>>>> الرد الرابع :
علماء العصر العباسي 132-656ه
عرفت الدولة العباسية(132 - 656 ه) تقدما علميا كبيرا خاصة في الطور الأول (132 – 344 ه) حيث عمل خلفاؤها لينقلوا إليها العلوم و الآداب و المعارف إلى اللغة العربية بإرسال بغثات علمية إلى الدول الأجنبية كاليونان و الهند و بلاد فارس و روما...ونقل ما ألف بها إلى، جانب النهضة العلمية للعلماء المسلمين في العلوم الدينية(التفسير،الفقه،السيرة النبوية...)والعلوم الدنيوية(الرياضيات، الفلك، الفيزياء، الطب...).
الرازي
لم يكن الرازي طبيبًا فحسب، ولا معلمًا فقط.. ولكنه أبدع كذلك في مجالات الأخلاق والقيم والدين، كما أبدع - ولا شك في ذلك - في مجال الإنسانية، حتى أصبح علمًا من أعلام الفضيلة، كما كان علمًا من أعلام الطب. ولا شك أن هذا الرجل العظيم من أعظم صور الحضارة الإسلامية.
فهو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي.. وقد وُلِدَ في مدينة الرَّي, وإليها نُسِب.. ومدينة الري تقع على بعد ستة كيلو مترات جنوب شرقي طهران, وكان ميلاده في سنة 250هـ (864م)، وكان منذ طفولته محبًّا للعلم والعلماء، فدرس في بلدته "الري" العلوم الشرعية والطبية والفلسفية ولكن هذا لم يُشْبع نَهَمَه لطلب العلم؛ فلم تكن مدينة الري - على اتساعها وكثرة علمائها - بالمدينة التي تحوي علوم الأرض في ذلك الوقت؛ ولذلك يمَّم الرازي وجهه شطر عاصمة العلم في العالم في ذلك الوقت, وهي "بغداد" عاصمة الخلافة العباسية، فذهب إليها في شِبه بعثة علمية مكثفة، تعلم فيها علومًا كثيرة، ولكنه ركَّز اهتمامه في الأساس على الطب، وكان أستاذه الأول في هذا المجال هو "علي بن زين الطبري"، وهو صاحب أول موسوعة طبية عالمية (فردوس الحكمة).
الرازي معجزة الطب عبر الأجيال :
اهتمَّ الرازي أيضًا بالعلوم التي لها علاقة بالطب، كعلم الكيمياء والأعشاب، وكذلك علم الفلسفة؛ لكونه يحوي آراء الكثير من الفلاسفة اليونان والذين كانوا يتكلمون في الطب أيضًا، وكان أستاذه الأول في الفلسفة هو "البلخي"وهكذا أنفق الرازي عدة سنوات من عمره في تعلم كل ما يقع تحت يديه من أمور الطب، حتى تفوق في هذا المجال تفوقًا ملموسًا.
ثم عاد الرازي بعد هذا التميز إلى الري, فتقلَّد منصب مدير مستشفي مدينة الري، وكان من المستشفيات المتقدمة في الإسلام، وذاعت شهرته، ونجح في علاج الكثير من الحالات المستعصية في زمانه، وسمع بأمره الكبير والصغير والقريب والبعيد، حتى سمع به "عضد الدولة بن بويه" كبير الوزراء في الدولة العباسية, فاستقدمه إلى بغداد ليتولى منصب رئيس الأطباء في المستشفى العضدي، وهو أكبر مستشفى في العالم في ذلك الوقت، وكان يعمل به خمسون طبيبًا والحق أنه لم يكن مستشفى فقط, بل كان جامعة علمية, وكليَّة للطب على أعلى مستوى. وقد أصبح الرازي فيه مرجعية علمية لا مثيل لها، ليس في بغداد فقط، وإنما في العالم كله، وليس على مدى سنوات معدودة، ولكن لقرون متتالية، فكان معجزة الطب عبر الأجيال!!
ولعلَّه من المهم جدًّا أن نقف وقفة ونتساءل: كيف وصل الرازي إلى هذا المجد، وإلى هذه المكانة؟
لا بدَّ أن نعلم أن النجاح لا يأتي مصادفة، وأن التفوق لا يكون إلا بجهد وتعب وبذل وتضحية، كما أن الإبداع لا يكون عشوائيًّا أبدًا، إنما يحتاج إلى تخطيط وتدريب ومهارة، وهكذا كانت حياة الرازي ~.
لقد بحث الرازي عن العلم في كل مصادره، واجتهد قدر استطاعته في تحصيل كل ما يقع تحت يده من معلومات، ثم أتبع ذلك بتفكير عميق وتجارب متعددة ودراسة متأنية.. حتى بدأ يعدِّل في النظريات التي يقرؤها، وأخذ ينقد ويحلل، ثم وصل إلى الاختراع والإبداع.
الرازي ومنهجه التجريبي :
لقد انتشر في زمان الرازي الطب اليوناني والفارسي والهندي والمصري نتيجة اجتهاد العلماء في ترجمة كتب تلك الأمم، فقرأها الرازي جميعًا، لكنه لم يكتف بالقراءة بل سلك مسلكًا رائعًا من أرقى مسالك العلم وهو الملاحظة والتجربة والاستنتاج..
فقد كان الطب اليوناني هو أهم طب في تلك الفترة، ولكنه كان يعتمد في الأساس على النظريات غير المجرَّبة.. وكان كل أطباء اليونان يعتمدون هذه الطريقة حتى عرفوا بفلاسفة الطب، فهم لم يُخضعوا نظرياتهم لواقع الحياة إلا قليلاً، ولا يُستثنَى من ذلك أحدٌ من أطباء اليونان حتى العمالقة منهم أمثال جالينوس وأبقراط!! ولكن الرازي قال كلمته المشهورة التي تعتبر الآن قانونًا من قوانين العلم بصفة عامة, والطب بصفة خاصة.. قال: "عندما تكون الواقعة التي تواجهنا متعارضة والنظرية السائدة يجب قبول الواقعة، حتى وإن أخذ الجميع بالنظرية تأييدًا لمشاهير العلماء.."!!
فهو يذكر أنه ليس لعالم مشهور أو غير مشهور أن يقرر نظرية تتعارض مع المشاهدة الفعلية والتجربة الحقيقية والواقعة الحادثة، بل تُقَدَّم الملاحظة والتجربة؛ وبذلك يُبْنَى الاستنتاج على ضوء الحقائق لا الافتراضات الجدلية.
ما أروعه حقًّا من مبدأ، وما أبدعها من طريقة!!
ولذلك نجد أن الرازي كثيرًا ما انتقد آراء العلماء السابقين نتيجة تجاربه المتكررة، بل إنه ألَّف كتابًا خصِّيصًا للرد على جالينوس أعظم أطباء اليونان وسمَّى الكتاب "الشكوك على جالينوس", وذكر في هذا الكتاب الأخطاء التي وقع فيها جالينوس، والتصويب الذي قام هو به لهذه الأخطاء، وكيف وصل إلى هذه النتائج
وكان الرازي حريصًا على سؤال المريض عن كل ما يتعلق بالمرض تقريبًا من قريب أو بعيد وكان يقول: "إن الطبيب ينبغي ألا يدع مُساءَلة المريض عن كل ما يمكن أن يقوله عن علَّته"وهذه أول خطوة في التعامل مع المريض في الطب الحديث، وهي معرفة تاريخ المرض والأمور المحتملة التي قد تكون سبَّبت المرض، ثم يقوم الرازي بالكشف على المريض وقياس الحرارة والنبض، وإذا استلزم الأمر أن يدخل المريض المستشفي فإنه يضعه تحت الملاحظة الدقيقة المستمرة لتسجيل كل معلومة قد تكون مفيدة في كشف سبب المرض, أو في وصف العلاج.. وقد كان الرازي من الدقة إلى درجة أذهلت من قرأ تعليقاته على الحالات المرضية التي وصفها.
انجازات الرازي :
بل إن الرازي وصل إلى ما هو أروع من ذلك، حيث أرسى دعائم الطب التجريبي على الحيوانات، فقد كان يجرب بعض الأدوية على القرود فإن أثبتت كفاءة وأمانًا جربها مع الإنسان، وهذا من أروع ما يكون، ومعظم الأدوية الآن لا يمكن إجازتها إلا بتجارب على الحيوانات كما كان يفعل الرازي
ولقد كان من نتيجة هذا الأسلوب العلمي المتميز للرازي، أن وصل إلى الكثير من النتائج المذهلة، وحقق سبقًا علميًّا في كثير من الأمور.
فالرازي هو أول مبتكر لخيوط الجراحة، وقد ابتكرها من أمعاء القطة! وقد ظلت تستعمل بعد وفاته لعدة قرون، ولم يتوقف الجراحون عن استعمالها إلا منذ سنوات معدودة في أواخر القرن العشرين، عند اختراع أنواع أفضل من الخيوط، وهذه الخيوط هي المعروفة بخيوط أمعاء القط.. "cat gut"
والرازي هو أول من صنع مراهم الزئبق
وهو أول من فرَّق بين النزيف الوريدي والنزيف الشرياني، واستخدام الضغط بالأصابع لإيقاف النزف الوريدي، واستخدم الربط لإيقاف النزيف الشرياني، وهذا عين ما يستخدم الآن!!
