عنوان الموضوع : الجزائر، مصر واقتصاد المستقبل اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف يمكن في هذه المرحلة بالذات، بناء علاقات جزائرية جديدة مع مصر؟ سؤال لاشك عندي أن "الاستراتيجيين" الجزائريين يدرسونه الآن بعمق وعقلانية، ذلك أن المصلحة البراجماتية للدولتين تطرح هذا السؤال بقوة وتطلب إجابة واضحة عنه.

وذلك لأن:

1- الجزائر ومصر دولتان إفريقيتان كبيرتان مؤثرتان سياسيا وثقافيا واقتصاديا في القارة، وينسحب هذا التأثير والتأثر على منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

2- صمد الشعبان في وجه المحاولات المتكررة في التاريخ، وفي القرنين التاسع عشر والعشرين لكسر العلاقة القومية والروحية، وكان آخرها عام 2016 في موضوع كرة القدم، الذي استغلته قوى التطبيع في مصر وقوى الفرانكوفون في الجزائر، لتحدث شرخا عميقا بين شباب الشعبين، وكنت من الموقعين مع عدد من المثقفين الجزائريين علي بيان يؤكد العلاقة العريقة بين الشعبين، ويدين سلوك وخطط التطبيعيين والفرانكوفونيين، ويطلب من الدولتين العقلانية والرزانة، وقد تبنى هذا البيان الكثير الكثير من المثقفين المصريين واعتبروه صوت العقل وأعادوا نشره مرارا وتكرارا.

3- تمر الدولتان بمشكلات هامة، منها ما هو على الحدود، ومنها ما هو في الداخل، ومنها ما هو ثقافي ومنها ما هو سياسي.. ونظرا لتواجد الدولتين في ذات القارة وذات الإقليم، فإن التعاون في حل هذه المشكلات يصبح ضرورة لا مفر منها، خاصة وأن بعض تلك المشكلات من النوع "العابر للأوطان".

4- تتعرض الدولتان لضغوط كثيرة من القوى الدولية وأدواتها المحلية "لفرملة" أي توجه جدي لإحداث تنمية استراتيجية محلية أو أي تعاون جاد بينها.

وهنا أصل إلى المثال الذي يوضح كل ذلك، ففي شهر أكتوبر الفارط انطلقت في الشارع الجزائري الإشاعتان التاليتان.

أ- إن الجزائر تصدّر غازا لمصر بينما العديد من القرى من الأرياف الجزائرية ماتزال بحاجة إلى هذه المداة للتدفئة والطبخ أي أن الدولة الجزائرية "تفرط".

ب- أن مصر تريد قرضا "عالي الرقم من الجزائر التي أقرضت البنك الدولي، وبالتالي فإن الدولة الجزائرية تمارس "تبذيرا".

تلخص هاتان الشائعتان مدى "الحقد" الذي تكنه قوى الفرانكوفون للجزائر مستقبلها بما فيه اقصتادها، فالكل يعلم أن الجزائر تواجه ضغوطا "شديدة" من منظمة التجارة العالمية لرفع سعر الغاز المنزلي على المواطن الجزائري، ليصبح نفس سعره في أوروبا، هذا ما ترفضه الجزائر جملة وتفصيلا، لإيمانها بأن الغاز وبأسعاره البسيطة هو حق من حقوق المواطن.. لكن هذه القوى استغتلت الفرصة لتحريك الشارع ضد تصدير الغاز، تمهيدا لأن يدفع المواطن الثمن وتحميل المشكل على ظهر المصريين.

كما يعلم الجميع أن الغاز الجزائري المعد للتصدير لا علاقة له بالغاز المعد للاستهلاك المنزلي، لا في النوعية ولا في الكمية ولا في الأسعار.. ولكن مروجي هذه الإشاعات يعتمدون كثيرا على ضعف الثقافة الاقتصادية للجزائريين حتى بعض الإعلاميين.

ورغم أن الاقتراض بين الدول ليس عيبا، خاصة إذا كان في حدوده المعقولة والمنضبطة، وهو في الغالب يتم على شكل مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على المقرض والمقترض، وقلما يتم الدفع نقدا، كما هو الحال مع البنك الدولي، وقد عانت الجزائر من ديونها التي تراكمت مع الدول الأوروبية، وحين صمم الرئيس بوتفليقة على تسديد هذه الديون، قدّم له "مستشارون محليون" بأن لا يفعل ذلك، وحين أصر طلب الألمان - حسب معلوماتي المتواضعة - أن تسدد الجزائر مبلغ الفائدة لمجمل مدة القرض "20 سنة" ورفضت الجزائر هذا "الابتزاز"، وجرت مفاوضات طويلة حتى تراجعت ألمانيا عن موقفها ولو بشكل حزئي، وهو تراجع كان بسبب قاعدة اقتصادية تقول "إن موقف المدين هو أقوى من موقف الدائن".

