عنوان الموضوع : 47 عاما على استرجاع التلفزيون من الفرنسيين: لا فرح بازاحة ديناصور ولا حزن!
مقدم من طرف منتديات العندليب

47 عاما على استرجاع التلفزيون من الفرنسيين: لا فرح بازاحة ديناصور ولا حزن!
توفيق رباحي


27/10/2016


وُزعت الصورة المرفقة مع هذا المقال الأربعاء الماضي على شريط إحدى وكالات الأنباء العالمية، وهي لعمارة بتجمع سكني اسمه 'ديار الشمس' يقع بحي 'المدنية' في أعالي الجزائر العاصمة.
لا أعرف هل يجب حجب هذه الصورة أم لا عن صاحب الفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. فقد أبلغ وزير السكن في حكومته الشعب الجزائري ذات يوم بأن مثل هذه المناظر تزعج فخامته.
أفتح قوسا لأقول بسرعة ان هذه الصورة هي واحدة من آلاف الصور المماثلة في كل مدينة وحي وعمارة وبناية بالجزائر. والأهم، من وجهة نظري، أنها تعبر جيدا عن علاقة الحب الرائعة بين الجزائريين وتلفزيونهم. وحتى لا نظلم أهل التلفزيون، وكلهم أصدقاء وزملاء نحبهم والواجب يملي علينا احترامهم، أقول ان الصورة تعبير صادق عن العلاقة بين الجزائريين والسلطة التي تحكمهم، والتي من أبرز انجازاتها أنها اختطفت التلفزيون مثلما تُختطف طائرة في الجو في غفلة من ركابها، فجعلته نسخة طبق الأصل عن فشلها الخالد.
يكاد المرء، وهو يتأمل هذه الصورة، أن يدعو: ربّ ارزقني كما رزقت أهل هذه الصناعة المسماة في الجزائر 'الهوائيات المقعّرة'. فبحساب عدد التجمعات السكنية في المدينة الواحدة، فالعمارات فالشقق فالصحون 'المقعّرة'، تدرك بسهولة أنها صناعة قائمة بذاتها تدر المليارات على من يسبحون فيها (الى جانب صناعة تحويل الشقق والسكنات الى أقفاص بتسييج شرفاتها ونوافذها وأبوابها بالحديد الصلب).
أُخذت الصورة بمناسبة أعمال شغب ومواجهات بين شرطة التدخل وشبان من الحي قطعوا الطريق وأحرقوا الممتلكات والعجلات المطاطية (الجزائريون يحتاجون الى مصانع قائمة بذاتها تمدهم بالعجلات المطاطية الجاهزة للحرق وسط الطرقات عند كل موجة غضب) احتجاجا على ظروف معيشتهم البائسة وفي مقدمتها حرمانهم الدائم من مساكن لائقة.
لم يغط التلفزيون الجزائري المواجهات، ولم يشر الى وجودها إلا بعد أربعة أيام من انتهائها وهو يغطي زيارة وزير الداخلية لرجال الأمن الذين أُصيبوا فيها. هذه قاعدة لم يشذ عنها التلفزيون، ولا حاجة للومه لأنه في خدمة السلطة، طالما أن صحفا 'مستقلة' واسعة الانتشار أهملت هي الأخرى الأحداث وكأنها لم تقع أبدا.
في اليوم نفسه اجتمع مجلس الحكومة بقيادة صاحب الفخامة، فقرأ لنا الزميل والصديق رشيد بن حميميد بيانا إلتهم نصف ساعة من نشرة الأخبار، فيه الكثير من الكلام الجميل عن السكن.. الكثير حتى كدنا نقول ان الجزائر ستبدأ قريبا تصدير شقق وعمارات.
عندما كانت 'ديار الشمس'، وهي لا تبعد عن مبنى التلفزيون سوى ثلاثة كيلومترات أو أقل، تحترق وشرطة التدخل تحاصرها أرضا وجوا، كان رشيد يقرأ ذلك البيان الطويل عن الانجازات.
وفي اليوم نفسه، أُذيع خبر إقالة مدير الأخبار بالتلفزيون الجزائري ومدير القناة الفضائية المسماة 'الثالثة' الموجهة للشرق الأوسط، وتعويضهما بزميلين آخرين من داخل 'العلبة'.
حتما لا علاقة متينة بين هذه الأحداث والقرارات. فلا شغب 'ديار الشمس' حدث احتجاجا على اقالة مديري الأخبار و'الثالثة'، ولا إقالتهما جاءت ردا على موقف ما من مجلس الحكومة أو شغب 'ديار الشمس'. ولا اجتماع الحكومة عُقد لبحث شغب 'ديار الشمس' (بل أتوقع أن الوزراء ربما أبلغوا فخامته بأن المظاهرات في 'ديار الشمس' هي تأييد له وتطالبه بولاية رئاسية رابعة).
هي مجرد صدفة تدعو الى التفكير في حال هذا التلفزيون الذي سيحتفل الأسبوع المقبل بمرور 47 عاما على 'استرجاعه' من الفرنسيين، والذي اجتهد أهل الحكم كثيرا وطويلا حتى جعلوه يشبه حال البلاد ككل، خصوصا في السنوات العشر الأخيرة.
هذا 'الانجاز' هو الذي يجعل أن الإقالات والتعيينات بالتلفزيون شيء لم يعد يعني أحدا، ولا ينتظر من ورائها شيء. يكفي أن ينظر المرء الى التجارب المتراكمة في السنوات الأخيرة ليصاب بإحباط.
فمدير الأخبار بالتلفزيون أصبح منصبا إداريا بيروقراطيا، كما يقول الجزائريون (شيعة بلا شبعة) اي بهرجة فحسب لا يد ولا سلطة لصاحبه في رسم السياسة الإخبارية بالتلفزيون، بل مجرد منفذ لأوامر وتوجيهات عليا كثير منها مصدره خارج مبنى التلفزيون. تماما مثل منصب رئيس الحكومة أو الوزير الأول في السنوات الأخيرة. لذا يبدو استبدال مدير أخبار بآخر كاستبدال عبد العزيز بلخادم بأحمد أويحيى في رئاسة الحكومة.. منذ ثلاث أو أربع سنوات والبلاد سجينة هذه الدائرة العبثية لم تجن منها غير الفشل تلو الفشل.
لا لوم على مدير الأخبار المعزول إبراهيم صديقي، لأنه من البدء لم يُنتظر منه شيء. ذهب كما جاء.
ورغم أنني لا أعرف مدير الأخبار الجديد، محمد نذير بوقابس، شخصيا، إلا أنني أستطيع أن أجزم بأنه لا أمل فيه وسيذهب يوما مثلما جاء. ليس لأنه غير كفء، بل لأنها 'جاية هاك' وموضوع الكفاءة غير مطروح. سيكون المقياس الوحيد للحكم عليه، بعد أن ينتهي دوره، أن يقال انه أكثر طيبة وودا مع فريقه والذين من حوله، أو لم يكن.
عدا ذلك، لا شيء يستحق الذكر. مثل بلخادم، عندما عُزل من الحكومة، أشفق عليه الناس ولم يروا ضرورة أو فائدة في انتقاده أو التشفي فيه. مسكين، جيء به وذُهب به هكذا عبثا. والشيء نفسه سيتكرر عندما يُشحن أويحيى يوما الى منصب آخر غير الوزير الأول (رغم أنني اعتبره من الديناصورات الصغيرة وأخشى أنه هو الذي سيشحن الجزائريين الى مصيرهم ويبقى).
أما تعيين عبد الرحمن خلاص مديرا لـ'الثالثة' فيذكرني بشخصي وبرجل في خريف العمر من جيراني بالعاصمة. خلاص من جيلي ومن دفعتي بجامعة الجزائر العاصمة (كلية الصحافة).
عندما عينوا حمراوي حبيب شوقي وزيرا للإعلام في 1993، وكان صحافيا تلفزيونيا مغمورا، صادفني جاري في الشارع وقال ضاحكا: 'هاها.. وصلت لعندك يا جاري العزيز!'. سألته عن قصده، قال: التورنة الجاية ليك.. أنت الوزير، ما تنساناش!
دارت 'التورنة' أكثر من مرة ولم تصل إليّ. لعلني أنا مَن لم يصل إليها. لكن هذه قصة أخرى ليس هذا مقامها.
المقام هنا هو هذا الترهل الذي أوصلونا إليه، فلم نعد نبتهج لذهاب ديناصور أو نفرح لتعيين صديق من جيلنا فيه ما يدعو للتفاؤل (لا نكترث رغم نداءاتنا المتكررة بالتغيير ومنح الفرص للشباب في هذا البلد المبتلى بشيوخ يحكمونه من قبورهم).
أسوأ ما قد يصيب جيلا أو أمة هو ان تتساوى عنده الأشياء.

