عنوان الموضوع : نفض التراب عن الأنساب..وكشف الحجاب عن حقيقة الألقاب . القاب جزائرية
مقدم من طرف منتديات العندليب

نفض التراب عن الأنساب..وكشف الحجاب عن حقيقة الألقاب .

ـــ إشكالية النسب وقضية الأصل الضائع :
قد يتبادر إلى ذهن كل من لمح هذا العنوان..أن صاحبه في غاية من اليأس ..لما وصل إليه الغموض ..وحتى الضياع لكثير من الأسر الجزائرية .
والحقيقة أن بقاءنا هكذا مكتوفي الأيدي دون أي بحث مجد ..أو عمل متقن لوضع هذه الإشكالية في ذهن الباحث النسابة أو حتى القارئ العادي ...بحقيقتها المرة ..وهي أن لا مخرج من قعر الزجاجة التي وضع فيها أصلنا ونسبنا في ظرف من الظروف ..سوف يقودنا إلى الضياع ونكران الأنا .
ثم ألم يتبادر إلى أذهاننا ..سؤال يطرح مرارا..ما هو سر هذه الألقاب التي توحي لنا بعدم وثوقيتها ..والتي ورثناها منذ أجيال عدة ..أو حتى منذ جيل واحد فقط ؟؟
وما هو السر في اختلافها وانحرافها عن مؤداها الحقيقي باعتبار أن الاسم الثاني منطقيا وغالبا هو اسم الجد الذي تنتمي إليه العائلة أو حتى القبيلة ، ويفصلها عن غيرها ..
إن قضية اللقب الجزائري هي القضية الأولى التي يجب أن تطرح وعلى مستويات عدة ..من مستواها التاريخي ..إلى المستوى اللغوي .والدلالي.والمستوى العلمي الجيني ..والمستوى الجغرافي ..والمستوى الأدبي التراثي ..
إننا لم نفكر تماما في سبب الاختلاف أو حتى التشابه ..وهل ألقابنا تماما هي الخيار الوحيد في توجيه أصولنا ..وإذا كانت الحقيقة كذلك فهناك إشكالية أخرى أكثر خطورة تطرح نفسها ..هي ظاهرة تجديد اللقب والقصد هنا هو الانسلاخ من اللقب السابق والتبرؤ منه واختيار لقب آخر لأسباب قلما تكون اعتباطية ، وكلامنا هذا لا يعني ظاهرة تطور اللقب ، التطور العائلي التاريخي والمرحلي ، ودعني أقول أن ظاهرة اللقب الجزائري هي ظاهرة تعم كامل المغرب العربي ، بقدر ما تبدو لنا سخافتها كفكرة ، بقدر ما يظهر لنا جانبها المظلم من تفشي الفرقة بين عائلات الشعب الواحد أو القبيلة الواحدة .
وتحضرني فكرة يمكن أن تكون مناسبة في هذا السياق ، لما كنت في القطاع التربوي لاحظت كثيرا اعتباطية هذه الألقاب وإمكان انعدام وظيفتها أو دلالتها الاجتماعية وحتى اللغوية، وأشد ما لفت انتباهي بعض الألقاب التي تبدأ بــ (ابن ) أو بـ (أبي) .
إن ظاهرة رسوخها تبدو للعيان في كثير من الألقاب الجزائرية لكن التلاعب بها يمكن أن يخرجها عن وظيفتها .
وأسوق للقارئ مثالا كعينة : تعرف أن النطق اللهجي الجزائري في هكذا ألقاب تحذف دائما الهمزة الأولى فعوض قولنا : أبو ينطقها الجزائريون : بــــو
