عنوان الموضوع : طلب عاجل..الرجاء من الاخوة من له دليل الاغفال يرسله لنا انشغالات الدارة
مقدم من طرف منتديات العندليب
- الرجاء من الاخوة من له دليل الاغفال يرسله لنا ... وشكرا
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
ماذا تقصد ؟
=========
>>>> الرد الثاني :
que voulez vous dir expliquer
=========
>>>> الرد الثالث :
لم أفهم قصدك يا أخي
=========
>>>> الرد الرابع :
كتاب الإغفال
وهو المسائلُ المصلَحَةُ من كتاب ( معاني القرآن وإعرابه ) لأبي إسحاق الزَّجَّاج
المتوفَّى سنة 311 هـ
تأليف العلاَّمة
أبي عليٍّ الحسنِ بنِ أحمدَ بنِ عبد الغفَّار الفارسيِّ النَّحويِّ
المتوفَّى سنة 377 هـ
تحقيق
د. عبد الله بن عمر الحاج إبراهيم
أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية والعربية من جامعة الملك فهد
للبترول والمعادن - الظهران
ملخص البحث
هذا العمل هو تحقيق لنص من النصوص اللغوية التراثية ، قائم حول مواضع من كتاب “ معاني القرآن وإعرابه ” لأبي إسحاق الزجاج . عمد فيه مؤلفه أبو علي الفارسي إلى إصلاح ما وقع في كتاب “ معاني القرآن ” من أخطاء لغوية .
سبقت النص مقدمة موجزة تناولت فيها باختصار التعريف بصاحب الكتاب ( أبي علي الفارسي ) ، وأهم الملامح في هذا الكتاب ، ونسخه الخطية . وقد حاولت جاهداً إظهار نص الكتاب واضحاً سليماً إلى حد أرجو أن يكون مقبولاً فضبطته بالشكل ، وعلقت عليه بحسب ما تدعو إليه الحاجة وتقتضيه عملية تحقيق النصوص من إيضاح ، وتفصيل وتخريج للأقوال والمسائل والشواهد ، والتعريف بما تدعو الحاجة إلى تعريفه ، وكذلك مقابلة مسائله وإرجاعها إلى المصادر الأصلية في هذا الفن .
وأرجو بعملي المتواضع هذا أن أكون قد وفقت إلى إظهار نص تراثي مهم بعيداً عن أيدي الباحثين والمختصين فترة طويلة من الزمن - على الرغم مما عانيته من ذلك وصرفت فيه من وقت وجهد - ومعتذراً للإخوة الأفاضل عما قد يكون فيه من قصور . والحمد لله أولاً وآخراً .
أوَّلاً :
ـ مقدمة التحقيق .
ـ ترجمة المؤلف .
ـ كتاب (الإغفال) موضوعه منهجه أهميته .
ـ اســـــم الكتاب ، وزمن تأليفه .
ـ نسخ الكتاب ، ومنهج التحقيق .
مقدمة التحقيق
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، أحمدُهُ على عظيم مِنَنِهِ ، وسابِغِ نِعَمِهِ ، حمْدَ الشَّاكرين ، وأسألُهُ المزيدَ من فضله . وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ على أشرف خَلْقِه محمَّدِ بنِ عبدِ الله ، صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه ، وعلى آله وصحابته الكرام البررة ، والتَّابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين .
وبعد ، فيَسُرُّني أنْ أُقَدِّمَ إلى سَدَنَة كتاب الله العظيم ، وعُشَّاق لغته الغالية ، هذا الأثرَ النَّفيسَ من آثار سَلَفِنَا الصَّالح رضوانُ الله ورحماتُهُ عليهم أجمعين ، هؤلاء الأفذاذ الذين بذلوا الغاليَ والنَّفيسَ ، فضربوا الأكباد، وهجروا لذيذَ الرُّقاد، لصون هذه الُّلغة العظيمة ، لغة القرآن الكريم ، وحمايتها من الاندثار والأفول ، فكان النَّتاجُ آثاراً نفيسةً ، تدلُّ على رسوخِ قَدَمٍ ، وعُلُوِّ كعبٍ ، وسُمُوِّ هِمَّةٍ . فرحِمَ الله هؤلاء الأعلام ، وأعلى مقامهم في الخالدين .
هذا الأثرُ هو كتاب (الإغفال) وهو ، (المسائل المصلحة من كتاب معاني القرآن وإعرابه للزّجَّاج) .
أمَّا مؤلِّفُهُ (أبو عليٍّ الفارسيُّ) فهو عَلَمٌ مبرِّزٌ من هؤلاء الأشياخ الذين قلَّ أن يجهَلَهم طالبُ علمٍ ، لِمَا لهم من أيادٍ بيضاءَ سابغةٍ ، شهد لهم بها القاصي والدَّاني . وقد قيَّضَ الله لأبي عليٍّ باحِثِينَ وأساتذةً أجِلاَّءَ قاموا بنفض غبار الزَّمن عمَّا وَصَلَ إلينا من مؤلفاته ؛ إذ قد طُبِعَ إلى اليوم أكثرُهَا ، وتقبَّلَهَا أهلُ العربيَّة بقَبولٍ حسَنٍ .
إلاَّ أنَّني رأيتُ بعضَ كتبِ أبي عليٍّ لا تزالُ رهينةَ أرفف المكتبات ، ورأيتُ كثيراً من أهل العربية يُحجِمون عن تحقيقها وإخراجها ، وهي بذلك جديرةٌ ، وله مستوجبة .
ولَمَّا صَحَّت عزيمتي في إخراج بعض تلك الكُتُبِ التي غُمِطَتْ أقدارُها ، وضُرِبَ عنها صفحاً، وجَّهتُ شطري نحو كُتُبِ أبي عليٍّ (رحمه الله) لعلِّي أكونُ أحدَ خَدَمَتِهَا ، فرأيتُ منها كتابَين جليلَين ، لهما نُسَخٌ متوافرةٌ لَمَّا يَرَيَا النورَ بعدُ، وهما ينتظران العناية والاهتمام:
أولهما: كتابُ (( الإغفال )) ، وهو موضوع تحقيقنا .
وثانيهما : كتاب (( المسائل الشِّيرازيَّات )) . وهذا الكتاب قد قيَّضَ الله له أستاذَنَا الفاضلَ الدُّكتور حسن بن موسى الشَّاعر ؛ حيث ندب نفسه لإخراجه ، فسح الله في مدَّته، وسهَّلَ أمره لإتمامه .
