عنوان الموضوع : اهم المقالات الفلسفية لا تفوتوها
مقدم من طرف منتديات العندليب

الموضوع : تحليل مقال فلسفي
نص المقال : إلى أي مدى تتدخل الأخلاق في بناء الاقتصاد الإسلامي ؟
المقدمة :
مما لا شك فيه أن العمل ظاهرة اجتماعية موجهة نحو تحقيق أثر نافع في الحياة . ولن يصل الإنسان إلى تحقيق هذه الغاية ما لم يستند ما يقوم به إلى مبادئ يستمد منها شرعيته والى أصول تضبط أموره , وتحدد معالمه الكبرى ولما كان الإنسان كائن أخلاقي كان لزاما أن تكون الأخلاق هي منبع العمل وغايته . ولا يمكن الحديث عن الأخلاق ودورها في تنظيم وبناء الحياة الاقتصادية دون الحديث عن الأخلاق التي دعا الإسلام إلى إرساء قواعد العمل والاقتصاد عليها . ومنه نتساءل : إلى أي حد تساهم الأخلاق في بناء الاقتصاد الإسلامي ؟
التحليل :
قبل بيان دور الأخلاق في بناء الحياة الاقتصادية في الإسلام لابد من الوقوف عند نظرة الإسلام للعمل .
لقد جعل الله الإنسان خليفة في الأرض مصداقا لقوله تعالى:(إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) من سورة البقرة -رقم30- ، وهذه الخلافة قائمة على السعي و العمل واكتساب الرزق بالطرق الشرعية ، ولقد حث القرآن على العمل و بين أنه ذو قيمة عظيمة في حياة الإنسان ، قال تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون ) و أكدت الأحاديث النبوية الشريفة على ضرورة العمل و طلب الرزق حتى لا يكون الفرد منا عالة على مجتمعه يتجرع آلام الذل و المهانة . و في هذا قال الرسول صل الله عليه وسلم اليد العليا خير و أحب عند الله من اليد السفلي ). وقد سما الإسلام بالعمل ، فلم يفرق بين أنواعه يدويا كان أو فكريا ، بل جعله في مرتبة العبادة ، وفي هذا خالف الإسلام نظرة الفلسفات القديمة إلى العمل اليدوي الذي جعلته عنوانا للعبودية و نوعا من التكفير عن الذنوب .
إن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة نظرة أكثر شمولا وتعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة . وقد تضمنت هذه الفلسفة خلافا للفلسفات الاقتصادية المعاصرة مبادئ عامة وقواعد لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة لكل فرد في المجتمع ، ومن بين هذه المبادئ :
الملكية الفردية : فالمكية الخاصة في الإسلام مشروعة لكن ليست مطلقة كما هو الحال في الرأسمالية ، ولا مقيدة كما في الاشتراكية ، بل إنها محدودة بحدود الشريعة الإسلامية .ومن أدلة شرعيتها قوله تعالى و إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون و لا تُظلمون ) البقرة الآية 277- وقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ... ) البقرة 186 - . وإقرار الإسلام الملكية الخاصة إنما هو مراعاة وتماشيا مع الفطرة الإنسانية المحبة للتملك لقوله تعالى : "و انه لحب الخير لشديد "
ولا يدخل في ملكية المسلم المال الذي لا يكون حلال ، كالمتاجرة في لحم الخنزير و الخمر ، وكذا المال الذي تكون طرق كسبه غير مشروعة كالربا والقمار . و الإسلام وهو يشرع الملكية الفردية وضع التدابير الوقائية التي تمنع قيام الملكية الظالمة ، كحرمة الإفساد في الأرض و طغيان بعض الناس فيستحلوا ما هو حرام وينفرد ثلة من الأقوياء على كل شيء ويحرموا الضعفاء من كل شيء ، ولتؤدي الملكية الخاصة وضيفتها الاجتماعية حرم الإسلام كنـز الأموال أو تبديدها أو استعمالها في غير موضعها فأقر الحجر.
الزكاة : وهي ركن من أركان الإسلام وهي فرض على الفرد المسلم ، ومن أدلة وجوبها قوله تعالى أقيموا الصلاة و أتوا الزكاة ) وقوله تعالى كذلك خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها... ) الآية 103 التوبة . وهذه الفريضة لا تأخذ إلا من المسلمين ولا تصرف الالفقرائهم . وقد حدد الشارع الأموال التي تأخذ منها الزكاة وحدد مقدارها وكذلك من تصرف إليهم وهم الأصناف الثمانية الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم . ولقد كان للزكاة الأثر الواضح في محو الفقر وخاصة في عهد الخليفة الأموي ( عمر بن عبد العزيز ) , حيث كان بطاف بها في السواق على الدور فلم تجد من يأخذها . كما كان للزكاة لها أثر آخر تمثل في تطهير النفوس من الشح و البخل.
الملكية العامة : أذن الشارع للجماعة بالاشتراك في الانتفاع بالعين ، فلا نختص فرد بحيازتها دون آخر ، وهذا ما ورد في قوله الرسول عليه الصلاة و السلام : ( الناس شركاء في ثلاث :الماء و الكلأ و النار ) . وإقرار الإسلام للملكية الجماعية إنما يرمي إلى تحقيق أهداف منها : ضمان الانتفاع بالثروة انتفاعا عادلا . تأمين الحاجات الأساسية لجميع الأفراد ، وضمان استمرار حق المسلمين في الثروة
إن فلسفة الاقتصاد في الإسلام نظرت للحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولية واعتنت بالنواحي الإنسانية عناية خاصة , لقد تضمنت هذه الفلسفة وخلافا للفلسفات الاقتصادية المعاصرة مبادئ عامة وقواعد لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من اجل تحقيق حياة متوازنة لكل فرد في المجتمع . وحماية المجتمع الإسلامي .
الخاتمة :
من خلال ما تقدم تتبين أن وهكذا تكون فلسفة الاقتصاد في الإسلام قد رسمت معالم حياة اقتصادية متكاملة تقوم على أسس أخلاقية وتجعل من الموارد الاقتصادية وسيلة لنمو الإنسان وتطوره وتحقيق سعادته .


