وصفت منظمة "مراسلون بلا حدود" اليوم الأربعاء، الحكم الصادر أول أمس عن محكمة غرداية والقاضي بسجن "يوسف ولد دادة" سنتين نافذتين، بــ"الفضيحة"، معربة عن "صدمتها الكبيرة" من الحكم القضائي.
وقالت فيرجيني دانجيلز المديرة المساعدة المكلفة بالأبحاث في "مراسلون بلا حدود" إن "الدولة الجزائرية ترسل - عبر تأكيد القرار القاسي والعبثي بسجن هذا المواطن - إشارات قوية إلى كل من تسول له نفسه التنديد بتجاوزات رجال الشرطة ".
وتساءلت المنظمة، بشأن متابعة المواطن الميزابي لوحده قضائيا رغم أن "قناة النهار التلفزيونية الخاصة قامت هي الأخرى ببث الفيديو الذي نقله يوسف ولد دادة، ونقله كذلك العديد من نشطاء الأنترنت عبر الشبكات الاجتماعية دون أن تتم مضايقة أي واحد منهم لحد الساعة، ودون أن تتم متابعة رجال الشرطة الذين يسهل التعرف عليهم وهم في حالة تلّبس“.
وذكّرت نفس المنظمة بأن المواطن الميزابي لا يزال يقبع بالسجن منذ 27 مارس الماضي، وهو متخصص في الإعلاميات ويبلغ من العمر 41 سنة، وأصدرت في حقه محكمة غرداية حكما بالسجن سنتين نافذتين وغرامة بقيمة 100 ألف دينار جزائري وهو الحكم الذي أيده مجلس قضاء غرداية قبل يومين، بتهمة “نشر صور وفيديوهات تمس بالمصالح الوطنية“، حيث توبع بسبب نشره شريط فيديو على صفحته بالفايسبوك، نفى المعني بالأمر أن يكون صاحبه، يقوم فيه 3 من رجال الشرطة بسرقة أحد المحلات التجارية في بلدية القرارة ( 115 كلم شمال شرق غرداية ).
وكان مجلس قضاء غرداية قد ايد الاثنين الماضي 01 سبتمبر، الحكم الذي نطقت به محكمة غرداية في قضية "يوسف ولد دادة" (47 سنة) بسنتين سجن نافذة وغرامة مالية بـ 100 ألف دج عن تهمة "نشر صور وفيديوهات تمس بالمصلحة الوطنية وإهانة هيئة نظامية".
وكانت النيابة العامة بمجلس قضاء غرداية، قد طالبت في الجلسة الماضية بتسليط عقوبة 3 سنوات سجن في حق المتهم، وهي نفس العقوبة التي طالب بها وكيل الجمهورية في الجلسة الأولى بمحكمة غرداية وتم الحكم بالعقوبة النافذة السالف ذكرها.
وقال عضو خلية التنسيق ومتابعة الأحداث في غرداية لـ"الحدث الجزائري"، خضير باباز، اليوم الاثنين إن "محاكمة يوسف ليست لها علاقة لا بالعدالة ولا بالحقوق وإنما هي قضية سياسية محضة"، مضيفا أن هيئته تعتبر المحاكمة بمثابة محاولة من مختلف السلطات لتكميم الأفواه والضغط على المواطن بغرض منعه من تصوير ونشر ما يراه من سلبيات يرتكبها أعوان الدولة في حقهم، وأضاف "هذه طريقة تخويف وترهيب أكل عليها الدهر وشرب".
وكانت محكمة غرداية حكمت يوم 10 جوان الماضي بالسجن سنتين نافذتين وبغرامة بقيمة 100 ألف دينار بحق "يوسف ولد دادة " المتهم بتصوير ونشر فيديو يظهر رجال شرطة "و هم يسرقون" خلال المواجهات التي تشهدها الولاية منذ أشهر.
وكان دفاع المتهم نفى خلال المحاكمة الأولى أن يكون المتهم صوّر الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدا أن كل ما فعله الأخير هو أنه تشارك الشريط على موقع الفايسبوك.
وفي تعليق على ذلك أكد مصطفى بوشاشي ، عضو هيئة دفاع الشاب ولد دادة المتهم بـ " المساس بهيئة نظامية " أن الوقائع المنسوبة للشاب لا تستوجب عقوبة سنتين سجن نافذ وأن الحكم لا يساعد من الناحية السياسية على تهدئة الأوضاع في غرداية و يؤكد أن الإعتماد على تقرير مخبر الشرطة و هي طرف في القضية غير معقول و غير مقبول لأن الأمر" يحرج القضاة و يربكهم "
و تأسف المحامي مصطفى بوشاشي لمنطوق الحكم الذي سلّط على الشاب ولد داده و قال في إتصال هاتفي مع " الحدث الجزائري " أن التهم الموجهة إليه " المساس بهيئة نظامية " بشريط فيديو مفبرك قاس و لا يعكس الوقائع المنسوبة إليه غير انه لا يمكن التعليق على أحكام القضاء في وجود وسائل قانونية على رأسها الطعن لدى المحكمة العليا .
و لفت بوشاشي أن قضية ولد دادة تكشف النقاب عن إشكالية هامة يعاني منها القضاء في مثل هذه الحالة و يتساءل : " كيف نلجأ إلى خبرة مخابر الأمن و هي طرف في القضية، مع أنه كان يفترض أن تقوم مؤسسات محايدة بالخبرة لا تربك عمل جهاز العدالة و لا تحرج القضاة " و يقترح " اعتماد خبرة مخابر خاصة بعيدا قدر الإمكان عن المؤسسات محل النزاع" و يضيف أنه كان " الأولى على الجهات الأمنية التحقيق في إذا ما وقعت سرقة فعلا في ذلك المكان أم لا ؟ بدل الانطلاق في التحقيقات من الإعتقاد أن شريط فيديو مفبرك، و هذا خطأ كبير يحجب الوصول إلى الحقيقة "
و شدد بوشاشي أن رفض الحكم لا يتعلق فقط من الناحية القانونية بل أيضا من الناحية السياسية، لان الأخير " لا يساعد على التهدئة و الاستقرار في منطقة غرداية التي عاشت اضطرابات كبيرة وخلفت العديد من الخسائر " و يلفت أن الطعن في الحكم يعود في الأول و الأخير إلى الشاب، خاصة أن هناك الكثير من العائلات ترفض هذا الإجراء بسبب طول مدة الإجراءات التي قد تتجاوز عامين