عنوان الموضوع : دروس فلسفية خاصة بكل الشعب لا تفوتوا الفرصة الحلقة الثالثة تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
أحبائي الطلبة أحييكم ونبشركم أننا سنبدأ سلسة من الدروس و المقالات ونحن إذا بهذا نفتتح فرصة المراجعة الحقيقية لبكالوريا جوان 2016
1 - بادئ ببدء هاهي سلسلة متتابعة من الدروس وركزنا خاصة على الدروس الأخيرة المتعلقة بكل الشعب خاصة إذا تعلق الأمر بإشكالية فلسفة العلوم .
اليوم نفتتح الدروس الخاصة بشعبة آداب وفلسفة في إشكالية فلسفة العوم و بالضبط مشكلة " في الحقيقة العلمية و الحقيقة الفلسفية المطلقة " وعلى فكرة هذا الدرس الوحيد الذي نجده فقط عند شعبة الآداب وفلسفة سنة ثالثة دون الشعب الأخرى
الآن هلموا معنا إلى الدرس الأول
أستاذة المادة : عيسى
المستوى : سنة ثالثة ثانوي ( آداب و فلسفة )
المجال التعليمي : إشكالية " في فلسفة العلوم "
الوحدة التعليمية : مشكلة" في الحقيقة العلمية و الحقيقة الفلسفية المطلقة "
مقدمة وطرح الإشكالية :
إنه مهما تعددت الحقيقة في تعريفاتها و في مجالاتها ، فإنه لايختلف اثنان في أن الإنسان مفطور بفضوله على البحث . ومهما اختلفت أصنافها و تنوعت مقاييسها ، فإن أقصى ما يبحث عنه هذا الإنسان هو الحقيقة الأولى ، كما يسميها الحكماء نظرا لاتصافها بالثبات والمطلقية . ولكن كيف له أن يعتنق المطلق و هو كائن نسبي ؟ فهل في هذه الحالة ، يمكن وضع الحقيقة الثابتة ضمن قائمة الحقائق النسبية نظرا إلى نسبة ارتباطها إلى الواقع البشري و محيطه ؟
1 – ماهي الحقيقة و أصنافها ، و ماهي مقاييسها ؟ :
أ – في مفهوم الحقيقة :
س/ ما الحقيقة ؟
ج / ليس من السهل تعريف الحقيقة تعريفا جامعا مانعا – تام – لاختلاف معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفي آخر ، ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى ، ولكن عموما يمكن القول مايلي :
1 - عند اللغويين تطلق على الماهية أو على الذات ، فحقيقة الشيء أي خالصه ، و كنهه ، و ماهيته ، فقولنا ذهب حقيقي أي خالص ، و تفكير حقيقي : أي خالص من أي لبس أو كما نعرف الإنسان أنه : حيوان ناطق . فالحقيقة هي الماهية أو الذات أو الصفات الثابتة لشيء يقينا . لقول ابن سينا : " فإن لكل أمر هو بما هو " (1)
2 – مطابقة التصور : أو الحكم للواقع ، إذا أخذنا الواقع على أنه عالم الأشياء ، فنقول بأن الحقيقة هي مطابقة التصور لعالم الأشياء . مثلا سبب سقوط الأجسام في الطبيعة مرده إلى الجاذبية لأن العلم أثبت وجود الجاذبية وبالتالي حكمنا يمثل الحقيقة .
3 – لدى المناطقة و الرياضيين :هي الأمر الممكن في العقل أي الذي لا يتخلله تناقض – مطابقة النتائج مع الواقع – حيث يقول ليبتز الفيلسوف الألماني ( 1646 – 1716 ) " متى كانت الحقيقة ضرورية ، أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى نصل إلى الحقائق الأولى "
4 – في نظر بعض الفلاسفة : الكائن الموصوف بالثبات مع قطع النظر عمن سواها و يقابله الإضافي أو الظاهر أو النسبي مثلا اله ، الخير ، حيث يقول الفيلسوف الإسلامي الفارابي "( 260 ه – 339 ه ): "
الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر ، لا نعرف من الأشياء إلا الخواص و اللوازم و الأعراض و لا نعرف الفصول المقومة لكل منها . "
2 - أصناف الحقيقة :
س / ما أصناف الحقيقة ؟
ج /
1 – حقائق مطلقة : و هي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف أو الحكيم و أبعد ما يستطيع بلوغه عن طريق العقل أو الحدس . وهذا ما نجده عند الفيلسوف اليوناني " أفلاطون " ( 429 ق م – 347 ق م ) في كتبه عن عالم المثل – عالم فوقي – حيث الحقائق المطلقة الثابتة التي لا تدرك بالحواس - الإبصار – مثلا نجد الخير المطلق و الجمال المطلق ، ... أما ما هو موجود في عالمنا الحسي فهو إلا أضلالا و أشباح . أما عند تلميذه " أرسطو " ( 384 ق م – 322 ق م ) فتكمن الحقيقة في " المحرك الذي لا يتحرك " و يراد به الإله أو الله الذي هو أصل حركة كل الأشياء ، كائن غير مرئي ، لا يتغير ، لا يتحرك ، تام ، أبدي ، ، السبب النهائي للطبيعة ، القوة الدافعة .
2 – الحقائق النسبية : النسبي لغة هو المتعلق وجوده على غيره وهي فيما يتعلق بالمجال العلمي " حقائق علمية " التي تظهر من خلال القوانين العلمية التي تعبر عن العلاقات الثابتة بين الظواهر لذلك تتميز هذه الحقائق بالنسبية التقريبية الجزئية المؤقتة خاصة مع ظهور النظرية النسبية عند آينشتاين لذلك الحقائق العلمية متوقفة على شروط منها المؤثرات الطبيعية و عوامل الحركة في الزمان والمكان والنظام حيث يقول كلود برنار ( فيلسوف وعالم فيزيولوجي فرنسي ) ( 1813 – 1878 ) : " يجب أن نكون حقيقة مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجه تقريبي كثيرا أو قليلا و أن النظريات التي نمتلكها هي ألعد من أن تمثل حقائق ثابتة "
3 حقائق ذوقية : وهي الشعور الذي يستولي على المتصوف عند بلوغه الحقيقة الربانية المطلقة فهو يستقي علمه من الله رأسا و ذلك عن طريق الحدس و خير من يمثله " أبو حامد الغزالي " ( الفيلسوف الإسلامي ) ( 450 ه – 505 ه ) حيث يقول " النور الذي يقذفه الله في القلب "
4 – حقائق بين المطلق والنسبي : و هي حقائق فلسفية إلا أنها تنهل مصداقيتها من الواقع الاجتماعي و النفسي و التأملي
ملاحظة : ذكر بعضهم أنواع أخرى منها : الحقيقة المادية ، الحقيقة الصورية ، الحقيقة الميتافيزيقية ، ... الخ.
3–مقاييس الحقيقة :
س / ما مقياس الحقيقة ؟
ج / إن مقاييس الحقيقة تابعة عموما لطبيعة هاته الحقيقة ومجالاتها ، و الفلسفة أصحابها ، لذلك يمكن القول بوجود عدة معايير يذكر منها :
1 – مقياس البداهة و الوضوح " الحقيقة المطلقة " ( العقلي ) :
البداهة و الوضوح مصدرهما العقل لأنه هو المعيار الذي يلهم جل المفكرين و الفلاسفة و حتى عامة الناس يقول سبينوزا ( 1632 – 1677 ) الهولندي : " الهولندي هل يمكن أن يكون هنالك شيئا أكثر وضوحا و يقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن تكون معيار الحقيقة ؟ فكما أن النور يكشف عن نفسه و عن الظلمات ، كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب " مما يدل أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه و هو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ، و يتجلى ذلك في البديهيات الرياضية التي تبدو ضرورية وواضحة بذاتها كقولنا " الكل اكبر من الجزء " و " أن الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين " و يقول ديكارت ( 1596 – 1650 ) " لاحظت أنه لا شيء في قولي : أنا أفكر إذن أنا موجود يضمن لي أن أقول الحقيقة ، إلا كوني أرى بكثير من الوضوح أن الوجود واجب التفكير ، فحكمت بأنني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي ، وهي أن الأشياء التي نتصورها بالغ الوضوح و التمييز هي صحيحة كلها " و يضيف قائلا " كل ما يمكن معرفته عن الله يمكن البرهنة عليه بمبررات لسنا بحاجة للبحث عنها ، بعيدا عن أنفسنا ، و التي لا يقوى على توفيرها لنا سوى تفكيرنا " و بالتالي لا مجال للشك في الحقائق المطلقة الواضحة بذاتها .
2 – مقياس النفع " الحقيقة النسبية " :
لقد نظر " بنتام " ( 1748 – 1832 ) فيلسوف إنجليزي من رواد المنفعة في العصر الحديث : " الحقيقة نظرة تجريبية واعتبر أن كل إنسان من طبيعته الميل إلى اللذة وتجنب الألم وبالتالي الخير ما يؤدي إلى المنفعة و بالتالي هو الحق و الشر ما يؤدي إلى المضرة و بالتالي فهو الباطل و بناء على هذا وضع مقياسا لحساب اللذات التي يمكن أن تحقق أكبر قدر من المنفعة من سبع درجات هي اليقين ، الخصوبة ، المدة ، النقاء ، القرب ، الامتداد كما أنه قبل القيام بالعمل لابد من التفكير في المنفعة المنشودة والتأكد بأبعادها حسابيا فنتساءل :
1- هل بكل طريقة حسابية يعطي هذا العمل اللذائذ ؟ " اليقين "
2 – هل هذه اللذة شديدة أم ضعيفة ؟ " الشدة "
3 – هل الخير في الحاضر أم في المستقبل ؟ " الخصوبة "
4 – هل اللذة مستمرة أم قصيرة الأمد ؟ " المدة "
5 – هل اللذة تمتزج بأي ألم أم لا ؟ " النقاء "
6 – هل اللذة قريبة أم بعيدة " القرب "
7 – هل هذا العمل فيه منفعة لي أم منفعة لغيري ؟ " الامتداد "
