الحــــــــــــــــــــــــــــــــــوار
هو عملية تبادل الأفكار حول موضوع معين بين شخصين أو أكثر مع طرح الأدلة لكل فكرة
وذلك لتوضيح الافكار للطرف الاخر
أهمية الحوار
للحوار أهمية كبيرة فهو وسيلة للتفاهم بين البشر على أن يكون الحوار حرًا لا حدود تقف
في طريقه إلا حدود الشرع.
أخلاقيات الحوار
1- التواضع واحترام الطرف الآخر.
2- عدم التعدي على شخص الطرف الآخر أو من ينتمي لأفكاره.
3- الصدق والموضوعية في الحوار.
إيجابيات الحوار
1- تصحيح الأفكار والمعلومات الخاطئة والتيقن من صحة ما يراه صحيحا منها.
2- التعود على وجود الرأي الآخر(احترام الرأي الآخر).
3- إيصال المعلومات إلى الطرف الآخر بشكل ودي.
4- اكتساب ملكة النقاش الموضوعي.
معوقات الحوار
1- التشدد والتعصب والتزمت والتحجر.
2- عدم الاحترام والتقليل من شأن الطرف الآخر(التكبر).
3- الخجل.
صفات المحاور
1ـ علمه بما يحاور.
2ـ قدرته على التعبير.
3ـ حلمه وسعة صدره .
4ـ سرعة البديهة، واستحضار الشواهد، والذكاء، ومثال ذلك حكمة نبي الله إبراهيم عليه السلام في حوار النمرود إذ ألزمه الحجة: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
آداب الحوار
1ـ احترام شخصية المحاور، و ملاطفة المحاور، لنتجنب عداوته أو نخفف من حدتها، وألا نستهين به لان الاستهانة تضعف الحجة وتثير الخصم. كذلك يجب الانتباه له.
2ـ المرونة في الحوار وعدم التشنج، فينبغي مقابلة الفكرة بفكرة تصححها أو تكملها، وقبول الاختلاف،
3ـ حسن الكلام ويكون :
أ ـ بالتعبير بلغة بسيطة غير ملتبسة ولا غامضة وحقيقيه.
ب ـ ومن حسن الكلام الرفق في الكلام: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طـه:44].
جـ ـ التأدب في الخطاب: {... وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا...} [الأنعام: 152]، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنا} [البقرة: 83].
د ـ البعد عن اللغو, لانه لا يثري المحاورة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:3].
هـ ـ ومن حسن الكلام في الحوار توضيح المضمون باستخدام ما يفهم من التعابير دون تكلف.
4ـ الموضوعية في الحوار، من خلال اتباع المنهج العلمي، والحجة الصحيحة، وقبول الرأي الآخر إذا كان مقنعًا، والاعتراف للاخر بالسبق في بعض الجوانب التي لا يسع العاقل إنكارها، والتحاكم إلى المنطق السليم.
5 ـ حسن الصمت والإصغاء في الحوار لان الصمت إجراء إيجابي
وقد قالت العرب :
رأس الأدب كُله الفهم والتفهم والإصغاء إلى المتكلم.
اهمية الحوار الاسري
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مامفهوم الحوار الأسري؟
هو ذالك التفاعل والتواصل السلوكي واللفظي بين الأفراد الذي يرجى من ورائه تحقيق هدف وهو علامة النضج الأسري ويدل على الإيمان بثقافة الحوار..
نتائج ضعف او غياب الحوار الأسري؟
-ضعف الثقة بين الطرفين
- زيادة الشكوك والوساوس تجاه الطرف الثاني
- ظلم طرف للطرف الأخر
- إتساع الفجوة بين الطرفين مما يسمح للتوافه بالبروز والتأثير
- بروز الخلافات مما يؤدي الى تشتت الأسرة
- ضياع الأطفال وإنحرافهم
ما أهمية الحوار الأسري؟
للحوار الاسري دور كبير جدا في تدعيم الروابط الأسرية فهو يؤدي الى؟
- زيادة التعرف على الطرف الأخر
- زيادة معرفة طبائعه وجاجياته ومتطلباتها
- زيادة الثقة المتبادلة بين الطرفين
- القضاء على التوافه والخلافات فور بروزها.
- تبادل الأفكار ووجهات النظر ومن ثم التكامل
- الزيادة في أستقرار الحياة الأسرية
- التصدي للفيروسات الإجتماعية الخارجية
أنــــواع الحوار الأسري:
· السلوكي:والمتمثل في التآزر والتعاون وتقديم المساعد للاخر (ضم الطفل حوار)
· اللفظي:المتمثل في المخاطب وتبادل الافكار ووجهات النظر
أسس الحوار السري:
المعرفـة:أن معرفتنا للشيء يسهل لنا عملية التعامل معه والعكس صحيح فالمرأة التي تعرف طبائع زوجها وأسراره ورغباته وحاجياته وما يفرحه وما يقلقه ومواهبه تكون أكثر تاهيل للنجاح في التحاور مع زوجها من المراة التى اقل معرفة لزوجها وكانها تعيش مع غريب.
