عنوان الموضوع : تحليل نص“بوريل“..اصل المفاهيم الرياضية لتحضير البكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب




"معظم دول العالم تعيش على ثروات تقع تحت أقدامها وتنضب بمرور الزمن، أما نحن فنعيش على ثروة فوق أرجلنا تزداد وتعطي بقدر ما نأخذ منها"
مفكر ياباني

---------------------------------------------

"ليس علينا أن نجعل البشر أذكياء، فهم يخلقون كذلك، وكل ما علينا أن نفعله هو التوقف عن ممارسة ما يجعلهم أغبياء"
جون هولت: (1982م).






الموضوع – نص



إن الرياضيات تميل أكثر فأكثر إلى أن تكون العالم الذي يدرس العلاقات بين كائنات مجردة ومعرفة بطريقة إفتراضية شريطة أن لا توقعنا هذه التعاريف في أي تناقض.

وحتى لا نتورط في الخلط بين الرياضيات والمنطق أو أي من لعب الحظ ، يجب أن نضيف أن هذه التعاريف المفترضة هي في الأساس مستوحاة من مماثلات مع أشياء حقيقية . فهذا هو حال الخط المستقيم والدائرة والأجسام الخاصة بالميكانيكا العقلية…إلخ.

إلا أن الأعداد التخيلية والأعداد عبر” المتناهي ” وغيرها من الكائنات الرياضية هي ابتكارات خالصة للعقل الإنساني. هذه الإبتكارات مبرّرة بأنها مكّنت من إيجاد حلول أسهل لبعض المشاكل التي كانت معروضة على علماء الرياضيات والفيزياء ، ومن توضيح الصعوبات التي صادفوها..“إميل بوريل “..
...اكتب مقالا فلسفيا تعالج الاشكال الذي تضمنه النص




الإجابة المقترحة


المقدمة



منذ أن كتب أفلاطون على باب أكاديميته من لم يكن رياضيا لا يطرق بابنا. والرياضيات تحتل المكانة الأولى بين مختلف العلوم وقد ظهرت الرياضيات كعلم منذ القدم لدى اليونانيين.وهي تدرس الكم بنوعيه المتصل والمنفصل وتعتمد على مجموعة من المفاهيم والكائنات الرياضي
ة.


الإشكالية:



هل ترتد المفاهيم الرياضية كلها إلى العقل الصرف الخالص, أم إلى مدركاتنا الحسية والى ما ينطبع في أذهاننا من صور استخلصناها من العالم الخارجي ؟ وبعبارة أخرى هل الرياضيات مستخلصة في أصلها البعيد من العقل أم من التجربة؟


الموقف و الحجة



ينطلق بوريل في بداية النص من موقف شبيه بالموقف العقلاني الباحث في أصل المفاهيم الرياضية. فهو يقرر أن الرياضيات تتشكل ضمن أنساق ونظم تمتاز بالتجريد وهي تحوي كائنات ومفاهيم ( التعاريف- الأكسيومات – المسلّمات) معرّفة بطريقة إفتراضية. والإفتراض هنا يقصد به إفتراضات العقل ونتاجاته الإصطلاحية.

ويبين بوريل أن هذه المفاهيم والمنطلقات الأولى تشتغل بتناسق تام ضمن النسق الأكسيومي الواحد.

يحاول صاحب النص إذا ربط الإفتراضات والمنطلقات العقلية بتطبيقاتها بحيث يصبح موقفه العقلاني أكثر اعتدالا من مواقف أفلاطون وديكارت وكانط…

فالمفاهيم الرياضية ليست إبداعات عقلية منقطعة عن التطبيق وهذا ما يفسر الطابع العملاني للرياضيات.

فالنظرية الي يقدمها بوريل بالنسبة لمنشأ المفاهيم الرياضية يمكن اعتبارها نظرية عملانية تاخذ بالحسبان الطابع الإجرائي للمفاهيم الرياضية.

فبالرغم من الأصول والمنطلقات العقلية لهذه المفاهيم فإن بوريل يفترض أنها تتأسس وتنشأ كذلك من خلال إجراء العقل لمماثلات مع أشياء حقيقية أي مع وقائع حسية.

ويعطي بوريل أمثلة عن التشابك بين العقل والواقع في المفهوم الرياضي : الخط المستقيم والدائرة والأجسام الخاصة بالميكانيكا العقلية وقد يكون المستهدف بمثل هذه الأمثلة الإشارة إلى إلى تعريفات قطع المخروط الناتجة عن تخيلات العقل لتقاطعات المسطح على المخروط.

إذا بالرغم من الدور الأساسي للعقل في إنتاج الإفتراضات والمبادئ الأولى والمفاهيم الرياضية ، كما هي الحال في الأعداد التخيلية ، فإن مجال التقاطع والإلتقاء بين المفاهيم والواقع هو المجال الذي تنطلق منه وتتأسس عليه الكائنات الرياضية ، وهو كذلك المجال الذي يعطي للرياضيات فعاليتها وإبداعيتها حتى في مجال العلوم الفيزيائية كما يرى بوريل في نهاية النص.

وبهذا الشكل يبدو موقف بوريل العملاني أقرب إلى العقلانية من إلى التجريبية من دون أن يعني ذلك أن موقفه متطابق بالكامل مع الإجابات العقلانية المتطرفة التي بحثت في أصل ومنشأ الرياضيات .

المناقشة



يمكن البدء بعرض المواقف الأقرب إلى تفسير بوريل. إنها تتمثل ببعض النظريات العقلية والمثالية التي برزت عند أفلاطون وديكارت وكانط.

يرى العقليون والمثاليون أن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى المبادئ الفطرية التي ولد الإنسان مزودا بها وهي سابقة عن التجربة لان العقل بطبيعته ,يتوفر على مبادئ وأفكار فطرية .وكل ما يصدر عن هذا العقل من أحكام وقضايا ومفاهيم ,تعتبر كلية وضرورية ومطلقة وتتميز بالبداهة والوضوح والثبات ومن ابرز دعاة هذا الرأي نجد الفيسوف اليوناني أفلاطون الذي يرى أن المفاهيم الرياضية كالخط المستقيم والدائرة .واللانهائي والأكبر والأصغر ……هي مفاهيم أولية نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا لان العقل بحسبه كان يحيا في عالم المثل وكان على علم بسائر الحقائق ،ومنها المعطيات الرياضية التي هي أزلية وثابتة . لكنه لما فارق هذا العالم نسي أفكاره ,وكان عليه أن يتذكرها .وان يدركها بالذهن وحده .

ويرى الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن المعاني الرياضية من أشكال وأعداد هي أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية وما يلقيه الله فينا من أفكار لا يعتريه الخطأ ولما كان العقل هو اعدل قسمة بين الناس فإنهم يشتركون جميعا في العمليات العقلية حيث يقيمون عليه استنتاجاتهم ويرى الفيلسوف الألماني “كانط” إن الزمان والمكان مفهومان مجردان وليس مشتقين من الإحساسات أو مستمدين من التجربة ,بل هما الدعامة الأولى لكل معرفة حسية .

وبإزاء المواقف العقلانية ، وبخاصة العقلانية المتطرفة ،برزت مواقف فلاسفة التجريب. يستبعد التجريبيون فكرة اعتبار جميع المفاهيم الرياضية كمفاهيم عقلية محضة وذلك لأن الكثير من المفاهيم الرياضية لها ما يقابلها في عالم الحس.وتاريخ العلم يدل على أن الرياضيات وقبل أن تصبح علما عقليا ,قطعت مراحل كلها تجريبية .فالهندسة سبقت الحساب والجبر لأنها اقرب للتجربة

يرى التجريبيون من أمثال هيوم ولوك وميل أن المفاهيم والمبادئ الرياضية مثل جميع معارفنا تنشأ من التجربة ولا يمكن التسليم بأفكار فطرية عقلية لأن النفس البشرية تولد صفحة بيضاء ( أرسطو ) ثم تأ تي التجربة لتولّد في الداخل النفسي القوى والملكات .فالواقع الحسي أو التجريبي هو المصدر اليقيني للمعارف .وان كل معرفة عقلية هي صدى لادراكاتنا الحسية عن هذا الواقع .

وفي هذا السياق يقولون (لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة )ويقولون ايضا (ان القضايا الرياضية التي هي من الأفكار المركبة ,ليست سوى مدركات بسيطة هي عبارة عن تعميمات مصدرها التجربة )

ويقول دافيد هيوم ( كل ما اعرفه قد استمدته من التجربة) . ففكرة الدائرة جاءت من رؤية الإنسان للشمس والقرص جاءت كنتيجة مشاهدة الإنسان للقمر. والاحتمالات جاءت كنتيجة لبعض الألعاب التي كان يمارسها الإنسان الأول .وقد استعان الإنسان عبر التاريخ عند العد بالحصى وبالعيدان وبأصابع اليدين والرجلين وغيرها. كذلك فإن المفاهيم الرياضية بالنسبة إلى الأطفال والبدائيين لا تفارق مجال الإدراك الحسي لديهم ,وان ما يوجد في أذهانهم وأذهان غيرهم من معان رياضية ما هي إلا مجرد نسخ جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية.


التقييم و الاستنتاج:



لا يمكننا أن نسلم أن المفاهيم الرياضية هي مفاهيم تجريبية فقط لأننا لا يمكننا أن ننكر من جهة أخرى ما يتواجد عند الإنسان من أفكار فطرية ومن مبادئ عقلية قبلية (كانط) . إن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى الترابط والتلازم الموجود بين التجربة والعقل فلا وجود لعالم مثالي للمعاني الرياضية في غياب العالم الخارجي ولا وجود للأشياء المحسوسة في غياب الوعي الإنساني .والحقيقة أن المعاني الرياضية لم تنشأ دفعة واحدة ,وان فعل التجريد أوجدته عوامل حسية وأخرى ذهنية .

إن تعارض الموقفين العقلي والتجريبي لا يؤدي بالضرورة إلى رفعهما لان كلا منهما صحيح في سياقه , ويبقى أصل المفاهيم الرياضية هو ذلك التداخل والتكامل الموجود بين العقل والتجربة .ولهذا يقول العالم الرياضي السويسري “غونزيث”:في كل بناء تجريدي يوجد راسب حدسي يستحيل محوه وإزالته .وليست هناك معرفة تجريبية خالصة ,ولا معرفة عقلية خالصة.بل كل ما هناك أن أحد الجانبين العقلي والتجريبي قد يطغى على الآخر ,دون أن يلغيه تماما . ويقول” هيجل”:كل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعي عقلي”.

--------------------------
من د. سمير زيدان بتصرف.









>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك
هل هو مقرر على شعبة العلوم التجريبية هدا الدرس

=========


>>>> الرد الثاني :

نعم اختي .....في درس فلسفة الرياضيات..عنصر/ اصل المفاهيم الرياضية


=========


>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيكم أستاذ

=========


>>>> الرد الرابع :

شكراااا وجزاك الله خيراااااااا

=========


>>>> الرد الخامس :

شكرا لك اخي.

=========


رائع ماشاء الله بوركتم و جزاكم الله خيرا


شكرا جزيلا على الموضوع الرائع