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مقال فلسفينص السؤال : إن للشغل أبعادا فما هي ؟
المقدمة :
التحليل
تطلق كلمة شغل في اللغة للدلالة على معنى الوظيفة والحرفة والصنعة ... أما من الناحية الاصطلاحية فإننا لا نجد للشغل تعريفا واجدا فقد عرفه
اوغست كونت " في قوله هو التغيير النافع للمحيط من طرف الإنسان ) . إن العمل يمتاز بكونه نشاط واع يتصف بالاستمرارية , ويختلف عن وعليه فالشغل فاعلية إنسانية إلزامية موجهة نحو تحقيق أثر نافع في الحياة .
وقد ذهب المفكرون مذاهب شتى في بيان طبيعة العمل والدافع إليه ( هل هو بيولوجي أم اجتماعي ؟ ) :
إن اليونان اعتبروا العمل مصدرا النقص والعبودية والانحطاط فهو شيء مخز وهولا يليق إلا بالعبيد كما أشار أرسطو . ورأى الروماني شيشرون : " انه من غير الممكن لي شيء نبيل أن يخرج من دكان أو ورشة " . .. وقد جاءت المسيحية مؤيدة لهذا الموقف واعتبرت العمل عقابا للإنسان في هذه الدنيا وهو نوع من أنواع التكفير عن الذنوب . ورفض الإسلام أن يكون العمل عنوانا للعبودية ...واعتبره وسيلة من وسائل التحرر , بل إن الغاية من العمل مرتبطة بغاية الوجود الإنساني التي من خلالها استحق الخلافة في الأرض .
ومهما يكن فقد بات من المؤكد انه لا سبيل إلى التحرر من الحتميات إلا بالعمل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن للعمل أبعاد تظهر في قول
الأديب و المفكر فولتير : ( إن الشغل يبعد عن القلق و الحاجة و الرذيلة ) . و تفصيل ذلك هو الآتي :
البعد النفسي : كان الهدف من الشغل حتى مطلع القرن 20 م هو الوصول إلى أكبر مردود ممكن وبأقل التكاليف حيث نظر المفكر الاقتصادي فريدريك تايلورإلى الشغل نظرة آلية خالية من أي معنى نفسي أو إنساني ، إذ اعتبر العمال في المصانع مجرد آلات للإنتاج ، وهذا ما أثار فيما بعد علماء النفس ودفعهم إلى الاهتمام بالعامل على اعتبار أنه محور العمل و الإنتاج وهكذا ظهرت " سيكولوجية العمل " التي تبحث في أسباب الشغل الفزيولوجية و الاجتماعية و النفسية و آثارها على الشغل و الإنتاج ويظهر الأثر النفسي للشغل عند الإنسان الذي لا يعمل ،إذ أنه يشعر بالملل و القلق ويكون سريع الانفعال، وتكون شخصيته في مرآة ذاته مهتزة ،و البعض من الناس قد يصبح نتيجة هذا الفراغ عرضة إلى الأمراض النفسية.
و بالنظر إلى فاعلية العمل اعتبره الأطباء النفسانيين وسيلة من وسائل العلاج لأن ممارسة نشاط معين في نظرهم له تأثير على الجملة العصبية وهذا ما ينتج عنه التخفيف من حدة صراعاتهم ومعاناتهم وفي هذا قال الدكتور اليعقوبي في كتابه الوجيز في الفلسفة : ( ...وقد دلت التجارب على المصابين بالأمراض العقلية ، تخف اضطراباتهم عندما يقومون ببعض الأعمال القليلة ، مما يثبت أن العمل أحد دعائم الصحة العقلية ).
البعد الأخلاقي : لم ينظر الإنسان للشغل نظرة مادية فحسب ، بل نظر إليه نظرة معنوية واعتبره قيمة أخلاقية تحفظ كرامته و تصون عرضه لأن الذي لا يعمل كثيرا ما يسأل الناس قوت يومه وهذا إذلال له و إهدار لسمعته .ويذهب البعض إلى أبعد من سؤال الناس إلى السرعة و ألوان الكسب غير المشروع ويصبحون مصدر شر للناس .
إن الشغل دليل وعنوان الحرية الإنسانية ومسئوليته اتجاه نفسه وغيره ، وهذا ما جاء به الدين الإسلامي الحنيف إذ ورد في هدي النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( إن الله تعالى يمقت العبد الصحيح الفارغ) . وفي في حديث آخر ( من اكتسب قوته ولم يسأل الناس لم يعذبه يوم القيامة )
البعد الاجتماعي : إن حاجات الإنسان البيولوجية كثيرة ومتنوعة في مقابل محدودية إمكانياته وقصوره عن تحقيقها بمفرده . وهو ما فرض عليه التعاون مع غيره ومن ثمة أصبح الشغل ضرورة اجتماعية اقتضت تقسيم الأعمال و الأدوار في المجتمع . فالشغل إذا ليس مجرد نشاط فردي، بل هو نشاط اجتماعي يقوم على التعاون ويقوي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وذلك بوصفه ظاهرة ملازمة للعمران البشري كما أكد ذلك عالم الاجتماع ابن خلدون
البعد الاقتصادي : البعد الاجتماعي للعمل يؤدي إلى تقسيم العملية الإنتاجية من طرف المجتمع يحول الشغل من الصورة البيولوجية المرتبطة بتلبية حاجيات الفرد إلى الصورة الاقتصادية المرتبطة بتلبية حاجيات الجماعة ، وتحقيق هذه الصورة إنما يتم حسب تنظيم اقتصادي لعملية الإنتاج و الاستهلاك وما يتوسطها من علاقات مختلفة بين العمال و أرباب العمل المنتجين و المستهلكين .
الخاتمة : إن الشغل هو احد الشروط الأساسية للوجود الإنساني فالإنسان حين يشتغل يؤثر على ذاته ويغير فيها تغيرا ويوجهها نحو إنسانية الإنسان وفي هذا قال مونييه : " يهدف كل عمل إلى أن يصنع في نفس الوقت إنسانا وشيئا " .




=========


>>>> الرد الثاني :

مقال فلسفي
نص السؤال : أيهما أصلح للتسيير الاقتصادي الحرية أو التوجيه ؟

طرح المشكلة : مما لاشك فيه إن العمل ظاهرة اجتماعية , وان كل مجتمع يحتوي عل ظواهر اقتصادية ,ولقد بنيت هذه الظواهر في العصر الحديث على مبادئ فكرية معينة . تجسدت من خلال النظام الاقتصادي الر أسمالي , والنظام الاقتصادي الاشتراكي .
ولقد اختلف المفكرون نتيجة تطبيق النظامين الر أسمالي و الاشتراكي وما لزم عنهما من نتائج و إلى تيارين متعارضين , يؤيد كل واحد منهما نظاما بعينه . والإشكال المطروح هو : إذا كانت الحرية هي مبدأ النظام الاقتصادي الر أسمالي , وكان النظام الاقتصادي الاشتراكي يسير وفق تدخل الدولة , فأيهما أصلح للتسيير الاقتصادي الحرية أو التوجيه ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة : الموقف القائل أن الحرية هي الأصلح للاقتصاد :تبنى هذا الطرح زعماء الفكر الرأسمالي ...ويعتبر الاقتصاد الحر امتداد للنظام الإقطاعي السائد في القرون الوسطى ، لكن بظهور الثورة الصناعية وخاصة في أواخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر ، تبلورت أفكار نظرية نظرت لهذا النظام . ويعد الفيلسوف الاقتصاديآدم سميثمن أوائل دعاة هذا النظام معللا المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية بتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ، معتقدا في المقابل أن الاقتصاد الحر هو النظام الوحيد القادر على تحقيق التطور و الرقي للمجتمعات .وذلك بالنظر إلى الأسباب التالية:
الملكية الفردية لوسائل الإنتاج: بوصفها أساس العمل ، وهي حق طبيعي ومشروع ، وعليه ينبغي أن تكون حرة ومطلقة ، حيث يمتلك الفرد ما يشاء و بالطرق التي يشاء عملا بشعار " آدم سميث " ( دعه يعمل دعه يمر) .
المنافسة الحرة : إن حرية التملك من شأنها أن تخلق منافسة اقتصادية في المجتمع ، إذ تنشط الأفراد وتدفعهم إلى التسابق نحو التفوق في العمل و الإنتاج و بالتالي إلى الإبداع و بالتالي تكون حرية التنافس عامل أساسي في تنشيط السوق , الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الإنتاج , وظهور رؤوس الأموال الضخمة التي يتطلب توظيفها الاستثمار المتزايد وهذا من شأنه أن يوسّع من دائرة الإنتاج , ويفتح مناصب عمل جديدة تمتص البطالة وتخلص الدولة من عبئ ومشقة ضمان العمل للمواطن , فيصير الاقتصاد في خدمة الشعب .
كما يفتح الاستثمار باب المنافسة بين المنتجين , وهذا ما يلزم عنه تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات دون الحاجة إلى الاستيراد . وهذا يؤدي إلى أن يستفيد المستهلك من تنوع المنتج , وجودته , إذ بإمكانه شراء البضاعة التي يرغب فيها والتي تناسب مع مستوى دخله .
قانون العرض و الطلب : إن الحياة الاقتصادية تسير حسب نظام طبيعي يتجاوز إرادة الإنسان ، أي تتحكم فيها قوانين ثابتة مماثلة للقوانين التي تتحكم في الحياة الطبيعية ، ومن هذه القوانين قانون العرض و الطلب و هو ينظم الاقتصاد في مجال الأسعار و الأجور طبقا لعلاقة طبيعية واضحة بين العرض و الطلب . فالأسعار تكون منخفضة إذا زاد العرض ، وترتفع إذا قل العرض و كذلك الأجور طبقا للعلاقة بين اليد العاملة المؤهلة و مناصب العمل .
مناقشة: لا أحد ينكر الإيجابيات التي حققها تطبيق هذا النظام ومنها تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وتوفير الإنتاج كما و كيفا ، الازدهار و التقدم غير أن تطبيق مبدأ الحرية الفردية قد انعكس سلبا على المجتمع الأوربي في القرن 18 م إذ أفرز نظاما اجتماعيا طبقيا قوامه الظلم و الاستغلال كما أن مبدأ المنافسة الحرة أدى إلى تبديد القوى الإنتاجية و إفلاس المتنافسين ( المضاربين ) ناهيك عن تراكم الإنتاج وتضخمه وما يصاحبه من بطالة و أزمات اقتصادية ( أزمة 1929 ) . واعتماد الحرية الاقتصادية لا يعني سوى ممارسة الاستغلال على أتم صوره و في أوسع نطاق له ، فتضيع كرامة الإنسان التي لا تعود إلا بعودة تدخل الدولة في تسيير الشؤون الاقتصادية ، و هذا ما نجد له سندا نظريا في النوع الثاني من الأنظمة الاقتصادية ( الاشتراكية ) .
عرض نقيض الأطروحة : الموقف القائل أن التوجيه هو الأصلح للاقتصاد : ظهر النظام الاقتصادي الاشتراكي كرد فعل على طغيان النظام الرأسمالي و ما صاحبه من ظلم و استغلال ، و يعد كارل ماركس "أبرز من نظروا لما أسماه بالاشتراكية الواقعية أو الاشتراكية العلمية التي لم ينادي بها ماركس كنظام موازي للرأسمالية بل كنقيض لها ، فهي نظام يجب أن يقوم على أنقاض الرأسمالية .حيث زعم في كتابه ( رأسمال ) أن الرأسمالية نظام قائم على التناقض الذي سيكون سببا في زوالها ( الرأسمالية تحمل بذور فنائها كما تحمل السحب المطر ) و يكمن التناقض في طبيعة العلاقة بين العمال و المالكين ، وهي علاقة قوامها الاستلاب ومن نتائجها ما اصطلح عليه " ماركس" فائض القيمة الذي سيكون من العوامل الحاسمة في نقل الاقتصاد من النظام الرأسمالي إلى الاشتراكي ويتم ذلك بـ :الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج : إيمانا بأن الناس سواء بسواء فلا بد أن يكون أن يكون المال ووسائل الإنتاج .. قدرا مشتركا بينهم ، تسهر الدولة على حمايتها مؤقتا إلى أن يصل المجتمع إلى المرحلة الشيوعية ، حيث لا أحد يملك ولا أحد يحكم ، لذا تصبح الملكية مشاعة .
تتولى الدولة تسير وتوجيه الاقتصاد أي : تتحكم كليا في إدارته داخليا وخارجيا وذلك من خلال اعتمادها سياسة التوازن الجهوري عبر أقاليم البلاد من اجل التوزيع المتوازن للمشاريع المختلفة بغية توفير مناصب العمل "القضاء على البطالة . كما تراعى الدولة في توجهها الاقتصادي عدم الإضرار بالإنتاج المحلى فتشرف الدولة بأجهزتها المتخصصة على استيراد المنتجات المكملة فقط وهذا ما يضمن التطور الاقتصادي . كما تدعم الدولة حاجيات المجتمع الأساسية من السلع .و اعتماد الدولة أسلوب مجانية الخدمات الحيوية في المجتمع مثل التعليم و الصحة ... وهذا ما يؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية –تحمي الدولة بواسطة تحديدها نوع المنتج وسعره وكذا أجهزة الرقابة التابعة لها القدرة الشرائية للمواطن فتتحقق العدالة فت الاستهلاك ويغلب على المجتمع النمطية الموحدة في أسلوب الحياة بدل التفاوت الاجتماعي
- التخطيط المركزي : وهو أسلوب في التنظيم يقوم على استخدام المواد على أفضل وجه ممكن و الهدف منه إيجاد تناسب بين الإنتاج و الاستهلاك حتى لا يبقى الفائض الذي من شأنه أن يؤدي إلى أمراض الرأسمالية . وعلى المستوى الخارجي تتولى الدولة تخطيط علاقاتها الاقتصادية مستقلا وسيدا بعيدا عن ضغط الملاك من الداخل لعدم وجودهم . و حسب كارل ماركس إرساء الاقتصاد على هذه المبادئ من شأنه إزالة التفاوت و الطبقية بين الأفراد فتسود العدالة الاجتماعية ويتحقق الازدهار الاقتصادي لأفراد الطبقة العاملة .
مناقشة : إن النظام الاقتصادي الاشتراكي ساعد على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و ساعد أيضا على توفير الحاجيات الأساسية لأفراد المجتمع .
لكن مبدأ الحرية الجماعية انعكس سلبا على المبادرة الفردية في مختلف الميادين خاصة وأن الجزاء في الفعل بقدر الحاجة لا بقدر الجهد . وفي هذا معارضة للفطرة الإنسانية (حب التملك) من جهة و نفي للفوارق الفردية من جهة أخرى ، وللعدل كقيمة أخلاقية . كما أن تطبيق هذا النظام أدى إلى تفشي كثير من الأمراض الاجتماعية كالرشوة و البيروقراطية و التواكل ... و الطبقية فيه أسوأ من نظيرتها ووقوعه في أزمات كثيرة أدت إلى الإطاحة به .
التركيب : مما سبق عرضة يمكن القول أن لا الحرية المطلة التي أقام الرأسماليون عليها الاقتصاد ولا التوجيه المطلق الذي نادى به الاشتراكيون ن هما الأنسب والأصلح للنظام الاقتصادي بل يجب إقامة الاقتصاد على المبدأين معا . وهذا مانجده له سندا في الممارسة الاقتصادية في الإسلام إذ اقر الإسلام مبدأ الحرية الفردية ولكنها مقيدة بحدود الشريعة الإسلامية وأهمها الكسب المشروع ...
ولتحقيق العدالة الاجتماعية وهي غاية النظام الاشتراكي فرض الإسلام الزكاة وهي ركن من أركان الدين ... ولضمان جودة المنتج ربط الإيمان بإتقان العمل وهذا ما يظهر في الهدي النبوي : " من عمل عملا فليتقنه " . والى جانب الحرية المحدودة والمسئولة اقر الإسلام تدخل الدولة في تسيير الشؤون الاقتصادية على غرار شؤون البلاد الأخرى , لكن هذا التدخل محدود ومضبوط( إقرار بيت مال المسلمين ) .
من هذا العرض الموجز تتبين الأساس الأخلاقي للممارسة الاقتصادية في الإسلام وهي أسس لم تراع في النظريتين السابقتين ولذلك بدا جليا تطرفهما الواضح في مقابل وسطية الحل الإسلامي وتكامله ( فهو وسط من وسط وخيار من خيار ) .
حل المشكلة : نستنتج من خلال ماسبق : إن مبدأ الحرية وحده وان كان ضروريا فهو غير كاف ولا الأصلح في مطلق الأحوال .
إن " التوجيه " " " " " " " " " " " "
إن الأصلح والأنسب للممارسة الاقتصادية هو اعتمادها المبدأين معا أي الحرية والتوجيه النسبيين




