عنوان الموضوع : جاوبوني ملف العقد الزواج بدركي ف الحياة الزوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب
بر الوالدين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إخوتي في الله : يقول تبارك وتعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}
معنى قضى أي : أمر ، وجاء معناها : وصىَّ ، وجاء معناها : حكم ، فالله سبحانه وتعالى أمر ووصَّى وحكم أن لا تعبدوا إلا إياه ، أي نفي للعبودية وإثابتها فقط لله تعالى ، أي لا معبود بحق إلا الله ، ولهذا خلق الله الكون {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
وبهذا أرسل الله الرسل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ }
وجعل أفضل كلمة في هذا الكون كلمة التوحيد ، قال تعالى :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}.وقرن سبحانه وتعالى عبادته وطاعته ببر الوالدين وطاعتهما ، فإن عبداً مهما علت رتبته بالطاعة لله تعالى وبالعبادة فإنه لا يكون عبد بحق إلا إذا امتثل لأوامر الله تعالى ، وأعظم تلك الأوامر بعد التوحيد هو بر الوالدين ، والذي قرنه سبحانه وتعالى بعبادته ، وكذلك قرن سبحانه الشرك به والعياذ بالله تعالى مع العقوق الوالدين ، فقد جاء عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ))
ويا للعجب أن الله تعالى اشترط لدخول الجنة " بر الوالدين بعد توحيده ، بهذا أوحى الله تعالى إلى حبيبة ومصطفاه ، فقد جاء عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه ))
وكان هذا سنة الله في خلقه ، وليس على هذه الأمة فحسب قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وقال تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } وكان الأنبياء أبر الناس بوالديهم فحدثنا الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء :{ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} وكذلك نوح عليه السلام : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً } وكذلك عيسى عليه السلام أوصى الله تعالى : { وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }
وكذلك يحيى عليه السلام : { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً } وغيرهم من الأنبياء والمرسلين كثر .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله تعالى
جاء من حديث ابن مسعود قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال : (( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ))
فالبر مقدم على الجهاد في سبيل الله إلا في حالة جهاد الدفع – أي يكون العدو دخل البلدة فعلى أهل تلك البلدة الدفاع عن بلدهم فيخرج الابن دون إذن أبويه والزوجة دون إذن زوجها وهكذا – أما في الجهاد العادي وهو جهاد الطلب فالبر مقدم عليه ، استمع معي إلى تلك الأحاديث فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال : (( أحي والداك )) قال : نعم قال : (( ففيهما فجاهد )) وفي رواية لمسلم قال : أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما حي قال فتبتغي الأجر من الله قال نعم قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
وعن عبد الله بن عمرو؛ قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان قال: "" ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما "" .
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال: "" هل لك أحد باليمن ؟ "" فقال: أبواي ، قال: "" أذنا لك ؟ "" قال: لا ، قال: "" ارجع إليهما فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما "
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال : ( هل لك من أم ) قال نعم قال : ( فالزمها فإن الجنة عند رجلها )
ورواه الطبراني بإسناد جيد ولفظه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألك والدان قلت نعم قال : (( الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما )) .
ويا للعجب أيضاً أن الله تعالى جعل رضاه برضى الوالد ، فإذن لن يمن الله تعالى على عبدٍ من عباده بالرضى وهو عاق لوالديه – ومن المعلوم أن الجنة لن يدخلها أحد إلا برضى الله جلَّ وعلا في علاه ، فعن عبد الله بن عمر قال: " رضا الرب في رضا الوالد و سخط الرب في سخط الوالد " .. فإذا كان هذا بالنسبة للوالد فمن باب أولى أن يكون رضى الله سبحانه وتعالى في رضى الأم لماذا ؟ الجواب : هو ما جاء في هذا الحديث عن أبي هريرة (( أن رجلا قال يارسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أباك )) فلو صليت حتى تكسَّر صلبك وذكرت الله حتى تفتَّتت لسانك وجاهدت في سبيل الله حتى مِتَّ شهيداً فلن تدخل الجنة حتى يرضى عنك والداك ، للحديث الذي ذكرناه سابقاً أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه )) .
ولهذا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه)) قيل من يا رسول الله قال : (( من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة )).
وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين
قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال : (( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله
قل آمين فقلت آمين ))
. وفي رواية أخرى للطبراني من حديث ابن عباس بنحوه وفيه : (( ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار فأبعده الله وأسحقه قلت آمين )) .
إذن هذه الدعوات الثلاثة حق على كل من أصابته وكان من ضمن هؤلاء الثلاثة ، لأن الذي دعا هو جبريل عليه السلام وهو خير رسل الملائكة على الإطلاق ، ودعوة الملائكة مستجابة بمشيئة الله تعالى لأنهم وكما وصفهم ربهم : { لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
. والذي أمَّنَ على الدعاء هو حبيب الله وخليله ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم ولا محالة دعوته مستجابة ، كيف لا وهو خير رسل الله على الإطلاق .
وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث والرجلة من النساء .
فكيف إذا كان ملك الملوك وعظيم السماوات والأرض هو سبحانه الذي لا ينظر إلى عبده وهو أرحم الراحمين ، في يوم أحوج ما يحتاج العبد إلى نظرة رأفة ورحمة من مليكه الملك الديان ، وإن كان لا غنى عن فضله سبحانه في الدنيا فضلاً عن الآخرة مقدار طرفة عين أو أقل من ذلك ، ومن حرم نظرة رحمة من أرحم الراحمين ، حرم الجنة لأنها دار رحمته ومن حرم الجنة كانت النار أولى به لأنه ليس بعد الدنيا من دار إما الجنة أو النار ، قال تعالى :{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ }
وجاء أيضاً أمر مخيف وعظيم وهو أنَّ العاق لا يُقبَل منه ما أدَّى من الفرائض التي فرضها الله عليه من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك ، سواء كان فريضة أو نافلة ، وكان بهذا شبيهاً بالمشرك أو الكافر والعياذ بالله من هذا الوجه حيث من المعلوم أن الله لا يقبل من كافر أو مشرك عبادة إلا بعد دخوله الإسلام ونطقه بالشهادتين ، فقد جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يقبل الله عز وجل منهم صرفا ولا عدلا عاق ولا منان ومكذب بقدر )) .
وجاء أيضاً : أن العاق ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كان ملعون على لسان رسول الله فهو ملعون من قبل الله تعالى لأن محمداً ما هو إلا مبلغ لما أوحى الله تعالى إليه ، ومن لعنه الله ، أبعده وطرده من رحمته والعياذ بالله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من ذبح لغير الله ملعون من عق والديه ))
وهناك وصية للرسول صلى الله عليه وسلم وصى بها معاذ بن جبل رضي الله عنه ، جاء في مضمونها : (( لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس وإن أصاب الناس موت فاثبت وأنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله ))
وجاء عن أبى الدرداء قال: أوصانى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع: (( لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ، ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا؛ ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة ، ولا تشربن الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر ، وأطع والديك ، وإن أمراك أن تخرج من دنياك؛ فاخرج لهما ، ولا تنازعن ولاة الأمر ، وإن رأيت أنك أنت ، ولا تفرر من الزحف؛ وإن هلكت وفر أصحابك ، وأنفق من طولك على أهلك ، ولا ترفع عصاك عن أهلك ، وأخفهم في الله عز وجل )) .
وجاء أيضاً عن جابر بن عبد الله أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال : (( أنت ومالك لأبيك ))
قد يسأل سائل لماذا بالغ الإسلام واهتم بهذا الإهتام بالوالدين ؟ الجواب على ذلك أمر يسير وهو ، أنه لا يشكر الله من لم يشكر الناس ، كما جاء في سلسة الأحاديث الصحيحة من قوله عليه الصلاة والسلام : (( لا يشكر الله من لا يشكر الناس )) .
وأحق الناس بالشكر هم الوالدان لأنهما صاحبا كل معروف علي فُهُما السبب لوجودي في هذه الدنيا ، فهذا المعروف والإحسان منهما بماذا أقابله ؟ أقابله بالبر لهما والإحسان ما استطعت لذلك سبيلا لعلي أكافئ بعض فضلهما علي ، والفضل الأكبر منهما لا أستطيع أن أكافئهما عليه فالله يكافئهما عليه ، فالله أسأل العفو والمغفرة والمسامحة والتجاوز عن تقصيري في عدم استطاعتي على مكافئتهما ، وأدعو الله دائماً ما حييت ، لهما بالمغفرة والرحمة كما ربَّياني صغيرا ، لأنهما صحبا المعروف والإحسان علي وقد جاء من حديثه عليه الصلاة والسلام : (( من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه )) . وقد علم سبحانه أن الولد مهما صنع من المعروف مع والديه فلن يستطع أن يرد اليسير من جميلهما عليه فقد جاء عن أبى بردة ؛ أنه شهد ابن عمر ، ورجل يماني يطوف بالبيت - حمل أمه وراء ظهره - يقول:
إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر
ثم قال: يا ابن عمر! أترانى جزيتها ؟ قال: (( لا . ولا بزفرة واحدة ، واحدة . ولهذا قال سبحانه { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }
ولا يقدَّم عليهما بالفضل إلا الخالق وهو الحق جل في علاه فهو المسبب لوجودي في هذا الوجود ، فهو صاحب المن والجود والكرم سبحانه ، وكذلك عبد الله وحبيبه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم فهو له الفضل في تبليغنا الرسالة وتأدية الأمانة فصلوات الله وسلامه عليه في السماوات والأرض وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى آله أجمعين .
والله سبحانه وتعالى يُذَكِّر الإنسان دائماً في محكم تنزيله أن الله خلقه في بطن أمه وهو وهن وأمه بطبيعتها كامرأة مخلوق ضعيف فهي وهن ، فكان الحمل وهناً على وهن كما قال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }
. فانظر أخي في الله إلى هذا المجهود العظيم الذي بذلته أمك وهي حامل بك في أحشائها تسعة أشهر وهي الضعيفة بطبيعتها ، فمثل ذلك على نفسك أخي في الله لو أنك اشتريت حاجة ما ، تزن اثنين كيلو غرام فهل تستطيع أن تحمله بيد واحدة من السوق إلى البيت دون أن تغير إلى اليد الأخرى ؟!! فكيف بهذه الأم الضعيفة حملتك تسعة أشهر تأكل من أكلها تتغذَّى من دمها كالعلقة تأخذ من نفسها ، تسعة أشعر ، وأنت أحب إلى قلبها من العسل ، ويا ليت هذا فحسب بل عندما يحين موعد خروجك من بطنها تأتي الزفرات والآهات والآلام من أمك وربك أنك تستعصي عن الخروج فيؤدي الأمر بالطبيب أن يفتح بطن أمك بالمشرط لإخراجك ، ويا ليت ذلك يعجبك تخرج وأنت تبكي ، وأمك تلك المسكينة لما تستيقظ من البنج بعد غيبوبتها أثناء عملية الولادة ، تنظر إليك بعين العطف والرحمة فتنسى كل ما عانته من الآلام طيلة مدة الحمل والولادة بنظرة واحدة وهي تقول " ربي ، ربي خذ من عمري وأعطه " .
وهناك
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :