مقالات الإشكالية الثانية
الأخــلاق بين النسبي والمطلق
مقالةجدلية حول(الخير والشر ) بين ( الدين والعقل )
السؤال المشكل
إذاكنت بين موقفين متعارضين أحدهما يقول الأخلاق مصدرها الإرادة الإلهية وثانيهما يقولالقول هو مشروع الأخلاقي .
وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع؟
الوضعية المشكلة
إليك هذا الرأيين , قال أفلاطون < الخير فوقالوجود شرفا وقوة > وقال الأشعري < الخير والشر بقضاء الله وقدره >
المقدمــة : طرح الإشكـاليـة
يتجلى سلوكات الإنسان في سلسلة منالأفعال وردود الأفعال والتي ينظر إليها الفلاسفة من زاوية ما يجب أن يكون وذلكبربطها بقيمة <الحسن والقبح> وهذه هي الفلسفة الجمال ,أو بربطها بقيمة< الخير والشر> وهذه هي الفلسفة الأخلاق , فإذا كنا بين موقفين متعارضين أحدهماأرجع الأخلاق إلى سلطة مقدسة <إرادة الله> والأخر أرجع القيم الأخلاقية إلىسلطة العقل فالمشكلة المطروحة.
هل مصدر القيمة الخلقية الدين أم العقل ؟
التحليل : عرض الأطروحة الأولى
أرجعت هذه الأطروحة < أساس الدينللأخلاق,الشر والخير إلى إرادة الله >أي ماحسنه الشرع ومدح فاعله فهو خير, وماقبحه الشرع وتوعد فاعله بالعقاب فهو شر ,وهذه الأطروحة واضحة عند ابن حزم الأندلسيحيث قال << ليس في العالم شيء حسن لعينه ولاشيء قبيح لعينه لكن ما سماه اللهتعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن>>ومن الأمثلة التوضيحية أن <القتل> إذاكان دفاع عن النفس فإن النصوص الشرعية اعتبرته خير أما إذا كان لهون في النفس أولتحقيق مصلحة شخصية فإن الشرع يحكم على فاعله بالقبح ومن أنصار هذه الأطروحةالأشعري الذي قال<< الخير والشر بقضاء الله وقدره >> فالحكمة الإلهيةهي التي تفصل في الأمور وإرسال الرسل عليهم السلام حجة تثبت ذلك , هذه الأوامرالأخلاقية نقلية وليست عقلية.
النقد:
لاشك أن الدين يرشدنا في حياتنالاكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشتهادي فالعقل يساهم أيضا في بناءالأخلاق.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة < النظريةالعقلية > إن القيم التي يؤمن بها الإنسان ويلتزم بها في حياته مصدرها العقل , وهذه القيم ثابت ومطلقة لاتتغير في الزمان والمكان ومن أبرز دعاة هذه الأطروحةأفلاطون الذي قال << الخير فوق الوجود شرفا وقوة >> , حيث قسم الوجودإلى قسمين (عالم المحسوسات وعالم المثل ) , إن القيم عند أفلاطون يتم تذكرها ولذلكقال <المعرفة تذكر> وقصد بذلك أن القيم الأخلاقية الكاملة مكانها عالم المثل , والعقل هو القادر على استعادتها , وفي أمثولة الكهف وضح أفلاطون أننا سجناء للجسدوالعقل هو الذي يحرر وبه تمزق الروح حجاب الجسد , ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوفالألماني كانط الذي استعمل المصطلح الواجب الأخلاقي أي طاعة القانون الأخلاقياحتراما له وليس للمنفعة أو خوفا من المجتمع , والأخلاق عند كانط تتأسس على ثلاثشروط : < شرط الشمولية > وهذا واضح في قوله << تصرف بحيث يكون عملكقانون كلية >> و< شرط احترام الإنسانية > أي معاملة الناس كغاية وليسكوسيلة , وأخيرا ضرورة أن يتصرف الإنسان وكأنه هو <مشروعالأخلاق>.
النقـد :
هذه الأطروحة نسبية لأن العقل ليس ملكة معصومة منالخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين .
التركيب :
رغم ما يبدو منالتعارض بين المذاهب الأخلاقية حول أساس القيمة الخلقية إلا أنها في نهاية متكاملةلأن القيمة الخلقية التي يطمح إليها هي التي يجب أن يتحقق فيها التكامل بين المطالبالطبيعية وصوت العقل وسلطة المجتمع وأوامر ونواهي الشرع, لذلك قال فيقِن << الأخلاق من غير دين عبث >> , ذلك الدين يرشد العقل ويهذب المصلحة ويحققالإلزام الخلقي أمام الله والمجتمع ولذلك قال أبو حامد الغزالي <<حسن الخلقيرجع إلى اعتدال العقل وكمال الحكمة واعتدال الغضب والشهوات وكونها للعقل والشرعمطيعة >>.
الخاتمة : المخرج من المشكلة
وخلاصة القول أنالأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقيمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لناأن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلفية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد < الأساس العقلي > وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلةالمطروحة
ونستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا .