عنوان الموضوع : مع الحكام العرب.. ليس للسوء قاع خبر مؤكد
مقدم من طرف منتديات العندليب

مع الحكام العرب.. ليس للسوء قاع
د. علي القباني


5/1/2016

تعجبت وأنا استمع للحديث التليفزيوني الذي أجراه تشارلي روز، في برنامجه المعروف باسمه، في محطة التليفزيون الامريكية 'بلومبرغ'، مساء الأحد الموافق 25 نيسان/ابريل الماضي، مع الجنرال دافيد بتريوس رئيس القيادة المركزية للجيش الامريكي (Centcom)، فقد صرح الجنرال أنه خلال لقاءاته مؤخراً مع حكام الخليج كان الهمّ الأول والخوف الأكبر هو من الملف النووي الايراني، ثم يأتي بعد ذلك وفي المرتبة الثانية ملف عملية السلام الاسرائيلي ـ الفلسطيني، بعد أن كان هذا الملف الأخير يحتل المرتبة الأولى في كافة اللقاءات السابقة! ولا يملك المرء الا ان يتعجب من حال حكام العرب وما وصلوا اليه من مهانة وسوء حتى صدق المثل عليهم بأنه 'ليس للسوء قاع'، فهكذا نرى وضعهم يوماً بعد يوم من سيىء الى أسوأ!
كان الشاه سيد الخليج بلا منازع، وكانت ايران الشاه تفرض ما تريد على دولة دون ان يجرأ أحد على الاعتراض أو التذمر، فضمت الجزر الثلاث اليها، ورسمت الحدود مع دكتاتور العراق صدام حسين على ما يوافقها، ولم يتململ أحد! وفوق ذلك كان الشاه صديقاً لاسرائيل يمدها بكل ما تحتاج اليه في مواجهة المقاطعة العربية ـ التي لم تنـــجح في كل الأحوال ـ وأهمها النفط الذي هو شريان الحياة لاقتصاد اية دولة. وعندما أزيح كابوس الشاه بكل عجرفته وغطرسته وتعاليه وتكبّره، ونشأت الجمهورية الاسلامية في ايران، التي أعلنت وقوفها الى جانب الحق العربي والحق الاسلامي، كما أعلنت عدائها للكيان الصهيوني ـ بعد العلاقات الحميمة مع نظام الشاه ـ وقطعت علاقاتها السياسية والديبلوماسية معه، وساندت المقاومة في لبنان وغزة، نجد حكام العرب ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة ونشأة الجمهورية الاسلامية يبدون الخوف ويبطنون العداء لهذا النظام الجديد، وذلك رغم يد الصداقة الممدودة على الجانب الايراني. فنجد صدام حسين يشعل حرباً استمرت ثماني سنوات بتأييد غربي وتمويل خليجي عربي قبل ان يثبّت النظام الجديد أقدامه، ومع ذلك ورغم كل الامدادات الغربية المعلوماتية والعسكرية لم تُهزم ايران، وتناست الغدر وصفحت ولم تُعاقب بعد الحرب من عاداها وأيد خصمها.
واليوم يعاودون الخوف ويهرولون نحو الجنرال الامريكي يترجون أمانهم ويطلبون الحل وهم في حالة ضياع، فهم كما شرح الجنرال يرون انه اذا أقدم أحد (وهم يقصدون اسرائيل أو امريكا بالطبع، فليس هناك دولة أخرى ممكن أن تُقدِم على مثل هذه الحماقة) على ضربة عسكرية ضد ايران فهذا من شأنه أن يؤثر على الاستقرار والأمن في الخليج كله ويزعزع أنظمة الحكم فيه، وإذا لم يقدم أحد على مثل هذه الضربة العسكرية فستكون لإيران منفردة السيادة على الخليج، وستكون لها اليد الطولى. فإيران التي لم تكن تشكل لهم هماً ولا مصدر خوف عندما كانت جزءاً من المنظومة الامريكية في المنطقة ـ رغم استكبارها عليهم وصداقتها للعدو الصهيوني ـ أصبحت اليوم مصدر خوف وقلق بعد أن أصبح نظامها اسلامياً، وتواضعت ووقفت مع الحق العربي، وعادت أعدائهم وقطعت علاقتها بالصهاينة سواء داخل اسرائيل أو في الولايات المتحدة، واستعادت سيادتها وألغت تبعيتها!
ان ما لا يدركه الحكام العرب هو ان الرهان على امريكا ضد القوى المحلية هو رهان خاسر، فالمصالح هي التي تحكم السياسة الامريكية وتحددها، وليست الصداقة او حتى العمالة والتبعية ـ ودروس التخلي عن الشاه، وخلع صدام حسين لا تزال ماثلة في الأذهان ـ والمصلحة العليا لأمريكا في المنطقة هي النفط، الذي تعتبره في الواقع ملكاً لها وليس لأصحاب الآبار، ولا شك أن حروب الخليج الثلاثة قد أكدت هذا الأمر لمن احتاج الى إعادة تأكيد!
وسيبقى هذا الوضع قائماً حتى لو تغيّر الحكام، أو بعبارة أدق يمكن القول ان تغيير الحكام لن يغير من الوضع الراهن شيئاً، الا اذا كان التغيير من النوع الجذري الذي يخرج من المنظومة الامريكية ومن إطار التبعية، على غرار ما حدث في ايران، وهنا لا يستبعد احتمال التدخل العسكري الامريكي المباشر مرة أخرى.
ولكن هل سيؤدي الوضع الحالي بين ايران والولايات المتحدة الى حرب محتومة أو ضربة عسكرية حاسمة؟ وأرى أن الاجابة على هذا السؤال هي: لا، لن تلجأ ادارة اوباما في الوقت الحالي، او على ضوء الأوضاع الحالية في المنطقة: وتورط الجيش الامريكي في كل من العراق وافغانستان. الى مغامرة عسكرية جديدة، كما ان اهدافها تختلف عن اهداف الادارة الامريكية التي سبقتها، والتي تركزت استراتيجيتها على اسقاط وتغيير الأنظمة المعارضة لسياستها في المنطقة من خلال توسيع دائرة الحروب فيها. اي نظرية 'الفوضى الخلاقة' التي تبعثر كافة الأوراق، حتى تعود امريكا لتعيد ترتيبها مرة أخرى وفق مصالحها ـ ومصالح حلفائها، وعلى رأسهم اسرائيل التي ترسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط ـ بعدما ثبت للأمريكيين فشل هذا النهج. فالملف النووي الايراني ـ على عكس ما يُعلن ـ ليس هو المشكلة الكبرى بين ايران والولايات المتحدة، والأمريكيون يعرفون أنه ليس بالمشكلة الملّحة التي تستوجب وضعها على قمة سلم الأولويات، ولذلك فهم يعلنون ان المفاوضات هي السبيل لحل هذه المشكلة ديبلوماسياً، وهم يسعون الآن لتشديد العقوبات على الرغم من عدم وجود مخالفات ايرانية فادحة، وعدم ادانة اي من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) للبرنامج النووي الايراني، الذي يفتشون منشآته بشكل دوري. في الواقع ان كل الجهود الامريكية تركز على وضع المزيد من الضغوط على الجانب الايراني بهدف انتزاع موافقات ايرانية على إطارات لتسويات لمشاكل عديدة في المنطقة، بمعنى أن الولايات المتحدة، وبتعبير أدق ادارة اوباما، تعترف ضمنا بالنظام الايراني القائم، وهي مستعدة للتفاوض معه، بل تحتاج الى التفاهم والتفاوض معه من أجل الوصول الى حل لأزمات المنطقة ومشاكلها المتعددة، وخاصة بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق، ورسم استراتيجية للخروج من الأزمة في أفغانستان. وامريكا تدرك انه لتحريك هذين الملفين يجب احداث حلحلة ما في الصراع العربي/الاسرائيلي، وربما كانت المفاوضات التقريبية غير المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين هي أول افراز للقريحة الامريكية، كأول خطوات الحلحلة ولا أقول الحل.
الخلاصة التي يجب على حكام العرب ان يعوها هي ان ايران قوة محلية كبرى، لا يمكن لهم تجاهلها او تجاهل دورها ومصالحها، وان يحرصوا من هذا المنطلق على التفاهم معها لتحقيق مصالح الطرفين، وتحقيق أمن المنطقة واستقرارها، لان محاولة الاستقواء بالامريكيين عليهم لن تفيدهم بل ستنقلب عليهم.
صحافي مصري مقيم في بريطانيا


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :