأ له ''رسالة التوحيد'' واطلع على مقدمة ابن خلدون و''أم القرى'' للكواكبي، وكتاب ''الإفلاس المعنوي للسياسة العربية في الشرق'' لرشيد رضا· كما قرأ كتاب ''التلميذ'' Le Dicipe لبيار بورقاي، وقرأ مؤلفات لوتي فاريري ولامارتين· كما كان شغوفا بمطالعة الصحف التي كانت تصدر في وقته كصحيفة ''الإقدام'' الـــتي كان يصدرها الأمير خـالد، وصحيفتي ''العصر الجديــد'' و''الزهرة'' التونسيتين، والصحيفة الشيوعية ''الإنسانية''
وغيرها···
تخرّج من المدرسة الرسمية سنة 1925م، اضطر للعمل لمساعدة أهله لكنه لم يتحصل عليه، فسافر إلى (باريس) فرنسا لكن دون جدوى· ليعود أدراجه إلى مدينة تبسة، حيث اشتغل عونا في محكمتها ليعين عدلا في مدينة آفلو سنة 1927م، ثم حوّل بطلب منه إلى مدينة شلغوم العيد، ولم يلبث بها إلا قليلا حيث قدم استقالته إلى المحكمة سنة 1928م·
وعاد إلى تبسة، وعمل في التجارة مع صهره وشريك ثالث لكن الحظ لم يكن إلى جانبهما· في سنة 1930م، توجه إلى باريس لمواصلة دراسته والالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية، لكن حيل بينه وبين رغبته، فتوجه إلى مدرسة اللاسلكي ليتخرج منها مهندسا كهربائيا سنة 1935م·
تزوج من فرنسية اعتنقت الإسلام وسمت نفسها خديجة· وظل مالك بن نبي في باريس يبث الوعي الحركي الحضاري والسياسي بين الجزائريين وأبناء شمال إفريقيا طلبة وعمالا· حيث ألقى أول محاضرة له ي أواخر شهر ديسمبر 1931بعنوان ''لماذا نحن مسلمون؟''· بعدها بدأت السلطات الفرنسية تلاحقه وتم نقل والده من تبسة إلى مكان آخر· وضيّق عليه الخناق فلم يزدد إلا ثباتا على مبادئه وتشبثا بأفكاره وآرائه· وهناك أصدر أول كتاب له وهو كتاب ''الظاهرة القرآنية'' الذي بسببه أسلم الكثير· في سنة 1956 م، توجه مالك بن نبي إلى القاهرة وبقي فيها مدة طويلة ساعدته الظروف هناك على نشر أفكاره وطبع كتاباته·
عيّن مستشارا في المؤتمر الإسلامي سنة 1957 م وبدأ يعقد ندوته في القاهرة كل يوم جمعة للطلبة والأساتذة من مختلف الدول الإسلامية· رجع مالك بن نبي إلى الجزائر سنة 1963 م، حيث عيّن مديرا عاما للتعليم العالي ليجبر على تقديم استقالته من منصبه سنة 1967م· ليتفرغ للعمل الفكري وتنظيم الندوات الفكرية، حيث وفّق في تأسيس أول مسجد للطلبة في الجامعة المركزية بالعاصمة، ثم بدأ ينظم ندوات فكرية في بيته وكان يحضرها ثلة من أبناء الجزائر أساتذة وطلبة وعدد من الضيوف، والتي تحولت فيما بعد إلى ملتقيات للفكر الإسلامي تنعقد في ربوع الجزائر، كان آخرها الملتقى (24) بالعاصمة سنة 1970م·
توفي مالك بن نبي يوم الأربعاء 31أكتوبر 1973 بالجزائر العاصمة عن عمر يناهز الثامنة والستين· رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه·


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

ساهم مالك بن نبي بجهد جبار في تقديم مقاربة متميزة تتعاطي مع قضايا البناء والتغيير الحضاري بمنور الرؤية السننية التي تتوخ اكتشاف السنن والقوانين النامة لحياة الامم. بعيدا عن التبسيط المخل الذي يحيل الظواهر المعقدة إلى مجرد نتائج لعوامل أحادية.

فالظاهرة الحضارية بطبيعتها معقدة ومركبة وتحتاج لأدوات فهم تتناسب مع طبيعتها المعقدة والمركبة، والتبسيط في فهم الظواهر يؤدي إلي الاخلال باهم شروط المضي قدما في الاتجاه الصحيح لأنه يضلل الوعي ويشوه طبيعة الأشياء. وقد حاول مالك بن نبي أن يواصل المسيرة الخلدونية في ضمير المسلم المعاصر جاعلا من البيان القراني هاديا في سبيل اكتشاف المنهج السنني في التغيير، أي المنهج الذي يؤسس قواعده انطلاقا من استقراء الحوادث واكتشاف النواميس التي تحكمها.

فكر مالك بن نبي لا يزال مفتوحا وقادرا على العطاء المستمر إذا توفرت القراءة الواعية التي تؤسس على الصلب المتين ولا تقف كثيرا عند المتجاوز واللحظي المرتبط بحدود زمنية والجغرافية المعرفية للمؤسس الرائد، لأن طبيعة الفكر الانساني محدود بظرفه وتارخيته. ودور المواكبون لحركة التجديد الحضاري هو تجاوز المحدودات التاريخية باحثين عن النوا ظم الكلية والقواعد الجامعة التي تبني الرؤية الحضارية وتضع لبنة جديدة في بناء هذه المدرسة التي بدأت مع ابن خلدون وتجددت عل يد ابن نبي في هذا العصر ولا يجب أن تتوقف هنا.

السؤال البنابوي هو سؤال الاندماج في العصر والعيش لحظة الانسانية بكل تفاعلاتها والبحث عن المشترك الانساني في نطاق الخصوصيات الحضارية التي تشبع التجربة الانسانية بالتنوع الخصب والثراء المفيد. فاشكالية التخلف والتقدم والصعود والسقوط اشكالية مواكبة لحركة الانسانية مادام موجودا عل هذه الأرض. وهذا ما يعطي قوة للمدرسة البنابية في قراءة التاريخ واستخلاص العبر الحاكة لحركته. ومن ثم مشروعية استصحاب المدخل البنابوي استصحابا للتجاوز وليس للانحباس بداخله.

ومالك ابن نبي كان من الرواد الذين عرفوا كيف يتفاعلوا مع المعرفة الانسانية تفاعلا خلاقا دون تقليد صبياني منبعه الانبهار الذي يفضي إلى انسحاق الوعي وضموره ودون انكفاء هو نتيجة منطقية لعدم استيعاب وامتلاك لغة العصر وعدم فهم ما يبغيه الانسان بغض النظر عن دينه أو لونه أو لغته.

فمالك كان محاورا متميزا لمنظومة الأفكار السائدة في عصره من ماركس إلى انجلز ومن طاغور والمهاتما غاندي إلى فرويد ودوركايم وسارتر وماوتسي تونغ. مع استحضار مستمر للحس النقدي وليس التكرار الأجوف من اللمسات الابداعية التي تنم عن تامل عميق ومشاركة فاعلة في المنجز الفكري المعاصر.

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

مشكور أخي جزيل الشكر على هذه الإلتفاتة
نحو رجل البناء الحضاري




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

[glow=3300CC][align=center]شكرا جزيلا للموضوع الرائع

و الطرح المميز

جزاك الله خيرا

أفدتنا و أمتعتنا

كما أنك أفدتني في بحث الأدب كثيرا عن مالك بن نبي

فشكرا جزيلا لك
[/align]
[/glow]

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

شكرا لمرور الأخوين:
زهرة القدس ، ليتيم مراد (مشرف منتديات النُصرة و قضايا الأمّة )
وبارك الله فيكما ودمتما ذخرين للمنتدى

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :


تحل علينا ذكرى وفاة المفكر الاسلامي الكبير مالك بن نبي
ونحن مازلنا نستقي من أفكاره ومؤلفاته القيمة
فمؤلفاته عديدة متميزة تهم كل من يبحث عن الإصلاح والتغيير
وقد اعتبرت كتبه من أهم الكتب العربية التي كانت تؤلف في عصره
ولازالت لحد الساعة ..
فجزاه الله عنا كل خير ورحمه الله رحمة واسعة
وجعل كل أعماله في ميزان حسناته .. اللهم آمين

بارك الله فيك أخي الكريم على هذا الموضوع القيم جزيت خيرا