ولَمَّا كانت لأبي عليٍّ رحمه الله تلك الشُّهرةُ الذَّائعةُ بين أهل العربيَّة، وكان كثيرٌ من الأساتذة والباحثين قد أفاضوا في الحديث عنه ، وعن حياته العلميَّة ، ومؤلَّفاته ، وسائرِ جوانب حياته ، وعلى رأسهم أستاذيَ الفاضلُ الدُّكتور عبد الفتَّاح إسماعيل شلبي في سِفْره النفيس (( أبو عليٍّ الفارسي )) ؛ إذ كان وافياً شافياً. أضِف إليه مقدِّمات المحقِّقين الأفاضل الذين قاموا بنشر كتبه ، وتحدَّثوا في صدر تحقيقاتهم عنه بإسهابٍ ؛ لهذا سوف أقتضب الحديث عن أبي عليٍّ وسيرته فأعطي منها صورةً مقتضبةً لمن أرادها على طرف الثُّمام .
وإني إذ أحمدُ الله سبحانه على توفيقه لي في الشروع في تحقيق هذا الكتاب، كلِّي أملٌ أن يقع عملي هذا موقع الرِّضَا والقَبُولِ لدى أهل العربيَّة الخالدة . وقد بذلتُ فيه ما وسعني من جهدٍ ، ولم أضنَّ عليه بوقتٍ أو بحثٍ أو مشورة فإن أصبتُ فيما أسلَفْتُ فمن الله سبحانه ، وأسألُهُ أن يجعَلَ عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم ، ومُدَّخراً لي في صالح العمل ، أزدلفُ به إليه يوم الحشر الأكبر ، وإنْ كنتُ أخطأتُ أو أسأتُ في عملي ، فأستغفرُ الله العظيم منه ، وأُذكِّرُ كلَّ مَن يقفُ على شيءٍ من ذلك بقول الإمام الخطابي( [1]) (رحمه الله) : (( وكلُّ مَن عَثَرَ منه على حرفٍ أو معنًى يجبُ تغييرُهُ فنحنُ نناشدُهُ الله في إصلاحه وأداءِ حقِّ النَّصيحة فيه ، فإنَّ الإنسانَ ضعيفٌ لا يَسْلَمُ من الخطأ إلاَّ أنْ يعصِمَهُ الله بتوفيقه، ونحنُ نسألُ الله ذلك ، ونَرْغَبُ إليه في دَرَكِهِ ، إنَّه جَوَادٌ وَهُوبٌ )) . والشُّكرُ مزجًى إلى كلِّ مَن يقفُ على خطأٍ فيه فيُرشدُني إليه ، ورَحِمَ الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي . والرجاء موصولٌ لكلِّ مَن ينظُرُ فيه أن يخصَّني بدعوةٍ صالحةٍ بظهر الغيب.
وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلَّى الله على سيِّدنا محمِّد وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً .
• • •
أبو عليٍّ الفارسيُّ :
هو الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الغفَّار بنِ سليمانَ الفارسيُّ الفَسَويُّ النَّحويُّ ، أبو عليٍّ( [2])، المشهورُ في العالم اسمُهُ المعروفُ تصنيفُهُ ورسمُهُ ، أوحدُ زمانه في علم العربيَّة . من أكابر أئمَّة النَّحويين . عَلَتْ منزلتُهُ بينهم حتى فضَّله قومٌ من تلامذته على المبرِّد . قال فيه أبو طالبٍ العبديُّ : ما كان بين سيبويه وأبي عليٍّ أفضلُ منه.
وُلد أبو عليٍّ بـمدينة (فسا) من مدن بلاد فارس( [3]) سنة (288هـ) ، وتجوَّل في كثير من البلدان ، فقدم بغداد واستوطنها سنة (307 هـ)، ورحل إلى الموصل سنة (337 هـ)، وفيها لقيه ابن جني ، ثم رحل إلى حلب سنـــة (341هـ) ، وأقام بها مدة عند سيف الدولة ، ثم عاد إلى فارس وصحب عضد الدولة البويهي ، وتقدم عنده ، وعلت منزلته وعنه أخذ عضدُ الدولة النحو حتى قال فيه : أنا غلام أبي عليٍّ النحوي الفَسَــوي في النحو . وله صنَّف أبو عليِّ كتاب (( الإيضاح )) في النحو ، فلما حمله إليه استقصره عضد الدولة ، وقال له : ما زدتَ على ما أعرفُ شيئاً وإنما يصلُحُ للصِّبيان ، فمضى أبو عليٍّ وصنف كتاب (( التكملة )) وحملها إليه ، فلما وقف عليها عضدُ الدولة قال : غضب الشَّيخُ ، وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو . ثم رحل أبو عليٍّ إلى بغداد واستقرَّ فيها إلى أن وافته منيَّتُهُ سنـــة (377هـ) ، وقد جاوز التسعين من عمره . رحمه الله رحمةً واسعة .
أخذ أبو عليٍّ عن جلَّةٍ من علماء زمانه ، أشهرهم( [4]) :
أبو إسحاق الزجَّاج (ت 311 هـ) ، وأبو الحسن علي بن سليمان الأخفش الأصغر (ت 315 هـ) ، وأبو بكـر محمد بن السري بن السراج (ت316 هـ) ، وأبو بكر بن الخياط (ت 320 هـ) ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت321 هـ) ، وأبو بكر بن مجاهد (ت 324 هـ) ، وأبو بكر مبرمان (ت325هـ) .
وبرع له تلامذةٌ أجلاَّءُ أشهرُهُم :
أبو الفح عثمان بن جني (ت 392 هـ) ، وأبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت393 هـ) ، وأبو طالب العبدي (ت 406 هـ) ، وأبو عبد الله محمد بن عثمان بن بلبل ( ت 410 هـ ) ، وعلي بن عبد الله السمسمي (ت415 هـ) ، وأبو الحسن علي بن عيسى الربعي ( ت 420 هـ) ، وأبو علي المرزوقي (ت421 هـ) ، وابنُ أخته أبو الحسين محمد بن الحسين بن عبد الوارث الفارسي النحوي (ت 421 هـ) ، وغيرهم( [5]) .
وقد عاصر أبا عليٍّ ثلَّةٌ من العلماء ، كان من أبرزهم :
أبو القاسم الزجاجي (ت 337هـ) ، وأبو سعيد السيرافي ( ت 368 هـ) ، وابن خالويه (ت370هـ) ، وأبو الحسن علي بن عيسى الرماني (ت384هـ). رحمهم الله جميعاً .
