عنوان الموضوع : مصالحة دول "الأخوة" على حساب مصالح الجزائريين اخبار الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب

منذ أن أعلنت الجزائر أنها تملك حبلا ذهبيا.. وقررت وضعه في عنقها تباهيا بثروتها، حتى كثر خطابها. المصريون ابتكروا طريقة فريدة في التعزية، من خلال اصطحاب رجال الأعمال.. والمغاربة يعاودون الدعوة إلى مصالحة مع الجزائر بين شتيمة وأخرى ينطق بها رئيس وزرائهم ضد الجزائر والجزائريين.. لن أذكر إلا هؤلاء.. لأنني أستغرب موقف الحكومة المصرية مثلا، تغاضت عن شتم الجزائر والجزائريين وتاريخهم وأصولهم لمدة شهور، وسمحت لرسميين وشبه رسميين المشاركة في حملة إهانة "الإخوة" الأعداء. ثم تعيد التعبير عن عدم احترامها للجزائر من خلال استغلال حادثة وفاة شقيق الرئيس لتبدي عن رغبة مستترة في تجاوز الخلافات، من خلال قلب صفحة الشتم والسب لأن تاريخ العلاقة بين الشعبين "الشقيقين؟!" أكبر بكثير من الخلافات بينهما مهما كان حجمها، كما يقولون.

كما أنني أستغرب موقف المغرب الذي قرر أن يشتم الجزائر على لسان رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، فيما يدعو القصر الملكي إلى مصالحة "حقيقية" مع الجزائر. مصالحة تتجاوز عشرين سنة من تغاضي نظام المخزن عن تهريب السلاح باتجاه الجزائر.. ومثلها من السنوات من تهريب المخدرات. فالجزائر، كما قال الملك الحسن الثاني، هي مخبر للتجربة الإسلامية. لكن المغرب لم يكتف بتسجيل نتائج التجربة، وإنما ساعد على إضافة مواد كيمياوية ضرورية للحصول على تفاعلات قوية لإضعاف الجزائر الجار المزعج.

الحقيقة أن كلا البلدين يتصرفان على أساس مصالحهما.. مصر تريد بناء قوة قطاعها الخاص، من خلال إبداء رغبتها في الحصول على جزء من الحبل المعلق في عنق الجزائر. والمغرب تريد من الجزائر أن تنفتح عليها لاستقطاب جزء من الأموال الطائلة التي تتوفر عليها السوق الجزائرية لخدمة الاقتصاد المغربي.. مع العلم أن مئات الملايين من الدولارات تهرّب سنويا إلى بنوك الدار البيضاء عبر الحدود المغلقة بين البلدين.

في بعض الأحيان، يخيل ليّ أن الجزائر في غياب استراتيجية واضحة في علاقاتها مع العالم الخارجي، لم تجد في السنوات الأخيرة سوى التبجح بثروتها كوسيلة لجذب انتباه العالم إليها.. فجزائر بوتفليقة لم تعد تملك مصوغات موضوعية لمواقفها خارجيا. لهذا، فهي في كل مرة تستعمل القوة الوحيدة التي تملك، المال، لترغيب العالم في التعامل معها. تكتيك بسيط أعطته الأزمة الاقتصادية فعاليته الخاصة.

بالمقابل، تعرف دول "الأخوة" قبل دول "الصداقة" أن الجزائر لم يعد لها ما تبيعه على المستوى الخارجي غير ثروتها الآنية. لهذا، يستجيب الجميع لدعواتها، لكن دون أدنى استعداد منها التخلي عن مواقفها ضد الجزائر أو تعديل مواقفها منها؟

هل تحصلت الجزائر على اعتذار من مصر؟ طبعا لا. هل خطب الرئيس مبارك للاعتراف بأخطاء إدارته وأبنائه؟ طبعا لا. هل عاقبت مصر من تسبب في الأزمة من إعلاميين ومحامين؟ طبعا لا. هل سمحت للحكومة الجزائرية بمتابعة الشاتمين والشاتمات؟ طبعا لا. ومع ذلك، ستحاول إدارة بوتفليقة التخلي عن حقوق الشهداء وحقوق الشعب الذي طعن في تاريخه وأصوله! مقابل ماذا؟ مقابل صورة وهمية لعقلانية الحكم في الجزائر!

وفي الجهة الأخرى الغربية، هل صادق برلمان المغرب على اتفاقية الحدود الموقعة بين الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني منذ عشرين سنة؟ طبعا لا. هل أوقفت الرباط عمليات التهريب الواسعة التي تمارس انطلاقا من أراضيها في أخطر مادتين تهدد أمن وسلامة الجزائريين (السلاح والمخدرات)؟ طبعا لا. هل امتنعت حكومة الرباط من سب وشتم الجزائر في كل مرة تتاح لها الفرصة؟ طبعا لا.