وهو أول من وصف عملية استخراج الماء من العيون
وهو أول من استخدم الأفيون في علاج حالات السعال الجاف..
وهو أول من أدخل المليِّنات في علم الصيدلة..
وهو أول من اعتبر الحمَّى عرضًا لا مرضًا
وكان يهتم بالتعليق على وصف البول ودم المريض للخروج منهما بمعلومات تفيده في العلاج
كما نصح بتجنب الأدوية الكيميائية إذا كانت هناك فرصة للعلاج بالغذاء والأعشاب، وهو عين ما ينصح به الأطباء الآن
ولم يكن الرازي مبدعًا في فرع واحد من فروع الطب، بل قدم شرحًا مفصلاً للأمراض الباطنية والأطفال والنساء والولادة والأمراض التناسلية والعيون والجراحة وغير ذلك..
وقد منحه الله ذكاء فوق العادة، ويؤكد ذلك وسيلته في اختيار المكان المناسب لإنشاء مستشفي كبير في بغداد.. فقد اختار أربعة أماكن تصلح لبناء المستشفي، ثم بدأ في المفاضلة بينها، وذلك بوضع قطعة لحم طازجة في الأماكن الأربعة.. ثم أخذ يتابع تعفُّن القطع الأربع، ثم حدد آخر القطع تعفنًا، واختار المكان الذي وُضعت فيه هذه القطعة لبناء المستشفي؛ لأنه أكثر الأماكن تميزًا بجو صحي، وهواء نقي يساعد على شفاء الأمراض
ولم يكن الرازي مجرد طبيب يهتم بعلاج المرض، بل كان معلمًا عظيمًا يهتم بنشر العلم وتوريث الخبرة، وكان ~ يدرس تلامذته الطب في المدرسة الطبية العظيمة في المستشفي العضدي ببغداد، وكان يعتمد في تدريسه على المنهجين: العلمي النظري، والتجريبي الإكلينيكي؛ فكان يدرس الكتب الطبية، وبعض المحاضرات، ويدير الحلقات العلمية، وفي ذات الوقت يمر مع طلبته على أسِرَّة المرضى.. يشرح لهم ويعلمهم وينقل لهم خبرته، وكان يُدرِّس لهم الطب في ثلاث سنوات، ويبدأ بالأمور النظرية ثم العملية، تمامًا كما يحدث في كليات الطب الآن، وكان في آخر السنوات الثلاث يعقد امتحانًا لطلبة الطب مكونًا من جزأين: الجزء الأول في التشريح، والثاني في الجانب العملي مع المرضى، ومن كان يفشل في الجانب الأول "التشريح" لا يدخل الامتحان الثاني، وهذا أيضًا ما نمارسه الآن في كليات الطب
مؤلفات الرازي :
ولم يكن الرازي يكتفي فقط بالتدريس والتعليم والامتحانات لنقل العلم، بل اهتم بجانب آخر لا يقل أهمية عن هذه الجوانب وهو جانب التأليف، فكان مُكثرًا من التأليف وتدوين المعلومات وكتابة الكتب الطبية، حتى أحصى له ابن النديم في كتابه "الفهرست" 113 كتابًا و28 رسالة، وهذا عدد هائل، خاصةً أنها جميعًا في مجال الطب.
وقد كان من أعظم مؤلفات الرازي كتاب "الحاوي في علم التداوي"، وهو موسوعة طبية شاملة لكافة المعلومات الطبية المعروفة حتى عصر الرازي، وقد جمع فيه ~ كل الخبرات الإكلينيكية التي عرفها، وكل الحالات المستعصية التي عالجها، وتتجلى في هذا الكتاب مهارة الرازي ~، ودقة ملاحظاته، وغزارة علمه، وقوة استنتاجه..
وقد تُرجِم هذا الكتاب إلى أكثر من لغة أوروبية، وطُبع لأول مرة في بريشيا بشمال إيطاليا سنة 891هـ/ 1486م، وهو أضخم كتاب طُبع بعد اختراع المطبعة مباشرة، وكان مطبوعًا في 25 مجلدًا، وقد أُعيدت طباعته مرارًا في البندقية بإيطاليا في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي), ويذكر المؤرخ "ماكس مايرهوف" أنه في عام 1500 ميلادية كان هناك خمس طبعات لكتاب الحاوي, مع عشرات الطبعات لأجزاء منه..
ومن كتبه أيضًا "المنصوري"، وقد سماه بهذا الاسم نسبة إلى المنصور بن إسحاق حاكم خراسان، وقد تناول فيه موضوعات طبية متعددة في الأمراض الباطنية والجراحة والعيون، وقد تعمَّد الرازي الاختصار في هذا الكتاب, فجاء في عشرة أجزاء!! لذلك رغب العلماء الأوروبيون في ترجمته عدة مرات إلى لغات مختلفة، منها اللاتينية والإنجليزية والألمانية والعبرية! وقد تم نشره لأول مرة في ميلانو سنة 1481م، وظل مرجعًا لأطباء أوربا حتى القرن السابع عشر الميلادي
ومن أروع كتبه كذلك كتاب "الجدري والحصبة"، وفيه يتبين أن الرازي أول من فرق بين الجدري والحصبة، ودوَّن ملاحظات في غاية الأهمية والدقة للتفرقة بين المرضين، وقد أُعيدت طباعة هذا الكتاب في أوروبا أربع مرات بين عامي ( 903 : 1283هـ) (1498 : 1869م)
ومن كتبه أيضًا كتاب "الأسرار في الكيمياء"، الذي بقي مدة طويلة مرجعًا أساسيًّا في الكيمياء في مدارس الشرق والغرب
ومن كتبه المهمة كذلك كتاب "الطب الروحاني" الذي ذكر فيه أن غايته من الكتاب هو أصلاًح أخلاق النفس.. وحضَّ في كتابه هذا على تكريم العقل، وعلى قمع الهوى, ومخالفة الطباع السيئة, وتدريب النفس على ذلك
أمانته العلمية وأخلاقه الحميدة:
غير أن أهم ما ميز الرازي في ذلك كله، هو البُعد الأخلاقي عنده؛ فقد تميز بالأمانة العلمية التامة في كتاباته؛ فكان لا يذكر أمرًا من الأمور اكتشفه غيره إلا أشار إلى اسم المكتشف الأصلي، ولذلك حفلت كتبه بأسماء جالينوس وأبقراط وأرمانسوس وغيرهم، كما ذكر في كتبه المحدثين من الأطباء أمثال يحيى بن ماسويه، وحنين بن إسحاق.
وكان الرازي يحض تلامذته على اتباع نهج الكتابة والتأليف، فكان يقول لهم: "إذا جمع الطالب أكبر قدر من الكتب، وفهم ما فيها، فإن عليه أن يجعل لنفسه كتابًا يضمنه ما غفلت عنه الكتب التي قرأها".
فهو ينصح كل طلبته أن يسجلوا المعلومات التي يلحظونها في أثناء دراستهم وعلاجهم للمرضى - والتي لم تُذكر في الكتب السابقة - وبذلك يستفيد اللاحقون بعلمهم وتأليفهم.
ولم يكن الرازي عالمًا فقط، بل كان إنسانًا خلوقًا من الدرجة الأولى، فقد اشتهر بالكرم والسخاء، وكان بارًّا بأصدقائه ومعارفه، عطوفًا على الفقراء وبخاصة المرضى، فكان ينفق عليهم من ماله الخاص، ويجري لهم أحيانًا الرواتب الثابتة!
وكان يوصي تلامذته أن يكون هدفهم هو إبراء المرضى أكثر من نيل الأجور منهم، ويوصيهم كذلك بأن يكون اهتمامهم بعلاج الفقراء تمامًا كاهتمامهم بعلاج الأمراء والأغنياء.. بل إنه من شدَّة اهتمامه بالفقراء ألَّف لهم كتابًا خاصًا سماه "طب الفقراء"، وصف فيه الأمراض المختلفة وأعراضها ثم وصف طرق علاجها عن طريق الأغذية والأعشاب الرخيصة بدلاً من الأدوية مرتفعة الثمن أو التراكيب النادرة
ومن شدة اهتمامه بالأخلاق الحميدة ألَّف كتابًا خاصًا بهذا الأمر سماه "أخلاق الطبيب"، يشرح فيه العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض، وبين الطبيب والطبيب، وضمَّنه كذلك بعض النصائح للمرض في تعاملهم مع الأطباء
الثناء عليه :
هذا، وقد اعترف القاصي والداني لأبي بكر الرازي بالفضل والمجد والعظمة والعلم والسبق، ولا نقصد بذلك المسلمين فقط، بل اهتم غير المسلمين أيضًا بإنجازات الرازي وابتكاراته..
