عنوان الموضوع : هدية العيــــــــــــــــد ....*وما ارسلناك الا رحمة للعالمين* من المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب




هذه قصة رجل مع ابنته الصغيرة التي لمَّا تكن قد بلغت سن المدرسة بعد، و مفادها أنه رأى ابنته هذه تقص من ورق الهدايا المذهَّب مرتفع الثمن الذي أتى به من أجل الهدايا الخاصة جداً التي يقدمها لأصدقائه في المناسبات المهمة جداً. وعندما رأى البنت تقص منه استشاط غضباً لذاك العبث غير المبرر بالأشياء الثمينة. ولشدة غيظه ضربها مؤنباً لها على فعلتها، ولكنها لم تدافع عن نفسها، ولم تبرر عملها.
كان اليوم التالي يوم عيد، وقد فوجئ الأب بابنته تقدم له صندوقاً ملفوفاً بورق الهدايا الثمين نفسه قائلة: هذه هديتي لك يا أبي. لم يتمالك نفسه، فحمل البنت وراح يقبِّلها، ويعتذر عن فعلته، ويطلب منها أن تصفح عنه، لأنه ما قصد الإساءة، وشرح لها أنه ظنها تعبث بالورق الثمين لعِباً وليس لهدف نبيل عندها.
ولما أخذ الصندوق وجده خفيفاً، فقد كان فارغاً. وكاد يعود إلى حالة الغضب، ولكنه تمالك نفسه هذه المرة، وقال لها بلهجة المؤنب: ألا تعلمين أنك عندما تقدمين هدية فإنه يجب أن يكون بداخلها شيء؟. فأجابت الصغيرة والدموع تملأ عينيها: يا أبي إنه ليس فارغاً، فقد نفخت فيه كل ما استطعت من قبلاتي، وكل هذا لك يا أبي. فاحتضنها وأخذ يقبِّلها من جديد، ويطلب منها أن تسامحه، لأنه لم يدرك عمق أفعالها ودقة مشاعرها.
ولشدة ما أُخذ بذلك الدرس البليغ وضع الصندوق المذهَّب بجانب سريره، وتركه هناك سنين طويلة، ينظر إليه كل يوم ويستمد منه العواطف واللمسات الإنسانية الحانية. وكان كلما شعر بوهن في عزيمته أو ضعف في معنوياته تصور قبلة تخرج من الصندوق لتنطبع على خده، من ذلك الحب الكبير الذي وضعته الصغيرة فيه.
هذه القصة وأمثالها يجب أن تكون لنا درساً في كيفية التعامل مع الصغار. فالنفوس جُبلت على حب من أحسن إليها.

و ليس عجباً أن نجد في القرآن الكريم والسيرة النبوية كَمَّاً من النصوص التي تعلمنا كيفية التعامل معهم، منذ الولادة وحتى اكتمال النمو. ففي مرحلة الرضاعة إرشاد للأمهات بإرضاع الأولاد حولين كاملين. ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن الرضاعة من ثدي الأم هي عملية تربوية نفسية تمنح الطفل الدفء والحنان، وهذا ما لا تعطيه الرضاعة الاصطناعية من القارورة، لاسيما إذا كانت تتم بواسطة الخادمة.
والعناية لا تتوقف عند هذه المرحلة، وإنما تمتد وتتدرج مع تقدم الطفل بالعمر. فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها أن أسامة بن زيد (عندما كان طفلاً صغيراً) عثر بعتبة الباب فشُجَّ في وجهه، فطلب منها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تميط عنه الأذى، فتقذَّرته. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص عنه الدم ويمجه عن وجهه، ثم قال: لو كان أسامة جارية لحليته وكسوته حتى أُنَفِّقَه. ولا ننسى أن أسامة لم يكن ابن الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما ابن مولاه. فما أبلغ هذا الدرس من الرسول المعلم. ولذا لم يكن غريباً أن ينشأ أسامة على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المسابقة إلى تنفيذ أوامره.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع غلاماً في حجره يحنكه، فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه. نعم هكذا لم ينتهر الصبي ولا انتهر أهله، ولم يصرخ ولم يقل خذوه عني، بل اكتفى بأن أتبعه بالماء.
و قد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة مرة وعلى عاتقه حفيدته أمامة بنت أبي العاص، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. إنه درس بليغ للآباء والأمهات، فالطفل قد يبكي إن تُرك على الأرض، ولذا فإن حمله في أثناء الصلاة إشعار له بأهميته عند والديه، مما يؤدي به إلى الشعور بالاطمئنان. وقد أصلح أحد الأئمة مرة عمامته وهو في الصلاة، فقيل له في هذا، فقال: إن إصلاح العمامة أهون من حمل أمامة. وهذا بالطبع ليس تبريراً لكثرة الحركة في الصلاة، فإن كثرة الحركة تذهب بالخشوع كما ورد في الحديث.
وقبَّل الرسولُ صلى الله عليه وسلم الحسنَ بن علي مرة وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يَرحم لا يُرحم. فما أجمل هذا الربط بين تقبيل الصغار وإشعارهم بالرحمة والحنان والعطف عليهم.
وقد دلت الدراسات الحديثة أن هذه العواطف المتبادلة تؤمِّن للطفل استقراراً نفسياً، فينشأ سوياً، ويحب الناس من حوله. ومن الضروري عدم الاستهانة بشعور الطفل أو مدى فهمه واستيعابه مهما كان عمره صغيراً. فالدراسات العلمية تقول إن لدى الطفل إمكانات هائلة للفهم والاستيعاب، وكل شيء يتم تسجيله في ذاكرته. بل إن هناك دراسات تشير إلى أن الطفل يسمع وهو في بطن أمه. وهذه الدراسات تنصح الأم أن تكلم طفلها في كل مراحل حياة طفولته، وذلك حتى يكثر وعيه. فمثلاً إذا قامت الأم للمطبخ تستطيع أن تضع طفلها بجانبها ثم تكلمه بما تقوم به من أعمال، فتقول مثلاً أنا سأطبخ الكبسة، وهذا هو الرز وضعته في القدر، وسأضع فوقه الماء، … الخ. فقد أشارت الدراسات الحديثة أن هذا الكلام يؤدي إلى زيادة وعي الطفل. ولعلنا نفهم من هذا كله لماذا كان ابن عمر رضي الله عنه إذا أراد أهله أخرج الأطفال من غرفته حتى الرضيع منهم.

بقلم: أ.د. محمود نديم نحاس
(كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز)



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك............

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

شكرا لك
و عيدك مبارك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

Hhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhh think you goooooooooooooooooood

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

بارك الله فيك

اعجبتني هذه العبارة

((ولما أخذ الصندوق وجده خفيفاً، فقد كان فارغاً. وكاد يعود إلى حالة الغضب، ولكنه تمالك نفسه هذه المرة، وقال لها بلهجة المؤنب: ألا تعلمين أنك عندما تقدمين هدية فإنه يجب أن يكون بداخلها شيء؟. فأجابت الصغيرة والدموع تملأ عينيها: يا أبي إنه ليس فارغاً، فقد نفخت فيه كل ما استطعت من قبلاتي، وكل هذا لك يا أبي. فاحتضنها وأخذ يقبِّلها من جديد، ويطلب منها أن تسامحه، لأنه لم يدرك عمق أفعالها ودقة مشاعرها.
ولشدة ما أُخذ بذلك الدرس البليغ وضع الصندوق المذهَّب بجانب سريره، وتركه هناك سنين طويلة، ينظر إليه كل يوم ويستمد منه العواطف واللمسات الإنسانية الحانية. وكان كلما شعر بوهن في عزيمته أو ضعف في معنوياته تصور قبلة تخرج من الصندوق لتنطبع على خده، من ذلك الحب الكبير الذي وضعته الصغيرة فيه.
((