لكن كيف نعرف زوجي:
نعرف زوجي بحسب السلوكيات المتكررة لديه مع وجود نفس المنبه او السبب كيف يدخل الى البيت؟كيف يجلس؟ماذا يأكل ويفضل؟
ماذا يكره؟مالكلمات التي يفضلها؟مالكلمات والأفعال التي يطلب مني تكرارها؟ماذا يفضل أن يلبس؟كيف يتحدث عن المصروف؟ متى تكون عنده قابلية للمزاح والتعليق؟كيف يحب ان نتعامل مع والديه؟وكيف يتعامل هو مع والديه؟ماهي هواياته المفضلة؟ اين ينتقدني كثيرا؟متى يغضب على الاولاد؟ماهي سلوكياته السالبة والخاطئة؟كيف يحب التحاور فيها؟متى يقلق كثيرا؟ماهي المواضيع التي لايريد مناقشتها؟ماهي العيوب التي يعاني منها في جسده وكيف يفضل التعامل معها؟كم من مرة يغضب في الاسبوع وماهي الاسباب؟......الخ
التقبـل: الكمال لله ولله وحده بعدما نتعرف على الطرف الثاني علي ان أتقبله كما هم مع محاولة تغيير أو تعديل مايمكن تغييره أوتعديله والتقبل لايعني الرضى وإنما زيادة معرفة عيوب الشخص والتكيف معها حسب مايتطلبه الوضع فهناك الشخص العصبي المتوتر والشخص الكذاب والشخص الذي يشك والشخص الذي يشعر بالنقص والشخص الذي يشعر بالاضطهاد والشخص المدمن والشخص الانطوائي والخجول والشخص المرح والشخص الذي يعاني من اعاقة جسدية ..الخ
التقدير:الإنسان يحب المجاملة ويحب ان يكون شىء مذكور ولو لم يفعل مايستحق الذكر فالبحث عن التقدير هو حاجة فطرية تولد مع الإنسان وهو أن نهتم بالفرد وذالك بأن نقدره ونهتم بإهتماماته وحاجياته وهواياته وتوجهاته...الخ
التعامل:هوربط الصلة بالفرد وتجسيد تلك الأسس سلوكيا على ارض الواقع من المعرف الى التقبل الى التقدير
أهم المواضيع التي يشملها الحوار الأسري؟
- واجبات وحقوق الطرف الأخر
- موضوع المصاريف وطريقة النفقة
- موضوع العلاقات مع اهل الطرف الثاني
- موضوع طريقة التعامل وتربية الأولاد.
شروط وقواعد نجاح الحوار الأسري؟
- الحالة النفسية للطرف الثاني اثناء الحوار مدى الاستعداد
- طريقة الحوار نبرة الصوت ونوع الكلمات
- نوع ووزن الموضوع الخاص بالحوار
- الزمن الذي يتم فيه الحوار الليل او النهار
- مكان الحوار اُثناء النوم الأكل السياحة ..الخ
الحوارمع الأبناء ودوره في التوازن النفسي
هو تلك العلاقة السلوكية واللفظية مع الأبناء المبنية على التقدير والتوكيد والمحبة والعطف والاحترام
نتائج غياب الحوار مع الأبناء
- قلة الثقة في افكارهم ومعلوماتهم
- عدم الثقة في الوالدين والمربين
- عدم تنمية مهارات التواصل مع الناس
- الكبت الشديد والمرضي للصراعات والمشاكل التي يتعرضون لها مع أقرانهم أو البالغين
- الشعور بالنقص وقلة الخبرات مقارنة بالأصدقاء والظهور بمظهر المتخلف
- عدم القدرات على مواجهة المشكلات
-عدم القدرة على اكتشاف المواهب والقدرات المخزنة لديهم بهدف إستثمارها
- الفشل عند تحمل المسؤولية على الآخرين عند الكبر بسبب غياب ثقافة الحوار(المديرين)
- الخوف من التحاور مع المعلمين والأساتذة والمربين
فوائد الحوار مع الأبناء
-الشعور بالأهمية والتقدير الذاتي الثقة بالنفس
-القدرة على اكتشاف المواهب والقدرات المخزنة لدى الأبناء
- إكتشاف ما إن كانم الطفل يعاني من خلل في اللغة بغية التشخيص والعلاج المنبكر
- يستطيع التحدث ويفهم كلامه لوتعرض لمشكل ما(مرض)
- تنمية وتقوية المهارة اللغوية لدى الأبناء
-التدريب على التواصل مع الناس
-التدريب على التعامل مع المشكلات بالحوار
-القدرة التفاهم والفوز أثناء المفاوضات
-كسب محبة وثقة الناس وتقديرهم وأعجابهم
-كسب معلومات وخبرات جديدة من الناس
-القدرة على فهم كيف يفكر الناس
-تنمية القدرات المعرفية والسلوكية
-القدرة على تحمل المسؤلية والتأثير في الناس
كيف نبدا التحاور
- تحفيظ سور من القرءان للطفل منذ الصغر عن طريق اللوح أو الكراس او الأقراص ويطلب منه ترديدها
-التحاور مع الطفل في الأمور التي يحبها الألعاب الرسوم الاصدقاء ...الخ
- طلب من الطفل سرد مافعله من الصباح حتى المساء
- التحاور مع الطفل في الأمور التي يحبها لماذا؟ والتي يكرهها لماذ؟
- طلب وجهة نظر الطفل في وجبة الطعام او ديكور البيت او صورة .....الخ
- سرد قصة على الطفل ثم يطلب منه إعادة مافهمه أو حفظه من القصة
-طلب من الطفل سرد قصة من خياليه
- اسئلة الطفل اسئلة مفتوحة حسب قدرات العقلية ماهو الفرق بين الدجاجة والطائرة مثلاً.
ارجو ان ينال اعجابكم وسلام
أهمية الحوار في حياة الأمم والشعوب
احمد ناصر الشريف
عندما عصى ابليس اللعين ربه وأبى ان يمتثل لأوامرالله بالسجود لآدم كما فعل الملائكة لم يسارع الله سبحانه وتعالى الى انزال العقاب المباشر به والقضاء عليه مع ان ابليس قد تعهد بإغواء بني آدم .. وانما جرى حوار بين الله جل في علاه وبين ابليس اللعين الذي طلب امهاله الى يوم الدين فكان له ذلك.
وعندما ادعى فرعون ذي الأوتاد الألوهية في الارض وخاطب اهل مصر بأنه لايوجد لهم إله غيره. لم يأذن الله حينئذ بإنزال العقاب عليه وهو القادر على ان يقول للشيء كن فيكون. وانما ارسل اليه النبي موسى عليه السلام ليحاوره بالقول اللين لعله يتذكر أو يخشى ويرجع عن ادعاءاته الباطلة. وكذلك بالنسبة لمختلف الانبياء والرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى الى اقوامهم حيث كانوا يحاورونهم ويقارعونهم بالحجج والبراهين للرجوع عن غيهم وكفرهم والتسليم بما اراده الله لهم ان يكون حقاً.
من هنا نجد ان مبدأ الحوار مع الإنس والجن قد بدأ مع خلق الخليقة.. ولنا في القرآن الكريم عظة ومثل واعتبار.. فهو يروي لنا قصص الأولين والآخرين وكيف كان يتم الحوار ليس بين الإنسان والإنسان فحسب وانما بين الله جلّت قدرته وبعض خلقه بما فيهم ابليس اللعين.. وكيف كان الله يظهر الحق في نهاية الحوار ليؤمن به الجميع.
واليمن عندما اختارت مبدأ الحوار مع الخارجين على القانون لم يكن ذلك جديداً على قيادتها.. وانما اعتمدت طريق الحوار وصولاً الى الحقيقة كمبدأ اساسي ونهج ثابت في السياسة اليمنية تلجأ اليه في الوقت الذي ترى فيه ان الحوار والمحاججة لكشف ملابسات الفهم وتوضيح الحقائق هوالأجدى والأنفع واقصر الطرق مهما كانت طويلة لحل مايعتقد البعض ان حله لايمكن ان يتم الابوسائل القوة والعنف وهي وسائل لايلجأ اليها اليمن الا في اضيق الحدود بعد ان يكون اليأس قد تمكن من عدم استجابة المتحاور معه والتأكد من ان العناد والغرور والمكابرة قد وصلت به الى درجة لم تعد تجدي معها طرق الحوار والمخاطبة بالتي هي احسن.
وتجارب اليمن في مجال الحوار كثيرة وعديدة في التاريخ الحديث والقديم.. وان كانت القيادة السياسية الحالية بزعامة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية هي اكثر القيادات اليمنية التي تلجأ الى اسلوب الحوار في معالجة القضايا الشائكة اكثر من غيرها.. بدليل ان الظروف التي وصل فيها الرئيس علي عبدالله صالح الى الحكم عام 78م كانت اكثر الظروف السياسية تعقيداً في تاريخ اليمن الحديث لكن حكمة الرئيس في معالجة الامور بعيداً عن استخدام القوة والعنف اثمرت نتائج ممتازة وضع على اساسها برنامج عملي ناجح تمثل في تشكيل لجنة الحوار الوطني التي تعد اللبنة الاساسية في تحقيق الوحدة الوطنية والتفاف الشعب حو ل قيادته واشراك جميع التيارات السياسية في الحكم سواءً في مرحلة ما قبل اعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة أو في المراحل اللاحقة والحالية.
ومايزال اسلوب الحوار هوالمتبع للتعامل مع مختلف القضايا أياً كان نوعها وهوالأمر الذي جنب اليمن مشاكل كثيرة.. واستطاعت من خلال هذا الاسلوب الحضاري ان تتبوأ مكانة مرموقة على المستويين العربي والدولي وحققت نجاحاً في مكافحة الارهاب شهد لهابه الجميع.
اذن فإن الحوار ليس عيبا ولايمس سيادة النظام أو الفرد الحاكم وانما هو مبدأ رباني سنه الله للبشرية وأمر انبياءه ورسله بالتحاور مع الآخرين والمجادلة مع العصاة والكفرة بالتي هي أحسن حتى يتبين لهم الحق ويسلكون الطريق المستقيم.. وبالحوار والسلوك الحسن في التعامل استطاع المسلمون ان يكوّنوا امبراطورية إسلامية عظمى سادت العالم لقرون عديدة ونشرت العدل والمساواة بين شعوبها المترامية الأطراف رغم تعدد لغاتهم والوانهم.. حتى جاء المتشددون من الحكام الذين اقفلوا ابواب الحوار وشغلتهم الدنيا فأضاعوا هذا المجد الإسلامي لتصل الأمة الإسلامية بعدذلك الى مرحلة من الذل والهوان لم تصل اليها في تاريخها كما هوحال الأمة اليوم.
فهل يتم فتح باب الحوار من جديد دون خوف أو وجل لتستعيد الأمة مجدها ويكون لها مكانة بين الأمم؟!
نفحات إيمانية: أهمية الحوار والتسامح في الإسلام
صحيفة 26سبتمبر
محمد عبدالمؤمن
إن ديننا الإسلامي الحنيف حمل بين طياته قوانين عدة مهمة عملت على نشره في شتى أرجاء العالم، ولعل من أشهر هذه القوانين المهمة التي كان لها الدور الأكبر والمؤثر في تقدم المسلمين في مختلف الميادين قانون: الحوار والتسامح واللين واللاعنف الذي أكدت عليه الآيات المباركة.. ففي القرآن الكريم هناك أكثر من آية تدعو إلى ذلك منها قوله سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125]، وقوله تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) [الفرقان: 63]، وقوله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت: 46]، وقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف: 199]، وقوله تعالى: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام: 108]، وقوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [آل عمران: 159]، وقوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 22].. وغيرها من آيات الذكر الحكيم.
فالحوار وفق المنظور الإسلامي، فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، ورسالة الإسلام تدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم، فالجميع ينحدرون من (نفس واحدة)، كما جاء في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ) [النساء: 1].
كما أن الإسلام يعترف بوجود الاختلاف بين الأفراد والمجتمعات ويقر بشرعية ما للغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصور والممارسة تخالف ما يرتئيه شكلاً ومضموناً، ويكفي أن نعلم أن القرآن الكريم قد سمّى الشِّرك ديناً رغم وضوح بطلانه، لا لشيء إلاّ لأنه في وجدان معتنقيه دين، وذلك واضح في سورة (الكافرون) بقوله تعالىلكم دينكم ولي دين).
كما أن الإسلام في كل أنظمته وتشريعاته يقر بالحقوق الشخصية لكل فرد من أفراد المجتمع، ولا ريب أنه يترتب -على ذلك- على الصعيد الواقعي الكثير من نقاط الاختلاف بين البشر، ولكن هذا الاختلاف لا يؤسس للقطيعة والجفاء والتباعد، وإنما يؤسس للتسامح والحوار مع الآخر (المختلف).
فالأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، أن تكون علاقات قائمة على المحبة والمودة والتآلف، حتى ولو تباينت الأفكار والمواقف، بل إن هذا التباين هو الذي يؤكد ضرورة الالتزام بهذه القيم والمبادئ، فوحدتنا الاجتماعية والوطنية اليوم، بحاجة إلى غرس قيم ومتطلبات الحوار في فضائنا الاجتماعي والثقافي والسياسي.
إن الكلمة في الإسلام لها أهميتها الفائقة بل هي أول وآخر شيء في الدعوة إلى الله تعالى بسبب ما فيها من رؤية ولين وقدرة على الإقناع، وبسبب ما تحققه من ثبات وتمكن في القلوب والسلوك، سيما إذا كان الهدف هو إيصال الحق إلى القلوب ليستقر فيها ويحرك الإنسان باتجاه الفضيلة، لذلك فإن الكلمة تبقى هي الوسيلة الأساس في تحقيق هذا الهدف.
وهذا ما تؤكده الآيات الكريمة التي أرادت السمو بالإنسان إلى ملكوت الله تعالى والأنس بجواره، فيقول تبارك وتعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [النحل: 125]، والموعظة الحسنة على حد تعبير بعض المفسرين هي: التي تدخل القلب برفق، وتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية، فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة ويؤلف القلوب النافرة ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والدعوة إلى سلوك الطريق الأحسن في مقام الجدل والصراع الفكري.
إنها دعوة قرآنية تخاطب كل مجال من مجالات الصراع في الحياة وتتصل بكل علاقة من علاقات الإنسان بأخيه الإنسان.. إنها دعوة الله إلى الإنسان في قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34]، وقوله: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً [الإسراء: 53].
هذه الدعوة الصافية التي توحي للإنسان في كل زمان ومكان، أن مهمته في الحياة هي أن يثير في الإنسانية عوامل الخير ويلتقي بها في عملية استثارة واستثمار، بدلا من عوامل الشر التي تهدم ولا تبني وتضر ولا تنفع وتدفعه في الوقت نفسه إلى أن يجعل اختيار الأحسن في كل شيء وفي كل جانب من حياته شعاره الذي يرفعه في كل مكان وزمان.
وإن القوة مهما كانت درجتها لن تنسجم مع طبيعة الرسالة الإسلامية، مادامت تعني محاصرة العقل وفرض الفكرة عليه تحت تأثير الألم أو الخوف، لذلك فإن الباري عز وجل يحذر رسوله الكريم أن يمارس التبليغ بروح السيطرة والاستعلاء، (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر) [الغاشية: 22].
ولما كانت الأخلاق تتجلى رقة وحناناً واستيعاباً للآخرين، فإننا نلاحظ أن الله تعالى يذكر نبيه بالقاعدة الذهبية التي جعلته داعيةً ناجحاً ومقبولاً، ويؤكد له أن حيازته على هذه السجية إنما هي بفضل الله وتوفيقه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) [آل عمران: 159]، وفي هذا الجو المفعم بالأخلاق وطيب القلب والعفو، نحدد علاقتنا بالأشياء والأشخاص، لتكون بأجمعها مشدودة إلى هذه القيم النبيلة، وسائدة في هذا الاتجاه.
فالأصل في العلاقة بين بني الإنسان بصرف النظر عن اتجاهاتهم الأيديولوجية والفكرية، هي الرحمة والإحسان والبر والقسط وتجنب الإيذاء، ومن هنا لا يجوز أن يُنظر إلى اختلاف الجماعات البشرية في أعراقها وألوانها ومعتقداتها ولغاتها على أنها تمثل حائلاً يعوق التقارب والتسامح والتعايش الإيجابي بين الشعوب، فقد خلق الله الناس مختلفِين: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) [هود: 119]، كما يقول القرآن الكريم.
والأحرى أن يكون الاختلاف والتنوع دافعاً إلى التعارف والتعاون والتآلف بين الناس من أجل تحقيق ما يصْبون إليه من تبادل للمنافع وتعاون على تحصيل المعايش وإثراء للحياة والنهوض بها.. ومن هنا يقول القرآن الكريم: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات: 13] والتعارف هو الخطوة الأولى نحو التآلف والتعاون في جميع المجالات.
يجب أن يكون الهدف من الحوار ليس مجرد فكّ الاشتباك بين الآراء المختلفة أو تحييد كل طرف إزاء الطرف الآخر، وإنما هدفُه الأكبر هو إثراء الفكر وترسيخ قيمة التسامح بين الناس، وتمهيد الطريق للتعاون المثمر فيما يعود على جميع الأطراف بالخير، وذلك بالبحث عن القواسم المشتركة التي تشكل الأساس المتين للتعاون البنّاء بين الأمم والشعوب, والحوار بهذا المعنى يُعد قيمة حضارية ينبغي الحرص عليها والتمسك بها وإشاعتها على جميع المستويات.
في سياق المعاني والصفات والسجايا الحميدة التي اشرنا إليها تأتي دعوة فخامة الرئيس القائد (حفظه الله ورعاه) في افتتاحية صحيفة (الثورة) في عددها الصادر يوم 16/7/2009م أبناء الوطن إلى الحوار والتصالح والتسامح والابتعاد عن العنف ومناخات التوتر والتأزيم ونبذ ثقافة الكراهية والبغضاء لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية, وتفتح الباب على مصراعيه لتعزيز إرادة التلاقي على قواسم مشتركة أساسها الثوابت الوطنية والتي يتصدرها الحفاظ على مكاسب الثورة اليمنية «26سبتمبر و14 اكتوبر»، والنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية والأمن والاستقرار، ولتؤكد إن من مصلحة اليمنيين جميعا السعي إلى تكريس وترسيخ ثقافة المحبة والتسامح والأخوة بين أبناء الوطن الواحد.
لان الجميع يبحرون في سفينة واحدة وعليهم حمايتها من العواصف والأمواج المتلاطمة للوصول بها إلى بر السلامة والنجاة والأمن والأمان.
تعريف الحوار : -
الحوار لغة: من الحوار ، وهو الرجوع.
ويتحاورون: أي يتراجعون الكلام.
اصطلاحاً: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
أهمية الحوار :-
للحوار أهميه كبيرة،فهو من وسائل الاتصال الفعالة؛
حيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل
إليها؛ ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها،
والسير بطريق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.
والحوار مطلب إنساني، تتمثل أهميه باستخدام
أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للاندماج
في جماعة، والتواصل مع الآخرين، فالحوار يحقق التوازن
بين حاجة الإنسان للاستقلالية، وحاجته \للمشاركة
والتفاعل مع الآخرين.
كما يعكس الحوار الواقع الحضاري والثقافي للأمم
والشعوب، حيث تعلو مرتبته وقيمته وفقاً للقيمة
الإنسانية لهذه الحضارة وتلك.
وتعد الندوات واللقاءات والمؤتمرات إحدى وسائل
ممارسة الحوار الفعـال، الذي يعالج القضايا والمشكلات
التي تواجه الإنسان المعاصر.
أهداف الحوار :-
1- إيجاد حل وسط يرضي الأطراف.
2- التعرف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى.
3- البحث والتنقيب من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع
الرؤى والتصورات المتاحة ، للوصول إلى نتائج أفضل وأمكن، ولو في حوادث تالية.
آداب الحوار : -
إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمته العلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين . إن بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيد لابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشرا لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لم تتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامها يجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمرارية الحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوار لابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حوار كان ناجحا ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية على المتحاورين .
لذا ستركز هذه المقالة على ثلاثة أقسام :
آداب عامة للحوار.
آداب خلال الحوار.
آداب بعد الحوار.
آداب عامة للحوار:-
يحتاج الحوار الى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزمو بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآداب العامة للحوار .
1- اخلاص المحاور النية لله تعالى :
اخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .
2- توفر العلم في المحاور :
قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة ، حتى في الحوار التعليمي ، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة ، والطرف الآخر يعرف شيئا على الأقل عن موضوع المحاورة ، فهو لا يأتي للمحاورة وهو خالي الذهن منه . والمحاور لا يحاور في موضوع يجهله بل لابد من أن العلم إلا إذا كان سائلا يهدف الى معرفة الحقيقة والاستفادة منها .
3- صدق المحاور:
إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم ، ان اعتماد المحاور الصدق في كلامه يكسبه قوة في محاورته ، فكلما تمسك بهذ الصفة كان لهذا الأثر البليغ في إقناع محاورية بصحة دعواه وسلامة قضيته . والمحاور الصادق يجعل لكل كلمة قيمة واضحة تؤثر فيمن يتحاور أو يستمع له فكل أقواله لها وزنها ، وأما لو كان كاذبا في أقواله فإن أغلب كلامه وإن كان ظاهره الصحة فإنه لا يؤخذ به ولا تكون له قيمة عند محاوريه أو حتى المستمعين له ؛ لأنه فقد المصداقية التي كان يتمتع بها.
4- الصبر والحلم :
إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره ، فضلا على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة .
والصبر في الحوار أنواع منها :
- الصبر على الحوار ومواصلته .
- الصبر على الخصم سيئ الخلق .
- الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه .
- الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم .
- الصبر على النفس وضبطها .
5- الرحمة :
إن من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه ، والرحمة في الحوار لها أهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه .
والرحمة في الحوار تدل على صدق نوايا وسلامة الصدر والمحاور المسلم لا تكون رحمته لمن يحب فقط بل هي شاملة لكل من يراه ، والمتحاورون لو نظر كل منهم الى من يحاوره نظرة رحمة ، تعاطف معة وسعى إلى إقناعة بكل الوسائل الممكنة .
وتقبل الناس للفكرة ليس بالسهولة المتوقعة ، لأن عقول الناس مختلفة في قدرتها على الفهم ، فقد يفهم أحد الناس أمرا ما في وقت أقصر من غيره ، وبالرفق يمكن إقناع الآخرين.
والرفق بالمحاور يجعله متقبلا لما يطرح عليه من أفكار ، بل قد يرجع وبهوله عن رايه إذا بين الخطا الذي وقع فيه .ولو عومل بشدة لما استجاب ، بل سيكابر ويعاند ويصر على الخطأ والباطل الذي كان عليه ، وسيلتمس لنفسه المبرات والأعذار في إصراره على ما هو عليه من الخطأ.
6- الاحترام :
إن إختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبل الحق وتأخذ به ، وكل إنسان يحب أن يعامل باحترام فعلى المحاور أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، وحتى لو كان هناك رد في الحوار فالواجب بقاء الاحترام ، فالمحاور لم يدخل الحوار الا وهو يرغب في الاستفادة ، فإن لم يستفد فعليه أن لا يفقد الاحترام والتقدير لمن يتحاور معه .