فنجد - فضلاً عن ترجمة كتبه إلى اللغات الأوربية وطبعها أكثر من مرة - إشارات لطيفة وأحداثًا عظيمة تشير إلى أهمية ذلك العالم الجليل، ومن ذلك أن الملك الفرنسي الشهير لويس الحادي عشر، الذي حكم من عام 1461م إلى 1483م، قد دفع الذهب الغزير لينسخ له أطباؤه نسخة خاصة من كتاب "الحاوي"؛ كي يكون مرجعًا لهم إذا أصابه مرض ما!!
ونجد أن الشاعر الإنجليزي القديم "جوفري تشوسر" قد ذكر الرازي بالمدح في إحدى قصائده المشهورة في كتابه "أقاصيص كونتربري"!!
ولعله من أوجه الفخار أيضًا أنه رغم تطور العلم وتعدد الفنون إلا أن جامعة بريستون الأمريكية ما زالت تطلق اسم الرازي على جناح من أكبر أجنحتها كما تضع كلية الطب بجامعة باريس نصبًا تذكاريًّا للرازي، إضافةً إلى صورته في شارع سان جيرمان بباريس.
لقد كان الرازي بحق صورة رائعة من صور الحضارة الإسلامية، قلَّما تتكرر في التاريخ، لقد كان طبيبًا وعالمًا ومعلمًا وإنسانًا.. عاش حياته لخدمة الإسلام والعلم والبشرية، ومات عن عمر بلغ ستين عامًا، وكانت وفاته في شعبان 311هـ / نوفمبر 923م.
لكن من الصعب أن نقول: إنه مات؛ فالمرء يُكتَب له الخلود بقدر ما ينفع الناس، وصدق الرسول الكريم عندما ذكر في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة ، أنه قال: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ"وذكر منها: "أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ"
الخوارزمي
الخوارزمي عالم من الطراز الاول
قال المستشرق الدو ميلي :
إذا انتقلنا إلى الرياضيات والفلك فسنلتقي منذ البدء بعلماء من الطراز الأول، ومن أشهر هؤلاء العلماء أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي!!
ليست تلك المقولة من تعبيري، وإنما هي لأحد المستشرقين الذين عُنُوا بعلوم المسلمين، وعرفوا فضل إسهاماتهم، وهو المستشرق "ألدو ميلي".
فالخوارزمي الرياضي والجغرافي والفلكي يُعَدُّ من أكبر علماء المسلمين، ومن العلماء العالميين الذين كان لهم تأثير كبير على العلوم الرياضية والفلكية. وهو مؤسس ومبتدع علم الجبر كعلمٍ مستقلٍّ عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه، كما أنَّه أول من استعمل كلمة "جبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم، فحتى الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية، وترجع كل الكلمات التي تنتهي في اللغات الأوربية بـ "algorism/algorithme" إلى اسم الخوارزمي، كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام العربية؛ ولهذا كان الخوارزمي أهلاً لتسميته بأبي الجبر
وتعود أصول الخوارزمي إلى خوارزم (أوزبكستان اليوم)، وعاش في بغداد فيما بين سنة 164 وسنة 235 هجرية (الموافق 780 - 850 ميلادية) وتُوُفِّي هناك. وبرز في زمن خلافة المأمون (مدة خلافته من 198 - 218هـ)، ولمع في علم الرياضيات والفلك.
لما كان والد المأمون (الخليفة هارون الرشيد) يريد توطيد العلم في أنحاء العالم الإسلامي المترامي الأطراف، فقد سار على دربه ابنه (المأمون) وأسَّس بيت الحكمة، الذي كان يحتوي على مكتبة تضم نصوصًا مترجمة لأهم الكتب اللاتينية، ثم عيَّن الخوارزمي رئيسًا له، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، الأمر الذي أفاد الخوارزمي كثيرًا؛ حيث درس الرياضيات، والجغرافيا، والفلك، والتاريخ، إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية، حتى كان نبوغه في حدود سنة 205 هجرية.
وقد حدثت تغييرات عديدة في اسمه عند الغربيين بعد وفاته، حيث عُرِف بـ (alchwarizmi) و(al-karismi) و(algoritmi) و(algorismi) و(algorism) وقد أصبحت الكلمة الأخيرة (algorism) تعني الحساب في اللغة الإنجليزية الحديثة
الخـــــوارزمي وعلم الجبر
كلمة جبر تعبير استخدمه (الخوارزمي) من أجل حَلِّ المعادلات بعد تكوينها، ومعناه أن طرفًا من طرفي المعادلة يكمل ويزداد على الآخر وهو الجبر، والأجناس المتجانسة في الطرفين تسقط منها، وهو المقابلة أي أنَّ:
ب س + ج= أ س2 + 2ب س- جـ
تصبح بعد الجبر ب س+ 2جـ= أ س2+ 2ب س.
وتصبح بالمقابلة 2جـ= أ س2+ ب س.
واسم الجبر في جميع لغات العالم مشتق من الكلمة العربية (الجبر)، وهي التي استخدمها (الخوارزمي) في كتابه (الجبر والمقابلة) كما سيأتي الحديث عنه.
وقد اشتغل المسلمون بالجبر واستعملوه حتى نبغوا فيه، بينما كان بمثابة الألغاز بالنسبة للأوربيين؛ يقول الدكتور ديفيد يوجين سميث في كتابه (تاريخ الرياضيات - المجلد الثاني): "إنَّ الجبر عُرِفَ في اللغة الإنجليزية في القرن السادس عشر الميلادي بالجبر والمقابلة، ولكنَّ هذا الاسم اختُصِرَ في النهاية من مخطوطة محمد بن موسى الخوارزمي الذي نال الشهرة العظيمة عام 825م، وذلك في بيت الحكمة في بغداد حيث ألَّف هناك كتابه القيم "الجبر والمقابلة"، وفيه حلَّ الكثير من المعادلات ذات الدرجة الأولى والثانية من ذات المجهول الواحد".
واعترف رام لاندو في كتابه (مآثر العرب في الحضارة) بأنَّ الخوارزمي "ابتكر علم الجبر، ونقل العدد من صفة البدائية الحسابية لكمية محدودة إلى عنصر ذي علاقة وحدود لا نهاية لها من الاحتمالات، ويمكننا القول بأن الخطوة من الحساب إلى الجبر هي في جوهرها الخطوة من الكينونة إلى الملائمة، أو من العالم الإغريقي الساكن إلى العالم الإسلامي المتحرك الأبدي الرباني"
وقد طوَّر الخوارزمي علم الجبر كعلمٍ مستقل عن الحساب؛ ولذا ينسب إليه هذا العلم في جميع أنحاء المعمورة، فقد ابتكر الخوارزمي في بيت الحكمة الفكر الرياضي بإيجاد نظام لتحليل كل معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية.
ولذا فقد سمَّى جورج سارتون في كتابه (مقدمة من تاريخ العلوم) النصف الأول من القرن التاسع بـ "عصر الخوارزمي"؛ وذلك لأن الخوارزمي كان أعظم رياضيٍّ في ذلك العصر على حَدِّ تعبير سارتون، ويستطرد سارتون فيقول: "وإذا أخذنا جميع الحالات بعين الاعتبار فإنَّ الخوارزمي أحد أعظم الرياضيين في كل العصور".
وإضافةً إلى ذلك أكَّد الدكتور أي وايدمان أن أعمال الخوارزمي تتميز بالأصالة والأهمية العظمى وفيها تظهر عبقريته، كما قال الدكتور ديفيد بوجين سميث ولويس شارلز كاربينسكي في كتابهما (الأعداد الهندية والعربية): "إنَّ الخوارزمي هو الأستاذ الكبير في عصر بغداد الذهبي؛ إذ إنه أحد الكُتّاب المسلمين الأوائل الذين جمعوا الرياضيات الكلاسيكية من الشرق والغرب، محتفظين بها حتى استفادت منها أوربا المتيقظة آنذاك. إنَّ لهذا الرجل معرفةً كبيرة، ويدين له العالم بمعرفتنا الحإلية لعلمي الجبر والحساب".
وقد وجد الخوارزمي متسعًا من الوقت لكتابة علم الجبر حينما كان منهمكًا في الأعمال الفلكية في بغداد، ويختص كتابه "الجبر والمقابلة" بإيجاد حلول لمسائل عملية واجهها المسلمون في حياتهم اليومية.
إنَّ الرياضيات التي ورثها المسلمون عن اليونان تجعل حساب التقسيم الشرعي للممتلكات بين الأبناء معقدًا للغاية إن لم يكن مستحيلاً، وهذا هو ما قاد الخوارزمي للبحث عن طرق أدق وأشمل، وأكثر قابلية للتكيف فابتدع علم الجبر.
وقد استعمل الخوارزمي الطريقة البيانية لإيجاد جذر المعادلة بكل نجاح؛ لذا فإن الخطأ بين موضعين يُعتبر من ابتكاره، وهذه الطريقة لعبت دورًا مهمًا في التحليل العددي، وتُعرَف في اللغة الإنجليزية باسم (falsepositions).