غريفين في ديارنا!

ـ قامت الدنيا في بريطانيا على استضافة نيك غريفين زعيم الحزب القومي البريطاني المتطرف في برنامج نقاش بقناة 'بي بي سي'.
في هذا الجدل الذي استمر أسابيع وبلغ ذروته الخميس، يوم تسجيل وبث برنامج 'Question Time' (شاهده 8 ملايين مشاهد)، كان الرابح الأكبر غريفين ذاته الذي حظي بدعاية مجانية لم يحلم بها. كما يقال 'دعاية سيئة هي أيضا دعاية'!
تداخل في الجدل السياسي بالأخلاقي. سياسيا، غريفين موجود وله مقاعد في مجالس منتخبة، وهو ذاته عضو بالبرلمان الأوروبي منذ انتخابات الصيف الماضي (ومن المرجح أن يحسن نتائجه في الانتخابات العامة التي ستجري العام المقبل).
لكن أخلاقيا، هو مرفوض، أو لنقل هو من نوع الناس الذين تستحي بهم بريطانيا أو لا يشرفونها ويهددون استقرارها الاجتماعي.
في أثناء النقاش، أقر غريفين (50 عاما) بأنه زار ليبيا والتقى العقيد معمر القذافي. هو لفظها وأنا تذكرت أن زميله، النمساوي يورغ هايدر، (هو الآن في رحمة الله) فعل الشيء نفسه. وكان أيضا صديقا للرئيس الراحل صدام حسين. وتذكرت أن زميلهما الفرنسي جون ماري لوبان كان هو أيضا صديقا للراحل صدام، ولن أُفاجأ إذا ما قيل يوما ما انه حليف القذافي ويزور خيمته باستمرار.
سؤال بريء: ترى ما الذي 'فينا' يُعجب هؤلاء الناس؟ أو بصيغة أخرى، ما الذي يشدنا فيهم؟
لن أقول ان الطيور على أشكالها تقع، بل أسأل ان أفيدونا بجواب أفادكم الله.
كاتب من أسرة 'القدس العربي'


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

مشكور اخي على المقال

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :