عنوان الموضوع : القبائل المتحدرة من هوارة الأمازيغية بربرية
مقدم من طرف منتديات العندليب
هوارة
بقايا قبائل هوّارة:.....
في منطقة ورفلة, شرقي طرابلس (ليبيا).
في مدينة مسراتة, جنوب شرقي طرابلس (ليبيا).
في جبل غريان, جنوب غربي طرابلس (ليبيا).
في مدينة ورغة (توَرغة), جنوبي مدينة مسراتة (ليبيا).
في زگّارة (أَزگار Azgar، أَجَر), جنوب شرقي الجزائر (تاسيلي-ن-اَجر، تاسيلي-ن-اَزگار).
في جبل مسلاتة, شرقي جبل نفوسة وجنوب غربي طرابلس (ليبيا).
في مدينة ترهونة, جنوب شرقي طرابلس (ليبيا).
قبيلة ترهونة: من قبائل المرابطين (ليبيا).
في منطقة هرّاغة, جنوب غربي طرابلس (ليبيا).
في ساحل الأحامد (ليبيا).
في الجفرة (ليبيا).
في جبل نفُّوسة (ليبيا).
الناطقون بالبربرية:.....
سكان واحات أوجلة وسَوكنة وغدامس وجبل غريان (الناطقين بالبربرية) في ليبيا: خليط من هوارة وغيرها من قبائل البربر.
سكان واحة سِوَّة (الناطقين بالبربرية) في مصر: خليط من لواتة وهوارة.
بني اللَّهَّان:.....
قبيلة ورفلة (بني وليد): ليبيا, تشاد وتونس.
مسراتة:.....
هوّارة: سكان تورغة والبادية حول مصراتة (إماطين).
بني جعفر: قبائل السعادي, (في ليبيا ومصر).
قبائل المرابطين (يرجح أنهم ينحدرون من مسراتة), (ليبيا).
هقارة (هگارة): توارق الإيموشاغ, جبال الهقار والطاسيلي, (الجزائر, النيجر وليبيا).
هوارة الصعيد: (مصر).
زغاوة: بمحاذاة بلاد فزان جنوبي ليبيا, شمالي تشاد, اقليم دارفور (السودان).
أداسة:.....
بني عداس: تونس وشرقي الجزائر.
وشتاتة: جنوبي القالة (تونس).
وشتاتة: شمالي باجة (تونس).
فزارة:.....
جنوب شرقي عنابة.
نواحي القالة.
مغافر (قبيلة مغافرة): الصّحراء المغربيّة المحاذيّة للمحيط الأطلسي، إلى الجنوب قليلا من رأس أبي جادور.
بني ونيفن:.....
الحنانشة: تبسة.
الحنانشة: فرقة في قبيلة ريغة جنوب غربي المدية.
قيصر:.....
زِيَازَة.
الحراكتة: شمالي جبل أوراس.
السقنية (السگنية): جبل أوراس.
النمامشة:.....
البرارشة: شرقي جبل أوراس.
العلاونة: شرقي جبل أوراس.
أولاد سلطان: شرقي جبل أوراس.
سيَّار (صيَّار):.....
الأعشاش: جبل ششار, شمالي أوراس وجبل لحمر خدو (جبل أوراس).
أهل أولاش: جبل لحمر خدو (جبل أوراس).
أولاد سليمان: جبل لحمر خدو (جبل أوراس).
أهل قصر مشونش: جبل أوراس.
أهل غسيرة: جبل أوراس.
هوارة: جنوبي المدية.
أولاد هوَّار: فرقة من قبيلة الحرار جنوبي تيهرت (تيارت).
الشاوية: فرقة من قبيلة الحرار جنوبي تيهرت.
هوارة: جبل تيطري, جنوبي المدية (بين المدية والبرواقية).
هوارة: غربي مدينة ردانة (تارودانت) بينها وبين أغادير, (المغرب).
بنو زيَّاد (الزِّيَايدة): اقليم تامسنا ( الشاوية ورديغة), (المغرب).
هوارة: قرية گرسيف شرقي مدينة تازة على وادي ملوية (المغرب).
هوارة: احدى بطون قبيلة طريفة العربية, صحراء أنكاد العربية بين تاوريرت (في المغرب) وتلمسان (في الجزائر).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:
قال أبو محمّد عليّ ابن حزم الأندلُسي الظّاهريّ: فولد برنُس: كُتامة وصنهاجة وعجّيسة ومَصمُودة وأوربَة وأزداجَة وأوريغ إهـ. وقال أبو زَيد وليّ الدين عبد الرحمن بن خلدون الحضرميّ الإشبيليّ الأنلُسيّ الْمالكيّ: وزاد سابق بن سليمان وأصحابه: لَمطَة وهسكورة وگزولة [Gazzula] إهـ. قال ابن حزم: ويقال إن صنهاج ولَمط إنَّما هُما ابنا امرأةٍ يقال لها تَزُگّي [Tazugg’i]، لا يُعرف لَهما أب، تزوجها أوريغ فولدت له هوار، فهم إخوة لأُِمّ إهـ. وقال أيضا: وزعم قومٌ في أوريغ أنّه ابن خبور بن المثنى بن المسور، من السّكاسك من كندة، وذلك كُلّه باطل إهـ. قال ابن خلدون: وقال الكلبي أنّ كُتامة وصنهاجة ليستا من قبائل البربر، وإنّما هما من شعوب اليمانية، تركَهُما أفريقش بن صيفي بأفريقية مع من نزل بها من الحامية إهـ. وقد دحض ابن حزم هذه الرّواية أيضا، كما دحَضَ الرّوايَة التي تقول إنّ برّ جد البربر، هو ابن قيس عيلان، فقال: هذا باطل، لا شك فيه. وما علم النّسابون لقيس عيلان ابناً اسمه برّ أصلاً. ولا كان لحمير طريق إلى بلاد البربر، إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن إهـ. وقال ابن حزم أيضاً: وولد أوريغ: هوار وملّد ومَغّر وقلدن، فولد ملّد بن أوريغ: سطط وورفل وأسيل ومسراتة، ويقال لهؤلاء: لَهّانة. وولد مَغّر بن أوريغ: ماوس وزمّور وكبّا ومصراي. وولد قلدَن بن أرويغ: قمصاتة وورسطيف وبيانة وبلّ إهـ. قال ابن خلدون: وزاد سابق المطامطي وأصحابه [في بطون قلدن]: ورجين ومنداسة وگرگودة إهـ. قال اليعقوبي: وهوارة يزعمون أنهم من البربر القدم، وأن مزاتة ولواتة كانوا منهم فانقطعوا عنهم، وفارقوا ديارهم، وصاروا إلى أرض برقة وغيرهم. وتزعم هوّارة أنهم قوم من اليمن، جهلوا أنسابهم إهـ. قال ابن حزم: ومن قبائل هوّارة: گهلان ومليلة إهـ. قال ابن خلدون: وأما بطون هوّارة فكثير، وأكثرهم بنو أبيه أوريغ، اشتهروا نسبة لشهرته وكبر سنّه من بينهم فانتسبوا جميعا إليه إهـ. وقال أيضا: ويُقال: إنّ مليلة من بطونهم. وعند نسابة البربر من بطونهم: غريان وورغة وزگّاوة [Zaggawa، زغّاوة] ومسلاتة ومَجريس. ويقال: إن ونّيفن منهم. ومجريس لهذا العهد ينتسبون إلى ونيفن. وعند سابق وأصحابه أن بني گهلان من ورجين إحدى بطون مغّر، وأن من بطون بني گهلان: بني كسي وورتاگط Urtagut ولشّيوة وهيوارة. وأمّا بطون أَداس بن زحيگ بن مادغيس الأبناء الذين دخلوا في هوّارة فكثير. فمنهم: هرّاغة وترهُنة ووشتاتة وأندارة وهنزونة وأوطيطة وصنبرة. هؤلاء باتفاق من ابن حزم وسابق وأصحابه إهـ.
ونذكر الآن تفصيل قبائل هَوّارة وفروعها ومواطنها وماضيها وحاضرها:
هوّارة، هم من أكبر القبائل البربرية، وأوسعها بطونا، وأكثرها انتشارا في بلاد المغربين (الجزائر والمملكة المغربيّة) وإفريقيَة (تونُس)، بل ومصر، لا بل والشّام ... ويُنسبون إلى أبيهم: هوّار، وبالبربريّة: أَهَوّار، وبلهجة التوارگ (الطّوارق) في الجنوب: أَهَگّار، وهو ابن أوريغ بن برنس بن برنس بن بَرّ بن سفگو Sefgou بن أبزج بن حناح بن وليل بن شراط بن تام بن دويم بن دام بن مازيغ بن هراك بن هريك بن بديان بن .. بن كنعان بن حام بن نوح-عليه السلام-بن لَمَك بن متوشالَح بن خنوخ (إدريس)-عليه السّلام-بن يارد بن مَهَلاليل بن قينان بن أنوش-وهو يانش-بن شيث (هبة الله)-عليه السّلام-بن آدم-عليه السّلام-.
قال ابن خلدون: وكانت مواطن الجمهور من هوّارة هؤلاء، ومن دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس والبُتر لأوّل الفتح بنواحي طرابلس وما يليها من برقة كما ذكره المسعودي والبكري. وكانوا ظواعن [أي: رُحلاً] وآهلين [أي: مُستقرّين] إهـ. وذكر الكاتب العسكري الفرنسي Carette، أنّ أوريغة [أجداد هوّارة] هُم سُكّانُ أفريقية الأصليون، وأنّ القرطاجيين شتّتوهُم بعد هجرتهم من ليبيا الشّرقيّة، ثُمّ تحالفوا مع قبائل نفوسة، وأنّهم هم من سَمّى أفريقية بهذا الإسم إهـ. واستناداً للمؤرّخ اليهودي Nahum Slouschz، فإِنّهُ في نهاية (القرن 3م) أدّت هجرة قبائل زناتَة إلى دفع قبائل هوّارة ونفوسَة إلى حدود جبل أوراس إهـ. وكان في هوّارة من هُم على دين اليهود قبل الفتحِ الإسلامي، ولأوّل الفتح كانوا من أوائل من اعتنَقَ الدّينَ الحقّ، ومن أوائل المرتدين عنه، وانتشرت عندهم بعد ذلكَ الخارجيّة (الإباضية)، مثل سائر البربر، من نفوسة ومُزاب وزواغَة ولواتَة ووارگلان Wareglan ولَمّاية ...، وحاربوا الأمويين والأغالبة عُمّال العباسيين ... وكان هوّارة أحلاف زَنَاتَة الأوفياء، يُساكنونهم في كثير من مناطق بلاد المغرب، حتّى إنّه ما وُجِدَ تَمركُزٌ لأُمّة من زَنَاتَة، إلا وكانت معهم أُمّة من هوّارة، من أجل أنّ أمّ هوّار المسماة تَصُگِّي (تَزُگِّي) العرجاء، هي بنت زحيگ بن مادغيس الأبتر، وزحيگ هذا هو الجد الثاني لأَِجانا والدِ زَنَاتَة.
وحَملت عِدّة مناطق في شمال أفريقية أسماء بطونٍ من هوّارة، ومن اندرج فيهم من بني أَوْريغ وبني أَداس، وهذه البطون هي: منداس ومليلة وورفلة ومسراتة وغريان وورغة وزغّاوة (زگاوة) وزگارة ومسلاتة ومَجريس وترهونة وهرّاغة. منـداس: حملت اسمهم الهضبة الكبيرة الواقعة بالضفة اليمنى لوادي مينة، رافد وادي شلف، أين توجد إلى اليوم مدينة بهذا الإسم، وتحتلها قبيلة فليتة، من بني مالك، من زغبةَ العربِ الهلاليّين؛ مليلـة: حملت اسمهم مدينة تقع في جنوب غربي قسنطينة (عين مليلة)، رُبما كانت من مواطنهم، خاصة وأن المدينة داخلة في وطن هوّارة؛ ورفلـة: حملت اسمهم منطقة تقع في جنوب شرقي طرابلس، فيها بقاياهم؛ مسراتـة: حملت اسمهم مدينة تقع في جنوب شرقي طرابلس، فيها بقاياهم؛ غريـان: حمل اسمهم جبل يقع في جنوب غربي طرابلس، فيه بقاياهم؛ ورغـة (تَورغة): حملت اسمهم مدينة تقع في جنوبي مسراتة؛ زغّـاوة: اسم ثان لإقليم إندي بتشاد، واسم لقرية بإقليم دارفور، الواقع شمال غرب السّودان؛ زگّارة (أَزگار Azgar، أَجَر): حملت اسمهم منطقة تقع في جنوب شرق الجزائر (تاسيلي-ن-اَجر، تاسيلي-ن-اَزگار)، فيها بقاياهم؛ مسلاتـة: حمل اسمهم جبل يقع شرقي جبل نفوسة، وجنوب غربي طرابلس، فيه بقاياهم؛ مَجريـس: حملت اسمهم ناحية من قرية زرَنْجور، من قرى طرابلُس؛ ترهونـة: حملت اسمهم مدينة تقع في جنوب شرقي طرابلس، فيها بقاياهم، وتحمله قبيلة من قبائل المرابطين في ليبيا أيضا؛ هـرّاغة: حملت اسمهم منطقة تقع في جنوب غرب طرابلس، فيها بقاياهم.
--هوَارة طرابلس وبرقة (ليبيـا): ذكر اليعقوبي في (القرن 9م) أنّ ديار هوّارة طرابلُس تبتدئ من تَوَرغة شرقا، فقال: ومن آخر عملِ برقة من الموضع الذي يُقال له تَوَرْغَة إلى أطرابلُس ست مراحل، وينقطع ديار مزاتة من تَوَرغَة ويصير في ديار هوارة، فأول ذلك ورداسة، ثم لبدة وهي حصن كالمدينة على ساحل البحر إهـ. وذكر بعض بُطون هوّارةَ، فقال: بطون هوارة يتناسبون كما تتناسب العرب، فمنهم: بنو اللّهّان ومليلة وورسطيفة. فبطون اللّهان: بنو درما وبنو مرمزيان وبنو ورفلة وبنو مسراتة، ومنازل هوارة من آخر عمل سرت إلى أطرابلس إهـ. ولم يذكر ابن حزم بني درما وبني مرمزيان في بطون لَهّانة، وذكر بدلهم: سطط وأسيل، فيُحتمَلُ أن تكون البُطونُ التي ذكرَها اليعقوبي بطوناً ثانويّةً، أو العَكسُ هُوَ الصّحيح. وذكر البكري من بطون هوّارة في (القرن 11م): بني تادرميت [بنو درما، عند اليعقوبي]، فذكر أنّ مواطنهم تقع غربي بني زمّور من نفوسة، وأنّ لهم ثلاث قصور، وأنّ مدينة جادو تقع في مواطنهم. وذكر من بطون هوّارة أيضا: فزّانة وبني گِلدِن [بنو قلدن، عند ابن حزم وابنِ خلدون]، فَذكر أنّ مواطنهم تقع في تامرمة، جنوبي جبال تَرغين، الواقعة شمالي حوض فزّان. وذكر الإدريسي في (القرن 12م) قرية غربي مسراتة، تنسب إلى ابن مثكود، يقال لها: سويقة، فقال: ويسكن حولها وبِها قبائل من هوّارة، برابر، تحت طاعة العرب إهـ. وذكر مدينة لبدة العريقة، فقال: وكانت مدينة لبدة كثيرة العمارات مشتملة الخيرات، وهي على بعد من البحر، فتسلّطت العرب عليها وعلى أرضها، فغيرت ما كان بها من النعم، وأجلت أهلها إلى غيرها، فلم يبق الآن منها بها إلا قصران كبيران، وعُمّارُهُما وسُكّانُهُما قومٌ من هوارة البربر إهـ. وذكر مدينة زلّة، الواقعة في حوض فزّان، فقال: ومن أوجلة إلى مدينة زلّة عشر مراحل غرباً، وهي مدينة صغيرة ذات سوق عامرة، وبها أخلاط من البربر من هوارة إهـ. وذكر ابن خلدون تفصيلا للجبال الواقعة جنوبي طرابلس، فقال: (وأعلم) أنّ في قبلة قابس وطرابلس جبالاً متصلاً بعضها ببعض من المغرب إلى المشرق، فأوّلها من جانب الغرب جبل دمّر يسكنه أمم من لُواتة ويتصلون في بسيطه إلى قابس وصفاقس من جانب الغرب، وأمم أخرى من نفوسة من جانب الشرق. وفي طوله سبع مراحل، ويتصل به شرقاً جبل نفوسة تسكنه أمة كبيرة من نفوسة ومغراوة وسدراتة، وهو قبلة طرابلس على ثلاث مراحل عنها. وفي طوله سبع مراحل. ويتصل به من جانب الشرق جبل مسلاتة، ويعتمره قبائل هوّارة إلى بلد مسراتة ويفضي إلى بلد سرت وبرقة وهو آخر جبال طرابلس. وكانت هذه الجبال من مواطن هوّارة ونفوسة ولواتة. وكانت هنالك مدينة صغيرة: بلد نفوسة، قبل الفتح. وكانت برقة من مواطن هوّارة هؤلاء إهـ. وذكر الحسن الوزّان (ليون الأفريقي) جبل غريان في (القرن 16م)، فقال: غريان جبل مرتفع بارد طوله نحو أربعينَ ميلا، يفصلُه عن باقي الجبال بعض المساحات الرّمليّة، ويبعد عن طرابلُس بنحو خمسينَ ميلا .. لكنّ سُكَّان غريان كانوا دائما مُستَغَلّين من قِبَلِ الأعراب وملوك تونس. ولهُم قُرى عديدة تبلغ مائة وثلاثين تقريبا إهـ. وقال فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة-: فعرفت تونس الهجرات الليبية منذ الأمد، وازدادت مع المد الإسلامي سواء كانت بالقبائل البربرية التي نزحت إليها من ليبيا بعد الفتح الإسلامي أو تلك التي كانت تحت وطأة زحف بني هلال وسليم كما حدث مع قبيلة هوارة التي أجليت عن منازلها في قصور بني خيار، شمالي مسلاتة، جراء الزحف العربي ونزلت في المحرس بتونس ما بين قابس وصفاقس إهـ.