7- التواضع :-
الانصاف والعدل لهما معنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند إنعدام هذا الأدب ، فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون الى ما يرجون من نتائج .
من أصعب ما يمكن للإنسان أن يقوم بعمله، وهو يبدو سهلاً وتلقائياً للوهلة الأولى، التمكن من عملية التفكير. والقدرة على التفكير أمر منوط بالمجتمع. وللتربية في هذا السياق دورها، ثم يتوالى الموضوع حتى يصل بآداب الحوار الناضج.
ويبدأ الأمر بالصغر، فمن أضخم وأسمى المسؤوليات التي تقع على كاهل المعلم، حث الطالب على تشغيل الآلة (الكنز) التي وهبها الله للإنسان وهي عقله. وتشغيل هذه الآلة أو تنميتها إنما يتم حين يقوم المعلم بتشجيع الطالب على القيام على صعيد العقل بما يشابه ما يفعله والد الطفل حين يبدأ هذا الأخير بالوقوف على قدميه باتخاذ خطواته الذاتية الأولى. فكأن المعلم يكون حينئذ يستدرج الوعي الراكد من حالة السكون إلى حالة الحركة، ومن ظلمة القوقعة التي ولد بداخلها إلى ضياء الرحبة والانفتاح والإبداع.
ومن الأدوات التي لا مناص من استعمالها للقيام بهذا الدور القدرة على الاستماع والإصغاء، بل قد يكون الإصغاء من أثمن وأهم أدوات العقل …وطبيعي أن يكون الطالب متردداً ومتعثراً، وهنا يأتي دور المعلم الأساسي لتشجيعه على تفعيل عقله وتكميل وإنضاج فكرته، فيساعده كلما تردد أو تلعثم أو تعثر، ليس بأن يقوم بحمله أو رفعه إلى الموضع الذي يبغي، بل بأن يرده واقفاً ليتابع مسيرته ذاتياً.
وفن السماع والإصغاء، ثم الاستفسار والاستدراج والاستخراج، وثم التدقيق والتمحيص والتصويب، أي الحوار بمعناه العام، إنما مرجعه وقاعدته احترام الإنسان لأخيه الإنسان، بل احترام الإنسان للعقل، أو احترام الإنسان لنفسه، فحيثما وجد هذا الحوار المقصود، علمنا أيضا بوجود مجتمع يحترم فيه الإنسان نفسه، وهو مجتمع تتوفر فيه شروط التقدم والرقي، وحيثما وجدنا الضجيج والعجيج يكتنف الفكر الجديد بظله الخانق، أو وجدنا مظاهر الاستنكار والسخط والاستهزاء، علمنا بأن هذا المجتمع لا زال يقبع في ظلمات التقوقع والانغلاق والتخلف، وبأن المربين قد اتفقوا/ اخفقوا في تأدية رسالتهم السامية لإيصال الوعي إلى مرحلة النضج.
ومن سمات مجتمع يقبع فيه الوعي مقيداً في ظلمات التقوقع والانغلاق أن يغص هذا المجتمع بالمصطلحات والشعارات والتصريحات الجوفاء أو المعتقدات التي تكاد أن تشبه الأصنام غير الناطقة، وهي كذلك بمعنى أن مطلقيها أو حامليها لا يرون إلا قشورها أو أشكالها الخارجية، وهم يجهلون دخائلها وخصائصها، بل يجهلون معانيها وسبب حملهم إياها.
وفي مجتمع المصطلحات والأصنام فأن أول صدمة يعاني منها الناس حين يقدم أحدهم على استعمال عقله وطرح رأيه هي الصدمة الناتجة عن استبصار المعاني والأفكار التي ترمز إليها أو تلزمها تلك المصطلحات
وبين هذا وذاك ما يلبث المجتهد أن يشعر بالرهبة أو الذنب، ينتشر هذا الشعور ليصل آخرين ربما كانوا سوف يقدمون شيئاً ما لمجتمعهم، فينطوون جميعاً على أنفسهم، ويضطرون إلى الرجوع للتعامل بعملة التصريحات والمصطلحات الجوفاء، وذلك حال اكتشافهم بأن هذه هي العملة القابلة للصرف في مجتمعهم والتي بها يمكنهم التقدم والربح.
ولن يصلح هذا المجتمع إلا إذا اجتهد أفراده والمسؤولون والمربون فيه في تنمية واحترام العقل لدى الجمهور، ولا يتم ذلك إلا إذا احترمنا الجمهور وصارحناه، فسمينا المسميات بأسمائها، وصارحنا بعضنا بما يدور حولنا، وتجرأنا على التفكير والحوار، فلا تدع باباً في العقل إلا طرقناه، ولا نحمل فكراً إلا ومحصناه.
وأخيراً أقول أن ما يميز المجتمع هو الفكر الذي يدور به. وما يتميز به الفرد في المجتمع هو قدرته على الإبداع في هذا المجال، وما يمكنه من استثمار هذه القدرة وترجمتها إلى الفعل هو توفر المناخ الملائم لحرية الرأي وتبادله، وهذا المناخ لا ينضج إلا إذا نجح المربون في توعية المجتمع لفن الحوار أصوله وقواعده وآدابه.
ومن هذه القواعد، كما سبق وقلت فن الإصغاء ولكن دعني أشير أيضا إلى أصل آخر يبدو غائباً عن الوعي، التواضع، وهو تواضع دعا الله تعالى إليه، والتواضع في هذا المجال يعني أن لا يصغر أحد خده لآراء الآخرين، وأن لا يكون مختالاً فخوراً برأيه الخاص، بل يجاهد للتمرد من التزمت أو العجرفة في الرأي، قائلاً لنفسه ما معناه: نعم أنني قد أميل بطبعي إلى الإعجاب برأيي أكثر من ميلي للإعجاب برأي الآخرين، لكن عسى إعجابي هذا بنفسي أن يغشي بصيرتي، وأن يكون رأي الآخرين هو الأقرب للصواب.