=========


>>>> الرد الثالث :

مقال فلسفي
نص السؤال : إلى أي مدى تجسد الديمقراطية كنظام حكم سياسي إرادة الشعب في المجال السياسي؟
طرح المشكلة :
يحتل مفهوم السلطة الصدارة في الصراعات السياسية وكذلك الفكر السياسي والفلسفي , نظرا لما لها من أهمية كبرى في تحديد مصير الشعوب, ولقد أخذت السلطة السياسية منذ بروزها في المجتمعات الأولى أشكالا مختلفة و وهذا ما دفع بالمفكرين في أنواع الأنظمة وفي أحسن نظام منها . ولقد حظي النظام الديمقراطي بالاهتمام الأوفر خاصة في العصر الحالي , والإشكال المطروح يتمثل في ماهي الديمقراطية ؟ وما هي الأسس التي تقوم عليها وما قيمتها كنظام حكم سياسي الأكثر تطبيقا في السياسة الداخلية للدولة ؟
التحليل :
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل وهي مؤلفة من لفظين ديموس (demos) وتعني الشعب وكراتوس (kratein) وتعني الحكم والكلمة ككل تعني حكم الشعب.
والديمقراطية عند اليونانيين هي ذلك النظام السياسي الذي يكون نابعا من إرادة الشعب ويصبح فيه هذا الأخير يحكم نفسه بنفسه ... وقد صنف كل من أفلاطون وأرسطو الديمقراطية ضمن الأنظمة الصالحة .
وجدير بالذكر أن النظام الديمقراطي في العصر الحديث جاء كبديل للأنظمة الديكتاتورية ( التي تكون فيها السيادة لفرد واحد مصادرة بذلك كل حقوق الشعب في اختيار الحاكم وتسيير شؤون البلاد ) . ويقوم النظام الديمقراطي على أسس هامها : الكرامة الإنسانية , سيادة الشعب , الحرية والمساواة .
وللديمقراطية كنظام حكم سياسي – في عالمنا المعاصر – أشكال أهمها :
الديمقراطية السياسية : هي نظام يضمن الحريات المختلفة , إذ للمواطن الحق في الترشح للانتخابات رئاسية كانت أو نيابية أو محلية , وهي نظام يعطي الفرص لجميع المواطنين دون استثناء للممارسة حقوقهم السياسية , فالمواطن حر في اختيار ممثليه في تسيير شؤون الدولة عن طريق الانتخابات . كما يقوم هذا النظام على التعددية الحزبية أي : وجود أحزاب معارضة ووجود هذه الأخيرة إلى جانب حرية الصحافة يضمن الشفافية والوضوح في تسيير شؤون البلاد .تماما كما يضمن التنافس الحر في جميع المجالات دفع عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي .
الديمقراطية الاجتماعية : إن منظري الايدولوجيا الاشتراكية يرون أن الديمقراطية الحقة لا تتمثل في التعددية الحزبية والتناوب على السلطة , بل هي مبدأ لتحسين الوضع الاجتماعي لكل أبناء المجتمع الواحد بالتساوي , حيث تسهر الدولة الممثلة فالحزب الحاكم في البلاد المنتخب من طرف الشعب – الحزب الطلائعي توزيع ثروات البلاد على الشعب توزيعا عادلا , وبما يسمح للمواطن الحصول على حقه في التعلم والعلاج و ا لعمل...
ويعتمد النظام السياسي الاشتراكي سياسة التسيير الأحادية أي سياسة الحزب الواحد . وحق المعارضة مكفول في إطار الرؤية الجماعية للشعب ويتم تجديد هياكل الحزب عن طريق المؤتمر العام للحزب في جلسات أحيانا عادية وأحيانا استثنائية كما يتولى الحزب تزكية شخص ويقدمه للشعب من اجل انتخابه كرئيس للدولة كما يتولى الحزب توزيع المناصب الحساسة في الدولة للإطارات النشطة في الحزب وهو من يتولى عزلهم أو ترقيتهم كما يتولى التشريع على غرار التسيير ويمارس كل السلطات ويسهر كل من الرئيس الجيش الإدارة على تنفيذ توجيهات الحزب وتعليماته باعتباره يمارس الحكم باسم الشعب فهو صاحب السيادة .
يظهر من خلال ما تقدم أن الديمقراطية تعني حكم الشعب نفسه بنفسه ويتم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وتقوم على دعامتين أساسيتين هما : الحرية والمساواة , غير أن ملاحظة الواقع لا تؤكد هذه الادعاءات إذ لم نرى شعبا يحكم نفسه وحتى في المجتمع اليوناني فالديمقراطية عندهم لم تكن تعني كل أ فراد الشعب فالعبيد والغرباء والنساء لا يسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية ومن الملاحظ كذلك في المجتمعات الغربية اليوم أن العدد الكبير من الشعب لاتتوفر فيهم شروط ممارسة الديمقراطية ذلك لأن الحرية الاقتصادية أدت إلى عدم توازن في الدخل , لأن الفرد الفقير في الدولة الديمقراطية , لا يستطيع أن يتمتع بحقوقه السياسية التي أعطيت له لأنه لامتلك حق الدعاية و الإشهار في الحملات الانتخابية ...حتى أن بعض الأفراد يبيعون أصواتهم باخس الأثمان .
أما الديمقراطية الاجتماعية فقد أدت هي الأخرى إلى التعسف الدكتاتورية ذلك أن هذا النظام يحكم باسم الحزب والمعارضة السياسية في ظل هذا النظام مرفوضة إن وجدت تقمع في الداخل وتكون في الخارج .
الخاتمة :
نستنج من خلال ما سبق تحليله
أن الديمقراطية كنظام حكم سياسي تقوم على مجموعة من الأسس تختلف باختلاف الاعتقادات الدينية , والمنهج الاقتصادي المتبع في كل بلد .
إن نوعي الديمقراطية لم يتمكنا من تجسيد إرادة الشعوب على ارض الواقع .
ويبقى الأمل قائما في أن يطالعنا الفكر السياسي يوما بنظرية في الحكم أساسها وغايتها إرادة الشعب فردا وجماعة .



=========


>>>> الرد الرابع :

نص السؤال : هل غاية الديمقراطية الحرية أو إقامة المساواة ؟

طرح المشكلة : يحتل مفهوم السلطة الصدارة في الصراعات السياسية وكذلك الفكر السياسي والفلسفي , نظرا لما لها من أهمية كبرى في تحديد مصير الشعوب, ولقد أخذت السلطة السياسية منذ بروزها في المجتمعات الأولى أشكالا مختلفة و وهذا ما دفع بالمفكرين في أنواع الأنظمة وفي أحسن نظام منها . ولقد حظي النظام الديمقراطي بالاهتمام الأوفر خاصة في العصر الحالي , والإشكال المطروح يتمثل في : هل غاية الديمقراطية الحرية أو إقامة المساواة ؟
محاولة حل المشكلة :
قبل الإجابة عن الإشكال المطروح لا بأس من تقديم تعريف موجز للديمقراطية .
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل وهي مؤلفة من لفظين ديموس (demos) وتعني الشعب وكراتوس (kratein) وتعني الحكم والكلمة ككل تعني حكم الشعب.والديمقراطية عند اليونانيين هي ذلك النظام السياسي الذي يكون نابعا من إرادة الشعب ويصبح فيه هذا الأخير يحكم نفسه بنفسه ... وقد صنف كل من أفلاطون وأرسطو الديمقراطية ضمن الأنظمة الصالحة . وجدير بالذكر أن النظام الديمقراطي في العصر الحديث جاء كبديل للأنظمة الديكتاتورية التي تكون فيها السيادة لفرد واحد مصادرة بذلك كل حقوق الشعب في اختيار الحاكم وتسيير شؤون البلاد . غير أن المفكرين انقسموا إلى تيارين متعارضين ؛ التيار الليبرالي أي آمن بفكرة الحرية كغاية أساسية والتيار الاشتراكي الذي آمن بالمساواة كغاية أساسية لها.
عرض منطق الأطروحة : ( الموقف القائل أن الحرية هي الغاية الأساسية للديمقراطية )
يعتقد الاتجاه الليبرالي في الحرية كغاية أساسية للديمقراطية إذ أن هذه الأخيرة نظام يضمن الحريات المختلفة , إذ للمواطن الحق في الترشح للانتخابات رئاسية كانت أو نيابية أو محلية , وهي نظام يعطي الفرص لجميع المواطنين دون استثناء للممارسة حقوقهم السياسية , فالمواطن حر في اختيار ممثليه في تسيير شؤون الدولة عن طريق الانتخابات . كما يقوم هذا النظام على التعددية الحزبية أي : وجود أحزاب معارضة ووجود هذه الأخيرة إلى جانب حرية الصحافة يضمن الشفافية والوضوح في تسيير شؤون البلاد .تماما كما يضمن التنافس الحر في جميع المجالات دفع عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي .
مناقشة : غير أن ملاحظة الواقع لا تؤكد هذه الادعاءات إذ لم نرى شعبا يحكم نفسه وحتى في المجتمع اليوناني فالديمقراطية عندهم لم تكن تعني كل أ فراد الشعب فالعبيد والغرباء والنساء لا يسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية ومن الملاحظ كذلك في المجتمعات الغربية اليوم أن العدد الكبير من الشعب لاتتوفر فيهم شروط ممارسة الديمقراطية ذلك لأن الحرية الاقتصادية أدت إلى عدم توازن في الدخل , لأن الفرد الفقير في الدولة الديمقراطية , لا يستطيع أن يتمتع بحقوقه السياسية التي أعطيت له لأنه لامتلك حق الدعاية و الإشهار في الحملات الانتخابية ...حتى أن بعض الأفراد يبيعون أصواتهم باخس الأثمان
عرض نقيض الأطروحة : ( الموقف القائل أن المساواة هي الغاية الأساسية للديمقراطية )
إن منظري الايدولوجيا الاشتراكية يرون أن المساواة هي الغاية الأساسية للديمقراطية وان الديمقراطية الحقة لا تتمثل في التعددية الحزبية والتناوب على السلطة , بل هي مبدأ لتحسين الوضع الاجتماعي لكل أبناء المجتمع الواحد بالتساوي , حيث تسهر الدولة الممثلة فالحزب الحاكم في البلاد المنتخب من طرف الشعب – الحزب الطلائعي توزيع ثروات البلاد على الشعب توزيعا عادلا , وبما يسمح للمواطن الحصول على حقه في التعلم والعلاج و ا لعمل...
ويعتمد النظام السياسي الاشتراكي سياسة التسيير الأحادية أي سياسة الحزب الواحد . وحق المعارضة مكفول في إطار الرؤية الجماعية للشعب ويتم تجديد هياكل الحزب عن طريق المؤتمر العام للحزب في جلسات أحيانا عادية وأحيانا استثنائية كما يتولى الحزب تزكية شخص ويقدمه للشعب من اجل انتخابه كرئيس للدولة كما يتولى الحزب توزيع المناصب الحساسة في الدولة للإطارات النشطة في الحزب وهو من يتولى عزلهم أو ترقيتهم كما يتولى التشريع على غرار التسيير ويمارس كل السلطات ويسهر كل من الرئيس الجيش الإدارة على تنفيذ توجيهات الحزب وتعليماته باعتباره يمارس الحكم باسم الشعب فهو صاحب السيادة .
مناقشة : أما الديمقراطية الاجتماعية فقد أدت هي الأخرى إلى التعسف الدكتاتورية ذلك أن هذا النظام يحكم باسم الحزب والمعارضة السياسية في ظل هذا النظام مرفوضة إن وجدت تقمع في الداخل وتكون في الخارج .
التركيب :يعتقد البعض من المفكرين أن كل دعوة إلى الحرية في الديمقراطية السياسية تتضمن شكلا من إشكال المساواة , وكل دعوة إلى المساواة في الديمقراطية الاجتماعية تستلزم نوعا من التحرر وفي هذا قال ( لاكومب ) : " ... فالحرية التي تطالب بها الديمقراطية السياسية هي حرية الجميع , وليست حرية البعض , الأمر الذي يفترض وجود شكل من أشكال المساواة بين الناس ...و إن كل تقدم نحوى المساواة في الديمقراطيـة الاجتماعـية , باعتبارها إلغاء لبعض الامتيازات يحرر من ألم هذه الامتيازات بالنسبة للذي يعاني من وطأتها القياسية , لا بل إن لفكرة الحرية وفكرة المساواة منبعا واحدا من وجهة النظر المذهبية , فكلاهما ينحدر من أخلاق تتأسس على قيمة الشخص الإنساني ".
حل المشكلة:نستنتج من خلال ماسبق أن الديمقراطية من أهم و أكثر النظم السياسية تطبيقا في الواقع وذلك بالنظر إلى الأسس التي تقوم عليها . كما أن الاختلاف حول الغاية من الديمقراطية هو اختلاف مذهبي لا يلبث أن يزول إذا ما ارتكزت الديمقراطية على الحرية كأساس لها واتخذت من تحقيق العالة الاجتماعية الأفراد كغاية لها .