ولأني أعلم أن العلاقة بين الاقتصاديين الجزائري والمصري يمكن بناؤها على استراتيجية منفعة يومية متبادلة ومتطورة، بعيدا عن علاقات الدائن والمدين.. فهناك مئات المشروعات وفي مختلف المجالات، قررت أن أتخلى عن موعد مع طبيب القلب كان قد سببت له حرجا مع صديقه، تخليت لأن موعد الطبيب تزامن مع دعوة تلقيتها لحظور لقاء رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، مع رجال الأعمال الجزائريين في فندق الأوراسي يوم 23 أكتوبر، وبالفعل حضرت اللقاء واستمعت إلى الخطب.

لم يتحدث الضيف المصري لا عن القرض ولا عن الغاز، وركز خطابه على مشروعات المستقبل واستراتيجياته، ولعل الخلل - كما فهمت - يكمن في واضعي الخطط أنفسهم، فقد ظهر علنا الفرق في النظرة الاستراتيجية لاقتصاد البلدين، فقد أخبرنا وزير الصناعة الجزائري، أنه كوّن لجانا متخصصة وسرد أسماء محددة، معظمهم ـ إن لم يكن كلهم ـ من أعضاء "منتدى رؤساء المؤسسات"، وأعطاهم مهمة تفعيل العلاقة بين البلدين، ولما تناول الكلمة وزير التجارة الجزائري. قالها بالفم الملآن: إن منتدى رؤساء المؤسسات هيئة غير فاعلة منذ سنوات تأسيسها.

ومعروف أن معظم مشروعات الدولة تحال على هؤلاء الاقتصاديين الذين يقول عنهم وزير التجارة إن مؤسستهم غير فاعلة.

وأما في الطرف المصري، فلم يكن الحال أفضل، فإذا كانت النظرة الاستراتيجية التي أبداها الطرف الجزائري نظرة قديمة لا تنتمي إلى هذه العشرية من القرن، وضغوطها الاقتصادية حتى على الدول الكبرى، فإن الطرف المصري من الاقتصاديين الذين لهم استثمارات في بلدنا، قفز على كل المراحل.. ووصل إلى منتصف أو أواخر القرن الواحد والعشرين، حيث راح يطالب بإعادة النظر في معادلة 49، 51 المعمول بها حاليا في الجزائر، وغيرها من الدول في مضمار الشراكة.

صحيح أن هذه المعادلة مطروحة للنظر في اقتصاديات الدول الكبرى، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.. لكن الموضوع غير مطروح في الدول التي تجابه صعوبات في اقتصادها الوطني وحمايته، كما هو حال مصر والجزائر.

وبالتأكيد، فإن هذه الدول تحتاج لتطوير اقتصادها الوطني وحمايته، لمشروعات تقننها اتفاقيات في غاية الوضوح والدقة، تحمي مصالح كل طرف.. وهي مصالح لا تنفع فيها أساليب اللف والدوران ولا القفز عن المراحل وحرقها، ولا العقلية القديمة، ولا حتى تحليلات الاقتصاديين من وراء البحار التي تنطوي على "ألغام موقوتة".

إذن ففي هذه المرحلة، فإن الاستراتيجيين الجزائريين ومن سيتشرفون المستقبل، خاصة وأن لدينا الآن وزارة للاستشراف، عليهم أن يستشرفوا اقتصاد الجزائر من خلال دراسة معمقة لتاريخها الاقتصادي، وهذا التاريخ بالتأكيد ليس هو اقتصاد الفترة الاستعمارية، وهذا ينطبق على مصر.

ولماذا الاستشراف؟

لسبب بسيط وواضح، فالاقتصاد المعاصر يقوم على المعرفة.. أما "التجار" الذين رأيناهم في لقاء الوزير الأول المصري، ومن الطرفين، فهم - كما استمعت إليهم - دقة قديمة لا اقتصاد ولا معرفة. وهذا لا يبني علاقات اقتصادية "جدية" لا بين الجزائر ومصر ولا بين أي منهما وأي بلد في العالم.. أعتقد أن على الجميع الاستفادة من رئيس البرازيل! هذا إذا كنا لا نلعب في الاقتصاد باعتباره فعالية إعلامية.
الشروق الجزائرية



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

الاقتصاد المصري والجزائري يمكن ان يتكاملا فهما مختلفان
الجزائر اقتصادها بشكل كبير نفطي ومصر اقتصادها بشكل كبير زراعي خدمي
الجزائر اتجهت للصناعات الثقيلة اما مصر فاتجهت للصناعات الخفيفة وهما مكملان لبعضهما البعض
فرص التكامل كبيرة لكن اين الارادة


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بعد الثورة و ليس الآن

حتى نتحرر من اولاد فرنسا

ثم نفكر في التعاون مع الاخوة العرب و المسلمين


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى الأخ صقر العرب : شكرا على الكلام الموضوعي والناضج بلسان محترم، حقيقة لم أكن متفائلا كثيرا بالعلاقات الجزائرية المصرية أن تتطور بهذه السرعة، خاصة مع وجود اختلافات عديدة في الرؤى السياسية بين النظامين، لكن عزم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي على تغليب مصلحة مصر الاقتصادية وانقاذها دعما للمستوى اللمعيشي للمواطن المصري جعله ينقذ ويعوض الكثير مما ضيعه النظام السابق لمصر، وقابل ذلك إرادة سياسية جزائرية متعاونة سرعان ما استجابت لمطالب مصر خاصة في مجالي النفط (كما ذكرت) ومجال البناء.
في الأخير العلاقات الجزائرية المصرية ستشهد الانطلاقة النوعية الحقيقية بعد زيارة الرئيس محمد مرسي للجزائر، خاصة أن كلا البلدين ليس له جيران يمكن الاعتماد عليهم اقتصاديا ولا حتى أمنيا فالانشغالات متطابقة تقريبا.









__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

الاقتصاد أخي الكريم غير مفصول عن السياسة
وإنني أتمنى ان تتطور العلاقات بين مصر والجزائر إلى أبعد مدى
ولكن الواقع يخالف ذلك
فالمد الإخونجي لم يصل إلى الجزائر ( الحكومة ) وهو أمر ليس مستحب من قبل إخوان ( حكومة ) مصر
والعكس صحيح
وأما في مسألة التكامل فللأسف سوء التخطيط في كلا البلدين شأنهما شأن كل دولنا العربية واضح وجلي للعيان فلن يستطيعا بناء تكامل اقتصادي بينهما
وأما مسألة الغاز هذه لم أفهمها جيداً فالرجاء التوضيح فالمعلوم أن مصر إنتاجها من الغاز يكفي احتياجاتها بل وتصدره إلى الكيان الصهيوني فلم تحتاج الغاز الجزائري
هذا إن أخذنا بعين الاعتبار أوضاع مصر الداخلية والتي تنذر بالخطر

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخ السوري أبو يوشع : أولا لابد أن أبدا بالدعاء لإخوتنا في سوريا بأن يحقن الله دمائهم، ويردهم إليه ردا جميلا.
ثانيا ربما تطغى السياسة على الإقتصاد عندما يكون موقعك الإقتصادي ووضعك المالي مرتاحا وجيدا، نشاهد ذلك جليا في تعامل أمريكا مع قضايانا وعدم اكتراثها بآرائنا لعلمها بتبعيتنا لها إقتصاديا، لكن عندما تكون في موضع ضغط من طرف شعبك تذلل كل هذه الاعتبارات، كمثال آخر على ذلك العلاقات الجزائرية المغربية، طبعا اختلاف واضح في الرأى السياسية بين المغرب والجزائر تاريخيا بعد استقلال الجزائر مباشرة (أظنك تعلمه) وأيام الإرهاب، ومستمر للآن حول قضية الشعب الصحراوي، أقول المغرب مازال يطالب بفتح الحدود لحاجة اقتصاده لمتنفس ينقذ مستواه الاجتماعي، ويرحب بذلك رغم اختلاف الرأى السياسية.
فالرئيس المصري ربما يدرك أن المطلب الأول للشعب المصري هو خروجه من أزمته الاقتصادية ورفع مستواه المعيشي، وذلك لن يتأتى إلا بحل مشكلاته اليومية بتوفير الشغل أولا وتوفير حاجياته اليومية مثل غاز الأنابيب الذي توفره الجزائر بنسبة كبيرة وأكبر مما كانت عليه قبل الثورة لتحسن العلاقات الجزائرية المصرية.
أما ما تساءلت حوله فسأشرح لك قليلا ما أفهمه من القضية، ما تصدره الجزائر لمصر هو غاز الأسطوانات وأظن أن تسميته عند المصريين هو (البوتاغاز) وما تصدره مصر لإسرائيل هو غاز المدينة أي الذي يصل إلى المنزل عبر الأنابيب، الفرق أن لإسرائيل القدرة المالية على إنشاء شبكات الغاز الطبيعي للمنازل، في حين لا تتوفر مصر على القدرة المالية لإنشاء هذه البنية التحتية من أنابيب نقل الغاز لكل سكان مصر، فتلجأ لتصدير فائض الغاز الطبيعي لديها (غاز الجدران أو الشبكات) وتحوله العملة الصعبة المحققة منه إلى تطوير شبكات نقل الغاز للمنازل، وإلى ذلك الحين تبقى تستورد غاز الأسطوانات .

أما عن قضية الإخوان فالأمر مختلف تماما عندنا، فهم منخرطون في اللعبة السياسية تماما، ومنذ اشهر فقط كان الإخوان مع حلف مع الأحزاب الحاكمة عندنا فلا مجال للمقارنة بيننا.