عنوان الموضوع : الشيخ محمد حسان و ...........أدخل بنفسك و س........ تربية الطفل
مقدم من طرف منتديات العندليب



حجاب المرأة المسلمة
للشيخ : ( محمد حسان )




دين الإسلام دين متكامل، ومن مقاصده:

الحفاظ على شرف الإنسان وعرضه؛ ولذلك فإن الإسلام قد ضبط أمر الشهوة والغريزة الجنسية -التي أودعها الله في الإنسان- بالضوابط الشرعية التي تراعي فطرة الإنسان، وتراعي أعراض الآخرين في الوقت ذاته، ومن هنا حرم الله التبرج؛ لأنه يثير الغرائز، وربما أوقع في الفاحشة، وأوجب الحجاب على المرأة صيانة لها، وحفاظاً عليها، وسداً لكل وسيلة تؤدي إلى الوقوع في الفاحشة، وبهذا ضمن الإسلام صيانة الأعراض وطهارة المجتمع، فعلى المسلمات الالتزام بالحجاب بشروطه الشرعية؛ لما في ذلك من المصلحة العظيمة لهن وللمجتمع

أولاً:

الحجاب لغةً وشرعاً: الحجاب: جمع حجب، ومعناه لغةً: يدور بين الستر والمنع؛ لذا يقال للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما، ولذا يقال لحجاب المرأة: حجاب، وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يستر المرأة عن الرؤية، ويمنع الرجال أن ينظروا إلى المرأة. ......

لفظة الحجاب في القرآن الكريم

وردت لفظة الحجاب في القرآن في ثمانية مواضع، وكلها تدور حول معنى الستر وحول معنى المنع: قال الله جل وعلا في سورة الأعراف: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [الأعراف:46] أي: بينهما سور أو حاجز يمنع الرؤية.

وقال الله جل وعلا: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32] أي: حتى منعت هذه الخيول من الرؤية وأصبحت لا ترى.
وقال الله جل وعلا: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابَاً [مريم:17] أي: استترت مريم عليها السلام بستار عنأعين الرجال.

وقال الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أي: من وراء ساتر أو حاجز أو حائل يمنع من رؤيتهن.

إذاً: فالحجاب يدور بين معنى الستر والمنع، فيُفهم المعنى الشرعي من هذه المعاني اللغوية لحجاب المرأة المسلمة؛ لأنه الذي يحجب المرأة المسلمة عن نظر الرجال الأجانب، وله صور متعددة: صورة الأبدان، وصورة الوجوه. أي: حجاب الأبدان، وحجاب الوجوه. للمرأة أن تحتجب عن الرجال
الأجانب ببيتها.. بجدران البيت.. بالستائر السميكة في داخل البيت. وللمرأة إذا خرجت أن تحتجب بثيابها، من رأسها إلى قدمها إذا ما خرجت من بيتها لحاجة ضرورية، لحاجة دينية أو لحاجة دنيوية، وهذا جائز في حقها، ولا إثم عليها لكن بشرط لبس الحجاب الشرعي مع تغطية الوجه بالخمار أو النقاب، وهذا هو ما يسميه علماؤنا بحجاب الوجوه، وهو الخمار.



معنى الخمار

يوجد خلط بين هذه المعاني عند كثير من الناس، فالخمار عندنا يُراد به الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها، ويظهر منها الوجه، وهذا خطأ لغوي، وهذا أيضاً يطلق على الحجاب عندنا، وقد ذكره بعض أهل العلم في كتبهم، قالوا: الحجاب هو: الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها ويظهر منها الوجه،
وهذا خطأ لغوي، فانتبهوا معي لنتعرف على معنى الخمار، وعلى معنى النقاب حتى نضع النقط على الحروف من بداية هذا اللقاء.
الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها. من أين هذا الكلام؟! من كتاب الله جل وعلا، ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم رحمة الله.