أهمية الحوار في تنمية الوعي
2\1992 من أصعب ما يمكن للإنسان أن يقوم بعمله، وهو يبدو سهلاً وتلقائياً للوهلة الأولى، التمكن من عملية التفكير. والقدرة على التفكير أمر منوط بالمجتمع. وللتربية في هذا السياق دورها، ثم يتوالى الموضوع حتى يصل بآداب الحوار الناضج.
ويبدأ الأمر بالصغر، فمن أضخم وأسمى المسؤوليات التي تقع على كاهل المعلم، حث الطالب على تشغيل الآلة (الكنز) التي وهبها الله للإنسان وهي عقله. وتشغيل هذه الآلة أو تنميتها إنما يتم حين يقوم المعلم بتشجيع الطالب على القيام على صعيد العقل بما يشابه ما يفعله والد الطفل حين يبدأ هذا الأخير بالوقوف على قدميه باتخاذ خطواته الذاتية الأولى. فكأن المعلم يكون حينئذ يستدرج الوعي الراكد من حالة السكون إلى حالة الحركة، ومن ظلمة القوقعة التي ولد بداخلها إلى ضياء الرحبة والانفتاح والإبداع.
وحسن يفعل المعلم أن قام بدور القابلة التي تمكن الطالب نفسه من أن ينمو عقليا من خلال هذه العملية التربوية، أو إن سعى بغاية الحكمة والرفق إلى مساعدة الذات للإرتقاء بالوعي من منخفضات البدء والأمكان إلى قمم النضج والفعل، والوعي في نهاية المطاف هو قدرة ونهج وقابلية أكثر منه معلومة أو معادلة أو رقم. فهذا الفرع المتغير وذلك الأصل الثابت.
ومن الأدوات التي لا مناص من استعمالها للقيام بهذا الدور القدرة على الاستماع والإصغاء، بل قد يكون الإصغاء من أثمن وأهم أدوات العقل، إذ بها يحاول أن يتعرف المعلم على ما يدور في خلد الطالب، وهذا الذي يتحرك في الذهن كالجنين متلمساً الضوء إنما هو في الأغلب تفكر وليس فكراً، أي أنه محاولة لتكوين فكرة، وطبيعي أن يكون الطالب في هذه المرحلة متردداً ومتعثراً، وهنا يأتي دور المعلم الأساسي لتشجيعه على تفعيل عقله وتكميل وإنضاج فكرته، فيساعده كلما تردد أو تلعثم أو تعثر، ليس بأن يقوم بحمله أو رفعه إلى الموضع الذي يبغي، بل بأن يرده واقفاً ليتابع مسيرته ذاتياً. وتتجلى ضرورة الإصغاء هنا في أن يرى المعلم أو أن يتحرى بأن يرى مسار الطالب في محاولته الاستكشافية، أو حركته الذهنية، ومن باب الحرص على أن يكمل الطالب هذه العملية الذهنية، يقوم المعلم بالاستفسار تارة، والتلميح تارة والتصويب تارة بل وحتى الاستفزاز الذهني الهادف تارة، وهكذا إلى أن يطور الطالب فكرته ويتم استخراجها فتصبح واضحة المعالم لديه ولغيره، فيتم تقييمها من هذا الجانب أو ذاك، وتشكل حينئذ هي وتقييمهاتها المختلفة مَعلماً آخر من معالم درجات الارتقاء في الوعي، ويدرج هذا التفاعل التربوي بين المعلم وطالبه في قائمة الرصيد الفكري للمجتمع.
وحيث يتم هذا التفاعل في وسط من الطلبة الآخرين فانه يزداد إثراءاً كلما انتهج الطلبة الآخرون نهج المعلم، ومارسوا فن الإصغاء والاستخراج، واعتبروا أن عقل زميلهم ثروة لهم ولمجتمعهم، يعود استخراج الكنز منه بالفائدة عليهم، بل قد يمكن للطلبة الآخرين أن يعتبروا ممارسة فن الإصغاء لزميلهم وتشجيعه على صياغة فكرته بمثابة هدية ثمينة يقدمها كل منهم للآخر، وهو يقدمها له واثقاً بأنها سوف ترد إليه، بل أنها سوف تعود عليه بالفائدة، وهكذا وبالتدرج وباتباع آداب الحوار وفنه يتم استثمار ثروة الإنسان الطبيعية العظمى وهي عقله. وهكذا أيضا وبالتدرج عبر المستويات الذهنية المتفاوتة نتمكن من الاستفادة من تبادل الآراء ومناقشتها بين الكبار، فيصبح هذا التبادل ذخراً لوعي المجتمع بأكمله.
وفن التنصت والإصغاء، ثم الاستفسار والاستدراج والاستخراج، وثم التدقيق والتمحيص والتصويب، أي الحوار بمعناه العام، إنما مرجعه وقاعدته احترام الإنسان لأخيه الإنسان، بل احترام الإنسان للعقل، أو احترام الإنسان لنفسه، فحيثما وجد هذا الحوار المقصود، علمنا أيضا بوجود مجتمع يحترم فيه الإنسان نفسه، وهو مجتمع تتوفر فيه شروط التقدم والرقي، وحيثما وجدنا الضجيج والعجيج يكتنف الفكر الجديد بظله الخانق، أو وجدنا مظاهر الاستنكار والسخط والاستهزاء، علمنا بأن هذا المجتمع لا زال يقبع في ظلمات التقوقع والانغلاق والتخلف، وبأن المربين قد اتفقوا/ اخفقوا في تأدية رسالتهم السامية لإيصال الوعي إلى مرحلة النضج.