=========


>>>> الرد الخامس :



مقال فلسفي نص السؤال : هل وجود الدولة ضروري ؟
طرح المشكلة : يحتل مفهوم الدولة الصدارة في الصراعات السياسية , وكذلك في الفكر الفلسفي , نظرا لما لها من أهمية كبرى في تحديد مصير الشعوب . إن التفكير حول هذه الظاهرة شكلّ المحور الرئيسي في الفلسفة السياسية منذ التجمعات الإنسانية الأولى ...وصولا إلى الدولة الحديثة .ولعل أهم المواضيع التي تناولها المفكرون والفلاسفة بالبحث والتفسير , نشأة الدولة وطبيعتها وجوبها أو عدم وجوبها ... فتعددت النظريات في الإجابة عن هذه التساؤلات وصلت حد التباين وخاصة ما يتعلق بضرورة وجود الدولة . وهو ما يحيلنا إلى طرح الإشكال التالي :هل نخشى وجود الدولة ، أو نخشى عدم وجودها ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة:إن وجود الدولة ضروري:ذهب أنصار هذا الطرح إلى اعتبار أن الدولة أداة لتجسيد وتطوير حريات الأفراد , وغايتها سعادة الإنسان . فذهب روزنتال إلى أن لفظ الدولة عند الإغريق يعني الوحدة السياسية الصغيرة التي يمكن للإنسان أن يبلغ فيها حريته وسعادته , وهي محاولة لتطبيق دولة الكسموس ( مدينة الآلهة ) في أرض الواقع لتجسيد قيّم العدل والخير .و في الفكر الإسلامي ذهب أبو حامد الغزالي في كتابه ( الاقتصاد في الاعتقاد ) إن حياة الإنسان لا تنتظم إلا بسلطان تقدم له الرعية الولاء والطاعة ولذلك يعتبر السلطان برأيه ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لا ن حالة المجتمع أثناء موت السلطان حالة خطيرة تكون مصحوبة بوقوع الفتن ...حيث قال : " إن الأمن على الأنفس وعلى الأموال لا ينتظم إلا بسلطان مطاع ".ونفس الفكرة أكدها الفيلسوف و عالم الاجتماع ابن خلدون حيث قال : " وإذا اجتمعوا ...ومد كل واحد منهم يده إلى حاجته يأخذها من صاحبه , لما في الطبيعة الحيوانية من الظلم والعدوان ...فيقع التنازع المفضي إلى المقاتلة ...واستحال بقاؤهم فوضى دون حاكم يزغ بعضهم عن بعض ، واحتاجوا من أجل ذلك إلى الوازع ، وهو الحاكم عليهم , وهو بمقتض الطبيعة البشرية الملك القاهر المتحكم " . وأكد الباروخ بندكتو سبينوزا : " إن غاية الدولة القصوى ليست السيطرة . فلم توجد الدولة لتحكم الإنسان بخوف ولا تجعله ملكا لإنسان بل إنما وجدت لتحرر الفرد من الخوف حتى يعيش- قدر ما يستطيع دون ضرر ـ حقه الطبيعي في الوجود والفعل " . وقد ألح روسو على حقوق الأفراد الطبيعية في المساواة والحرية فالدولة عنده وليدة قرار سياسي ( تعاقد اجتماعي ) وليست متعالية على الإفراد ولا يمكن أن تتعارض مصلحتها ومصالحهم ولا تسلبهم حرياتهم .ورأى هيجل في كتابه مبادئ فلسفة الحق : " إن الدولة الحقيقية , هي التي تصل فيها الحرية إلى أعلى مراتبها ... إن الدولة هي ما هو عقلاني " .
مناقشة :إن التاريخ والواقع لا يؤكد أن الدولة كانت في خدمة مصالح المحكومين بل بالعكس فقد كانت مستبدة بالحكم ، مصادرة بذلك كل حقوق الشعب وحرياته الأساسية ، بل حتى حقه في الوجود إن هو عارضها وهذا ما جسدته فعلا الأنظمة الديكتاتورية حتى أصبح يخشى من وجود الدولة بوصفها آداه قمع .
عرض نقيض الأطروحة:أن وجدود الدولة ليس ضروريا:يعتقد كل من ماركس و انجلز أن الدولة لم توجد منذ الأزل بل هي مؤسسة قمعية أوجدتها الطبقة المالكة من اجل حماية مصالحها , فالقانون وجد لخدمة مصالح الطبقة البرجوازية , فما جهاز الأمن والجيش إلا لخدمة مصالح الأقوياء وحماية ممتلكاتهم من الثورات التي يمكن أن يقوم بها الضعفاء وفي هذا قال انجلز : " وبما أن الدولة قد نشأت من الحاجة إلى لجم تعارض الطبقات ، وبما أنها نشأت في الوقت نفسه ضمن الاصطدامات بين عدة طبقات ، فهي كقاعدة عامة دولة الطبقة السائدة سياسيا . وتكتسب على هذه الصورة وسائل جديدة لقمع الطبقة المظلومة " .
وينطلق باكو نين الروسي من مفهوم أساسي هو أن الدولة هي القاهر الأساسي للإنسان إنها على حد تعبيره :" الدولة مقبرة كبيرة تدفن فيها مختلف مظاهر الحياة الفردية " . ومن الضروري لقيادة الجنس البشري إلى مملكة الحرية أن تنسف الدولة وان يستبعد مبدأ السلطة من حياة الناس . وجاء موقفه على هذا النحو لان ما ميز المجتمعات خلال القرن التاسع عشر , وخاصة روسيا القيصرية ... حيث استخدم وقتئذ نظام الحكم كل وسائل القمع والقهر لبسط هيمنته ولذلك دفنت كل المبادرات الفردية وخاصة الحريات ...وهذا آمن باكو نين بالثورة والتمرد كحل وحيد للقضاء على الدولة .
مناقشة :إن هذا القول لا يصدق إلا على القوانين الاستبدادية التي عرفتها البشرية والتي تمثل انحرافا ي استخدام سلطة الدولة من الحكام المتسلطين ولا يتعلق بالدولة في حد ذاتها كمؤسسة اجتماعية .
كمان الإطاحة بالدولة لا يحل مشاكل الضعفاء ولا يخلصهم من البؤس والحرمان وإنما قد تؤدي بالإنسان إلى الحياة الحرب وقانون الغاب
التركيب:إن تقدم الوعي السياسي أدى إلى ظهور السلطة القائمة على القانون لا على الإرادة الفردية
إن وجود الدولة ضروري لكن السؤال الذي يطرح : كيف نجعلها معبرة عن إرادة الشعب ؟ وماهي آلاليات التي تقيّد استعمال السلطة بشكل استبدادي وتحفظ الحريات الأساسية للمواطن ؟
إن المجتمعات الحديثة وضعت آليات تقيّد استعمال السلطة و حوّلت علاقة المواطن بالدولة من علاقة رضوخ واستسلام لإرادة الحكام إلى علاقة امتثال للقانون إلي اشترك المواطنون – بكيفية ما – في وضعه وهكذا وجد دستور يبين شكل الدولة ونظام الحكم , وينظم السلطات ويحدد العلاقة بين أجهزة الدولة ويقر الحقوق الأساسية ووسائل حمايتها .
الفصل بين السلطات , واستقلال الوظيفة القضائية , ضمان حق الدفاع .
مجلس لمراقبة دستورية التشريعات والقوانين التنظيمية .
حل المشكلة :ومن خلال ما تقدم يمن أن نستنتج :سلطة الدولة تنفي حرية الأفراد في النظم الاستبدادية ,أما في الدولة الحديثة حيث تحولت السلطة السياسية من الإرادة الفردية لا أشخاص الحكام إلى المؤسسات السياسية , وتم الانتقال من علاقة طاعة الحكام إلى علاقة الامتثال إلى القانون,فهي الإطار الواجب وجوده لتحقيق الكرامة الإنسانية
وجود سلطة الدولة كتنظيم سياسي شكّل تحولا جذريا في تاريخ البشرية إذ انتقلت من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع المدني .

