عنوان الموضوع : قراءة في مستقبل قطاع التربية بيداغوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب

1ـ فك الحصار عن التعليم لماذا تُصرف أموالنا على تعليم لن نحتاجه في حياتنا العملية، ثم نضطر فيما بعد إلى صرف أموال أخرى ـ إذا استطعنا ـ على تعليم آخر لعله يمكننا من أن نكون فعّالين في القطاع الذي نلتحق به، أو نعيد تكوين أنفسنا في القطاعات التي نلتحق بها عن طريق الصواب والخطأ وندفع ثمن ذلك من وقتنا أو أموالنا إن اشتغلنا لدى القطاع الخاص، ومن حُسن وفعالية أداء القطاع الذي ننتمي إليه إذا اشتغلنا في القطاع العام؟

مَن مِن مسؤولي القطاع الخاص من لا يشتكي من الضعف الكبير للإطارات التي يستقبلها في مؤسسته؟ ومَن مِن مسؤولي القطاع العام من لا يسجل نفس الملاحظة؟ بل كم من مسير كفء اضطر إلى القيام بتدريب آخر لمن وظَّفه أو شَغَّله ليكون فعّالا وذا أداء حسن؟ إن الغالبية من المتخرجين يشعرون هم أنفسهم بأنهم في آخر المطاف، بعد أن أضاعوا كم سنة في التعليم وتخرجوا، بدون كفاءات حقيقية يمكن أن يُترجموها في الميدان العملي . منهم من يلوم المكوّن ومنهم من يلوم النظام التربوي ومنهم من يلوم الظروف التي درس فيها والهياكل والوسائل غير الكافية التي سخرت لذلك، وحتى من يلوم الأولياء من قصّروا في حق أبنائهم... و قليلون فقط هم أولئك الذين بفضل نبوغهم أو حُسن تكوينهم، أو بفضل جِدِّهم وكَدِّهم الفردي هم ممن تمكنوا من التخرج من الجامعة بكفاءات قابلة إلى أن تتحول مباشرة إلى الميدان العملي سواء في القطاعات التقنية أو في قطاعات العلوم الإنسانية.

هل نقحم أنفسنا في ذلك التحليل العقيم الذي يُحمِّل أبناءنا المسؤولية؟ بأنهم من جيل يرفض التعليم ويرفض الكد والجد كما كنا نحن ومن هم قبلنا؟ أم نُحمِّل أساتذتنا المسؤولية بأنهم لم يعودوا في مستوى التكوين الذي يُقدمونه؟ أم نُحمل هذه النتيجة إلى لغة التكوين فنتهم العربية بالقصور أو ندعو إلى مزيد من الفرنسة؟ أم نُحمِّل المسؤولية للوسائل غير المتوفرة من ميزانيات وهياكل ومراجع وأدوات دعم تربوية؟

إن التحليل الموضوعي لا يستطيع أن يُحمِّل أيا من هؤلاء المسؤولية. ولا أن يَمنع عن نفسه قَبول دفاع كل طرف من موقعه عن وجهة نظره: الأساتذة يشعرون بأنهم لم يقصروا في شيء من أدوارهم، ومنهم من يزيد على ما يقدمه للتلاميذ بعضا من وقته رغم الأجر الزهيد الذي يتقاضاه والظروف الصعبة التي يشتغل فيها، غايته أن يُكوِّن تلامذته أحسن تكوين ويُرضي ضميره المهني ويقدم أفضل ما عليه أن يقدمه. ومن المؤطرين للقطاع من يقوم بذات الدور، لا يُقصر في معاقبة المتهاونين من إدارة أو مكونين ويحس هو أيضا بأنه يبذل في جهد أكثر مما يطيق وليس بإمكانه أن يُحسِّن أكثر مما هو يفعل، وإذا كان من ضرورة للبحث عن سبب ما نحن فيه ينبغي البحث في مستوى آخر. ومعدو البرامج، لا يترددون في التأكيد أن برامجنا وإن لم تكن في أرقى مستوى فهي ليست في أدناه، إنها تتوفر على الحد المتعارف عليه من المعارف إن لم يكن أكثر من ذلك. أما تلامذتنا فلا يمكن إلا أن نلاحظ ذلك الضغط الذي يعانونه من كثافة الدروس وتلك المواد الثقيلة التي يتلقونها لندرك أنهم أيضا ليسوا المتسببين في الخلل الذي تعرفه منظومتنا التربوية والجامعية.

أين الخلل إذن؟

الخلل ليس في الوسائل البشرية ولا المادية التي نملك منها أكثر من الحد الأدنى، أي ليس في الإمكانات ولا في في القدرات العقلية التي تؤهل كل من هؤلاء لأن يكون فاعلا أكثر مما هو عليه، إنما الخلل هو في انعدام الرؤية، في ضيق الأفق لدى المسؤولين عن إستراتجية القطاع التي جعلت من الجميع يعجز عن أداء مهامه على أحسن وجه.

هؤلاء لا يعرفون الوجهة ولا يعرفون الغاية ولا يعرفون وسائل تحقيق الغاية، وليس لديهم منظور متكامل لما يقومون به يضع كلا في مكانه، ويستفيدون من أدنى الإمكانات. وعندما يكونون بهذا الشكل يُصبح الأفق لديهم أسير النظرة الضيقة أو الشخصية أو مصالح البقاء والإبقاء، أي البقاء في مناصبهم والإبقاء على الآخرين كما هم في مناصبهم بمن في ذلك الأساتذة والتلاميذ والإداريون ومن والاهم من حاشية ومن عاداهم من نقابات. كل يبقى في مكانه المهم أن لا يضطرب الوضع وألا يُعكر صفو من هم في الأعلى.

عندما يصبح الأفق مسدودا على هذا النحو في أعلى مستوى يُصبح العمل وكأنه يجري ضمن غرفة بلا أكسجين، محنط غير قابل للتطوير... وبمرور الزمن تنعكس ظاهرة التحنيط هذه على المربين والمكونين والأساتذة فيصبح التعليم عندهم محاصرا من كل مكان، عملا روتينيا ساكنا لا يقدم ولا يؤخر، لا يساعد على الترقية ولا تغيير المكانة الاجتماعية أو حتى التأثير في الحد الأدنى من سلم القيم. وتصبح تبعا لذلك المعرفة غير منتجة ولا مؤثرة في تغيير الوضع المادي للشخص ولا في ترتيبه الاجتماعي ولا في المكانة المعنوية التي عادة ما يحظى من انتسب إليها.

في ذات الوقت تكون المادة من الجهة الأخرى حاضرة بكل ما تحمل من خصائص وصفات، ولا تتردد في أن تأتي مسرعة لا لتحتل مكان المعرفة المحاصرة فحسب إنما لتحطمها تحطيما. ويطل علينا أثرياء غير متعلمين يسيطرون ويتحكمون في رقاب من أفنوا حياتهم في العلم يُثبتون بالدليل القاطع لمن يحدوهم الأمل أن ينتقلوا بالمعرفة التي سيحصلون عليها من مكانة إلى أعلى منها، بأنه لا بديل لديهم عن العودة إلى طريقهم هم، طريق البحث عن المادة بكل الطرق عدا المعرفة والعلم، فتنغلق الدائرة على القائمين عليه: منهم من يسارع لتدارك ما فاته من عالم المال والأعمال فيترك قطاعه غير آسف يُصيب حينا ويخطئ أحيانا كثيرة ذلك أنه لم يكن مهيأ من البداية لسلوك هذا الطريق، وآخرون وهم الغالبية يُصرون على البقاء ضمن الدائرة التي صنعوها لأنفسهم،رافضين إغراءات السوق ومتحملين نتائج هذا الرفض أحيانا في صمت قاتل وأخرى في تفتح غير مسبوق على تلامذتهم بمزيد من العطاء غير المحدود وبلا مقابل نكاية في المنتصرين عليهم بالمال الذين أرادوا أن يضعوهم كما كل شيء صادفهم أمامهم في سوق البيع والشراء مثلهم مثل الأغنام التي يتاجرون بها والسلع التي يبيعونها من غير رقيب ولا حسيب.

ويتسبب انحصار الأفق هذا في ما نراه اليوم من هدر لطاقات لا يوجد أثمن منها، شباب في مقتل العمر يكد ويجتهد من غير أمل، وإطارات تحمل هَمَّ صناعة جيل بأكمله تحس بتناسي دورها، وأولياء ينظرون بحسرة لفلذات أكبادهم يفقدون تدريجيا الذكاء التي أنعم الله به على أبنائهم بسبب تعليم من غير سياسة وسياسة بلا تعليم ووسط مناوئ لكل متعلم وكل من آمن بقواعد التربية المدنية والخلقية التي كاد يحفظها عن ظهر قلب منذ أن التحق لأول مرة بالمدرسة.

ويستدعي منا ذلك البحث عن بدائل لتحرير هذه الآفاق وفك الحصار عن تعليمنا المحاصر منذ عقود. ويطرح بإلحاح أمامنا السؤال الجوهري التالي: ما السبيل لفك هذا الحصار؟ وما هي المنهجية التي ينبغي أن نتّبع؟ ذلك ما نأمل مناقشته معا في الأسابيع القادمة بإذن الله.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

التعليم ما تحلل ما تعيي روحك باي باي باي


=========


>>>> الرد الثاني :

الحل سهل جدّا وهو : الإرادة السياسية .

=========


>>>> الرد الثالث :

هي فعلا الإرادة السياسية لتمكين أهل الاختصاص من القيام بمهامهم .

=========


>>>> الرد الرابع :

السلام عليكم

=========


>>>> الرد الخامس :

التعليم ما تحلل ما تعيي روحك باي باي باي

=========


السلام عليكم، أولا وقبل كل شيئ يجب علينا تحديد الأهداف، إلي أين نريد الوصول بالبلاد حتى نحدد منهجنا االتربوي والتعليمي.