عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال "إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني من الله تعالى فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم".
وعن أبي عبد الله الحسين عليه السلام أنه قال "من استوى يوماه فهو مغبون, ومن كان أخر يوميه خيرهما فهو مغبوط, ومن كان أخر يوميه شرهما فهو ملعون, ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان, ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة.
"ماذا أغير في نفسي؟؟
إن كان هناك شيء لابد من تغييره في الإنسان فهو الأخلاق السيئة وإبدالها بالأخلاق الحسنة, فمن كان جبانا فعليه تغيير صفة الجبن إلى شجاعة, ومن كان بخيلا عليه تغيير صفة البخل إلى كرم, وهذا ما يسمى بإصلاح السريرة, وفي هذا يقول الإمام علي عليه السلام "من كانت الأخرة همه كفاه الله من الدنيا, ومن أصلح الله سريرته أصلح الله علانيته, ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله فيما بينه وبين الناس".
ولا يعني التغيير أن يكون الإنسان دائم التغيير والتبدل سواء من ناحية الأراء أو المعتقدات أو السلوكيات, بل إن يكون التغيير نابع من نوعي لمعنى هذا التغيير, فإن سرعة التبدل والتغيير دليل على ضعف الشخصية.
وعلينا أن ندرك شيئا ذا أهمية, وهو أنه ليس كل شيء يجب أن يتغير, فالمبادئ والأهداف تعتبر من القيم الثابتة وخطا أحمر لا يتغير, إنما ما قد يتغير فهو الأساليب والوسائل, ومن يتنازل عن قيمه ومبادئه فهو ضعيف في إرادته.
"هل أستطيع أن أغير حياتي"
من خلال قرائتنا للنصوص القرآنية نجد إن الناس قادرين على تغيير أنفسهم وواقعهم, وإلا لما طلب الله منهم أن نغير أنفسهم وأديانهم وأعمالهم السيئة, حيث قال تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
ولما أرسل الله رسله وأنبيائه وإنزال الكتب السماوية كان من أجل تربية الإنسان وتغييره وهذا دليل أخر على الإنسان قادر على تغيير نفسه حيث قال تعالى "هو الذي بعث في الأميين رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين".
الفصل الثاني: كيف تغير حياتك؟
"كيف أغير حياتي"؟؟
إن المرض إذا أصاب الشخص لا يصيبه دفعة واحدة, وإنما يحدث ذلك على دفعات, كذلك تغيير الذات يحتاج كذلك لدفعات كي يحدث التغيير المنشود, إلا في حالات استثنائية كالصدمة النفسية وانفتاح القلب على الله فإنها تأتي دفعة واحدة, ولحصول التغيير علينا أن نمر بمراحل عدة أبرزها:
1- التغير الداخلي.
لو تعمقنا في شخصية الإنسان لوجدنا أنها تتكون من عدة عوامل هي الوراثة والتربية والبيئة, فإذا كانت هذه العومل صالحة أنتجت إنسانا صالحا, والعكس بالعكس.
إن ما يزرع في الإنسان في طفولته يؤثر عليه في كبره, فإن كان يلقن من أبويه أنه فاشل وغبي, فإن ذلك ينعكس عليه عند كبره.
ولتغيير النفس وجب على الإنسان أن يتخلى عن الصفات السيئة ويحليها بالصفات الحميدة, فكما أن الزارع يخلي الأرض من الأوساخ ثم يزرع البدر, كذلك على الإنسان أن يفعل ذات الشيء.
وتغيير شخصية الإنسان شبيهة كل اشبه ببرمجة جهاز الحاسوب, فكما أن برمجة الحاسوب ضرورية للاستفادة منه, كذلك الحال مع النفس البشرية, إذ لا بد من إعدة برمجتها وإعادة صياغة الأفكار داخلها من جديد.
"راقب أفكارك لاأنها تصبح أفعالا
وراقب أفعالك لأنها تصبح عاداتا
وراقب عاداتك لأنها تصبح طباعا
وراقب طباعك لأنها تحدد مصيرك".
2- تغيير الماضي
من المعروف أن أكثر الأمور تأثيرا في حياة الإنسان هو الزمن الماضي في حياته وخصوصا أيام طفولته وصباه, فترى بعض الناس يعيشون على ذكريات الماضي حتى لو كانت أليمة ومضى عليها الزمن الغابر.
ونظرا لأن مرحلة الطفولة تشكل اللبنة الأساسية لذات الإنسان, فقد ركزت النصوص الدينية على أن يحسن الوالدان تربية الأبناء في المرحلة الأولى من الطفولة, فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام أنه قال لولده الإمام الحسن عليه السلام "إنما قلب الحدث كالأرض الخالية, ما ألقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك".
3- تغيير صورة الذات
في داخل كل فرد منا صورة عن ذاته موجودة في عقله الباطن, وتتألف هذه الصورة من تجاربنا وردود فعلنا لها, وردود فعل الناس لها أيضا, فهي ملخص الأحداث التي نمر بها منذ الطفولة والتي نبني منها ذات الأنا.
إن صورة الإنسان عن ذاته هي أعمق من الشكل الخارجي, وسيكون الشكل الخارجي ذا مفعول إلى توافق مع تصحيح صورة الذات الداخلية, ولكي تكون راضيا عن نفسك يجب أن توجد صورة لذاتك تكون راضية عنها, ويجب أن يكون لها التقدير الكافي لديك.
4- تغيير مقت الذات
كثير من الناس عندما يمرون بظروف صعبة وقاهرة تراهم يمقتون أنفسهم كأن يقول أحدهم بأني فاشل, وأخر يقول إني أكره نفسي ويا ليتني لم أخلق, وهذا بالضبط له تداعيات كثيرة وينعكس على كره الأخرين ومقتهم بل يتعداه إلى مقت الأيام والليالي كان يقول ما أسوأ هذا اليوم.
إن استحسان النفس وتقبل الذات كما هي مفتاح إلى التبدلات الإيجابية, ويبدأ استحسان الذات من إدراك حقيقة عدم نقد النفس مهما كانت الظروف, ولهذا تذكروا أنكم لطالما انتقدتم أنفسكم سابقا لكن لم تحصلوا على النتائج المرجوة لذلك.
5- تغيير صورة الواقع
أن كل شي يحدث لنا في أرض الواقع ما هو إلا عبارة عن اعتقاد معين كنت تعتقده في قرارة نفسه, ولن يتغير هذا الواقع إلا إذا غيرته من صميم قلبك , وإدراكك لشيء معين لا يعني أن يكون إدراكا لكل الناس, فمن الممكن أن يكون هناك إدراك أخر لأشخاص أخرين.
وهذا يقودنا إلى حقيقة أخرى, وهو أن بعض الناس يتوهم أنه لو غير بلده وانتقل لبلد أخر فإنه سيرتاح من مشاكل, بينما الواقع يقول إن السفر لا يغير الإنسان ما لم يغير نظرته لنفسه وللحياة, وهو بانتقاله لبلد أخر إنما ينقل معه كل ما يحمله, ولهذا يجب عليه الإسراع بتغيير نفسه قبل التنقل لمكان أخر حاملا معه ذنوبه وخطاياه.
~~