أما البرغماتية التي هي امتداد للفكر النفعي فإنها ترى أن مقياس الحقيقة الفكر العملي التطبيقي الميداني لا الفكر المجرد البعيد عن الواقع ، لأن العقل أداة للحياة العملية ، كما أن قيمة الفكرة من حيث الصدق أو الكذب ، النفع أو الضرر ، الحقيقية أو المزيفة ترجع إلى ما تحققه من نتائج عملية نافعة ، فالعبرة بالنتائج ، فالصدق صدق لأنه نافع و يقول " وليام جيمس" فيلسوف براغماتي أمريكي ( - ) " إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي ، و أن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة ، و ما هو صالح لأفكارنا و مفيد لنا بأي حال من الأحوال فهو حقيقي " و يضيف أيضا " الحق ليس إلا التفكير الملائم لغايته ، كما أن الصواب ليس إلا الفعل الملائم في مجال السلوك " و كان " بيرس " قد أكد نفس الفكرة عندما قال : " إن تصورنا لموضوع ما ، هو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر ... تدبر الآثار التي يجوز أن يكون لها نتائج فعلية على الموضوع الذي نفكر فيه ، وعندئذ تكون فكرتنا عن هذه الآثار هي كل فكرتنا عن الموضوع " و في موضع آخر يقول وليام جيمس : " أسمي الفكرة الصادقة ، حين نبدأ بتحقيقها تحقيقا تجريبيا ، فإذا ما انتهيت من التحقيق و تأكدت من سلامة الفكرة ، سميتها نافعة فهذه الآثار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو هي مقياس صوابها ... و أن التفكير هو أولا و آخرا و دائما من أجل العمل " ذلك إذا ما تضاربت الأفكار و الآراء على الإنسان أن يرجع إلى التجربة العملية التي تكشف له عن الفكرة إن كانت صادقة أو غير ذلك ويضيف أيضا " والتجربة هي التي تكشف من المنفعة أو عدمها إنها هي محك الصدق ، و الزيف ، مقياس الحق و الباطل ، معيار الخير والشر " ، كما أن الإعتقاد الديني لا يخضع للبيئات العقلية : و التناول التجريبي الوحيد وله هو آثاره في حياة الإنسان و المجتمع إذ يؤدي إلى الكمال ، بما فيه من تنظيم وحيوية . إذن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج و ليست حقيقة في ذاتها ، و إن النتائج والآثار هي الدليل على صدقها أو صوابها .
3 - مقياس الوجود لذاته :
أن الوجود لذاته عند الوجوديين هو الوجود الإنساني الذي يشعر به كل واحد منا في عالمه الداخلي و يحياه بكل جوارحه ومن مميزاته أنه ليس وضعا نهائيا و لا ساكنا و إنما هو تجاوز مستمر لما هو عليه كل واحد منا ، كما أن الوجود لذاته هو أساس الفلسفة الوجودية و مصدر فلسفتهم و يقول في هذا الصدد جون بول سارتر ( 1905 – 1980) : إن الأشجار والأحجار هي مجرد كائنات ، وإن الإنسان في هذا العلم هو وحده الذي يوجد لذاته أي يمتلك وجدانا " أو بتعبير آخر و يقول " لا شيء مهم مثل وجود الإنسان " و يقول ياسبرس ( 1883 – 1969 ) الفيلسوف الألماني : " إن كلمة وجود هي أحد مرادفات كلمة واقع ، بيد أنها قد اتخذت وجها جديدا ، بفضل التوكيد الذي أكده كيركجارد فأصبحت تدل على ما أنا إياه بصورة أساسية ذاتي " و يقول أيضا " إن الواقع قد دخل في تاريخ طويل ابتدأ من بداية غامضة في نتاج كيركجارد" و أن الوجود سابق عن الماهية و معناه أن الوجودي يقوم في بداية الأمر بغير ماهية و أكون عند ولادتي ناقص الصورة لأني الكائن الوحيد الذي يكمن وجوده في حريته على عكس الحال مع سائر الكائنات ، ولكي أحدد ماهيتي وجب أن أختار ، ولكي أختار وجب أن أكون موجود ، لذلك الصواب أن أقول أنا أفكر إذن فأنا كنت موجودا و ليس أفكر إذن أنا موجود ، وما كان قبل وجود الإنسان يعد عدما ، وعليه الشعور أو الحدس هو مصدر المعرفة فإذا كان العقلانيون يقدمون العقل و يضعونه فوق كل اعتبار فإن الوجوديين يضعون الوجود وما يستدعيه من شعور باطني و انفعالي فوق كل حقيقة لأنه قادر على الاستمرار حيثما تنقطع سلسلة الاستدلالات العقلية و المقارنة الفلسفية الخاصة يقو كيركجارد (1855 – 1913 ) الفيلسوف الدانمركي : ( إن مسألة المسائل هي أن أجد حقيقة ...حقيقة و لكن بالنسبة إلي ، أن أجد الفكرة التي من أجلها أيد أن أحيا و أموت " و يضيف أيضا " الحقيقة هي ذات الحياة التي تعبر عنها : هي الحياة في حال الفعل " و يضيف قائلا " إن مؤلفاتي كلها تدور حول نفسي ...حول نفسي وحدها و لاشيء سواها ...إن إنتاجي كله ليس سوى تربيتي لنفسي " أما سارتر فيقول " إن علاقتي بالعالم هي التي صيرته بالنسبة إلي ذا دلالة إذ أنه صار قابلا للمعقولية ، وهو يتكون من ظواهر هي التي تألف الموجودات الحقيقية " وهذا لأن الكائن الإنساني حر حرية مطلقة في تحديد مصيره و قيمه في الوجود دون ضغوطات أو قوالب فكرية جاهزة من البداية حيث يقول سارتر أيضا " إن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا ، وإنما ليس فوق ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا" فكل واحد منا يتمتع بإرادة حرة تسمح له باختيار ما يراه مناسبا له مثلا سارتر فضل الشيوعية و هيدجر فضل النازية ياسبرس فضل الليبرالية دون أن يفرض أحدهم اختياره على الآخر بل يرون أن تفضيل اختيار ما معناه إلغاء بقية الاختيارات الممكنة - إعدامها – كما أن الوجود لذاته فهو وجود يدخل في مقوماته العدم والعدم يكشف عن نفسه في حال القلق ، وهذا الوجود تناقض لأنه نقطة التلاقي بين المتناهي واللامتناهي ، وبين الزمني والسرمدي ، وما يهدد الإنسان هو الموت وكما قيل الإنسان ولد لكي يموت ، مشروع موت ، يسير نحو الموت و هذا الذي يزيد من قلقه و تعدد الوجدانات مصدر النزاعات لأن كل وجدان يمثل حسب وجه نظره مما يؤدي إلى منازعات و يقول سارتر : " إن منذ الآونة التي نشعر فيها بأن إنسانا آخر ينظر إلينا إنما نشعر أيضا بأن الآخر يسلبنا عالمنا على نحو من الأنحاء ، هذا العالم الذي كنا نمتلكه وحدنا حتى هذه اللحظة " و يضيف قائلا " إنني ابتداء من الآونة التي أشعر فيها أن أحدا ينظر إلي ، أشعر أنني سلبت عن طريق نظر الآخر الموجه إلي و إلى العالم ...إن العلاقة بيننا وبين الآخرين هي التي تخلق شقاقنا " لذلك خلص إلى مقولته الشهيرة إن الآخرين هم الجحيم .
مناقشة :
1 – إن أصحاب الحقيقة المطلقة حصروا الوجود في الذات العارفة و ليس البحث في الوجود من حيث هو موجود ، كما جعلوا معيار الصدق و الوضوح معيار ذاتي رغم أننا لا ننكر دور العقل في الحقيقة غير أن الحقيقة ليست دائما صورية و يقينها ليس دائما العقل فللواقع دور في بلوغ الحقيقة - فكر ، وجود – كما أن لميول الإنسان و انفعالاته – عواطف ، تربية ، اتجاهات فكرية – دخل في التأثير على معيار الحقيقة .
2 – إن النفعية على صواب لو اقتصرت على المجال التجريبي و لكن أصحابها أرادوا أن يجعلوها شاملة لجميع أنواع الحقائق الفلسفية و السياسية والدينية مما يؤدي إلى القضاء على الحقيقة لأن الخطأ نفسه قد يؤدي إلى نتائج نافعة و بالتالي فإن النفعية و البرغماتية لا يفرقان بين الخطأ والصواب ما دام في الخطأ منافع بحجة المنفعة و عليه تصبح الحقيقة شخصية ونسبية و محل اختلاف و حتى صراع بين الأفراد لاختلاف منافعهم مما يفقدها قيمتها لكونها بعيدة عن العلم والتأمل الفلسفي وهذا لأننا نحسب لها حسابا عدديا قوامه النتائج
3 – كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون فليس من باب الحكمة التمرد على قيمة الحياة الاجتماعية من أجل التمرد و هجران الفكر المجرد من أجل الغوص في التأمل في الذات الشاعرة و هذا لأن الإنسان اجتماعي فمعيار الوجوديين غير كاف .
مع تحيات الأستاذة عيسى فاطمة
لا تنسونا من صالح دعائكم
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
هاهو الدرس الثاني كما وعدناكم
اليوم ومع نفس الإشكالية دائما " إشكالية فلسفة العلوم " و بالضبط مع فلسفة الرياضيات كما تدرسها بقية الشعب الأخرى ةهي تعتبر أول درس في هذه الإشكالية ما عدا شعبة آداب وفلسفة هي تعتبر الدرس الثاني و هذا للتوضيح فقط
يجب أن تتذكروا أبنائي الطلبة
أن الدروس متتابعة ويجب أن تستفيدوا من الإشكاليات السابقة
و هي المتعلقة بالإشكالية الخاصة بالفكر ما بين المبدأ والواقع
خاصة إذا تعلق الأمر بشعب ( علوم تجريبية ، رياضيات ، شعبة اللغات الأجنبية ) أما شعبة آداب فهم قد أخذوا هذا الدرس في سنة ثانية
وسنقوم بمسآلتكم من جديد فعليكم فقط أن تجيبوا على أسئلتنا بشكل متتابع وإنطلاقا من إجابتكم ستصلون إلى الشيء الذي نطلبه منكم ومن الدرس الذي سنعرضه عليكم