أمَّا عن آثاره فقد رحلَ أبو عليٍّ الفارسيُّ (رحمه الله) عن الدُّنيا تاركاً لنا ميراثاً عزيزاً غزيراً ، ومصنَّفاتٍ عجيبةً حسنةً لم يُسْبَقْ إلى مثلها ، نشير إلى أهمِّها فيما يلي( [6]):
1 ـ الحجة للقراء السَّبعة( [7]) .
2 ـ الإغفال أو (المسائل المصلحة من كتاب إبي إسحاق الزجاج) . وهو موضوع تحقيقنا .
3 ـ الإيضاح( [8]) .
4 ـ التكملة( [9]) .
5 ـ المسائل العسكريات( [10]) .
6 ـ المسائل البغداديـات( [11]) .
7 ـ المسائل العضديـات( [12]) .
8 ـ المسائل الحلبـيـات( [13]) .
9 ـ المسائل المنـثـورة( [14]) .
10 ـ المسائل البصريات( [15]) .
11 ـ المسائل الدمشقية .
12 ـ المسائل الكرمانية .
13 ـ المسائل الشيرازيات .
14 ـ المسائل المجلسيات .
15 ـ المسائل الذهبيات .
16 ـ المسائل القصرية .
17 ـ الهيثيات .
18 ـ الأهوازيات .
19 ـ العوامل المائة .
20 ـ المقصور والممدود .
21 ـ أبيات المعاني .
22 ـ نقض الهاذور ( وهو ردٌّ على ابن خالويه في ردِّه على الإغفال الذي قيل : إنه سماه بالهاذور ) .
23 ـ إيضاح الشعر (أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب)( [16]) .
24 ـ التعليقة على الكتاب( [17]) .
25 ـ التذكرة ، (وهو كبير في مجلدات) . وغيرها .
أمَّا عن قرض الفارسيِّ للشــعر فيروي لنا تلميذُهُ ابنُ جني ( رحمه الله) قائلاً( [18]) : (( لم أسمع لأبي عليٍّ شعراً قطُّ، إلى أن دخل إليه في بعض الأيام رجلٌ من الشُّعراء، فجرى ذِكْرُ الشِّعر ، فقال أبو عليٍّ : إنِّي لأغبطُكُم على قولِ الشِّعر ، فإنَّ خاطري لا يواتيني على قولِهِ، مع تحقُّقي للعلوم التي هي من موارده . فقال له ذلك الرَّجُلُ : فما قلتَ قطُّ شيئاً منه البتَّةَ ؟ فقال : ما أعهد لي شعراً إلا ثلاثة أبياتٍ قلتُها في الشَّيب ، وهي قولي :
خَضَبْتُ الشَّـيْبَ لَمَّا كَانَ عَيْباً وَخَضْبُ الشَّيْبِ أَولَى أَنْ يُعـَابـَا
وَلَمْ أَخْضِبْ مَخَـافَةَ هَجْرِ خِلٍّ وَلاَ عَيـْبــاً خَشـِـيْـــتُ وَلاَ عِتَابَا
وَلَكِــنَّ المشِيْــبَ بَدَا ذَمِـيـْمـاً فَصَـيَّـــرْتُ الخِـضَـابَ لَهُ عِقَابَا
فاسْتَحْسَنَّاها وكَتَبْنَاها عنه )) .
كتاب الإغفال (موضوعه ، منهجه ، أهميته):
يُعَدُّ كتاب (( الإغفال )) صورةً واضحةً لذلك اللَّون من النَّشاط النَّحوي الذي شاع في القرن الرَّابع الهجري والمتمثِّل في تعقُّب النُّحاة وتتبُّع بعضهم بعضاً، كما يُعدُّ الكتابُ صورةً صادقةً لضلاعة أبي عليٍّ وتمكُّنه العلمي وتبحُّره ، ومن ثَمَّ رأينا ابنَ قاضي شهبة ( رحمه الله) يصفُ كتابَ (( الإغفال )) بأنَّه كتابٌ نفيسٌ( [19]) .
ـ يدور موضوع هذا الكتاب حول مسائل أخذها أبو عليٍّ على شيخه أبي إسحاق الزَّجَّاج في كتابه (( معاني القرآن وإعرابه )) ، فذكَرَ نصَّها ، وأبدى موضع المؤاخَذَةِ منها ، ثم عرض لها بالتَّفنيد والرَّدِّ والإصلاح ،كما أشار في بداية الكتاب حيث قال : (( هذه مسائلُ من كتاب أبي إسحاق الزَّجَّاج في إعراب القرآن ، ذَكَرْنَاها لِمَا اقتضَتْ عندنا من الإصلاح للإغفال الواقع فيها ، ونحنُ ننقلُ كلامَهُ في كل مسألةٍ من هذه المسائل بلفظه ، وعلى جهته من النُّسخة التي سمعناها منه فيها ، ثم نُتبِعُهُ بما عندنا فيه ، وبالله التَّوفيقُ )) .
ـ تناول أبو عليٍّ في الكتاب ما يزيد على مائةِ مسألةٍ . وهي في مجملها قضايا نحويَّةٌ وصرفيَّةٌ وصوتيَّةٌ تناولها أبو عليٍّ بالشَّرح والتَّحليل . وقد أطنب في بعضها كثيراً بحيث لم يترك زيادةً لمستزيد ، وفي بعضها كان يقتضبُ القول اقتضاباً بما يوضِّحُ موضعَ الإغفال من كلام الزجاج ، وفي بعضها الآخر نراه يسكُتُ فلا يُعقِّبُ بشيء بعد ذِكْرِ موضع الإغفال ، ولعله اكتفى بكلامه عنه في مكانٍ آخَرَ .
ـ كان من منهج أبي عليٍّ في (( الإغفال )) أنَّه يبتدئُ بذِكْرِ نصِّ أبي إسحاقَ، وقد يشير إلى مواضعَ أخرى من ( معاني القرآن وإعرابه ) تكرَّرَ فيها كلامُ أبي إسحاق ، ثمَّ يُتْبِعُ أبو عليٍّ ذلك بكلامه مبتَدِئاً بقوله : (( قال أبو عليٍّ ))، ثمَّ يأخُذُ بتفنيد رأي أبي إسحاق ، ودحضه بالأدلة والبراهين ، ويصف في بعض الأحيان قولَه بالغلط والنِّسيان ، وأحياناً بالفساد والبُعْدِ عن قول سيبويه .
ـ كتابُ (( الإغفال )) يصدُرُ عن نزعةِ التَّقدير التي وَقَرَت في صدر أبي عليٍّ لسيبويه ، ومن أجل ذلك هاجم مَن هاجَمَ كالمبرِّد والزَّجَّاج ، وسالَمَ مَن سَالَمَ كأبي زيدٍ وقُطْرُب ، معتبراً في ردِّهِ وهجومه ومسالمته ما يرى أنَّه الحقُّ أوَّلاً وما يبدو من موقفِ المهاجم أو المسالم ثانياً( [20]) .
ـ كتاب (( الإغفال )) يدلُّ دلالةً واضحةً وصادقةً على تفهُّم أبي عليٍّ لكتاب سيبويه ، وعكوفه عليه ، وتعمُّقه في دراسته ، لذا فقد كان أبو عليٍّ يضمِّنُ كلامَه كثيراً من عبارات سيبويه وأمثلتِهِ ، حتَّى إنَّكَ لتراه يجري على لسانه كأنَّه يحفظُهُ عن ظهر قلب ، حتى إن عباراته تداخلت مع نص الكتاب في بعض نسخه( [21]) .
وكثيراً ما يتكلَّمُ بكلام سيبويه ، ويمثِّل بأمثلته دونما إشارة، فإذا عدتَ إلى الكتاب رأيت الكلام لسيبويه . ولَمَّا كان لسيبويه (رحمه الله) المكانة الأولى بين النحاة ، فلا غرابة في أن يجري أبو عليٍّ في فلكه . ويرى الأستاذ الدكتور عبد الفتاح شلبي أنَّ هناك أسباباً خاصة أخرى جعلت أبا عليٍّ يقفُ هذا الموقف من إمام النُّحاة ؛ فكلاهما فارسيٌّ ، بل إن قبر سيبويه موجود بشيراز تلك المدينة التي بقي فيها أبو عليٍّ قرابة عشرين سنة أيام صباه ، ثم عاد إليها بعد رحلته إلى بغداد واتصاله بعضد الدولة ليقيم فيها عشرين سنة أخرى ، فهذه أربعون عاماً قضاهاً بجوار ذلك الإمام ، ولعلَّ كلَّ ذلك دافِعٌ لأنْ يقِفَ أبو عليٍّ ذلك الموقف الصُّلب مدافعاً عن إمام النحاة (سيبويه) ضدَّ معارضيه (رحمهم الله جميعاً)( [22]). وأقولُ : بل ربما يكونُ الدَّافعُ الأهمُّ في هذه الحملة التي قادها أبو علي ضدَّ شيخه هو الخلاف المذهبي بين أبي إسحاق السني ، وأبي عليٍّ المعتزلي .
(( لقد قرأ أبو عليٍّ (رحمه الله) كتاب سيبويه قراءةً فاحصةً واعيةً ، ووازن نسخه بعضها ببعض ، وردَّ ما يُتَوهَّمُ في الكتاب من التَّدافع ، وصحَّحَ مذهبه ، واحتجَّ به ، واحتجَّ له ، ونصَّ على أنَّ القولَ قولُ سيبويه ، وبنى على ما يرويه ، وقاس على ما يحكيه )) ( [23]) ، ومن ثَمَّ فإنَّ أبا عليٍّ يُتعِبُ مَن يتصدَّى إلى تحقيق مؤلفاته ، في إرجاع اقتباساته من كلام سيبويه إلى (( الكتاب )) ، لذا فقد تعبتُ في تتبُّع مسائله في الكتاب ، وأخفقتُ في الوصول إلى بعضها ممَّا حكاه عن سيبويه .
كلُّ هــذا في (( الإغفال )) يدلُّ بوضوحٍ على صدق قول أبي حيَّان التوحيدي في أبي عليٍّ و(( الكتاب )) حيث قال( [24]): (( وأما أبو عليٍّ فأشدُّ تفرُّداً بالكتاب ، وأشدُّ إكباباً عليه، وأبعدُ من كلِّ ما عداه مما هو علمُ الكوفيين ، وما تجاوز في اللُّغة كتبَ أبي زيدٍ ، وأطرافاً مما لغيره، وهو متِّقدٌ بالغيظِ على أبي سعيد، وبالحسد له، كيف تمَّ له تفسيرُ كتاب سيبويه من أوَّلِهِ إلى آخِرِهِ بغريبه، وأمثاله، وشواهده، وأبياته )) .
ومن ثَمَّ رأينا أبا عليٍّ يدافع عن سـيبويه ، وعن آراء سيبويه، ضد المعترضين وبخاصَّةٍ المبرِّدُ الذي اعترض على سيبويه وخطَّأه في كتابه المسمى بـ( الغَلَط ) ، ولعلَّ هذا ما جعل الفارسيَّ يعمد إلى الزَّجَّاج تلميذ المبرد فيتعقَّبُهُ في كتابه (( معاني القرآن وإعرابه )) ويَرُدَّ عليه في هذا الكتاب الذي نحن بصدد تحقيقه، ولعل ذلك أيضاً كان الحامل على مسالمته في الأعم الأغلب لأحمد بن يحيى (ثعلب) خصم المبرد( [25]). على أنَّ أبا حيَّان (رحمه الله) أرجَعَ ذلك إلى أنَّ أبا عليٍّ كان مـحبًّا للرَّدِّ على الزَّجَّاج وتخطئته، قال : (( لأنَّه كان مولَعاً بذلك ))( [26]) .
لقد جاء كتاب (( الإغفال )) شرحاً لكثير من نصوص كتاب سيبويه ، وتطبيقاً للقواعد التي فيه ، فقد رأيتُهُ حريصاً بشكل كبير على شرح كلام سيبويه أينما مرَّ به ، وكان يعمدُ ـ في كثير من الأحيان ـ إلى بسط القولِ في المسائل لأنَّ لها ارتباطاً بكلام سيبويه ، فنراه يقول( [27]) : (( ... وإنمَّا شـَـرَحْنَا هـذا لأنَّهَا من مسائل الكتاب ، وهذا لفظُ سيبويه، قال : وممَّا جاء من هذا الباب في القرآن وغيرِه قولُهُ : { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيْمٍ تُؤْمِنُوْنَ بِاللهِ وَرَسُوْلِهِ وَتُجَاهِدُوْنَ في سَبِيْلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } ، فلما انقضت الآية قال: { يَغْفِرْ لَكُمْ } )) .
وقد يشرحُ أبو عليٍّ نصاً لسيبويه لا نجدُهُ له في كتبه الأخرى، ولا في تعليقته التي وضعها على الكتاب ، وخاصَّة إذا كان يُوردُ أكـثرَ من رواية لنص سيبويه كما هي عادته في كثير من المواطن ، ومن ذلك ما فعله مع نص سيبويه الذي قال فيه( [28]): (( اعلَمْ أنَّ قولَهم في الشِّعْرِ: إِنْ زَيدٌ يَأْتِكَ يكنْ كذا ، إنمَّا ارتَفَعَ على فِعْلٍ هذا تفسيرُهُ ،كما كان ذلك في قولِكَ : إِنْ زَيْداً رَأيتُهُ يكُنْ ذلك ؛ لأنَّه لا يُبْتَدَأ بعدها الأسماءُ ثُمَّ يُبْنَى عليها )) .
قال (أي: سيبويه): (( فإنْ قلتَ : إِنْ تَأتِنِي زَيدٌ يَقُلْ ذاكَ ، جاز على قولِ مَنْ قالَ : زَيداً ضَرَبْتُهُ ، وهذا موضعُ ابتداءٍ ـ وفي نسخةٍ أخرى : وليس هذا موضعُ ابتداءٍ ـ ، ألا ترى أنَّكَ لو جِئْتَ بالفاء فقلتَ : إِنْ تَأْتِنِي فَأنَا خيرٌ لكَ ، كان حَسَناً . وإنْ لم تَحمِلْهُ على ذلك رُفِعَ ، وجاز في الشِّعْرِ كقوله :
* ... ... اللَّهُ يَشْـــكُرُهَا *
ومثلُ الأوَّلِ قولُ هِشَامٍ الْمُرِّيِّ :
فَمَنْ نَحْنُ نُؤْمِنْهُ يَبِتْ وَهْوُ آمِنٌ وَمَنْ لاَ نُجِـرْهُ يُمْسِ مِـنَّـا مُفَزَّعَا ))
فقد تكلم الفارسيُّ على هذا النصِّ (في كلتا روايتيه) بإسهابٍ ، وبيَّن مقصوده فيه .
إنَّ أبا عليٍّ يقفُ باقتدارٍ عجيبٍ على دقائق كلام سيبويه ، ونراه (رحمه الله) ينبِّهُ على وجود كلامٍ في كتاب سيبويه يوحي بالتَّناقض بين موضعٍ وآخَرَ ، وأنَّه يجب التنبُّه إلى ذلك فيُتَفَقَّدَ ويُمَحَّصَ فلا يحمل على التناقض ، استمع إليه يقولُ( [29]): (( كثيرٌ من الكتاب يجب أن يُتَفَقَّدَ فلا يُحمَلَ على ما يتناقَضُ . وهو غير قليلٍ )) .
ومن مظاهر عنايته واهتمامه وتفرده بالكتاب أنه قد يجمع لنا ما يخص المسألة من كلام سيبويه المتفرق في كتابه ، ويشير إلى ذلك فيقول( [30]) : (( ... فقد نصَّ كما ترى على أنَّ (فَعَلْتُ) قد وقع موقع (أَفعَلُ) في غير الجزاء ، فإنمَّا غرضُهُ في وقوع هذه الأمثلة بعضِها مكان بعضٍ، ما تقدَّمَ حكايتنا له . وهذه المواضع التي جمعناها فيما أردْنَاه من الاتِّساع في هذه الأمثلة متفرِّقةٌ في (( الكتاب )) غيرُ مجتمعةٍ، فقِفْ عليها )) .
وإذا لم يكن لسيبويه نصٌّ في الموضوع الــــذي يتحدَّثُ فيه الفارسيُّ نَصَّ على ذلك فقال: (( وليس لسيبويه فيه نصٌّ )) ( [31]) .
ورُبمَّا قوَّى رأيَ غيرِ سيبويه عليه ،كما في المسألة السادسةَ عشرَةَ حيث أيَّدَ رأيَ الأخفش في أنَّ الألِفَ واللاَّمَ في (( الرجل )) من قولهم : (( ما يحسُنُ بالرَّجُل مثلك )) زائدةٌ فقال : (( ومذهبُهُ عندي أقوى )) ( [32]) .
ـ عرَضَ أبو عليٍّ في كتابه هذا كثيراً من المسائل النَّحْويَّة واللُّغويَّة والصَّرفيَّة، وهذه المسائلُ في أغلبها مسائلُ اعتمد فيها الزَّجَّاجُ على كلام للخليل وسيبويه ، إلاَّ أنـَّه فَهِمَهُ على غير الوجه الذي فَهِمَهُ عليه الفارسيُّ ، ومن هنا كان الطَّابَعُ العامُّ لهذه المسائل طابعاً نحوياً صرفياً ، وفي القليل كان تعقُّبُهُ عليه من جهة التَّفسير ، ولعلَّ أكبر دليل على ذلك هو أنَّكَ تمضي في الكتاب إلى صفحة (100) تقريباً فلا تراه يتناول إلا ثلاثَ مسائلَ هي : (لفظ الجلالة وتصريفه) و(إيَّا) ، و(حروف التَّهجِّي في أوائل السور) . وقد اقتضب أبو عليٍّ الحديث في بعضها، وأطال في بعضها الآخر واستطرَدَ مستشهداً على كل ما يقول في غالب الأحيان بأقوال سيبويه ، والأئمة من اللغويين أمثال أبي زيدٍ وقطرُبٍ ، ومستدلاً على ما يقول بأشعار العرب وأمثالهم .
ـ شخصيَّةُ أبي عليٍّ واضحةٌ غاية الوضوح في (( الإغفال )) ، فتراه يصحِّحُ ويقوِّي ، ويخطِّئ ويوهِّنُ ما يراه وتراه يختارُ مشيراً إلى الأحبِّ من الآراء إليه فيقولُ : (( والأول أعجبُ إلينا )) ، أو يستبعدُ ما لايراه قوياً فيقول : (( ولا أستحسنُ هذا )) ( [33]) .