وعرف الخوارزمي الوحدة المستعملة في المساحات، واستخدم (التكسير) ويقصد بذلك المساحة، سواء كانت سطحية أو حجمية، كما تطرق إلى إيجاد مساحات بعض السطوح مستقيمة الأضلاع والأجسام، والدائرة، والقطعة، والهرم الثلاثي والرباعي، والمخروط والكرة، كما استعمل النسبة التقريبية وقيمتها ط = 8/ 22 أو 10، لذا فإن الخوارزمي أثرى علم الجبر باستعماله بعض الأفكار الجبرية لمعرفة المساحة.
وكان الخوارزمي يعرف أن هناك حالاتٍ يستحيل فيها إيجاد قيمة للمجهول (الكميات التَّخيُّلية) وسماها: (الحالة المستحيلة)، وبقيت معروفةً بهذا الاسم بين علماء الرياضيات حتى بدأ العالم السويسري ليونارد أويلر leonhard euler (1707- 1783م) في تعريف الكميات التخيلية بأنها: الكمية التي إذا ضربت بنفسها كان الناتج مقدارًا سالبًا، وأعطى كثيرًا من الأمثلة على هذا.
ثم جاء العالم الألماني كارل قاوس (1777 – 1855م) فركز على دراسة الكميات التخيلية وخواصها. والجدير بالذكر أن الكميات التخيلية قادت في النهاية إلى معرفة علم التحليل المركَّب الذي يُعتبر من أهم العلوم الرياضية في العصر الحديث، ومما لا يقبل الجدل والتأويل أن الفضل في ذلك يرجع أولاً للعالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي.
ولم يكتشف الخوارزمي علم الجبر ونظرية الخطأين (وهما أداة أساسية في التحليل العلمي الرياضي) فحسب، وإنما وضع كذلك أسس البحث التجريبي الحديث باستخدام النماذج الرياضية، كما نشر أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد تُرجِمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر.
وإضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي أيضًا في علم الفلك، وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جدولاً فلكيًّا (زيجًا)، وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه. وكان من أهم إسهامات الخوارزمي العلمية التحسينات التي أدخلها على جغرافية بطليموس سواء بالنسبة للنص أو الخرائط
مؤلفــــات الخوارزمي :
يقول محمد خان في كتابه (نظرة مختصرة لمآثر المسلمين في العلوم والثقافة): "إنَّ الخوارزمي يقف في الصف الأول من صفوف الرياضيين في جميع العصور، وكانت مؤلفاته هي المصدر الرئيسي للمعرفة الرياضية لعدة قرون في الشرق والغرب"
وقد اهتم الخوارزمي في بداية الأمر بالاكتشافات في علم الرياضيات والفلك، ثم بعدها بدأ التأليف فصنَّف كتبًا كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - كتاب (الجبر والمقابلة)، وهو الكتاب الرئيسي ذو الأثر الحاسم، والذي درس فيه تحويل المعادلات وحلها، وقد ترجمه إلى اللاتينية "جيراردو دي كريمونا" ونشر النص العربي (روزن) مع ترجمة إنجليزية في لندن سنة 1851م.
وترجم له أيضًا "يوحنا الأسباني" الذي ترجم من العربية إلى اللاتينية عدة مؤلفات في الفلك والنجوم، من بينها كتب للخوارزمي، بفضلها انتقل الحساب الهندي والنظام العشري في الحساب إلى أوربا؛ حتى عرفت العمليات الحسابية باسم Alguarismo. والغريب أنها ترجمت إلى العربية باسم "اللوغاريتمات" وهي في الأصل منسوبة إلى الخوارزمي!! والصحيح أن تترجم "الخوارزميات" أو "الجداول الخوارزمية".
وقد أصبح الكتاب مصدرًا أساسيًا في الرياضيات في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر، وكان معظم ما ألَّفه مَنْ جاء بعده في علم الجبر مستندًا عليه، وقد نقله من اللغة العربية إلى اللاتينية روبرت أوف شستر ( Robert of chester) فاستنارت به أوربا.
وحديثًا حقق الدكتوران علي مصطفى مشرفة ومحمد مرسي هذا الكتاب، وذلك في سنة 1968م
2 - كتاب في الجغرافيا شرح فيه آراء بطليموس.
3 - كتاب جداول للنجوم وحركاتها من مجلدين.
4 - كتاب شرح فيه طريقة معرفة الوقت بواسطة الشمس.
5 - كتاب جمع فيه بين الحساب والهندسة والموسيقى والفلك، ويقول البروفيسور جورج سارتون في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم) عن هذا الكتاب: إنه "يشتمل على خلاصة دراساته لا على ابتكاراته العظيمة".
6 - كتاب العمل بالإسطرلاب.
7 - كتاب صنع الإسطرلاب.
8 - كتاب وضح فيه طريقة الجمع والطرح.
9 - كتاب صورة الأرض وجغرافيتها.
10 - كتاب صورة الأرض، نشر سنة 1929م.
11 - كتاب المعرفة، وهو يبحث في علم النجوم.
12 - كتاب زيج الخوارزمي الأول.
13 - كتاب زيج الخوارزمي الثاني، وهو جداول فلكية سماه (السند هند)، جمع فيه بين مذهب الهند والفرس.
14 - رسالة عن النسبة التقريبية وقيمتها الرياضية.
15 - رسالة وضح فيها معنى الوحدة المستعملة في المساحات والحجوم.
16 - رسالة ذكر فيها برهانًا آخر لنظرية فيثاغورث مستخدمًا مثلثًا قائم الزاوية ومتساوي الساقين.
17 - رسالة مفصلة وضح فيها قوانين لجمع المقادير الجبرية وطرحها وضربها وقسمها.
18 - رسالة شرح فيها طريقة إجراء العمليات الحسابية الأربع على الكميات الصم.
19 - كتاب رسم الربع المعمور.
20 - كتاب الجمع والتفريق.
21 - كتاب الرُّخامة (الرخامة قطعة من الرخام مخططة تساعد على معرفة الوقت عن طريق الشمس).
22 - كتاب هيئة الأرض.
23 - كتاب المعاملات، ويتضمن المعاملات التي يقوم بها الناس من بيع وشراء
لقد عاش الخوارزمي ~ حياةً عمادُها العلمُ؛ بحثًا واكتشافًا وتأليفًا ابتغاء مرضاة الله، وسعيًا وراء راحة البشرية، ورقي الحضارة، وظلَّ كذلك حتى وافته المَنِيَّة سنة 235هـ/ 850م. فرحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ابن الهيثم :
يقول " سارطون " أحد كبار الباحثين من علماء أمريكا: "إن ابن الهيثم أعظم عالم ظهر عند العرب في علم الطبيعة، بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى، ومن علماء البصريات القليلين المشهورين في العالم كله..".
وقد بقيت كتبه منهلاً ينهل منه فحول علماء أوروبا كروجر باكن، و كبلر، و فنزي ، و وايتلو. و سحرت بحوثه في الضوء "ماكس مايرهوف" وأثارت إعجابه إلى درجة جعلته يقول: "إن عظمة الابتكار الإسلامي تتجلى لنا في البصريات".
هو محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري: ولد سنة 354ه - 965م، لقب بالبصري نسبة إلى مدينة البصرة. ابن الهيثم هو عالم عربي في الفيزياء، والبصريات، الهندسة و الرياضيات والفلك، و له فيها العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.توفي سنة 430ه - 1039م.
نشأته:
نشا ابن الهيثم في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وغيرها،فانكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان والعالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها، وأكمل ما كان قد بدأه العالم الزهراوي.
درس في بغداد الطب، واجتاز امتحانًا مقررًا لكل من يريد العمل بالمهنة، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر.
منهجه العلمي:
اعتمد ابن الهيثم في بحوثه على أحد منهجين:
1. منهج الاستقراء.
2. منهج الاستنباط.
وفي الحالين كان يعتمد على التجربة والملاحظة، وكان همه من وراء البحث هو الوصول إلى الحقيقة التي تثلج صدره، وقد حدد الرجل هدفه من بحوثه، وهو إفادة من يطلب الحق ويؤثره، في حياته وبعد مماته.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة،وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.
أعماله في الفيزياء:
مؤسس علم الضوء
علم الضوء صاحب السبق فيه هو ابن الهيثم، وقد وضع أسسه من خلال كتابه" المناظر". وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر خبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء( أمير النور ).
ابن الهيثم مع البصريات
نجح ابن الهيثم وهو بمصر في تطوير علم البصريات بشكل جذري حين برهن رياضيا وهندسيا على أن العين تبصر وتري بواسطة انعكاس الإشعاعات من الأشياء المبصرة علي العين وليس بواسطة شعاع ينبثق من العين إلى الأشياء. وبذلك أبطل ابن الهيثم النظرية اليونانية لكل من إقليدس وبطليموس، التي كانت تقول بأن الرؤية تحصل من انبعاث شعاع ضوئي من العين إلى الجسم المرئي.
كذلك برهن ابن الهيثم رياضيا وهندسيا علي كيفية النظر بالعينين معا إلى الأشياء في آن واحد دون أن يحدث ازدواج في الرؤية برؤية الشيء شيئين.
وعلل ابن الهيثم ذلك بأن صورتي الشيء المرئي تتطابقان علي شبكية العينين وقد وضع ابن الهيثم بهذه البرهنة وذلك التعليل الأساس الأول لما يعرف الآن باسم الاستريسكوب.