فهلموا بنا لنركب قطار المعرفة
أولا :
ماهو موضوع المنطق الصوري ؟ وما هو منهجه ؟
ما هو موضوع المنطق المادي وما هو منهجه ؟
وبعد برهة من التفكير
موضوع المنطق الصوري هو التفكير ومنهجه هو الاستنناج أو الاستدلال الصوري أو القياس الحملي أو الشرطي الغير مباشر
أما موضوع المنطق المادي هو الواقع بظواهره الطبيعية و الإنسانية ، أما منهجه فهو الاستقراء أو المنهج التجريبي
ثانيا :
وبعد هذا الاطلاع على المعرفة المنطقية نسألكم سؤال ثالث هناك معرفة منذ صغرنا نحن نعيش بها ونتعامل بها في حياتنا بل بدأن العلم بها منذ نعومة أضافرنا أكيد عرفتوموها هي الرياضيات ، الحساب الهندسة الجبر ، المستقيم ، الدائرة ، النهايات الدوال ، الأعداد المركبة هي كلها مفاهيم نعرفها درسناها وما زلنا ندرسها ولكن لم نسأل في حياتنا متى بدأت هذا النوع من المعرفة ؟
كما يمكننا أن نسألكم سؤال مهم وهو ما هو موضوع الرياضيات ؟ وما هو منهجها ؟
أكيد كل هذا النوع من الإجابات سوف تجدونها في الدرس الموالي
فهلمونا بنا ندخل عالم الرياضيات
أستاذة المادة : عيسى
المستوى : سنة ثالثة ثانوي ( آداب و فلسفة ) ، شعبتا ( العلوم التجريبية ، الرياضيات ) ، شعبتا ( تسيير و اقتصاد ، تقني رياضي )
المجال التعليمي : إشكالية " في فلسفة العلوم "
الوحدة التعليمية : مشكلة2" الرياضيات و المطلقية "
مقدمة وطرح المشكلة: إذا كان لكل شيء أصل ، ولكل علم مصدر ، فما أصل الرياضيات – هذه الصناعة المجردة - وما مصدر مفاهيمها ، فهل ترتد كلها إلى مدركاتنا الحسية ، و إلى ما انطبع في أذهاننا من صور ، استخلصناها من العالم الخارجي ؟ أم تعود في حقيقتها إلى العقل الصرف ؟ و إذا كان نفوذها المثبت في مجالي التفكير المنطقي و التفكير العلمي ، يعود إلى دقة منهاجها و نتائجها ، فهل يمكن القول بأن الرياضيات تحافظ في كل الأحوال ، على حصانتها و عصمتها ؟ أليس من حق الفيلسوف أن يطرح ، إلى مدى يمكن أن تصل هذه الصناعة في الدفاع عن صرامتها و صحتها ؟
س / ما المقصود بالرياضيات ؟
ج / تعرف الرياضيات بأنها علم المقادير أي : العلم الذي يدرس الكم في الأشياء و في الكون و لا تبحث الرياضيات في هذه الموضوعات من حيث هي معطيات حسية بل تبحث فيها على أنها رموز مجردة مجالها التصور العقلي المحض لأنها إنشاءات عقلية لها علاقاتها المجردة التي تربط بينها . وكانت الرياضيات القديمة تنظر إلى هذا الكم على أنه على أنه نوعان :
1 – كم متصل : Quantité Continuهو ذلك المفهوم الذي يزيد أو ينقص دون أن تتخلله فجوة أو يحدث فيه انقطاع ؛ وهو موضوع الهندسة التي تدرس المكان و الزمان و الحركة فمثلا الخط المستقيم هو امتداد موصل بين أجزائه اللامتناهية و إلا لما كان خطا مستقيما ، بل كل المواضيع التي تتعلق بالدراسات الخاصة بمختلف الأشكال الهندسية كالمربع و المستطيل و المثلث ، ...، فإن لها علاقة بالمكان - فهذا المكان هو مكان مستمر " Continu" نستطيع أن ننتقل فيه كيفا شئنا دون فجوات فيه ، ثم أن أجزاءه متشابهة "Homogène" و لا كيف محدد لها كما أنه لا ينتهي .و هذا النوع من الكم هو كم عقلي مشخص لكنه مرتبط بالتصور المكاني ( يوافق النظرة الكلاسيكية لموضوع الرياضيات ) .
2 – كم منفصل : Quantité Discontinu هو ذلك المفهوم الذي لا توجد بين وحداته فجوات لا يمكن ملؤها إلا بقفزات تجاوزية ، فالعدد ( 1 ) لا يمكن العدد أن يصل إلى العدد ( 2 ) إلا بزيادة ( 1 ) عليه ، وكما أيضا العدد ( 1 ) يمكن أن يصبح 1,999 دون أن يبلغ ( 2 ) ؛ و لدلك فإننا نضطر إلى أن نقفز فوق الفاصلة لكي نصل إلى العدد الجديد (2) ؛ لأن الكسور 0,999 يمكن أن تستمر إلى مالا نهاية ، و منه فالأعداد هي وحدات مرصوفة إلى جانب بعضها متمتعة بالاستقلال التام . ولما كان موضوع الكم المنفصل هو الحساب Arithmétique و الجبر Algèbre و توابعهما كدراسة الأعداد ، فإن لها علاقة بالزمان الرياضي لا النفسي باعتباره المجال المناسب لعدد والحساب ، حيث يقابل الانتقال من وحدة حسابية إلى أخرى ، و يدعى هذا النوع من الكم كما عقليا مجردا ، أي له معنى خاص قائم في أذهاننا مستقل عن أي معدود .
س / ما المقصود بالتفكير الرياضي ؟
ج / ذلك النشاط الذهني الذي يقوم به الباحث الرياضي ، هادفا ورائه الوصول إلى الحقيقة الرياضية برهنة كانت أو نظرية أو مبدأ ، فالتصور الرياضي إنشائي بحت ، نظري ، مجرد .
1 _ أصل المفاهيم الرياضية :
السؤال المشكل: إذا كان العقليون يرجعون المفاهيم الرياضية إلى العقل و التجريبيون إلى التجربة . فكيف يمكن تهذيب هذا التناقض ؟
المقدمة و طرح المشكلة : لقد أولع الإنسان منذ الزمن الغابر على طلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ فانقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ، نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ، ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر؟ فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ أي الفريقين على صواب ؟
محاولة حل المشكلة :
1 – الأطروحة : إن المفاهيم الرياضية ، فيما يرى الموقف العقلي أو المثالي ، نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :
أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي و يقول في هذا الصدد " الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز "
ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله و ما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . و ديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظرتيه المعرفية مؤسسا لمذهب العقلي .
ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان
النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لايمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية و إلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .
2 - نقيض الأطروحة :إن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون و التجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار و المبادئ ، و أن كل معرفة عقلية هي صدى لإدركاتنا الحسية عن هذا الواقع و على هذا الأساس ، تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، و أنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء و ليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات و التجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " و أدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي :
أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون و الأصم لا يعرف ما الصوت . أما ميل يرى أن المعاني الرياضية كانت " مجرد نسخ " جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية حيث يقول : " إن النقاط و الخطوط و الدوائر التي عرفها في التجربة ". و لهذا ، فإن الرياضيات تعتبر عند ميل و غيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة
ب : توجد شواهد أخرى تؤيد موقف التجربين منها أصحاب علم النفس و أصحاب علم التاريخ . فالطفل في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء و أن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، و أكثر من ذلك فلقد استعان عبر التاريخ عن العد بالحصى و بالعيدان و بأصابع اليدين و الرجلين و غيرهما و هذا ما يدل على النشأة الحسية و التجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال و البدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي و كأنها صفة ملابسة للشيء المدرك . و أكد الدارسين لتاريخ العلم أن الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم و تقدير مساحات الحقول و الحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع و الطرح و القسمة و الضرب و هذا ما نجده عند الفراعنة و البابليين .
النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية محسوسة و تجريبية فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات العقلية التجريدية و إلا كيف يمكننا أن نفسر المطلقية في الرياضيات " الرياضيات تكون صحيحة متى ابتعدت عن الواقع " و تأثيرها على جميع العلوم إلى درجة أصبحت معيار كل العلوم .
3 – التركيب : المفاهيم الرياضية وليدة العقل و التجربة معا
نجد أن المهذبين المتعارضين في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية قد فصلوا تماما بين العقل و التجربة ، رغم أن تاريخ الرياضيات يبين لنا أن المعاني الرياضية لا يمكن اعتبارها أشياء محسوسة كلها ، و لا مفاهيم معقولة خالصة ، بل يمكن أن يتكاملا معا لتفسر نشأة المعاني الرياضية ، لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت و أصبحت مفاهيم استنتاجية مجردة ، بل تعبر عن أعلى مراتب التجريد ، باستعمال الصفر ، الأعداد الخيالية ، و المركبة ، و المنحنيات التي لا مماس لها ...لهذا قال " بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد " .
حل المشكلة : و عليه يمكن القول : إن الرياضيات هي عالم العقل و التجريد ، و ليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المعاني الرياضية ، و في الكشف عن العلاقات ، و توظيفاتها ، و هي حرية لا يحدها سوى أمر واحد هو الوقوع في التناقض . و هذا ما يؤدي إلى الخطأ أو فساد النسق الاستدلالي .
وتلاحظون أننا نستخدم درس في شكل مقال جدلي أنظروا بتمعن واستفيدوا
وهي مقالة كان قد سئل عنها في امتحان البكالوريا جوان 2009 شعبتا العلوم التجريبية والرياضيات وقد كان السؤال على الشكل التالي : هل يمكن إرجاع المفاهيم الرياضية إلى التجربة الحسية ؟
وهي تحل بشكل جدلي وهي تشبه مقالاتنا الموجودة داخل الدرس
وكما يمكننا أن نستفيد من معلوماتها ونصنع بها مقالة استقصاء بالوضع أو بالرفع
وهاكم هاته المقالة التي كنا قد نشرناها في منتدانا من قبل
وهي تتحدث في نفس السياق عن أصل المفاهيم الرياضية وهي تتحدث عن إبطال الأطروحة يعني تحل بالرفع
المقالة بين أيديكم
أستاذة المادة : عيسى فاطمة
الفئة المستهدفة : سنة ثالثة ثانوي كل الشعب
الطريقة : « مقالة الاستقصاء بالرفع حول مشكلة فلسفة الرياضيات »
كيف تبطل الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل "؟
طرح المشكلة :
إذا كان الإنسان يتفوق على بقية الكائنات بالعقل ، وبواسطته يستطيع التفكير ، وهذا الأخير ، هو أنواع ، تفكير فلسفي و تفكير علمي وتفكير رياضي وموضوعه الرياضيات وهي مجموعة من المفاهيم العقلية المجردة ، وبالتالي فهي تدرس المقادير الكمية القابلة للقياس ، ومنهجها استنتاجي عقلي لأن الرياضي ينتقل من مبادئ عامة كالبديهيات ثم يستنتج نظريات خاصة تكون صحيحة ، إذا لم تتعارض مع تلك المقدمات ، ولقد شاع لدى الفلاسفة أن أصل المفاهيم الرياضية عقلي وبالتالي فهي فطرية يولد الإنسان وهو مزود بها ، إلا أن هذه الأطروحة فيها كثير من المبالغة والخطأ ، وهذا النقص حاول أن يظهره خصومهم من الفلاسفة الذين أرجعوا أصلها للتجربة وبالتالي فهي مركزية وهذا الذي يدفعنا إلى الشك في صدق أطروحة " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل "فكيف يمكن أن رفض هذه الأطروحة ؟ أو بعبارة أخرى إلى أي حد يمكن تفنيد الرأي القائل بأن نشأة الرياضيات كانت عقلية ؟
محاولة حل المشكلة :
1 - عرض منطق الأطروحة : إن المنطق هذه الأطروحة يدور حول نشأة الرياضيات ، حيث يرى بعض الفلاسفة وخاصة أفلاطون و ديكارت بأن المعاني الرياضية أصلها عقلي أي نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا بعيدة عن كل تجربة حسية ، وقد اعتمدوا على مسلمات أهمها :
- لا يمكن أن تكون التجربة هي مصدر الرياضيات أي أنهم نفوا بأن تكون المعاني الرياضية مكتسبة عن طريق الملاحظة الحسية . لكن هؤلاء الفلاسفة لم يكتفوا بهذه المسلمات بل دعموها بحجج وأدلة أهمها :
فالحجة الأولى تتمثل في أنهم أكدوا بأن هناك اختلاف في المفاهيم الرياضية كالمكان الهندسي ، و اللانهايات ، والدوال والكسور و الأعداد ... والطبيعة التي لا تحتوي على هذه الموضوعات الرياضية المجردة ، مثال ذلك فالنقطة الهندسية التي لا تحتوي على ارتفاع ولا على طول ولا على عرض فهي تختلف عن النقطة الحسية التي تشغل حيزا ونفس الشيء بالنسبة للمفاهيم الأخرى. أما الحجة الثانية فقد أكدها الفيلسوف اليوناني أفلاطون حيث يعتقد بأن المعاني الرياضية مصدرها العقل الذي كان يحي في عالم المثل ، وكان على علم بكافة الحقائق بما فيها المعاني الرياضية كالخطوط و الأشكال و الأعداد ، حيث تتصف بأنها واحدة و ثابتة ، وما على الإنسان في هذا العالم الحسي إلا بتذكرها ويدركها العقل بوحده . و نأتي على الحجة الأخيرة التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي أن المفاهيم الرياضية من أعداد وأشكال هي أفكار فطرية و تتصف بالبداهة و اليقين ، فمفهوم اللانهاية لا يمكن أن يكون مكتسبا من التجربة الحسية لأن التجربة متناهية .
2 - نقد أنصار الأطروحة :
إن هذه الأطروحة لها مناصرين وهم أصحاب المذهب العقلاني و المذهب المثالي عموما وخاصة كانط الذين فسروا الرياضيات تفسيرا عقليا و هذا بإرجاعها إلى المبادئ العقلية التي يولد الإنسان و هو مزود بها حيث يعتقد كانط بأن الزمان و المكان و هما مفهومان رياضيان ، وبالتالي صورتان قبليتان فطريتان ، والدليل على ذلك أن المكان التجريبي له سمك ومحدود ، بينما المكان الرياضي مستوي و غير متناهي .... لكن موقف هؤلاء المناصرين تعرض لعدة انتقادات نظرا لأنه ينطوي على نقائص أهمها :
- لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية كما يدعي هؤلاء الفلاسفة لوجدناها عند الطفل الصغير بطابعها المجرد ، لكن الواقع يؤكد أن الطفل لا يفهم المعاني الرياضية إلا إذا استعان بأشياء محسوسة كالأصابع و الخشيبات ...كما انه لو كانت هذه المفاهيم فطرية في عقل الإنسان ، فلماذا لا يأتي بها دفعة واحدة ؟ مع العلم أن هذه المعاني تتطور الرياضيات عبر العصور التاريخية وهذا بظهور ما يعرف بالهندسة اللاإقليدية المعاصرة التي تختلف عن الهندسة الكلاسيكية الإقليدية و هذا يدل على أن العقل لا يعتبر المصدر الوحيد لها .
3 - ابطال الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا :
إن هذه الانتقادات الموجهة لأنصار الأطروحة هي التي تدفعنا إلى البحث عن حجج و أدلة أخرى للإكثار من إبطالها ودحضها .