يقول الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]
قال الحافظ ابن حجر إمام أهل الحديث رحمه الله تعالى في الفتح: في تعريف الخمر: ومنه خمار المرأة، وهو الذي تخمِّر به المرأة وجهها. أي: تغطي به المرأة وجهها.

وأعظم دليل على صحة هذا الكلام: ما ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها؛ وهل تريدون دليلاً أوضح من هذا؟! هل تريدون دليلاً أوضح من دليلٍ ورد في حديثٍ رواه البخاري و مسلم من حديث أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟!

أتدرون ماذا قالت أمنا رضي الله عنها في حادثة الإفك؟! ذكرت السيدة عائشة أنها لما تخلفت عن الجيش ونامت جاء صفوان فوقعت عينه عليها، وكان صفوان بن المعطل يعرف السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأنه كان قد رآها مراراً قبل نزولآية الحجاب، فلما رآها صفوان وعرفها استرجع، أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رأى زوج نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم تخلفت عن الجيش فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول عائشة : (فلما رآني عرفني، وكان يعرفني قبل الحجاب، فلما رآني استرجع -أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون- تقول عائشة رضي الله عنها: فاستيقظت باسترجاعه -أي: صحت سيدتنا عائشة على قولته: إنا لله وإنا إليه راجعون- اسمع ماذا قالت أمنا رضي الله عنها! قالت: فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي) (فخمرت وجهي بجلبابي) هذا هو معنى الخمار في حديث في الصحيحين، فماذا تريدون بعد ذلك من أدلة؟ قالت: (فخمرت وجهي بجلبابي. وفي رواية: فسترت وجهي بجلبابي). ويؤكد ذلك أيضاً حديث فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها تقول: كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها. وحديثها رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه الحاكم في المستدرك وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين البخاري و مسلم ولم يخرجاه، وأقره الإمام الذهبي .إذاً: الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها، أي: ما تغطي به المرأة وجهها.



معنى النقاب

النقاب هو: حجاب من وجوهٍ أيضاً، وسمي النقاب بالنقاب لوجود نقبين بمحاذاة العينين، لتتعرف المرأة من خلال هذين النقبين على الطريق. ولكن ينبغي أن أنبه هنا إلى أمر خطير، ألا وهو أن بعض المسلمات اللائي يلبسن النقاب قد حولنه هو الآخر إلى مصدر فتنة وإغواء وإغراء! كيف ذلك؟ وسعت المرأة فتحة العين على وجهها فظهر من خلال هذه الفتحة حاجبها، وظهر جزء كبير من وجنتيها، وهذه هي الفتنة بعينها، وليس معنى أن كثيراً من النساء قد حولن النقاب إلى مصدر فتنة وإغراء وإغواء أن نقول بعدم شرعية النقاب، فليس معنى أن يختل المسلمون في تطبيق أمر أو في تطبيق جزء شرعي أن نلغي هذا الجزء، وإنما ينبغي أن يؤمر المسلمون بأن يردوا هذا الأمر إلى ما أراده الله وإلى ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب على المرأة التي انتقبت أن تظهر الفتحة لعينها على قدر الرؤية لتتعرف من خلالها على الطريق، أما أن تتفنن في أن تظهر جمال عينها وقد امتلأت كحلاً، وامتلأت جمالاً وفتنة وتأثيراً، وظهر حاجبها، وظهر جزء كبير من وجنتيها، وتدعي أنها منتقبة، فإما أنها خادعة أو مخدوعة، فينبغي أن تتوب وأن ترجع إلى الله جل وعلا وأن تتقي الله، وأن تعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
هذا هو الخمار، وهذا هو النقاب، وهذا هو معنى الحجاب.
إذاً: هناك حجاب للأبدان وللوجوه معاً: من وراء ستارة سميكة، أو من وراء جدار، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أو إذا خرجت المرأة من بيتها لحاجة دينية أو دنيوية فعليها أن تلبس الثياب من رأسها إلى قدمها، وأن تغطي وجهها بالخمار أو النقاب، بالشروط والضوابط التي أشرت إليها آنفاً.



الأدلة على وجوب الحجاب من القرآن

آية الإدناء

أولاً: أدلة القرآن:

ثانياً:الأدلة الشرعية من القرآن والسنة على وجوب الحجاب:

الدليل الأول:

آية الإدناء في سورة الأحزاب، ألا وهي قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ[الأحزاب:59]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهل تعرف المرأة إلا من وجهها؟! ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً [الأحزاب:59] انتبهوا معي أيها الأحبة! وانتبهن معي أيتها الفضليات! لنتعرف على هذه الآية وعلى ما تحمله من أحكام عظيمة غابت عن كثيرمن المسلمين والمسلمات:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:59] الأمر هنا من الله جل وعلا لزوجات النبي الطاهرات، وبنات النبي العفيفات، ونساء المؤمنين الصالحات القانتات.

إذاً:ليس الأمر هنا خاصاً بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وحدهن، كما هو واضح بمنطوق الآية ومفهومها أيضاً.
قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير آية الإدناء: أمر الله نساء المؤمنين .. -واحفظوا هذا القول لـابن عباس رضي الله عنه؛ لأنه قد افتري عليه قول آخر، وقد ادعي عليه ما لم يقله! وهو بريء منه كما سنرى بالأدلة وبطرق أهل الحديث إن شاء الله جل وعلا-
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة: أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة) قلتُ: ليتعرفن بها على الطريق. ويقوي هذا الإسناد ما صح عن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال: قلت لـعبيدة السلماني .. و عبيدة السلماني هو: التابعي الجليل الفقيه العلم الذي آمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم ينزل المدينة إلا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم يزل عبيدة السلماني بالمدينة حتى توفاه الله جل وعلا، وأنا تعمدت أن أقول ذلك لتعلم أن عبيدة السلماني فسر آية الإدناء تفسيراً عملياً يوضح حال نساء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن جميعاً، فهو يوضح ما كان عليه النساء في عهد الصحابة رضي الله عنهم. يقول ابن سيرين : سألت عبيدة السلماني عن معنى آية الإدناء ألا وهي قوله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] يقول ابن سيرين : فقال عبيدة بثوبه هكذا، فغطى وجهه بثوبه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه. فهذا توضيحٌ عملي من تابعي جليل عاش في المدينة المنورة في عهد عمر بن الخطاب إلى أن مات رحمه الله. فهذا تفسير عملي لآية الإدناء، ووالله إنه من أعظم الأدلة؛ لأنه نقل لما كان عليه النساء في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم! يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]. وقال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: وفي هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف إذا خرجت لحاجة، حتى لا يطمع أهل الريبة فيهن.
ومن العلماء من يقول: إن الصحابيات رضي الله عنهن كن يخرجن كاشفات الوجوه! وهذا والله بهتان عظيم؛ لأن الوجه هو أصل الجمال في المرأة، وأنا أسالك بالله أيها المسلم المنصف! لا أريد منك جواباً، وإنما أجب أنت بنفسك على نفسك في جلسة صدق ولحظة صدق مع الله جل وعلا، أسألك بالله لو أن شاباً تقدم لخطبة فتاة وقيل له : لن ترى الفتاة إلا في صورة من الصورتين. فقال الشاب:وما هما؟ قالوا: الصورة الأولى: أن تخرج لك الفتاة في كل زينتها، وقد غطت وجهها! أي: غطت بدنها بالثياب وغطت وجهها، إلا أنها من تحت هذه الثياب، ومن تحت هذا الغطاء وضعت كل ما يمكن أن تضعه المرأة من زينة. سبحان الله! وما استفاد هذا المسكين إذاً؟! ما رأى شيئاً وما استفاد من تلك الزينة شيئاً. والصورة الثانية هي: أن تقف لك الفتاة من خلف نافذة وتنظر إليك بوجه مبتسم،وقد تغطى كل البدن من خلف جدار هذه النافذة، بشرط أن تنظر إلى الوجه فقط. فبالله عليك ماذا يختار الشاب؟! هل يختار الحالة الأولى التي خرجت إليه فيها المرأة وقد تغطت من قمة رأسها إلى أخمص قدمها وغطت وجهها أم أنه يريد أن ينظر إلى الوجه؛ لأنه هو عنوان الجمال الخلقي والطبيعي في الإنسان، ومن خلاله يستطيع الإنسان أن يبين الجمال والقبح والدمامة والنضارة؟! يقول الشاب بالمنطق: أريد الصورة الثانية، وهي: أن ينظر إلى وجه المرأة ليتعرف من خلال وجهها على جمالها وقبحها أو دمامتها، وهذا لا يحتاج إلى دليل، فكل
منصف لم يمت إنصافه في قلبه، فيعمى بذلك عقله، سيقول هذا. إذاً: الله تبارك وتعالى يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأمر زوجاته وبناته ونساء
المؤمنين.
ومن العلماء من قال بأن الحكم هنا خاص بزوجات النبي! سبحان الله! كيف يكون الحكم خاصاً بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم والله تبارك وتعالى يقول في نفس الآية: وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:59]، يقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: وفي الآية قرينة واضحة على وجوب ستر الوجه، ما هي هذه القرينة؟ يقول: هي قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ [الأحزاب:59]
ومعلوم أن وجوب احتجاب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وسترهن لوجوههن أمر لا نزاع فيه بين المسلمين. فكيف تستقيم دعوى الخصوصية لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وحدهن والله تعالى يقول في آخر الآية: وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟! وهذا واضح. وأكتفي بهذا القدر في هذه الآية؛ لأن الموضوع طويل



آية الحجاب
الدليل الثاني: آية الحجاب في سورة الأحزاب أيضاً:

يقول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] لماذا؟ ما هي العلة من فرض الحجاب بين الرجال والنساء؟
قال الله تعالى الخالق الذي يعلم من خلق أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] قال جل وعلا: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]
هذه هي آية الحجاب، وهي واضحة في وجوب احتجاب النساء عن الرجال، ولكن من العلماء من قال: إن هذه الآية خاصة بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وحدهن، قلت: إن كانت الآية خاصة بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم من جهة السبب، فهي عامة من جهة الأحكام، والقاعدة الأصولية تقول: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولو جاء أمر خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: هو لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وحدهن! ولو جاء أمر خاص للنبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: هو للنبي صلى الله عليه وسلم وحده دون سائر المؤمنين! لوكان الأمر كذلك لعطلنا معظم أوامر القرآن، ومعظم نواهي القرآن.
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أول سورة الأحزاب بأن يتقي الله فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1] فهل يقول عاقل: إنه لا يجب علينا أن نتقي الله؛ لأن الأمر هنا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! وهكذا في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ [التحريم:9] هل يقول عاقل: إنه لا يجب علينا أن نجاهد الكفار والمنافقين؛ لأن الأمر هنا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! وكذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ
النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ [الأحزاب:53] هل يقول عاقل: إنه يجوز دخول غير بيوت النبي صلى الله عليه وسلم من غير إذن؟! ما هذا؟!
إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا ما قال به علماؤنا. فهنا وإن كان نزول هذه الآيات في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات، إلا أنهاعامة من ناحية الأحكام. ثم ما هي العلة من فرض الحجاب؟ العلة من فرض الحجاب بنص الآية هو: قوله تعالى: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]
أتدرون لمن هذا الأمر؟ لنساء النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات، لأشرف نساء العالمين، ولأطهر نساء الدنيا اللائي تربين في بيت النبوة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللائي شربن من نبع الوحي الزلال الصافي، وهن مَن هن؟! هن المطهرات من السفاح، المحرمات علينا بالنكاح، الموصوفات بأنهن أمهات المؤمنين، يأمرهن الله بالحجاب حماية لقلوبهن، وطهارة لقلوبهن وقلوب أبنائهن المحرم عليهم نكاحهن!
فما نقول في غيرهن المحللات لنا بالنكاح، المتطلع لهن أهل السفاح؟! هل يجوزأن يخرجن، أو أن يكن سافرات غير منتقبات، وبارزات غير محجبات؟! إن دليل الأولوية في هذه الآية واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.
فإذا أمرت عائشة بالحجاب فهل يترك غيرها؟! إذا أمرت حفصة بالحجاب طهارة لقلبها، فهل نترك غيرها؟! إذا أمرت أم سلمة بالحجاب طهارة لقلبها، فهل نترك غيرها؟! إذا أمرت سودة و زينب وغيرهن رضي الله عنهن بالحجاب فهل نترك غيرهن؟! إن دليل الأولوية واضح في هذه الآية، وهذا المسلك في القرآن معلوم عند أهل الأصول بمسلك الإيماء والتنبيه، إن الأمر بين واضح، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] لماذا؟ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].





آيةالنور
الدليل الثالث هو:

الآية الحادية والثلاثون من سورة النور، وهي قول الله جل وعلا: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] يستدل العلماء من هذه الآية بثلاثة مواضع: الموضع الأول: قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] أي: إلا ما ظهر منها بغير قصد وعمد، بل وهي مضطرة لإظهاره رغماً عنها، وهو ظاهر الثياب، فإن الثياب على بدن المرأة زينة. وحتى لا نتهم بأننا نتعسف في لي أعناق الآيات لياً، فتعالوا بنا إلى صحابي جليل، علم من أعلام الصحابة في فهم كتاب الله جل وعلا، ما من آية نزلت إلا وهو يعلم متى نزلت وأين نزلت وفيما نزلت، إنه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ماذا قال ابن مسعود في تفسير هذه الآية؟ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] قال: الثياب، أي: زينة المرأة: الظاهرة الثياب، والإسناد إليه صحيح.
أما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]: الوجه والكفان، فإسناده إلى ابن عباس لا يصح بحال، كما معروف لعلماء الحديث وعلماء التخريج، فإنه مروي عن ابن عباس من طريقين:
الطريق الأول: رواه شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري .
والطريق الثاني:أخرجه الإمام البيهقي في السنن الكبرى. فتعالوا بنا لنقف مع هذين الإسنادين لنتعرف على صحتهما من عدمها، حتى يتضح لنا أن هذا القول لا يصح إسناده بحال إلى ابن عباس رضي الله عنهما.
أما الطريق الأول -وهو الذي أخرجه الإمام ابن جرير الطبري في التفسير- فلا يصح بحال، وإسناد ضعيف جداً، بل هو منكر؛ لأن في سنده مسلم الملائي الكوفي ،قال فيه البخاري: تكلموا فيه، وقال فيه الحافظ الذهبي: ضعفوه، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الحافظ الذهبي: متروك الحديث. إذاً: الإسناد بهذا الطريق لا يصح بحال كما هو معلوم لكل علماء الحديث.
أما الإسناد الآخر الذي أخرجه الإمام البيهقي : فهو ضعيف جداً أيضاً؛ لضعف راويين من رجال سند هذا الطريق: الرجل الأول هو: أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف. وقال فيه مطين : كان يكذب. أما الرجل الثاني فهو: عبد الله بن هرمز بن مسلم بن هرمز ، قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف، وقال فيه الحافظ الذهبي : ضعفه ابن معين والنسائي.

إذاً: أيها الأحباب، الإسنادان لا يصحان بحال، ولا يصح أن يستشهد بهما في المتابعات والشواهد، فضلاً عن أن يحتج بهما في أمر من الأمور الواجبة، كما هو معلوم لكل طالب علم مبتدئ في علم الحديث. إذاً: لا يصح الإسناد إلى ابن عباس رضي الله عنهما في أنه فسر الزينة الظاهرة بالوجه والكفين، ويؤكد صحة ذلك ما ذكرته في أول اللقاء حينما فسر آية الإدناء بقوله: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة).

