عنوان الموضوع : للمساعدة بحث للعربية للسنة 2 ثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب

السلام عليكم
مشروع في اللغة الربية اريده مفصل من فضلكم المشروع هو كالتالي
اعداد خريطة حول الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية
عناصر المشروع
-مقدمة
-سلم زمني
-الخريطة
-الدويلات المستقلة في العهد العباسي
-شجرة نسب الخلافة العباسية
-الحياة الثقافية الفكرية والعلمية
-الاوظاع العامة للدول المستقلة
-مشاهير علماء العصر العباسي
-الدول التي جكمت الخلافة العباسية
عرض البحث
مخطط عرض السلم الزمني

سلم زمني يضهر تعاقب الدويلات التي حكمت باسم الخلافة العباسية
الدول المستقلة عن الخلافة
-الدول الطونية 254ه_292ه_868م_905م_
-الدولة الاخشيدية 223ه_358ه_935م_969م_
-الدولة الظاهرية265ه_259ه_820م_872م_
-الدولة السمانية 261ه_389ه_874م_999م_
-الدولة العزنوية 351ه_582ه_


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

please
انا بحاجة ماسة اليه

=========


>>>> الرد الثاني :

سلم زمني يضهر تعاقب الدويلات التي حكمت باسم الخلافة العباسية
الدويلات هي
- الهويهون900_1000م
-السلاجقة 1000_1200م
-الايوبيون1000_1200م
-المماليك 1200_1600م


=========


>>>> الرد الثالث :

اين أ نتم ارجوا المساعدة فقط

=========


>>>> الرد الرابع :

بالتوفيق
ما عندي اي فكرة

=========


>>>> الرد الخامس :

شششششششششككككككككككككككككككككررررررررررراااااااااا ااااااااااااااا

=========


التاريخ الإسـلامي*

الامارات المستقلة عن الخلافة العباسيةفي عهد الخلافة العباسية استقلَّت بعض الدول عنها استقلالا تاما، بينما أخذ بعضها يتجه نحو استقلال جزئيالمسلمين. .بحيث تستمد منها مكانتها الروحية وقدرها العظيم فينفوس ويقف المؤرخون والمحللون أمام قيام بعض الدول وانهيار أخرى وقفات تأملية يبحثون عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى قيام هذه وانهيار تلك.وعلى كلّ، فقد كان قيام الدويلات نتيجة لضعف الخلافة، وسببًا لمزيد من الانحلال، وخطوة على طريق النهاية، لقد قامت أولى هذه الدويلات في أقصى الغرب؛ لبعده عن عاصمة الدولة، ومركز السلطان فيها، فقامت دولة الأمويين في الأندلس، وبقيامها في سنة 137هـ/756م ضعف نفوذ العباسيين على الغرب، وسرعان ما نشأت الدويلات في شمال إفريقيا.وحين تطرق الضعف إلى جسد الخلافة العباسية جميعًا، نشأت الدويلات في بقية أجزاء الدولة، وقد تسببت هذه الدول في ضعف الدولة العباسية وانحلالها؛ ذلك لأنَّ علاقة هذه الدويلات بالدولة العباسية كانت مختلفة اختلافًا كبيرًا، فقد انفصل بعضها عن الدولة انفصالا تامّا، ونافسها بعضها على تولى الخلافة نفسهاكما ظل قسم آخر على علاقة اسمية بالدولة، فيكفى الخليفة أن يذكر اسمه على المنابر، ويصك اسمه على العملة، وفي حقيقة الأمر أنها دولة مستقلة تمامًا لا تخضع له فيشيء. وهناك دويلات ظلت على صلة متغيرة بالدولة، تقوى حينًا، وتضعف حينًا آخر تبعًا لتغير الأحوال.وفيما يلي نذكر هذه الدول والإمارات، التي انفصلت عن دولة الخلافة العباسية، وهي:أولا: الإمارة الأموية في الأندلسثانيًَا: الدول في بلاد المغرب وهي:الدولة الرستمية*
دولة الأدارسة*
دولة الأغالبة*
ثالثًا:الدول فى بلاد الشرق، وهي:الدولة الطاهرية*
الدولة الصفارية*
الدولة السامانية*
الدولة الغزنوية*
رابعًا:الدول في مصر والشام، وهي:الدولة الطولونية*
الدولة الإخشيدية*
الدولة الحمدانية*
الدولة الفاطمية*
الدولة الأيوبية*
(المماليك)الدولة المملوكية*
الإمارة في الأندلس
(138-422750- 1031 م)
لما قامت الخلافة العباسية طارد العباسيون الأمويين، ويشاء الله أن يفلت من أيديهم واحد من بني أمية : أتدرى من هو؟ إنه عبد الرحمن بن معاوية بن هشام حفيد هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين
أخذ يتطلع إلى "الأندلس الإسلامية" ليقيم فيها الخلافة الإسلامية الأموية من جديد، فهي البلاد التي فتحها الجيش الإسلامي بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير، زمن الأمويين منذ سنة 92هـ/711م، وإليهم يرجع الفضل فيفتحها ولقد استقرت بها طوائف من أهل الشام وجُنْدِه الموالين للبيت الأموي
وهنا أرسل "عبد الرحمن" أحدَ أتباعه، وهو مولاه "بدر"؛ ليجمع كلمة الذين يدينون لبنى أمية بالولاء والانتماء، ورَحّبَ به أنصارُ بني أمية، ورأَوْا فيه شخصًا جديرًا بأن يتولى زعامتهم بدلا من ذلك الواليالعباسي، فأعلنوه أميرًا، فأصدر عفوّا عامًا غداة دخوله قرطبة ليمكن لنفسه في البلاد، وتم له ما أراد بعد بضع سنوات فقط من تولى العباسيين عرش الخلافة في بغداد، وبهذا انفصلت ولاية الأندلس، عن الخلافة في بغداد انفصالا رسميّا .
الدولة الرستمية
(160-296777-909 م)
قامت الدولة الرستمية في المغرب الأوسط (الجزائر)، وتنسب إلى مؤسسها الرحمن بن رستم " زعيم الخوارج الإباضية،وكان الخوارج قد فروا في مرحلة مبكرة من الأمويين بدمشق والشام إلى المغرب.
واستقر عبد الرحمن بن رستم في إقليم "تاهرت" بالمغرب الأوسط، وقام بنشر مذهبه هناك حتى بويع بالإمامة سنة 160هـ/777م، فأعلن قيام دولته التي صارت ملجأ الإباضية العراق وفارس وغيرهما، وهم أحد الفرق المعتدلة؛ حيث تتعايش مع خصومها وتعدل عن قتلهم.
دولة الأدارسة
(172-364 /789-975م)
مؤسسها إدريس بن إدريس بن عبد الله الذي تمكن من جمع أهل المغرب من حوله، والذين بايعوه بسرعة، فلم يجد صعوبة في قيادتهم والاستيلاء على الإقليم جميعه، والقضاء على أي أثر للنفوذ العباسي فيه، واتخذ عاصمته في فاس، وأقام دولة هناك نُسبت إليه فعُرفت بدولة الأدارسة، وهى نموذج للدولة المعادية للدولة العباسية، وهى أول دولة شيعية تظهر في التاريخ، على أنَّ تَشَيُّعَها لم يكن يتجاوز حب آل بيت رسول الله والولاء لهم، ففي المغرب حاميتهم وعماد دولتهم، ولهذا أيضًا عاشت دولة الأدارسة نحوًا من قرنين من الزمان .
دولة الأغالبة
(184-296هـ/800-909م)
مؤسسها إبراهيم بن الأغلب الذي استطاع أن يوقف دولة الأدارسةوحتى من الخليفة العباسي ليس لهأي نفوذ على دولة الأغالبة، فهم يتوارثونها أبًا عن جد، ويصرِّفون أمورها كما يشاءون دون رقيب.
ولما قويت شوكة الأغالبة بدءوا التوسع
وإنشاء أسطولا ضخمًا، دان بناؤه سنوات معدوداتوبواسطته قاموا بحماة ضد الصليبيين بقيادة أسد في البحر مرارًا على مدى ثمانين عامًا حتى استطاعوا القضاء على مقاومة الرومان من أهل الجزيرة وحكامها، ثم استولوا على السواحل الأوربية، وبخاصة سواحل إيطاليا الجنوبية والغربية، والسواحل الجنوبية لفرنساعاشوا أكثر من قرن من الزمان يحكمون تونس وملحقاتها، ويحكمون صقلية، ويفرضون هيبتهم على الدول الأوربيةوقد استطاعوا في بعض هذه السواحل إقامة حاميات وحصون دائمة.
الدولة الصفارية
(254-290868-903م)
أظهر يعقوب بن ليث مؤسس الدولة الصفارية شجاعة خارقة فيمد نفوذه على الأقاليم المجاورة حتى ملك "هراة"، وكانت تابعة للدولة الطاهريةوقد توجه "الصَّفَّار" إلى "كِرْمَان"، وبسط نفوذه عليها، ثم توجه إلى فارس فأخذها بعد قتال عنيف مع غريمه "على بن الحسين" الذي وقع أسيرًا في يدهولم يكتفِ بهذا، بل توجه إلى خراسان، وحاصر العاصمة "نيسابور" ودخلها سنة 259هـ/ 873م، فقبض على جميع الطاهريين بها، واستولى على البلاد التي كان يحكمها الطاهريونوأقام دولته الصفارية على أنقاضها.
الدولة السامانية
(266-389 880-999م)
تنتمي الدولة السامانية إلى نصر الساماني الذي قام بحملة عسكرية ضد المجاورين له من المسيحيين؛ لأنهم كانوا يهاجمون المناطق الإسلامية وقد نتج عن هذه الحملة انتصاره في هذه الحروب، ودخول كبار قادة هذه البلاد في الإسلام. وفى عهده، تم القضاء على الدولة الصفارية، وامتد نفوذه إلى خراسان، واستولى على طبرستان بعد أن انتصر على واليها العلوى "محمد بن زيد" عام 287هـ. وتمكن إسماعيل أخ نصر بعد ذلك من ضم الريقزوين إلى حوزتهولا ينسى التاريخ أن يذكر للدولة السامانية اهتمامها بالعلم والعلماء ورعايتها للآداب، وقيامها بنهضة فنية رائعة في العمارة، وصناعة الخزف والورق التي انتشرت في سمرقند، و انتشرت في بقية العالم الإسلامي، وكان اهتمامهم باقتناء الكتب عظيمًا، فالمطلع على مكتبة الدولة يجد مالا يوجدفي سواها من كتب المعارف والعلوم.
الدولة الطاهرية
(205-259821-873م)
لقد تولى ابنه طلحة بعد أبيه بأمر من الخليفة المأمون، وظل الطاهريون يحكمون خراسان، ولكنهم يتبعون "الدولة العباسية" تبعية اسمية مما جعل الخلافة العباسية تلجأ إلى الطاهريين، تلتمس منهم المؤازرة والمساندة ضد الخارجين على سلطانهملقد حارب عبد الله بن طاهر نصرَ بن شبث حين قام بثورة في شمال حلب ، وأتى به أسيرًا إلى المأمون. وظل الطاهريون على ولائهم للعباسيين حيث اشترك عبد الله بن طاهر في إخماد فتنة وقعت في عهد المعتصم بطبرستان، وهكذا استقل الطاهريون استقلالا داخليا هادئًا في خراسان، وظلوا يتولون أمرها، ويتوارثون الإمارة فيها، ولم يمنعهم استقلالهم من مساندة الخلافة العباسية، ومساعدتها في كل ما واجهته من فتن وثورات .
الدولة الغزنوية
(351-582هـ/ 962-1186م)
هل سمعت أو قرأت أحد هذين الاسمين؟ "سُبُكْتِكين" و"البُتْكِين"؟
إنهما اسمان تركيان، أما أولهما فتنسب إليه الدولة الغزنوية، وقد كان أحد مولى الثاني. وكان الثاني أميرًا على مدينة "هراة" التابعة لخراسان، ويصدر أمر عبد الملك السامانى بعزله، فأين يذهب؟ ذهب إلى "غزنة" واستولى عليها سنة 352هـ/963م، ويحل محله بعد موته على إمارة غزنة ابنه إسحاق، ويموت إسحاق وليس هناك من يرثهلقد جاء الدور على "سبكتكين" أحد موالى "البتكين" الذي كان معروفًا بالتدين والمروءة، ورجاحة العقل، وكان لابد من توسيع رقعة مملكته لتشمل "بشاور" في الهند، وخراسان التي كان يليها أول الأمر نائبًا عن السامانيينويتولى الأمر بعد "سبكتكين" ابنه إسماعيل، ثم تولى الأمر بعده أخوه محمودولم تجئ سنة 388هـ/ 998م حتى كان محمود الغزنوى قد شرع في مهاجمة "نيسابور" بعد أن ملك غزنةويتمكن محمود في سنة 389هـ/ 999م من الاستيلاء على خراسان معلنًا ولاءه للخليفة العباسي القادر باللهويولى "محمود بن سبكتكين" أخاه "نصرًا" قيادة جيوش خراسان، ويسير إلى "بلخفيجعلها دار ملكه. ويصبح "محمود الغزنوي" من الشخصيات العظيمة في التاريخ الإسلامي بسبب جهاده المتواصل في اتجاه الهند. لقد قاد سبع عشرة غزوة على الهند مكنته من ضم إقليم "البنجاب"، وجزء من "السند" إلى بلاد هان. المسلمين في الهند وباكستان يذكرون "محمودًا الغزنوي" ولا ينسونه، وكيف ينسى وهو الذي حمل النور إليهم ونشر الإسلام بينهم؟
لم يكتفِ محمود بهذا، بل أخضع "الغور" وهى تجاور "غزنة" ونشر الإسلام هناك، فيا لها من جهود تُذكر فتشكر لقدلقي محمود ربه سنة 421هـ/ 1030م، وكان خَيرًا، عاقلا، دَينًا، عنده علم ومعرفة، قصده العلماء من أقطار البلاد، وكان يكرمهم، ويقبل عليهم، ويحسن إليهم، وكان عادلا، كثير الإحسان إلى رعيته ملازمًا للجهاد، كثير الغزواتويتولى مسعود بن محمود أمر البلاد بعد أبيه، ويسير على نهج أبيه، ولكن الدول تضعف في أواخر عهده ؛ وينتهي أمر هذه الدولة الفتية عام 582هـ.
الدولة الطولونية
(254-292هـ/ 868-905م)
في عهد الخليفة الواثق، كانت مصر من نصيب "باكباك" التركي حيث ازداد نفوذ الأتراك، وأخذوا يتولون المناصب الكبرى، ويتقاسمونها فيما بينهمولكن "باكباك" فَضَّلَ أن يبقى في العاصمة "بغداد" ويبعث من ينوب عنه في ولاية مصرووقع الاختيار على أحمد بن طولون، ذلك الشاب الذي نشأ في صيانة وعفاف ورياسة ودراسة للقرآن العظيم مع حسن صوته، وكان والده مملوكًا تركيا بعث به وإلى بلاد "ما وراء النهر" إلى الخليفة "المأمون العباسي" ولما مات والده تزوج باكباك أمه. ليحكم مصر نيابة عن "باكباك" التركي، ولكن موقع مصر الجغرافي، وبُعد المسافة بين العاصمة المصرية "الفسطاط" والعاصمة العباسية بغداد" شجع وإلى مصر الجديد على الاستقلال بهافلم يكد أحمد بن طولون يستقر في مصر سنة 254هـ حتى أخذ يجمع السلطة كلها فى يدهلقد عزل الموظف العباسي المختص بالشئون المالية في مصر واسمه "عامل الخراج" وصار هو الحاكم الإداريوالمالي والعسكريوكان له ما أراد، فأقر الأمور في البلاد، وقضى على الفتن، ونشر الطمأنينة في ربوع الوادي، وعَمَّ البلاد الرخاء.
الدولة الإخشيدية
(323 - 358هـ/ 935 - 969م)
عادت مصر بعد سقوط الدولة الطولونية إلى الخلافة العباسية وعلى الرغم من ذلك ظلت ثلاثين عامًا تعانى من الاضطراب والفوضى والفتن الداخلية. وظل النفوذ العباسي غير مستقر في مصر بعد زوال الدولة الطولونية. ويتطلع أحد القادة الأتراك في الجيش العباسيفي مصر إلى الانفراد بالسلطة وحده دون القادة المتنازعين، والولاة العباسيينفيا ترى من هو؟ إنه "محمد بن طُغج الإخشيد"، لقد ساعده على ذلك ما قدمه من خدمات في الدفاع عن البلاد ضد هجمات الدولة الفاطمية التي قامت في تونس، وراحت تهدد مصر من جهة الشمال الإفريقي، وفى سنة 935م تولى الإخشيد ولاية مصر وصار الحاكم المطلق في البلاد.
الدولة الحمدانية
(317-399هـ/ 929-1009م)
ينتسب الحمدانيون إلى قبيلة تغلب، وكان بنو تغلب من أعظم بطون ربيعة بن نزار، وكانوا من نصارى العرب الجاهلية الذين لهم محل في الكثرة والعددوكانت مواطنهم في الجزيرة وديار ربيعة، ثم ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثم رجعوا إلى بلادهم، وفرض عليهم عمر بن الخطاب الجزية، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا تذلنا بين العرب باسم الجزية، واجعلها صدقة مضاعفة ففعلوعلى هذا فالحمدانيون من بني تغلب ينحدرون من أصل عربي أصيل من العدنانية التي ولدت العربية في كنفهاوما زالوا يتنقلون بماشيتهم وأموالهم وخيامهم على مثل حالة القبائل العربية من تهامة إلى نجد إلى الحجاز إلى أرض ربيعة إلى ضفاف الفرات حيث نزلوا ساحل "الرقَّة" الفسيح، ومنها انتقل حمدان بن حمدون إلى "الموصلوكان حمدان جد الأمراء الحمدانيين رئيس قبيلة أنجبت عدة أولاد اعتمدوا على أنفسهم، وألقوا بأنفسهم في ميادين المغامرة والحرب، فانتصروا وخذلوا، وكانت حياتهم تتصف بالعنف والقوة، ولا تعرف الهدوء والسلم إلا قليلاوقد رافقت نشأة الحمدانيين ضعف الدولة العباسية، وغروب شمسهاويشاء الله أن يشهد الحمدانيون الأحداث التي هزت الإمبراطورية الإسلامية هِزَّة انتهت إلى فرط عقدها وظهور دويلات وإمارات مستقلة على يد الأتراك، والفرس، والكرد، وبعض القبائل العربية، وشهدوا تقلص نفوذ العرب وذوبانه تحت سيطرة الدخلاء بشكل يدعو للأسف، فرأوا أن يقوموا بنصيبهم من حمل هذا العبء، وأن يصونوا التراث العربي، وأن يردوا ما استطاعوا هجمات الروم عن الثغور الإسلاميةيرافق ظهور الأسرة الحمدانية ارتقاء "المتقي"عرش الخلافة، وقد تسلمها وهي على ما هي عليه من التفكك والانحلال، على يد الأتراك أصحاب وظيفة "أمير الأمراء" في بغداد ؛ حيث استبد أولئك الأمراء بالسلطة دون الخليفة العباسي، وراحت بعض القبائل العربية التي سكنت بادية الشام ووادي الفرات تستغل ضعف الخلافة العباسية، وتستقل بالمدن والقلاع الواقعة في أرضهاويعتبر ما قامت به قبيلة "تغلب" مثلا لهذا الذي كان يقع في فترة ضعف الخلافة وسيادة الأمراء.
الدولة الفاطمية
(358-567هـ/ 969-1172م)
لقد أرسل "المعز لدين الله الفاطمي" قائده الكبير "جوهر الصقلي" ليفتح مصر، فسار في جيش ضخم بعد أن مهد الطرق لمسير الجيش، وحفر الآبار على طول الطريق، وأقام "استراحات" على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.
وسار الجيش إلى الإسكندرية، وما لبث أن دخلها دون قتال، وأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، ثم سار إلى "الفسطاط" فسلَّم له أهلها على أن يكفل لهم حرية العقيدة، وينشر الأمن والعدل والمساواة.
وطار الخبر بالاستيلاء على مصر إلى "المعز" فسر سرورًا عظيمًا، وأقام الاحتفالات والولائم، وحوله الشعراء ينشدونلقد ساعد علي نجاح هذا الغزو ضعف واضطراب الأحوال في مصر، وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاكوهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية فاطمية عام 359/ 969م
دولة المماليك
(648-923هـ/1250-1517م)
يذكر أن أولئك الرجال الذين حكموا مصر والشام،أي المماليك(خليط من الأتراك والروم والأوربيين والشراكسة، جلبهم الحكام ليستعينوا بهم في القرن السادس الهجري وحتى منتصف القرن السابع) كان لهم شأنهم في موقعة "عين جالوت"، ومازال العالم كله يذكر فضلهم في أول هزيمة أصابت المغول
إن المؤرخين جميعًا يعتبرون انتصار المماليك انتصارًا عالميّا؛ فقد عجزت الدولة الخُوارزمية، والدولة العباسية عن مقاومة المغول أو مدافعتهم، وبعد أن انهارت القوى المسيحية أمام الزحف المغولي على أجزاء من روسيا وبولندا والمجر الحالية. لقد كانت "موقعة عين جالوت" أول صدمة في الشرق لجيوش المغول ورؤسائهم الذين خُيّل لمعاصريهم أنهم قوم لا يُغلَبون، فجاءت هذه الواقعة لتقول للدنيا لا غالب إلا الله، وأن فوق كل قوي من هو أقوى منه، وأن النصر من عند الله ينصر من يشاء ومن هنا كسبت سلطنة المماليك مركز الصدارة بين سلاطين المسلمين، كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم الإسلامي.
الدولة الأيوبـية
(567-648هـ/ 1172-1250م)
يعتبر صلاح الدين يوسف بن أيوب هو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية، وذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود، فعمل صلاح الدين على أن تكون كل السلطات في مصر تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد لمصر التبعية للدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني.
دولة الخلافة العثمانية
لقد كان القرن السابع الهجري، (الثالث عشر الميلادي) فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي بأسره، ففي الوقت الذي تقدمت فيه جحافل المغول الوثنيين من الشرق، وقضت على الخلافة العباسية في بغداد كانت بقايا الجيوش الصليبية لا تزال تحتل أجزاء من شواطئ فلسطين! ومما زاد الحالة سوءًا أن الدولة الأيوبية التي تولت حماية العالم الإسلامي من هجمات الصليبيين أخذت تضعف بعد وفاة منشئها صلاح الدين. وقد ترتب على هذا أن أخذت مناطق المسلمين تتقلص بين ضربات الوثنيين من الشرق، وحملات المسيحيين من الغرب. وراح بعض الناس يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة مرة أخري، إلا أن الكارثة لم تقع. لأن هؤلاء المماليك، وهم من الأتراك والأرمن وغيرهما، قد وصلوا إلى المناصب العالية في الجيش أثناء حكم الأيوبيينفتولوا الحكم، وعينوا من بينهم السلاطين للدولة، وقد كان لهؤلاء المماليك الفضل في إيقاف زحف المغول عند "عين جالوت" سنة 658/1260 م، كما انتزعوا من الصليبيين "عكا" وكانت آخر معقل لهم في الشرق سنة 692هـ/1292م.وهكذا ظهرت الخلافة العثمانية لترفع راية الاسلام من جديد وتلم شمل المسلمين مرة أخرى...


هذا بحثي باختصار وان أردت أكثر سوف أعطيك المزيد...
حقيقة أنا عندما وضعت موضوعا ليساعدني أحد لم أجد ......فهذا تعب بحثي ومجهوداتي......

الإمارة في الأندلس
(138-422هـ/ 750-1031م)
عبدالرحمن الداخل:
لما قامت الخلافة العباسية طارد العباسيون الأمويين، ويشاء الله أن يفلت من أيديهم واحد من بنى أمية : أتدرى من هو؟ إنه عبدالرحمن بن معاوية بن هشام حفيد هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين.
لقد هرب إلى فلسطين، ومنها إلى مصر ثم المغرب بعد خمس سنوات من التجول والتخفى عن عيون العباسيين ومكث عند أخواله الذين أكرموه.
ومن هناك راح ينتقل من "برقة" إلى "المغرب الأقصى" حتى وصل إلى مدينة "سبتة" سنة 137هـ/ 755م، وراح يُعِدّ العدة ويلتقط أنفاسه، ويرسم الخطوط العريضة لإقامة دولة يحيى بها مجد آبائه وأجداده الأمويين.
وأخذ يتطلع إلى "الأندلس الإسلامية" ليقيم فيها الخلافة الإسلامية الأموية من جديد، فهى البلاد التى فتحها الجيش الإسلامى بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير، زمن الأمويين منذ سنة 92هـ/711م، وإليهم يرجع الفضل فى فتحها!
ولقد استقرت بها طوائف من أهل الشام وجُنْدِه الموالين للبيت الأموى.
وهنا أرسل "عبد الرحمن" أحدَ أتباعه، وهو مولاه "بدر"؛ ليجمع كلمة الذين يدينون لبنى أمية بالولاء والانتماء، ورَحّبَ به أنصارُ بنى أمية، ورأَوْا فيه شخصًا جديرًا بأن يتولى زعامتهم بدلا من ذلك الوالى العباسى، وعبر البحر إلى شاطئ الأندلس، وهناك انضمّ إليه أنصارُ بنى أمية، فقد انتهز عبد الرحمن الداخل فرصة الخلافات بين العرب المُضَريِّين والعرب اليمنيين فى الأندلس، فانضم إلى اليمنيين لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم، وهزم المضريين بقيادة يوسف الفهرى فى موقعة "المصارة" فى 138هـ/ 756م، فاستولى على مدن البلاد الأندلسية الجنوبية دون مقاومة، ثم راح يستولى على "قرطبة" عاصمة "ولاية الأندلس" سنة 141هـ/ 759م، بعد هزيمة الوالى العباسي، وأعلن نفسه أميرًا، وأصدر عفوّا عامًا غداة دخوله قرطبة ليمكن لنفسه فى البلاد، وتم له ما أراد بعد بضع سنوات فقط من تولى العباسيين عرش الخلافة فى بغداد، وبهذا انفصلت ولاية الأندلس، عن الخلافة فى بغداد انفصالا رسميّا.
ولكن ماذا كان موقف العباسيين من هذا الذى زاحمهم فى الأندلس، بل وأنهى حكمهم هناك؟
ظل "عبد الرحمن الأموى" يعمل طوال مدة حكمه التى استمرت ثلاثة وثلاثين عامًا على تأمين مركزه فى جميع أجزاء دولته الجديدة، فأخمد الفتن، وأحبط الدسائس، وقضى على تلك المحاولات التى قام بها العباسيون لإخراجه من الأندلس.
صقر قريش:
لقد أرسل أبو جعفر المنصور إليه جيشًا بقيادة العلاء بن مغيث لإخضاع، الأندلس فهزمه عبد الرحمن بن معاوية وقتل العلاء.
فماذا فعل المنصور؟ وكيف كان رد الفعل؟
لم يحاول المنصور العباسى أن يُعيِّن على الأندلس أحدًا بعد هذا الذى قُتل.
ولم يحاول أن يرسل جيشًا لحربه، بل فَضَّل أن يقر بالأمر الواقع ويعترف له بلقب: "صقر قريش"، فقد أطلق عليه أبوجعفر المنصور هذا اللقب لاعترافه بشجاعته وقوته، فيروى أن أبا جعفر قال يومًا لبعض جلسائه: "أخبرونى من صقر قريش من الملوك،؟ قالوا ذلك أمير المؤمنين الذى راضى الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء (يقصدون أبا جعفر المنصور). قال : ما قلتم شيئًا. قالوا : فمعاوية ؟قال: لا. قالوا: فعبد الملك بن مروان؟ قال ما قلتم شيئًا. قالوا: فمن يا أمير المؤمنين ؟ قال صقر قريش عبدالرحمن بن معاوية الذى عبر البحر، وقطع القفر، ودخل بلدًا أعجميّا منفردًا بنفسه فمصَّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ودَوَّن الدواوين، ونال ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة شكيمته، إن معاوية نهض بمركب حمله عمر وعثمان عليه وذلَّلا له صعبه، وعبد الملك ببيعة أبرم عقدها، وأمير المؤمنين بطلب عترته واجتماع شيعته، وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيد بأمره مستصحب لعزمه، فمد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور وقتل المارقين وأذل الجبابرة الثائرين".
أخلاق عبدالرحمن:
وقد كان عبد الرحمن جوادًا بسيطًا متواضعًا، يؤثر لبس البياض، ويصلى بالناس الجمع والأعياد، ويحضر الجنائز، ويعود المرضى، ويزور الناس ويخاطبهم، وكان نقش خاتمه "عبد الرحمن بقضاء الله راض " و "بالله يثق عبد الرحمن به يعتصم"، وكان شاعرًا بليغًا عالمًا بأحكام الشريعة.
ولقد اكتفت الخلافة العباسية ببقاء عبد الرحمن الأموى بعيدًا عنها فى إمارته.
النهضة العمرانية:
وراح عبد الرحمن يبنى، ويعمر، ويُعيدُ الحياة الآمنة الهادئة إلى ربوع الأندلس أكثر من ثلاثين سنة.
ولقد قابلته صعوبات وعقبات، منها تلك الفتن التى نشبت بين المضرية واليمنية، وهما من العرب، وكان هناك خطر جاثم يتمثل فى "دولة الفرنجة" (فرنسا الآن)، وكانت هناك أسبانيا النصرانية التى استطاعت أن تكون مملكة فى الشمال الغربى من شبه جزيرة أيبيريا (أسبانيا).
ولقد استطاع أهل مدينة سرقسطة مع واليهم أن يصدوا هجوم شارلمان سنة 161هـ/ 778م.
وقد استطاع عبد الرحمن أن ينافس العباسيين فى بغداد، وفاقت حضارة بلاده حضارات الدولة الأوربية المعاصرة لها، فقد أعاد عبد الرحمن بناء مسجد قرطبة، وأنشأ فيها الحدائق والبساتين والقصور، واهتم بالعلم والعلماء.
وعاش من فى الأندلس من مسيحيين ويهود عيشة هانئة آمنة سعيدة فى ظل التسامح الإسلامى، حتى توفى عبد الرحمن سنة 172هـ/97_م، وعاشت الدولة من بعده قرنين ونصف قرن من الزمان!ترى من سيخلف "عبد الرحمن الأموي" وهل سيصفو الجوُّ لَهُ كما صفا لمن سبقه؟
هشام الأول:
لقد حكم الأندلس بعد وفاة "عبد الرحمن الداخل" ابنه "هشام الأول"، وكان وَرِعًا تقيّا يتشّبه بعمر بن عبد العزيز -رضى الله عنه-، وكان شغفه بالجهاد، وإعلاء كلمة الدين من أخص مظاهر تقواه، فقد أرسل الحملات الكثيرة التى هزمت الفرنجة، واستولى على مدنهم، ونشر الإسلام فيها، وكان ينفق الأموال الطائلة فى افتداء أسرى المسلمين حتى لم يَبْقَ فى قبضة العدو منهم أحد، رتب فى ديوانه أرزاقًا لأسر الجند من الشهداء، وفى عهده جُعلت اللغة العربية لغة التدريس فى معاهد اليهود والنصارى، وكان ذلك سببًا فى استقرار البلاد وهدوء الخلافات بين النصارى والمسلمين، ووقوف النصارى على حقيقة الإسلام، ودخول الكثيرين منهم فى الإسلام.
وكان يحب مجالس العلم والفقه والأدب، وكان معاصرًا للإمام مالك، وكان الإمام مالك يحبه ويعجب بسيرته، ولذلك انتشر مذهب الإمام مالك فى الأندلس فى عهد هشام، ولشدة عدله وتقواه قصده كثير من العلماء والفقهاء.
وكان يرسل الوعاظ إلى جميع أجزاء مملكته للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكان يعود المرضى، ويخرج فى الليالى العاصفة وهو يحمل الطعام لأحد الزهاد، حتى إذا بلغ داره جلس بجانبه يؤنسه ويرعاه، ويرسل من يثق فيهم من رجاله إلى بلاد الأندلس ومدنها، يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف عزله عن عمله، وكان يهتم بالزكاة فيجمعها وينفقها فى وجوهها. ولقى هشام ربه سنة 180هـ/ 796م.
الحكم الأول:
وجاء بعد هشام ابنه الحكم الأول، وكان حازمًا شجاعًا قويًا على أعدائه، كريمًا يميل إلى العفو، فطنًا، حسن التدبير، واسع الحيلة، يؤثر العدل، ويحرص على إقامته، ويختار لقضائه أفضل الناس وأكثرهم نزاهة وورعًا، وكان يسلط قضاته على نفسه وولده وخاصته، وكان قاضيه محمد بن بشير من أعظم القضاة نزاهة واستقلالا فى الرأى والحكم، وكان الحكم خطيبًا مفوهًا وشاعرًا مجيدًا، نظم الشعر فى مناسبات مختلفة.
واهتم بالعمران والصناعة والزراعة، وكان محبّا للثقافة، نصيرًا للعلوم والآداب، يحشد حوله جمهرة من أكابر العلماء والأدباء والشعراء، مثل العلامة الفلكى الشهير عباس بن فرناس.
وقد اشتهر ببره بأهل بيته، وإغداقه النعم على أقربائه، وكان يعشق الفلك، ويهتم بدراسته، وكان ابن فرناس، وعبيد الله بن الشمر من أساتذته فى هذا الفن، وكان يقربهما ويجرى عليهما الأرزاق.
وفى عهده ازداد شأن الحكومة الإسلامية عند بلاد الفرنجة، وصارت لها مكانتها ومنزلتها بين حكومات هذه البلاد الفرنجية، وصارت الدولة الإسلامية توفد سفاراتها إلى كل هذه الدول، وتوفى سنة 206هـ/228م.
عبدالرحمن الثانى:
ويتولى الأمر فى "الأندلس" عبد الرحمن الثانى (الأوسط) ولكن الوضع فى عهده كان يختلف عمن قبله.
لقد امتاز عهده بالهدوء والسلام الداخلى بعد أن قضى على الثورات والفتن الداخلية، وقضى على غارات النورمان على الأندلس، فنهض لإصلاح البلاد؛ مما أدى إلى ازدهار الحياة بها ونمائها حتى راحت تنافس دولة العباسيين فى النهضة العلمية، وفى التقدم الاقتصادى والحضارى. وقد أنشأ دارًا كبيرة فى أشبيلية لصناعة السفن، كانت نواة للأسطول الإسلامى الأندلسى الذى ازدهر فى أيام عبد الرحمن الناصر.
وظلت الأندلس تنعم بحياة مزدهرة حتى لقى الأمير عبد الرحمن الأوسط ربه سنة 238هـ/ 853م.
ثلاثة أمراء:
وتمر السنوات سراعًا فيتغير حال الأندلس، وتضطرب الأمور نتيجة للثورات الداخلية، ويتوالى على الحكم ثلاثة من الأمراء:
الأول: محمد بن عبد الرحمن (الأول)، وكان فاضلا مهتمّا بأحوال المسلمين، والعناية بمصالحهم وثغورهم، حاول الحفاظ على الدولة الإسلامية بالأندلس من التفكك والضعف. ولكن الأحداث كانت تجرى على غير ما يشتهى، ومع ذلك فقد أرسل الحملات الكثيرة لتأديب الثائرين وقمع المعتدين، وكان يخرج بنفسه على رأس حملات لغزو النصارى ورد كيدهم، وقوّى الجيش وأعد الحصون، وخفف الضرائب عن الناس رغم كثرة الحروب، واكتفى بدعوتهم للتطوع للجهاد فى سبيل الله، وكان يُقرب العلماء والفقهاء، ونال الفقهاء فى عصره كثيرًا من الرعاية، ومع أن مدته كانت حربًا عسكرية فإنه قام بالعديد من الإصلاحات، مثل بعض التجديدات والإضافات الكثيرة فى المسجد الجامع بقرطبة.
الثانى: المنذر بن محمد وكان قويّا شجاعًا حازمًا مع زعماء الفتنة يخافونه ويهابونه، ولولا وفاته المفاجئة لقضى على هذه الفتن، وكان من أصلح أمراء بنى أمية وأحسنهم خلقًا، وكان يؤثر مجالس العلماء والشعراء ويعظمهم، وكان يلجأ إلى أهل العلم لاستشارتهم.
الثالث: عبد الله بن محمد الذى استمر حكمه حتى سنة 300هـ/913م.
وكان الوضع السياسى خلال فترة هؤلاء الثلاثة منذرًا بأسوأ حال، فلقد تمزقت وحدة البلاد، وانحسر الحكم الأموى عن البلاد، ولم يبقَ فى يد الأمراء المسلمين إلا قرطبة، بينما انقسمت الدولة الأندلسية إلى دويلات مستقلة حتى قيض الله لها فى القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى من يأخذ بيدها، فقد بلغت البلاد من القوة والازدهار وذيوع الصيت ما لم تبلغه من قبل فى عهد عبد الرحمن الناصر (300 - 350هـ/ 913 - 961م) كذلك كانت ولاية حكم المستنصر(350-366هـ/961-977)، والأسرة العامرية خيرًا وبركة على الدولة الإسلامية حتى نهاية القرن الرابع الهجرى.
ملوك الطوائف:
شاء الله أن تدخل الأندلس فى القرن الخامس الهجرى، الحادى عشر الميلادى دورًا طويلا من التفكك الداخلى بين أجزائها على أيدى ملوك مسلمين أَطلق عليهم التاريخ اسم "ملوك الطوائف"، وما زال هؤلاء الملوك يتناحرون فيما بينهم حتى سقطت طُلَيْطِلَة فى أيدى الأسبان، وهنا ظهر المرابطون، وهم جماعة من البربر الأشداء ظهروا فى بلاد المغرب، واستطاعوا حكمها حتى استنجد بهم المسلمون فى الأندلس بعد سقوط طليطلة، فأوقعوا بالأسبان الصليبيين هزيمة ساحقة على يد الزعيم المرابطى العظيم يوسف بن تَاشَفِين، ومضى خلفاء يوسف على ذلك العهد من الجهاد للأعداء والحفاظ على الأندلس حتى ضعفت دولتهم، وورثها الموحدون وهم يشبهون المرابطين فقد كانوا أيضًا من البدو الذين حكموا المغرب، ثم عبروا إلى الأندلس مجاهدين ليمدوا فى عمر المسلمين هناك عصورًا أخرى من الغزو والحضارة، فلما ضعف الموحدون انقسمت الأندلس بين زعمائها حتى ظهر بنو الأحمر فى "عُمْر ناقة" فأقاموا بها ملكًا عظيمًا.
مظاهر الحقد الصليبى:
لقد ظهر الحقد الصليبى فى أبشع صوره بعد سقوط طليطلة، فقد حولوا جامعها إلى كنيسة على يد الفونس السادس، الحاكم الأسبانى، ولم يسلم مسلم من أذاهم، وتجلى حقدهم الأعمى على الإسلام والمسلمين، فأعملوا فيهم القتل والتعذيب والإحراق، وما تزال صحائف محاكم التفتيش السود تنطق بما حَلّ بالمسلمين، تلك التى أقاموها للمسلمين بعد أن زال سلطان المسلمين نهائىّا من أسبانيا عندما استسلم أبو عبد الله ملك "غرناطة" سنة 898هـ/ 1492م. وضاع ذلك "الفردوس" من أيدى المسلمين. لقد كان البيزنطيون يقيمون المذابح فى البلاد القريبة من الحدود البيزنطية فى الشام والجزيرة من بلاد العراق. كما ارتكبت الجرائم على أيدى الصليبيين الذين غزوا مصر والشام. وراح التتار يشنون حرب إبادة وتعذيب فى بلاد ما وراء النهر وخراسان والعراق والشام. كلهم تكالبوا على المسلمين، ونكلوا بهم، بينما كان الفتح الإسلامى كله عدل ورحمة ومحبة وتسامح وحرية للأديان، واحترام لحقوق الإنسان. لقد هدموا المساجد فى الأندلس التى تدل على تاريخ المسلمين بها، بينما بقيت الكنائس فى كل البلاد التى ظلت تحت حكم الإسلام والمسلمين، ألا فلتشهد الدنيا سماحة الإسلام والمسلمين!