إن أنصار النظرية العقلية المثالية قد تطرفوا و بالغوا في تفسيرهم لنشأة الرياضيات بتركيزهم على العقل وحده ، بينما هو عاجز عن إدراك هذه المعاني الرياضية أحيانا ، و أهملوا دور الملاحظة الحسية التي تساهم بدورها في وجود هذه المفاهيم ،، وهذا ما أكده أنصار النظرية التجريبية و المذهب التجريبي عموما و خاصة جون ستيوارت مل الذين يعتقدون بأن الرياضيات مكتسبة عن طريق تجربة الحسية بدليل الاستقراء التاريخي يؤكد بأن تجربة مسح الأراضي كما مارسها قدماء المصريين قد ساعدت على نشوء ما يعرف بالهندسة . كما أن الواقع يؤكد بأن الطبيعة تنطوي على أشكال هندسية بدليل قرص الشمس يوحي لنا بالدائرة ، والجبل بالمثلث لهذا يقول مل " إن النقط والخطوط و الدوائر الموجودة في أذهاننا هي مجرد نسخ للنقط و الخطوط و الدوائر التي نراها في تجربتنا الحسية ... "
حل المشكلة :
إذن نستنتج بأن الأطروحة : " إن المفاهيم الرياضية فطرية و بالتالي مصدرها العقل " ، باطلة و بالتالي لا يمكن الأخذ برأي مناصريها لأن الواقع و التاريخ يؤكدان بأن المفاهيم الرياضية نشأت نشأة تجريبية ثم تطورت فيما بعد إلى مفاهيم عقلية مجردة ، لهذا فهذه الأطروحة فاسدة بحجج كافية .
تمرين : " إن المفاهيم الرياضية أصلها تجريبي و بالتالي فهي مكتسبة " دافع عن هذه الأطروحة ؟
غدا بإذن الله سوف نكمل بقية الدرس مع تطبيقاته من المقالات و نصوص
نرجو أن تكونوا قد استفدتم بالمراجعة معنا
مع تحيات الاستاذة عيسى فاطمة
لا تنسونا من صالح دعائكم
=========
>>>> الرد الثاني :
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
بارك الله فيك اختي فاطمة على الدرس
=========
>>>> الرد الخامس :
الأستاذة : أعزائي الطلبة ها نحن من جديد نلتقيكم و نكمل معكم سلسلة الدروس المتتابعة
من يذكرنا أين توقفنا ؟
أنا أستاذة أستاذة أستاذة ...
التلميذة : توقفنا في مشكلة فلسفة الرياضيات
الأستاذة : جيد
الأستاذة : في أي إشكالية نحن ؟
التلميذ : ما زلنا في إشكالية فلسفة العلوم
الأستاذة : رائع
شكرا لكم تلامذتنا الأعزاء
الاستاذة : كنت قد أعطيتكم تمرينا في شكل مقال فلسفي هل طبقتموه ؟
الاستاذة تجتازوا بين الصفوف وترى محاولات التلاميذ تراقبوا المقدمات أكثر وتعلن عن بدأ العمل الجماعي في إنجاز المقال الفلسفي
الأستاذة : أول شيء سنعيد كتابة السؤال على السبورة
نص السؤال : " إن المفاهيم الرياضية أصلها تجريبي و بالتالي فهي مكتسبة " دافع عن هذه الأطروحة ؟
1 - مرحلة فهم السؤال :
أ - التحليل الاصطلاحي :
الرياضيات : هي مجموعة من المفاهيم العقلية المجردة ، أو المقادير الكية القابلة للقياس .
أصلها تجريبي : مصدرها الواقع الحسي ، أو الملاحظة الحسية .
دافع : الدفاع ، الاثبات ، التأكد و بالتالي الوضع
ب - التحليل المنطقي :
السؤال عبارة عن أطروحة وهي : " الرياضيات متسبة لأن مصدرها التجربة " و المطلوب من : الدفاع عن هذه الأطروحة .
المشكلة : كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة بحجج
ج - عناصر طريقة الاستقصاء بالوضع :
1 - طرح المشكلة : الدفاع عن رأي يبدو غير سليم
2 - محاولة حل المشكلة :
1 - عرض منطق الأطروحة ( الموقف كفكرة ، المسلمات ، الحجج )
2 - نقد خصوم الأطروحة. أولا : نذكر موقف الخصوم . وثانيا : ثم نذكر كل النتقادات الموجهة للخصوم
3 - الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا
3 حل المشكلة : التأكيد على مشروعية الدفاع : التأكيد على مشروعية الدفاع
سوف أعطيكم برهة للتفكير ولتصميم المقدمة وسوف أعطيكم بقية الحل النموذجي فيما بعد
أنتظر في حلولكم
مع تحيات الأستاذة عيسى فاطمة
يتبع
=========
روعة أيتها الاستاذة الزميلة ، وليس غريبا ، متميزة دائما انت بقدرتك على الابداع
أخي khelifa8 شكرا لكم وبارك الله فيكم ، ,انتم أيضا متميز بقلمك الرائع ، نحن نفتقره كثيرا
الاستاذة عيسى فاطمة
بارك الله فيك
رائع استاذة موضوعك في القمة تشكرين عليه
وربي يخليك ليناااااااااااااااااا
السلام عليكم
شكرا استاذة على الطرح الجيد للمواضيع ....وبارك الله فيك وجعلك قرة اعيننا.
شكراااااااا جزييييييييلا استاذة
دروس وتطبيقات مفعمة بالحيوية والنشاط ينجذب إايها حتى التلميذ الكسول شكرا على المجهود يا أستاذة
hna scianeces w drna mochkilat lhakika lfalssafiya w lhakika l3ilmiya!!!!!!!!!!!!!!!!!
ارجوك استاذتي اريد درس المنطق
من فضلك
و بارك الله فيك