عنوان الموضوع : علاقة الأبوة قضايا المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

من صديق
علاقة الأبوة

--------------------------------------------------------------------------------



كان البروفسور مالك بابكر بدري في زيارة إلى لبنان، ومما شاهده هناك والد يودع ولده الذي سيسافر إلى الدراسة في الخارج بالقبل والعناق والبكاء؛ فأدهش الأستاذ، وتعجب من هذا المنظر - وهو من هو في معرفة النفس -، مع إني رأيته يقبل الدكتورعصام أحمد البشير في القاعة عند حصوله على درجة الدكتوراة!..

يقول الدكتورجعفر ميرغني: نحن إلى الآن لم نعرف الطريق إلى النقد الذاتي؛ وليس من باب التجريح، والتقريع أن أُبَصِّر زيدًا من الناس بالخطأِ الذي وقع فيه؛ فإن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: بارك الله في من أهدى إلي عيوبي.



أردت من وراء هذا أن أسلط الضوء على بعض العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الناس، وعلى رأسها الأبوة التي عملَتْ فيها البداوة عملها؛ فَعُدّ ما شئت من أنواع التسلط، والقسوة تجد أن الأبوة في السودان قد استوعبته قديمًا وحديثًا، وإن خف الأمر عن ما كان عليه في السابق؛ فقد كنا نسمع من آبائنا أنه إذا دخل الأب إلى البيت سكت المتكلم، وقام القاعد، وقعد القائم!!.. أهذا أب، أَمْ إرهابي؟!.



أخبرني أحد الأصحاب أن جده لم يكن يدخل على أهله، ثم إذا طلب شيئًا أرسل الذي يعمل في المنزل إلى الداخل ليقول لهم الضيف الذي في الديوان يريد كذا؟!..

قبّل النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - سبطه، وعنده رجل؛ فقال: (يا رسول الله! إني لدي عشرة من الولد ما قبلت فيهم أحدا!)؛ فقال له الرحمة المهداة صلى الله - تعالى -عليه وآله سلم: (ماذا أصنع إذا كان الله نزع الرحمة من قبلك؟!)..

كانوا يقولون: (لنا إذا رأى التلميذ معلمه في الطريق انعطف إلى طريق آخر)؛ كأنما المعلم هو عمر بن الخطاب والتلميذ هو الشيطان!!.



إذا دخل الأب إلى بيته الآن تهلل الأطفال؛ وأخذوا يقفزون، وهم يقولون: (بابا جا.. بابا جا)!.. هذه سمة إيجابية طرأت على صورة الأب!، ولكن ما زالت تفتقر إلى الكثير؛ حتى تكتمل.. غير أنه لا يرى من صغاره إلاَّ الصورة، والشبح!؛ أبوته لهم لا تتعدى الأبوة الغريزية التي لسائر الحيوان!؛ فلا تجده يراقب نموّ أولاده الفكري، والوجداني قدر مراقبته لنموّهم الجسماني!؛ فتراه لا يحنو على أرواح الصغار؛ ويرعاها، ويشاركهم همومهم، وآلامهم، وطموحاتهم!..

يقص لي صديق هو الآن يشغل مركزًا حساسًا؛ انتبهت البلاد لعبقريته فأخذت تبعثه هنا وهناك.. أن والده لم يكن يعلم: ماذا يدرس؟!، أو أين يدرس؟!..

أحد المتفوقين يقول: إن والده ما تبسم في وجهه قط؟!؛ وكان يكتفي باعطائه المال فقط!..



أحد الأبناء أبدى رأيًا حكيمًا في قضية فَقُوبِل بالمعارضة والندية!..



إن الأب الحقيقي ليفرح إذا رأى غرسه قد أثمر.. وإن الأب الرشيد هو من يعين ابنه على بره..



جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ومعه ولده؛ فقال: (يا أمير المؤمنين! إن ابني يعقني)؛ فقال عمر للولد: (لم تعق أباك؟!)؛ قال: (لم يختر لي أمي!، وما أحسن اسمي!، ولم يحفظني القرآن!)؛ فقال عمر: (يا هذا! لقد عققت ابنك قبل أن يعقك!)..



ما عاد التلميذ يفر من أستاذه!؛ بل لقد تصادقا في كل شيء!؛ فصار كيس العماري عندهم واحد!، وعلبة السجائر واحدة!..