وكانت بلاد ودّان وفزّان وكوّار، من مواطن هوّارة أيضاً. فأمّا ودّان، فبلاد واسعة يحدها البحر المتوسط من الشمال الغربي، وقد ذكرها اليعقوبي، فقال: ومن أعمال برقة المضافة إليها ودان، وهو بلد يؤتى من مفازة، وهو مما يضاف إلى عمل سرت. ومن مدينة سرت إليه مما يلي القبلة خمس مراحل إهـ. وذكر ياقوت-نقلا عن البكري-بلاد ودّان، فقال: وَدان مدينة في جنوبي إفريقية بينها وبين زويلة عشرة أيام من جهة إفريقية ولها قلعة حصينة وللمدينة دروب وهي مدينتان فيهما قبيلتان من العرب سهميون وحضرميون فتسمى مدينة السهميين دلباك ومدينة الحضرميين بوصى وجامعهما واحد بين الموضعين وبين القبيلتين تنازُعٌ وتنافس يُؤدي بهم ذلك مراراَ إلى الحرب والقتال وعندهم فقهاءُ وقراءُ وشعراءُ وأكثر معيشتهم من التمر ولهم زرع يسير يسقونه بالنضح وبينها وبين مدينة تاجرِفت ثلاثة أيام، والطريق من طرابلس إلى ودان يسير في بلاد هوارة نحو الجنوب في بيوت من شعر، وهناك قُرَيَّاتٌ ومنازلُ إلى قصرِ ابنِ ميمونَ من عمل طرابلس، ثم تسير ثلاثة أيام إلى صنم من حجارة مبني على ربوة، يُسمى: گُرزة [Gurza]، ومن حواليه من قبائل البربر يقربون له القرابين ويستسقون به إلى اليوم ومنه إلى ودان ثلاثة أيام. وكان عمرو بن العاص بعث إلى ودان بسر بن أبي أرطاه وهو محاصر لطرابلس، فافتتحها في سنة 23هـ (644م)، ثم نقضوا عهدهم ومنعوا ماكان قد فرضه بسر عليهم، فخرج عُقبة بن نافع بعد معاوية بن حُدَيج إلى المغرب في سنة 46هـ (666م)، ومعه بسر بن أبي أرطأة وشريك بن سحيم، حتى نزل بغدامس من سرت، فخلف عقبة جيشه هناك واستخلف عليهم زهير بن قيس البلَوي، ثم سار بنفسه في أربعمائة فارس وأربعمائة بعير بثمانمائة قربة ماءٍ حتى قدم ودان فافتتحها، وأخذ ملكها فجدع أنفه، فقال: ((لم فعلتَ هذا وقد عاهدتُ المسلمين))، قال: ((أدباً لك إذا مسست أنفك ذكرتَ فلم تحارب العرب)). واستخرج منها ما كان بسر فرض عليه وهو ثلثمائة وستون رأساً إهـ. وذكرَ De Slane أنّ ربوة گُرزَة، تقعُ على نهرٍ بنفسِ الإسم، يقعُ في منتصف الطّريق من طرابلُس إلى ودّان، وأنّ الشّاعرُ الأفريقيّ اللاّتينيّ، كوريپوس، كانَ قَد ذكرَ أنّ گُرزة باسم: گُرزِل Gurzil، وذكرَ أنّهُ ابنُ أَمون. وذكر الإدريسي ساكني ودّان، فقال: وكان الملك في أهلها ناشئاً متوارثاً إلى أن جاء دين الإسلام، فخافوا من المسلمين فتوغلوا هرباً في بلاد الصحراء وتفرقوا، ولم يبق بها الآن إلا مدينة داود، وهي الآن خراب ليس بها إلا بقايا قوم من السودان معايشهم كدرة وأمورهم نكدة، وهم في سفح جبل طنطنة إهـ. وجبل طنطنة هو جبل تاسيلي ناَجر (تاسيلي ناَزگار).
وأما فزّان فإقليم واسع، من مدنه اليوم: زويلة ومُرزُق، وقد ذكرَه اليعقوبي أيضا، فقال: وجنس يعرف بفزان، أخلاط من الناس، لهم رئيس يطاع فيهم، وبلد واسع، ومدينة عظيمة، وبينهم وبين مزاتة حرب لاقح أبداً إهـ. وأمّا كوّار، فإقليم يقعُ جنوبي فزّان، ويمتدّ اليوم جنوبي مُرزُق قاعدة فزّان، وهُوَ من مجالات توبو، الذين منهُم زغّاوة، وقد ذكرهُ اليعقوبي، فقال: ووراء زويلة على خمس عشرة مرحلة مدينة يقال لها كوّار، بها قوم من المسلمين من سائر الأحياء، أكثرهم بربر، وهم يأتون بالسودان إهـ.
وكان من هوّارة أيضا: قبيلة زويلة، ذكرها اليعقوبي في (القرن 9م)، فقال: ووراء ذلك بلد زويلة مما يلي القبلة، وهم قوم مسلمون أباضية كلهم إهـ. وذكرها الإدريسي في (القرن 12م)، فقال: وفي جهة الشمال من هذه المدينة [أي: مدينة داود]، مدينة زويلة بناها عبد الله بن خطاب الهوّاري، وسكنها هو وبنو عمّه .. وهي منسوبة إلى هذا الرّجل وبه اشتهر اسمها وهي الآن عامرة إهـ. ومِمّا جاء عند ابن خلدون عن زويلة: ومنهم [أي: هوّارة] كان بنو خطّاب ملوك زويلة إحدى أمصار برقة، كانت قاعدة ملكهم حتى عرفت بهم، فكان يقال زويلة بن خطّاب. ولما خربت انتقلوا منها إلى فزّان من بلاد الصحراء وأوطنوها، وكان لهم بها ملك ودولة إهـ. ولمّا جاء قراقوش الغزّي مملوك تقي الدين، ابن أخي صلاح الدين، وافتتح زلّة وأوجلة وافتتح فزّان، قبض على ملكها محمد بن خطّاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنفل بن خطّاب آخر ملوكهم، وطالبه بالأموال، وعذّبه إلى أن مات. قال ابن خلدون: وانقرض أمر بني خطاب وهؤلاء الهّواريّين إهـ. وقال فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة-عندَ ذَكرِهِ تجريدة حبيب: تلك الرواية الشعبية حفظت لنا أكبر هجرة قبلية عرفتها ليبيا، منذ هجرة قبيلة زويلة البربرية عن فزان إلى مصر في القرن 10م). وينسب إلى زويلة ذاك الباب العظيم ذو المنارتين الذي لازال يعرف بباب زويلة في القاهرة إهـ.
وذكر ابن خلدون حال هوّارة طرابلس لعهده، أي في (القرن 15م)، فقال: بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس، ظواعن وآهلين، توزّعتهم العرب من ذباب [من بني سُليم] فيما توزعوه من الرعايا، وغلبوهم على أمرهم .. فتملكوهم تملك العبيد .. مثل: ترهُنة وورفلة، الظّواعن. ومَجريس الموطّنين بزرنزور [زرنْجور] من ونيفن، وهي قرية من قرى طرابلس إهـ.
وتحمل قبيلَة ورفلَة أيضا اسم: بني وليد، وقال الحسنُ الوزّان (ليون الأفريقي)-تحت عنوان: جبال بني وليد-: يقعُ هذا الجبل على بعد نحو مائة ميل من طرابلُس. وتسكنه قبيلة شُجاعة غنيّة تعيش حرّة متحالفة مع سكان جبال أخرى في تخوم صحراء نوميديا إهـ. وذكر هنريكو دي أغسطيني-في: سكان ليبيا-أنّ قبيلة ورفلة تنقسم اليوم إلى ثلاثة أقسام كبيرة، هي: الفوقيّون [أهل الجبل] واللّوطيون [أهل السّهل] والفلادنة؛ فأمّا الفوقيون فيضمّون قبائل: الجماملة، وفيهم: المناسلة وأولاد ساسي؛ السعدات، وهُم: سعادات السند أو سعدات القلة؛ السبائع، وهُم: سبائع الشعبة والمساعدية؛ وأمّا اللّوطيّون فيضمون قبائل: المطارفة والأساحقة والفطمان وأولاد أبي راس وأولاد شكر والأعاقيب والكميعات والمناصير والجماملة اللوطيين والبدور؛ وأمّا الفلادنة فيضمّون قبائل: الحلمة والقوايدة والحصنة والتلالسة والطبول والحدادة والصرارٌة والغزالات والسُّهول بطومة والدوايرة والأفارنة إهـ. ويوجد اليوم بطن من ورفلة في تشاد، وبيوت منهُم في تونس، ذكرهُم الدّكتور فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة وتأثيرها في الجوار-، فقال: فهاجر من ليبيا إلى تشاد العديد من تلك القبائل، وكان في مقدمتهم: أولاد سليمان وورفلة والمغاربة (وخاصة بيت الرعيضات) والحساونة وبعض المرابطين مثل القذاذفة، واستقر معظمهم في منطقة كانم قرب بحيرة تشاد إهـ.
وجميع بطون هوّارة استعربت اليوم، ولم يبقى منهم من حافظ على لغته البربريّة إلا: أهل واحات أوجلة وسَوكنة وغدامس وجبل غريان في ليبيا، وواحة سِوَّة في مصر. وذكرَ الدُّكتور فرج عبد العزيز نجم-في: القبيلة والإسلام والدّولة-: أنّ أهل واحة أوجلة، يقال أنّهم خليط من لواتة وهوّارة، استوطنوا واحة أوجلة وسِوَّة وغدامس وزويلة، وأنّ من استعربوا من هوّارة استقر أغلبهم في مدينة مسراتة وضواحيها وساحل الأحامد والجفرة وجبل نفوسة إهـ.
واشتهرت من قبائل هوّارة في ليبيا أيضاً: قبيلة مسراتة، ومسراتة اليوم منطقة كبيرة، تقع في شمال غرب ليبيا على البحر الأبيض المتوسط، في الزاوية الشمالية الغربية لخليج سرت، يحدّها من الشمال: البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق: خليج سرت، ومن الجنوب: السبخة ومنطقتي تَوَرغة وورفلة، ومن الغرب منطقة زليتن، ويبعد مركزها المُسَمى: إماطين، والذي يعرف الآن بمدينة مسراتة، عن مدينة طرابلس شرقا مسافة أحدَ عشرَ ومائتي كيلومترٍ، وعن مدينة بنغازي غربا مسافة خمسة وعشرين وثمانمائة كيلومتر. وكان اليعقوبي قد ذكرهُم في (القرن 9م)، فقال: أنّ بني مسراتة وبني ورفلة من بني اللّهّان من بطون هوارة. وذكرهم ابن سعيد في (القرن 13م)، فقال: قصور مسراتة وهي تمتد اثنا عشر ميلاً على زيتون ونخيل، وأهلها من هوارة تحت خفارة ذباب، ولهم غرام بِحَمل الخيل إلى الإسكندرية، ويجد منهم الحجاج في تلك الطريق الشاق معونة إهـ. وذكرهُم ابن خلدون في (القرن 14م)، فقال: ومن هوّارة هؤلاء بآخر عمل طرابلس مما يلي بلد سرت وبرقة، قبيلة يعرفون بِمسراتة لهم كثرة واعتزاز، ووضائع العرب عليهم قليلة ويعطونها من عِزّة. وكثيراً ما يتنقلون في سبيل التجارة ببلاد مصر والإسكندرية. وفي بلاد الجريد من أفريقية وبأرض السُّودان إلى هذا العهد إهـ. كما ذكر أنّ قبائل هگارة، وهُم الأهَگّار في الجزائر حاليا، تنحدر من مسراتة. وجاء في كتاب: ليبيا في كتب الجغرافية والرحلات، من اختيار وتصنيف: الدكتور إحسان عباس والدكتور محمد يوسف نجم، أنّه: مما يؤكد صلة قبيلة مسراتة الهواريّة بمنطقة مسراتة، أن المنطقة عرفت أيضا باسم هوّارة، كما عُرف مرسى قصر أحمد في منطقة مسراتة، في العصور الوسطى باسم: مرسى هوارة إهـ. وذكر حسن المنتصر مُحمّد: أنّ سكان تَوَرغَة والبادية حول مسراتة ظلّوا حتى الستينات من (القرن 20م) يسمون مسراتة وسكّانها باسم: هوارة، وذكر أنّ الرسم الصحيح للاسم هو: مسراتة، بالسين، وهوَ الإسم الذي ذكرهُ بِها وكتبه الجغرافيون العرب القدامى، وأنّ أهل مسراتة ظلوا يكتبونه في وثائقهم بالسّين حتى منتصف (القرن 19م)، ثم كتب بعد ذلك بعدة صيغ في العهد العثماني الثاني، منها: مصراطة، ومسراطة، ومصراتة كما يكتب الآن إهـ. ودخلَت عائلاتٌ من مسراتَة جزيرة صقلّيَة بعدَ فتحِها. قالَ الدّكتور إحسان عبّاس-في: العرب في صقلّيَة-: وبين الرقيق التابعين لسقف قطانية ومدينة لياج، أسماء أعلام بربرية من عائلات مثل: مكلاتة ونفزة ومسراتة إهـ.
--فصل: أمازيغ مسراتـة المستعربون: اشتهر لعهد ابن خلدون من شيوخ الأعراب في بلاد برقة، المدعو: أبو ذئب، من أحياء بني جعفر، وأخوه حامد بن كميل. وقد اختُلف في نسبه. قال ابن خلدون: وهم ينسبون في العرب، تارة في العزة ويزعمون أنهم من بني كعب سليم، وتارة في هيب كذلك، وتارة في فزارة، والصحيح في نسبهم أنهم من مسراتة إحدى بطون هوّارة. سمعته من كثير من نسابتهم إهـ. وقال أيضا: وشيخ هؤلاء العرب ببرقة يعرف لهذا العهد بأبي ذئب من بني جعفر .. وأما نسبهم فما أدري فيمن هو من العرب؟ وحدثني الثقة من (قبيلة) ذباب عن خريص ابن شيخهم أبي ذباب أنهم من بقايا الكعوب ببرقة. وتزعم نسابة الهلاليين أنهم لربيعة بن عامر إخوة هلال بن عامر .. ويزعم بعض النّسابة أنهم والكعوب من العزة، وإن العزة من هيب وإن رياسة العزة لأولاد أحمد، وشيخهم أبو ذئب وأن المثانية جيرانهم من هوّارة. وذكر لي سلام بن التركية شيخ أولاد مقدم جيرتهم بالعقبة أنهم من بطون مسراتة من بقية هوّارة، وهو الذي رأيت النسابة المحققين عليه، بعد أن دخلت مصر ولقيت كثيراً من المترددين إليها من أهل برقة إهـ.
وذكر المقريزي-في: البيان والإعراب عمّا بأَرض مصر من الأعراب-من جماعة جعفر المسراتي: المثانيّة والياسة وعرعرة والعظمة والعكمة والمزايل والمعزة، ومن المعزة الجعافرة: جماعة ابن عُمر، ومنهم البداري أيضاً والسهاونة والجلدة وأولاد أحمد، ومنازلهم من سوسة إلى بئر السّدرة، وهيَ آخرُ حدودِ ديارِ مصرَ إهـ.
وذكر ابن خلدون المثانيّة من مسراتة، فقال: فمنهم (هوّارة) لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أُكرة وعبّارة وشاوية، وآخرون مُوطنون ما بين برقة والإسكندرية يعرفون بالمثانيّة، ويظعنون مع العزّة من بطون هيب من سليم إهـ.
وذكر الباحث أحمد الحوتي-في: إقليم مطروح وسّكّانُه من قبائل أولاد علي اللّيبيّة-أنّ خير الله فضل عطيوة يرى أنّ أولاد أبي الذئب، أو أبى الليل الذين يُعرفون اليوم باسم: السّعادي، نسبة لأمهم سعدى، التي تنحدر من قبائل بني هلال، وقطع بخطأ صلاح التايب، الذي يذهبُ إلى أنّ سعدى، هي بنت خليفة اليفرني الزناتي البربري، الذي هزمه الهلاليون لأول دخولهم بلاد أفريقية، لكنّه يذكر في الهامش أنّ بعض الشخصيات العامة من رجال قبائل أولاد علي تميل إلى ترجيح كتاب صلاح التّايب-دقة وموضوعية-على كتاب نظيره خير الله فضل عطيوة، وأضاف أحمد الحوتي، أنّ سعدى أنجبت ثلاثة أبناء، هم: سلام وبرغوث وعقار. فمن سلام ينحدر: الهنادي والبهجة وبني عونة، ومن عقار ينحدر: حرب وعلي والذئب، ومن برغوث ينحدر: فايد وجبريل وبرغوث الصغير.