ترى هل تعود الأندلس إلى أحضان المسلمين ثانية؟ لن تعــود إلا بالعمل الجاد والإيمان العميق والعلم والتقدم، ووحدة الصف الإسلامي.
لقد رفضت الدولة الرومانية الدعوة السلمية التى بعث بها رسول الله ( إلى ملكها ليدخل فى دين الله، وتحركت بدافع صليبى لمحاولة القضاء على الإسلام، فنشأ الصراع الحربى الذى انتهى بدخول المسلمين الشام ثم آسيا الصغرى، بالإضافة إلى مصر والنوبة وشمال إفريقية وإجلاء الرومان عنها، فزادت الضغينة، وتراكمت المرارة فى قلوب الصليبيين، فظلوا يتربصون لهذا الدين، يتمنون فرصة مواتية يكرُّون عليه فيها، ويُجْلونه عن الأماكن التى فتحها وفتح قلوب أهلها للحق.
لكنهم ما كانوا يفكرون فى ذلك والدولة الإسلامية فى قوتها وسطوتها أيام الأمويين، وأيام قوة الدولة العباسية .
فلما انتشر الترف؛ تراخى المسلمون عن رسالتهم وسادت النزاعات والشقاقات فيما بينهم.
وهنا جاءت الصليبية، واستولت على ساحل الشام فى القرنين الخامس والسادس الهجريين، ثم هب الشرق ممثلا فى الأتراك العثمانيين فأسقط الدولة البيزنطية، واستولى على البلقان.وعاد الغرب فى القرنين التاسع عشر والعشرين ممثلا فى الاستعمار الأوربى ليستولى على كثير من بلاد الشرق.
***
الدولة الرستمية
(160-296هـ/ 777-909م)
قامت الدولة الرستمية فى المغرب الأوسط (الجزائر)، وتنسب إلى مؤسسها "الرحمن بن رستم " زعيم الخوارج الإباضية، ومنذ خرج "الخوارج" على "على بن أبى طالب" -رضى الله عنه- وتسببوا فى قتله على يد الخارجى "عبد الرحمن بن ملجم"، وهم يتبنون سياسة الخروج والثورة على الخلافة الإسلامية، يكفِّرون من خالفهم من المسلمين، وتستبيح بعض فرقهم دماءهم!
وكان الخوارج قد فروا فى مرحلة مبكرة من الأمويين بدمشق والشام إلى المغرب.
وحاول الخوارج نشر مبادئهم هناك، وكانت الدولة العباسية كالدولة الأموية تحاول القضاء على الخوارج بسبب أفكارهم الغريبة ومعتقداتهم، واستقر عبد الرحمن بن رستم فى إقليم "تاهرت" بالمغرب الأوسط، وقام بنشر مذهبه هناك حتى بويع بالإمامة سنة 160هـ/777م، فأعلن قيام دولته التى صارت ملجأ لإباضية العراق وفارس وغيرهما، وهم أحد الفرق المعتدلة؛ حيث تتعايش مع خصومها وتعدل عن قتلهم.
نجح عبد الرحمن بن رستم فى توطيد دعائم دولته خلال الفترة التى قدر له أن يحكمها (144-168هـ) وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذى بقى فى حكم الدولة الرستمية عشرين سنة، ثم "أفلح بن عبد الوهاب" الذى حكم أكثر من خمسين عامًا (188-238هـ)، ثم تتابع فى حكم الدولة الرستمية خمسة من الأمراء، هم: أبوبكر بن أفلح، وأبو اليقظان، فأبو حاتم، فيعقوب ابن أفلح، فاليقظان ابن أبى اليقظان آخر أمرائهم.
وظل أتباع هذه الدولة يتصارعون ويختلفون حتى انقرضت الدولة الرستمية سنة 296هـ/ 909م، فى عهد اليقظان بن أبى اليقظان على يد داعى الفاطميين أبى عبد الله الشيعي.
لقد كانت علاقة الدولة الرستمية متوترة مع الأغالبة الذين يمثلون الدولة العباسية، ولكنهم كانوا على علاقة طيبة بالأمويين فى الأندلس، وذلك لأن الأمويين كانوا يبادلون العباسيين الكراهية والعداء.
وانتهت دولة الرستميين رغم ما تمتعت به من حياة سهلة رغيدة مدة من الزمان؛ لأن الذى يخرج عن جسم الأمة لابد أن تحاصره النهاية.
وكانت هنا دويلة أخرى قامت فى جنوب المغرب الأقصى إلى جانب دولة الأغالبة والأدارسة والدولة الرستيمة، إنها دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) فى جنوب المغرب الأقصى (140-296هـ/ 758-909م) وقد يتساءل البعض عَمْن أسسها؟ وكيف كانت علاقة هذه الدولة بجيرانها؟
لقد أسسها "موسى بن يزيد المكناسي" وهى دولة كالرستمية أسسها خوارج لكنهم على المذهب الصفري، ولهذا توطدت العلاقات بين هذه الدولة والدولة الرستمية فى شتى المجالات، ومؤسسها سودانى بنى العاصمة "سجلماسة"، وقد قضى الفاطميون عليها كما قضوا على غيرها.
***
دولة الأدارسة
(172-364هـ/789-975م)
ذُكِرَ أنه فى أيام الخليفة الهادى قامت ثورة "علوية" فى الحجاز، وهى من تلك الثورات التى كان العلويون يشعلون نارها طوال خلافة العباسيين. وقامت قوات "الهادي" بالقضاء على هذه الثورة فى موقعة "فخ". ولكن بعض رءوس هذه الثورة وقادتها قد أفلتوا من أيدى العباسيين وهربوا إلى أماكن نائية بعيدًا عن أيديهم.
وكان ممن هربوا عَلَوِى يسمى "إدريس" بن عبد الله بن الحسن ابن على -رضى الله عنه-. وراحت قوات العباسيين تطارده، عيونهم وجواسيسهم تبحث عنه، فظل ينتقل من قطر إلى قطر آخر حتى وصل إلى مصر. وفى مصر التقى بصاحب البريد، وكان قلبه مع العلويين، فدبر لإخفائه، واحتال حتى أرسله إلى أبعد أجزاء الدولة حتى يكون فى مأمن من سطوة الخليفة.
وكان له ما أراد فوصل إلى أقصى المغرب.
وهناك أعلن أنه من سلالة النبى (، فأسرع البربر بالالتفاف حوله غير أن جيش أنصار الخليفة العباسى تمكن من هزيمته، ولكن ابنه إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن على تمكن من جمع أهل المغرب من حوله، وما أسرع ما بايعوه، ولم يجد صعوبة فى قيادتهم والاستيلاء على الإقليم جميعه، والقضاء على أى أثر للنفوذ العباسى فيه، واتخذ عاصمته فى فاس، وأقام دولة هناك نُسبت إليه فعُرفت بدولة الأدارسة، وهى نموذج للدولة المعادية للدولة العباسية، وهى أول دولة شيعية تظهر فى التاريخ، على أنَّ تَشَيُّعَها لم يكن يتجاوز حب آل بيت رسول الله > والولاء لهم، وهى صفة يشترك فيها السنة والشيعة معًا، وإن بالغ فيها أهل التشيع.
فلم يكن تشيع هذه الدولة ينال من حقيقة الإسلام الصافية شيئًا. ولهذا أحبها أهل السنة وانتصرت بهم، وكانت القبائل البربرية السنية فى المغرب حاميتهم وعماد دولتهم، ولهذا أيضًا عاشت دولة الأدارسة نحوًا من قرنين من الزمان.
لقد كانت "دولة الأدارسة" ضعيفة نسبيّا وذلك لسببين:
أولهما: أنها كانت محصورة بين الصحراء والمحيط والأمويين فى الأندلس ثم الأغالبة فى إفريقية.
ثانيهما: هو أنها كانت تعتمد على البربر وهم متقلبون يؤيدونها اليوم بينما يثورون عليها غدًا.
وكانت سياسة الدولة نفسها متقلبة تميل مع مصالحها لتضمن البقاء والاستمرار، فهى يومًا تميل مع الفاطمين، فتدعو لهم، وتعتمد عليهم، وعندما يهددها الأمويون فى الأندلس تميل معهم وتدعو لهم، وهذا يفسر لنا بوضوح سر ضعف دولة "الأدارسة".
وأراك تسألنى عن نهايتها، وأقول: لقد كانت نهايتها كنهاية دولة "الأغالبة" فى تونس -التى سيأتى ذكرها- على يد الفاطميين سنة 364هـ/ 975م بعد أن عاشت ما يقرب من قرنين، وأدت دورًا حضاريّا رائعًا فى المغرب الإسلامي، إذ انتشر بهم الإسلام فى المغرب بين البربر، وأسّسوا جامع القرويين الذى كان منارة للثقافة الإسلامية، وكانت فى المغرب كالأزهر فى المشرق.
***
دولة الأغالبة
(184-296هـ/800-909م)
هل تعلم أن نية العرب يوم فتحوا شمالى إفريقية كانت تتجه إلى توحيد إدارتها وإدارة الأندلس فى ولاية واحدة أسموها "إفريقية" وعاصمتها "القيروان"؟!
ولكن موقف "البربر" المتقلب، والبعد عن الخلافة، ونفوذ الأمويين فى الأندلس، كل ذلك ساعد على قيام الدويلات، فقامت "دولة الأدارسة" فى المغرب كما عرفتَ، وحاول الرشيد أن يوقف نفوذهم وتقدمهم، فاختار صديقًا له يدعى "ابن الأغلب" وولاه على القيروان (تونس). وأفهمه أن مهمته الأولى هي: إيقاف "الأدارسة" عند حدهم. واستطاع إبراهيم بن الأغلب بعد أن وصل إلى "القيروان" أن يوقف زحف الأدراسة العلوية، وأن يقى الدولة العباسية شر غزوات البربر والإغارة على الأقاليم الشرقية للدولة، وحقق إبراهيم بن الأغلب للرشيد ما أراد.
وكانت هذه الدويلة تمثل الدويلات ذات العلاقة الاسمية بالدولة العباسية بخلاف دولة الأدارسة التى كانت معادية للخلافة العباسية. لقد استطاع "إبراهيم بن الأغلب" أن يوقف الأدارسة. وبعد مناوشات بين الطرفين اقترحوا عليه ألا يعتدى أحد الطرفين على الآخر، وأن يبقى كل فى إقليمه، فقبل "ابن الأغلب".
واستقل "إبراهيم بن الأغلب" بالإقليم، ولكنه ظل على علاقة بالخلافة العباسية، فهو يذكر اسم الخليفة فى خطبة الجمعة، ويضع اسمه على العملة، ولكن فيما عدا هذين الأمرين فليس للخليفة العباسى أى نفوذ على دولة الأغالبة، فهم يتوارثونها أبًا عن جد، ويصرِّفون أمورها كما يشاءون دون رقيب.
ولما قويت شوكة الأغالبة بدءوا التوسع، ولكن الأدارسة حدوا من توسعهم غربًا، والصحراء حدتهم جنوبًا، والعباسيون شرقًا، فلم يبقَ لهم سوى الاتجاه شمالا حيث البحر!
فهل توقف الأغالبة؟ كلا، فها هم أولاء ينشئون أسطولا ضخمًا، يبنونه فى سنوات معدودات، ويبدءون جهادهم المبارك ضد الصليبيين بقيادة "أسد بن الفرات" فى البحر الأبيض المتوسط، ترى إلى أين؟ هاجموا جزيرة "صقلية" مرارًا على مدى ثمانين عامًا حتى استطاعوا القضاء على مقاومة الرومان من أهل الجزيرة وحكامها، وضموها لأراضى المسلمين، ثم استولوا على جزيرتى "مالطة" و"سردينيا" ونزلوا بعد ذلك فى كثير من السواحل الأوربية، وبخاصة سواحل إيطاليا الجنوبية والغربية، والسواحل الجنوبية لفرنسا.
لقد عاشوا أكثر من قرن من الزمان يحكمون تونس وملحقاتها، ويحكمون صقلية، ويفرضون هيبتهم على الدول الأوربية.
وقد استطاعوا فى بعض هذه السواحل إقامة حاميات وحصون دائمة، وإن لم يستطيعوا التوغل فى بعض هذه البلاد والاستيلاء عليها من أيدى أهلها.
وقد يتساءل البعض: ما قيمة هذه الفتوح وهى ليست إلا بعض جزر، وبعض نقاط السواحل؟
إنها فى حقيقة الأمر على جانب كبير من الأهمية، ذلك أن هذه الجزر والسواحل الضيقة كانت جسرًا عبرت عليه الحضارة الإسلامية إلى أوربا فى زمن كانت فيه أوربا فى ظلام حالك.
كما أن السيطرة على هذه الجزر كان يؤمن التجارة الإسلامية فى غرب البحر المتوسط وكانت الثقافة الإسلامية الضوء الوحيد فى العالم الذى أنار وجه الأرض حينذاك.
وعاشت دولة الأغالبة قرنًا وتسعة أعوام من سنة800م إلى سنة 909م، وازدهرت الحياة الاقتصادية والعمرانية فى تونس على عهدهم، ولعبت مساجدهم فى تونس دورًا كبيرًا فى دعم الحضارة الإسلامية، وكان جامع الزيتونة جامعة إسلامية عظيمة.
وقد انتهت حياتها على يد الفاطميين يوم دخلوا القيروان فاتحين.
***
الدولة الصفارية
(254-290هـ/ 868-903م)
قضى يعقوب بن الليث الصفار على الدولة الطاهرية، وأقام دولته على أنقاضها، وقد لقب بهذا اللقب؛ لأنه كان فى بداية أمره يحترف صناعة النحاس الأصفر بسجستان، ثم اشتهر بالفروسية، فتطوع لقتال الخوارج مع رجل صالح كان يظهر التطوع لقتال الخوارج فى سجستان بجنوب خراسان، فقاتل معه يعقوب، ثم مع من خلفه حين مات، فصار الأمر إليه، فراح يحارب الخوارج فى "سجستان" معلنًا ولاءه للخليفة المعتز، ومظهرًا شجاعة خارقة فى قتال الخوارج حتى سيطر على سجستان، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وصار يمد نفوذه على الأقاليم المجاورة حتى ملك "هراة"، وكانت تابعة للدولة الطاهرية.
وقد توجه "الصَّفَّار" إلى "كِرْمَان"، وبسط نفوذه عليها، ثم توجه إلى فارس فأخذها بعد قتال عنيف مع غريمه "على بن الحسين" الذى وقع أسيرًا جريحًا فى يده.
ولم يكتفِ بهذا، بل توجه إلى خراسان، وحاصر العاصمة "نيسابور" ودخلها سنة 259هـ/ 873م -خلافًا لما أمره به الخليفة- بحجة أن أهل خراسان طلبوه للضعف الذى يعانيه الطاهريون فى عهد الخليفة العباسى "المعتمد"، وقبض على جميع الطاهريين بها، واستولى على البلاد التى كان يحكمها الطاهريون.
وتقدم "الصّفار" فى البلاد بعد أن هزم خصومه، وذهب إلى "طَبَرِسْتان" فدخلها سنة 260هـ/874م، وهزم صاحبها "الحسن ابن زيد العلوي" الذى عاد إليها مرة أخرى فى نفس العام 261هـ/875م.
ويدرك الخليفة خطره، فقد اتجه إلى بغداد، ولم يبْقَ فى يد الخليفة إلا هي، بعد استيلائه على "الأهواز"، فأمر الخليفة أن يجهز جيشًا بقيادة أخيه الموفق لمواجهة "يعقوب"، وذلك فى عام 262هـ/ 876م
ويشاء الله أن تدور الدائرة على يعقوب فيهزم، ولكن "المعتمد" يرى الاحتفاظ بولائه للخلافة، فمثله يمكن الاعتماد عليه فى مواجهة الثورات والانتفاضات، فبعث إليه يستميله ويتَرضَّاه، ويقلده أعمال فارس وغيرها مما هو تحت يديه، ويصل رسول الخليفة إليه، وهو فى مرض الموت، ولكن بعد أن كَوَّنَ دولة، وبسط سلطانه عليها.