وفي معرض ذلك أحكي قصة طريفة.. كان لنا معلم يدخن الحشيش، وفيما بعد صار تلميذه بائعًا له، وفي يوم جاء المعلم ليشترى من تلميذه، فلما أراد التلميذ أن يقطع للأستاذ القطعة التي اشتراها أراد المعلم أن يستغل جاهه عند تلميذه؛ فقال: (يا فلان! زد القطعة!؛ ألم أدرسك؟!)؛ قال: (درستني؟!.. هل تراني أضع في عنقي السماعة، أم أبيعك الذي تدخنه؟!)..

أصْدَق أب رأيته من قال لابنه: (يا بني! إني لا أملك ما أقدمه لك!، ولكن اقرأ قصيدة أبي إسحق الألبيري التي ينصح فيها ولده؛ فهي سنتفعك بين الآباء الذين لا يملكون مشاعر لأبنائهم، وبين من يملكون ولكنهم لا يستطيعون التعبير عنها.. صنف له عاطفة على أبنائه ما تحولت إلى شعور وفكرة كالتي للأطفال؛ فإن الطفل يمكن أن يبكي، ويضحك، ويصرخ، ويصمت في آن واحد؛ ذلك أن العاطفة طور في تكوين الشعور، وليست هي الشعور نفسه؛ فإن من الآباء من يخافون على أبنائهم خوفًا عظيمًا؛ إلى درجة يودون فيها لو وضعو أبناءهم في (براويز).. نحن لا نمنعك أن تخاف على ابنك، ولكن ليس إلى درجة تمنعه أن يعيش تجربته في الحياة؛ بمساحة يعبر فيها عن نفسه؛ ليشق طريقه؛ فلا أنت أعطيته شيئا!، ولا أنت تركته ليعرف شيئا!.. العاطفة لا تغني!؛ فالقطّة لها عاطفة ولكنها تحملها على أكل أولادها!.. يغادر الآباء هذه الحياة تاركين أولادهم على حزبين: حزب يثني على والده بعاطر الثناء مع كل خطوة نجاح يخطوها، والآخر يذكر اسم والده مرفقًا بالألم والمرارة مع كل إخفاقة يجدها في الحياة!.. علينا إذا ما أردنا علاج هذه القضية الخطيرة أن نثيرها في جامعاتنا، ومنتدياتنا، وجوامعنا، ولقد تفضل د/ الحبر يوسف قبل سنوات بإدارة حوار بين الآباء والأبناء.. مثل هذه الحوارات ينبغي أن تنشر؛ ليسطع نجم الأبوة؛ ولنخرج بأدبيات تسهم في رقي التعامل المثالي داخل الأسرة).


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

جميل جدا هذا الموضوع... عن علاقة الأبوة.
لأن الحديث يدور كثيرا عن البنوة ويهمل الأبوة
فكما هو للأب حقوق فإن له واجبات... ويا لها من واجبات إن أغلب الآباء عندنا يصدق عليهم اسم والد أو منجب أكثر من اسم أب او مربٍ.
واغلب الآباء يعتقدون أن أولادهم ملك لهم، وتجد منهم من يقول عن ولده زيد -مثلا- زيد انتاعي، بدل ولدي او ابني زيد!!!
موضوع عريض وطويل... شكرا على إثارته، وننتظر المزيد من الإثراء من الإخوة الأعضاء

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

أفرح بتدخلاتكم وردودكم وتعقيباتكم إخواني

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك علي الموضوع ....... الزمن اختلف اخي فامس غير اليوم والعلاقة بين الاباء تغيرت بين يوم وليلة وما زال يشوبها بعض الجفاء والقسوة فاب اليوم يريد تطبيق نفس الطريقة التي ربي عليها فلا تفاهم او حوار بل صراخ وصوت عالي وتعنيف حتي بدون كلمة مدح واحدة او شكر واقتنبس من موضوعك جملة

الاب الرشيد هو من يعين ابنه علي بره


تقبل مروري واحترامي لشخصكم ومواضيعكم التي تزين المنتدي


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

سلمت أناملك على هذا الموضوع الرائع

تقبل مروري و تقديري

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

اشكركم على المرور والرد