وذكر الدّكتور عُمر كحالة-في: معجم قبائل العرب-أنّ الهنادي من قبائل سلاّم بن أبي اللّيل وسُعدى، نزلوا القطر المصري في أواخر (القرن 12هـ) (القرن 18م)، ويقطنون الشرقية والغربية وغيرهما من الديار المصرية، وذكر أيضا أنّ بعض الهنادي كانوا متطوّعة في جيش إبراهيم المصري حين استولى على حلب عام 1832م، وأنّ بقاياهم يقيمون في شمالي سورية، في قرى الجبول وحقلة والجديدة وتل سبعين بقضاء الباب، وفي قريتي أبي قلقل وخربة العشرة بقضاء منبج، وفي قريتي قرة موخ ورسم الغزال التابعتين لناحية صرين بقضاء عين العرب، وفي قربة الزيادة بقضاء جسر الشغور، وفي قرية خان شيخون بقضاء المعرة، وذكر أنّ العوازم من بطونهم، نزلوا بجوار سمخ، ومنازلهم حول ماعين، وذكر أنّ البهجة من قبائل سلاّم، يقيمون في المنوفية والغربية والدقهلية من الديار المصرية. كما ذكر أنّ عونة من قبائل سلاّم يسكنون في الصّحراء الغربية بمصر.
وذكر أحمد الحوتي أنّ عقّار بن أبي اللّيل وسُعدى، أنجب ثلاثة أبناء، وَهم: حرب وعلي والذئب، كما ذكرنا آنفا. فحرب هو جد الحرابي؛ وعلي هو المسمى عليه أولاد علي، وهم: أولاد علي الأبيض وأولاد علي الأحمر، وكل منهما لأمّ؛ والذئب أنجب ولدين هما: فايد وأبو سنيّة. وقد توفى الذئب، فاقتسم أخواه علي وحرب أولاده: فأخذ حرب فايد، والمسمى عليه قبيلة فايد؛ وأخذ علي أبا سنيّة، والمسمى عليه قبيلة السّننة.
وهذا تفصيل القبائل المنحدرة من الذئب أبي اللّيل الجعفريّ، المسراتي الهوّاري:
* الجبارنـة: وهُم أولاد جبريل بن الذئب أبو الليل، ويتفرعون إلى عدة قبائل، هي الجوازي والعواقير والمغاربة والعريبات والبرشة والمجابرة. فالجوازي: هم أبناء حمزة بن جبريل، وسُمّوا بالجوازي نسبة إلى أمهم جازية، وذكر محمّد حسن المنتصر أنّ الجوازي هاجروا إلى مصر عام 1817م واستقروا بالمنيا، ورئاستهم في عائلة لملوم التي تقيم في قرية مغّاغة. وذكر الدّكتور فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة وتأثيرها في الجوار-النّكبة التي أصابت قبيلة الجوازي عام 1817م على يد قوات يوسف باشا، متحالفاً مع إخوة الجوازي من العلايا (العواقير والمغاربة) وحلفائهم. فكانت المحصلة طرد الجوازي نتيجة حروب كارثية قادتها ضد إخوتها العلايا عامي 1811م و1812م، وضيقت فيها الخناق عليهم لدرجة انهم أكلوا طحالب البحر، في حصارٍ دام خمسة أشهر، عُرِفَ في الروايات الشفويّة باسم: عقل خريبيش، نسبة إلى مزارٍ بهذا الإسم. وبهجرة الجوازي انقلبت معايير القوة في برقة البيضاء وأصبحت قبائل العلايا أسياداً للمنطقة بعدما كانوا أتباعاً لإخوتهم الجوازي الذين استبدوا بهم، حتى أن امرأة من قبيلة الجوازي عايرت العواقير فقالت: ما نا عواقير علي خريبيش نعقلوا، ومن ثم والت قبيلة العواقير وحلفاؤهم المسراتية (سكان المدينة) الحكومة العثمانية، عكس قبيلة الجوازي، وبذلك ضمنوا لأنفسهم الريادة والسيادة في المنطقة إهـ. وقال في موضع آخرَ: وقبيلة الجوازي عرفت بتربيتها للخيول العربية الأصيلة وتوريد الجمال والماشية من برقة لأهم المدن على طول مجرى النيل. وكذلك قصتهم الشهيرة مع والي مصر، محمد سعيد باشا أصغر أولاد محمد علي باشا سنة 1854م، المعروفة بقصة: عمر المصري والطرابيش المغربية، عندما أراد أن يضرب أولاد علي بالجوازي وما ترتب على هذه الأحداث من قتل وغدر إهـ. وقال أيضا: قبيلة الجوازي-ثاني أكبر قبيلة في برقة-والتي هُجرت على بكرة أبيها قسراً إلى مصر باستثناء عدد من العوائل التي ذهبت إلى الجزائر والمغرب الأقصى والبعض الأخر الذي انطوى تحت قبائل وعوائل أخرى في ليبيا إهـ. وذكر عمر كحالة أنّ الجوازي يقيمون في الجيزة والمنيا وأسيوط، وأنّ قسما كبيرا منهم دخل في الجنديّة عام 1883م، فبلغوا أكثَرَ من ثُلُثَي مجموع جيوش العربان، وأنّها من أقوى القبائل، وأنّ منازلها تمتد من طور سيناء إلى برّ الشام؛ والعواقير: هم أبناء موسى الأبيح بن جبريل، وذكر نقولا زيادة في رسالته: برقة الدولة الثامنة، أنّ مواطنهم تمتد من توكرة إلى دريانة في الجبل الأخضر، إلى الأبيار، وذكر الدكتور عمر كحالة أنّهم يقيمون في الصّحراء الغربية في مصر، وذكرَ فرج عبد العزيز نجم-في: هجرة القبائل اللّيبيّة-أنّ فرقة من العواقير موطّنة عندَ قبيلة ورفلة؛ والمغاربة: هم أبناء عبد الدائم بن جبريل، وهم فرعان: الرعيضات والشماخ، ويسكنون الصّحراء الغربيّة أيضا، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم متوزعة بين برقة وطرابلس، وأنّ أكبر مراكزهم: أجدابية، وذكر الدّكتور فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة وتأثيرها في الجوار-أنّ هناك فرعا من الرعيضات في إقليم كانم بتشاد، هاجروا إليه مع قبيلة أولاد سليمان من عرب بني سليم؛ والعريبات: هم أبناء عريب بن جبريل، ويطلق على كل من العواقير والمغاربة والعريبات اسم: العلايا؛ والبرشة: هم أبناء بريش بن جبريل؛ والمجابرة: هم أبناء حمد بن جبريل.
* البراغيـت: أبناء برغوث بن الذيب أبي الليل، وهم ثلاثة فروع هي: الفوائد ومنهم الرماح، والعرفاء والعبيد. فالفوائد: هم أبناء فائد بن محمد بن برغوث، وقد ذكر محمّد المنتصر أنّهم هاجروا إلى مصر عام 1817م، واستقروا بالمنيا والفيوم، وأنّ رئاستهم في عائلة الباسل، وقال فرج عبد العزيز نجم-في هجرة القبائل اللّيبيّة-: فمثلاً عائلة آل الباسل-قبيلة الرماح، وتعرف أحياناً بالبراغيث-برز منها الأخوان حمد باشا الباسل وعبد الستار بك الباسل. فكان حمد باشا (1871م-1940م) أحد مؤسسي حزب الوفد ومن رجالاته العظام تحت قيادة سعد زغلول، ومن ثم نفي اثنينهما إلى مالطا. كان حمد شاعراً فحلاً، وهذا ليس غريباً لان أخواله من عائلة الخضرة قبيلة البراعصة، كما كان يعتز دائماً بلباسه البدوي (يعرف آنذاك بالزي المغربي) حتى سُمّي عمدة قبيلة الرماح وله مؤلف بعنوان: نهج البداوة. أما عبد الستار بك، فكان عضواً بارزاً في مجلس شيوخ المملكة المصرية وأحد رجال حزب الأحرار الدستوريين الكبار. ولآل الباسل من المآثر ما لا يعد ولا يحصى في عون المهاجرين والمجاهدين الليبيين إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا حيث كانت بيوتهم ومزارعهم وعزبهم حتى قصرهم الشهير في الفيوم كان ملاذاً لكل اللاجئين الليبيين. كذلك الشيخ عيسى عبدالجليل تخرج من الأزهر وحصل على العالمية منه، ومن ثم رجع اليه ليصبح بمرسوم ملكي شيخاً لكلية أصول الدين بالأزهر ومن ثم شيخاً لكلية اللغة العربية سنة 1947م، ومن بعدها عين عضواً في لجنة الفتوى بالأزهر الشريف. ترك بعد رحيله صدقات جارية منها تفسيراً للقرآن الكريم المسمى: تيسير التفسير، وكتاب: اجتهاد الرسول، وكتاب: صفوة صحيح البخاري إهـ، قال في موضع آخر: أما الفوايد المشهورة في الصعيد المصري بالمنيا أصحاب الباع الطويل في سعة المال ومكارم الرجال وفي مقدمتهم بيت الكيشار الحائزين لأكبر الألقاب والرتب في مصر. وعائلة الكيشار هم أخوال الشيخ عبد السلام الكزة، أحد عمد قبيلة العواقير، ومن ذوي الشأن والرأي في جهاد برقة ضد إيطاليا. وبإعدام الشيخ عمر المختار وتوقف القتال في برقة هاجر الشيخ عبد السلام إلى مضارب أخواله وعاش هناك معززاً مكرماً بينهم ينتظر العودة للوطن حتى وافته المنية في المنيا سنة 1940م. ومن مشاهير آل الكيشار: لملوم بك السعدي الذي انتدبته الحكومة المصرية والتركية في بنغازي لرأب الصدع بين قبائل برقة مرات عديدة. كذلك محمد عبد الله لملوم عضو لجنة الدستور والسيد عبد العظيم المصري أحد مؤسسي بنك مصر. ومن خدور نسائهم كانت السيدة عالية بنت واحد من أكبر أنصار السنوسية في مصر عبد القادر باشا لملوم-وحفيدة لملوم بك السعدي-التي ذاع صيتها عندما اقترنت بملك ليبيا، السيد إدريس ابن السيد المهدي السنوسي، في زواج تم سنة 1955م بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر شاهداً رئيسياً على العقد في السفارة الليبية بالقاهرة. ولهذا فإن مدناً مصرية كالإسكندرية والفيوم والمنيا وغيرها أصبحت عوضاً لهم عن حواضر برقة كبنغازي ودرنة. ففي الإسكندرية يوجد سوق المغاربة نسبة لليبيين الذين يسمون أحياناً بالمغاربة. وكل من يأتي من غرب مصر يسمى مغربي كما من يأتي أن من بلاد الشام يسمى شامياً وكذلك من بلاد السودان بالسوداني وهلم جراً. وفي سوق المغاربة يوجد شارع يسمى: زقاق المغاربة، وكذلك: زنقة الستات، حتى يومنا هذا. وكلمة: زنقة، من الإستخدامات المغاربية التي أشاعها الليبيون في مصر. وفي هذا السوق تحاك أفضل الأزياء البدوية الليبية-كاط ملف-التي يشار إليها بالطرزة الإسكندرانية لجودة قماشها ورونق تفصيلها. وتعيش هذه القبائل في ضواحي الإسكندرية إلى أقصى الغرب في عقبة السلوم على الحدود الليبية المصرية الحالية. وفي مثلث البحيرة، والواحات كواحة سيوة، وكذلك في الدقهلية والمنوفية والشرقية والغربية والجيزة. وفي الصعيد في الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وغيرها من أراضي مصر. ويلاحظ تمركزهم في المناطق الريفية والصحراوية بعيداً عن الحواضر الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية حتى ان المدن الكبرى خلت من الزوايا السنوسية باستثناء زاوية يتيمة في القاهرة، ومرجع ذلك عدم ملائمة المدن لنمط حياة هؤلاء البدو. فمنحتهم مصر الحرية في استيطان صحرائها ونعمة مياه نيلها التي حمتهم وحمت دوابهم من ظمأ رمالها القاحلة. وتكون بعض هذا القبائل مجتمعات مستقلة في قرى وعزب ونجوع كاملة سواء في الضبعة والعلمين والحمام وسيدي براني وبرج العرب والعامرية، أو في الفيوم وكفر الزيات والدلنجات، فعمروا طريق الصحراء من الإسكندرية حتى الحدود الليبية غرباً والصعيد جنوباً. ويتميزون عن بقية شرائح المجتمع المصري بطابعهم البدوي الليبي وهنالك نجوع خاصة بهذه القبائل كنجع القطعان وأولاد الشيخ وغيرها، ممن لا يزالون يتحدثون باللهجة الليبية البدوية ويتسمون بأسمائهم البدوية كاحميدة وعطيوة ومراجع وحمد وبوعباب وبو شناف وغيرها، وكذا طريقة قرضهم للشعر التي يستحيل تمييزها عن مثيلاتها في برقة إهـ؛ والعُرفاء: هم أبناء عريف بن برغوث، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم تقع في السّاحل؛ والعبيد: هم أبناء عبيد بن برغوث، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم تقع في الجبل المسمّى باسمهم، وهو قسم من الامتداد الغربي للجبل الأخضر.
* الحرابـي: أبناء حرب بن عقار، وهم خمسة قبائل هي: أولاد أحمد والحاسة والعبيدات وفائد والدّرساء. فأولاد أحمد: هم أبناء أحمد بن حرب، وهم الآن ضمن قبيلة البراعصة، الذين يُقال أنهم تربطهم بهم أُخُوّة من الأمّ، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم في وسط الجبل الأخضر؛ والحاسة: هم أبناء حواس بن حرب، وذكر نقولا زيادة أنّهم يقطنون الجزء المتوسط من النّتوء السّاحلي، حول سوسة وشحّات، وقال فرج عبد العزيز نجم-في: هجرة القبائل اللّيبيّة-: وصل الحال إلى استيعاب (اللّيبيّين) العناصر الوافدة من الخلافة الإسلامية، كما حدث مع سكان جزيرة كريت من المسلمين (الأتراك) الذين اضطروا للاستقرار في برقة سنة 1898م، فكاتبهم الحاسة وسموا بالحاسة الحُمر إهـ؛ والعبيدات: هم أبناء عبيد بن حرب، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم تمتدّ من حدود مصر إلى أواسط النتوء الكبير الذي يدخل في البحر المتوسط من برقة، وفي جزء من الجبل الأخضر؛ وفائد: هم أبناء فائد بن حرب، وقد هاجر عدد كبير منهم إلى مصر في سنة 1850م، واستقروا بالفيوم، ومواطنهم عند نقولا زيادة تقع بين العبيدات شرقا، والبراعصة غربا، والحاسة شمالا؛ والدرساء: هم أبناء إدريس بن حرب، وذكر نقولا زيادة أنّ مواطنهم تقع شرقي تلميثة (طلميثة).
* أولاد علـي: ذكر أحمد الحوتي أنّ فروعهم الأصلية هي: علي الأبيض وعلي الأحمر، مضافاً إليهما السننة، إلا أن قبائل أولاد علي تضم اسماً من غير أبناء علي الكبير أو الذئب أخوه. وقد تفرع هذا الاسم إلى مجموعة كبيرة من القبائل تفوق عدد بقية قبائل أولاد علي، هذا الاسم هو سنقر جد السناقرة، وعن دخوله في أولاد علي تتواتر الروايات، حيث تقول بعضها: أنه رجل من غير المسلمين، التقطه الحراس من على شاطئ البحر، وحملوه إلى أبي هندى أحد أبناء علي الأبيض، وزعيم أولاد علي في درنة بليبيا، والذي ضمه إليه وزوجه ابنته، حيث استطاع سنقر بذكائه، أن يخلف أبا هندى في زعامته لأولاد علي. ويضيف أحمد الحوتي: أنّ خير الله فضل عطيوة يرى: أن سنقر هذا هو أحد المهاجرين العرب من الأندلس، عقب سقوط ممالك وإمارات المسلمين فيها، وأنه وصل إلى ساحل مدينة درنة بليبيا عام 1260م، وكانت مدينة درنة تسكنها قبائل أولاد علي زعيم منطقة الجبل الأخضر، وكان هذا شاباً في مقتبل عمره، فتم علاجه وتربى في بيت أبو هندى، واحتضنه وزوجه ابنته التي أنجب منها حمد، وأنجب حمد هذا: عامراً، الملقب: سنقر، الذي أنجب قبائل السناقرة. ويضيف أحمد الحوتي: والجدير بالذكر أن سنقر أبو ويلة هذا كان شاباً متعلماً نافذ الفكر، لأنه كان قادماً من بلاد الأندلس التي كانت تحمل مشعل الحضارة في أوروپا والعالم الإسلامي، فقد تفوق على عمه أبو هندى الذي رباه وتبناه ثم زوجه ابنته، لدرجة أن أبا هندى زعيم منطقة الجبل الأخضر وثق به، فسلمه قيادة قبائل أولاد علي، وتولى التصدي للنزاعات بين قبائل أولاد علي والحرابي، وقد أطلق عليه اسم سنقر نسبة إلى بلدة سنقرية، إحدى بلاد الأندلس التي قدم منها.
** قبيلة أولاد علي الأبيض: قال أحمد الحوتي أنّها تنقسم إلى قسمين، هما: أولاد سليمان (الخرفة) والصناقرة، ويضم أولاد سليمان: أبو هندى وأبو ضياء وأولاد منصور، ويضم الصناقرة: الأفراد والعَجارمَة وطاهر وهارون والعزايم والمغاورة والموامنة ومرقيق ووداد وشرفاد ودودان والعجوز والجاهل وزعير.
** قبيلة أولاد علي الأحمر: قال أحمد الحوتي أنّها تنقسم إلى ثلاث قبائل، هي: القناشات والكميلات والعشيبات.
** قبائل السننـة: قال أحمد الحوتي أنّها تنقسم إلى خمسة قبائل، هي: المحافظ والقطيفة والعجنة والعراوة والشوالحة.
وقال الدّكتور فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة وتأثيرها في الجوار-: كانت قبيلة أولاد علي تقطن أجزاء من الجبل الأخضر، وخاصة حول مدينة درنة وهضبة البَطنان، ومن ثم دفعتها بقوة السلاح قبائل الحرابي بقيادة قبيلة العبيدات، إلى شرق عقبة السلوم، وبمساعدة السلطات العثمانية في طرابلس التي كانت تتحسس من علاقة أولاد علي بالمماليك في مصر، وكذلك قوة نفوذها في برقة مما تطلب من الولاة الأتراك في طرابلس أن يضعوا حداً لذلك. فجاء الرد فيما عرف بتجريدة حبيب، حيث جردت الحكومة عربان ولاية طرابلس من مناطق تاجوراء وزليطن ومصراتة وورفلة لنصرة حبيب العبيدي الذي أراد أن ينتقم لوالده، الشيخ عبد المولى الأبح، الذي قتله رجال أولاد علي غيلة. وانطلقت الحملة العسكرية وتم بالفعل إبعاد أولاد علي عن برقة بعد كر وفر مريرين إهـ.
وقد ألحقت بقبائل أولاد علي مجموعة أخرى من القبائل، ذكرها أحمد الحوتي، وهي:
*** المرابطـون: وقد انضمت إلى أولاد علي، عقب نزولهم من ليبيا عام 1670م متجهين إلى مصر، عقب هزيمتهم في حربهم مع الحرابي، فيما عرف بتجريدة حبيب التي ذكرناها آنِفاً، وهي حرب عنيفة، اضطر معها أولاد علي إلى النزوح عن الجبل الأخضر قادمين إلى مصر، وتبعتهم قبائل المرابطين تباعاً، واحدة بعد الأخرى، وكلما وصلت قبيلة وزعت على أحد قبائل أولاد علي الرئيسية، حيث انضمت سبعة عشر قبيلة منها إلى قبائل علي الأبيض، وانضمت أربعة قبائل إلى قبائل علي الأحمر، وانضمت خمسة قبائل منها إلى قبائل السّننة.
ويوجد مع أولاد علي في محافظة مطروح كثير من قبائل المرابطين، وتمتدّ مواطنهم حتى الصحراء الغربية لمصر، ونذكر منهم: زوي والمجابرة والأواجلة (أهل أوجلة) والمنفة والقبائل والشواعر والموالك والقطعان والجرارة والحوتة والفواخر والتراكي ومسراتة وترهونة والصوانعة والسلاطنة وسعيط والشهيبات والعوامة والسمالوس والصريحات والقريضات وحبون والجبيهات ومشيط والقذاذفة (قبيلة الرئيس الليبي معمر القذافي). وقد قسمت هذه القبائل بين فروع أولاد أبي الذئب السعادي. ويوجد فرع من القذاذفة في إقليم كانم بتشاد، هاجروا إليه مع قبيلة أولاد سليمان من عرب بني سليم؛ وبيوت من ترهونة هاجرت إلى تونس؛ ذكر كُلََّ ذلك الدّكتور فرج عبد العزيز نجم.
وذكر أحمد الحوتي أنّ الخلاف القائم بين النسابة في شأن أولاد علي، هو نفسه في شأن قبائل المرابطين. فلعلّ هؤلاء المرابطين ينحدرون أيضا من قبيلة مسراته الهوّاريين الملثمين المرابطين، ففي قبائل الآهَگّار المنحدرة من مسراتة، والتي تقطن الجبال الواقعة في جنوب الجزائر، توجد إلى اليوم فرقة منهم تسمّى: المرابطين (إيمرابظن). والمرابطون قسمان:
**** مرابطون صدقان: وهم مجموعتان: الأولى عرفت بالمرابطين البيض، والثانية عائلات منضمة لقبائل السعادي المستقرة في المناطق الشمالية من برقة المعروفة ببرقة الحمراء، وعرفوا لذلك بالمرابطين الحمر.
**** مرابطون بالبركة: ويطلق على القبائل التي تدعي أنها من سلالة ولي.
ومن المرابطين عائلات موزّعة في القُطر التّونسي، كالمزاوغة والعجيلات والمراغنة والفرجان وأولاد مسلم والزليطنية (وهم الفواتير وأولاد الشيخ والعمايم والبراهمة وأولاد غيث والكراغلة) وغيرهم، ذكر ذلك فرج عبد العزيز نجم-في: الهجرات المتعدّدة للقبائل اللّيبيّة وتأثيرها في الجوار-.
وبصفة عامّة، فإنّ السّعادي من حيث الموطن فريقان: فريق بالصحراء من حدود النيل إلى بنغازي، والفريق الآخر من بنغازي إلى حدود جالو.
** قبائل الجمعيات: ذكر أحمد الحوتي أنّا سبقت أولاد علي في الوفود إلى مصر، وأنّ الآراء تتعارض في نسبها، حيث يرى خير الله فضل عطيوة أنها من القبائل التي ليست أصلاً من أولاد علي، لكنها اندمجت فيها، وأصبحت منها مع طول الزمن، الذي يزيد على ستّمائة عام، في حين أنّ صلاح التائب يذكر دون قطع، أن عليا الكبير أنجب بنتا تسمى خديجة، هي جدة قبائل الجمعيات، ولكنّه في موضع آخر بصفها بأنها من كبرى القبائل المصرية، وبخاصة مريوط والبحيرة والصحراء الغربية، من قبل الفتح الإسلامي، ويورد ثلاثة آراء تتصل بنسبها، مشيراً إلى اختلاف النسابين في أصل هذه القبيلة، فهناك رأى يتزعمه ابن خلدون، وهو أنّ الجمعيات من السعادي، وأنّهم أبناء خديجة أخت علي وبنت عقار، ورأي آخر يقول أنهم من سلالة أولاد سليمان، وجدهم كعب، وكعب جد أبو الليل الذئب، وهناك رأي ثالث يقول أنهم ينتسبون إلى كعب بن لؤي من الصحابة. على أن صاحب كتاب: رحلة الألف عام، يشير إلى أن كافة من كتبوا عن القبائل العربية بمصر لم يقطع أحد منهم عن قبائل الجمعيات، غير أن اللواء رفعت الجوهري وهو واحد ممن نقبوا عن القبائل العربية، وكتب عنها، يقول وعلى لسان أحد شيوخها، أن قبيلة الجمعيات تنحدر من كعب.
ويعتقد أنّ أصح الأقوال هو ما ذهب إليه ابن خلدون، فهو متقدّم عن الجميع، وهوأنّهم ينحدرون من قبيلة مسراتة الهوّارية البربرية. ومن المعلوم عن البربر كثرة ادعائهم الانتساب في العرب، وحبهم لذلك، وإلا فإنّ الله عز وجل يقول: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم))، والنبي-صلى الله عليه وسلّم-يقول: ((لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)).
--هوّارة الجنوب الملثمون (هَگّـارة Haggara وزگـّارة Zaggara وزغّـاوة): قال ابن خلدون: ومنهم [أي: من هوّارة] من قطع الرمل إلى بلاد القفر، وجاوروا لمطة من قبائل الملثمين فيما يلي بلاد گَوگَو من السودان تجاه أفريقية، ويعرفون بنسبهم هگّارة، قَلَبَت العُجمة واوه كافاً أعجمية تخرج بين الكاف العربية والقاف إهـ. ويذهب ابن خلدون إلى أنّ هوّارة الملثّمين ينحدرون من بطن مسراتة منهم، حيث قال: والى العدوة الجنوبية من هذا العرق مجالات أهل اللثام من صنهاجة، وهم شعوب كثيرة ما بين: گزولة ولمتونة ومسراتة ووتريگة وأَزگار إهـ. وقبائل لمطة وصنهاجة هم إخوة هوارة، من أمهم تَصُگّي العرجاء، بنت زحيگ بن مادغيس الأبتر. أمّا بلاد گَوگَو Gawgaw، فهو الإسم الذي أطلقه الجغرافيون المسلمون على مدينة گاو Gaw، التي تقع اليوم جنوب شرقي تمبكتو، على نهر النيجر، في دولة مالي. والكاف الأعجمية التي ذكرها ابن خلدون هي حرف: G الفرنسي، ويكتبها ابن خلدون: گ. ومن هوّارة الملثّمين أيضا: شعب أَزگار (ويُنطق اسمهم أيضا: أَجر، أَزدجَر)، وهم سكان إقليم تاسيلي-ن-اَجر، الممتد في جنوب الجزائر وليبيا، وقد ذكرهم الإدريسي في (القرن 12م)، فقال: ومن مدينة تِساوة إلى قبيل من البربر في جهة المشرق، نحو من اثني عشر يوماً ويسمون: أزگار، وهم قوم رحالة، وإبلهم كثيرة وألبانهم غزيرة، وهم أهل نجعة وقوة وبأس ومنعة، لكنهم يسالمون من سالمهم ويميلون على من حاولهم، وهم يصيفون ويربعون حول جبل يسمى طنطنة إهـ. وذكرهم ابن سعيد المغربي في (القرن 13م)، فقال: وفي جنوبي فزان وودان مجالات أزگار وهم برابرة مسلمون أحذق خلق الله في خط الرمل، وفي جنوبه بالغرب من خط الإقليم الثالث جبل طنطنة، وهو كبير يمتد من الشرق إلى الغرب نحو ست مراحل. وفي شماليه عيون تنحدر منه وتحتها مروج ينبت فيها حشيش كثير يرتاده البرابرة والعربان وتقع الحرب عليه، وفي أسفله معدن حديد جيد إهـ. وجبل طنطنة هو جبل تاسيلي ناَجر (تاسيلي-ن-اَزگار)، وقد ذكرناه فيما سبَق. ومما يؤكد ما ذهب إليه ابن خلدون، من انتماء قبائلِ أَهَگّار وأَزگار إلى هوّارة، أن نُبلاء أَزگار يطلقون على أنفسهم إلى اليوم لقب: إوراغن، ومعناها: بنو أوريغ، وأوريغ هو والد هوّار كما ذكرنا سابقاً. وللعلم، فإنّ قبيلة توارگ كل أوي في جبال أهير (أَيَر)، في شمال النيجر، تدّعي أنها تنحدر من الإوراغن أيضاً.
وهؤلاء الهگارة اليوم، هم طوارق إموشاغ، أهل جبال الهقار وجبال الطّاسيلي (أَهَگّار وتاسيلي)، المنتشرون في الجزائر والنيجر وليبيا، ويطلق عليهم بالأمازيغية اسم: توارگ Twereg، وهم: Les Numides du Sud على عهد الرومان، ويُسمون أنفسهم: إموهاغ، وهي نفسها لفظة: إمازيغ، ويُسمّون لغتهم: تاماهاقت، وهي نفسها لفظة: تامازيغت. ومفرد كلمة إِموهاغ هو: أمَهَّاغ (أَمازيغ).
وذكر ابن خلدون من هوّارة الملثمين، قبيلة: زغاوة، وهم بنو زگّاو (زغاو) بن هوّار. وقد عدّ النّسّابون البربر زغّاوة في بطون البربر، وعدّهُم ابنُ خلدون في بُطون البربر أيضا، رغم أنّه عدّهم في موضع آخَر في شعوب السّودان، وإلى الآنَ يعدُّهم علماء اللّغة في بطون زنوج التوّبو. قال ابنُ خلدون: هذه الطّبقة من صنهاجة هم الملثّمون الموطنون بالقفر وراء الرمال الصحراوية بالجنوب .. وتعددت قبائلهم من گِدالة فلمتونة فمسوفة فوتريكة فتارگة فزغّاوة ثم لَمطة إخوة صنهاجة، كلهم ما بين البحر المحيط بالمغرب إلى غدامس من قبلة طرابلس وبرقة إهـ. ومواطن زغّاوة تحاذي بلاد فزان من الجنوب، وتقع اليوم في جنوب ليبيا وشمال تشاد.
وذكر المؤرخ الأفريقي المعاصر J.K. Zerbo-في:L’histoire de l’Afrique noire-أنّ زغاوة هم مؤسسو مملكة كانم-بورنو في جبال تبستي، وحول بحيرة تشاد في (القرن 10م)، وأنّ شعب هذه المملكة كان من الزنوج المستقرين، ثم نزل عليهم الزغاوة من الطّوارق الرّحل في (القرن 9م)، وأخضعوهم. وذكر أنّ الروايات الشعبية المحلّية تقول بِأنّ ملوك الكانم كانوا رجالا حُمْراً ملثمين إهـ. كما يُطلق اسم زغّاوة اليوم على فرع من الوادّايا الموطنين في شرقي تشاد، وهؤلاء الودّايا هم خليط من عرب الحسانية من المعقل، وبربر زغّاوة، وزنوج كانم-بورنو. ومن جهة أخرى، فإن الزغاوة يشكلون مع الگوران Guran (الدازا رعاة البقر)، والتيدا (رعاة الجمال)، الفروع الثلاثة لشعب التوبو، الذي يرى الكثير من المُختصّينَ، القدماء والحديثون، أنّهم خليط من البربر والزنوج. ويترحل التّوبو اليوم بين واحات فزان الليبية وبحيرة تشاد، ويأوون إلى جبال تبستي. ومن جهة ثالثة، فالزّغّاوة هم السّكان الأصليون لإقليم دارفور السوداني، الذي كان في ما مضى جزءا من مملكة كانم-بورنو. وذكر الإدريسي من مدن زغاوة: شاما وتاگوا Tagwa، ويُسمّيها ابنُ خلدون وابن سعيد: تاجوة، وذكر أن مع زغاوة فرقة من بربر سدراتة، من لواتة، فقال: وبها قوم رحّالة يسمون سدراتة، يقال إنهم برابر، وقد تشبهوا بالزغاويين في جميع حالاتهم، وصاروا جنساً من أجناسهم، وإليهم يلجؤون فيما عَنّ لهم من حوائجهم وبيعهم وشرائهم إهـ، وذكر كذلك أن تاگوة قبيلة من زغاوة، وأنّ أهالي شاما انتقلوا فيما بعد إلى گَوگَو (گاو). وكانَ من زغّاوة أيضاً عائلاتٌ دخلت جزيرة صقلّيَة بعدَ فتحِها. قالَ الدّكتور إحسان عبّاس-في: العرب في صقلّيَة-: وبين سكان بلرم من أصحاب الأملاك أو الشهود الواردة أسماءهم في الوثائق .. أسماء بربر من هوارة ولواتة وزغاوة وزناتة إهـ.
المصدر: مأخوذ من أعمال الأُستاذ الجزائريّ عليّ بو زيّان الرّشاشيّ اللّمّوشيّ الشّاويّ الخنشليّ الأوراسيّ السّلفيّ.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
--هوَارة التّلول الإفريقيّة (تونس وشرق الجزائر ذكر ابنُ حوقل في (القرن 10م)، مدينة مرماجنة التّونسيّة، التي تقع شمال شرقي مدينة تبسة الجزائريّة، فقال: ومنها إلى مرماجنة مرحلة، وهي لهوّارة، وفيها أسواقٌ حسنة إهـ. وذكرها الإدريسي في (القرن 12م)، فقال: ومنها إلى مرماجنة، وهي قرية لهوارة إهـ. وذكرها ياقوتُ الحموي في (القرن 13م)، فقال: مرماجنة: بالفتح ثم السكون وبعد الألف جيم ونون مشددة: قرية بإفريقية لهوارة قبيلة من البربر عن أبي الحسن الخوارزمي، وقال المهلبي بين مرماجَنة وا لأربس مرحلة إهـ. وقال ابن خلدون: بأرض التلول من أفريقية، ما بين تبسة إلى مرماجنة إلى باجة، ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة والزي وسكنى الخيام وركوب الخيل، وكَسبِ الإبل وممارسة الحروب، وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف كل تلولهم. قد نسوا رطانة البربر، واستبدلوا منها بفصاحة العرب فلا يكاد يفرق بينهم. فأولهم مما يلي تبسة: قبيلة ونيفن، ورئاستهم لهذا العهد في ولد بعرة بن حناش، لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن بعرة، ثم لأولاد زيتون بن محمد بن بعرة، ولأولاد دحمان بن فلان بعده. وكانت الرياسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن، ومواطنهم ببسائط مرماجنة وتبسة وما إليهما. ويليهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم يعرفون بقيصررن، ورئاستهم في بيت بني مُؤمن، ما بين ولد زعارع وولد حركات، ومواطنهم بفحص أُبَّة وما إليها من نواحي الأربس. وتليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون بنصورة، ورئاستهم في بيت الرمامنة، لولد سليمان بن جامع منهم. ويرادفهم في رياسة نصرة قبيلة وربُهامة، ومواطنهم من تبسة إلى حامة إلى جبل الزنجار إلى إطار عَلَى سَاحل تونس وبسائطها. ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوّارة يعرفون ببني سليم، ومعهم بطن من عرب مضر من هذيل بن مدركة بن إلياس، جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب، واستوطنوا بهذه الناحية من أفريقية، واختلطوا بهوّارة وصاروا في عدادهم. ومعهم أيضاً بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم، وجروا على مجراهم من الظعن والمغرم. ومعهم أيضاً بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب. ويقولون: هو حبيب بن مالك. وهم غارمة مثل سائر هوّارة. وضواحي أفريقية لهذا العهد معمورة بهؤلاء الظواعن. ومعظمهم من هوّارة. وهم أهل بقر وشاء وركوب للخيل وللسلطان بأفريقية، عليهم وظائف من الجباية، وضعها عليهم دهاقين العمال بديوان الخراج، قوانين مقررة وتضرب عليهم مع ذلك البعث في غزوات السلطان بعسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان متى استنفروا لذلك. ولرؤسائهم آراء قاطعات ومكان في الدول بين رجالات البدو، ويربطون هوّارة بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس إهـ.
فأمّا ولد بعرة بن حنّاش، فهم قبيلة الحنانشة الشّاوية الكبيرة، التي تعيش في نواحي سوق آهراس، على الحدود التّونسيّة الجزائريّة. وأمّا ولد حركات، فهم قبيلة الحراكتة الشّاويّة، التي تمتدّ مواطنها من السّفوح الشّمالية لأوراس إلى السهول الواقعة شماله. وأمّا قبيلتا هذيل ورياح العربيّتَين، فما زالتا بمواطنِهما إلى اليوم أيضا.
وَإلى هوّارة التّلول أيضا، ينتسب أيضا بنو أَداسة، وكثير من الكُتّابِ يذكرون أن هناك علاقة بين بني أَداسة هؤلاء، وبين النّمامشة والحراكتة والحنانشة المنحدرين من هوّارة. قال ابن خلدون، نقلا عن أبي مُحمّد بن حزم الأندلسي: (وأما شعوب البتر) وهم بنو مادغيس الأبتر فيجمعهم أربعة أجذام [أصول كبيرَة]، وهي: أَداسة ونفوسة وضريسة وبنو لوّا الأكبر، وكلّهم بنو زحيگ بن مادغيس. فأما أَداسة بنو أَداس بن زحيگ فبطونهم كلها في هوّارة، لأن أُمّ أَداس تزوجها بعد زحيگ، أوريغ ابن عمّه برنس، والد هوّارة، فكان أَداس أخاً لهوّارة، ودخل نسب بنيه كلهم في هوّارة، وهم: وشتاتة وأندارة وهنزونة وصنبرة وهرّاغة وأوطيطة وترهُنة، هؤلاء كلهم بنو أَداس بن زحيگ بن مادغيس وهم اليوم في هوّارة إهـ. وذكر المؤرخ الفرنسي E. Mercier أنّ بني أداسة، أو الأدايسية، هم بنو عداس، أو العدايسية، المشهورون، والمعروفون في كامل التّراب التّونسي وشرق الجزائر، بأنهم قوم دُهاة ماكرون مخادعون فاسدون غشّاشون مُهرّبون، بحيث أن رجلا واحداً منهم يمكنه خلق قرية خيالية! وأنّهم هُم الذين كانوا يأتون من تونس إلى قبائل عمالة قسنطينة، ويحترفون مهنة الوشم، وهم يشبهون إلى حدّ ما الغجر البوهيميينGitans bohémiens في تشِكُسلوڤاكيا إهـ.
وذكر البكري فرقة من وشتاتَة في شَمالي فاس في (القرن 11م)، وما زالت لهم بقية في القُطرِ التّونسي اليوم، وتقعُ مواطنُهُم جنوبي مدينة القالة الجزائريّة، قريباً منَ الحدود معَ الجزائر. ومنهم طائفةٌ أُخرى، موطّنة شمالي مدينة باجة، ويُسمّون جميعُهُم وشتاتة. وقد ذكر ابن خلدون أن مواطنَهُم ومواطنَ عجّيسة، كانت تشكل حداًّ بين بلاد أفريقية (تونس) وعمالة بجاية (الجزائر)، فقال: كانت الدعوة الحفصية بإفريقية قد انقسمت بين أعياصهم في تونس وبجاية وأعمالها، وكان التخم بينها بلد عجّيسة ووشتاتة إهـ.
ودخلت جزيرة صقلّيَة بعدَ الفتوحات، عائلاتٌ من أندارة من أداسَة. قال الدّكتور إحسان عباس-في: العرب في صقلية-: وأسماء الأماكن الواقعة بين مازر ولقاطة، تدل على القبائل البربرية، فهناك: أندراني وگرگود ومزيزينو وحجر الزناتي ومليلي، وكلها أسماءُ أماكن تشير إلى القبائل البربرية: أندارة ومزيزة وزناتة ومليلة إهـ.
ومن هوارة أيضا قبيلة فـزّارة، قومُ عكاشة الفزّاري الخارج على الأمويين بنواحي قابس. قال ابن خلدون: وهوّارة يومئذ خوارج على الدولة، منهم: عكاشة بن أيوب وعبد الواحد بن يزيد إهـ. وقد ذكر الإدريسي هذه القبيلة في (القرن 12م)، فقال: من قافز إلى طلميثة [پتوليميس] إلى لُكّ، هي لقبيلة من البربر متعرّبين، يُقال لهم: مزاتة وزنارة وفزّارة، وهم يركبون الخيول ويعتقلون الرماح الطوال، ويحمون تلك الأرض عن العرب أن تدوس ديارهم، ولهم عزة ونخوة وجلادة إهـ. وبعدَ تغلّب العربِ من سُليم وهلال على مجالات البربر ببرقة وسائرِ بلادِ المغربِ، انقسمت قبيلة فزّارة إلى قِسمين كبيرين، انتقل أحدهما إلى عمالة قسنطينة، بالمغرب الأوسط (الجزائر)، حيث ذكر الكاتب الفرنسي Carette أنّهم موطّنون اليوم جنوب شرقي عنابة، وفي تُرابِهم تقعُ البحيرة المالحة المُسمّاة باسمهم، ومن هؤلاء الأخيرين فرعٌ بنواحي القالة. وانتقل القسم الآخَر إلى مصر، حيث ذكر القلقشندي-في: قلائد الجُمان-، نقلا عن الحمداني-في: مسالك الأبصار-أنّ منازلههم [ومنازل سائر إخوانهم من هوّارة] بالديار المصرية: البحيرة، ومن الإسكندرية غرباً إلى العقبة الكبيرة من برقة إهـ. وأضاف القلقشندي: ولم تزل منازلهم [أي: سائر هوّارة] بالديار المصرية على ما ذكر إلى أثناء الدولة الظاهرية (برقوق)، فغلبهم على أماكنهم من البحيرة جيرانهم من زنّارة [من بربر لواتة] وحلفائها من بقية عرب البحيرة، فخرجوا منها إلى صعيد مصر إهـ. (أنظر لاحقا، تحت عنوان: هوّارة الصّعيد).
ومن هوارة أيضا قبيلة مغافرة، قوم أبي الخطّاب عبد الله بن السّمح المغافري، الذي ثار في قبائل هوّارة وزناتَة الإباضية في نواحي طرابلس، وقضى على قبيلة ورفجّومة، التي فعلت الأفاعيل في مسجد القيروان عام 758م-760م. وقَد سقطت نُقطة الغين في كثيرٍ من الكُتُبِ، فَصُحِّفَت: عيناً، فقيلَ: مُعافريّ، ونُسِبَ أبو الخطّاب عبد الله بن السّمح، خطأً، إلى المعافر، من عَربِ اليَمنِ، القحطانيّة، وهُم بنو يعفر بن مالك بن الحرث مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، والصّحيحُ أنّهُم من هَوّارة، وقَد ضبطَ ابنُ خلدون اللفظة بِحرفِ الغين. وذكر Carette أنّ مواطنَ قبيلة مغافرة، فتقع في الصّحراء المغربيّة المحاذيّة للمحيط الأطلسي، إلى الجنوب قليلا من رأس أبي جادور. وذكر السّلاوي أنّ المولى إسماعيل العلوي نقلَ عَربَ السّوسِ، الذين وطّنهُم السّعديّون ببسيط أزغار، إلى وجدة في (القرن 17م)، وخلطهم بإخوانهم المغافرة والودّايا، وصيّر الجميع جيشاً واحداً-ظّناًّ منهُ أنّ المغافرة من عرب المعقل-.
ويوجد اليوم جبل، شمال شرقي قالمة، يحمل اسم: هوّارة، كما توجد في بلاد قبيلة السَّگنيّة Segnya الواقعة جنوبي قسنطينة، آثار تحمل اسم: أبيار هوّارة، وكلا المنطقتين كانتا من مواطن هوّارة فيما مضَى، ولا تزال!
--هوّارة جبال أوراس والزّاب، الشاوية: وهوّارة هيَ من القبائل التي أطلق عليها العرب اسم الشاوية، شأنهم شأن زَناتَة ولواتة، لاتخاذهم الشاة وتعاهدهم لها، مثل هوّارة الشاوية الأمازيغ بجبل أوراس في الجزائر، وهوّارة الشاوية المستعربين بسهول الأطلسي في المغرب الأقصى. وقد ذكرَ الحميري-في: الروض المعطار في خبر الأقطار-أنّ هوّارةَ هُم من أطلقَ على جبل أوراس هذا الإسم. وذكرَ اليعقوبي مدينة تيهرت في (القرن 9م)، فقال: وشرب أهل مدينة تاهرت من أنهار وعيون، يأتي بعضها من صحراء، وبعضها من جبل قبلي. يقال له گزول. لم يجذب زرع ذلك البلد قط، إلا أن يصيبه ريح أو برد. وهو جبل متصل بالسوس، يسميه أهل السوس: درن، ويسمى بتاهرت: گزول، ويسمى بالزاب: أوراس إهـ. وذكرَ هوّارة أوراس، فقال: والزاب بلد واسع، فمنه مدينة قديمة يقال لها باغاية ... حولها قوم من البربر من هوارة، بجبل جليل يقال له أوراس، يقع عليه الثلج إهـ. وذكر ابن حوقل مدينة باغاي في (القرن 10م) فقال: وجبل أوراس منها على أميال وفيه الميّاه الكثيرة والعمارة الدّائمة وأهله قومُ سوءٍ وطوله نحو اثني عشر يوماً، وهم مستطيلون على من جاورهم من البربر إهـ. وقال أيضا: ومنها [أي: مدينة باغاي] إلى دوفانة إلى قرية بجبل أوراس لها سكّان من اللّهّان والبلد لهم ولبني عمّهم من اللّهّانيّين مرحلة، ومنها إلى دار ملّول إهـ. وقد عدّ ابنُ حزم وابنُ خلدون وسائرُ نسّابة البربرَ، لهّانَة هؤلاءِ في بطون هوّارة. وذكر البكري في (القرن 11م)، منطَقة تهودة، التي تقوم فيها اليوم مدينة سيدي عقبة، فذكرَ أنّ سُكّانَها كانوا في حرب ضروسٍ مع قبيلَتَي هوّارة ومكناسة، جيرانهم في الشَّمال، أي في السفوح الجنوبية للأوراس، وذكر أن جبل أوراس فيه قصور كثيرة تعود كلها لقبيلتَي هوّارة ومكناسة، وأنهم على مذهب الخوارج الإباضية. وهذا مُلَخَّصُ كلامه: ومن أدنة إلى مدينة طبنة مرحلتان ... ثم تمشي ثلاث مراحل في مساكن العرب وهوّارة ومكناسة وكَبّينة ووارَگلة، يطل عليها وعلى ما والاها جبل أوراس، وهو مسيرة سبعة أيام، وفيه قلاع كثيرة يسكنها قبائل هوّارة ومكناسة وهُم على رأي الخوارجِ الإباضيّة ... وفي هذا الجبل كان مستقر الكاهنة، إلى مدينة باغاية، وهي حصن صخر قديم حوله ربض كبير من ثلاث نواح، وليس فيما يلي الناحية الغربية ربض، إنما يتصل بها بساتين ونهر، وفي أرباضها فنادقها وحماماتها وأسواقها، وجامعها داخل الحصن، وهي في بساط من الأرض عريض كثير المياه، وجبل أوراس مطل عليه ... وأهلهُ كلهم اليوم على رأي الإباضية إهـ. وتقع أطلالُ طبنة اليوم غربي جبل أوراس، جنوبي بريكة، وكان تترحّلُ في نواحيها وما يليها من بلادِ الزّابِ، قبائل كثيرة من هوّارة، فقد ذكر اليعقوبي في (القرن 9م) قبائلَ من هوّارة نواحي مدينة أربة، آخر مُدن الزّاب، فقال: ومدينة أَحة، وهي على الجبل، وخالف أهلها على ابن الأغلب، وكان من خلفه قوم من هوارة، يقال لهم بنو سمعان، وبنو ورجيل [بنو ورجين، عند ابنِ خلدون] وغيرهم. ومدينة أربة وهي آخر مدن الزاب مما يلي المغرب في آخر عمل بني الأغلب، ولم يتجاوزها المسودة [العبّاسيّون] إهـ. وقد أشارَ البكري إلى قبائل هوّارة هاته في (القرن 11م)، في قوله: ومن أدنة إلى مدينة طبنة مرحلتان ... ثم تمشي ثلاث مراحل في مساكن العرب وهوارة ومكناسة وكَبّينة ووارگلة. يُطِلُّ عليها وعلى ما والاها جبل أوراس إهـ. وكانت مدينة طُبنة المذكورَة، في مجالات بني گَهلان من هوّارة، وكانَ لهُم مع أبي يزيد النّكاري الخارجي دور كبير، في حروبه ضد ولاة العباسيين ببلاد المغرب، حيث اجتمعوا إليه مع سائر بطون هوّارة، من مواطنهم بجبل أوراس ومرماجنة بتونس، وفعلوا الأفاعيل. قال ابن خلدون: وكان من أظهرهم في تلك الفتنة بنوگهلان، ولما هلك أبو يزيد كما نذكره سطا إسمعيل المنصور [الحاكم الفاطمي] بهم وأثخن فيهم، وانقطع ذكر بني گهلان إهـ. وذكر ابن الصغير-في: أخبار الأئمة الرستميين-إماما من أئمة الإباضية، أصله من هوّارة أوراس، وهو: هود بن محكم بن هود الهوّاري، صاحب كتاب: تفسير كتاب الله العزيز، وذكر أن أباه الشيخ مُحَكَّم بن هود كان عالما جليلا وقاضيا فحلا، عينه الإمام أفلح، حاكم الدولة الرستمية قاضياً بمدينة تاهرت، عاصمة الدولة الرستمية. وذكر الإدريسي مدينة باغاي في (القرن 12م)، فقال: ويتصل بها وعلى أميال منها جبل أوراس، وطوله نحو من اثني عشر يوماً، وأهله مسلطون على من جاورهم إهـ. وقال أيضا: وبين دار ملول ونقاوس ثلاث مراحل، وجبل أوراس منها على مرحلة وزائد، وكذلك من دار ملول إلى الضلعة ثلاث مراحل. في أهله نخوة وتسلط على من جاورهم من الناس. أمّا بن خلدون فقد قال عن هوّارة أوراس: كان لهوّارة هؤلاء بأفريقيا ظهور وعدد منذ عهد الفتح... وبقي منهم فُلٌّ بجبل أوراس وما بعده من بلاد أفريقيا وبسائطها إلى أُبَّة ومرماجنة وسبيبة وتبرسق، ولَمَّا انقرض ملك صنهاجة بني زيري... وتغلب الأعراب من هلال وسُلَيم على سائر النواحي بأفريقيا، وكثّروا ساكنها وتغلبوا عليهم، أخذ هذا الفُلّ بمذهب العرب وشعارهم وشارتهم في اللبوس والزي والظعون وسائر العوائد، وهجروا لُغتهم العجمية إلى لغتهم ثم نسوها كأن لم تكن لهم شأن المغلوب في الاقتداء بغالبه. وهوّارة المستعربون المقصودون في كلام بن خلدون، هم هوّارة سهول تونس، والسهول الواقِعَةِ شمالي وشرقي أوراس، أي شرق وجنوب شرق عمالة قسنطينة، في حين أن من بقوا في الجبال حافظوا على ما بقي من لغتهم. ويعتقد أن بن خلدون، الذي لم يتوغل في جبل أوراس، لما رأى هوّارة هؤلاء في زي العرب ولغتهم، ظن أن جميعهم استعربوا، في حين أن من بقي منهم منعزلا في الصحراء وجبل أوراس حافظ على لغته، ويؤيد ذلك ما قاله الكاتب الفرنسي Charles Feraud، أنه لما تغلب الأعراب من هلال وسُلَيم على نواحي أفريقيا، وكثروا ساكنيها وتغلبوا عليهم، وأخذوا بمذهب العرب وشعارهم، كما ذكر بن خلدون، كانت هناك بعض العائلات المنتمية لقبيلة هوّارة قد اعتصمت بجبل أوراس، وحافظت على لغتها وعاداتها وتقاليدها، وكانت تشاهد عن كثب الصّراع الذي حدث بين المغلوبين من إخوانِهم، والغالبين من عرب هلال وسُلَيم، ثم نزلوا إلى السهول ثانية وعمروها، وهذا مما يفسرتشابه أسماء المناطق والقبائل والعلاقة الوطيدة بين البعض من قبائل السهول وقبائل الجبال. وذكر الحسن الوزّان (ليون الأفريقي) جبل أوراس في (القرن 16 م)، فقال: هو كتلة جبليّة شاهقة، أهلها مغفلون، ولصوص فتّاكون.. لا يستطيع أحدٌ أن يتّصل بسكان جبال الأوراس، لأنّهم لا يريدون أن تُعرف مسالك جبالهم، اتقاء من أعدائهم الأعراب ومن الأُمراء المُجاورين لهُم. قال المؤرخ الفرنسي Ernest Mercier: هوّارة الذين يتوزّعون ما بين الهضاب الواقعة شمال شرقي أوراس إلى جنوب عنّابة، بدؤوا يستعربون باحتكاكهم مع العرب ليأخذوا أسماء جديدة (الحنانشة، النمامشة، الحراكتة) إهـ، وقال في موضعٍ آخَرَ: نذكر خصوصا في عمالة قسنطينة: النمامشة، الحنانشة، الحراكتة، ثلاث قبائل تكوّنت من هوّارة وتسيطر على الهضاب الواقعة بين تبسّة، قسنطينة وباجة إهـ، وزاد في موضعٍ آخَرَ: على الهضاب الشّرقيّة، تنتشر قبائل بربريّة مستعربة جديدة، وهي التي تكلّمنا عنها: الحنانشة، النمامشة (اللمامشة)، الحراكتة، تكونت من نفزاوة وهوّارة. فأمّا الحنانشة، فقد ذكرناهُم آنفاً في هوّارة التّلول، وهُم قبيلة شاويّة كبيرة، كانت زعامتها في نهاية العهد العثمانيين وبداية الاحتلال الفرنسي لعائلة الحرار، وهم بلا شكّ، بنو بعرة بن حنّاش بن ونّيفن الهوارة، الذين ذكرهم ابن خلدون، وهُو القَولُ الذي أخذَ بهِ الكاتب العسكري الفرنسي Feraud، والذي ذهب إليه De Slane أيضاً، في ترجمته لجزء تاريخ البربر، من تاريخ ابن خلدون. وقد أخطأ الرّحالةُ الإسپاني Marmol فعدّهُم في بُطونِ العربِ الدّاخلين أفريقيَة في (القرن 11 م)، والتَبَسَ عليهِ الأمرُ، فظنّهُم أولاد حنّاش، من بُطونُ عَيّاض، من قبائلِ الأثبِجِ الهلاليّة، الموطّنة بجبل القلعة. وأخذَ Carette برِوايَة Marmol، هُو الآخرُ، وتبعهُ في ذلك كثيرٍ مِمَّن كتب عن الحنانشة. وكانَ جدّهُم أبو الطّيّب بعرة بن حنّاش بن ونّيفَن، شَيخَ قبائلِ هَوّارة، قد أبلى بلاءً حسناً في معركَة وادي شبرو العنيفة، التي وَقَعَت في نواحي تبسة، بين جيوش الموحّدين وحلفائهم من عرب بني عوف بن سُليم من جهة، وجيوش ابن غانية المايوركي المرابطي، وحلفائه من عرب الذواودة المرداسيين، من قبيلة رياح الهلاليّة، ومن معهم من بربر هوّارة، من جهة أخرى. وانهزمت إذاكَ جيوش بن غانية، وفرّ هُوَ إلى جهة طرابلس، وأصبح يردد الغارات على جيوش الموحّدين، وهزمهم في كثير من المعارك، إلى أن هلكَ، وانمحَت فتنتُهُ بهلاكِهِ. وبَقِيَ بنو هّوّارةُ على ثورَتِهم، وكانوا من قبل قَد خضَعوا للموحّدين في تونس، ولما انتقلت السّلطة إلى بني عمومتهم الحفصيين ظهر منهم بعض التّمرّد وامتنعوا عن آداء المغرم، وأضرّوا بحركات القوافل، فخرج إليهم السّلطان أبو زكريّا من تونُس في عام 1238 م، وبعث لهم يخبرهم أنه يريد أن يستعين بهم لحرب أهلِ أوراس، فتوافدوا عليه في معسكره ففتك بهم قتلاً وسبياً، واغتصب أموالهم، وقتل كبيرهم أبا الطيب بعرة بن حناش، وأفلت من أفلت منهم ناجياً بنفسه، واستقاموا بعد ذلك على الطاعة. وكانت هذه الواقعة بنواحي تيفاش من أرض هوّارة، وتقعُ هذه المدينة اليوم جنوبي سوق آهراس، قُرب وادي ملاّق، في شرق الجزائر، وكانَ البكري قد ذكر هذه المدينة في (القرن 11 م)، فقال: بينها وبين الأُربس مرحلة، وهي بقرب ملاّق، وهي مدينة أولية شامخة البناء وتسمى تيفاش الظالمة، وفيها عيون ومزارع كثيرة، وهي في سفح جبل وفيها آثار للأول كثيرة. وذكرها الحسن الوزّان (ليون الأفريقي) في (القرن 16 م)، فقال: وأخيراً بقيت في ملك إحدى القبائل الأفريقية، تدعى هوّارة، ولا تستعملها إلا كمستودع لحبوبها. وذكرَ بن عبد المنعم الحميري هذه المدينة في (القرن 15 م)، وذكر وقيعة السّلطان الحفصي بهوّارة، فقال: وإليها ينسب مؤلف كتاب: مشكاة أنوار الخلفاء وعيون أخبار الظرفاء، عمر التيفاشي، وهو كتاب مطول حسن ممتع ضاهى به عقد بن عبد ربه فأبدع، وله: قادمة الجناح في آداب النكاح. وبأرض تيفاش كانت الوقيعة العظيمة لسلطان إفريقية الأمير أبي زكريا على هوارة في سنة 636 هـ (1238 م) بمقربة من جبل أوراس، وكانوا طغوا وبغوا وصارت لهم شوكة ومنعوا الحقوق للسلطان. وكانوا قد هاجموا قافلة بن خلدون نفسه، في سنة 653 هـ (1255 م)، حيثُ قالَ: لما خرجنا من تونس نزلنا بلاد هوارة، وزحفت العساكر بعضها إلى بعض بفحص مرماجنة، وانهزم صفنا، ونجوت أنا إلى أُبَّة، فأقمت بها عند الشيخ عبد الرحمن الوشتاتي من كبراء المرابطين، ثم تحولت إلى سبتة. ومن الحنانشة فرعٌ مندرجٌ في قبيلة ريغة، الْمُوطّنة جنوب غربي مدينة لَمديّة، وجاء في الْمقالِ الذي كتبَهُ N. Lacroix، ونُشِرَ في المجلّة الأفريقيّة، أنّهُم كانوا في عام 1867 م يتبعونَ دائرةَ لَمديّة، وتقعُ مواطنُهُم بالضّفّة اليُمنى لوادي شلف، ويُعتقَدُ أنّ لهُم نفس المنحدر معَ الحنانشة المفاتحة، الْمُوطّنين بدائرة بوغار. ويروي شيوخُ القبيلةِ أنَّ أصلَهُم مِن طرابلُس، وأنّ جدّهُم مُرابطٌ يُدعى: سي زكري بن زدير، ثُمّ عاشَ مُدّة عندَ قبيلة وامري المجاورة؛ في حين تقولُ روايَة أخرى أنّ جدّهُم يُدعى: سيدي عبد الله القرّار، وأنّ أصلهُ من المغرب الأقصى؛ بينما تقولُ روايَة ثالثةٌ أنّ جدّهُم سيدي حنّيش، وأنّ أصلهُ من المغرب الأقصى، وهيَ الرّواية التي أخذَ بها Lacroix. وتنقسمُ هذه القبيلة اليوم إلى أربع فِرَقٍ، وهي: أولاد حَمّودة وأولاد بن عالية وذراع الصّأبون والغُندَر. و أمّا الحراكتة، فقد ذكرناهُم آنفاً في هوّارة التّلول، وهُم قبيلة شاويّة كبيرة. وقد أخطأ Feraud، وتبعه في ذلك الكثير ممن كتب عن الحراكتة، حيث قال عنهم: إنّ هؤلاء العرب الذين جاءوا مع بني هلال، تأثروا بالهوّارة الشاوية، وأخذوا عنهم نمط معيشتهم ولغتهم، ولم يحتفظوا من أصلهم العربي إلا باسم: حركات، القائد العربي السُّلَمي الذي أعطى اسمه للقبيلة. بَينَما يذهبُ بن خلدون إلى أنّ حركات، إِنَّما هُوَ هَوّاريّ ينتمي إلى بيت بني مومن، من فرع قيصرون، من بطن ونيفن، أحد أكبر وأشهر بطون هوّارة، وهُو الأصوبُ بلا شكّ. وتقول الروايات المحليّةُ أن أصل الحراكتة من الجنوب، رُبَما من جبل أوراس، وهي الرّواية التي أخذ بها Féraud، حيث ما تزال بعضُ بُطونِهم تسكن سفوح هَذا الجبل. وتنقسم قبيلة الحراكتة جُغرافيّا إلى ثلاثة أقسام، هي: حراكتة السّبايخ، حراكتة المعذر والجرمة، وحراكتة جبل الثّلاث، وتنتمي كل بطونها إلى أربعة من أبناء حركات، وهم: أولاد عيسى وأولاد الحاج وأولاد مخلوف وأولاد عدوان. فمن أولاد عيسى: أولاد عمارة وأولاد خنفر وأولاد سيوان، حول عين البيضاء وأم البواقي ومسكيانة، وهم حراكتة العواسي، أو حراكتة السّباخ (الشّطوط)، ويتبعون ولاية أم البواقي. ومن العواسي أيضا: الحراكتة المعاذير والحراكتة الجرامنة، بجبلِ بوعريف والشمُرّة وقصرو والجرمة والمعذر، ويتبعون ولاية باتنة. أما أولاد عدوان، فهم المعروفون بحراكتة الثلاث، وتقع مواطِنُهُم بجبل الثّلاث نواحي سريانة، ويتبعون ولاية باتنة أيضا. وتروجُ اليومُ شائعَةٌ مفادُها أنّ الحراكتة عربٌ هلاليّون ينحدرون من أولاد نايل من زُغبة، وأنّ جدّهُم هُوَ حركات بن زكري بن نايل، وأعتَقدُ أنّ النّوايل الموطّنين بينَ الحراكتة اليوم، هُم من وراء هذه الشّائعة، التي قد يجنون من جرّائِها بعضَ الامتيازات. ويضيف Feraud إلى قبيلة الحراكتة: قبيلة السگنية، والتي يُطلق عليها اسم: الخرارب، ومعناها: الفِرَق، وهي تنتمي مثلها مثل الحراكتة إلى قبيلة هوّارة، وتنقسم إلى بطون عديدة متحدّرة من أصول شتّى، وهي: السّلاوة، ويقولون أنّ أصلهُم من سوريا، والصّحيح أنّهم من منطَقة شلية بِجبل أوراس، وتعود أصولهُم البعيدة إلى نواحي سلا بالمغرب الأقصى؛ أولاد داود، وأصلهم من جبل أوراس؛ أولاد بوعافية وأولاد سي عمر، وأصلهم من قبيلة ريغة، الموطّنة جنوبَي سطيف؛ أولاد سي موسى المرابطي، وأصلهم من أوراس؛ سدراتا، وأصلهم من قبيلة سدراتا الصحراوية العريقة؛ أولاد قاسم، وأصلهم من الغرب؛ بني وجانة، وأصلهم من أوراس؛ زناگة، وتنحدر من قبيلة صنهاجة البربريّة العريقة؛ أولاد عياد، وأصلهم من مرابط سيدي مبروك في قسنطينة؛ النّوادرية، وأصلهم من مرابط مغربي؛ أولاد ملاّلة، وأصلهم من بني عباس، من بربر سدويكش، من كُتامة الموطّنين بجبل البيبان، في القبائل الصغرى؛ أولاد أمة الله (ماتلّة)، وأصلهم من أولاد مقران، قبيلة الشيخ المقراني، المنحدر من مقران، أخو الأمير عبد العزيز الحفصيّ، أمير قلعة بني عباس المذكورة. و ورَدَ في مقالين منشورين في المجلّة الأفريقيّة، للكاتبَين العسكريّين الفرنسيّين A. Vaissiére وE. Masqueray،أنّ قبيلة النّمامشة المشهورة، والتي تعتبر أكبر قبيلة ناطقة بالأمازيغية في العالم في العصر الحديث، والموطّنة في القسم الشّرقي لجبل أوراس، هي خليط من هوّارة وزَنَاتَة، ثُمّ نزل عليهم أولاد رشاش بن وشاح الهلالي، المنتسب في فرع دريد من الأثبج، من عرب بني هلال، واختلطوا بهم ونُسِبوا فيهم. واستنادا للروايات الشعبية، فإن الإخوة الثّلاثة: رشاش وبريش وعلوان، هم أجداد: الرشايش والبرارشة والعلاونة، الفروع الكبيرة الحالية لقبيلة النمامشة. وتمتدّ مواطن العلاونة بين وادي ثليجان جنوبي تبسة والحدود التونسية، وتمتدّ مواطن البرارشة على طول ضفاف وادي هلال، في حين تقع مواطن الرشايش في قسم من جبل ششار، وجبل المحمل، والصّحراء الواقعة جنوب شرقي أوراس. فمن العلاونة: أولاد سعد والزرادمة وأولاد المرع وأولاد حراث وأولاد بوقصة وأولاد يوكّس وأولاد العيساوي وأولاد شامخ وأولاد عون الله والجدور والجلامدة وأولاد موسى والفجوج. ومن البرارشة: أولاد خليفة والشعاشعة وأولاد شنينة وأولاد شكر وأولاد الأمير والفراجنة وأولاد سليمان وأولاد مبارك والفكارنة وأولاد ساسي وأولاد جلاّل وأولاد إبراهيم وأولاد بلحرّاث وأولاد عمُر وأولاد الجُرف وأولاد سعيدان وأولاد سي علي والزّرامّة وأولاد عطيّة وأولاد بويحيى وأولاد مسعود وأولاد حميدة وأولاد مراح. والعلاونة والبرارشة فقط ينحدرون من هوّارة، في حين أنّ أولاد رشاش عربٌ هلاليّون من دُريد، من الأثبج، وجدّهم رشاش، هو بن وشاح بن أحمد بن محمّد بن عثمان، عند Vaissière.
ويزيد Masqueray عن هذا، فيقول: محمّد بن عثمان بن طلاّل الكُدَيّ. وهذا النّسبُ مُستقً من الرّوايات المحلّيّة. أما ابن خلدون فينسبه هكذا: رشاش بن وشاح بن عَطوة بن عطيّة بن كمّون بن فرج بن توبة بن عطّاف بن جبر بن عطّاف بن عبد الله بن دريد بن الأثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر. ومهما اختلفت الرّوايات حول نسب رشاش، فهي مجمعة كلّها تقريبا على أنّ رشاش هو ابن وشاح الهلالي، كما ذكر ابن خلدون، حيثُ قال: مواطنهم [يعني: الأثبج الهلاليّون] حيال جبل أوراس من شرقيه ... وكان منهم: الضّحّاك وعيّاض ومقدّم والعاصم ولطيف ودريد وكرفة ... وأما دريد فكانوا أعز الأثبج وأعلاهم كعباً، بما كانت الرئاسة على الأثبج كلهم عند دخولهم إلى إفريقية لِحسن بن سرحان بن وبرة، إحدى بطونهم، وكانت مواطنهم ما بين العنّاب إلى قسطنطينة، إلى طارف مَصْقُلَة وما يحاذيها من القفر ... وكانوا بطوناً كثيرة ... من وَلَدِ عبد الله بن دريد ... وتوبة من ولد عبد الله ... وهو توبة بن عطّاف بن جبر بن عطّاف بن عبد الله ... ورياستهم في أولاد وشاح بن عَطوة بن عطيّة بن كمّون بن فرج بن توبة ... فأما أولاد وشاح فرئاستهم لهذا العهد، منقسمة بين سجم بن كثير بن جماعة بن وشاح وبين أحمد بن خليفة بن رشاش بن وشاح إهـ. وهؤلاءِ أولاد رشاش، هُم قبيلتُنا القاطنون بشرقي جبل أوراس. وطارف مَصقُلة، هي مدينة مَصكولَة الرومانية القديمة، التي سميت بعد ابن خلدون: عين خنشلة، وهيَ مدينة خنشلة الحاليّة، مركزُ ولايَة بجبل أوراس. وأوردَ Vaissière شجرَةً إفتراضيّة استقاها من الرّوايات المحلّيّة، مفادُها أنّ رشاش كانَ لهُ ولدان: زايد وغلاب؛ وكان لزايد ولدان: زايد وسليم، الذين أعطوا اسمهم لفروع أولاد زايد وأولاد سليم؛ وكان لغلاب ولدان: نابت ومقداد. مقداد هو الجد الأكبر للفرق الأربعة الحالية المسماة المقادة وهم: أولاد أحمد وأولاد بلقاسم، وهما ابنا علي بن خليفة بن عبد الجوّاد بن المبارك بن علي بن مقداد؛ أولاد سي ثابت بن علي بن المبارك بن علي؛ أولاد نصر بن عبد السلام بن علي بن مقداد. وأخيرا نابت هو الجد الأكبر للفروع الثلاثة المعروفة حاليا باسم: أولاد نابت، وهي: أولاد زيتون وأولاد عاشور والكياتة. فزيتون هُوَ ابنُهُ، وعاشور بن رابح هُو حفيدُه، في حين أن الكياتة ينحدرون من محيو بن نابت بالتبني، وتقولُ الرّواياتُ المحليّة أنّ محيو أصلُهُ روماني. وفي الكياتة بيوتٌ ذات أصلٍ رومانيٍّ أيضاً، وهُم: الخرابشة.
وورد في تقارير Sénatus-consulte أنّ قبيلة أولاد سُلطان الشّاويّة الموطّنة في جبل ششار، الواقع شرقي جبل أوراس، تنحدر من هوّارة، وتنقسم هذه القبيلة إلى ثلاث فرق كبيرة، وهي: البراجة وبني معافة وأولاد تيفورغ، وتعيش مع هذه القبائل الثّلاث قبيلة أخرى شاويّة كبيرة، تنحدر من هوّارة أيضا، هي قبيلة الأعشاش. وينقسمُ بنو معافة إلى قِسمين، وهُما: أولاد بويحيى بجبل ششار، من كاف علي إلى فم بابار؛ وأولاد مسيحل في تابردگة، وهُم: أولاد أحمد بن فاضل والميايصَة وزواگَة، ويندرجُ فيهِم الكرابدة، وهُم أولاد كربال، وأصلُهُ من أولاد حميدة، من البرارشَة، من النّمامشة. وينقسم أولاد تيفورغ إلى قِسمين، هُما: أولاد أحمد وأولاد عُثمان، ومحلاّتُهُم الشّتويّة (المشاتي) بجبل ششّار هي: زغلوش وعين خليفة وشبلة وعين ماضي ومزداوت وعين البيضاء وتيبرّانيّين وزكلال وخيران. وينقسمُ أعشاشُ جبل ششّار إلى قِسمين أيضا، وهُما: أولاد نصر وأولاد ثابت، فمن أولاد نصر: أولاد نصر بن علي وأولاد أبي علي وأولاد عمُر بن نصر وأولاد علي بن سالم وأولاد خميسة وأولاد أبي الضّيّاف، ومن أولاد ثابت: أولاد علي وأولاد الضّيف والدّعاعسة والخنافسة وأولاد عَقبة، ويُقال أنّ الخنافسة أصلُهُم من نواحي مدينة گرسيف، من مُدنِ مكناس، بالمغرب الأقصى. ومن الأعشاش هؤلاءِ فرقة بناحيَة سوق آهراس، من دائرة قالمة قديماً.