إذاً: الزينة الظاهرة هي: الثياب، وهي: ما يظهر من المرأة من غير عمد وعلى حين غفلة من المرأة، ومن علم أحوال النساء علم ذلك جيداً، فإذا هبت ريح فقد تكشف وجه المرأة، وإذا اضطرت المرأة حين شرائها وبيعها أن تكشف عن وجهها الغطاء فقد ينظر رجل خلسة إلى وجهها على حين غرة منها، هذه زينة تظهر من المرأة من غير عمد، ومن غير قصد، وهي بإذن الله لا تؤاخذ عليها، بدليل قول الله جل وعلا: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
[النور:31].

الموضع الثاني في الآية هو: قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] ومعنى ضرب الخمار على الوجه: تغطية الوجه، بدليل حديث عائشة الذي رواه البخاري و مسلم : (فخمرت وجهي بجلبابي)، وبدليل حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا ونحن محرمات وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام. الحديث رواه مالك وصححه الإمام ابن خزيمة وصححه الإمام ابن حبان ورواه الحاكم في المستدرك من طريقه وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وأقره الإمام الذهبي على ذلك في التلخيص.

ويؤكد ذلك أيضاً قول فاطمة بنت المنذر رحمها الله تعالى الذي أشرت إليه آنفاً قالت: كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام ونحن مع أسماء بنت أبي
بكر رضي الله عنها. والأثر رواه الإمام الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرك الشيخين البخاري و مسلم ، وأقره الذهبي على ذلك.

إذاً: قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] المفهوم من ضرب الخمار هو: أن تضرب المرأة الخمار من رأسها، أو
من على رأسها على وجهها،وما سميت الخمر خمراً إلا لأنها تغطي العقل، وقال الحافظ في تعريف الخمر: ومنه: خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها.

الموضع الثالث في هذه الآية: قوله تعالى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] إذا كان الإسلام قد حرم على المرأة أن تضرب الأرض برجلها، خشية أن يفتتن الرجال بسماع صوت خلخالها، فبالله عليكم هل يحرم الإسلام على المرأة ذلك ثم يبيح لها أن تكشف وجهها الذي قد امتلأ نضارة وجمالاً وحسناً وتجميلاً وتزييناً؟! أي الفتنتين أعظم، فتنة الوجه أم فتنة القدم؟! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37]،ورحم الله من قال: إن الحجاب الذي نبغيه مكـرمةٌ لكل مسلمة ما عابت ولم تعب نريد منها احتشاماً عفة أدباً وهم يريدون منها قلة الأدب يا رُب أنثى لها عزم لها أدب فاقت رجالاً بلا عزم ولا أدب ويا لقبح فتاة لا حياء لها وإن تحلت بغالي الماس والذهب إن الحجاب عفة، إن الحجاب مكرمة، إن الحجاب شرف، إن الحجاب مروءة، إن الحجاب إيمان، إن الحجاب طاعة، إن الحجاب امتثال لأمر الله وامتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيا أيتها اللؤلؤة المكنونة المسلمة، أيتها الدرة المصونة الغالية، والله ما نريد لك إلا العفة، والله ما أراد الإسلام لك إلا الكرامة، والله ما أراد الإسلام لك إلا أن يحميك من عبث العابثين ومجون الماجنين، والله ما نريد لك إلا الخير في الدنيا والآخرة.

أختاه! يا بنت الإسلام تحشمي لا ترفعي عنك الحجاب فتندمي صوني جمالك إن أردت كرامة فالناس حولك كالذئاب الحوم إي والله! كالذئاب الحوم، خاصة في زمان قل فيه الإيمان، وقل فيه الورع، وقل فيه الزهد، وقلت فيه التقوى، وإلى الله المشتكى،



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك اخي على هذا الموضوع و جعله الله في ميزان حسناتك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :