عنوان الموضوع : تربية الطفولةعند ابن خلدون
مقدم من طرف منتديات العندليب
فكر " ابن خلدون " فى تربية الطفولة
لم يكن الفكر التربوى حكراً على فلاسفة الغرب، بل كان للفكر التربوى الإسلامى على مر العصور إسهاماته الفاعلة فى تطوير التربية ، ولا يقل بحال من الأحوال عن فلاسفة ومفكرى الحضارة الغربية إن لم يكن متفوقاً عليهم فى بعض جوانب التربية ، حيث جاءت كتابات عدد كبير من فلاسفة المسلمين بآراء مبتكرة ، ومذاهب تربوية كاملة مستمدة مما ورد فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
ويعد ابن خلدون عبقرية عربية واسلامية متميزة ، ولد فى تونس وتوفى فى مصر ( 732 – 808 ﻫ ) فهو المؤسس الأول لعلم الاجتماع ، والمجدد لعلم التاريخ ، وله افكاره الرائدة فى علم التربية تخطت عصره ، وما أحوجنا الى تطبيقها فى تربية أبنائنا فى عصرنا الراهن ، نورد من هذا الفكر التربوي الخالد بعض الآراء التى تناولت تربية الطفولة المبكرة ، كما وردت فى مقدمته الشهيرة ، التى خصص فيها باباً كاملاً تناول فيه العلوم وأنواعها والتعليم وطرقه المختلفة، ويقتصر العرض على طائفة من آرائه التربوية ، وخاصة ما يتعلق منها بتربية الأطفال فى مراحلهم الأولى ، وذلك فيما يلى:
- يرى ابن خلدون ضرورة ترتيب العلوم التى يدرسها الأطفال فى هذه المرحلة ، ويوضح العلوم التى يبدأ الطفل فى تعليمها ، فيقول : " إن تعليم الولدان القرآن شعار من شعائر الدين أخذ به أهل الملة لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الحديث ، وصار القرآن أصل الحديث وينبنى عليه مايحصل بعد من الملكات ، وسبب ذلك أن تعليم الصغر أشد رسوخاً وهو أصل لما بعده ، لأن السابق الأول للقلوب كالأساس للملكات ، وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال ما ينبنى عليه".
- وعلى الرغم من تقرير ابن خلدون أهمية تعليم القرآن الكريم للأطفال فى بدء كل تعليم وأوضح آثار ذلك فى تكوينهم ، غير أنه ذكر رأى القاضى " أبو بكر بن العربى" وأقره الذى يرى تقديم تعليم اللغة العربية والشعر على سائر العلوم ، ثم ينتقل الطفل منه إلى تعليم الحساب فيتمرن فيه حتى يرى القوانين ثم ينتقل إلى درس القرآن ، فإنه يتيسر عليه دراسته بهذه المقدمة ، ويبدو هذا الرأى غير مألوف ، حيث ما استقر فى الأذهان واثبتته تجارب الواقع أن بدء التعليم بحفظ القرآن الكريم فى الصغر يعود الطفل على سلامة النطق واستقامة اللغة وتوسيع مدارك الطفل ، فمن المعروف أن كثيراً من الأئمة حفظوا القرآن فى سن صغيرة قبل بداية أى تعليم ، وثمة من يؤيد ابن خلدون فى إقراره لهذا الرأى .
- كما يرى ابن خلدون أن كثرة العلوم التى تقدم للأطفال مضرة بهم ، لأنها تؤدى إلى حشو ذهن الطفل بتفاصيل من المعرفة لاحاجة إليها فى هذه المرحلة من التعليم ، فيقول : " ما يضر الناس فى تحصيل العلم والوقوف على غاياته كثرة التأليف واختلاف الاصطلاحات فى التعليم وتعدد طرقها ثم مطالبة المتعلم باستحضار ذلك ، فيحتاج المتعلم إلى حفظها كلها أو أكثرها فيقع القصور" وهنا يضع ابن خلدون مبدأً من أهم مبادئ التربية وهو أن تتناسب طبيعة العلوم التى يدرسها الأطفال مع طبيعة نموهم العقلى ، وأن كل زيادة فى هذه العلوم سوف تؤدى إلى تكوين عادات غير مرغوبة تربوياً مثل قلة الفهم والتعود على الحفظ والاستظهار .
- يوضح ابن خلدون أسلوب التدريس الأمثل للأطفال ، بقوله : " إن تلقين العلوم للمتعلم إنما يكون مفيداً إذا كان على التدريج شيئاً فشيئاً وقليلاً قليلاً ، يلقى عليه أولاً مسائل من كل باب هى أصول ذلك الباب ، ويقرب له فى شرحها على سبيل الإجمال ، ويراعى فى ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهى إلى آخر الفن ، وعند ذلك يحصل له ملكة فى ذلك العلم " ، وبهذا يسبق ابن خلدون بآرائه فى أساليب التعليم علماء النفس والتربية فى العصر الحديث ، حيث يقرر الطريقة الكلية فى التعليم ، وهو ما أقرته نظريات التعلم فى العصر الحديث ، كما يقرر ابن خلدون مبدأً آخر هو مراعاة القدرات العقلية للمتعلم أثناء التدريس من خلال التدريج فى التعليم بما يناسب ذكاء واستعداد كل طفل ، أو ما يطلق عليه فى عصرنا الحديث بمصطلح مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
- وضح ابن خلدون الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأطفال أثناء التدريس حيث نهى عن ممارسة الشدة واستخدام أسلوب القهر والتعسف مع المتعلمين لأنه يضر بتكوين شخصياتهم، فيقول : " من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين سطا به القهر وضيق على النفس فى انبساطها ، وذهب بنشاطها ، ودعاه إلى الكسل ، وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما فى ضميره خوفاً من انبساط الأيدى بالقهر عليه ، وعلمه المكر والخديعة ، وصارت له هذه عادةً وخلقاً ، وفسدت معانى الإنسانية التى له وهى الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله ، وصار عيالاً على غيره فى ذلك ، بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها فارتكس وعاد فى أسفل السافلين " ، وقدم ابن خلدون أمثلة لأمم تعرضت لهذا القهر والتعسف فساءت أخلاقها ، ويختتم ابن خلدون فكره التربوى فى الثواب والعقاب بقوله : " ينبغى للمعلم فى متعلمه والوالد فى ولده أن لا يستبد عليه فى التأديب "
وهكذا نظر ابن خلدون إلى التعليم على أنه صنعة ، أو مهنة مثل غيره من المهن تحتاج إلى الإعداد والتأهيل المناسب للقيام بها على خير وجه ، وبين ترتيب العلوم التى تقدم للأطفال ، وأساليب التدريس وكيفية التعامل مع الأطفال ، وبهذا فقد سبق ابن خلدون فى كثير من آرائه المذاهب التربوية الحدبثة .
د . على عبد الرؤوف نصار
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيكم أخي الفاضل توفيق وأحسن الله إليكم.
بالفعل أخي فالقرآن الكريم هو أساس كل علم وفيه كل العلوم الأخروية والدنيوية
والملاحظ ان التلاميذ حفظة القرآن الكريم دائما متفوقون في الدراسة ومعدلاتهم مرتفعة
اللهم ارزقنا شفاعة القرآن الكريم
=========
>>>> الرد الثاني :
وفيك البركة اخي عبدالله1 .. ان صلاح هذه الامة مرتبط بتربية ابنائها على حب القران وحفظه وتطبيقه..يارب اصلح في ابنائنا واجعلهم من حفظة كتابك..امين..
=========
>>>> الرد الثالث :
ان الطرق المفروضة علينا اليوم زيادة على البرامج والمواقيت لا تشجع على العمل الفعال وهي عكس ما جاء به ابن خلدون وغيره من العلماء والمفكرين القدامى والمعاصرين.
=========
>>>> الرد الرابع :
شكرا على الموضوع المفيد والهادف................................
=========
>>>> الرد الخامس :
=========