وورد في تقارير Senatus Consulte أيضا، أنّ قبائل: الأعشاش وأهل اولاش وأولاد سليمان، الأوراسيّة، تنحدر من المُسَمّى: سيّار (صيّار؟)، الذي ينتمي إلى قبيلة هوّارة. وتنقسم قبيلة الأعشاش إلى ثلاثة أقسام: قسم موطّن بجبل ششار؛ وقسم ثانٍ موطّن بالسّهول الواقعة شمالي أوراس، والممتدّة ما بين قرية الشمُرَّة وجبل بوعريف، إلى قرية تازولت (لَمبِيز)، شمال غربي مدينة باتنة؛ وقسم ثالثٌ موطّن بجبل لحمر خدّو، الواقع جنوب شرق أوراس، مع أولاد سليمان وأهل اولاش.
وربّما ينحدرون من هوّارة أيضاً: أهل قصر مشونش الشّاويّة بجبلِ أوراس، فإنّ بلادهم كانت على عهد البكري من مواطن هوّارة. وذكر De Slane في ترجمته لكتاب المسالك والممالك للبكري، أنّ قرية ملشون التي ذكرها البكري، رُبَما هي تحريف لاسم: مشونش.
ومن هوّارة أيضا: أهل قريَة غسيرة الشّاويّة بجبلِ أوراس، وتقعُ مواطِنُهُم على ضفاف الوادي الأبيض، في قلب جبل أوراس، وينقسمون إلى قسمين، هُما: أولاد علاّوة وأولاد الحاج وزّيني (وزّاني).
ــــــــ
فائـدة: ذكر Carette، أن الرّحّالة الإسباني Marmol في (القرن 16م) هو أول من استعمل كلمة شاويّة، وأطلقها على قبائل هوّارة وزناتة الموطّنة في سهول تامسنا، على المحيط الأطلسي. وهذا خطأ صريح، فقد أخذ مارمول هذا الإسم عنِ الحسّنِ الوزّان (ليون الأفريقي) الذي عاش في (القرن 16م)، والذي أخذها بدوره عن ابن خلدون الذي عاش في (القرن 15م)، حيث ذكر الأخير (ابن خلدون) قبائل لواتة وهوّارة وزناتة، وسمّاهم شاويّة، سواء منهُم الموطّنين في الجزائر أو في المغرب أو في مصر. فقال عن زناتة: زناتة بالمغرب، كانوا شاوية يؤدون المغارم لمن كان على عهدهم من الملوك إهـ، وقال عن هوّارة: فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أُكرَة وعبّارة وشاويّة إهـ، وقال عن هوّارة أيضا: فبايعه (أي: عبد الحق المريني) من الظواعن (أي: الرّحَّل) الشّاوية، والقبائل الآهلة (أي: المستقرة)، هوّارة وزگّارة إهـ، وقال عن لواتة: ومنهم أوزاع (أي: فِرَقٌ) مفترقون بمصر وقرى الصعيد شاوية وفلاحين إهـ. ومن الغريب أيضا، أنّ القبائل الشّاوية في أوراس اليوم، تنتمي كلها تقريبا إلى قبائل هوّارة وزناتة ولواتة. وهم سواء في الجزائر، أو في المغرب، أو في مصر، ينسبون أنفسهم إلى العرب، وقد رفض ابن خلدون هذا الإدّعاء، حيث قال: كما أن الشّاوية أهل القيام على الشاة والبقر، لما كان معاشهم فيها، فلهذا لا يختصون بنسب واحد بعينه إلا بالعرض، ولذلك كان النسب فيهم مجهولا عند الأكثر، وفي بعضهم خفيا على الجمهور. وربما تكون هذه السمات والشعائر في أهل نسب آخر (غير العرب) فيدعون باسم العرب، إلا أنهم في الغالب يكونون أقرب إلى الأولين (أي: غير العرب) من غيرهم، وهذا الإنتقال لا يكون إلا في أزمِنَةٍ متطاولة، ولذلك يعرض في الأنساب ما يعرض من الجهل والخفاء إهـ. وعن الشاويّة (في المغرب والجزائرِ) يُحدّثُنا الحسَنُ الوزّان (ليون الأفريقي)-في: وصف إفريقيا (طبعة دار الغرب الإسلامي)-فيقول-تحت عنوان: الشّاويّةُ أو رِعاءُ الشّاءِ، شعبٌ إفريقيٌّ يعيشُ عيشَةَ العربِ-ما نَصُّه: تشتغلُ كثيرٌ من القبائلِ الإفريقيّة بتربيّة الغنم والبقر، ولا تعملُ أيّ عملٍ آخرَ طول النّهار. يسكُن مُعظمهُم في سفح الأطلس وفي الجبل، ويُؤدّون الخراجَ أينما وُجِدوا للملِكِ أو للعربِ، باستثناءِ سُكّان تامسنا فهم أحرارٌ ذوو شوكةٍ يتكلّمون اللُّغة الأفريقيّة (الأمازيغيّة)، ويتحدّثُ بعضهم باللغة العربيّة لمجاورتهم للعرب وعلاقتهم معهُم، كَسُكّانِ بوادي الأربيوس في ضواحي تُونُس إهـ. ويقصِدُ بِسُكّانِ بوادي الأربيوس في ضواحي تُونُس، المُقيمين في شمال غربي دولةِ تونُس وشمال شرقي عمالة قسنطينة في دولَةِ الجزائر. ويُضيفُ الحسَنُ الوزّان (ليون الأفريقي): وهُناكَ جماعة أُخرى (منَ الشّاويّة) تُقيم في التّخوم بين تونس وبلاد الجريد، وكثيراً ما تجرّؤوا على مَلِك تونس وأعلنوا الحربَ ضِدّهُ كما حدثَ منذُ بضعِ سنوات إهـ. يعني المؤلّفُ هنا شاويّة الأوراس في جنوب شرقي عمالة قسنطينة. وقال السّلاّوي-في: الإستقصاء-: ولفظ الشاوية نسبة إلى الشاء، التي هي جماعة الغنم مثلا. قال الصِّحاح: والنسبة إلى الشاء شاوي، قال الراجز:
لا ينفع الشاوي فيها شاته ولا حماراه ولا علاته
وإن سميت به رجلا، قلت: شائي، وإن شئت شاوي إهـ (كلام الصّحاح). واعلم (يضيف السّلاّوي) أن الشاوية اليوم يُطلَقون على سكان تامسنا من قبائل شتى، بعضها عرب وبعضها زناتة وبربر، غير أن لسان الجميع عربي. وكان أصل جمهورهم من هؤلاء الذين ذكر ابن خلدون، ثم انضافت إليهم قبائل أخر، واختلطوا بهم فأطلق على الجميع شاوية تغليبا، وهكذا وقع في سائر عرب المغرب الأقصى الموطنين بتلوله، فإنهم وقع فيهم اختلاط كبير حتى نسوا أنسابهم وأصولهم الأولى، إلا في النادر. وذلك بسبب تعاقب الأعصار، وتناسخ الأجيال، وتوالي المجاعات والإنتجاعات ووقعات الملوك بهم في كثير من الأحيان، وتفريق بعضهم من بعض، ونقل بعضهم إلى بلاد بعض، ومع ذلك فأسماؤهم الأولى لا زالت قائمة فيهم لم تتغير إلى الآن، فمنها يهتدي الفطن إلى التنقير عن أنسابهم وإلحاق فروعهم بأصولهم متى احتاج إلى ذلك، والله تعالى أعلم إهـ.
ــــــــ
--هوّارة وسط وغرب الجزائر: ذكر اليعقوبي في (القرن 9م) مملكة لرجل من هوّارة، يدعى: ابن مسالة، فذكرَ أنّها تقع ما بين تاهرت وتلمسان، فقال: ومن مدينة تاهرت وما يحوز عمل ابن أفلح الرستمي، إلى مملكة رجل من هوارة: يقال له ابن مسالة الأباضي، إلا أنه مخالف لابن أفلح، يحاربه، ومدينته التي يسكنها يقال لها الجبل، منها إلى مدينة يقال لها يلّل تقرب من البحر المالح، مسيرة نصف يوم إهـ. ويلّل، هي اليوم: هيلّيل، وتقعُ بين مدينتَي غليزان ومستغانم، وقد ذكرها البكري أيضاً في (القرن 11م). فيكون هوارة هؤلاء، بلا شكّ، هوّارة تَسَگدالت، الموطّنون في الجبال بين مستغانم ومعسكر وغليزان، والذين ذكرهم البكري وابنُ خلدون، وكانت مواطنُهُم هناكَ تمتدّ بينَ واديَي هبرة وميناس، وكانت لهم فيها قلعة مشهورة باسمهم. قال البكري: وبغربَي مستغانم على ثلاثة أميال مدينة تامزغران .. وعلى مقربة منها قلعة هوّارة، ويُسمّونها: تَسَگدالت، وهي في جبل، لها ثمار ومزارع، وتحت هذه القلعة يجري نهر سيرات إهـ. وقال ابن خلدون: ومن أشهرهم [أي: قبائل هوّارة] بالمغرب الأوسط أهل الجبل المطل على البطحاء، وهو مشهور باسم هوّارة، وفيه من مسراتة وغيرهم من بطونهم، ويعرف رؤساؤهم ببني إسحق. وكان الجبل من قبلهم فيما زعموا لبني يلّومين. فلما انقرضوا سارَ إليه هوّارَة وأوطنوه، وكانت رئاستهم في بني عبد العزيز منهم. ثم ظهر من بني عمهم رجل إسمه إسحق، واستعمله ملوك القلعة، وصارت رئاستهم في عقبه بني إسحق واختطّ كبيرهم محمد بن إسحق القلعة المنسوبة إليهم. وورث رئاسته فيهم أخوه حيّون .. واتصلوا بالسلطان أيام ملك بني عبد الواد على المغرب الأوسط .. واستعمل أبو تاشفين من ملوكهم، يعقوب بن يوسف بن حيّون قائداً على بني توجين عندما غلبهم على أمرهم .. وبعد أن غلب بنو مرين بني عبد الواد على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن، عبد الرحمن بن يعقوب على قبيلته هؤلاء. ثم استعمل بعده عمّه عبد الرحمن، ثم ابنه محمد بن عبد الرحمن بن يوسف. ثم تلاشى حال هذا القبيل، وخفّ ساكن الجبل بما اضطهدتهم دولة بني عبد الواد، وأجحفت بهم في الظلامات. وانقرض بيت بني إسحق إهـ. وجاءَ بنو راشد، من بطونِ بني واسين، من زناتة، من مواطنِهِم الأولى، وتغلّبوا على الجبل والقلعة، وأصبحت القلعة قلعة بني راشد، وهي كذلك إلى اليوم، وفيها معهد لتدريس قراءات القرآن الكريم. وذكر الرّحالة أبو راس أنّ هذه القلعة تقعُ اليوم في إقطاع سويد، من قبائلِ زغبةَ العربِ الهلاليّين.
وذكر ابن حوقل في (القرن 10م) مدينة مسيلة، فقال: ومنها إلى المسيلة مرحلة وهي مدينة محدثة .. وعليها من البربر بنو برزال وبنو زنداج (زنداگ) وهوّارة ومزاتة إهـ. وذكر البكري هاته المدينة أيضا في (القرن 11م)، فقال: وحواليها قبائل كثيرة من البربر من عجيسة وهوارة وبني برزال إهـ. وذكرها الإدريسي أيضاً في (القرن 12م)، فقال: ثم إلى المسيلة .. وهي مستحدثة، استحدثها علي بن الأندلسي في ولاية إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب .. ويسكنها من البربر: بنو برزال وزنداگ وهوارة وسدراتة ومزاتة إهـ.
وكانت من هوّارة أُمّة كبيرة بجبل القلعة المُمتدّ بين الحضنة ومجانة، جنوبي سطيف وبرج بوعريريج، في مدينة يقال لها الغدير، ذكرها البكري في (القرن 11م) باسم: غدير ورّو، فقال: وسُكّانَها بنو يغمراسن من هوّارة يُعتدّون في ستّين ألفاً إهـ.
وذكر البكري مدينة تاهرت الحديثة في (القرن 11م)، فقال: في قبلتها لواتة وهوّارة في قرارات، وبغربيها زواغة وبجوفيها مطماطة وزناتة ومكناسة، وفي شرقيها حصن، هو تاهرت القديمة إهـ. وتوجد اليوم فرقة من قبيلة الحرار، جنوبي تاهَرت، تسمّى: شاوية، وفرقة أخرى تُسمّى: أولاد هوّار.
وقد ذكر Carette أنّ هوّارة من القبائل التي حملت اسم: شاوية، وهو يذهب إلى أنّ هوّارة تاهَرت وهوّارة القلعة تعودان في أصولهما إلى هوّرة جبل أوراس، الذينَ يعودون بدورهِم إلى إقليم طرابلُس، ثُمّ من إقليم بَرقَة شَرقَيه.
وذكر الإدريسي في (القرن 12م) أمّة من هوّارة بجبل ونشريس، ويذهب Carette إلى أنّ أصلهم من جبل أوراس أيضاً.
وسُمّيَت مدينة منداس، التي تقع اليوم جنوب شرقي غليزان، بِمنداس، من بطون هوّارة. قال ابن خلدون: (وأمّا موطن منداس) فزعم بعض الإخباريين من البربر، ووقفت على كتابه في ذلك، أنه سمّيَ بمنداس بن مغر بن أوريغ وهو هوار .. وكان لمنداس من الولد: شراوه وكلثوم وتوگّوم قال: ولما استفحل أمر مطماطة وكان شيخهم لهذا العهد يرهاص بن عصفراصن، فأخرج منداس من الوطن وغلبه على أمره، واعتمر بنوه موطن منداس ولم يزالوا به إهـ.
وكان تأسيس مدينة وهران عام 902-903م، على يد محمّد بن أبي عون الهوّاري، ومحمد بن عبدون، وجماعة من البحارة الأندلسيين. قال البكري: بناها محمّد بن أبي عون وجماعة من الأندلسيين البحريّين سنة 290هـ باتفاق مع نفزة وبني مُسگن Musg’en إهـ.
--هوّارة الأندلس: كان بنو هوّارة يُعدّون في (القرن 11م)، سادة وأصحاب شأن في شمال إسپانيا، كما تولوا القيادة العسكريّة في قرطبة وطليطلة وسواهما من المدن الإسبانيّة، ومنهم كان محمد بن أبي عون الهواري، مؤسس مدينة وهران، كما ذكرنا آنفا. قال ابن خلدون: ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق، رجالات مذكورون واستقروا هنالك، وكان من خَلَفِهِم: بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة (المرابطين)، وبنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم، واستضافوا معها طليطلة. وبنو رزين أصحاب السّهلة إهـ.
--هَوّارةُ صقلّيَة: ذكرَ ابنُ خلدون أنّ هوّارةَ شاركت في غزو جزيرة صقلية، مع الجيوش الإسلامية، وشهد فتحها منهم:زواوة بن نعم الحلفاء إهـ. وبعدَ الفتحِ أقامت بالجزيرة عائلاتٌ كثيرة منهُم، ذكرها إحسان عباس-في: العرب في صقلية، دراسة في التاريخ والأدب-، منها عائلات من بطن گرگودة بن قَلدَن إخوة هَوّارة، سُمّيَت بهِم منطَقة بينَ مازر ولُقاطة، وكانَ منهُم الشّاعرُ الگرگودي. قال إحسان عبّاس: وبين سكان بلرم من أصحاب الأملاك أو الشهود الواردة أسماءهم في الوثائق .. وأسماء بربر من هوارة ولواتة وزغاوة وزناتة إهـ ومنها عائلاتٌ من بطن مليلة، سُمّيَت بهِم أيضاً منطَقة بينَ مازر ولُقاطة. قال إحسان عبّاس: وبين الرقيق التابعين لسقف قطانية ومدينة لياج، أسماء أعلام بربرية من عائلات مثل: مكلاتة ونفزة ومسراتة، وأسماء منسوبة إلى مواضع أفريقية مثل: برقة وبونة وسوسة ومسيلة ومليلة؟ إهـ.
