عنوان الموضوع : بيداغوجيا الوجاهة انشغالات البيداغوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب

"بيداغوجيا الوجاهة" أو ما بعد الفارقية في تدريس العربية


حين أطلق "فيليب مايريو"(Philippe Meirieu) مصطلح "الوجاهة"(La pertinence) في المجال التعليميّ البيداغوجيّ لم يكن هاجسه الفرد كما كان الأمر في المشغل "الفارقي" أو "التّفريديّ" وإنّما كان مركز اهتمامه الأبعاد المتعدّدة للفرد وهو داخل المجموعة تلك التي تمنع المدرّس مثلا من أن يطرح سؤالا وهو يعلم مسبقا أنّ تلميذا واحدا قد يعجز عن الإجابة المطلوبة... عنه ،مثلما قد تتدخل تلك الأبعاد النفسية الاجتماعية العصبية لتحول بينه بين أيّ سلوك تعليميّ اعتباطيّ ياتي به المدرّس أو المتعلّم على حدّ السواء، فلا يؤدّي إلى النتيجة المرجوّة، أي إلى تعلّم مرتقب. فالفردي يستدعي المجموعيّ والخاصيات المتغايرة فيه تحثّ على تهيئة مناخ الوحدة والانسجام بطريقة نستطيع معها القول إنّنا حقّقنا الهدف.
لا يجوز الحديث عن الاختلاف لمطلق الفرادة والتفريد بل يجدر التفكير في سبل استيعاب المختلف الاجتماعي داخل مؤتلف صناعي يشكّل وحدة فصلية تسمح بالتقارع والتعاون وبالوصول إلى نتائج متقاربة مع إمكانات متعدّدة تؤكّد قيمة الفرد المتعلّم ذاتا عارفة بذاتهاوبوجودها مع الآخر في فضاءتعلّم مدروس ، مخصوص .
إنّ "بيداغوجيا الوجاهة" تعني بلغة أخرى: كيف أكبح جماح عاداتي الوثيرة ،الأثيرة في التّدريس لأغدو أكثر تحكّما في ممارستي وحتى ضمان أقصى حدود النّجاح "، إذ لا وجود لفعل اعتباطيّ داخل الفصل نمارسه لأننّا تعلّمناه هكذا أو لأنّه الأقرب والأبسط عند الممارسة.
عليّ أنّ أطوّع كلّ معارفي وتخصّصي ورصيد خبراتي السّابقة وكذلك رغباتي وخيالاتي وطاقتي الإيجابية وإيماني بنبل رسالتي لكي أجعل من عملي في التّدريس موائما لحاجات تلاميذي ملائما للمعرفة المدرّسة مفهوما ومرجعيات وسياقا وأهدافا.
فـ"الوجيه" في دلالته التعليميّة هو "ما يجدر القيام به دون سواه وما يحلّ لي مشكلا عند القيام به" فلا يكتفى بطرح أسئلة :"ماذا؟ وأين؟ ومتى؟ ولماذا ولكن يصبح التساؤل الأجدى:
"أي سؤال من أجل من؟
كيف أجعل من كلّ تلكم الأسئلة ذات نجاعة تؤدي الى حصول تعلّم؟
كيف أوائم بين الشيء البيداغوجي المستعمل وبين الفرد في جميع أبعاده وهو يتعلّم داخل مجموعة؟ "
1 Philippe Meirieu, La pédagogie différenciée est-elle dépassée ?, Les Cahiers Pédagogiques, n°286, Septembre,1990

من آثار هذه الوجاهة من النّاحية التدريسيّة أن يتولىّ المدرّس تصميم درسه وفق تمشّ يضمر جهازا يتألف من سبعة أسئلة تتدرّج كالآتي:
1- السؤال المغلق (الذي يعيّن مستوى الصعوبة المضمرة أو المفترضة بتأمل عدد المصيبين والمخفقين) وهو لا يطرح بداهة استجوابا بل يمكن ان يتحول الى نشاط تمريني شفوي أو مكتوب
2- الّسؤال السّابر لمستوى الفهم (ذاك الذي يفرّع الصعوبة الى مسارات وفرضيات ودرجات)
3- السؤال التعبيريّ (حين يستحثّ المتعلّمين على أن يجيبوا كلّا على طريقته الخاصة التي تكشف مدى قدرته على ترجمة مستوى فهمه والإبانة عنه بتلفّظ شفوي او مكتوب واضح سليم العبارة)
4- السؤال النحوي( لمّا يدعو المتعلّم إلى وسم الظاهرة أوتعيين القاعدة وبنائها ويجد لذلك القرائن والمبررات المناسبة للتوصيف والاستدلال والنحو أنحاء قد تتعلق بالجملة أو النص أو الجنس أدبي)
5- السؤال التطبيقي( ذاك الذي يراجع مدى تمكّن المتعلّم مما يعلمه بالتطبيق عليه في شكل تمارين متنوعة تستهدف اقتدارات مختلفة)
6- السؤال التلخيصي(حين يشجّع المتعلّم على إعادة صوغ فهمه بالربط بين القاعدة والاستعمال وبين المعارف النظرية والإجرائية والشرطية ومساقاتها وفروقها الإنشائية والدلالية.)
7- السؤال الذاتي أو "الميتاعرفاني" (عندما يدعى المتعلّم إلى تقويم مسارات تعلّمه والتحقيق في مدى وجاهة استنتاجاته وسلامة استراتيجياته ودقتها لكي يثبّت ويدعم ويقيم المماثلات أو لكي يحوّر ويعدّل ويبدّل).
أمّا في علاقة بوضعيات التعلّم فهندسة الوجاهة تقتضي نبذ كلّ تعامل أحادي متضارع يتجه بالدرس اتجاها خطيا متشابها،إن الدرس الناجع الوجيه لا يعدوأن يكون درس التراجعات والالتواءات والارتجاعات والمراجعات بمعنى العمل بـ"السيناريو "متعدد الاحتمالات والموارد والوسائل (التمرين، الوضعية الدالة، الوضعية المشكل، اللعبة، الاستكشاف، التعلم الخطاطي،التعلم بطرق مغايرة) وبشبكة من الأعمال منها الفردي والجماعي والورشي والمشروعي وهو ما يتحقق بتهشيم المسارات المنمّطة كالاقتصار على الاتجاه من المبنى الى المعنى مثلا أو تكثيف الاستقراء على حساب الاستنباط أو عدم الوعي بأن التحليل هو تأليف معكوس وعدم مجاوزة المنوال القياسي في النحو (مثال /تحليل/قاعدة/ تطبيق) إلى مناويل أخرى حوارية وتداولية وظيفية تشغّل كلّ المهارات وتسمح بإدراج الوسائط والتعلم المغاير والتعلم الذكيّ والوسائطي المرقمن وذاك الذي يتحيّز مقامات أخرى تنشر آثار التعلّم.
ونلفت نظر مدرسينا هنا إلى ضرورة التخلي عن عسكرة الواجب المدرسي بمعنى أن ينجز جميع المتعلمين نفس الواجب بنفس الطريقة كالعساكر وهو ما يلاحظ خاصة في إعداد شروح النصّ الذي لا يبرح غالبا (التقديم/ الموضوع/ التفكيك/ الإجابة عن أسئلة الكتاب) بينما النّجاعة تبدأ عند التفكير في تنويع المدخلات حسب ملامح الفرد وتكثيف الموارد للدعم والعلاج فيصبح التنوع ضامنا لأقصى حدود الوحدة والانسجام المتكافئ العادل وهذا هو لبّ "البيداغوجيا الوجيهة".



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا على الافادة

=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========