ـ كان أبو عليٍّ (رحمه الله) يُقَدِّرُ العلماءَ الثِّقات ، بل إنـَّه يرى وُجُوبَ اعتبارِ ما رَوَوه وإنْ جاء مخالفاً للعام الشَّائع ، فتراه يقولُ عن قُطْرُبٍ في روايته لـ (( إسوار )) بالكسر: (( فأمَّا ما حكاه قُطْرُبٌ من أنَّه يُقالُ فيه( إِسْوَارٌ )) فهذا الضَّرْبُ من الأسماء قليلٌ جدّاً، إلاَّ أنَّ الثِّقَةَ إذا حَكَى شيئاً لَزِمَ قَـبُولُهُ. ونظيرُهُ قولُهُم : الإِعْصَارُ... )).
ـ يعمَدُ أبو عليٍّ في كثيرٍ من الأحيان إلى استقصاء المعنى في مادَّةٍ لغويَّةٍ ما ، وذِكْرِ الكَلِمِ المصَرَّفة منها ،كما في (شور)( [34]) و(آن)( [35]) وغيرها .
ـ يَشيعُ في (( الإغفال )) النَّزعةُ المنطقيَّةُ الجدليَّةُ التي اتَّسَمَ بها أسلوبُ أبي عليٍّ، ومن ثَمَّ فإنَّكَ واجدٌ عباراته : (فإن قال قائلٌ ... قيل له) و(فإن قيل : ... قيل) ، و(فإن قلتَ ... فالجواب) مبثوثةً في كل مسألة .
أمَّا الاستطرادُ والخروج عن موضوع المسألة المعتَرَضِ عليها فأمر واضحٌ أيضاً ، ولذلك رأيناه يقولُ في غير مكان : (( وهذا شيءٌ قد عرض في المسألة ثمَّ عدنا إليها )) ( [36]).
ـ يجمَعُ أبو عليٍّ بعضَ المسائل مع بعضها لمناسبة بينها ، ومن ثَمَّ فإن بعض الآيات يتقدَّم ذكرها عن مكانها الحقيقي في سورتها ، ولا يعيد أبو علي ذكرها في مكانها ، أو أنه يذكرها ويحيل على ما تقدم فيها ،كما حدث في الآية: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوْعِ }، وهي الآية (155) من سورة البقرة، فقد أوردها الفارسيُّ حين حديثه عن الآية (38) في المسألة الثامنة ، في حين أن هناك آيات أخرى متقدمة عليها جاءت بعدها ، كما ذَكَرَ في هذا المكان أيضاً قولَه تعالى : { لَتُبْلَوُنَّ في أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } وهي الآية (186) من سورة آل عمران ، وقولَه : { لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيءٍ مِنَ الصَّيْدِ } وهي الآية (94) من سورة الأنعام وهكذا ، وقد صنعت فهرساً عامّاً للآيات الواردة في الكتاب يمكن من خلاله الوصول إلى مكان أي آية .
ـ يُحيلُ الفارسيُّ كثيراً في كتاب (( الإغفال )) إلى بعض كتبه الأخرى وخاصةً كتاب : (( المسائل المشكلة )) المعروف بـ (( البغداديات )) ، على أنه تجدُرُ الإشارةُ أيضاً هنا إلى شيء مهمٍّ وهو أنَّ الفارسيَّ (رحمه الله) قد أحال أيضاً في كتابه (( المسائل المشْكِلَة )) المعروف بـ (( البغداديَّات )) إلى كتاب (( الإغفال )) ، وذلك قد أوقع بعضَ الباحثين في حيرةٍ من أمرهم، هل كتاب (( المسائل المشْكِلَة )) غيرُ كتاب (( البغداديَّات )) ؟ أم أنـَّهما كتابٌ واحدٌ ؟ وإذا كان كذلك ، فكيف وقعت الإحالةُ في كلِّ كتابٍ منهما على الآخَرِ ؟
ذهب الدُّكتورُ عبد الفتَّاح شلبي في استنتاجه إلى أنـَّهما كتابان :
أوَّلهما (( المسائل المشْكِلَة )) .
وثانيهما (( البغداديـَّات )) .
ويكونُ ترتيبُ تأليفهما مع (( الإغفال )) على النحو التَّالي : (( المسائل المشْكِلة )) أوَّلاً ، ثمَّ (( الإغفال )) ، ثمَّ
(( المسائل البغداديَّات ))( [37]).
على أنَّ محقِّقَ (( المسائل المشْكِلَة )) المعروفة بـ (( البغداديَّات )) ذهب إلى أنَّ كتاب (( المسائل المشْكِلَة )) هو نفسُهُ كتاب (( البغداديَّات )) ، فهما كتابٌ واحدٌ ، وفسَّر الإحالة من كلِّ كتابٍ على الآخر بأنَّ كتاب (( المسائل المشكلة )) قد تقدَّمت بعضُ مسائله على كتاب (( الإغفال )) فأحال منه إليها ، وتأخَّرت بعضُ مسائله عن (( الإغفال )) فأحال منها إليه، فتكون فترة تأليف (( المسائل المشكلة )) أطولَ زمناً من (( الإغفال )) ( [38]) .
ـ أمـَّا أهميَّة الكتاب فتكمن في : تعلقه بكتاب الله تبارك وتعالى ، فقد أقامه على مواضع من كلام شيخه أبي إسحاق الزجاج في كتابه (( معاني القرآن وإعرابه )) ، حيث أصلح مواطن الخطأ والإغفال فيه .
ـ ومن أهميته أيضاً : ذِكْرُهُ لنصوصٍ من كتبٍ مفقودةٍ لم يصل إلينا منها إلاَّ أسماؤها ، ككتـاب (( الغلط )) وكتاب (( المسائل المشروحة من كتاب سيبويه )) ( [39]) كلاهما لأبي العبَّاس المبرِّد ، وشرحُهُ لهذه النصوص وردُّهِ عليها وإصلاحُهُ لبعض المسائل المشهورة عن أبي العبَّاس المبرِّد ، ومن ذلك النَّصُّ الذي جاء عنه في كتاب (( الغلط )) ( [40]) الذي نصَّ فيه على جواز نداء (الذي) إذا سُمِّيَ به حيث قال فيه المبرِّدُ( [41]): ((... وقد صار اسماً فخَرَجَ من أنْ تقولَ فيه: يا أيُّهَا ، ولكن تقولُ : يا الذي رأيتـُهُ ،كما تـقـولُ : يا ألله اغفِرْ لي )) . ويعقِّبُ الفارسيُّ على هــذا النَّصِّ بقوله( [42]): (( وأَظُنُّ أنَّ أبا العبَّاسِ لم يقطَعْ بهذا الذي قالَه في كتابه المترجَم بـ(الغَلَط) ؛ لأنَّ بعضَ مَن أخَذَ عنه حَكَى عنه في هذه المسألة أنَّه قال : يجبُ أن يُنظَرَ فيه ، بل لا أشُــكُّ ؛ لأنِّي قرأتُ على أبي بكر بن السَّــرَّاج في كتابِ أبي العبَّاس المترجَم بـ(المسائل المشروحة من كتاب سيبويه) ما يخالفُ هذا ، وهذا لفظُ ما قال : فأمَّا قولُ ســـيبويهِ : إنـَّـهُ إنْ سُــمِّيَ رَجُلاً (الرَّجُلُ منطلِقٌ) ناداه فقال : يا الرَّجُلُ منطَلِقٌ ، فهو كما قال ؛ لأنَّ هذا ابتداءٌ وخبرٌ سَمَّى بهما رَجُلاً، ليس أحدُهما الاسمَ دون الآخَرِ ، والألفُ واللاَّمُ بهما ثَمَّ للاسم كلِّهِ ، وليسَتَا لـ(الرَّجل) دون (منطَلِقٌ ) )) .
ـ ومن الكتب التي ذكرها أيضاً كتاب (( التهذيب )) الذي كتبه إملاءً من شيخه أبي بكر بن السَّرَّاج ، ولم أقف على حقيقته .
كما أن بعض النصوص التي نقلها عن ابن السراج أظنها من شرحه على الكتاب( [43])، وهو مفقود .
ـ ذكر لنفسه كتاباً كرره كثيراً بقوله( [44]): (( وفي كتابي عن أبي العباس في تفسير هذه الآية ... )) ولم أقف على هذا الكتاب ، أو المقصود به ، والله أعلم .
ـ ذكر بعض النصوص النادرة عن المازني معترضاً على سيبويه( [45]) .
ـ أشار أبو عليٍّ في بعض المواضع إلى نسخ أخرى من كتاب سيبويه فيها بعض زيادات عن غيرها . كما نصَّ على بعض المصادر التي عاد إليها ككتاب (الغلط) للمبرد ، و(النَّوادر) لأبي زيدٍ وغيرهما .
اسم الكتاب ، وزمن تأليفه :
اسم الكتاب هو (( الإغفال )) كما هو واضح على مخطوطة الكتاب التركية ، وكما تواترت عليه المصادر التي ترجمت لأبي عليٍّ الفارسي ، وأفادت من الكتاب ونقلت عنه . وللكتاب اسم آخر هو : (( المسائل المصلحة من كتاب أبي إسحاق الزجاج )) ، كما هو واضح من نسخة دار الكتب المصرية ، وكما ذكره الفارسي نفسه في بعض كتبه الأخرى( [46]) ،كما ذكره في مكان آخر باسم (( مسائل إصلاح الإغفال ))( [47]). والأول هو الأشهر . إلا أنَّ وهماً وقع عند بعض المترجمين، فياقوت الحموي بعد أن ذكر الكتاب باسمَيه للفارسي عاد وذكر له كتاباً باسم (( المسائل المصلحة من كتاب ابن السراج )) ( [48])، ومعنى ذلك أن للفارسي كتابان في المسائل المصلحة أحدهما على الزجاج ، وثانيهما على ابن السراج ، والمعروف أن المسائل التي أصلحها الفارسي هي على شـيخه الزجاج ، وهو المسـمى بـ (( الإغفال )) .
وفي إنباه الرواة( [49]) جاء اسم الكتاب : (( كتاب الإغفال فيما أغفله الزجاجي من المعاني )) ، ولعله من وهم النساخ
وهل هو (الأغفال) بالفتح أو (الإغفال) بالكسر ؟ فهذا ما لم تحدده المصادر، إلاَّ أن الضبط الواضح على مخطوطة (شهيد علي) التركية هو بالكسر ، وسوف أعتمد ما ورد فيها، ولعلَّه الأقرب ، وبخاصَّة أن أبا عليٍّ نفسَهُ قد كرَّره كثيراً في ثنايا الكتاب ، فقال في مفتتح الكتاب : (( هذه مسائلُ من كتاب أبي إسحاقَ الزَّجَّاجِ في إعراب القرآن ، ذَكَرْناها لِمَا اقتضت عندنا من الإصلاح منها للإغفال الواقع فيها ، ونحن ننقُلُ كلامَه في كلِّ مسألةٍ من هذه المسائلِ بلفظه ، وعلى جهته ، من النُّسخة التي سمِعْناها منه فيها ، ثُمَّ نُتْبِعُهُ بما عندنا فيه ، وبالله التَّوفِيقُ )) ، ونراه يكرر ذلك كثيراً في المســائل فيقول : (( وهذا موضع الإغفال منها )) ، ويقول : (( موضع الإغفال من هذه المسألة أنه حكى ... )) ( [50]) ويقول( [51]): (( ... ثبت موضع الإغفال من المسألة )) .
ووجهه أنه من باب الإعجام ، فتكون الهمزة للسَّلب . أما (الأغفال) فهو جمع (غُفْل)، والله أعلم .
أما زمن تأليف (( الإغفال )) فقد كان مبكراً ، وهو من كتب أبي عليٍّ الأولى ، وكان ذلك قبل ارتحاله إلى حلب حيث أحال عليه في مسائله (( الحلبيَّات )) في عدة أماكن( [52]) .
ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ أبا عليٍّ بإصلاح مسائل الإغفال في هذا الوقت المبكر من حياته ، وبتعقُّبِهِ شيخِهِ الزَّجَّاج ـ وهو مَن هو في مكانته بين العلماء والشُّيوخ في عصره ـ جعَلَ لنفسه شهرةً سبقَتْهُ إلى حلب حيث بلاطُ سيف الدولة، وإلى شيرازَ حيث عضدُ الدَّولة الذي استدعاه فيما بعد ( [53]) .
عملي في الكتاب ومنهج التحقيق :
ـ قمتُ بنسْخِ الكتاب ، ومعارضته بالنُّسخِة الأخرى ، وإثباتِ أهمِّ الفروق بين النُّسختين ، والأسقاط الحاصلة فيهما إن وُجِدَت ، وجعلتها بين معقوفين مع الإشارة إلى ذلك أحياناً وتركه أحياناً أخرى . وقد وجَّهتُ أكبر عنايتي لنصِّ الكتاب وإخراجِهِ صحيحاً سليماً قدرَ المستطاع ، وقُمْتُ بضبط أغلب ألفاظِهِ ونصوصِهِ . وقد عانيتُ ـ يعلمُ الله ـ في قراءة نصِّ الكتاب كثيراً ، ومن الله أرجو الأجرَ والمثوبَةَ ، وأكثرُ ما أتعبني فيه هو القِسْمُ السَّاقطُ من النُّسخة (ص) ، واعتمادي على النُّسخة (ش) ، وهذه النُّسخةُ كثيرة الأوهام والأغلاط كما سيأتي شرحه ، فاجتهدتُ قدرَ الإمكان من أجل الوصول إلى الوجه الصَّواب في النَّصِّ ، على أنَّني أقول : إنَّ هناك بعضَ المواضع التي ما تزالُ قابلةً للنَّظر .
ـ أرْجَعْتُ غالبَ كلام أبي عليٍّ إلى مقابله من كلام سيبويه ، وإلى مواضعه من كُتُبِ أبي عليٍّ الأخرى .
ـ خرَّجْتُ أقوالَ العلماء والنُّصوصَ المنقولةَ عنهم من مصادرها المعتَمَدَة ، وأشيرُ إلى أنَّني اعتمدتُ في بعض المصادر كـ(كتاب الشعر لأبي عليٍّ) على أكثرَ من تحقيقٍ ، وأشرتُ في الحواشي إلى أحد التحقيقين ، وتركتُ الإشارةَ إلى الآخَرِ علامةً عليه ، فليُتَنَبَّهْ لذلك .
ـ خرَّجْتُ الشَّواهدَ والأمثالَ ، وذَكَرْتُ نِسْبَةَ ما ترك أبو عليٍّ نسبَتَهُ منها وهو الأغلب فيها .
ـ تتبَّعْتُ القراءاتِ القرآنيَّةَ التي أشار إليها أبو عليٍّ وأحلْتُهَا إلى مصادرها من كتب القراءات السَّبعيَّةِ والشَّاذة وفيما يتعلَّقُ بالقراءات السَّبعيَّة فقد كنتُ أُحيلُ القارِئَ فيها غالباً إلى ما قاله هو في كتابه (الحجَّة للقرَّاء السَّبعة) وكثيراً ما يتَّفقُ كلامُهُ هنا وهناك مع زيادة تفصيلٍ في أحدهما .
ـ ترجمتُ للرِّجال المغمورين الذين ورَدَ لهم ذِكْرٌ في الكتاب بما يكشف عن واقعهم ، ويُبيِّنُ حالهم .
ـ صنعتُ فهارسَ متنوعةً تعينُ الباحثين على الإفادة من الكتاب .
نسخ الكتاب المخطوطة :
وقفتُ على مصوَّرَتَين لنسختَين عتيقتَين من هذا الكتاب :
أولاهما : نسخةٌ محفوطةٌ بدار الكتب المصرية برقم (52) تفسير ، وهي نسخةٌ كتبت في القرن السادس الهجري (على وجه التقريب) ، وتقع في ثلاث وعشرين ومائة ورقة ، وهي نسخةٌ صحيحةٌ في الغالب ، قليلةُ التَّحريف والتَّصحيف ، ومن ثَمَّ كان اعتمادي عليها أكثرَ من الثَّانية ، إلاَّ أنَّ خَرْماً وقع في أولها ذهب بلوحة العنوان ، وباللوحة رقم (3) ، وخَرْماً آخرَ وقع في وسطها في آخر اللوحة (70/أ) ، أقدِّرُهُ بـعشر لوحاتٍ ، ذهب فيها ما يقرب من خمس عشرة مسألةً ، وكان اعتمادي في هذا الجزء على النسخة الأخرى ، وقد عانيتُ في قراءته ما عانيتُ كما أشرتُ سابقاً في منهج التحقيق .
تحتوي كل ورقة من أوراق هذه المخطوطة على (26) سطراً ، في كل سطر (18) كلمةً تقريباً . وقد رمزتُ لها بالحرف (ص) .
وثانيتهما : نسخةٌ محفوطةٌ بالمكتبة السُّليمانيَّة باستانبول (مكتبة شهيد علي) برقم : (298) ، وهي من مخطوطات القرن السَّابع الهجري ، حيث انتهى ناسخُها منها سنة (654 هـ) .
تقعُ هذه النُّسخةُ في جزأين ، عدد أوراقهما (425) ورقة ، في الجزء الأول (196)، وفي الجزء الثَّاني (229) ورقة ، في كل ورقة (13) سطراً ، في كل سطر (10) كلماتٍ تقريباً . وكتب في لوحة العنوان من الجزأين : (( في نوبة الفقير إبراهيم بن إيبك بيك )) . وفي لوحة عنوان الجزء الثاني كتب أيضاً بخط حديث : (( ملكه الفقير عيسى المغربي لطف الله به من الشيخ إبراهيم البلبيسي وما قبله بثمانية قروش )) .
والنَّسخةُ مكتوبة بخطٍّ نسخي جميلٍ جداً ، سالمةً من الخروم ، غير أنَّها مشحونةٌ بالأغلاط والتَّصحيفات ، ولذلك فقد أغفلتُ منها قدراً جماً لم أرَ في ذكره والتَّنبيه عليه فائدةً ، ولم أنبِّه إلاَّ على ما رأيتُ في الإشارة إليه فائدة . وقد رمزتُ لهذه النُّسخة بالحرف (ش) .
ومن ثَمَّ فإني اعتمدْتُ على النُّسختين كلتيهما في إثبات النص مع الاتكاء بشكل أكبر على النسخة (ص) ، وإثبات بعض الفوارق التي تؤثِّرُ في المعنى فيما بين النُّسختَين .
ـ اعتمدتُ في تقسيم الجزأَين على التَّقسيم الوارد في النسخة (ش) .
وهناك نسختان أخرَيَان بدار الكتب المصريَّة حديثتان منقولتان عن نسخة دار الكتب المصرية آنفة الذكر ، وهما مليئتان بالأخطاء والأسقاط ، ومن ثمَّ لم ألتفت إليهما لوجود أصلهما ، والحمد لله رب العالمين .
• • •
نماذج مصورة من مخطوطتي الكتاب
=========
>>>> الرد الخامس :
دليل الإغفال في الامتحانات الرسمية سري و إلا فقدت عملية الإغفال مصداقيتها
و لن تعود هناك حاجة للتنكير
=========
النصب و الحتيال على المباشر ..اشرب كأس عصير ربما تستفيق و تعرف أن سؤالك يوضع في منتدى غير منتدى الجلفة ..............