وكان ابن الهيثم أول من درس العين دراسة علمية وعرف أجزاءها وتشريحها ورسمها.
مساهمة في علم الحركة (ميكانيكا)
أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء، ولكنه توصّل إلى رصد ما يلي:
- أن للحركة نوعين:
-الحركة الطبيعية:وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه، وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط الحر".
-الحركة العرضية:وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)، وهو يرى في الجسم الساقط سقوطًا حرًا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول، وتعتمد بالتالي سرعته على ثقله والمسافة التي يقطعها.
تحليل حركة الجسم
ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)، واحدة باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.
درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام المرن، وغير المرن، وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب على سطح من الحديد، وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.
مساهماته في الرياضيات:
وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم غير علم البصريات؛ ففي علم الرياضيات وضع العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا، بعضها كان شرحًا وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال، والبعض الآخر تأسيسًا لنظريات رياضية حول خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك.
مساهمته في علم الفلك:
أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد استخدم عبقريته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية، كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية، عكست عبقرية الرجل من جانب، ومن جانب آخر عمق خبرته وعلمه بالفلك، ومن أمثله مؤلفاته:
• ارتفاع القطب: وفيه استخرج ارتفاع القطب، وتحديد خط عرض أي مكان.
• أضواء الكواكب: اختلاف منظر القمر.
• ضوء القمر: وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.
• الأثر الذي في وجه القمر: وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر، وتوصل إلى أن القمر يتكون من عدة عناصر، يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس، ومن ثم يظهر هذا الأثر.
• مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.
• تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.
وغير ذلك كثير.
كتبه ومؤلفاته:
-كتاب المناظر: الذي يعد ثورة في عالم البصريات، فقد رفض فيه عددًا من نظريات بطليموس في علم الضوء، بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث. ومن أهم الآراء الواردة في الكتاب:
_ الرؤية تتم بواسطة الأشعة التي تنعكس من الجسم المرئي باتجاه عين المبصر على عكس بطليموس الذي قال أن الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين إلى الجسم المرئي.
_ الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس.
_اكتشاف ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء .
_شرّح العين تشريحاً كاملاً، وبين وظيفة كل قسم منها.
- اختلاف منظر القمر.
- رؤية الكواكب.
- التنبيه على ما في الرصد من الغلط.
- أصول المساحة.
- أعمدة المثلثات.
- المرايا المحرقة بالقطوع.
- المرايا المحرقة بالدوائر.
- كيفـيات الإظلال.
- رسالة في الشفق.
- شرح أصول إقليدس.
- مقالة فی صورةالکسوف.
- رسالة فی مساحة المسجم المکافی.
- مقالة فی تربیع الدائرة.
- مقالة مستقصاة فی الأشكال الهلالیة.
- خواص المثلث من جهة العمود.
- القول المعروف بالغریب فی حساب المعاملات.
- قول فی مساحة الكرة.
- كتاب الجامع في أصول الحساب.
- كتاب في تحليل المسائل الهندسية.
- مقالة في التحليل والتركيب.
تأثيره على العلم الحديث:
درس ابن الهيثم ظواهر انكسار الضوء و انعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا . يعتبر كتاب المناظر Optics المرجع الأهم الذي استند عليه علماء العصر الحديث في تطوير التقانة الضوئية، وهو تاريخياً أول من قام بتجارب الكاميرا Camera و هو الاسم المشتق من الكلمة العربية : " قُمرة " وتعني الغرفة المظلمة بشباك صغير.
منقووووووووول
=========
>>>> الرد الخامس :
https://www.guelma24.net/t4241-topic
=========
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=259414
شكرا اخي salah بارك الله فيــكـ
بارك الله فيكي اختي نورهان سـالم
وجزاكم الله كل خيــــــــــــر
تحيــــــأآتــي..............♥
وصلت متأخرة رغم اننا لم نقدم المشروع و الله يا اختي سمحيليي
اهلا بكي
عـــأآدي ماكان حتى مشكل
بالتوفيق..........
هههه هذا الموضوع جانا كفقرة في الاختبار الثاني
أأأأأأأأأأأ مليـح نتمنــى تكونـ خدمــت فيهـ
شكرا على مروركـ الكريـمـ
موفقـ
و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
رغم اني جئت متأخرة لكن لابأس بافادتك ببحثي
الموضووع عبارة عن تقرير عن ثلاث شخصيات من العصر العباسي
كل شخصية من مجال
في بحثنا اخترنا ابن الهيثم فقط لانه يشمل عدة مجالات
و طبعا انجزنا البحث بالباور بوينت .. مع صور و تقديم شفهي غير ممل
و تستطيعين ان تدرجي في بحثك فيديو رائع تجدينه في اليوتيوب
اكتبي العلماء المسلمون
https://www.youtube.com/watch?v=_BNpfWrTqHM
او المقطع الثاني منه فقط هو المفيد اكثر
https://www.youtube.com/watch?v=MWz89OFb-h8
اتمنى اني قد افدتك و سلاام
اختي انا مشرووعي نظمته من هنااا و اعتمدت كثيييراا على هاد البحث راه عند الاستاذة مشروعي ما نرسله لك
مقدمة
الحضارة الإسلامية هي جزء من دين ملؤه الرقي و السمو و طبعا يكون بالأخلاق الفاضلة و العادات والتقاليد المحترمة و العلوم المزدهر ة , وهذا المفهوم عرفته الشعوب الإسلامية الأولى و طبقة دعوى الإسلام فحققت الازدهار و التطور في مختلف مجالات الحياة فأمنت للعالم الإسلامي عظمة و هيبة جعلته الرائد بلا منازع , و فتحت المجال أمام الأسماء الإسلامية بأن تبرز و تخرج لتعرف بالعقل المسلم ولترفع عنه الاتهامات , فحقق عباقرتها انجازات خدمت البشرية مدى الدهر ، و جعلت الاعترافات تقربها , فاكتشف العلماء و اخترعوا و ألفوا وبلغت أوجها في العهد العباسي , و لكن كأية حضارة في الوجود لابد لها من الزوال عساها تفتح المجال أمام حضارة أخرى , و طبعا بعد انتشار الغرور , و الضياع اللهو و الفساد , و الابتعاد عن المبادئ المرسومة و التي يعرفها الكل , و لكن قبل أن نغوص في خرابها و دمارها و كشف أخطائها , لما لا نتكلم عن فضائلها و محاسنها و لنفخر كثيرا بأصلنا .
1
استمرت الخلافة العباسية في المشرق من سنة 132 إلى 656 للهجرة أي لمدة 524 سنة، و بقي للعباسيين بعد ذلك الخلافة بمصر إلى سنة 923 للهجرة.
و تعد الدولة العباسية كما يقول ابن طباطبا كثيرة المحاسن، جمة المكارم، أسواق العلوم فيها قائمة، و بضائع الآداب فيها نافقة، و شعائر الدين فيها معظمة، و الخيرات فيها دائرة، و الدنيا عامرة، و الحرمات مرعية، و الثغور محصنة، و مازالت على ذلك حتى أواخر أيامها، فأنتشر الشر، و اضطرب الأمر.
فقد شهدت الحركة العلمية في العصر العباسي ازدهارا كبيرا في شتى الميادين، يعود سببه إلى ظهور الكثير من العلماء والمفكرين في مختلف العلوم وانتشار حركة الترجمة واهتمام الخلفاء بها، إضافة إلى التوسع في التعليم العام وبناء المدارس والمؤسسات الثقافية مثل دور العلم والربط فضلا عن المساجد. ومن العلماء البارزين في اللغة والادب والشعر الخليل بن أحمد الفراهيدي في علم النحو والعروض (نظم الشعر) والجاحظ في الادب والبلاغة والاصمعي في الادب واللغة, كما تميز الامام بن ثابت الكوفي المعروف بابي حنيفة والقاضي ابي يوسف في علم الفقه. أما شعراء هذا العصر فمن أبرزهم أبو العتاهية وعباس بن الأحنف وابو تمام الطائي والبحتري والمتنبي والشريف الرضي وأبو العلاء المعري وأبو نواس ومن المؤرخين البارزين محمد بن جرير الطبري واليعقوبي وبرز في الجغرافية المسعودي أما في الرياضيات والفيزياء فقد برز أبو الحسن بن الهيثم وفي علم الجبر محمد بن موسى الخوارزمي وفي الكيمياء جابر بن حيان وغيرهم كثيرون ممن ترجمت مؤلفاتهم إلى اللغات الاوربية واستفيد منها في النهضة الاوربية الحديثة. وقد اهتم الخلفاء بالعلم والعلماء فقربوهم وشجعوهم فكان لذلك أثره الكبير على الرقي الفكري في هذا العصر، وأبرزهم الخليفة هارون الرشيد الذي اشتهر بتقريبه العلماء والفقهاء والادباء والشعراء والكتاب وتشجيعهم على البحث والتأليف وتوفير كل ما يحتاجون اليه في بحوثهم ودراساتهم
مظاهر ازدهار الحركة العلمية
1- أصبحت المساجد ساحات علمية ومجالس للدرس والمناظرة والتثقيف .
2-امتزاج الثقافة العربية بثقافات الأمم السابقة .
3-ترجمة كتب العلوم المختلفة إلى العربية والإضافة إليها.
4-ظهور علم الكلام للرد على الملا حدة والزنادقة .
5-ازدهار الثقافة الدينية تفسير القران جمع الأحاديث نشأة الفقه
6- ازدهار العلوم اللغوية بظهور مذهب الكوفيين والبصريين في دراسات النحوية
7-الاهتمام بالتأليف البلاغي والنقدي ورواية الشعر والنوادي والأخبار
8- ظهور مذهب المحدثين في الشعر وتعدد اتجاهات الشعراء وأغراضهم .
9- تجدد أساليب النثر وتنوع فنونه مثل الخطابة و الكتابة والتأليف .
اثر الحركة العلمية في الحياة الفكرية في عصر العباسي
شهد العصر العباسي نهضة حضارية عظيمة وحركة فكرية رائدة امتدت لتشمل العديد من المجالات، وكان لوعي الخلفاء والحكام ورعايتهم للعلم والفن والثقافة والأدب أكبر الأثر في تشجيع العلماء والأدباء والفقهاء والشعراء على الإجادة والإبداع، وإشعال الرغبة في الإجادة والتميز في نفوسهم حيث حظي العلماء والنابهون من الأدباء والفقهاء والشعراء بمكانة متميزة، ليس في بلاط الخلافة فحسب وإنما صارت لهم منزلة مرموقة في المجتمع كله
وقد أدى هذا الاهتمام من جانب الخلفاء والحكام بالعلم والعلماء إلى ظهور عدد كبير من العلماء الأفذاذ الذين حملوا على عاتقهم تلك النهضة الحضارية الواعدة،
وقادوا مسيرة العلم والتقدم، ودفعوا عجلة الحضارة الإسلامية تلك الدفعة القوية التي ظلت أصداؤها تتردد في ظلام أوربا لعدة قرون
كان تطور الفكر العربي في العصر العباسي نتيجة لما مر عليه من أحداث سياسية و اجتماعية, و من مظاهر تطور الفكر في العصر العباسي
أصبحت الترجمة عملا رسميا بعدما كان في العصر الأموي عملا فرديا يقوم به بعض الراغبين فيه, و هذا ما أدى إلى اكتساب كثيرا من العلوم و الآداب من البلاد المترجم عنها بفضل الرحلات و البعثات العلمية و أول من عني بالترجمة من الخلفاء العباسيين أبو جعفر المنصور ثم نشطت الترجمة في عهد هارون الرشيد و خاصة في عهد المأمون
تطورت الحياة الفكرية من بعد 50 سنة فقط من بداية دراسة العرب لثقافات الأمم الأخرى عن طريق الترجمة فقد اهتم العباسيون بالعلوم و الفنون المختلفة, و أول العلوم اهتموا بها هي علو التفسير و الفقه و النحو, المنطق و الأدب و من ذلك انتقلوا إلى الاهتمام و العناية بالعلوم الكونية من الفلك , طب , رياضيات الفيزياء
فمن أهم الشخصيات العلمية من العصر العباسي التي أسهمت في إثراء الفكر الإنساني نجد: ابن سينا, أبو بكر الكرخي, محمد الكاشني ,أبو الريحان البيروني, محمد أبو الوفا البوزجاني , أبي سهل عيسى النصراني و ابوعباس المأمون و اعد ريحان البيروني و أبو بكر الرازي.
د . تأثير الحضارات الأخرى في الحضارة الإسلامي
أ- التأثير الفارسي:
كان التأثير الفارسي في الحضارة الإسلامية أقوى في مجال الأدب حيث كان الأدب الفارسي الشرقي اقرب إلى ذوق العرب و أحاسيسهم من الأدب اليوناني.
في العصر العباسي قام من يجيدون اللغتين الفارسية و العربية بترجمة الكتب الفارسية و من هؤلاء :
- عبدالله بن المقفع - أبناء خالد - الحسن بن سهل
و نخص بالذكر المقفع حيث ترجم تاريخ الفرس و قيمهم و عاداتهم و سير ملوكهم فضلا عن كتب أدبية منها:
- كليلة و دمنة - الأدب الكبير - الأدب الصغير - كتاب اليتيمة
لم تكن حضارة الفرس في مجال الأدب فقط فقد امتلكوا تراثا في العلوم الأخرى كالهندسة و الفلك و الجغرافيا، لكن تأثير اليونان في العلوم العقلية كان أقوى من تأثير الفرس.
ب-التأثير اليوناني:
التأثير اليوناني في الأدب كان محدودا و لا يزيد عن نقل بعض الكلمات مثل:
- القنطار - الدرهم - القسطاس - الفردوس - بالإضافة إلى بعض الحكم
كانت الحضارة اليونانية ذات تأثير قوي في العلوم العقلية و هذا نتج عن معتقدات اليونان أنفسهم و اهتمامهم بالعقل و ارتفاع شانه على حساب الأعمال اليدوية أو المجال الأدبي، فنقل العرب عنهم في مجال الفلسفة عن أفلاطون و أرسطو و في مجال الطب عن جالينوس و ابقراط.
لبرز مظاهر التأثير اليوناني كانت خلال العصر الهلينستي حيث امتزجت حضارة اليونان بالقسم الشرقي و اخذ المسلمون منهم ما يتوافق مع الإسلام و نبذوا ما يتعارض معه.
ت- لتأثير الهندي:
حركة الفتوح الإسلامية امتدت إلى الهند في أواخر القرن الأول الهجري، أي في خلافة الوليد بن عبدالملك( 86 -96 ﻫ) و استؤنفت في منتصف القرن الثاني الهجري في عهد أبي جعفر المنصور ( 136- 158 ﻫ) و نشطت مرة أخرى في القرن الخامس الهجري، و ذكر في ذلك بعض المؤرخين:
- الجاحظ:" اشتهر الهند بالحساب و علم النجوم و أسرار الطب".
- الاصفهاني: " الهند لهم معرفة بالحساب و الخط الهندي و أسرار الطب و علاج فاحش الداء....".
جزء كبير من ثقافة الهند و علومهم انتقل إلى فارس بحكم العلاقات التجارية بين الطرفين قبل الإسلام و من ذلك أن كسرى انوشروان أرسل طبيبه برزويه إلى الهند لاستحضار كتب و مؤلفات في الطب فعاد بالكثير منها و يقال أن قصة كليلة و دمنة انتقلت من الهند ضمن ما نقله برزويه من كتب بالإضافة إلى لعبة الشطرنج.
عندما عكف المسلمون على ترجمة كتب الفرس إلى العربية نقلوا بين ثناياها أجزاء من ثقافة الهنود و علومهم و أحيانا قام بعض المترجمين بنقل السنسكريتية و هي اللغة الهندية إلى العربية مباشرة و منهم:
- منكة الهندي - ابن دهن الهندي
و من العلوم التي اخذ فيها المسلمون عن الهنود: الرياضيات و الفلك والطب
أ- الرياضيات:
- الأرقام الحسابية المستخدمة في العالم حاليا عرفها المسلمون عن الهنود و عن المسلمين نقلت إلى الغرب، و قد عرف المسلمون هذه الأرقام باسم راشيكات الهند.
- نقل عن الهنود الكثير من المصطلحات الرياضية مثل مصطلح الجيب في حساب المثلثات.
و استفاد العالم الرياضي أبا جعفر بن موسى الخوارزمي من معارف الهنود في الرياضيات.
ب- الفلك:
- أمر أبو جعفر المنصور سنة 154 ﻫ بترجمة كتاب في الفلك ألفه احد علماء الهند و هو برهمكبت و قد كان باللغة السنسكريتية، كما أمر باستخراج زيجا من ازيجة هذا الكتاب يستخدمه العرب لدراسة حركة الكواكب، و قد قام بترجمة هذا الكتاب الفزاري و أنجز الزيج المشهور الذي ينسب إليه. كما اخذ المسلمون عن الهنود كتاب "السند هند" في الفلك.
ت- الطب
- من الكتب التي ترجمت إلى العربية عن الهندية في مجال الطب :
§ كتاب " السيرك" و قد ترجم أولا إلى الفارسية ثم من الفارسية إلى العربية عن طريق عبدالله بن علي.
§ كتاب " سسرد" نقله منكة عن الفارسية ليحيى بن خالد البرمكي.
§ كتاب "أسماء عقاقير الهند" نقله منكة عن اسحق بن سليمان.
§ كتاب " استنكر الجامع" نقله ابن دهن الهندي.
- من المعروف أن أطباء الهند نبغوا في استخدام الأعشاب الطبية في مداواة الكثير من العلل و قد نقل المسلمين الكثير عن فوائد الأعشاب عن الهنود، و بعض هذه الأعشاب لم يعرفها اليونان حيث لا تنبت إلا في أقاليم الهند و شرق آسيا، و يقال أن خالد بن يحيى البرمكي جلب بعض أطباء الهند مثل:
- منكة - قلبرقل - سندباد
- و كان الاتصال بالحضارة الهندية مصحوبا بتعريب كثير من المصطلحات و الأسماء مثل: - زنجبيل - كافور - خيرزان - فلفل
فضلا عن ترجمة بعض القصص مثل كليلة و دمنة و السندباد كما سبقت الإشارة.
و إذا كان المسلمون اخذوا عن الحضارات السابقة فان هذا لا يقلل من شانها لان الترجمة كانت مرحلة من مراحل الابتكار العلمي الإسلامي و هذه المراحل هي:
1 . النقل و الترجمة. 2. الشرح و التفسير.
3 . النقد و التصحيح. 4. الإضافة و الابتكار.
ج. تطور حركة الترجمة و ازدهارها:
حركة الترجمة إلى العربية أخذت تتسع و تزداد قوة في العصر العباسي بفضل:
1. تشجيع الخلفاء العباسيين و رعايتهم لهم و قد فتحوا بغداد أمام العلماء و اجزلوا لهم العطاء و أضفوا عليهم ضروب التشريف و التشجيع بصرف النظر عن مللهم و عقائدهم. في حين أن حركة الترجمة في العصر الأموي كانت محاولات فردية لا يلبث أن تذبل بزوال الأفراد.
2. غدت ركنا من أركان سياسة الدولة فلم يعد جهد فردي سرعان ما يزول بزوال الأفراد سواء حكام أو غير ذلك بل أصبح أمرا من أمور الدولة و ركنا من أركانها.
و في حين أن الترجمة في العصر الأموي اقتصرت على الكيمياء و الفلك و الطب، نجد انه في العصر العباسي صارت أوسع نطاقا بحيث شملت الفلسفة و المنطق و العلوم التجريبية و الكتب الأدبية.
من أمثلة اهتمام الخلفاء العباسيين بالعلماء و المترجمين:
1. الخليفة أبا جعفر المنصور( 136- 158 ﻫ) : و قد عني بترجمة الكتب إلى العربية سواء من اليونانية أو الفارسية، و في تلك المرحلة نقل حنين بن إسحاق بعض كتب ابقراط و جالينوس في الطب و نقل ابن المقفع كتاب "كليلة و دمنة" من الفهلوية.
2. هارون الرشيد (170 -194 ﻫ): عندما كثر أعداد العلماء في بغداد انشأ لهم دار الحكمة لتكون بمثابة أكاديمية علمية يجتمع في رحابها المعلمون و المتعلمون و حرص على تزويدها بالكتب التي نقلت من آسيا الصغرى و القسطنطينية.
3. المأمون ( 198-218 ﻫ) : ازداد اهتماما ببيت الحكمة، فوسع من نشاطها و ضاعف العطاء للمترجمين و قام بإرسال البعوث إلى القسطنطينية لاستحضار ما يمكن الحصول عليه من مؤلفات يونانية في شتى ألوان المعرفة، فاخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بن مطر، و ابن البطريق فاخذوا مما اختاروا و قد ذكر ابن النديم انه كان بين المأمون و إمبراطور القسطنطينية مراسلات بهذا الشأن.
في العلوم الإسلامية : أبو حنيفة , مالك,الشافعي , حنبل,و من البصريين عيسى بن عمر الثقفي و أبو عمرو بن العلاء والكوفيين أبو جعفر الكراسي و الكسائي و الفراء, محمد بن عمر الواقدي .
في الأدب : و هم كثيرون :
في الشعر: ابن العتاهية العراقي صاحب الزهديات ,و أبو نواس البصري منشد الخمريات ,و أبو تمام السوري صاحب الحماسة ,و تلميذه البحتري السوري , و امتنبي الكوفي أمير الشعراء, و شاعر الفلاسفة أبي العلاء المعري ,و غيرهم كثار.
في النثر : و ظهر المترجمون :ابن المقفع الفارسي الأصل مترجم كليلة و دمنة ,و الطبيب جورجيس بن بختيشوع و الحجاج بن يوسف بن مطر , و المبدعون أمثال الجاحظ صاحب البخلاء و بديع الزمان الهمذاني سيد المقامات ,و سهل بن هارون و غيرهم .
في الرياضيات :و نظرا للتطور المبهر لهذا المجال فلابد من عباقرة قادوا هذا الازدهار أمثال أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي و كذا أبناء شاكر
في الطب : أبو بكر الرازي جالينوس العرب صاحب أكبر كتاب في الطب ٌ الحاوي ٌ , ابن النفيس , ابن سينا,ابن البيطار , و الصيادلة :أبو القاسم الزهراوي ،الطبري , ابن زهر , موسى بن العازر,أبو قريش عيسى الصيدلاني , ابن الوافد , الإدريسي ,البغدادي و غيرهم ....
في الفيزياء و الفلك :ابن الهيثم ,الخازني , و الخوارزمي و الكندي البغدادي وغيرهم
حواضر العالم الإسلامي
كان للحضارة الإسلامية و النهضة العلمية في العصر العباسي وقع على الحياة سواء العلمية أم الاجتماعية أو السياسية , و طبعا لكل حضارة عواصمها , أما الإسلامية فقد كان ترابها كطله علوما لكن لابد أن تبرز إحداها عن الأخرى , فالرائدة فيلا هذا العهد كانت بغداد,عند حكم الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور أسس مدينة بغداد، وهي كلمة فارسية الأصل ومعناها "عطية الله" وقد بدئ العمل بإنشائها سنة 541هـ ، وانتقل إليها المنصور في العام التالي وأسماها دار السلام ، ولكنها ظلت تعرف باسمها الفارسي
في العصر العباسي الأول ازدهرت البصرة وذاعت شهرتها وقصدها طلاب العلم والأدب واللغة وبرز فيها أعلام كان لهم دور بارز في علوم اللغة والفقه والأدب وكذا الكوفة
و من حواضر الأدب كقرطبة وأشبيلية وتونس والقيروان، و فاس، وبجاية وتلمسان بالإضافة للرياضيات ، وبرقة، والقاهرة والإسكندرية للفقه ، ونجد والحجاز، وبيت المقدس، وبيروت، وطرابلس الشام، ودمشق وحلب آلتان انتزعت منهما الريادة ، والموصل، ومنبج وأنطاكية، وصنعاء وعُمان، وشيراز وأصفهان، وخوارزم والري ونيسابور..إلخ
الأسباب التي أدت إلى نهضة الأدب في العصر العباسي الأول :
على الرغم من الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة العباسية في العصر العباسي
الثاني إلا أن الأدب شعرا ونثرا ظل مزدهرا وذلك لوجود عدة عوامل منها
حرص الخلفاء على نقل العلوم عن الحضارات الأخرى كالفارسية والهندية واليونانية
تشجيع الترجمة ودراسة هذه الآثار وتحليلها والإضافة عليها ، ولم يكن العرب مجرد ناقلين .
ازدهار الثقافة الدينية والاهتمام بالتفسير وعلوم الحديث .
ازدهار العلوم اللغوية وظهور مدرستي البصرة والكوفة في النحو والاهتمام بالنقد الأدبي - ظهور تيار جديد في الشعر العربي، يسمى مذهب المحدثين ،أحدث نوعاً من التجديد في منهج بناء القصيدة العربية ،وأكثر من البديع
سمات الأدب في هذا العصر
النضج العقلي والعلمي
اهتمام الحكام بالعلم والثقافة والفن والأدب
تعدد الحواضر الأدبية من مثل القاهرة ودمشق وحلب وقرطبة - التنافس الشديد بين الدويلات ومنافستها بعضها البعض فى جذب الشعراء والعلماء والأدباء والفنانين
التنافس الشديد بين الشعراء وذلك ليحظوا بالمكانة المرموقة
ظهور فلتات في الشعر والأدب كالمتنبي وأبى العلاء المعرى
الامتزاج بين أبناء الأمة العربية وغيرهم من الأجناس الأخرى ونشأة جيل جديد من المولدين يحمل الخصائص العربية والأجنبية ( مثل بشار بن برد وابن الرومي
انتشار التطور الحضاري المادي مثل بناء القصور والحدائق والتماثيل والنافورات ووصف الشعراء لكل هذه المظاهر مما أثرى الدرس الأدبي .
الرقي الثقافي الذي اتسعت آفاقه عن طريق التأليف والترجمة ومجالس العلم والثقافة .
الشعر في العصر العباسي
العصر العباسي ، عصر الترف والبذخ والتأنق ، فقد رقَّت فيه طباع الشعراء
و ارتقَت أذواقهم بالمخالَطَة ، فظهر ذلك في أشعارهم ، فعمدوا إلى وصف الخمر
ومجالس الأنس وحدائق القصور .
ودَرَّس علماء المسلمين الشعر ، فحَصَر الخليل بن أحمد أوزان الشعر في
15 بحراً ، ثم زاد عليها الأخفش بحراً واحداً وسمّاه الخبَب ، فأصبحت 16
وهو ما عُرِف بعلم العروض .
وظهرت الصالونات الأدبية ، وكانت المساجلات الشعرية ، والمناظرات الدينية
والمناقشات الأدبية تَجري في معظم الأحيان في حضرة الخلفاء العباسيين الذين
كان بعضهم شعراء ، وأغدَقوا الأموال على الشعراء ، فتزاحموا على أبوابهم .