وعوض قولنا : ابن ينطقها الجزائريون : بـــن وهذا كلام عام ولا يكاد يختلف فيه اثنان.
لكن ما رأيك أخي القارئ في الألقاب البادئة بــ (بلـــ) فهل هي تطور لهجي لبن أو لبو ، وقولك مثلا بلعايب ماذا تقصد به بو لعايب أو بن العايب ، وكذلك في الألقاب مثل : بلعور، بلقايد ، بلخيري .
إن ظاهرة بلــ هذه تبدو لي جنينا مشوها يشوه كيان الأسماء الفصيحة في الألقاب الجزائرية ...لاحظ لغتنا الجميلة في ابن الأعور أو أبو الأعور ، ابن القايد ، أبو القايد مقارنة بهذا التشوه الخلقي الصوري لبلقايد ، بلعور، برحمة ...لاحظ الكلمة الأخيرة هل هي أبو الرحمة أو ابنها ..إن اللقب الجزائري الذي هو على تلك الشاكلة كثير جدا حتى أن في عملية إحصائي لها تفاجأت من كثرة تواردها بهذه الكثرة بغض النظر عن بقية الحروف البائية الأخرى .ويمكن القول بعد ذلك ( إن لهجتنا المنحرفة قد شوهت أصولنا ) ..ثم نستهتر بعدها بالاستهانة باللغة الأصلية البحتة التي حافظت على تماسك المجتمعات لقرون خلت ، وعندما أقول التماسك هنا فإني لا أخرج عن النطاق العائلي النسبي .
وتحضرني قصة مناسبة أذكرها دوما لتلاميذي ..وهي وجود تلميذين قريبين أبناء عمومة مباشرة أبواهما إخوة ــ أعرفهما جيدا ــ يحملان لقبا بائيا كان ضحية هذا التشوه لكن الغريب في الأمر أن الأول لقبه بوروبة وأصلها الفصيح كما يبدو أبو رؤبة يكون لقب الثاني بروبة ..لاحظ هذا التحريف .
أتعرف عزيزي القارئ سبب ذلك التحريف ؟؟
هو سبب جد بسيط لكنه كارثة حقيقية ..لقد أخطأ الكاتب في الحالة المدنية عن غير قصد بالطبع وعن حسن نية لكن عن جهل ( يمكن أن لا يحمل الكاتب أي شهادة تعليمية ...؟؟) وانظر إلى أين يؤدي بنا هذا الجهل ؟؟
إنه وبعد حوالي خمسين سنة ، ستنشق هذه العائلة إلى عائلتين أحدهما بجد وهمي هو بروبة التي لا نعرف بعدها الأصل أهو بن روبة أو بو روبة ..وهذا حال كثير من عائلات الجزائر ..ضياع الأصول بسبب بسيط جدا ..هفوة كاتب الحالة المدنية ..
ولطالما نبهت عم التلميذين بذلك الخطأ وبضرورة تصحيح اللقب بإعادته إلى أصله لكن ..أنى بسماع النصيحة في هذه الأيام خاصة إذا كانت فقط حول اسم أو لقب .
أعود وأقول خطأ بشري فادح في جرة حرف يقسم العائلة بعد مئة سنة إلى شجرتين مختلفتي الجد .
ويمكن أن يكون الكاتب قد نقل ذلك اللقب المشوه من خط فرنسي فيكون السبب أفدح وأعظم ..لتطرح قضية انحراف مؤدى اللقب عند نقله من لغتنا إلى الفرنسية ثم إعادته من اللغة الفرنسية إلى العربية :
لاحظ لقب بوروبة وامكانات كتابته بالحروف الفرنسية :
ـــ bourouba
ـــ berrouba
ـــ boroba
ـــ barrouba
ـــ abou rouba
