السلام عليكم أستاذة أتمنى أن تنال اعجابك مقالتي لانني ان لم أضعها لكي تصححيها لكنت الآن في مستشفى المجانين اليك مقالتي :
اذا كنا نسبب الصورة المستدعاة الى الماضي حينا ونسميها تذكرا وتارة اخرى نسببها الى الخيال فاننا نميز ما بين الذاكرة والتخيل فالذاكرة هي القدرة العقلية التي نستخدمها في استرجاع احداث ماضية وهذه الاحداث تعد كجزء من ماضينا وخبراتنا الشخصية.بينما التخيل هو استرجاع الصور الذهنية دون تحديد زمانها ومكانها.وهو ينقسم الى تخيل تمثيلي وآخر مبدع اي ابداعي فاذا كان الاول هو استرجاع صور بعد غياب الاشياء التي احدثتها فهو يتعلق بمجرد عودة الصور النفسية الى ساحة الشعور دون التعرف عليها .بينما النوع الثاني والذي يكون موضوع حديثنا هو القدرة على انشاء او تركيب صور ذات دلالات ووظائف جديدة فهو ينزع الى التحرر من الواقع والافلات من سيطرة الزمان ولهذا انقسم الفلاسفة الى زمرتين الزمرة الاولى تزعم بأن الابداع يعود الى عوامل نفسية أما الومرة الثانية فهي الاخرى تعتقد ان الابداع هو تجميع لعوامل اجتماعية خالصة ولهذا نتساءل هل اساس الابداع العوامل النفسية ام الاجتماعية
يرى انصار النزعة النفسية أمثال برغسون أن الابداع يرد الى عوامل نفسية بحتة ومحضة لان المبدع يجب ان تتوفر فيه عدة خصال لكي يحدث الابداع مثل حدة الذكاء ودقة الملاحظة والتركيز ولا يمكن حصوله أبدا الا في جو حماسي وفي هذا السياق يقول برغسون:**لايحدث الابداع الا في جو حماسي وفياض** وقد يكون اللاشعور سببا في خلق هذه الملكة ومثال هذا العالم الرياضي بوانكريه الذي كان يفكر في حل ثلاثة معادلات استغرق فيها الكثير من الوقت ولكن عندما قرر ان يخرج في نزهة أتته الحلول الثلاثة دفعة واحدة وفي هذا السياق قول برغسون ***اللاشعور قوة خلاقة** ومثال هذا ايضا احد العلماء الفيزيائي الذي رقص فرحا لاكتشافه البوتاسيوم.
فالفرد هو من يصنع الابداع وليس الجماعة فانفعاله وتأثره وحبه للاطلاع واستكشاف كل ماهو جديد يجعله يخلق مالا يوجد على ارض الواقع ولهذا يقول برغسون**الانفعال خميرة الابداع***
وعلى الرغم من هذه الادلة و البراهين الا ان هذا الاتجاه سعى الى تمجيد الفرد ونسي انه يترعرع في مجتمع له قوانين والتزامات فمهما كان الابداع نفسيا فانه يحصل لو بقليل على نصيب اجتماعي لهذا قال ريبو:***الابداع مهما كان نفسيا ولكنه يحتوي على نصيب اجتماعي*** ومافائدة هذه العوامل النفسية ان لم يكن لهذا المبدع أدوات يستعملها ومجتمع يوفر له الدعم المادي والمعنوي فالابداع يجب ان يكون ضمن حيز المجتمع وهو الاطار الوحيد الذي يخرج الفرد من حيز التخلف الى حيز التقدم.
وهناك رأي اخر يناقض هذه الاطروحة وهم أنصار النزعة الاجتماعية الذين يرون بأن الابداع لا يفسر الا في اطار اجتماعي لايمكن له ان يكون فرديا لان المجتمع هو من يوفر للمبدع كل الظروف التي تسمح له بالابداع فالمجتمع يوفر أدوات الابداع ومادته ويشجع على ظهوره وقد يعمل عكس ذلك بقمع المبدعين وهذا مايراه ذوركايم وبين مهما تعددت مجالتها فبالاحرى تتحكم فيها عوامل اجتماعية لان الابداع من جهة اخرى يتوقف على حاجات المجتمع ولهذا كان قول ريبو مهما كان الابداع فرديا فانه يحتوي على نصيب اجتماعي
ان الابداع تراث اجتماعي تتناقله الاجيال وان الفرد من صنع المجتمع فالمبدع لايقوم بالابداع لاجل نفسه بل لحل مشاكل مجتمعه ولهذا قول دوركايم *** ان أفعالنا وأقوالنا هي استجابة لأوامر ونواهي المجتمع***
وعلى الرغم من هذه الحجج لكن الابداع لايمكن حصوله بعامل واحد .صحيح ان المجتمع يلعب دورا كبيرا في تحفيز المبدعين أو ذوي المواهب الخارقة فهناك مجتمعات تعتبره بدعة ومثال هذا العالم غاليلي لبذي اكتشف دوران الارض فلم يعترف مجتمعه بما جاء به واعتبره خرافة لا اساس لها من الصحة فقد كان الاعتقاد السائد لديهم ان الارض فوق قرن فقامو بقتله.
واكبر دليل على ان المجتمع لايعتبرالعامل الوحيد الفعال لهذه الظاهرة هو اعدام الفيلسوف اليوناني أرسطو وبماذا نفسر هجرة الادمغة الى العالم المتقدم أليس من اجل ان تتوفر لهم الظروف المناسبة لابداعهم فالعلم المتخلف أفراد مجتمعه غير قادرون على توفير جميع الامكانيات التي تحفز المبدع على المبادرة والاجتهاد على عكس الشعوب المتقدمة .
وما يمكن ان نستخلصه بدراستنا لهذين الموقفين أاأاأاااااااااأن الابداع ليس بمعطى اجتماعي بحت ولا نفسي محض بل هو يتأسس على كليهما لان المبدع ان لم يتوفر على شروط ذاتية كالعواطف الجياشة والرغبة في تقديم معطيات لم توضع على ارض الواقع ايضا حدة الذكاء وقوة الملاحظة التى يجب ان يتحلى بها ولا تكتمل هذه العوامل الذاتية فهي تبقى ضيقة تدور في حلقة مفرغة لا تؤدي بنتيجة فعالة واجابية الا اذا اقترن بها الاطار الاجتماعي الذي يعتبر القالب الذي يتكون فيه الابداع لهذا قال احد المفكرين :لا يوجد فرد يستطيع الاختراع الا اذا كان ينتمي الى جماعة .
ولكي نخرج بحوصلة في الاخير فالابداع ظاهرة معقدة تعود في اصلها الى معطيين متداخلين كل منهما يكمل الاخر فالمبدع ليس باستطاعته الابداع دون ان يكون جامعا بين الشروط النفسية وبين الشروط الاجتماعية التي تعتبر الحيز الذي يتكفل بنشاطه ويقوم بتدعيمه وتحفيزه على القيام بمجهودات جبارة فهذه الملكة العقلية هي قوة خلاقة لا يمكن للعالم ان يستغني عنها فبدونها نعود الى المجتمع البدائي.