--هوّارة تيطري: ولهُم اليوم وطن باسمهم في جبل تيطري، جنوبي المدية، بينها وبين البرواقية. تحدهم من الجنوب ريغة وبنو حسن، ومن الشرق حسن بن علي، ومن الغرب ريغة أيضا، وهم مستعربون. وذكر ابن خلدون أنّ عبد الوهاب بن رستم، حاكم تاهَرت، قام عام 811م بنقل قسمٍ من هوارة طرابلس، وأسكنهم في تاهرت. وجاء في المقال المنشور في المجلّة الأفريقيّة، الذي كتبه F. Pharaon، أنّ هوّارة الموطّنين في جبل تيطري، حول لَمديّة، يقولون أنّهم كانوا فرسانا خيّالة لدى سلطان تاهَرت (ربما على عهد الرستميين)، وأنّهم كانوا يسمّون: الأحرش، وأنهم كانوا الوحيدين المسموح لهم بحمل السّيوف، وأنّ أول من حملها منهم هو جدّهم الكبير عمُر الحسين، الذي شق لهم الطّرق في الغابات الكثيفة-حسب قولهم-، وأنّ نسائهم يعودون كلهم في الأصل إلى مدينة فاس، وأنّ الوادي المسمّى: الأحرش، الذي يجري جنوبي لَمدية، مسمى باسمهم، وأنّهم هم من بنى مدينة لَمديّة. أمّا اليوم، فإنّ هوارة هؤلاء قبيلة وديعة مزارعة، تَضُمّ ست زوايا أهمّها: زاوية سيدي عنّان، وتنقسم هذه القبيلة إلى خمسة فرق هي: اللّواطة وأولاد عمران وأولاد صالح والمناصريّة وأولاد داود.
--هوّارة الصعيد (مسراتـة): إنّ جميع بطون هوّارة الموطّنين بالصّعيد، تنتمي إلى قبيلة مسراتة المشهورة، التي تكلمنا عنها فيما سبق (أنظر تحت عنوان: فصل: أمازيغ مسراتة المستعربون). قال ابن خلدون عنهم في (القرن 14م): فمنهم (هوّارة) لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أُكرة وعبّارة وشاوية، وآخرون مُوطنون ما بين برقة والإسكندرية يعرفون بالمثانيّة، ويظعنون مع العزّة من بطون هيب من سليم إهـ. وقال في موضعٍ آخَر: (وفيما بين الإسكندرية ومصر) قبائل رحالة ينتقلون في نواحي البحيرة هنالك، ويعمرون أرضها بالسكنى والفلح، ويخرجون في المشاتي إلى نواحي العقبة وبرقة من مزاتة وهوّارة وزنارة إحدى بطون لواتة، وعليهم مغارم الفلح. ويندرج فيهم أخلاط من العرب والبربر لا يحصون كثرة إهـ. وقال القلقشندي في (القرن 14م): ذكر (الحمداني) في مسالك الأبصار، أنّ منازلهم بالديار المصرية: البحيرة، ومن الإسكندرية غرباً إلى العقبة الكبيرة من برقة. إهـ. وأضاف القلقشندي: قُلت: ولم تزل منازلهم بالديار المصرية على ما ذكر إلى أثناء الدولة الظاهرية (برقوق)، فغلبهم على أماكنهم من البحيرة جيرانهم من زنّارة (من بربر لواتة) وحلفائها من بقية عرب البحيرة، فخرجوا منها إلى صعيد مصر ونزلوا عمل إخميم في جرجا وما حولها (محافظة سوهاج بالصعيد اليوم)، ثم قوى أمرهم واشتد بأسهم وكثر جمعهم حتى انتشروا في معظم الوجه القبلي، فيما بين قوص (محافظة قنا اليوم) إلى بحري الأعمال البهنسائية (محافظة المنيا اليوم)، وأقطعوا فيها الإقطاعات. وقد ذكر الحمدانيّ منهم بطوناً هي: بنو مجريش، وبنو أسرات، وبنو قطران، وبنو كريب. ولكنّهم الآن بالصّعيد قد كثرت بطونهم، وزادت على العدد. وهذه نبذة من بطونهم، وهي: بنو محمد وأولاد مامن وبندار والعرايا والشللّة وشحوم وأولاد مؤمنين والرّوابع والرّوكة والبركيّة والبهاليل والأصابغة والدناجلة والمواسيّة والبلازد والصّوامع والسّدادرة والزيانيّة والخيافشة والطّردة والأهلة وأزليتن وأسلين وبنو قمير والتيه والتبايعه والغنائم وفزّارة والعبابدة وساورة وغلبان وحديد والسّبعة، وقد افترقت الإمرة فيهم فرقتين: فرقة في أولاد عمر، بجرجا وما والاها، وفرقة بني غريب بدهروط وما معها من البهنساوية.
وذكر المقريزي في (القرن 15م) أنّ أصل ديّار هوّارة من آخر عمل سرت إلى طرابلُس، ثُمّ قدم منهم طوائف إلى أرض مصرَ، ونزلوا بلاد البحيرة وملكوها من قِبَلِ السّلطان، ومنهم جماعاتٌ ببلاد الصّعيد أنزلهم الظاهر برقوق بعد واقعة بدر بن سلاّم هناك، سنة 782هـ (1380م)، وذلك أنّه أقطع إسماعيل بن مازن منهم ناحية جرجا وكانت خراباً، فعمرها وأقام بها حتىّ قتله علي بن غريب، فولي بعده عمر بن عبد العزيز الهوّاري حتىّ مات، فولي بعده ابنه محمّد المعروف بأبي السّنون، وعَظُم أمره وكثُرت أمواله حيث أكثر من زراعة النّواحي وأقام دواليب السّكّر واعتصاره حتىّ مات، فوليَ بعده أخوه يوسف إهـ. وبدر بن سلاّم هو شيخ زنّارة من لواتة، الذي أزاحَ هوّارة عن البحيرة، وقد ذكره ابن خلدون فقال: وكان .. شيخهم هنالك بدر بن سلاّم، وانتقض على الترك وسّرحوا إليه العساكر فاستلحموا كثيراً من قومه وفر إلى ناحية برقة، وهو الآن في جوار العرب بها إهـ.
ومن هوّارة من استقرّ بعد ذلك في القاهرة، ومنهم من استقرّ في الصحراء الشرقية، شرقي وادي النيل، المعروفة بصحراء البجة، ومنهم أيضا الهواوير في صحراء جبرة.
وقد اعترف العثمانيون بزعامة هوّارة وحكمها لصعيد مصر في (القرن 16م)، وكان زعيمهم وشيخ بَدوِهِم المدعو: همّام، من قبيلة مسراتة منهم. إضافة إلى هذا فإن الهوّارة والهوّاري ألقاب، كانَت تُطلق على العسكر الذين يمشون في مقدمة الجيش العثماني بِمصر.
ولقد أورد المؤرّخ المصريّ المعروف: الجبرتي-في: عجائب الآثار-، ترجمة طنّانة للشيخ همّام السّالف الذّكر، تَدلّ على ما كان له من جاه ومال وسلطان، جاء في طالعِها: ومات الجنابُ الأجلُّ والكهفُ الأظلُّ الجليلُ المعظّمُ والملاذُ المُفخّمُ الأصيليُّ الملكيُّ ملجأُ الفقراءِ والأمراءِ ومَحطُّ رحالِ الفُضلاءِ والكُبَرَاءِ شيخُ العربِ الأميرُ شرفُ الدولةِ هَمّامُ بنُ يوسفَ بنِ أحمدَ بنِ مُحمدٍ بنِ هَمّامَ بنِ صبية بن سيبية الهوّاري، عظيمُ بلاد الصّعيدِ ومن كان خيرُه وبِرُّهُ يَعُمُّ القريبَ والبعيدَ، وقد جُمِعَ فيه مِنَ الكمالِ ما ليسَ فيه لغيرِهِ مثالٌ تَنْزِلُ بِحرَمِ سعادتِهِ قوافلُ الأسفارِ وتلقَى عندهُ عصَى التَّسيارِ، وأخبارهُ غنيّةٌ عنِ البيانِ مُسطَّرةٌ في صُحفِ الإِمكان إهـ.
--هوّارةُ النّوبـة: ذكرهم ياقوت، وذكر أنّ لهُم مملكةً عاصمتها أكسِنتِلاَ، فقال: أكسِنتِلاَ: مدينة في جنوبي إفريقية. قال أبو الحسن المهلَبي أكسِنتلاَ مدينة عظيمة جليلة وهي مملكة لرجل من هَوَارَة من البربر يقال له سَهل بن الفِهري مسلمٌ وله سلطان عظيم على أمم من البربر في بلاد لاتحص كثرةَ وتُطيعه أحسن طاعة. قال وسمعت غير محصل يذكر أنه إذا أراد الغزوَ ركب في ألف ألف راكب فرسٍ ونجيب وجمل قال وبأكسنتلا أسواق ومجامع وبظاهرها عمارة فيها جميع الفواكه من الكروم وشجر التين والأغلب على ذلك النخل وبها منبر ومسجد للجماعة وقوم يقرأون القرآن وزروعهم على المطر قال ومن أكسنتلا طريقان فطريق الشمال في حد المشرق وسمتُهُ إلى بلاد الكنز الآتيين من السّودان مسيرة خمسة أيام إهـ.
--هوّارة المغرب الأقصى: ذكر Carette أنّ جميع قبائل هوّارة المُوطّنين بالمغرب الأقصى، تعود أصولها إلى هوّارة أوراس. وكان من هذه القبائل فرقة تقيم في مدينة آغمات وريكة، التّي تقع تسع مراحل جنوبي مراكش، وقد ذكرها الإدريسي في (القرن 12م)، فقال: ومدينة آغمات، أهلها هوّارة من قبائل البربر المتبربرين بالمجاورة إهـ. وذكر جبل داي، الّذي يقع نواحي تادلا، فقال: وفي شرقي تادلا وداي، من البرابر: بنو واليهم وبنو ويزگون Wizgun ومنداسة إهـ. وتوجد اليوم قبيلة من هوّارة، تقع منازلُها غربي مدينة رُدانَة (تارودانت)، بينها وبين آگادير Agadir، ذكرها Quedenfeld، فلعلّها تكون من هوّارة آغمات وريكة التي ذكرها الإدريسي، وبطونها هي: الگيردان وأولاد علي وأولاد محلّة والبراكيك وأولاد كروم وأولاد زايد أهل الرّمل وأولاد دحّو وأولاد قُرّة والكفيفات وأولاد البريّس (البريعص؟) وأولاد تيمة وحمر أهل اللّسان والگرالتشة وأولاد مومن وأولاد زايد وعمر أهل سيدي بن ميمون وأولاد حلّوف ونعيم وأولاد سعيد. وذكر البكري في (القرن 11م) قبيلة من هوّارة في جنوبي أصيلا، يُسمّون: بني زياد، ويقيمون في زلّول، وذكر قبيلة أخرى غربي آصيلة، يسمون: هوّارة السّاحل، كما ذكر فرقة من قبيلة وشتاتة، من آداسة المندرجة في هوّارة، موطّنة بِشمالي فاس. وتوجد اليوم قرية باسم هوّارة، في نواحي آصيلا، ولكنّها شماليها، ما بينها وبين طنجة؟ ومن هوارة اليوم أيضا أمّة كبيرة تترحّل مع زَنَاتَة في سهول تامسنا، الواقعة على المحيط الأطلسي، ويُسمَّونَ جميعُهُم: شاويّة، وهُمُ الّذين ذكرهُم ابن خلدون في قوله: فبايعه (يعني عبد الحق المريني) من الظواعن (الرّحَّل) الشاوية والقبائل الآهلة (المستقرة): هوّارة وزكّارة إهـ. ومن هؤلاءِ الزّيايدة، أو بنو زيّاد المذكورون آنفاً، وهُم من أكبر قبائلِ إقليم تامسنا، وكانَ ملوك المغربُ إلى حدّ قريب يخشون بأسهُم، وينقسمون إلى قِسمين، هُما: زيايدة الغابة وزيايدة لوطى (السّهل). ويُحدّنا الحسَن الوزّان عن كيفيّة استقرار هوّارة وزناتَة في سهول تامسنا، فيقول-بعد ذكر إبادة سُكانِ تامسنا البرغواطيّين على يد المرابطين-: ظلّت تامسنا مهجورة ثمانين ومائة سنة إلى الوقت الذي رجع فيه المنصور من مملكة تونس وصحب معه بعض الفرق من قبائل الأعراب مع رؤسائهم وأسكنهُم تامسنا، فمكثوا فيه خمسين عاما إلى أن ذهب الملكُ عن آل المنصور (المصامدة الموحّدين). وكان سقوط هذه الأسرة كارثة عظمى على الأعراب الذين وقعوا في فقر مدقعٍ، وطردهُم ملوك بني مرين من هذا الإقليم، وأعطوه لقبائل زناتَة وهوّارة جزاء لما لقوه منهم من مناصرة، لأنهم كانوا جميعا يؤازرونهم ضد ملوك مراكش الموحدين. وهكذا أصبح الزّناتيّون والهوّاريّون يتصرّفون في هذا الإقليم، وتكاثروا فيه حتّى إنّهم اليوم، وربما كان ذلك منذ مائة سنة، يخيفون ملوك فاس ويرعدون فرائصهم، إذ يقدّر أن عددهم يصلُ إلى ستّين ألف فارس ومائتي ألف راجل إهـ. ومن هوّارة اليوم أيضا قبيلة أخرى، تقع مساكنها إلى الشّرق من مدينة تازة، وبترابها تقع قرية گرسيف Garsif، واستنادا إلى Quedenfeld فإنّ مواطِنَها تقع على وادي ملويّة، وبطونها هي: الملوكيون والمزارشة وأولاد علي وأولاد عمارة وأولاد عمران وأولاد الدراوي وأولاد خليفة وأولاد صالح وأولاد سديرة وغفولة وزرگان والعثامنة وأولاد مسعود وأولاد حمّو بن موسى. وذكر August Mauliéras-في: Maroc inconnu-قبيلة تُسمّى: هوّارة، وأنّها تُشكّلُ إحدى البُطون الخمسة لقبيلة طريفة العربيّة، التي تقعُ مواطِنُها في نهاية جبال الرّيف المغربيّة، المحاذية لعمالة وهران. وتنتمي قبيلة طريفة إلى اتّحادية قبائل صحراءِ أنگاد، العربيّة. وتمتدّ صحراء آنگاد في شمال شرق المغرب الأقصى وشمال غرب الجزائر، ما بين تاوريرت وتِلمسان.
--هوَارة بلاد الشام: وفي بلاد الشام عائلات لقبها الهوّاري، انتقلوا إليها من مصر وبلاد المغرب، مثل عائلة الهوّاري التي تقيم في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي تعود بنسبها إلى قبيلة هوّارة التي عاشت في مصر.
--تفرّد ياقوت الحموي بذِكر بطن من بُطونِ هوّارةَ يُسمّى: غفجمون، ولم يعيّن مواطنهُم، وَقال: غَفْجَمُون: قبيلة من البربر من هوارة من أرض المغرب ولهم أرض تُنسب إليهم. منهم أبو عمران موسى بن عيسى محج بن أبي حاج بن ولهم بن الخير الغفجموني وحدث بمصر عن أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن علي بن فراس العبسقي المكي روى عنه أبو عمران موسى بن علي بن محمد بن علي النحوي الصقلي إهـ.
المصدر: مأخوذ من أعمال الأُستاذ الجزائريّ عليّ بو زيّان الرّشاشيّ اللّمّوشيّ الشّاويّ الخنشليّ الأوراسيّ السّلفيّ.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
شكرا جزيلا لكم
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
بني عداس: تونس وشرقي الجزائر.
بارك الله فيك و بعد : فإن بني عداس و الجيطانو في موروثنا الشعبي الجزائري هم الغجر و ليسوا فرعا من قبيلة هوارة
أما القبيلة التي تتحدث عنها فهم : العواسي و هو اسم يطلق على الحراكتة وقت الدولة العثمانية حيث كان بعضهم يشتغل بالحراسة(العسة) في قسنطينة أو نسبة لأعد فروع قبيلة الحراكتة و هم أولاد عيسى , و المعروق تاريخيا أن أحمد باي قبل شغله لمنصب باي قسنطينة اشتغل في منصب قائد العواسي
كما وجدت في كتاب العدواني أن هناك رجلا يلقب بالعداسي شغل منصب قائد على اللمامشة في بداية الوجود العثماني بقسنطينة
و الله أعلم
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
وشتاتة ايضا فى ليبيا بين ترهونة وبني الوليد
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
وفيك بركة أخي الكريم.... صحيح أن بني عداس في الموروث الشعبي الجزائري هم الغجر ولكن هذا المفهوم خاطئ ومجانب للصواب وهو صادر من عامة الناس الغير مطلعين على التاريخ.
فيا أخي الكريم من من العامة من يعرف أن هناك قبيلة أمازيغية تسمى ادّاسة من شعوب الأمازيغ البتر (يمدغاسن) ومندرجة في شعب هوّارة، فالكثير من الناس لا يعرفون حتى أين تقع الجزائر على الخريطة فما بالك بأسماء مثل هوارة أو كتامة أو غيرها.
فيما يخص بني عداس، فهذه القبيلة موجودة إلى يومنا هذا وها أنت تقول أنّ هناك رجلا يلقب بالعداسي كان قائدا على النمامشة فلعله ينتسب إليهم، وقد ذكر لي أحد أصدقائي وهو شاوي من منطقة ساقية سيدي يوسف الحدودية في ولاية سوق اهراس، أن في منطقتهم الكثير من بني عداس هؤلاء، منتشرين في سوق اهراس والطارف، وذكر لي أنهم من أصل عربي وأنهم يذكرون أنهم أتوا من منطقة المسيلة، وذلك غير صحيح فهم من أصل أمازيغي، ويرجح أنهم يتحدرون من منطقة الأوراس، فحسب الروايات المحلية لمنطقة الأوراس، فإنه في القرن الرابع أو الخامس عشر، قام أولاد عبدي بطرد قبائل هوّارة والعوادسية (بني عداس) وأولاد عزيز من وادي عبدي وحّوا محلهم، وهذه الفترة ليست ببعيدة عن زمن ابن خلدون الذي ذكر أن قبيلة لواتة الأوراسية التي يتحدر منها أولاد عبدي، كانت يدهم عالية على قبائل الأوراس الأخرى من زناتة وهوّارة حيث كانوا يتولون جبايتهم للدولة الغالبة.