ويظهر أخوه (عمرو) من بعده ولاءَهُ للخليفة، فيوليه الخليفة خراسان، وفارس، وأصبهان، وسجستان، والسند، وكرمان، والشرطة ببغداد، وكان "عمرو" كأخيه ذا أطماع واسعة، فانتهز فرصة تحسن العلاقة بينه وبين الخليفة وراح يتمم رسالة أخيه.
لقد اتجه بنظره إلى إقليم ما وراء النهر الذى كان يحكمه السامانيون، ولكن قوتهم لا يستهان بها، فما العمل؟
كتب إلى الخليفة المعتضد ليساعده على تملك هذا الإقليم، ولكنْ على الباغى تدور الدوائر، وما طار طائر وارتفع إلا كما طار وقع، لقد هُزم عمرو بن الليث الصفار هزيمة ساحقة ماحقة، ووقع أسيرًا فى أيدى السامانيين، وأُرسل به إلى بغداد ليقضى عليه فيقتل سنة 289هـ/ 902م.
ولم تكد تمر ثمانى سنوات حتى كان السامانيون قد قضوا نهائيا على الصفاريين واستولوا على أملاكهم، والأيام دول.
***
الدولة الطاهرية
(205-259هـ/821-873م)
قامت هذه الدولة فى خراسان، وقد أسسها طاهر بن الحسين أحد كبار قواد الجيش فى عهد الخليفة المأمون.
ولكن كيف يتسنى له أن يقيم دولة والدولة العباسية فى أول عهدها، وفى عصر المأمون الذى يعد العصر الذهبى للدولة العباسية؟!
إن لقيام هذه الدولة قصة، فقد كان لإقليم خراسان وضع خاص فى الدولة العباسية منذ نشأتها، إذ كان هؤلاء الخراسانيون-كما علمتَ فى قيام الدولة العباسية-يشعرون بأنهم أصحاب فضل على الدولة العباسية، وبأن سيدهم "أبا مسلم الخراساني" هو المؤسس الأكبر لهذه الدولة، ورغم ذلك لم يحسن العباسيون جزاءهم حين قتل المنصور أبا مسلم.
والواقع أن الخلافة العباسية كانت تتجاوز كثيرًا عن الخراسانيين، وتحاول إرضاءهم؛ اعترافًا بفضلهم على الدولة. وفى عصر المأمون، كان طاهر بن الحسين وابنه عبد الله من كبار رجال الدولة وخيرة قادتها فى ذلك الوقت؛ الذى بدأ فيه الصراع بين الأمين والمأمون.
ولقد وقف طاهر بن الحسين إلى جوار المأمون فى كثير من المواقف الحرجة حتى تمكن من الخلافة. ولم يمرَّ إلا عامان حتى أقدم "طاهر بن الحسين" على خطوة جريئة فى سنة 207هـ/ 823م. أتدرى ما هي؟ لقد قطع الدعاء فى الخطبة للمأمون، وكان قطع الدعاء يعنى الاستقلال عن الخلافة.
ولكن يشاء الله أن يموت طاهر فى العام نفسه، ترى هل تعود الدولة الطاهرية إلى الدولة العباسية بعد موت مؤسسها؟
لقد تولى ابنه طلحة بعد أبيه بأمر من الخليفة المأمون، وظل الطاهريون يحكمون خراسان، ولكنهم يتبعون "الدولة العباسية" تبعية اسمية مما جعل الخلافة العباسية تلجأ إلى الطاهريين، تلتمس منهم المؤازرة والمساندة ضد الخارجين على سلطانهم.
لقد حارب عبدُالله بن طاهر نصرَ بن شبث حين قام بثورة فى شمال حلب سنة 209هـ، وأتى به أسيرًا إلى المأمون. وظل الطاهريون على ولائهم للعباسيين حيث اشترك عبد الله بن طاهر فى إخماد فتنة وقعت فى عهد المعتصم بطبرستان، وهكذا استقل الطاهريون استقلالا داخليا هادئًا فى خراسان، وظلوا يتولون أمرها، ويتوارثون الإمارة فيها، ولم يمنعهم استقلالهم من مساندة الخلافة العباسية، ومساعدتها فى كل ما واجهته من فتن وثورات.
ولكن عندما جاءت سنة 259هـ/ 873م، استطاع يعقوب الصفار أن يقيم دولته على أنقاض دولة الطاهريين.
***
الدولة السامانية
(266-389هـ/ 880-999م)
تنتمى الدولة السامانية إلى "نصر بن أحمد الساماني" الذى ولاه الخليفة "المعتمد" على ما وراء النهر سنة 261هـ، وكان لنصر هذا أخ يدعى "إسماعيل الساماني" فولاه الخليفة بخاري.
وقد عرف أن السامانيين كانوا فى بلاد ما وراء النهر، وأنهم قضوا على الصفاريين واستولوا على أملاكهم.
حتى إذا جاء عام 279هـ/893م، مات نصر فقام أخوه إسماعيل مقامه فى بلاد ما وراء النهر، فوطَّد أمرها، وثبت قواعدها، وقام بحملة عسكرية ضد المجاورين له من المسيحيين؛ لأنهم كانوا يهاجمون المناطق الإسلامية من حين إلى آخر، وقد نتج عن هذه الحملة انتصاره فى هذه الحروب، ودخول كبار قادة هذه البلاد فى الإسلام، وتبعتهم فى ذلك الجماهير التابعة لهم، لقد كان إسماعيل يحب الخير والعلم، فقرب إليه العلماء، ونشر الخير فيمن حوله.
وفى عهده، تم القضاء على الدولة الصفارية، وامتد نفوذه إلى خراسان، واستولى على طبرستان بعد أن انتصر على واليها العلوى "محمد بن زيد" عام 287هـ/ 900م، وصرعه فى أثناء القتال.
وتمكن إسماعيل بعد ذلك من ضم الرى وقزوين إلى حوزته وتحت سيطرته.
وتوارثت الأجيال السامانية الولاية بعد إسماعيل السامانى حتى سنة 389هـ/ 999م ؛ حيث سقطت الدولة السامانية بسبب الأطماع والخلافات؛ مما أطمع القواد والعمال فى الخروج على الحاكمين من السامانيين.
ولا ينسى التاريخ أن يذكر للدولة السامانية اهتمامها بالعلم والعلماء ورعايتها للآداب، وقيامها بنهضة فنية رائعة فى العمارة، وصناعة الخزف والمنسوجات الحريرية، وصناعة الورق التى انتشرت فى سمرقند، ومنها انتشرت فى بقية العالم الإسلامي، وكان اهتمامهم باقتناء الكتب عظيمًا، فالمطلع على مكتبة الدولة يجد مالا يوجد فى سواها من كتب المعارف والعلوم.
***
الدولة الغزنوية
(351-582هـ/ 962-1186م)
هل سمعت أو قرأت أحد هذين الاسمين؟ "سُبُكْتِكين" و"البُتْكِين"؟
إنهما اسمان تركيان، أما أولهما فتنسب إليه الدولة الغزنوية، وقد كان أحد مولى الثاني. وكان الثانى أميرًا على مدينة "هراة" التابعة لخراسان، ويصدر أمر عبد الملك السامانى بعزله، فأين يذهب؟ ذهب إلى "غزنة" واستولى عليها سنة 352هـ/963م، ويحل محله بعد موته على إمارة غزنة ابنه إسحاق، ويموت إسحاق وليس هناك من يرثه.
لقد جاء الدور على "سبكتكين" أحد موالى "البتكين" الذى كان معروفًا بالتدين والمروءة، ورجاحة العقل، وكان لابد من توسيع رقعة مملكته لتشمل "بشاور" فى الهند، وخراسان التى كان يليها أول الأمر نائبًا عن السامانيين.
ويتولى الأمر بعد "سبكتكين" ابنه إسماعيل، ثم تولى الأمر بعده أخوه محمود.
ولم تجئ سنة 388هـ/ 998م حتى كان محمود الغزنوى قد شرع فى مهاجمة "نيسابور" بعد أن ملك غزنة.
ويتمكن محمود فى سنة 389هـ/ 999م من الاستيلاء على خراسان معلنًا ولاءه للخليفة العباسى القادر بالله.
ويولى "محمود بن سبكتكين" أخاه "نصرًا" قيادة جيوش خراسان، ويسير إلى "بلخ" فيجعلها دار ملكه. ويصبح "محمود الغزنوي" من الشخصيات العظيمة فى التاريخ الإسلامى بسبب جهاده المتواصل فى اتجاه الهند. لقد قاد سبع عشرة غزوة على الهند مكنته من ضم إقليم "البنجاب"، وجزء من "السند" إلى بلاده.
إن المسلمين فى الهند وباكستان يذكرون "محمودًا الغزنوي" ولا ينسونه، وكيف ينسى وهو الذى حمل النور إليهم ونشر الإسلام بينهم؟!
لم يكتفِ محمود بهذا، بل أخضع "الغور" وهى تجاور "غزنة" ونشر الإسلام هناك، فيا لها من جهود تُذكر فتُشكر! وإلى جانب فتوحاته فى كشمير وبنجاب نراه قد استولى على بخاري، وما وراء النهر آخذًا بعض ممتلكات بنى بويه كالرى وأصفهان، وحتى إقليم سجستان أخضعه لسلطانه، وهكذا كان محمود الغزنوى رحمه الله، محبّا للجهاد والغزو ونشر دين الله فى ربوع الأرض.
لقد لقى محمود ربه سنة 421هـ/ 1030م، وكان خَيرًا، عاقلا، دَينًا، عنده علم ومعرفة، قصده العلماء من أقطار البلاد، وكان يكرمهم، ويقبل عليهم، ويحسن إليهم، وكان عادلا، كثير الإحسان إلى رعيته ملازمًا للجهاد، كثير الغزوات.
ويتولى مسعود بن محمود أمر البلاد بعد أبيه، ويسير على نهج أبيه، ولكن الدول تضعف فى أواخر عهده ؛ وينتهى أمر هذه الدولة الفتية عام 582هـ.
وبعد.. فما أكثر الدول التى قامت فى فارس ! إننا لا ننسى الدولة البويهية (323-447هـ/ 935-1055م)، وتنسب إلى أبى شجاع بن بويه، الذى كان رئيسًا لقبيلة من الديلم تسكن جنوبى بحر قزوين وتحترف الجندية.
لقد قامت دولتهم فى فارس والرى وهمذان وأصبهان، وكان مؤسسوها من الفرس، وعندما نذكر الدولة البويهية نذكر "الدولة السلجوقية" التى قامت فى فارس وهمذان والعراق، ومؤسسوها من الأتراك.
وقد عرفت أنهم قوم بدو نزحوا من بلاد التركستان إلى بخاري، واعتنقوا المذهب السني، وظلت دولتهم قائمة من سنة (429-700هـ/1038-1301م).
وخلفهم المغول فى حكم البلاد، ويأتى الحديث عن الدول المستقلة عن الخلافة العباسية إلى ذكر "الدولة الأيوبية" التى حاربت الصليبيين، وكانت مستقلة عن الخلافة العباسية أيضًا وإن ظلت على الولاء الظاهرى لها، "والدولة المملوكية" التى سقطت الخلافة فى عهدها على يد التتار، فقامت بإحيائها فى القاهرة على يد الظاهر بيبرس البندقداري.
وتبقى الدولة العثمانية التى أخذت الخلافة من الخليفة العباسى فى مصر، وظلت تقوم بمهام الخلافة إلى أن نجحت المؤامرات فى إسقاطها، وانفرط عقد الوحدة إلى يومنا هذا.
***
الدولة الطولونية
(254-292هـ/ 868-905م)
فى عهد الخليفة الواثق، كانت مصر من نصيب "باكباك" التركى حيث ازداد نفوذ الأتراك، وأخذوا يتولون المناصب الكبري، ويتقاسمونها فيما بينهم.
ولكن "باكباك" فَضَّلَ أن يبقى فى العاصمة "بغداد" ويبعث من ينوب عنه فى ولاية مصر.
ووقع الاختيار على أحمد بن طولون، ذلك الشاب الذى نشأ فى صيانة وعفاف ورياسة ودراسة للقرآن العظيم مع حسن صوت به، وكان والده مملوكًا تركيا بعث به وإلى بلاد "ما وراء النهر" إلى الخليفة "المأمون العباسي" ولما مات والده تزوج باكباك أمه.
وجاء أحمد بن طولون ليحكم مصر نيابة عن "باكباك" التركي، ولكن موقع مصر الجغرافي، وبُعد المسافة بين العاصمة المصرية "الفسطاط" والعاصمة العباسية "بغداد" شجع وإلى مصر الجديد على الاستقلال بها.
فلم يكد أحمد بن طولون يستقر فى مصر سنة 254هـ حتى أخذ يجمع السلطة كلها فى يده.
لقد عزل الموظف العباسى المختص بالشئون المالية فى مصر واسمه "عامل الخراج" وصار هو الحاكم الإدارى والمالى والعسكري.
وكان له ما أراد، فأقر الأمور فى البلاد، وقضى على الفتن، ونشر الطمأنينة فى ربوع الوادي، وعَمَّ البلاد الرخاء.
استقلال مصر عن الخلافة:
ولقد أتاحت له الظروف أن يعلن استقلاله بالبلاد فى عهد الخليفة المعتمد العباسي، عندما بعث ابن طولون بإعانة مالية للخلافة مساعدة منه فى القضاء على "ثورة الزنج". ولكن "طلحة" أخا الخليفة بعث يتهم ابن طولون بالتقصير فى إرسال المال الكافي، ويتهدده ويتوعده، وهنا كان رد ابن طولون قاسيا وعنيفًا، ولم يكتف بهذا بل أعلن استقلاله بالبلاد.
وتأسست فى مصر "الدولة الطولونية" نسبة إلى منشئها أحمد ابن طولون، وراح أحمد بن طولون يعدّ جيشًا قويا لحماية البلاد داخليا وخارجيا؛ وقد بلغ جيش مصر فى عهد أحمد بن طولون مائة ألف جندي.
القطائع عاصمة مصر:
وراح يفكر فى اتخاذ عاصمة له غير "الفسطاط" تضارعها وتنافسها، فاتخذ الأرض الواقعة بين السيدة زينب والقلعة وسماها "القطائع"، وعليها أقام جامعه الكبير الذى ما زال موجودًا حتى الآن، وجعله معهدًا لتدريس العلوم الدينية، وكان ابن طولون رجل صلاح وبرٍّ، يتصدق من خالص ماله فى كل شهر ألف دينار.
وقد رابطت فى العاصمة الجديدة طوائف الجند حيث أقطعهم أحمد بن طولون أرضًا يقيمون عليها.
حماية الثغور:
وأمام ما وصل إليه أحمد بن طولون من قوة، كان لابد أن تتقرب إليه الخلافة العباسية ليقف إلى جانبها فى مواجهة الروم البيزنطيين، الذين لا يكفُّون عن الإغارة من آسيا الصغري.
إن شمال الشام منطقة حساسة، وكانت المناطق الملاصقة للروم فيه تعرف باسم "إقليم العواصم والثغور" فهى تشتمل على المنافذ والحصون القائمة فى جبال طوروس.
فليس عجيبًا إذن أمام ضعف الخليفة وقوة أحمد بن طولون أن يعهد إليه بولاية الثغور الشامية للدفاع عنها ورد كيد المعتدين.
لقد كان أحمد بن طولون مهيأً لهذه المهمة وجديرًا بها، فبعث بجزء من جيشه وأسطوله ليرابط هناك على الحدود، يحمى الثغور، ويؤمن المنافذ والحصون.
الوحدة بين مصر والشام:
ثم يتوفى والى الشام التركى سنة 264هـ، فيضم أحمد بن طولون البلاد إليه لكى يستكمل وسائل الدفاع على إقليم الثغور.
وصارت مصر والشام فى عهد الدولة الطولونية وحدة لها قوتها فى الشرق العربي، تحمل راية الدفاع عن أرض الإسلام ضد الروم، بينما عجزت الخلافة العباسية فى ذلك الوقت عن مواجهة قوى الشر والعدوان، وأمام قوة أحمد بن طولون وقيامه بتوحيد الشام ومصر تحت إمرته خشى أباطرة الروم سلطانه، وخافوا سطوته، فبعثوا إليه يودون أن يعقدوا هدنة معه، بل لقد حدث أكثر من ذلك، لقد عزم الخليفة العباسى "المعتمد" على مغادرة البلاد سرّا فرارًا من سيطرة أخيه الموفق "طلحة"، فأين يذهب يا تري؟!
لقد قرر اللجوء إلى أحمد بن طولون صاحب القوة الجديدة فى مصر والشام، ولكن أخاه الموفق أعاده إلى عاصمة الخلافة بالعراق.
وظلت الوحدة بين الشام ومصر قائمة فى عهد أحمد بن طولون، وراحت قواته البحرية والبرية تحمى هذه الوحدة وتعلى قدرها فى شرق البحر الأبيض المتوسط.