ومن سمات مجتمع يقبع فيه الوعي مقيداً في ظلمات التقوقع والانغلاق أن يغص هذا المجتمع بالمصطلحات والشعارات والتصريحات الجوفاء أو المعتقدات التي تكاد أن تشبه الأصنام غير الناطقة، وهي كذلك بمعنى أن مطلقيها أو حامليها لا يرون إلا قشورها أو أشكالها الخارجية، وهم يجهلون دخائلها وخصائصها، بل يجهلون معانيها وسبب حملهم إياها. وفي مجتمع كذلك حيث يعجز العقل عن مواجهة التحديات التي يواجهها الإنسان تجد العقول والأذهان تقتات وتعتاش أساساً من المصطلحات والشعارات دون الأفكار والمعاني، وهذا هو مجتمع الببغاوات والرويضيات حيث لم ينجح المربون والمعلمون في المدارس سوى بتعليم النطق دون المنطق، واللغة دون الفكر، والتلسن دون التعقل، وإذا كانت الوجبات الذهنية الأساسية في هذا المجتمع هي المصطلحات والشعارات والأشكال الخارجية، فليس غريباً والحالة تلك أن نجد أن علو الصوت وفخامة الإلقاء أكثر وقعاً من مضمون الكلام أو أن الألسن أكثر براعة واستعمالاً من الأذان في حين أن حكمة البارئ الذي أوجد أذنين اثنتين لكل منا ولسانا ًواحداً فقط هي آية للمستبصرين، كجعل رسنها جميعها ومرجعها العقل.
وفي مجتمع المصطلحات والأصنام فأن أول صدمة يعاني منها الناس حين يقدم أحدهم على استعمال عقله وطرح رأيه هي الصدمة الناتجة عن استبصار المعاني والأفكار التي ترمز إليها أو تلزمها تلك المصطلحات فتنكشف فجأة تلك التفاصيل والمتعرجات والتضاريس التي كانت مخفية فيها قبل، فأما البعض فنراه يسارع إلى المطالبة بتخفية هذه " العورة " بحجة ما أو أخرى، كالقول بعدم ملاءمة الظرف أو الوقت أو الشخص مع العلم أيضا أن لكل مقال مقام، وأما البعض الآخر فينتهز الفرصة لممارسة هواية الرويضيات المفضلة، وهي قعقعة المصطلحات وقصفها كالصواعق أو القذائف على الفكرة أو المفكر، وبين هذا وذاك ما يلبث المجتهد أن يشعر بالرهبة أو الذنب، ينتشر هذا الشعور ليصل آخرين ربما كانوا سوف يقدمون شيئاً ما لمجتمعهم، فينطوون جميعاً على أنفسهم، ويضطرون إلى الرجوع للتعامل بعملة التصريحات والمصطلحات الجوفاء، وذلك حال اكتشافهم بأن هذه هي العملة القابلة للصرف في مجتمعهم والتي بها يمكنهم التقدم والربح.
إنما أقول كل هذا وأسترسل به كإطار عام وموضوعي تحديداً هو بعض ردود الفعل على ما يصدر عن هذا الكاتب أو ذاك، من الأخوة والزملاء من اجتهادات فكرية أو سياسية، فبئس ذلك المجتمع الذي ينبري فيه المربون والكاتبون لتحريم المفكر من طرح رأيه للنقاش، أو لتحريم الجمهور من الإطلاع على تلك الأفكار وتبادل الآراء حولها، فهو مجتمع من أخفق مربوه في تأدية رسالتهم وهو بالتالي سوف يستمر في التخبط في جهله، وتخلفه بل هو مجتمع لا تزن مجموعة معتقداته وزن الريشة في مهب الريح، ولا تتجاوز أفعاله سقف البلاغة والخطابة والشعر ولن يصلح هذا المجتمع إلا إذا اجتهد أفراده والمسؤولون والمربون فيه في تنمية واحترام العقل لدى الجمهور، ولا يتم ذلك إلا إذا احترمنا الجمهور وصارحناه، فسمينا المسميات بأسمائها، وصارحنا بعضنا بما يدور حولنا، وتجرأنا على التفكير والحوار، فلا تدع باباً في العقل إلا طرقناه، ولا نحمل فكراً إلا ومحصناه.
وما أحوجنا اليوم لهذه المصارحة وهذا الحوار ونحن نقف إزاء مشاهد وأحداث مقلقة أكانت تتعلق بالانتفاضة، مسلكيتها ومسارها، أو بمجريات السياسة العامة، واقعها والمتوقع لها.
وأخيراً أقول أن ما يميز المجتمع هو الفكر الذي يدور به. وما يتميز به الفرد في المجتمع هو قدرته على الإبداع في هذا المجال، وما يمكنه من استثمار هذه القدرة وترجمتها إلى الفعل هو توفر المناخ الملائم لحرية الرأي وتبادله، وهذا المناخ لا ينضج إلا إذا نجح المربون في توعية المجتمع لفن الحوار أصوله وقواعده وآدابه.
ومن هذه القواعد، كما سبق وقلت فن الإصغاء ولكن دعني أشير أيضا إلى أصل آخر يبدو غائباً عن الوعي، التواضع، وهو تواضع دعا الله تعالى إليه، والتواضع في هذا المجال يعني أن لا يصغر أحد خده لآراء الآخرين، وأن لا يكون مختالاً فخوراً برأيه الخاص، بل يجاهد للتمرد من
لتزمت أو العجرفة في الرأي، قائلاً لنفسه ما معناه: نعم أنني قد أميل بطبعي إلى الإعجاب برأيي أكثر من ميلي للإعجاب برأي الآخرين، لكن عسى إعجابي هذا بنفسي أن يغشي بصيرتي، وأن يكون رأي الآخرين هو الأقرب للصواب. ولذلك فلا هدي من صوتي، واستنصت للناس، مسترشداً في ذلك بحديث الرسول الكريم. منقوووووووووووووووول
منقول
انــــــــــــــــــا اســــــــــــــــــف لا اعرف