نبغ عدد كبير من الشعراء في العصر العباسي ، من أشهرهم " أبو نواس "
وهو ممن أذاع القول في الخمر والغزل والصيد ، و" أبو العتاهية " الذي برَع
في فنون الشعر واشتهر بالغزل الرقيق والحكمة والموعظة .
وأيضاَ " أبو تمام " ، الذي اشتهر بنزعته العقلية والفلسفية في الشعر
وتلميذه " البحتري " ، الذي ضُرب فيه المثل ، ويُقال أن كلامه يجمع
الجزالة والحلاوة والفصاحة والسلاسة ، ويُقالُ أيضاً ان شعره كتابة
معقودَة بالقوافي .
ولا يفوتنا أن نذكر " ابن الرومي " الذي يقول عنه ابن خلِّكان ، أنه
يغوص بحثاً عن المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ، ويُبرزها
في أحسن صورة .
ولما استلم زمام الأمر العنصر العَجَمي في الدولة العباسية ، ضعف أمر
الشعر ، حتى إذا قامَت دولة بني حمدان وهم عربٌ ، عاد الشعر إلى مكانته
ورونقه ، ورعاه سيف الدولة الحمداني ، وقد كان شاعراً وأديباً ، وكان يرى
أن إعطاء الشعراء من فروض الامراء .
واشتهر في عصره عدد كبير من الشعراء كأبي فراس الحمداني ، وأبي الطيب
المتنبي الذي كان نادرة الفلك وواسطة عقَد الدهر في صناعة الشعر ، ثم هو
شاعر سيف الدولة الذي رفع من قدره وألقى عليه شعاع سعادته حتى سار
ذكره مسير الشمس والقمر ، وسافر كلامه في البدو والحضر ، فهو
الذي قال :
وما الدهر إلا من رواة قصائدي ..... إذا قلتُ شعراً أصبح الدهرُ مُنشِدا
فسارَ به مَن لا يسيرُ مُشَمِّرا ...... وغنّى به مَن لا يُغَنّي مُغَرّدا
اثر الحركة العلمية في الشعر:
في العصر العباسي تطورت المعاني الشعرية عمقاً وكثافة ودقة في التصوير، فجاءت شاملة للحقائق الانسانية وقد انصرف الشعراء عن المعاني القديمة إلى معان جديدة، يساعد على ذلك ما كسبه العقل العباسي من الفلسفة وعلم الكلام والمنطق، وما وصلوا إليه من أساليب فنية قوامها المحسنات اللفظية والمعنوية ومثال ذلك أن أبا تمام يجمع في قصيدة "فتح عمورية" بين العملية الفكرية والعملية الفنية، فأخرج من القصيدة شعراً جديداً راقياً، فيه من القديم مسحة ومن الجديد أخرج معاني وصوراً طريفة وكثرت في الشعر العباسي الأمثال والحكم (المتنبي والمعري)، وبرز فيه المنطق والأقيسة العقلية، وترتيب الأفكار (أبو تمام، وابن الرومي، المتنبي). كما ظهر الإبداع في التصوير والاعراب في الخيال، ومجاراة الحياة والفنون في الزخرفة والنقش، والاهتمام بالألوان (ابن الرومي، والبحتري).
امتاز الشعر العباسي بدقة العبارة وحسن الجرس والايقاع، وذلك بتأثير الحضارة ورفاه العيش كما امتاز بخروجه على المنهجية القديمة في بناء القصيدة وترتيب أجزائها. وكثيراً ما ثار الشعراء على الأساليب القديمة، وفي ذلك ذلك يقول المتنبي:
إذا كان شعر فالنسيب المقدم ... أكل بليغ قال شعراً متيم
وتمتاز القصيدة العباسية بوحدة البناء، وفيها صناعة وهندسة، مع استخدام الصور البيانية، فضلاً عن التجديد في الألفاظ المستعملة والموحية.
النثر العباسي :
خطا النثر العباسي خطوات كبيرة، فواكب نهضة العصر وأصبح قادراً على استيعاب المظاهر العلمية والفلسفية والفنية كما أن الموضوعات النثرية تنوعت فشملت مختلف مناحي الحياة .. فالكتابة الفنية توزعت على ديوان الرسائل والتوقيعات وغيرها .. وكان المسؤولون يختارون خيرة الكتاب لغة وبلاغة وعلماً لتسلم الدواوين، ولاسيما ديوان الرسائل الذي كان يقتضي أكثر من غيره اتقان البلاغة والتفنن ، و مستوى رفيع من الثقافة فضلاً عن ذلك النثر الفني القصص و المقامات و النقد الأدبي ، و النوادر ، و الأمثال و الحكم ، و التدوين ، و الرحلات ، و التاريخ ، و العلوم. وظهرت الرسائل الأدبية التي تضمنت الحكم و جوامع الكلم و الأمثال و الفكاهات و كانت موضوعات الرسائل تتراوح بين الأخبار و الأخوانيات ، والاعتذار وغير ذلك وراجت الرسائل الطويلة في العصر العباسي فتناولت السياسة والأخلاق والإجتماع، كرسالة الصاحبة لابن المقفع، ورسالة القيان ورسالة التربيع والدوير للجاحظ، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري. وعظم شأن القصص في العصر العباسي، فاتسع نطاقه وأصبح مادة أدبية غزيرة، وتنوعت المؤلفات القصصية فأقبل الناس على مطالعتها وتناقلها ومنها ما اهتم بالحقل الديني ككتاب قصص الأنبياء المسنى بالعرائس للثعلبي، وقصص الأنبياء للكسائي، وقصة يوسف الصديق، وقصة أهل الكهف، وقصة الإسراء والمعراج ومنها القصص الاجتماعية والغرامية والبطولية ككتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، وقصص العذريين، وسيرة عنتر، وحمزة البلوان، وسواها ومنها القصص التاريخية التي تناولت سير الخلفاء والملوك والأمراء كما عرف العصر العباسي القصص الدخيلة المنقولة، نذكر منها كليلة ودمنة، وكتاب مزدك، وكتاب لسندباد، وبعضاً من ألف ليلة وليلة، وأكثره خيالي خرافي يدور بعضه على ألسنة الحيوان.
وإلى جانب القصة ازدهر أدب الأقصوصة، وكتاب البخلاء للجاحظ خير مثال على هذا النوع من الأدب وقد امتاز الأدب القصصي العباسي بدقة الوصف والتصوير وبراعة الحوار، والقدرة على استنباط الحقائق وتصوير مرافق الحياة، وتسقط العجائب والغرائب، والكشف عن العقليات والعادات والتقاليد. وفي العصر العباسي ظهر فن المقامة، وضعه بديع الزمان الهمذاني، ولقي كثيراً من الرواج في العصر العباسي وما بعده .. وهو سرد قصصي يتناول الأخلاق والعادات والأدب واللغة، ويمتاز ألأسلوبه السجع وأغراقه في الصناعة وكثرة الزخارف والمحسنات المتنوعة .. وفضلاً عما ذكرنا اهتم النثر العباسي بتدوين العلوم على أنواعها وهذه العلوم كانت إما عربية إسلامية كعلوم الشريعة والفقه والتفسير والحديث والقراءات والكلام والنحو والصرف والبيان وغير ذلك، وإما أجنبية التأثير كالمنطق والفلسفة والرياضيات والطب والكيمياء والفلك وعلم النبات والحيوان وغير ذلك. بهذا حاولنا أن نلقي نظرة على الأدب العباسي، شعره ونثره، وأن توضح أهم ما تناوله من موضوعات وما امتاز به من خصائص عامة.
مال الشعراء إلى تسهيل الألفاظ و تليينها بل عمدوا إلى تزيينها و توشيتها فأكثروا من الاستعارات و التشبيهات و التزامها كما افتنوا في انواع البديع و تعمده بعضهم كمسلم بن الوليد و ابي تمام . والحياة العباسية كانت تدعو الى هذا الوشي و التنميق من جميع نواحيها لذلك غلب التصنع على الشعر العباسي . كما نشأ عن الحركة العلمية اتساق الافكار و حسن التخلص في بناء القصيدة . أما أوزان الشعر وقوافيه فلم تتجدد تجددا يذكر ، لكن الشعراء اخذوا يعنون بالنظم على الاوزان الخفيفة الرشيقة التي تصلح للغناء . والجديد الذي يذكر للشعر العباسي هو ترك المقدمة الطللية واستبدالها بوصف الخمر و القصور ..
1-مقدمة............................................. .................................................. ......
2-مظاهر ازدهار الحركة العلمية........................................... .........................
3-تأثير الحضارات الأخرى في حضارة الإسلامي.......................................... ......
4-تطور الحركة الترجمة .................................................. ........................
5-أشهر العلماء والمترجمين .................................................. .......................
6-الأسباب التي أدت النهضة الأدب .................................................. ........
7-الشعر في العصر العباسي .................................................. .......................
بارك الله فيكم فعلا افدتموني
ان الله لايضيع اجر المحسنين
شكرا احبتي شكرا