إن الأصل في كتابة اللقب العربي بالحروف الفرنسية أن يراعى نطقه في الأصل ..وإذا عدنا إلى الكتابة الفرنسية لوجدنا أن أصحها هي الكتابة الخامسة .
لكن المشكلة تكمن في إعادة نحت هذا اللقب بالعربية انطلاقا من الفرنسية ..
إن الكاتب الحاذق فقط هو الذي يعيد اللقب إعادة صحيحة لكن الكثيرين والجاهلين باللغة العربية سيكتبون أبو ربع ــ أبو ربة ــ عبو ربع .وهكذا إلى ما لا نهاية من الإمكانات .
إن كثيرا من الألقاب الجزائرية مسها هذا التشويه بل شينتها تلك الترجمة الخاطئة للحروف ، وأصبحت فاطمة تدعى فطيمة ، وسعد يدعى ساعد (يوجد في العربية ساعدة ، وصاعد ) ، وأم هانئ إلى مهاني ، وخشعي إلى خاشي وخلف الله إلى خرف الله ، وفضيل إلى فوضيل ، ودهمان إلى دحمان ، وعبد القوي إلى عبدلاوي ، وخالدي إلى خليدي ، والوصيف إلى لوصيف وعياض إلى عياد ، وكرفة إلى قرفة ، وصخري إلى سخري ، وسعيد إلى صيد ، وفاتنة إلى فاطنة .
إن هذا التغير والتحور والتشوه كلنا يعرف سببه الرئيسي ، إنه التسجيل والتثبيت في السجلات المدنية الفرنسية الاستعمارية ، فالكاتب الفرنسي إذ يسجل اللقب الجزائري لا يراعي لكنة العربية الغريبة عنه بقدر ما يراعيه في متطلبات لغته الفرنسية الجميلة الحضارية ، ومن خلال ذلك تضيع أصولية اللقب العربي الجزائري سدى ويذهب معنى كثير من الأسماء بهذه الطريقة إذ أن الأسماء العربية لها دلالتها اللغوية المعنوية ولا يسمى المولود إلا بحسب ما اختاره له أبواه اختيارا ذا دلالة .بعكس الأسماء الأجنبية التي لا تحمل أي دلالات على ما يبدو بخلاف القليل منها .
ولاحظ مثلا كلمة آدم الموجودة في كثير من اللغات إن معناها الدلالي لا يتعدى كون هذا الاسم قد حمله أبو البشر ، وكذلك يعللون عند تسمية أبنائهم ، غير أن آدم باللغة العربية التي سمى الله بها أبا البشر تعني الأدمة وهي الحمرة أي لون الأرض والطين الذي خلق منه وهنا يكمن الاختلاف .
إن هذا الخطأ وقع فيه كتاب فرنسا حيث يسجلون الألقاب عارية من معانيها فأبو الريش يصبح بريش بتشديد الراء و وأم بركة تتحور إلى مباركة
وأخطر من ذلك تحول معاني الأسماء إلى معاني أخرى جديدة فسعيد يصبح صيد ، و أبو قصير تصبح بوكسير (تحور القصر إلى كسر)، وأبا علي تصبح بعلي أي زوجي ، وعبد القوي يصبح عبد لاوي ( لا أعرف معنى لاوي هذا ) وهويكاد يكون أقرب إلى ليفي اليهودي أو هو محرف عن اللهجة المصرية في نطقها لعبد القوي.
لا نستطيع أن نجزم كما يزعم البعض أن تسجيل الأسماء في السجلات الفرنسية جاء اعتباطا أو ما شابه ، لكنه جاء منحرفا عن أصله نتيجة لاختلاف نطق الحروف بين اللغتين على الرغم من بقاء بعض الحروف راسخة لتوحد المخارج في علم الأصوات

ومن خلال ذلك نستطيع تشبيه اللقب الجزائري في شكله الحديث الذي وصلنا بأحفورة من أحافير علم المستحاثات يجب لأجل إعادتها إلى أصلها أن تنقى من الشوائب التي شابتها بمرور الزمن والتغير اللغوي واللهجي مع الإبقاء ما أمكن على أجزائها الأساسية ومن ثم دراسة وتخيل (علم التخيل) الشكل الأول الأصلي والتوصل إلى معناه الحقيقي .
وإذا نجحنا في ذلك فأقول وبكل يقين أننا وضعنا أرجلنا على أول درجة صحيحة من درجات السلم .
وكل اسم توصلنا إلى إعادة ترميمه ( تشكيله) وتأصيله من جديد ..نكون من خلاله قد وثقنا لجد من جدود العائلات الجزائرية ، أو لأصل وضع التسمية ..

هذه خطوة من عديد الخطوات التي يجب أن نخطوها لأجل عملية التأصيل ، وما هي والحقيقة تقال إلا الجانب اللغوي منها ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما هو :

على أي أساس يترسخ اللقب الجزائري في تراثنا ..أو بعبارة أخرى بم كان يتلقب الجزائريون ؟؟

وتجدر الإشارة أن للعرب باع طويل في هذا الميدان ومجلدات من زبدة أفكارهم دونت في الكتب ، منها كتب ( الألقاب والكنى ) ..تكشف سبب التسمية والتكني بالألقاب أنظر مثلا اسم الزجاجي ، وأبي هريرة ، والقعقاع ...وغيرها من الأسماء التي لها دلالاتها المختلفة ..

ومن خلال تلك الدلالات نستشف أسباب التسمية وأصولها حيث يتم التلقيب بتلك الأسماء حسب طريقة المغرب العربي على عدة أوجه منها :

1 ــ وضع اسم الجد كما هو بعد اسم الشخص مثل محمد حسين ..فالشخص هو محمد وجده هو حسين ..( لا يوجد في العربية اسم حسين معرى من التعريف فالأصل فيه الحسين مثل الحسن وهما اسمان لحفيدي الرسول عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم )..
أما اسم حسين الذي وصلنا فقد يكون منقلبا عن حصين بالصاد وقد وردت في أسماء عربية في تراثنا ..خالية من التعريف .
2 ــ بعض الألقاب تأخذ منحى آخر إذ يلقب شخص على حسب طريقته الصوفية المتبعة ..وهنا أيضا لا أقصد صاحب الطريقة إنا قصدت المتبعها ..فالشاذلي مثلا والرحماني والأزهري هي نسب صوفية ترسخت في كثير من أسماء العائلات وعرفت بها لاتباعها لتلك المذاهب والطرق .

3 ــ وبعض الألقاب تأخذ منحى المنطقة التي عاش بها الجد أو اشتهر بها واشتهرت به ، كقولنا بسكري ، وقرطي ، ومكي ،مغربي ، تواتي ... إلى غير ذلك من الأسماء والألقاب ..

4 ــ وبعض الألقاب تأخذ منحى الوظيفة أو العمل الذي اشتهر بها الجد بإضافة ياء النسبة في بعضها وخلوها في البعض الآخر أو بصيغة مبالغة لذلك العمل كقولنا صياد ، قايد ، شاوي ، جزار ..جيار ، دهان ...

5 ــ وبعض الألقاب تأخذ منحى الصفة الخلقية التي اشتهر بها الجد الأول ..بفتح الخاء وتسكين اللام ..فيقول بعضهم مثلا ( قصير ، أحمر خدو ، شايب الذراع ( يمكن أن يكون معناها شيخ الحي أي شيخ القبيلة )، لشهب ، لكحل ( من الأكحل أي كحيل العين طبيعة ) ، لعرج ، العايب ..ويذهب بعضهم إلى منحى التشبيه الخلقي فيطلقون على الجد اسم المشبه به .

6 ــ البعض الآخر اتخذ منحى الصفات الخلقية بضم الخاء واللام معا فتترسخ تلك الصفة في الجد ويشتهر بها كقولنا : ( صديق ، واعر ، مومن ، زدام ...) .أو يشبه من خلال تلك الصفة بمشبه به اقرب لتلك الصفة فيطلق عليه اسم ذلك المشبه به .

7 ــ البعض الآخر يتخذ منحى الحدث الشهير الذي عهده الجد واشتهر به ..كقولنا ( بودربالة ، حربي ، ثوري ، قتال ، خايف ،فارس...) .

إن هذا الزخم من أسباب التسمية ...هي السبب الآخر في تعدد الألقاب الجزائرية ..وثرائها وحتى تضاربها ..ولو كانت كلها تتخذ منحى اسم الجد الذي وضع له بادئ ولادته ، لكنا قد استرحنا من هذه الظاهرة ..إلا أن الجزائريين يخلطون كغيرهم من بني المغرب العربي بين التسمي والتكني والتلقيب ...

حتى أنه يختلط علينا الآن في معرفة الابن من الجد ، والأب من الابن ، ففي حين يكون اسم الجد مثلا حسين وقد عرف عنه ملازمة الرعي فيقال شاوي يكون اسم الابن مثلا محمد إلا أنه يطلق عليه جزارلممارسته القصابة ، ويكون اسم الحفيد مثلا علي فيطلق عليه صياد..لاشتهاره به ..فتأتي من بعدهم الأولاد والأحفاد المنحدرة من أصلابهم فمنهم من يلقب بحسين على الاسم الأول للجد ومنهم من يلقب بشاوي ومنهم من ينفصل فيتسمى بجزار ومنهم من يسمى بمحمد والآخرون ينتسبون لعلي والبعض يقول بصياد .. وترد في عصرنا كل تلك الألقاب ..فمن يفك تلك المعادلة الصعبة ..دون الرجوع إلى التسميات الأولى وأصولها ؟؟ ومن يكشف عن حقيقة اختلاط الأسماء بالألقاب والكنى ..؟؟؟

ومن الذي يجرؤ أن يقول بأن كل تلك الفروع من أصل واحد وجدّ واحد اسمه الحقيقي حسين ومحرف عن الاسم العربي حصين .. إلا أن يرمى بعد ذلك بالخبل والمس والزندقة ، وحتى الكفر ...

ستكون بعدها لدينا أخي القارئ متتالية عددية من الألقاب المتوالدة عن بعضها البعض لا تربطها إلا شجرة نسب واحدة تًرمى بالكذب والتناقض ..أو ببعض الحكايات الشعبية النادرة والطريفة والتي تتوارثها العائلة المتعصبة لأصلها ثم تتناساها الأجيال التالية ، وبذلك يتبعثر النسب الواحد إلى قبائل متفرقة تربطها ببعضها روايات شفوية ترمى بضعفها ، ثم تصلح بعد ذلك لأن تكون أدبا شعبيا ، وقصصا اسطوريا ، بعيدا عن الحقيقة .

أسباب كهذه أخي القارئ ..وأسباب أخرى وراء تكون هذا القاموس اللقبي الجزائري المليء بالمتناقضات ، والأخطاء ، والاعتباطية بين ظهرانينا دون أن نعي خطورة ذلك الوضع حتى أصبح الواحد منا يتمثل قول أبي ماضي حين يقول :

جئت لا أدري من أين ....ولكني أتيت ..
ولقد أبصرت قدامي طريقا ...فمشيت..

أما الأسباب الأخرى فتتمثل في تغيير كثير من العائلات لألقابها باختيارها لكن دون النظر في عواقب ذلك ، والدافع يمكن أن يكون تماشيا لروح العصر ..كتغيير لقب نعجة وخروف وعتروس إلى لقب آخر ..أو كان السبب اجتماعيا بحتا كمحاولة التنصل من تبعية ما ، أو لواذا من تبعات سياسية في مرحلة ما ، أو قد تكون انسلاخا من عائلة وانتسابا لأخرى بسبب التجاور والتصاهر .

البعض منها يمكن أن يكون قد انصهر في بوتقة الأمازيغية فتمزغ الاسم وابتعد عن عربيته كإضافة حرف التاء في أول الاسم ..كتمزغ اسم محمد إلى موحند ، وقبائلي إلى أقفايليث .

مع الإشارة إلى أن هناك أسبابا لكنها غير منطقية البتة فبعض العائلات اليهودية يمكن أن تكون قد حرفت من أسمائها لتوافق الاسم العربي تواريا من حقيقتها ..أو خشية من حسابات عرقية ما ..

بعض الألقاب تعطى اعتباطا لأطفال الشوارع أو ما يسمى بالطفولة المسعفة ليترسخ هذا اللقب ..فينسج من تلك الاعتباطية جدا له رسوخ وقدم في التاريخ .

هذه الاعتبارات وكثير منها لم أتطرق له ..يتخبط فيها اللقب الجزائري حتى أصبح في موقع المتهم والضحية في آن واحد .

فمتى نقوم بإزاحة وإماطة اللثام عن حقيقة اللقب الجزائري ، ودراسته بطريقة علمية ممنهجة ومنظمة حتى يحصل التحام بل والتئام بين ماضينا وحاضرنا ، ونكون بعدها قد حللنا مشكلة عويصة تقض مضاجعنا ...ألا وهي مسألة الهوية ..

إن هذا العمل الضخم الذي ينتظرنا يتطلب أولا وقبل كل شيء النوايا الطيبة الصابرة والمتحلية بالعلم الغزير البعيد عن أي اعتبارات سابقة ومشروطة ..هدفها الحقيقة والحقيقة فقط ، لا رفض الواقع أو التعلق به لأن واقعنا كثيرا ما يدفعنا إلى الخيبة والعجز ، فنقول : هذا هو الواقع ، وهذا ما نتميز به عن الآخرين .

ــ إن المكتبة الأدبية هي من أساسيات هذا العمل ونقصد بها الاهتمام بالتراث الشعبي الجزائري المدون والشفوي والممارس كطقوس ..جمعا ، وتحليلا ونقدا وتحقيقا ودراسة واستنتاجا واستقراء واستنباطا ..

ــ والمكتبة التوثيقية هي أيضا ذات أهمية بالغة حيث يجب الاهتمام بالمخطوطات التي توثق مسائل الأنساب والمشجرات ..

ــ ومكتبة الألقاب الجزائرية مفهرسة ألفبائيا مع إمكان دراسة العلاقات الرابطة بينها ..دلاليا ، ولغويا وتاريخيا ..وتوزعا جغرافيا ..

ــ ومكتبة تاريخية تهتم بالحوادث التاريخية وأماكنها وأسبابها ومسبباتها ..وعلاقة كل عائلة وأسرة بها تكلل بعد ذلك بالبحث والاستقصاء والتحقيق في ما ورد فيها من أسماء للأشخاص والقبائل ، تكون مصادرها في كتب التاريخ وأدب الرحلة ، وتاريخ اكتشاف أوربا لبلادنا منذ عهوده الأولى ووثائق المراسلات والزواج والبيع والنزاعات والحبوس ..وغيرها من الوثائق .

ــ ومكتبة جغرافية غزيرة تضم أسماء المدن والقرى والأماكن وعلاقتها بالأشخاص تأسيسا وفتحا ..وحتى تدميرا كأسماء الأماكن التي تحمل بادئتها اسم ( أولاد ، وسيدي ، وبلاد سيدي ، وعين بن فلان) ..وعلاقة الألقاب بها ..

ــ مكتبة الأضرحة والزوايا وكثير من شواهد القبور الشهيرة حتى يتسنى لنا توزيع ذلك فيما بعد على خريطة توضيحية وعلاقة كل اسم بغيره من الأسماء .
ثم دراسة هذه الخريطة والبيانات الواردة فيها بكل تعمق بمراعاة الأسباب والنتائج .

ــ ومكتبة تضاف إليها من الصور والتعريفات لكل ما سبق حتى يتسنى لنا جمع موسوعة تخدم البحث والتقصي فيما بعد .

ــ ومكتبة علمية بشقيها الأنثروبولوجي والجيني ، حيث نستطيع من خلالها تسمية الأسماء بمسمياتها الحقيقية ، وإجراء بحوث حول شكل الأجناس والفروق بين تلك السلالات .

ــ ومكتبة لتوثيق الألقاب المصطنعة والمتحولة والمتحورة وتجمع بين دفتيها الألقاب التي اصطنعت منذ القديم ودراسة أسبابها كما ورد آنفا ويمكن أن نعتمد في ذلك على كتب التاريخ والرحلة والأنساب وكذلك سجلات المحكمة والمستشفيات والحالة المدنية ، ومراكز الطفولة المسعفة .


ــ ومكتبة تجمع بين دفتيها كل ما توصل إليه الباحثون من نتائج وتقارير ميدانية ونظرية وحقائق مدعمة بشواهد ليسهل علينا تبني النتائج

ـــ لتأتي أخيرا مرحلة إعادة البعث من جديد وتثبيت الأصول والألقاب الصحيحة والتخلص من الأخطاء ، وتشكيل المشجرات الجديدة القائمة على أساس وثيق من خلاله نعيد الفرع بالأصل ونربط الماضي بالحاضر ونقضي على الانفصام .


قد يبدو لأول وهلة العمل مشروعا خياليا ضخما ..لا حول لنا فيه ولا قوة
إلا أن ذلك كله لا يستدعي إلا الإرادة القوية والجهد الصادق والعمل الدؤوب يقوم به من يريد أن ينقض الغبار على الجمود والركود والرداءة والنسيان ..

وأبسط شيء يتطلبه هذا المشروع هو موقع إلكتروني يجتمع فيه كل ذي خبرة وعلم يتفرع إلى مكتباته المذكورة كل مكتبة تهتم بعملها على حدة مع ضرورة جمع النتائج في مكتبة لوحدها ..




بحث في الألقاب أجراه العبد الفقير إلى ربه سليمان حشاني شهر جويلية من عام 2016 ميلادية .


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

في سبعينيات القرن التاسع عشر أصدر ت السلطة الاستعمارية قانون التلقيب ومنه بدأت عملية مسخ وتشويه الألقاب لالحاق السخرية بالأهالي والاستهانة بهم بحيث كان الكتبة الفرنسيون من عمال مصلحة الحالة المدنية يتنقلون بين الدواوير والمشاتي لتقييد الألقاب
فمن وجدوه أعور لقبوه بالأعور ومن كان يركب حمار سموه بو حمار وهكذا كانوا ينظرون الى العاهات والوضعيات التي وجدوا
عليها كل واحد قصد.
صعب بعد ذلك تغيير الألقاب غير المناسبة بسبب أنه اذا اختار اسم بديل يعارضه من يحمله أصلا أو أفراد العائلة الكبيرة يأبون ذلك
بحجة أن اللقب أصبح ارث لعائلة كبيرة تعرف به وتغييره تترتب عليه أمور أخرى تتمثل في المواريث والعقارات بالتحديد

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

شكرا لك أخي على متابعة موضوعي ، حقيقة إنه لمن الصعوبة بمكان تغيير الاسم وانا أتفق معك في جزئه الأخير إن كان يخص المواريث..لكن ألا ترى بأن سبعينيات القرن التاسع عشر ليست بالحقبة البعيدة عن متناولنا ، وحركة التأصيل التي أقصدها هي حركة تثبيت الأصول من طرف النسابة وخبراء المشجرات والمؤرخين ..ويكفي أن تجرى لها بحوث ميدانية ما دامت العقول مفكرة والأسئلة مطروحة ..وتأكد أخي أن طرح السؤال ..يحمل في طياته جزءا كبيرا من الإجابة ..

أما تغيير أسماء العائلات فهذا لا يناقش الآن .

وأشكرك مرة ثانية على الاهتمــــام .

أخوك الفارس العربي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

الله يجازيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

شكرا أخي على قراءة اضافتي لموضوعك الرائع المتمثل في ألقاب بعض العائلات التي لها معاني غير مناسبة للأسباب الاستعمارية التي ذكرتها آنفا أو أسباب اجتماعية حتى الأسماء والكنى كان الناس يطلقونها على بعضهم بسبب عدوات من أجل الحاق عاهة اجتماعية مستديمة وهو ما يعاني منه فعلا كثير من الناس أنا أعرف معلم مدرسة ابتدائية لقبه بوزبلة واذا سئل تلاميذه عن اسم معلعهم منهم من يتحرج منهم من يسخر .ويشعر هذا الرجل وتلاميذته ينادونه هكذا اطلقت القاب قبيحة بسبب مزحة أو دعابة وسار المثل أو اللقب سريان النار في الهشيم.
لكن يبقى هناك قرار فوقي شجاع من تصحيح ما يمكن تصحيحه .................................وللحديث بقية.

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

بارك الله فيك على هذه المساهمة الطيبة و الغنية أخي الكريم * الفارس العربي * دمت وفيا لنا يا فارس الزيبان أرض البركة و المجد العريق و فارس المنتدى بلا منازع .