ولاية خمارويّه:
ويتولى ابنه "خُمارويه" بعده حاملاً راية الدفاع عن مصر والشام كما كان أبوه. ولكن "طلحة" أخا الخليفة "المعتمد" يعود إلى محاولاته ودسائسه لإعادة مصر والشام إلى سيطرة الخلافة العباسية.
ويعد خمارويه جيشًا يتولى قيادته بنفسه، ويهزم قوات أخى الخليفة عند دمشق فى معركة "الطواحين" سنة 273هـ/ 887م، فلا يملك إلا أن يعقد مع "خمارويه" صلحًا اعترفت فيه الخلافة العباسية بولاية خمارويه على مصر والشام، ولأبنائه من بعده لمدة ثلاثين سنة. وكان نصرًا رائعًا أتاح له أن يسيطر على منطقة العواصم والثغور، وأصبح "خمارويه" قوة يرهبها الروم.
مصاهرة الخليفة:
وهكذا القوة تكسب أصحابها الاحترام والسيطرة والنفوذ، وتزداد العلاقة بين خمارويه والخلافة العباسية قوة، حيث يتزوج الخليفة المعتمد "العباسة" بنت خمارويه المعروفة باسم "قطر الندي"، وهى التى جهزها أبوها بجهاز لم يسمع بمثله.
وراح خمارويه يهتم بمرافق الدولة، ويخصص الأموال لمساعدة الفقراء والمحتاجين، ويشيد القصور الضخمة فى عاصمة أبيه "القطائع". وظل خلفاء خمارويه فى الحكم ما يقرب من عشر سنوات بعد وفاته مقتولا عام 282هـ/ 895م.
إعادة الدولة إلى الخلافة:
لقد ولى مصر بعد خمارويه ثلاثة من آل طولون لم يسيروا على نهجه، بل انغمسوا فى اللهو والملذات، فكثر الطامعون فى الحكم، وانتشرت الفوضي، وانتهى الأمر بعودة جيوش الخلافة العباسية لاسترداد مصر من يد رابع الولاة الطولونيين عليها.
وفى سنة 292هـ/ 905م دخلت الجيوش العباسية القطائع تحت قيادة محمد بن سليمان وقد قبض على الطولونيين وحبسهم وأخذ أموالهم وأرسلهم إلى الخليفة، وأزال بقايا الدولة الطولونية التى حكمت مصر والشام مدة ثمانية وثلاثين عامًا.
***
الدولة الإخشيدية
(323 - 358هـ/ 935 - 969م)
عادت مصر بعد سقوط الدولة الطولونية إلى الخلافة العباسية وعلى الرغم من ذلك ظلت ثلاثين عامًا تعانى من الاضطراب والفوضى والفتن الداخلية. وظل النفوذ العباسى غير مستقر فى مصر بعد زوال الدولة الطولونية. ويتطلع أحد القادة الأتراك فى الجيش العباسى فى مصر إلى الانفراد بالسلطة وحده دون القادة المتنازعين، والولاة العباسيين.
فيا ترى من هو؟ إنه "محمد بن طُغج الإخشيد"، لقد ساعده على ذلك ما قدمه من خدمات فى الدفاع عن البلاد ضد هجمات الدولة الفاطمية التى قامت فى تونس، وراحت تهدد مصر من جهة الشمال الإفريقي، وذلك فى عام (321-324هـ/ 933- 936). وفى سنة 323هـ/ 935م تولى الإخشيد ولاية مصر وصار الحاكم المطلق فى البلاد.
سبب التسمية:
ولكن من أين "لمحمد بن طغج" هذا اللقب "الإخشيد" وهو لقب إيراني؟
لقد رغب الخليفة "الراضي" العباسى فى اكتساب مودة محمد بن طغج إلى جانبه، فمنحه لقب "الإخشيد" وهو لقب إيرانى تلقب به الأمراء.
ويدل هذا على مكانة الإخشيد فى مصر وما بلغه من سلطان واسع ونفوذ كبير.
توحيد مصر والشام وبلاد العرب:
لقد أصبح "محمد بن طغج" مؤسس الدولة الإخشيدية فى مصر وإليه تنتسب أسرته. وظلت الأمور على ما يرام بين محمد بن طغج الإخشيد والخلافة العباسية حتى جاء اليوم الذى أرسل فيه الخليفة الراضى جيشًا بقيادة "محمد بن رائق" إلى الشام لانتزاع مصر من الإخشيد سنة 328هـ/ 940م.
وعندئذ ألغى الإخشيد اسم الخليفة العباسى من الخطبة وأعلن استقلاله بمصر، واستطاع هزيمة القائد ابن رائق والاحتفاظ بملكه سليمًا.
وكان ابن رائق قد هزم محمد الإخشيدى فى بداية الأمر، وانشغل جنود ابن رائق بجمع الأسلاب، فخرج كمين لابن الإخشيد عليهم، وهزمهم، وفرقهم، وتفرغ الإخشيد بعد هزيمة قائد الخليفة إلى الداخل، فنجح فى القضاء على الفتن والقلاقل الداخلية، وراح يعمل على دراسة أحوال العالم العربى المجاور لمصر.
وأخذ يفكر فى وحدة تقف فى وجه العدوان الخارجى من قبل الروم.
وبعد سنتين من قيام الدولة الإخشيدية ضم الإخشيد إليه الشام بعد موت ابن رائق سنة 130هـ ؛ ليعيد القوة إلى الشرق العربي، وليتسنى له الوقوف فى وجه الروم البيزنطيين، وهنا خاف أباطرة الروم، وأسرعوا يخطبون وده كما فعلوا مع أحمد بن طولون.
وفى العام التالى لهذه الوحدة، مد الإخشيد نفوذه إلى مكة والمدينة، وراح يتولى أمر الحجاز ويشرف على الحرمين الشريفين.
ولقى الإخشيد ربه سنة 334هـ/469م.
إمارة كافور:
وبعد وفاته تولى وزيره أبو المسك كافور الوصاية على ولديه الصغيرين، وأثبت هذا الوصى مقدرة فى إدارة شئون البلاد والدفاع عنها ضد الأخطار التى تهددها من طائفة "القرامطة"، وأفلح فى القضاء عليها.
فلقد حافظ على وحدة مصر والشام وبلاد العرب، وامتد سلطان الدولة الإخشيدية إلى "جبال طوروس"، فى أقصى شمال الشام وصارت قوية الجانب يرهبها البيزنطيون.
وأبو المسك كافور هذا هو الذى خلع عليه الشاعر المتنبى أجمل قصائد المدح، ثم عاد وهجاه؟
نعم، إنه هو بعينه، فلقد كان المتنبى يطمع فى أن يوليه كافور "ولاية" تنافس مملكة سيف الدولة بن حمدان، فمدحه لينال رضاه، فلما لم يولِّه هجاه.
لقد بلغت إمارة كافور على مصر ثلاثًا وعشرين سنة حكم فيها باسم أبناء الإخشيد عدا سنتين انفرد فيها بالأمر وظل اسمه طوال هذه المدة موضع الهيبة والإجلال، ويدعي له من منابر المساجد من طرسوس بأطراف الشام ومصر والحجاز، ولقد كان كافور شهمًا جيد السيرة.
ترى من يخلفه بعد وفاته؟ وهل تظل الدولة الإخشيدية بعده رافعة أعلامها؟!
سقوط الدولة بعد كافور:
لقد لقي كافور ربه فخلفه "أبو الفوارس أحمد بن علي أبو الحسن" حفيد الإخشيد، وكان طفلا لم يبلغ الحادية عشرة من عمره، وكان لابد في مثل هذه الظروف أن تعود الفوضى إلى البلاد، وأن يكثر من حولها الطامعون.
واشتدت هجمات الفاطميين من بلاد المغرب على مصر حيث حاول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي الاستيلاء عليها، وعجزت الدولة العباسية عن الوقوف إلى جانب الإخشيديين، فلم يكن بد من استيلاء الفاطميين عليها سنة 358هـ/ 969م، ليحلوا محل الدولة الإخشيدية.
***
الدولة الحمدانية
(317-399هـ/ 929-1009م)
ينتسب الحمدانيون إلى قبيلة تغلب، وكان بنو تغلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، وكانوا من نصارى العرب الجاهلية الذين لهم محل في الكثرة والعدد.
وكانت مواطنهم في الجزيرة وديار ربيعة، ثم ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثم رجعوا إلى بلادهم، وفرض عليهم عمر بن الخطاب الجزية، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا تذلنا بين العرب باسم الجزية، واجعلها صدقة مضاعفة ففعل.
وعلى هذا فالحمدانيون من بني تغلب ينحدرون من أصل عربي أصيل من العدنانية التي ولدت العربية في كنفها.
وما زالوا يتنقلون بماشيتهم وأموالهم وخيامهم على مثل حالة القبائل العربية من تهامة إلى نجد إلى الحجاز إلى أرض ربيعة إلى ضفاف الفرات حيث نزلوا ساحل "الرقَّة" الفسيح، ومنها انتقل حمدان بن حمدون إلى "الموصل".
وكان حمدان جد الأمراء الحمدانيين رئيس قبيلة أنجبت عدة أولاد اعتمدوا على أنفسهم، وألقوا بأنفسهم في ميادين المغامرة والحرب، فانتصروا وخذلوا، وكانت حياتهم تتصف بالعنف والقوة، ولا تعرف الهدوء والسلم إلا قليلا.
وقد رافقت نشأة الحمدانيين ضعف الدولة العباسية، وغروب شمسها .
ويشاء الله أن يشهد الحمدانيون الأحداث التي هزت الإمبراطورية الإسلامية هِزَّة انتهت إلى فرط عقدها وظهور دويلات وإمارات مستقلة على يد الأتراك، والفرس، والكرد، وبعض القبائل العربية، وشهدوا تقلص نفوذ العرب وذوبانه تحت سيطرة الدخلاء بشكل يدعو للأسف، فرأوا أن يقوموا بنصيبهم من حمل هذا العبء، وأن يصونوا التراث العربي، وأن يردوا ما استطاعوا هجمات الروم عن الثغور الإسلامية.
يرافق ظهور الأسرة الحمدانية ارتقاء "المتقي"عرش الخلافة، وقد تسلمها وهي على ما هي عليه من التفكك والانحلال، على يد الأتراك أصحاب وظيفة "أمير الأمراء" في بغداد ؛ حيث استبد أولئك الأمراء بالسلطة دون الخليفة العباسي، وراحت بعض القبائل العربية التي سكنت بادية الشام ووادي الفرات تستغل ضعف الخلافة العباسية، وتستقل بالمدن والقلاع الواقعة في أرضها.
ويعتبر ما قامت به قبيلة "تغلب" مثلا لهذا الذي كان يقع في فترة ضعف الخلافة وسيادة الأمراء.
الدولة الحمدانية في الموصل:
لقد استطاعت "قبيلة تغلب" بفضل أبناء زعيمها "حمدان بن حمدون" أن تؤسس دولة في شمال العراق، وأن تتخذ من مدينة "الموصل" عاصمة لها (317-358هـ/ 929-969م).
وتعصبت هذه الدولة للعروبة، وساءها استبداد الأتراك بالخلافة العباسية، فجاء زعيمها "الحسن بن عبد الله الحمداني" إلى بغداد، ومعه أخوه لمناصرة الخليفة المتقي بالله سنة 330هـ/ 942م.
وكافأ الخليفة هذا الزعيم الحمداني بأن عينه في وظيفة "أمير الأمراء"، ومنحه لقب "ناصر الدولة"، ثم منح الخليفة المتقي أخاه لقب "سيف الدولة الحمداني".
موقف توزون:
وعاش الأخوان: "ناصر الدولة" و"سيف الدولة" ببغداد إلى جانب الخليفة الذي عرف لهما قدرهما، ولكن ذلك لم يعجب الأتراك، فاستطاعوا بزعامة قائدهم "توزون" أن يطردوا الحمدانيين، وأن يحملوهم على العودة إلى الموصل سنة 321هـ/ 933م.
الدولة الحمدانية في حلب:
وتطلع سيف الدولة بعد خروج الحمدانيين من بغداد إلى القيام بمغامرة حربية تعلي من شأن دولته بالموصل فسار سنة 323هـ/ 935م إلى شمال الشام واستولى على "حلب" وأخرج منها حاكمها التابع للدولة الإخشيدية، صاحبة السيادة حين ذاك على مصر والشام.
وكانت هذه النزاعات بين أقاليم الأمة المسلمة الواحدة وراء التعجيل بنهاية هذه الدولة، وأصبح سيف الدولة بذلك صاحب الدولة الحمدانية وعاصمتها حلب التي استمرت في شمال الشام حتي سنة 399هـ/ 1009م.
ومن يقلِّب صفحات التاريخ يجد مجالس سيف الدولة الحمداني تضم أولئك المشهورين في تاريخ الحضارة الإسلامية وعلى رأسهم الشاعر أبو الطيب المتنبي، والمؤرخ أبو الفرج الأصبهاني صاحب كتاب الأغاني، والخطيب الفصيح ابن نباتة، والفارابي الفيلسوف المشهور، والشاعر أبو فراس الحمداني.
قتال البيزنطيين:
وكان قيام الدولة الحمدانية على طول منطقة الأطراف الإسلامية المتاخمة لأراضي الدولة البيزنطية في جنوب آسيا الصغرى وفي شمال العراق حاجزًا ضد هجمات البيزنطيين في وقت أضحت الدولة الإسلامية نهبًا للفوضى والقلاقل الداخلية، وليس لديها قوة حربية كافية!
ولقد خلد التاريخ اسم "سيف الدولة" من خلال حروبه المتكررة ضد البيزنطيين، والتصدي لأعمالهم العدائية على أرض المسلمين.
لقد بدأ إغارته على آسيا الصغرى سنة 337هـ/ 949م دون أن تمر سنة واحدة بغير تجهيز حملة حربية لهذا الغرض النبيل، ولقد تسنى له أن يستولي على كثير من الحصون البيزنطية مثل "مرعش" وغيرها من مدن الحدود.
ومن بطولات سيف الدولة: استيلاؤه على قلعة الحدث (وهي قلعة متاخمة لحدود الدولة البيزنطية) كان سيف الدولة قد بناها، وهجم عليها الرومان فخربوها، وهدموها فأعد سيف الدولة جيشًا قويا، وهزم الروم هزيمة ساحقة، واستولى على قلعة الحدث، وقد قال المتنبي في ذلك قصيدة طويلة في مدح سيف الدولة وبطولته في هذه المعركة، منها:
يكلف سيف الدولة الجيش همـــه وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
سقوط حلب في أيدي البيزنطيين:
ولقد عاصرت حركات سيف الدولة قيام أعظم إمبراطورين عسكريين عرفتهما الدولة البيزنطية في هذه الآونة، فقد استطاع نقفور فوقاس أن يستولي على "حلب" نفسها عاصمة سيف الدولة سنة 351هـ/ 962م ودخل أنطاكية بجنوده، وقتل فيها ما يقرب من عشرين ألفًا، غير أن الدولة البيزنطية انسحبت منها بعد ثمانية أيام بسبب المقاومة الحمدانية. وقد اتجه الإمبراطور الروماني "حنا شمشيق" إلى الاستيلاء على "بيت المقدس"، وتوغل كثيرًا في أراضي الشام، ولكنه عاد سريعًا من غارته الخاطفة بفضل مقاومة الحمدانيين في حلب، ومقاومة الفاطميين في سائر الشام.
سعد الدولة:
ولقد تولى "سعد الدولة" ابن سيف الدولة بعد أبيه سنة (357- 381هـ/ 967 - 991م)، لكن الدولة دخلت في مرحلة الضعف والنزاع الداخلي، وذلك بعد أن اعترف منصور بن لؤلؤة والي الحمدانيين على حلب بسلطان الفاطميين على حلب عام 383هـ وأصبحت إمارة فاطمية بعد أن كانت حارسة على أطراف الدولة الإسلامية في وقت لم يدرك الخلفاء العباسيون في بغداد قيمة الدفاع عنها.
ولجأ بعض المتنازعين على السلطة من الحمدانيين إلى الخلافة القائمة في مصر والشام وقت ذاك على حين ظلت الخلافة العباسية غارقة في الضعف والفوضي.
ورغم كل ذلك سقطت الدولة الحمدانية التي تمثلت كل عظمتها في شخص "سيف الدولة".
***
الدولة الفاطمية
(358-567هـ/ 969-1172م)
مَنْ الفاطميون؟ وإلى مَنْ ينتسبون؟ وكيف نشأت دولتهم؟ ومتي كان ذلك؟ وهل تنتسب هذه الدولة إلى دول الإسلام؟
حب آل البيت:
لقد ملك حب آل البيت النبوي قلوب المسلمين جميعًا، أما هؤلاء المعروفون بالشيعة والذين خرجوا علينا في التاريخ الإسلامي يغيرون في المفاهيم الواضحة لديننا الحنيف، ويسبون أئمة الهدي من الخلفاء الراشدين بدعوي أنهم سلبوا الخلافة من علي كرم الله وجهه، هؤلاء هم المتشيعون الذين يزعمون حب علي وهو منهم براء.
لقد كان علي -رضي الله عنه- على العكس مما زعموا، فقد كان مستشارًا أمينًا، ووزير صدق للخلفاء جميعًا، ولما قامت الدولة الأموية لم يتقبلها بعض المسلمين والهاشميين؛ رفضًا لمبدأ توريث الخلافة.
ولما قامت دولة بني العباس لم تُمَكِّن لأبناء علي بن أبي طالب أن يكون لهم شيء في الحكم والخلافة، ونشط المتشيعون يشعلون الثورات في كل مكان، لكن الدولة العباسية كانت في بدايتها قوية، فتمكنت من القضاء عليها جميعًا، وسحقتها في عنف وشدة.
دعاة الشيعة:
فهل انقطعت حركة الشيعة أو توقفت أمام تلك المطاردة؟!
لا.. لم تنقطع حركات المتشيعين ولم تتوقف، فقد كانوا متعصبين لآرائهم، مؤمنين بفكرتهم، يزعمون أن أحق الناس بالخلافة أبناء علي من نسل السيدة فاطمة الزهراء، فإن نالها غيرهم فما ذاك إلا أمر باطل يجب أن يمحي، وما هو إلا شرّحَلَّ بالمسلمين يجب أن يزال. ونشط دعاة الشيعة في الدعوة إلى مذهبهم، وبخاصة في الجهات البعيدة عن مركز الخلافة، مثل أطراف فارس واليمن وبلاد المغرب.
أبو عبدالله الشيعي:
وكان من هؤلاء الدعاة "أبو عبدالله الشيعي" وهو رجل من صنعاء اتجه إلى المغرب بعد أن رأى دويلات "الأغالبة" و"الأدارسة" وغيرهما تنشأ وتقام بعيدًا عن يد الدولة العباسية وسلطانها، وركز "أبو عبد الله" دعايته بين البربر، وسرعان ما انضموا إليه في آلاف عديدة، فأرسل إلى زعيمه الفاطمي الكبير "عبيد الله بن محمد".
عبيد الله:
وقال "عبيد" هذا بأنه شريف علوي فاطمي، ولكن الخليفة العباسي علم بالأمر فطارد "عبيد الله" هذا، وأمر بالقبض عليه، فاضطر حين وصل مصر إلى أن يتنكر في زي التجار، ثم حاول أن يفلت من دويلات شمال إفريقيا، ولكنه سقط أخيرًا في يد أمير "سجلماسة".
الاستيلاء على القيروان:
كان "أبو عبد الله" الراعية الشيعي في هذا الوقت قد جمع قواته من البحر، وهاجم بها "دولة الأغالبة" التي ما لبثت أن سقطت في يده سنة 297هـ/ 909م، ودخل عاصمتها، وأخذ من الناس البيعة لعبيد الله الأمير الأسير.
وما لبث "أبو عبد الله الشيعي" أن سار على رأس جيوش ضخمة نحو "سجلماسة" لينقذ عبيد الله، ولما أدرك صاحب "سجلماسة" أن لا قِبلَ له بمواجهة الجيش المغير هرب من عاصمته بعد أن أطلق أسيره "عبيد الله الفاطمي".
دخل عبيد الله القيروان التي اتخذها عاصمة للدولة الفاطمية، وهناك بايعه الناس ولقب "المهدي أمير المؤمنين"، وصار خليفة للمسلمين تأكيدًا لفكرة الشيعة عن أحقية أبناء علي -رضي الله عنه- بالخلافة، ولقد اعتبر نفسه المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلا بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا.
الاستيلاء على دولة الأدراسة:
وتوالى الخلفاء من نسل المهدي عبيد الله، وكان منهم "المعز لدين الله الفاطمي" الذي أرسل قائده الشهير "جوهر الصقلي" ففتح "دولة الأدارسة"، ووصل إلى المحيط الأطلسي، ثم مد حدوده إلى مصر وفتحها عام 359هـ/ 969م.
فكيف استولى عليها الفاطميون؟ وماذا كان موقف الخلافة العباسية منهم؟
الاستيلاء على مصر:
لقد أرسل "المعز لدين الله الفاطمي" قائده الكبير "جوهر الصقلي" ليفتح مصر، فسار في جيش ضخم بعد أن مهد الطرق لمسير الجيش، وحفر الآبار على طول الطريق، وأقام "استراحات" على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.
وسار الجيش إلى الإسكندرية، وما لبث أن دخلها دون قتال، وأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، ثم سار إلى "الفسطاط" فسلَّم له أهلها على أن يكفل لهم حرية العقيدة، وينشر الأمن والعدل والمساواة.
وطار الخبر بالاستيلاء على مصر إلى "المعز" فسر سرورًا عظيمًا، وأقام الاحتفالات والولائم، وحوله الشعراء ينشدون.
لقد ساعد علي نجاح هذا الغزو ضعف واضطراب الأحوال في مصر، وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاك.
وهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية فاطمية عام 359/ 969م.
بناء القاهرة:
وهنا بدأ "جوهر" يعد العدة لنقل مركز الدولة الفاطمية إلى مصر ؛ فبنى للخليفة قصرًا فخمًا شمال الفسطاط، وبنى معه منازل الوزراء والجند، وكانت هذه بداية مدينة القاهرة.
لقد كانت "الفسطاط" هي العاصمة بعد دخول عمرو بن العاص وبعدها "العسكر" في عهد العباسيين، ثم "القطائع" في عهد الطولونيين، ثم أصبحت "قاهرة المعز" هي العاصمة حتى الآن.
وبعد أن تم إنشاؤها دعا "جوهر" "المعز" أن ينتقل إليها، وأصبحت القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية (362هـ/ 973م)، أي بعد أربع سنوات من فتحها، وأمر المعز بمنع صلاة التراويح في رمضان، وأمر بصيام يومين مثله، وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع، وأسقط من أذان صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم" وزاد "حي على خير العمل.. محمد وعلي خير البشر".
الاستيلاء على الحجاز:
وما لبثت جيوش المعز أن سارت نحو الحجاز ففتحته، وأصبحت المدينتان: مكة والمدينة تحت سلطان الفاطميين لاالعباسيين، كما فتحت جيوشهم بلاد الشام، وفلسطين، وجزيرة صقلية. وهكذا أصبحت دولة الفاطميين تضم الحجاز، والشام، وفلسطين، ومصر، وشمال إفريقية حتى المحيط الأطلسي.
بناء الجامع الأزهر:
ومن أعمال الدولة الفاطمية: إنشاؤها "الجامع الأزهر" الذي كان أول أمره مسجدًا عاديا، ثم أقيمت فيه حلقات الدراسة، وقد اهتم بهذه الدراسات خلفاء الفاطميين لأنها كانت مقتصرة على الفقه الشيعي، ثم تطورت بعد الفاطميين لما تولى صلاح الدين حكم مصر، فأصبحت تدرس الفقه على كل المذاهب والعلوم الدينية دون تمييز، وعلى غير ما أراد الفاطميون، فقد صار الأزهر أول جامعة في العالم لنشر الثقافة العربية الإسلامية، وما زال منارة يهتدي بها أبناء العروبة والإسلام، وحصنًا يحمي البلاد من المذاهب الهدامة والعقائد الفاسدة.
نهاية:
لكل شيء نهاية، ففي آخر عهد الدولة الفاطمية حكمها عدد من الخلفاء الذين كانوا ضعاف الشخصية وصغار السن، فكان من نتيجة ذلك أن سيطر الوزراء على الدولة وأداروها لمكاسبهم الخاصة مهملين شئون الدولة إهمالا تامّا.
لقد كانت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى واضحة في هذه الدولة، فمن هؤلاء كان كثير من الوزراء وجباة الضرائب والزكاة والمستشارين في شئون السياسة والاقتصاد والعلم والطب، ولقد ترك الخليفة العزيز الفاطمي لوزيره اليهودي "يعقوب بن كلس" أمر تعليم الناس "فقه الطائفة الإسماعيلية" التي ينتمي إليها الفاطميون وهي من أشد فرق الشيعة تطرفًا وبعدًا عن حقيقة الإسلام.
وقد ألَّف يعقوب نفسه كتابًا في فقه هذه الطائفة.
فلا عجب إذن أن شهدت الدولة كثيرًا من المؤامرات والفتن والدسائس والقلاقل، فقامت ثورات داخلية، وانتفاضات، وراح الناس يستجيرون من تسلط اليهود والنصارى فلا يجارون، وزادت الحال سوءًا بظهور أفكار دينية شاذة كالاعتقاد بحلول روح الله في الخليفة، وأن الخليفة أعلى من بني الإنسان، وأن الخلفاء إلى الله أقرب ؛ كما حدث للحاكم بأمر الله، الذي كان له كثير من البدع والخرافات التي أدخلها في دين الله تعالي، وألّهه بعض الناس وراح البعض ينتظر عودته بعد اختفائه، وعرف هؤلاء بالدروز الذين يوجد أسلافهم ببلاد الشام. وكثرت الأمراض، وهلك عدد كبير من الناس، في حين كان الأمراء والحكام الفاطميون ينعمون بالثروات ويعيشون في ترف وبذخ.
وأسهمت المجاعات والأوبئة نتيجة انخفاض ماء النيل عدة مرات في اختلال الأمن، وكثرة الاضطرابات، وسوء الأحوال في البلاد، ولم تر البلاد صلاحًا ولا استقام لها أمر، ولم يستقر عليها وزير تحمد طريقته.
تفكك الدولة:
أما في الخارج فقد خرج بعض الولاة على الخلفاء الفاطميين خصوصًا في شمال إفريقية؛ مما أدى إلى استقلال تونس والجزائر، واستولت الدولة السلجوقية السُّنِّية التي قامت بفارس والعراق على معظم بلاد الشام التابعة للفاطميين، وإلى جانب هذا كله عمل الصليبيون في الاستيلاء على الأراضي المقدسة فاستولوا على بيت المقدس من أيدي الفاطميين سنة 492هـ/ 1099م، ثم أخذوا يغيرون على أطراف الدولة المصرية.
وهكذا أخذت الدولة في الضعف حتى جاء صلاح الدين الأيوبي، وقضى على الخلافة الفاطمية وذلك في سنة 567هـ/1172م.
وانقض الصليبيون فهاجموا عدة مرات هذه الدولة التي طالما أعانتهم في بداية أمرهم على ضرب المسلمين من أهل السنة.
***
دولة المماليك
(648-923هـ/1250-1517م)
من المماليك؟ وما موطنهم الأصلي؟ وكيف وصلوا إلى الحكم؟ وما دورهم في حماية العالم الإسلامي ؟
فضل المماليك:
إنها أسئلة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الرجال الذين حكموا مصر والشام، وكان لهم شأنهم في موقعة "عين جالوت"، ومازال العالم كله يذكر فضلهم في أول هزيمة أصابت المغول.
إن المؤرخين جميعًا يعتبرون انتصار المماليك انتصارًا عالميّا؛ فقد عجزت الدولة الخُوارزمية، والدولة العباسية عن مقاومة المغول أو مدافعتهم، وبعد أن انهارت القوى المسيحية أمام الزحف المغولي على أجزاء من "روسيا" و"بولندا" و"المجر" الحالية! لقد كانت "موقعة عين جالوت" أول صدمة في الشرق لجيوش المغول ورؤسائهم الذين خُيّل لمعاصريهم أنهم قوم لا يُغلَبون، فجاءت هذه الواقعة لتقول للدنيا لا غالب إلا الله، وأن فوق كل قوي من هو أقوى منه، وأن النصر من عند الله ينصر من يشاء.
ومن هنا كسبت سلطنة المماليك مركز الصدارة بين سلاطين المسلمين، كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم الإسلامي. ولكن، ما أصل أولئك المماليك؟
أصل المماليك:
إنهم خليط من الأتراك والروم والأوربيين والشراكسة، جلبهم الحكام ليستعينوا بهم في القرن السادس الهجري وحتى منتصف القرن السابع.
كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده، وتدعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته، وممن عمل على جلبهم والاستعانة بهم الأيوبيون، وبخاصة في عصورهم المتأخرة لما أصابهم الضعف واحتاجوا إلى الرجال. لقد كانوا يُباعون للملوك والأمراء، ثم يُدَرَّبون على الطاعة والإخلاص والولاء.
المماليك في مصر:
وعرفت مصر نوعين من هؤلاء المماليك:
1- المماليك البحرية وهم الذين أسكنهم الملك الصالح الأيوبي قلعة في جزيرة الروضة، ونسبوا إلى بحر النيل، أو سمّوا بذلك لأنهم قدموا من وراء البحار، وهؤلاء حكموا مصر من سنة (648-784هـ/ 1250-1382م) وتداول عرش مصر في عهدهم أربعة وعشرون سلطانًا .
2- أما النوع الثاني فهم المماليك البرُجية أو الجراكسة، وسُمّوا بذلك لأن السلطان قلاوون أسكنهم أبراح قلعة الجبل، ولأن الجراكسة كانوا أكثر عددًا، وهؤلاء حكموا مصر من سنة (784-923هـ/ 1382-1517م) وهم ثلاثة وعشرون سلطانًا.
لقد عرفت البداية لدولة المماليك، ولقد كانت النهاية على يد العثمانيين عند مرج دابق والريدانية (حي العباسية) سنة 923هـ، وكانت الغلبة للعثمانيين الذين آلت إليهم ممتلكات المماليك ليبدءوا عهدًا جديدًا.
ولم يأخذ المماليك بمبدأ وراثة العرش، وإنما كان الطريق مفتوحًا أمام من أبدي شجاعة وإقدامًا ومقدرة. هذه هي المؤهلات في دولة المماليك التي قامت على أنقاض دولة الأيوبيين، وبعد مقتل توران شاه آخر سلاطين الأيوبيين بمصر.
التصدي للمغول:
إن المغول يزحفون..وإن الخطر قادم فلتتوقف الخلافات بين المسلمين، ولتتوحد القوى في مواجهة هذا العدو!
لقد استولى المغول علىالأراضي الإسلامية التابعة لخوارزم شاه، ثم واصلوا سيرهم -كما عرفت من قبل- مهددين العراق حتى أسقطوا الخلافة العباسية.
كانت مصر في ذاك الوقت يحكمها علي بن أيبك الذي كان في الخامسة عشرة، والذي تولى مصر بعد وفاة أبيه المعز أيبك، وكان ضعيفًا لا حول له في هذه الظروف الصعبة. وراحت مصر تتطلع إلى مملوك قوي يحمي حماها، ويصون أرضها. لقد سقطت الخلافة العباسية، واستولى التتار على بغداد وبقية مدن العراق، ثم اتجهوا نحو بلاد الشام التي كانت مقسَّمة إلى إمارات يحكمها أمراء أيوبيون، وتمكن التتار من الاستيلاء على حلب سنة 657هـ/1277م.
سيف الدين قطز:
وفي هذه اللحظات التاريخية ظهر "سيف الدين قطز" وقد تولى حكم مصر، وقال قولته المشهورة : لابد من سلطان قاهر يقاتل عن المسلمين عدوهم.
ووصلت إلى مصر صرخات أهل الشام، واستغاثات أمرائهم من الأيوبيين: أن تحركوا واعملوا على إنقاذنا، لقد قتلوا العباد، وخربوا البلاد، وأسروا النساء والأطفال، وأصبحت مصر هي الأمل بعدما ضاع الأمل في الخلافة، وفي أمراء الشام. خرج "سيف الدين قطز" في عساكره، حتى انتهي إلى الشام.
عين جالوت:
وكان اللقاء عظيمًا عند "عين جالوت" في الخامس والعشرين من رمضان الذي وافق يوم جمعة. ولأول مرة يلقى المغول من يصدهم ويهزمهم هزيمة ساحقة، وكان النصر لراية الإسلام. وكانت صيحة واحدة صدق بها المسلمون ربهم "وا إسلاماه"، وفي يوم واحد، انقلبت الأوضاع، وأذن الله بنصره بعد عصر طويل من الذل والمهانة، وبعد جبال الأشلاء وأنهار الدماء التي غرق فيها المسلمون .
عزة بعد ذل:
ولكي تدرك مدى الضعف الذي كان عليه المسلمون قبل أن يعودوا إلى ربهم، فاعلم أن التتري كان يلقى المسلم في بغداد وليس معه سيف، فيقول للمسلم: قف مكانك حتى أحضر السيف لأقتلك. فيبقى المسلم جامدًا ذليلا في مكانه حتى يأتيه التتري بالسيف فيقتله به!
لقد قاتل سيف الدين قطز قتالا عظيمًا، وقاتل معه الأمراء المماليك حتى النصر .
ووقف قطز يوم "عين جالوت" على رجليه تاركًا جواده، وهو يقول لمن راح يلومه على ذلك خائفًا عليه: إنني كنت أفكر في الجنة، وأما الإسلام فله رب لا يضيعه! لقد قام قطز بنفس الدور الذي قام به صلاح الدين.. عرف الحقيقة، وأعلنها على الناس:
لقد انهزمتم أمام التتار لتهاونكم في أمر دينكم، فاستمسكوا بهذا الدين، والله منفذ وعده الذي وعد وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون) [النور:55].
الظاهر بيبرس:
ولكنه لقي مصرعه وهو في طريق العودة بعد النصر! ويتولى الأمر من بعده "الظاهر بيبرس البندقداري"، يتولى سلطنة مصر، والشام، ويبعث بإحضار أحد العباسيين إلى مصر ويعينه خليفة للمسلمين، وهو المستنصر بالله، وقد تولى بعد مقتله الحاكم بأمر الله الخلافة بمصر، وأُطلق عليه أمير المؤمنين، وكان يدعي له على المنابر، أما الأمر والنهي فهو للمماليك حتى سقطت الخلافة، وانتقلت من العباسيين إلى العثمانيين.
قتال الصليبيين:
وإذا كان التاريخ قد سجل للمماليك في حرب المغول بطولة رائعة، فقد سجل لهم قبل سنة 648هـ/ 1250م بسالتهم وإقدامهم في قتال الصليبيين عند "المنصورة" وعند "فارسكور" بقيادة الظاهر بيبرس.
إن الظاهر بيبرس لم يترك سنة في فترة ولايته دون أن يغزو الصليبيين ويحقق انتصارات عليهم. لقد استرد "الكرك" سنة 661هـ/ 1263م، و"قَيْسَارِيَّة" سنة 663هـ/ 1265م، وكثيرًا من البلاد التي استولى عليها الصليبيون مثل "صفد"، و"يافا"، و"أنطاكية" سنة 666هـ/ 1268م. لقد وقف بيبرس للتتار وللصليبيين معًا بعد أن تحالفت قوى التتار والصليبيين ضد المسلمين. وكان لهما بالمرصاد، وأسس دولة المماليك تأسيسًا قويّا، وعندما لقي ربه سنة 676هـ/ 1278م، استمر الملْك في ذريته حتى سنة 678هـ/ 1279م .

الملك الأشرف خليل:
ومرت سنوات قبل أن يتولى الملك "الأشرف خليل" أمر البلاد بعد وفاة والده قلاوون سنة 690هـ/ 1281م، وفيها أسدل الستار على الصراع الصليبي مع المسلمين في العصور الوسطى .
لقد فتحت "عكا" وبقية مدن الساحل في هذه السنة، وهرب الصليبيون إلى "قبرص" التي أصبحت ملجأ لهم في الشرق، وهكذا قطع الله دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين .
لقد حُلّت العقدة التي سادت الناس جميعًا كما سادتهم قديمًا عن عدم إمكان هزيمة الجيوش المغولية مهما كانت أعدادها، وكسبت سلطنة المماليك مركز الصدارة بين سلاطين المسلمين، كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم الإسلامي .
غزو الصليبيين:
ويستمر عهد المماليك البحرية حتى سنة 784هـ/1382م، وكان عهد استقرار ورخاء، ولكن بوفاة الناصر محمد بن قلاوون سنة 741هـ/ 1341م، اضطربت البلاد المملوكية مما شجع الصليبيين على غزو مصر سنة 767هـ/ 1366م، من جزيرة "قبرص" حتى سقطت الإسكندرية في أيديهم بعد أن ساءت أحوال البلاد لعدم وجود رجل قوي على رأس المماليك بعد الناصر قلاوون، وسقط كثير من الشهداء على أيدي الصليبيين الذين اعتدوا على البنات والنساء.