فلماذا، إذن، هذه الدعوة "القوية" لمصالحة حقيقية بين البلدين؟ لأن الهدف هو محاولة تعميق الخدوش التي تشوّه صورة الجزائر في الخارج أصلا. ذلك أن المغرب يعرف جيدا أن استجابة الجزائر لمطالبه أمر مستحيل في ظل استمرار عدد من العوامل، لكنه يصرّ على الدعوة إلى المستحيل؟ ولم يكتف بالدعوات الرسمية، بل إن المخزن المغربي نظم وينظم حملات عبر العالم (المواقع الاجتماعية والتظاهرات الدولية) لدعوة الجزائر فتح حدودها معه؟!

لكل مصالحة "حقيقية" شروط، وشروطها مع المغرب كما مع مصر معروفة. لكن الدولتين تريدان تجاوز الشروط، لأنهما تعلمتا عدم احترام الجزائر في ظل ضعف حكامها منذ عقدين أو ثلاثة. فصمت حكامها واستحياؤهم الظاهر على الرد بشأن أحداث بهذا المستوى إما يعني قبولا تدافع عنه الرئاسة وتعارضه أطراف أخرى، أو يعني غياب النظرة الوطنية القادرة على افتكاك حقوق الجزائر من الغريمين من دول "الأخوة".

طبعا، الحديث عن المصالحة يقودنا حتما إلى الحديث عن مصالحة "تاريخية" مع فرنسا. باريس تحاول أن تبني لعلاقة جديدة مع حكام الجزائر، لكن دون الاعتذار عن جرائمها الإستعمارية؟ والأكثر من ذلك، أنها تريد إعادة صياغة علاقتها بالشعب الجزائري، من خلال حرمانه من كل الامتيازات التي تحصل عليها في اتفاقية إيفيان. لماذا تتعامل معنا دول "الأخوة" ودول "الصداقة" بهذه الطريقة؟! لماذا توجد عندهم نزعة الرغبة في انتهاك حقوق الجزائر؟! لأن البلد رسم لنفسه على المستوى الخارجي صورة بلد "مال بلا راعي" أو "مال سايب يعلم الطمع". ويجب القول إن فضائح الرشى التي عرفتها أكبر شركات الجزائر عمقت هذه الصورة عند "الإخوة والأصدقاء"، وساهمت في تطوير هذا النوع من السلوك اتجاه الجزائر.

المشكلة في الجزائر أولا، طبعا، فهي التي تدهن جسمها بين فترة وفترة بالعسل لجلب الذباب إليها، ليشعر القائمون على سياستها الخارجية بالرضى كونهم مرغوبين خارج البلد. أما الاستثمارات الحقيقية، فلا تجلبها الأموال (المخطط الخماسي: مئتان وستة وثمانون مليار دولار)، وإنما الاستقرار السياسي على المدى الطويل، في حين أن الجزائر توحي أنها تقف على حافة هاوية! بلد تغيب فيه عدالة القانون والعدالة الاجتماعية. بلد تنعدم فيه الحريات وحريات التعبير على وجه الخصوص. بلد تخلى عن كل طموحاته التصنيعية والسياحية والفلاحية... إلخ. بلد يغيب فيه أي دور للمؤسسات الدستورية. بلد تحكمه مجموعة من الهواة لا تعرف أين تصُفُ الجزائر، لا تملك نظرة للمستقبل، لا تحسن فك شيفرة العلاقات الدولية الحديثة، وفقدت كلمة سر العلاقات الدولية المبنية على المبادئ التي صنعت مجد الجزائر في سبعينيات القرن الماضي. ما حصل لجزائر اليوم يشبه إلى حد بعيد ما حصل للغراب الذي أراد تقليد طريقة سير الحمامة، ففقد طريقة مشيه ولم يتعلم طريقة مشي الحمامة.

في السياسة الخارجية، تخلت الجزائر عن سلوكها القديم رغبة في تعلم سلوك جديد، فلم تتعلم الجديد (المصالح) وفقدت أي اتصال بالقديم (المبادئ).

أشعر أحيانا أن دول "الأخوة" قبل غيرها من دول "الصداقة" تريد أن تستغل وضع الجزائر، "البقرة الحلوب"، قبل الانهيار، للحصول على قسط من الريع النفطي وكأنه حق مكتسب.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


مشكوووووووووووووور


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 0602 - امين

مشكوووووووووووووور

العفو اخي الكريم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

يريدون المصالحة من اجل مصلحتهم الخاصة فقط

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شهرة وايمان
يريدون المصالحة من اجل مصلحتهم الخاصة فقط

صدق تشرتشل عندماقال(لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة انما توجد مصالح دائمة).شكرا لمرورك وردك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

شكرا على الموضوع المميز و الراقي