عنوان الموضوع : العلوم الانسانية باك ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

نظرة خاطئة للعلوم الانسانية
في سياق سلسلة الدروس المقررة على طلبة النهائي قسم العلوم التجريبية ، وصل بي السير الى درس فلسفة العلوم الانسانية ن فبعد التعريف بهذه العلوم و الموضوع الذي تتناوله بالبحث سألت الطلبة عن قيمة هذه العلوم و منزلتها و مكانتها اذا ما قيست بالرياضيات و العلوم التجريبية ، بل اني اذكر اني وضعت مقابلة بين كوكبة من العلوم الانسانية و كوكبة من علوم المادة و علم الرياضيات .فأخذت استمع لإجابات الطلبة فكانت مجمعة على انه لا فائدة من العلوم الانسانية و لا قيمة لها ، و انها تأتي في درجة دنيا ومن ثمّ فانها لا تلقي اي اقبال و لا اهتمام في نفوسهم .
هنا عدت بالذاكرة الى حوالي ثلاثة عقود خلت لاسترجع ما كنت قد قرأته في كتاب الانسان ذلك المجهول للدكتور الكسيس كاريل - و قد قضى هذا الباحث الشطر الاكبر من حياته في المخبر يدرس الكائنات الحية و الشطر الباقي في العالم الفسيح يراقب بني الانسان و يحاول فهمهم - و انتهى من جهده العلي كله الى ان الناس يملكون الآن اكداسا من المعلومات و انه لو شاء ان يكتب رسالة عن الانسان لاستغرقت منه عشرات المجلدات الضخمة ؛ و لكنه حاول ايجاز هذه المعلومات منها الى ضرورة تحول اهتمام البشرية من لألآت و علم الجماد الى جسم الانسان و روحه ، الى العمليات العقلية و العضوية التي ابتدعت الألآت و دنيا نيوتن و انشتين .
يقول الدكتور الكسيس كاريل : ات الغرض من معرفة الانسان ليس ارضاء فضوليا ، بل إعادة بناء انفسنا و ما يحيط بنا ، و لذا فان علم الانسان سيكون مهمة المستقبل .
ان طالب الثانوي قسم الرياضيات و قسم العلوم التجريبية ارتسم في ذهنه ان العلوم الجديرة بالاهتمام و الاحتهاد و صرف الوقت لا تتعدى هذه المواد الثلاث : الرياضيات ن الفيزياء و العلوم الطبيعية ( البيولوجيا) . اما العلوم الانسانية فهي محل ازدراء لأنها لا فائدة منها و ل قيمة لها فهي تأتي في ذبل قائمة العلوم . هكذا هي الصورة المرسومة في عقول طلابنا .
بعد الاستماع لهذا الرأي – الذي اعتبره خاطئا و لا اشك في خطئه –اخذت في محاورة الطلبة محاولا تصحيح ما علق في نفوسهم من سوء فهم و تقدير للعلوم الانسانية .
بدأت الحوار انطلاقا مما هم فيه من موضة الألبسة و تسريحات الشعرو تصفيفه و ما رسمته اناملهم من صور و رموز و كلمات على الطاولات ، وما احدثنه اقلامهم من عبارات على الجدران وما حملته محافظهم من صور الاعبين و المغنيين .. بل تعمدت ان يقرأ بعضهم ما هو مكتوب و مرسوم لننتهي في الأخير ان هذه الأفعال ( السلوكات ) لا صلة لها بالعلوم التجريبية و لا بالرياضيات . فلا هي رياضيات و لا فيزياء و لا كيمياءو لا بيولوجيا او جيولوجيا و لا هي تكنولوجيا انها لا تحمل اي توجه علمي على الاطلاق . فاين يمكن تصنيف هذه السلوكات اذن ؟ اجاب احد الطلبة ان هذه الأفعال ما هي الا تقليد للغير و قال اخر ان هذا يعتبر غزوا ثقافيا و قال ثالث ان ذلك غزو فكري .
اذا كنا قد استيقنا هذه الخطوة – التقليد للغير ، الغزو الثقافي ، الغزو الفكري – فإن السؤال الذي يطرح بإلحاح هل يواجه هذا السلوك بالتوسع في الرياضيات و علوم المادة ام يواجه بالدراسات المرتبطة بالانسان : الدين ، الفلسفة ، الأخلاق ، النفس ، الاجتماع ، الاقتصاد ، السياسة ، التاريخ ، الجمال ، اللغة ، الأدب ، الفن .. من خلال هذه الدراسات الجادة و المعمقة في دراسة الانسان يتم انشاء السلوك المتزن و المحافظة عليه ، و الشخصية السوية الفاعلة البانية لمستقبلها .
انهيت الحوار مع هذه الثلة من الطلبة الى ان الغرب الذي ننظر اليه على انه قوة و تقدم في كافة الميادين اعطى للعلوم الانسانية مكانة ارقى و اطلق عليها بالعلوم الاستراتيجية او العلوم المستقبلية .
كانت تلك اذن فكرة خاظئة استولت على عقول طلبتنا ، و كان ذلك محاولة لتصحيح ما لابد منه قصدت من ورائه اعادة التوازن لهذا العقل الذي يفرق العلوم بعضها عن بعض او يجعل علوما معينة في اعلى السلم و علوما اخرى في ادناه او لا وجود لها اصلا في نفسه ، و تلك جناية كبرى في حق المعرفة الانسانية ، و اية جناية ان يفقد الانسان توازن السير في الحياة . و قد لا اكون مخطئا اذا اعتبرت كتاب " الانسان ذلك المجهول " هو محاولة من الدكتور الكسيس كاريل لتنبيه الباحثين في حقل المعرفة الى احداث التوازن في ميدان البحث العلمي و لم لايكون محاولة اشد بعدا لاحداث التوازن داخل الكيان الانساني ذاته .
محمد السعيد بلعيد
تعليق الأستاذة الحترمة شراديد - استاذة الأدب العربي – على المقال.
الموضوع بالفعل جدير بالاهتمام و يحتاج الى وقفة جادة .
نحي الاستاذ المحترم و نشكره غلى هذه الالتفاتة الواعية بخطورة الامر و انعكاساته السلبية على مستقبل ابنائنا .
فالانسان جسد و روح و لكل منهما غذاء فمثلما يحتاج الجسد الى ما يجعله صلبا قويا شديدا و صلبا تحتاج الروح الى ما يرفعها و يهذبها و ينمبها .
حبذا التركيز على ارتباط النجاح العلمي بالنجاح الاخلاقي و الاجتماعي
العلوم الانسانية هي علوم هدفها تنمية الذوق و الجمال و الادراك المتزن لدى التلميذ
الانسانية في بعض مفاهيمها تعني الحياة اي علم الحياة (و الانسان هو اساس الحياة ) بل هو الباني لها .
قد يكون سبب عزوف التلاميذعن هذه المواد هو نوعية البرامج و المقررات و الموضوعات و النصوص المختارة التي لا تلبي في الكثير منها حاجة النفس و لا تتماشى في بعض الاحيان مع واقع التلميذ و ظروفه و اهتماماته .
قد بكون السبب عدم وجود الاستاذ الذي يستطيع ان يستثير الرغبة عند التلميذ ، او لا يتمكن من ان غرس يغرس في الطالب حب هذه المواد و الارتباط بها .
قد يكون السبب حالة الجفاء التي يعاني منها المجتمع ، لان هذا النوع من المواد يحناج الى الاحساس و الادراك الروحي ، يحتاج الى المشاعر و العواطف النبيلة الراقية .
فما وصل اليه الاستاذ من اراء التلاميذ هو نتيجة طبيعية لعوامل كثيرة اوجدت هذا الرأي و هذا التفكير عند ابنائنا و بناتنا و انعكست على سلوكاتهم و نمط خياتهم و تفكيرهم .
محمد السعيد بلعيد


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========