بداية عهد المماليك البرجية:
ولكن يشاء الله أن يبدأ عهد جديد على "المماليك البرجية" يعيد للمسلمين مجدهم، ويرفع راية الإسلام من جديد على ربوع الوادي .
لقد بدأ عهد المماليك البرجية بالظاهر برقوق سنة 784هـ/ 1382م، وانتهى بالأشرف قنصوه الغوري الذي قتل في مرج دابق على يد العثمانيين سنة 922هـ/ 1516م.
ولا ننسى للمماليك بصفة عامة دفاعهم عن الإسلام وأهله ودياره ضد التتار، فلقد أبلوا بلاء حسنًا، وكانوا خير عَونْ للإسلام والمسلمين في كل فترة من فترات تاريخهم .
حضارة المماليك:
ولقد اهتم المماليك بالأوضاع الحضارية من بناء للمدارس والمساجد والعمائر، حتى يعد عصرهم من أزهى العصور في العمارة، فقد كان للمماليك إسهام رائع في مجال العمارة، فقد أصبح فن العمارة على أيديهم إسلاميًا يستقي قواعده من مبادئ الإسلام وأصوله، ففن بناء البيوت مثلا على عهدهم انطلق من مبدأ منع الاختلاط والغيرة على النساء، فتبني البيوت الطابق الأول للرجال ويسمى"السلاملك" والسفلي للنساء ويسمى "الحرملك" ومدخل البيت ينحرف غربًا نحو دهليز ومنه إلى حجرة الضيوف، حتى لا يرى الدَّاخِل مَنْ في وسط البيت، وكانت هناك مداخل خاصة بالنساء فقط، وكانت شبابيك البيوت مرتفعة بحيث لا يرى السائر في الطريق ولو كان راكبًا من بداخل البيت، وكانت هذه الشبابيك عبارة عن خشب مثقوب يسمح بدخول الضوء والهواء، ويسمح لمن بداخل البيت برؤية من بالخارج بحيث لا يري من بالخارج من بداخل الحجرات .
كما كانوا يجعلون أماكن خاصة في الدور السفلي للدواب والمواشي، وحجرات خاصة للمطابخ، وهم الذين ابتكروا نظام دولاب الحائط الذي يوضع فيه الأطباق الخزفية، وعنهم أخذ هذا النظام.
وكان لهم اهتمامهم بالزراعة والصناعة، إلى جانب تأليف الموسوعات العلمية والأدبية، ومن هذه الموسوعات التي ازدهرت في عهدهم "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" للقلقشندي، و"نهاية الأرب في فنون الأدب" للنويري .
كما ازدهرت في عهدهم التآليف التاريخية، مثل المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي، وكافة مؤلفاته، ومؤلفات ابن تغري بردي وغيرهما .
***
الدولة الأيوبـية
(567-648هـ/ 1172-1250م)
يعتبر صلاح الدين يوسف بن أيوب هو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية، وذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود، فعمل صلاح الدين على أن تكون كل السلطات في مصر تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد لمصر التبعية للدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني.
التوجه إلى النوبة:
ومما يذكر أن نور الدين محمود -الذي بعث أسد الدين شيركوه وصلاح الدين إلى مصر- ما زال حيّا، وكان صلاح الدين خائفًا أن يحاربه نور الدين، ففكر لأجل ذلك أن ينظر مكانًا آخر يقيم عليه دولة له، فبدأ صلاح الدين مبكرًا في إرسال بعض خاصته يستطلعون الأحوال في بلاد النوبة واليمن وبرقة.
أما النوبة فكان يحكمها قبيلة الكنوز التابعة للفاطميين فأرسل صلاح الدين أخاه تورانشاه، وعينَّه على "قوص" و"أسوان" و"عذاب" و"النوبة"، ولما استدعى صلاح الدين أخاه إلى القاهرة أناب تورانشاه عنه رجلا من نوابه وزوده بقوة عسكرية.
وفاة نور الدين:
أما برقة، فإن الفرصة لم تدع لأولئك -الذين بعثهم صلاح الدين لاستكشاف الأمر- أن يصنعوا شيئًا ذا بال؛ لأن نور الدين محمود قد توفي في شوال سنة 569هـ، وبدأ الأمر يستقر لصلاح الدين، وبدأ يعمل على توحيد الدولة الأيوبية وحماية أركانها في مصر والشام.
امتداد الدولة:
بالفعل، بدأ صلاح الدين التوجه إلى بلاد الشام بعد وفاة نور الدين، فدخل دمشق، ثم استولى منها علىحمص، ثم حلب، وبذا أصبح صلاح الدين سلطانًا على مصر والشام. ثم عاد إلى مصر وبدأ الإصلاحات الداخلية، وخاصة في القاهرة والإسكندرية، ثم سافر إلى الشام؛ ليبدأ ما كان قد بدأه من قبل، وهو جهاده المشرق ضد الصليبيين.
وكانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز؛ حيث قام صلاح الدين بتحصين جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وكان صلاح الدين قد اعتني بميناء القلزم وميناء جدة، لأن أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء أَيْلَة أو العقبة، وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة، وأخذ منها أسرى من الصليبيين، وكذلك قبض رجاله على بعض الصليبيين الذين وصلوا إلى عيذاب، وأرسلوا جميعًا مصفَّدين بالأغلال، حيث ذُبحوا مع الهدي الذي أهداه الحجاج لله سبحانه في ذي الحجة سنة 578هـ ، واستولى صلاح الدين على بيت المقدس، وقد وقع في الأسر ملك بيت المقدس، ونفر من الفرسان الصليبيين ومن بينهم أرناط الذي لم تكد عين صلاح الدين تقع عليه حتى أمر بقتله.
وعقب استيلاء صلاح الدين على بيت المقدس سقطت في يده كل موانئ الشام، فيما عدا موانء إمارة طرابلس، وأنطاكية، وانتهت الحروب الصليبية بصلح الرملة بين صلاح الدين والصليبيين.
وظل صلاح الدين رافعًا راية الجهاد حتى صعدت روحه إلى بارئها عام 589هـ بعد أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصليبيين ممن يكيدون للإسلام، ولم يمنع ذلك أن كانت لهم وقفات ضد الصليبيين، ففي الحملة الصليبية التي تعرضت لها دمياط، والتي كان يقودها لويس التاسع، الذي وقع أسيرًا، وحبس في دار ابن لقمان في عهد الملك توران شاه ابن نجم الدين أيوب، وبوفاة توران شاه انتهت دولة الأيوبيين.
***
دولة الخلافة العثمانية
لقد كان القرن السابع الهجري، (الثالث عشر الميلادي) فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي بأسره، ففي الوقت الذي تقدمت فيه جحافل المغول الوثنيين من الشرق، وقضت على الخلافة العباسية في بغداد كانت بقايا الجيوش الصليبية لا تزال تحتل أجزاء من شواطئ فلسطين! ومما زاد الحالة سوءًا أن الدولة الأيوبية التي تولت حماية العالم الإسلامي من هجمات الصليبيين أخذت تضعف بعد وفاة منشئها صلاح الدين. وقد ترتب على هذا أن أخذت مناطق المسلمين تتقلص بين ضربات الوثنيين من الشرق، وحملات المسيحيين من الغرب. وراح بعض الناس يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة مرة أخري، إلا أن الكارثة لم تقع. تُرى ما سبب ذلك؟ يقول المؤرخون: هناك سببان:
أولهما: أنه بالرغم من انتصار المغول على المسلمين في ميدان الحرب فإن الإسلام انتصر عليهم في ميدان العقيدة، ففي أقل من نصف قرن دخل المغول الإسلام، فأصبحوا يدافعون عنه، وينشرونه بين أهليهم في أواسط آسيا.
أما ثانيهما فهو أن دولة المماليك التي خلفت الأيوبيين على مصر في سنة 648هـ/1250م، كانت دولة عسكرية قوية يرأسها قواد الجيش من المماليك.
وكان هؤلاء المماليك، وهم من الأتراك والأرمن وغيرهما، قد وصلوا إلى المناصب العالية في الجيش أثناء حكم الأيوبيين.
وأخيرًا، تولوا الحكم، وعينوا من بينهم السلاطين للدولة، وقد كان لهؤلاء المماليك الفضل في إيقاف زحف المغول عند "عين جالوت" سنة 658/1260 م، كما انتزعوا من الصليبيين "عكا" وكانت آخر معقل لهم في الشرق سنة 692هـ/1292م.
أصل العثمانيين:
يقول المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر وأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي "آسيا الصغري" في أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، ثم امتدَّت فتوحاتها إلى ثلاث قارات هي : آسيا وأوربا وإفريقية. وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم عامة والإسلام خاصة، فكيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟ ومَنْ هم؟ ومن أين جاءوا؟
أسئلة كثيرة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الأتراك العثمانيون، ويتساءل الكثيرون عن أصلهم، ولابد من طرح هذه الأسئلة قبل الحديث عن حكمهم وفتوحاتهم.
يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا، وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
وفي أيام الدولة الأموية، تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم، إلا أنهم لم يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في أوائل العصر العباسي. وقد قربهم الخليفة المعتصم -كما عرفت- حين أراد أن يقضي علي سيطرة الفرس الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.
وفي أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي جاءت موجة أخري من الأتراك (المعروفين بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"، وقضوا علي نفوذ البويهيين في بغداد، وخلصوا الخليفة العباسي من استبدادهم، وتقدموا حتى هددوا القسطنطينية، فتكتل المسيحيون في أوربا، وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة في ملاذكرد، وقاموا بتلك الحروب الصليبية التي أمدَّت في عمر القسطنطينية أربعة قرون.
كيف تكونت دولة الأتراك العثمانيين؟
في حوالي سنة 622هـ/1224م كانت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان تتقدم إلي الغرب في اتجاه الدولة العباسية.
ومن بين الذين فروا أمام الزحف التتري مجموعة من الترك كانت تسكن منطقة "خُوارزم"، فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري بالقرب من دولة "سلاجقة الروم" سنة 1250م تقريبًا. وهناك اتصل قائدهم "أرطغرل" بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم (وهم فرع آخر من نفس الجنس التركي)، فوافق علاء الدين علي وجودهم، ومنحهم منطقة حول أنقرة ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين. فلما وصلت جيوش المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف "أرطغرل" إلي جانب "علاء الدين"، حيث تمكنا من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة.
بعد وفاة "أرطغرل" سنة 688هـ/1288م، عُيّن ابنه "عثمان" خلفًا له، فكان قويّا محبوبًا بين أهله، ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛ مما أثار حسد وزرائه.
فلما مات علاء الدين كثرت المؤامرات، وضعفت الدولة، فاغتنم عثمان الفرصة، واستقل عن السلاجقة، وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه، وهكذا تأسست الدولة العثمانية، وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.
وبذا فقد نسبت تلك المجموعة من الأتراك إلى هذا الرجل العظيم "عثمان" فسموا الأتراك العثمانيين؟ وكان الإسلام هدف العثمانيين وشعارهم، له يعملون، وفي سبيله يجاهدون ويحاربون.
فتوحاتهم المباركة:
كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛ فلم يكن هناك ما يقف في طريق توسعها؛ حيث إن الإمبراطورية البيزنطية خرجت بعد الحروب الصليبية وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.
ويذكر المؤرخون أَنَّ حملة من الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية نفسها سنة 602هـ/1204م ، ولم تتخلص عاصمة البيزنطيين منهم إلا بعد أكثر من ستين عامًا، فلما شرع عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية وجد الطريق مفتوحًا أمامه.
وقد واصل ابنه "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية" وخضعت له آسيا الصغرى (تركيا)، كما تمكن من عبور "الدردنيل"، والوصول إلى "مقدونيا" غير أنه لم يتقدم نحو أوربا.
وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته، فأنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية (أى الجنود الجدد) .وكان هذا الجيش مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.
فتم تدريبهم منذ الصغر على الإسلام والعسكرية، وأعدت لهم معسكرات وثكنات يعيشون فيها حتى لا يختلطون بغيرهم، مهمتهم التي أعدوا لها هي الدفاع عن الإسلام مع الفرسان من العثمانيين، فيشبون أقوياء الجسم، مطيعين لقوادهم الذين لايعرفون غير الطاعة الكاملة.. أتدري مَنْ أول من استخدم هذا الجيش استخدامًا فعالا؟
السلطان مراد الأول:
إنه السلطان "مراد الأول" ابن "أورخان" وكان مراد نفسه جنديّا شجاعًا قرر أن يشن حربًا على أوربا بأسرها.
لقد أراد أن ينتقم من الأوربيين لاعتدائهم على الإسلام والشرق أثناء الحروب الصليبية.هذا بالإضافة إلى حماسه للإسلام، وحبه له وللدفاع عنه ضد أعدائه، ورغبته في نشر الإسلام في بلاد الكفر، وتبليغ دعوة الله إلى العالمين، فمن المعروف أن الأتراك من أقوى الشعوب حماسة، ومن أقواهم عاطفة تجاه الإسلام والمسلمين، وكان سمتهم في تعاملهم مع الأسرى سمتًا إسلاميّا يدل على فهمهم للإسلام ولمبادئ الحرب والقتال في الإسلام، وهذا ما شهد به أعداؤهم.
لقد عبرت جيوشه الدردنيل (كما فعل والده من قبل)، واحتل مدينة "أدرنة"، وجعلها عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة "بروسّة"، وبذلك يكون قد نقل مقر قيادته إلى أوربا استعدادًا لتأديب وإخضاع تلك القارة المعتدية!
شملت فتوحات "مراد": مقدونيا، وبلغاريا، وجزءًا من اليونان والصرب، كما هدد القسطنطينية، وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.
لكن واأسفاه، قتل مراد في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م، في الوقت الذي كانت فيه جيوش المسلمين الظافرة تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.
السلطان بايزيد:
فمن يا تُرى يخلفه؟ لقد خلفه ابنه "بايزيد" ومن شابه أباه فما ظلم.كانوا يلقبونه (بالصاعقة)، وذلك لسرعة تحركاته في ميادين القتال وانتصاراته الخاطفة.أتدري ماذا حقق من انتصارات بعد أبيه؟ لقد أتم فتح اليونان. أما الدولة البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية وحدها.
لقد بلغ "بايزيد" من القوة ما جعله يمنع إمبراطور القسطنطينية من إصلاح أحد حصون المدينة فيذعن الإمبراطور لأمره، وينزل عند رأيه. وكانت نتيجة هذا الجهاد المقدس انتشار الذعر في جميع أنحاء أوربا، فقام البابوات في روما ينادون بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة 489هـ/1095م، وتجمعت فرق المتطوعين من فرنسا وألمانيا وبولندا وغيرها وقادهم سِجِسْمُنْد المجري.
وفي سنة 799هـ/1396م اشتبك معهم "بايزيد" في معركة "نيقوبولس" وهزمهم هزيمة نكراء، فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك الكارثة، وانتابها الذعر والقلق. وراحت أوربا تخشى مصيرها الأسود القاتم إذا تقدم ذلك القائد المظفر نحو الغرب.
أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش بايزيد!
هجوم التتار:
في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة العثمانية إلى هجمات التتار، وكانت هذه هي الموجة الثانية (بعد تلك التي قام بها هولاكو) جاء على رأسها تيمورلنك، فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من سوريا، ثم اتجه شمالا نحو الدولة العثمانية.
ولما شعر بايزيد بذلك الخطر أوقف تقدمه في أوربا كما رفع الحصار عن القسطنطينية، واتجه جنوبًا لملاقاة العدو.
وفي سنة 805هـ/1402م تقابل بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من أنقرة، ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصر فيها حليفًا لقوات التتر! ووقع "بايزيد" في أسر عدوه تيمورلنك الذي عذبه عذابًا شديدًا. ويقال: إنه سجنه في قفص، وطاف به أجزاء مختلفة من الدولة حتى مات من شدة التعذيب.
ترى هل كانت هذه الهزيمة نهايةً للأتراك العثمانيين؟ لا؛ فقد انتعشوا مرة ثانية، وقاموا بأعمال تفوق تلك التي قام بها "عثمان" و"مراد" و"بايزيد".
سقوط القسطنطينية:
مرت على الدولة العثمانية فترتان بين إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.كانت الفترة الأولى واقعة بين استقلال عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة 805هـ/1402م.
أما الفترة الثانية، فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة 816هـ/1412م حتى فتح القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.
وكانت المدة الواقعة بين هاتين الفترتين -وهي عشر سنوات- مدة قلاقل واضطرابات.
ولكن ماذا فعل تيمورلنك بعد موقعة أنقرة وأسر بايزيد؟
عودة تيمورلنك إلى بلاده:
بعد موقعة أنقرة تراجع تيمورلنك، فلم يكن قصده احتلال آسيا الصغري، بل كان كل همه وأمله أسر بايزيد، أمَا وقد تحقق له ما أراد، فليرجع إلى بلاده، لقد ترك البلاد مهزومة مفككة، وترك أولاد بايزيد يتحاربون فيما بينهم من أجل الملك.
واستمرت فترة حكمه حوالي ثماني سنوات، أخذ يعمل فيها بحكمة وتعقل؛لكي يدعم سلطانه داخل الدولة، فاتبع سياسة المهادنة والصداقة مع كل الأعداء.
لقد عقد هدنة مع إمبراطور القسطنطينية، وقد رحب الإمبراطور بتلك الهدنة؛ لأنه هو الآخر كان في حالة ضعف شديد نتيجة ضربات بايزيد المتوالية على دولته.
أما السلاجقة، فقد ترك لهم "السلطان محمد" كل الأراضي التي تحت أيديهم، وتفادي أي اشتباكات معهم، وركز كل همه في توطيد سلطانه في الداخل، وكان له ما أراد.
السلطان مراد الثاني:
فلما توفي "محمد" وخلفه ابنه "مراد الثاني" سنة 825هـ/1421م، كانت حالة الدولة العثمانية تمكنها من اتخاذ بعض الخطوات الهجومية وقد كان.
فلقد استردّ "مراد الثاني" ما أخذه السلاجقة من أراضي العثمانيين، واستعاد العثمانيون ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني، فاتجهوا إلى أوربا.
ولكن أوربا لم تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس" وما لحق بها من عار، فراحت تكون جيشًا كبيرًا من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين، وهاجمت ممتلكات الدولة العثمانية في "البلقان".
وفي البدء تمكن المسيحيون من إحراز عدة انتصارات على جيوش مراد، إلا أن السلطان "مرادًا" جمع قواته، وأعاد إعدادها وتشكيلها حتى التقى مع أعدائه سنة 849هـ/1444م، فأوقع بهم الهزيمة، وعلى رأسهم ملك المجر "فلادسلاق" وصدهم حتى نهر الدانوب.
رعاك الله يا مراد، لقد أعدت الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه أيام جدك بايزيد.
وهكذا لما توفي "مراد الثاني" في "أدرنة" سنة 856هـ/ 1451ترك لابنه محمد الثاني المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان، عالية البنيان، رافعة أعلامها، متحدة ظافرة منتصرة.
فتح القسطنطينية :
كان أول هدف لمحمد الفاتح القضاء علي القسطنطينية، تلك المدينة التي صمدت أمام كل الهجمات الإسلامية من عهد معاوية ابن أبي سفيان في منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن الخامس عشر.
لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين من قادة الإمبراطورية الإسلامية وخلفائها، وفخرًا حاول الكثيرون أن ينالوه ويحظوا به، ولم لا وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش". [أحمد والحاكم].
السلطان محمد الفاتح:
جاء محمد الثاني (محمد الفاتح) وكان مع الفتح على موعد، فعقد العزم على فتحها، وإضافتها إلى العالم الإسلامي الكبير، ولم يكن هذا هو هدفه الوحيد، بل كانت هناك عوامل كثيرة تحركه وتدفعه إلى تحقيق هذا النصر وذلك الفتح العظيم، أيقال: إنه فتح الفتوح؟! أم أيقال: إنه فتح باركته ملائكة السماء؟!
وكيف لا، والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس في القرن السابع الميلادي، وظلت تصطدم مع المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، وفي خلافة الأمويين والعباسيين وما بعدها!
وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف الدولة الإسلامية فتغير عليها، وتنتزع بعض أراضيها.
ولا يخفى أن بعد موقعة "ملاذكرد" في القرن الحادي عشر أصبحت القسطنطينية نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة، ومناطق نفوذ المسلمين الأخري.
ولا ينسى أحد للقسطنطينية أنها في سنة 768هـ/1366م، تحالفت مع روما ودول أوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في "نيقوبولس".
ولم يَنْسَ خلفاء الدولة العثمانية للقسطنطينية أنَّها في سنة 846هـ/1441م تآمرت مرة أخرى مع ملوك البلقان ضد مراد الثاني، إلا أن الله نصر مرادًا عليهم فقضى على تحالفهم، وشتت شملهم، وَفرَّق جموعهم.
فلْيقضِ محمد الفاتح على تلك القلعة الحصينة التي كثيرًا ما ضربتهم من الخلف، إن هو أراد أن يستمر في فتوحاته الأوربية.
وراح محمد الفاتح يضع الخطة بإحكام، عقد هدنة مع ملوك المسيحيين في البلقان لمدة ثلاث سنوات. واستغل هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية وتأمينها. ثم ماذا؟ ثم جهز جيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي، واتجه بهم نحو القسطنطينية وحاصرها، ومع أن حامية القسطنطينية لم تكن تزيد على 8000 جندي إلا أنها كانت محصنة جدّا، فالبحر يحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوار منيعة، وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على بني أمية وبني العباس.
وقد كان تأخر سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين هو السبب في تأخر انهيار الدولة البيزنطية، فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط الدولة بأكملها، ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند البيزنطيين؛ بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها، وقد تأخر سقوط الدولة البيزنطية لمدة ثمانية قرون كاملة، على عكس الدولة الفارسية التي سقطت وزالت مبكرًا نتيجة سقوط "المدائن" عاصمتها في وقت قصير.
إلا أن الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها محمد الفاتح.
وكان العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود-الذي يرجع الفضل في اكتشافه إلى العلماء المسلمين-مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة الفائدة.
وإلى جانب هذا وذاك، فإن الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثير من أسطول البيزنطيين، فحاصر المدينة من جهة البحر، وأغلق مضيق البسفور في وجه أية مساعدة بحرية.
واستمر الحصار ستة أسابيع، هجمت بعدها الجيوش الإسلامية، وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار، ولكن الحامية المسيحية- برغم قلتها- دافعت دفاعًا مريرًا، ومع ذلك فقد دخل محمد الفاتح القسطنطينية، وغير اسم القسطنطينية إلى "إسلام بول" (أي عاصمة الإسلام)، ولكنها حرفت إلى إستامبول، كما جعل أكبر كنائس المدينة (أيا صوفيا) مسجدًًا بعد أن صلى فيه الجيش الفاتح بعد النصر، أما المسيحيون فلم يعاملهم بما كانوا يعاملون به المسلمين، لقد ترك لهم حرية العبادة، وترك لهم بطريقَهُم يشرف على أمورهم الدينية.
تسامح المنتصر:
وقد وصف فولتير الفيلسوف الفرنسي الشهير موقف المنتصر المسلم من المهزوم المسيحي بقوله : إن الأتراك لم يسيئوا معاملة المسيحيين كما نعتقد نحن، والذي يجب ملاحظته أن أمة من الأمم المسيحية لا تسمح أن يكون للمسلمين مسجد في بلادها بخلاف الأتراك، فإنهم سمحوا لليونان المقهورين بأن تكون لهم كنائسهم، ومما يدل على أن السلطان محمد الفاتح كان عاقلا حكيمًا تركه للنصارى المقهورين الحرية في انتخاب البطريق، ولما انتخبوه ثبته السلطان وسلمه عصا البطارقة، وألبسه الخاتم حتى صرح البطريق عند ذلك بقوله : إني أخجل مما لقيته من التبجيل والحفاوة، الأمر الذي لم يعمله ملوك النصارى مع أسلافي.
هذه هي حضارة الإسلام ومبادئه في ميدان الحرب والتسامح مع أهل الأديان الأخري، على خلاف النصارى في حروبهم مع المسلمين سواء في الحروب الصليبية أو في الأندلس أو في العصر الحديث في كل مكان، فإنهم يقتلون الأبرياء، ويحرقون الأخضر واليابس، ويخربون بيوت الله، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
ولم يكتف "محمد الثاني" بهذا النصر، بل سار إلى أعدائه في الغرب، وأخضع معظم دول البلقان، إلى أن وصل إلى بحر الأدرياتيك، وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين حتى نهر الفرات فهزموا السلاجقة، واستولوا على جميع أراضيهم.
آخر خليفة عباسي:
وجاء "السلطان سليم" بعد محمد الفاتح، فدخلت الجيوش الإسلامية الجزيرة العربية بأسرها، وعَرَّجوا على مصر فقضوا على حكم المماليك فيها، وضموها لممتلكاتهم.
وفي مصر، وجد السلطانُ سليم آخرَ سلالة الخلفاء العباسيين واسمه "المتوكل على الله الثالث"، وطلب منه أن يتنازل له عن الخلافة فقبل، وقد يتساءل: كيف يكون هناك خليفة عباسي مع أن التتار قضوا على الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ.
الواقع أنه بعد مقتل الخليفة المستعصم في بغداد تمكن بعض أفراد أسرته من الهروب إلى مصر، فآواهم سلاطين المماليك، ولقبوا أحدهم خليفة، وكانت خلافة رمزية، الغرض منها إكساب دولة الخلافة سمعة كبيرة بوجود الخليفة فيها.
واستمرت سلالة هؤلاء الخلفاء حتى سنة 924هـ/1518م، عندما دخل السلطان سليم مصر وهزم المماليك، ولما أراد العودة إلى العاصمة إسلام بول أخذ معه الخليفة المتوكل على الله الثالث الذي تخلى للسلطان سليم عن الخلافة، وسلمه الراية والسيف والبردة سنة 925هـ/1518م.
سقوط الخلافة العثمانية:
وهكذا انتقلت الخلافة إلى الدولة العثمانية، واستمرت فيها حتى سنة 1342هـ/1923م، حتى ألغاها مصطفى كمال أتاتورك ونقل العاصمة إلى أنقرة عاصمة تركيا الحديثة، وألغى اللغة العربية في 1342هـ/3 مارس 1924م.
وكان اليهود قد حاولوا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني التأثير عليه بشتى الوسائل، وإغرائه بالمال، ليسمح بتأسيس وطن قومي لليهود، فأبي، وقال : تقطع يدي ولا أوقع قرارًا بهذا، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة، فلن أسود صحائف المسلمين من آبائي وأجدادي السلاطين والخلفاء العثمانيين. وتجمعت كل القوى المعادية للإسلام لتقضي على الخلافة، فكان لهم ما أرادوا، وتفرق شمل المسلمين، واستبيحت ديارهم، فإنما يأكل الذئب من الغنم الشاردة، وها نحن أولاء نشهد حربًا تدور في الخفاء والعلن ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان، ولا خلافة لهم تجمع كلمتهم وتدافع عنهم.
منجزات الخلافة العثمانية:
1- فتح القسطنطينية، وتحقيق حلم وأمل المسلمين.
2- وقوف السلطان عبد الحميد في وجه اليهود بقوة، ومنعهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. فيروى أنه بعد عقد مؤتمر بال بسويسرا 1336هـ/1897م والذي قرر اتخاذ فلسطين وطنًا قوميّا لليهود، ذهب (قره صو) إلى الخليفة عبد الحميد، وذكر له أن الحركة الصهيونية مستعدة أن تقدم قرضًا للدولة، قدره خمسون مليونًا من الجنيهات، وأن تقدم هدية لخزانة السلطان الخاصة قدرها خمسة ملايين من الجنيهات، نظير السماح لليهود بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فصرخ الخليفة في حاشيته قائلا:من أدخل على هذا الخنزير. وطرده من بلاده، وأصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
3- من أبرز خدماتها للمسلمين أنها أخرت وقوع العالم الإسلامي تحت الاحتلال الأوربي، فما إن زالت الخلافة الإسلامية حتى أتى الغرب على دول المسلمين يبتلعها دولة بعد الأخرى، وقد وقف السلطان سليم الأول ومن بعده ابنه بقوة إلى جانب دولة الجزائر ودول شمال إفريقية وساعدهم في مقاومة الاحتلال الأوربي في بداية الأمر عندما استغاث خير الدين بالسلطان سليم فأمده بالعدة والعتاد.
4- دفاعهم عن الأماكن المقدسة، فعندما حاولت قوات الأسطول البرتغالي (مرتين) أن تحتل جدة وتنفذ منها إلى الأماكن المقدسة في الجزيرة، وقفت في وجهها الأساطيل العثمانية، فارتدت على أعقابها خاسرة، بل إن القوات البحرية أغلقت مضيق عدن في وجه الأساطيل البرتغالية، فكان عليها أن تأتي بالشحنات التجارية وتفرغها في مضيق عدن، ويقوم الأسطول الإسلامي العثماني بتوصيلها إلى عدن والموانئ الإسلامية.
5- ويكفي أن الخلافة العثمانية كانت رمزًا لوحدة المسلمين، وقوة تدافع عن المسلمين وقضاياهم وأراضيهم، بالإضافة إلى الفتوحات الإسلامية، وحرصهم على الإسلام وحبهم له، كيف لا، وقد قامت دولتهم على حب الإسلام بغرض الدفاع عنه.
هذا وقد ظلم التاريخ هذه الخلافة الإسلامية خلافة العثمانيين؛ لأن تاريخها كتب بأيدي أعدائها سواء من الأوربيين أو من العرب الذين تربوا على مناهج الغرب، وظنوا أنها احتلال للبلاد العربية، ولذلك فتاريخ هذه الخلافة يحتاج إلى إعادة كتابة من جديد.
***
أتمنى أنني قد أفدتك ولو بقلييييييييييييل


يلرك الله فيك انت مدين لي

ارجوك اريد خريطة تبين مواقع لاتمارات التي استقلت عن اتلخلافة العابسية في بغداد ارجوكمك خريطة قبل يوم السبت

شكرا .............