=========


مقالات فلسفية
نص السؤال :- هل يمكن للممارسة السياسية تجاوز كل اعتبار أخلاقي ؟
طرح المشكلة :
لقد واكب تطور الحياة المعاصرة وإحراز الإنسان تقدما هائلا في المعارف والتكنولوجيا تعقيدا في المشكلات والقضايا السياسية التي تواجهه فمن حروب بين العشائر تقع وجها لوجه إلي حروب كونية يهدد اندلاعها الحياة الإنسانية بأسرها .
وعلى مدار هذه التحولات ,كان موضوع أسس العمل السياسي وعلاقته بالأخلاق واحدا من أهم محاور المعرفة السياسية والفلسفية والأشكال المطروح في هذا الصدد يتمثل في : هل يمكن أن يستمرا العمل السياسي باستبعاده القيم الأخلاقية أوان الضامن الوحيد لاستمراره وشرعيته هو استناده للقيم الأخلاقية ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض الموقف الأول : (الموقف القائل:يمكن للممارسة السياسية تجاوز كل اعتبار أخلاقي )
من الذين تبنوا هذا الموقف نجد المفكر الايطالي(نيكولاس ميكافيلي) (1469-1527) صاحب كتاب الأمير " الذي السياسة وشؤون الدولة عن حدد فيه مقومان أساسيان للحكم أولهما : امتلاك ناصية القوة والحزم وثانيهما استقلال السياسة عن الإطار الأخلاقي والديني.
ورأى( ميكافيلي ) أن فساد الدولة وتدهور العمل السياسي يرجعان بالدرجة الأولي إلى تبني الحاكم للأخلاق والى تدخل الدين في السياسة و أن الدولة التي تبني سياستها على أسس أخلاقية تنهار بسرعة لذلك دعا الحاكم وليضمن لنفسه البقاء في السلطة الابتعاد عن كل ماهو أخلاقي بل يجب أن يستعمل كل ما لديه من وسائل لذلك فعليه أن يجمع بين قوة الأسد ومكر الثعلب لان معيار الحكم في نظره في مجال السياسة هو نتائج الفعل حيث قال: " الغاية تبرر الوسيلة والضرورة لا تعترف بالقانون " . وقال أيضا توضيحا لهذا الرأي " إنني اعتقد تماما إن كل إنسان سيوافقني الرأي علي انه من خير الأمير أن يستغل من الصفات ما يشاء في سبيل رفعته غير ناظر إلي قيمة أخلاقية أو دينية فهناك من الفضائل ما قد تؤدي إلي تدهور وانهيار حكمه كما أن هناك من اللافضائل ما قد تؤدي إلى ازدهاره ورفعته " .
والواقع أن اغلب الحكام وخاصة في القرن العشرين لجئوا إلى الوسائل غير الأخلاقية للاستيلاء على للسلطة والاحتفاظ بها وفي هذا قال موسولوني: "إن السلام الدائم لا هو بالممكن ولا بالمفيد إن الحرب وحدها وبما تحدثه من توتر هي التي تبعث أقصى نشاطات الإنسان وهي التي تضع وسان النبل على صدور أولئك الذين لديهم الشجاعة لمواجهتها." ولقد انتقد الفقيه هانز مورجانتو في كتابه "السياسة بين الأمم" استخدام الوسائل القانونية في حل مشاكل السياسية الدولية وأكد على استخدام القوة التي اعتبرها ملازمة للبشر وبالتالي هي القانون الذي يحكم أو سيود العلاقات الدولية حيث قال :"إن السياسة الدولية,كأية سياسة أخرى هي صراع من أجل السلطة". وأكد نفس المنطلق الأمريكي كيسنجر حيث قال:"في السياسة ليس ثمة صداقة دائمة أو عداوة دائمة ثمة مصالح دائمة".
مناقشة:
إن القوة وان كانت ضرورية فهي غير كافية لأنها وحدها تؤدي إلى الفوضى .كما أن التاريخ يثبت أن مجمل الأنظمة التي تخلت عن الأخلاق كان مصيرها الفشل والانهيار وهدا ما قصده المفكر الايطالي كروتشه –وهو أحد المعجبين ميكافيلي- حيث قال:"...فالقوة التي تدوس كل حق تحت أقدامها لابد أن تتقوض في النهاية". فلابد للعمل السياسي أن يقوم على أسس أخلاقية.




الرأي الثاني الموقف القائل : يجب أن يقوم العمل السياسي على أسس أخلاقية) :
إن ضرورة اقتران السياسة بالأخلاق ليست بالدعوة المعاصرة فنجد أن الكثير من الفلاسفة رأوا ضرورة ذلك ومنهم أفلاطون صاحب كتاب الجمهورية وابن خلدون الذي رأى أن سقوط الدولة سببه الإغراق في الشهوات والبطش والابتعاد عن الأخلاق حيث ذكر في المقدمة : " يعود حسن التصرف في الحكم إلى الرفق , فان الملك إذا كان قاهرا باطشا شمل الناس الخوف والذل وان كان متخلقا اشربوا محبته واستماتوا دونه في محاربة أعدائه " .
وفي العصر الحديث رأى كانط أن للدولة وظيفة إنسانية وسياسية والغرض من وجودها مساعدة الفرد وتحسين ظروفه فلا يجب مجرد وسيلة. يقول كانط :"يجب أن يحاط كل إنسان باحترام بوصفه غاية مطلقة في ذاته وليس وسيلة لآي احد " و انتهى كانط إلى ضرورة أن يرتبط كل فعل سياسي بما هو أخلاقي ولقد لخص نظريته في السياسة في كتابه مشروع السلام الدائم وأكد أن ظاهرة الاستعمار الحديث إنما تعود إلى القوة ( الحكم الاستبدادي ) ومقابل ذلك دعا إلى الحكم الجمهوري القائم على أساس المساواة والعدل . وأعيد طرح المسألة بعد( ح ع 2) وقد تجسدت في إنشاء هيئة الأمم المتحدة وتضمن ميثاقها الذي صادقت عليه معظم الدول الدعوة إلى التعاون والاحترام وهذا نص الهيئة ( نحن شعوب الأمم المتحدة ولقد ألقينا علي أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي خلال جيل واحد جلبت للإنسانية مرتين أحزانا , يعجز عنها الوصف .... وان ندفع بالرقي الاجتماعي قدما وان نرفع مستوي الحياة في وجو من الحرية )) وفي العصر المعاصر ناشد راسل العالم كله إلى ضرورة أن تغير السياسة مجراها حيث قال :"الشيء الوحيد الذي يحررنا نحن البشر هو التعاون ,وأول خطوة في التعاون تتم في قلوب الأفراد والمألوف أن يتمنى المرء الخير لنفسه .وفي عالمنا المعاصر لن يجدي فتيلا ما لم يصطحبه تمني المرء الخير للآخرين وهذا مبدأ قديم بشر به رجال حكماء في مختلف العصور ومختلف البقاع " . ونفس الفكرة أكدها المفكر الجزائري مالك بن نبي حيث قال:" إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح فأن السياسة دون أخلاق خراب الأمة " .
إن تاريخ الشعوب وواقعها يبين أن العلم في مجال السياسة يتبع الطريقة الميكيافلية ولو بطريقة غير مباشرة . فالمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة يضمنان حقوق الأقوياء الذين يملكون حق النقض و إلا بم نفسر هذه الحروب والانقسامات داخل الدولة الواحدة؟
التركيب:
من خلال الرأيين السابقين تتبين أن أنصار الرأي الأول إنما أرادوا بدعوتهم تلك تحويل المجتمع الإنساني إلى مجتمع حيواني الغلبة فيه للأقوى ,وان دعاة الأخلاق بقيت دعوتهم مجرد نظريات ومثل متعالية عن الواقع . إن السياسة في المجتمع الدولي تقوم على القوة وتستخدم النوايا الطيبة كذرائع للاستبداد و الاستعمار وقمع الحريات . ولن يتغير هذا الوضع إلا إذا ارتبطت السياسة بالأخلاق قولا فعلا واتخذت من القوة وسيلة لضبط النظام والدفاع عن مصالح البلاد والعباد وهدا ما نجده في قول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي :" الدين والسلطان توأمان ,الدين أس والسلطان حارس فما لا أس له فمهدوم وما لا حارس له فضائع " .
" الخاتمة:
إن إشكالية السلطة السياسية من أهم المواضيع في الفكر السياسي والفلسفي , وتزداد الإشكالية أهمية عندما يتعلق الأمر بالأسس التي ينبغي أن تقوم عليها السلطة السياسية وبخاصة الأخلاقية. وفي هذا المقال تعرضنا لأهم أطروحتين في هذا الموضوع ومنه نستنج: الساسة دون أخلاق تؤدي إلى الدمار والسياسة دون قوة تؤدي إلى الضعف والانهيار ومنه لبد للسياسة من الارتكاز على الأخلاق والاستعانة بالقوة كوسيلة متى استلزم الأمر ذلك وعلى أن تكون القوة آخر الخيارات الممكنة.


شكرا لك وبارك الله فيك

بارك الله فيك وشكراfoza

اختى هل لديك مقالة عن الاحساس والادراك والداكرة والخيال....foza

mais machekitch yhotona hadou lma9alat ta3 andima

الإحساس الإدراكمقالة جدلية حول الإحساس الإدراك بين الظواهرية والقشطالت
السؤال يقول :هل الإدراك تجربة ذاتية نابعة من الشعور أم محصلة نظام الأشياء ؟

المقدمة : طرح الإشكالية
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع عالمه الخارجي بما فيه من أشياء مادية وأفراد يشكلون محيطه الاجتماعي , يحاول فهم وتفسير وتأويل ما يحيط به وهذا هو الإدراك , فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحدهما يربط الإدراك بالشعور (الظواهرية ) والأخر بنظام الأشياء (القشتالت ) فالمشكلة المطروحة : هل الإدراك مصدره الشعور أم نظام الأشياء

التحليل : محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة الظواهرية أن الإدراك يتوقف على تفاعل وانسجام عاملين هما الشعور والشيء المدرك , وحجتهم في ذلك أنه إذا تغير الشعور يتغير بالضرورة الإدراك ومن دعاة هذه الأطروحة هوسرل وهو مؤسس مذهب الظواهرية حيث قال << أرى بلا انقطاع هذه الطاولة سوف أخرج وأغير مكاني عن إدراكي لها يتنوع >> وهكذا الإدراك يتغير رغم أن الأشياء ثابتة والإدراك عندهم يكون أوضح من خلال شرطين ( القصديةوالمعايشة ) أي كلما اتجه الشعور إلى موضوع ما وإصل به يكون الإدراك أسهل وأسرع وخلاصة هذه الأطروحة عبر عنها ميرلوبونتي بقوله << الإدراك هو الإتصال الحيوي بالعالم الخارجي >>

النقد : من حيث المضمون الأطروحة بين أيدينا نسبية لأنها ركزت على العوامل الذاتية ولكن الإدراك يحتاج إلى العوامل الموضوعية بنية الشيء وشكله ولذلك نقول إنها نسبية أيضا من حيث الشكل

عرض الأطروحة الثانية ترى هذه الأطروحة أن الإدراك يتوقف على عامل موضوعي ألا وهو ( الشكل العام للأشياء ) أي صورته وبنيته التي يتميز بها وحجتهم في ذلك أن تغير الشكل يؤدي بالضرورة التي تغير إدراكنا له وهكذا تعطي هذه الأطروحة الأهمية إلى الصورة الكلية وهي هذا المعني قال بول غيوم* << الإدراك ليس تجميعا للإحساسات بل أنه يتم دفعة واحدة >> ومن الأمثلة التي توضح لنا أهمية الصورة والشكل أن المثلث ليس مجرد ثلاثة أضلاع بل حقيقية تكمن في الشكل والصورة التي تكمن عليها الأضلاع ضف إلى ذالك أننا ندرك شكل اٌلإنسان بطريقة أوضح عندما نركز على الوجه ككل بدل التركيز على وضعية العينين والشفتين والأنف وهذه الأطروحة ترى أن هناك قواعد تتحكم في الإدراك من أهمها التشابه ( الإنسان يدرك أرقام الهاتف إذا كانت متشابه ) وكذلك قاعدة المصير المشترك إن الجندي المختفي في الغابة الذي يرتدي اللون الخضر ندركه كجزء من الغابة , وكل ذلك أن الإدراك يعود إلى العوامل الموضوعية .

النقد: صحيح أن العوامل الموضوعية تساهم في الإدراك ولكن في غياب الرغبة والاهتمام والانتباه لا يحصل الإدراك , ومنه أطروحة الجاشطالت نسبية شكلا ومضمونا .

التركيب : إن الظواهرية لا تحل لنا إشكالية لأن تركيز على الشعور هو تركيز على جانب واحد من الشخصية والحديث على بنية الأشياء يجعلنا نهمل دور العوامل الذاتية وخاصة الحدس لذلك قال باسكال << إننا ندرك بالقلب أكثر مما ندرك بالعقل >> وكحل الإشكالية نقول الإدراك محصلة لتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية فمن جهة يتكامل العقل مع التجربة الحسية كما قال كانط ومن جهة أخرى يتكامل الشعور مع بنية الأشياء.

الخاتمة:
وخلاصة القول أن الإدراك عملية معقدة ينقل الإنسان من المحسوس إلى المجرد فالمحصلة فهم وتفسير وتأويل وقد تبين لنا أن مصدر الإدراك إشكالية اختلفت حولها أراء الفلاسفة وعلماء النفس ويعد استعراض الأطروحتين استخلاص النتائج نصل إلى حل الإشكالية
الإدراك محصلة للتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية.

يقول "دونان " إدراك بياض الورقة هو الإحساس وإدراك الورقة البيضاء هو الإدراك "
أطروحة صحيحة وتقرر لديك إبطالها فما عساك أن تفعل ؟
المقدمة :
لقد كان الإنسان منذ بداية التفكير الفلسفي من أهم المحاور التي غلت الفلاسفة والعلماء وكان من بين القضايا التي أثارت شغفهم ومحاولة الكف عن ماهيته هو قدرته على المعرفة وقد وقف عدد من العلماء والفلاسفة على ملكتي الإدراك والإحساس بصفتهما منبع أساسي لمعرفة الإنسان إلا أن هاتين القدرتين أثارتا جدلا واسعا بين الفلاسفة وعلماء النفس فهناك طرح يرى أنه لا يمكن التمييز بين كل من الإحساس والإدراك أي علاقة انفصال بينهما هذه الأطروحة الأخيرة فاسدة وباطلة من أساسها وتأسيس على ذلك كيف يمكن الرد على هذه الأطروحة ودحضها ؟ وكيف نستطيع إبطال القول القال " إن إدراك بياض الورقة هو الإحساس وإدراك الورقة البيضاء هو الإدراك ؟
عرض منطق الأطروحة :
تميل أصحاب النزعة الكلاسيكية إلى التمييز بين الإحساس والإدراك والهدف من وراء ذلك هو جعل الإحساس شيئا والإدراك شيئا آخر أي هناك فرق بين ما يقدمه لنا الإحساس من صفات عن الموضوع وبين إدراك الموضوع على أساس تلك الصفات فهناك تمايز من حيث الماهية والصفات الجوهرية لكل منهما .
وفكرة الفصل والتمييز بين الإحساس والإدراك ليست وليدة اليوم بل عدد كبير من المفكرين والفلاسفة الذين تناولوا إشكالية مصدر المعرفة ذهبوا إلى تحديد خصائص لكل من الإحساس والإدراك ومن الأدلة التي اعتمدوا عليها هؤلاء نجد الأسبقية الزمنية حيث أننا دائما نجد الإحساس يسبق الإدراك وخير مثال على ذلك هو تكون المعرفة عند الطفل حسب تصور علم النفس التربوي إذ الطفل يعجز في بدية حياته عن إدراك الموضوعات الحسية في غياب تماثلها الحسي فحتى عندما نقول للتلميذ في بداية حياته الدراسية "ذهب حمزة إلى المدرسة' لابد أن تقدم له صورة حسية عن هذه الجملة بحيث نرسم له صورة حمزة والمدرسة والطريق وكذلك فيها العمليات الحسابية ولا يفهم التلميذ الأعداد مجردة فلا بد أن نمثل له الأعداد بأشياء ملموسة مثل القريصات والخشيبات .....الخ
ومن مظاهر التمييز أيضا طبيعة كل منهما حيث يتميز الإحساس بالبساطة بينما الإدراك مركب ومعقد ثم أن الإحساس يمدنا بمعطيات حسية لا معنى لها في غياب تأويل العقل لها ومن ذلك الإحساس يمدنا بلون البياض بغض النظر عن الموضوع مثل ذلك الإحساس يمدنا بلون السبورة وحجمها ووضعيتها وشكلها لكن لا يستطيع أن يحدد هوية السبورة فيأتي الإدراك ويحدد لنا هوية الموضوع المدرك وهي أن السبورة بياء مستطيلة الكل معلقة في جدار وغيرها من الصفات التي من شأنها أن تحدد هوية الموضوع المدرك .
إبطالها بحجج خصية :
من خلال استقصاء أدلة وبراهين هذا الموقف تبين واتضح لنا مدى تعسف أنصاره في الفصل بين الإحساس والإدراك والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو هل بإمكان الإنسان أثناء إدراكه لموضوع ما أن يحدد أين ينتهي الإحساس وأين يبدأ الإدراك أو كم يستغرق الإحساس الوقت وكم يستغرق الإدراك ؟ عندما تبدأ عملية الإحساس هل بالفعل تبدأ بالجزء أم بالكل ؟ من ذلك إدراكنا للسبورة أسبق في الإحساس اللون أم الشكل أم الوضعية أم الإحساس يأتي ككل دفعة واحدة ؟ ثم هل يوجد إحساس خالص نستطيع أن نميزه عن الإدراك ؟ مثلما يقول " بول غيوم " ليست الإحساس تجميعا لإحساسات بل يتم دفعة واحدة لكل ما" ويقول أيضا في هذا الصدد إن الإحساس الخالص هو من خلق السيكولوجيين ليس ظاهرة واقعية ' هذا جعل المدرسة الجشطالتية تثور على أنصار النظرية الكلاسيكية التي حسبه قد تغافلت وتجاهلت عن جوهر الإدراك القائم على إدراك الكل وليس الجزء وأنه أثناء عملية الإدراك يصعب الفصل بين الفصل بين الإحساس والإدراك لأنهما متصلان ببعضهما البعض اتصالا عصويا لا معنى لأحدهما في غياب الآخر حيث الإحساس شيء غامض ( مبهم ) والإدراك رح له فلا يكون هناك سرح في غياب ما يستدعي الشرح
نقد المناصرين :
إن أصحاب أطروحة الفصل بين الإحساس والإدراك لم يكن تبريرهم قاما على الفراغ ثم أن إبطال أطروحتهم لا يعني رفضها بكل مطلق غنما هذه الأطروحة تمنت تعسفا أو مبالغة في الفصل بين الإحساس والإدراك وهذا ما يؤكده علم النفس الحديث كما أن الفلسفة الحديثة تنظر إلى الإدراك على أنه شعور الإحساس أو جملة من الإحساسات التي تنقلها إليه حواسه فلا يصبح عندها الإحساس والإدراك ظاهرتين مختلفتين وغنما وجهان لظاهرة واحدة .
الخاتمة :
نستخلص مما سبق أن القول بإمكانية الفصل بين الإحساس والإدراك وهذا ما يراه أصحاب النزعة الكلاسيكية وهي أطروحة فاسدة وباطلة لا يمكن الأخذ بها وتبينها .

الموضوع: تحليل مقال فلسفي
نص المقال:إذا افترضنا أن الأطروحة القائلة : « إدراكاتنا المعرفية صادرة عن العقل » أطروحة فاسدة
وتقرر لديك الدفاع عنها وتبنيها. فما عساك أن تصنع؟
الطريقة: استقصاء بالوضع
طرح المشكلة: يعتبر الإدراك من العمليات النفسية الأشد تعقيدا، وهناك الكثير من العمليات النفسية كالذاكرة والتخيل والذكاء تتدخل لتعقل الشيء المراد معرفته وإدراكه، وبما أن الإدراك عملية تميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى لأن العقل هو الذي يلعب الدور الفعال فيها فلولا العقل لما استطاع الإنسان أن يعرف أو يعقل الأشياء ويصبح كسائر الكائنات الأخرى التي تحس ولكن لا تدرك، وعن أهمية العقل في العملية الإدراكية يمكن أن نتساءل:كيف يمكن الدفاع عن الأطروحة القائلة جميع ادراكاتنا المعرفية صادرة عن العقل ؟ وما هي الحجج والأدلة التي تثبت صحة ذلك ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة: يذهب الاتجاه العقلي إلى ضرورة التمييز بين الإحساس والإدراك، وهو يرى أن الإحساس لا يمدنا إلا بمعارف أولية في حاجة دائمة إلى تجريد عقلي، وهذا ما أكده قديما الفيلسوف اليوناني سقراط والفيلسوف اليوناني أفلاطون حيث ذهبا إلى أن الإحساس وحده لا يحقق معرفة مجردة فكثيرا ما تكون المعرفة الحسية خاطئة أو غير كافية في ذاتها لآن الاقتصار على شهادة الحواس يؤدي إلى نتائج غير صحيحة، وقيمة الإحساس تكمن في أنه يقوم بتنبيه وإثارة نشاطاتنا العقلية لنصل بطريقة غير مباشرة إلى المعرفة المجردة وهي المعرفة الحقيقية، كما يذهب الفيلسوف الفرنسي ديكارت إلى عدم إنكار الإدراك الحسي ولكنه يقلل من إسهاماته في المعرفة مقارنة بالإدراك المجرد القائم على العقل.
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية : إن أنصار المذهب العقلي منذ العصر اليوناني إلى الآن يعتقدون أن ثمة ما يستوجب التمييز بين الإحساس والإدراك سواء من حيث طبيعة كل منهما أو من حيث القيمة المعرفية المتأتية من كليهما، وهم يعتبرون أن ليست كل إدراكاتنا المعرفية نابعة ـ بالضرورة ـ من الإحساس بل أن الغالب في هذه الإدراكات أنها صادرة بصورة قبلية عن العقل، ومن بين الحجج التي اعتمدها الاتجاه العقلي:
ـ أن الطفل الصغير يحس بالأشياء ولكنه لا يدركها بينما الراشد يحس ويدرك الأشياء، يقول وليام جيمس:" لا يحس الإنسان الراشد الأشياء بل يدركها "
ـ ليس الإدراك مجرد مجموعة من الأحاسيس، بل هو نشاط مربوط بالعقل، فالفيلسوف آلان يدعونا إلى الحكم على الشكل المبين أمامنا ـ مكعب ـ فنحكم عليه أنه مكعب بالرغم أننا لا نرى حقيقة الشكل الصحيح للمكعب وهذا ما جعل آلان يقول:" الشيء يدرك ولا يحس به".
ـ إن ما نحس به مرتبط بما يعطيه العقل من أحكام بل كثيرا ما يصحح العقل ما تقع فيه الحواس من أخطاء فأنت ترى انكسار العصا عند غطسها في الماء ولكن رغم ذلك تدرك بأنها ليست حادثة فعلية وهذا راجع إلى حكم العقل على ذلك وتصحيحه لما نقل من الأعضاء الحسية (البصر).
نقد خصوم الأطروحة: ترى النظرية الحسية أن إدراك العالم الخارجي متولد من الإحساس، وأن وظيفة العقل عندهم هي بتسجيل كل ما يأتيه عن طريق الحواس وهذا ما عبر عنه كل من جون لوك ودافيد هيوم، لكن إذا أخذنا هذا الموقف فكيف نفسر بعض المفاهيم كمفهوم الكتاب الذي يتصوره العقل خالصا من صفاته الثانوية المتغيرة، في الواقع كل كتاب له: شكل، لون، حجم، أما من حيث تصور الكتاب في العقل هو مرجع للمعرفة، فهذه الصورة يدركها العقل دون أن تمر بالحواس. أما نظرية الجشطالت التي ذهبت إلى إبراز دور العوامل الموضوعية في عملية الإدراك، وهذا ما عبر عنه كل من كوفكا وكوهلر لكنهم بذلك قللوا من أهمية العوامل الذاتية مع العلم أن عملية الإدراك تتم بحضور عاملين اثنين عامل ذاتي وعامل موضوعي، أما النظرية الظواهرية فتذهب إلى أن إدراك العالم الخارجي يقع تحت سيطرة الشعور، وهذا الشعور هو الذي ينظم عملية الإدراك، وهذا ما عبر عنه الفيلسوف هوسرل لكن العالم الخارجي يتجاوز المعطيات المباشرة لشعورنا، لأن الشعور هو الذي يتأثر بالعالم الخارجي الذي هو موضوع إدراكنا.
حل المشكلة : في الأخير يمكن أن نؤكد أن أولئك الذين يشككون في دور العقل وحتمية العملية الإدراكية هم في حقيقة الأمر يشككون في الإدراك ذاته لأنه لا يمكن تصور إدراك دون عقل، كما لا يمكن تصور إنسان دون عقل، فالإدراك هو عملية عقلية في الأساس. والعقل يتدخل بكل عملياته النفسية في عملية الإدراك وزوال العقل هو زوال القدرة على التعقل والإدراك.











الموضوع : تحليل مقال فلسفي
نص المقال : هل إدراكنا للأشياء يتوقف على التجربة الحسية ؟
الطريقة : جدلية

طرح المشكلة : مما لا شك فيه أن الإحساس هو عملية نفسية فيزيولوجية، ترتبط في أساسها على جملة من الحواس، وهذه الحواس تنقل إلينا صور مجردة من أي معنى، ولكن بعد وصولها إلى الدماغ عن طريق الأعصاب، تتم عملية تأويل جميع تلك الصور، وذلك بتحليلها وفهمها عن طريق العقل، وبالتالي فهناك مرحلتين، مرحلة أولى: والتي نعتمد فيها على الحواس للاتصال بالعالم الخارجي ونطلق عليها بالإحساس، ومرحلة ثانية: والتي يتم فيها الحكم على الأشياء وبناء رد الفعل، ونطلق عليها بالإدراك، لكن طبيعة الإدراك قد أثيرت حولها تساؤلات : فهل إدراكنا للأشياء يتوقف على الحواس أم العقل؟
محاولة حل المشكلة :
عرض الموقف الأول: يرى المذهب الحسي أن إدراك الإنسان للأشياء يتوقف على التجربة والإحساس، وليس على العقل والإدراك المجرد ، فقد ذهب الرواقيون قديما إلى أن مقياس المعرفة الحقة ليس تلك الأفكار التي كوناها بأنفسنا وصنعناها بأذهاننا ، بل لابد من العودة إلى المصدر الذي استقينا منه أفكارنا الكلية أي التجربة الحسية، لأن نفس الطفل كما يرى الرواقيون لا تشتمل على أي نوع من المعارف المسبقة أو الفطرية فهو يبدأ في تحصيلها بعديا شيئا فشيئا بواسطة خبرته الحسية. كما ذهب الفيلسوف الإنجليزي "جون لوك" إلى أن الإنسان لا يصل إلى المجرد إلا بالانطلاق من الملموس، حيث قال : " الحواس والمدارك هما النافذتان اللتان ينفذ منهما الضوء إلى الغرفة المظلمة ( أي العقل ) ". كما قال أيضا : " ليس في العقل شيء جديد إلا وقد سبق وجوده في الحس أولا " لأن من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها. ويتفق الفيلسوف الانجليزي "دافيد هيوم" مع لوك في رد الإدراك إلى الإحساس، إذ حصر مفهومه في نطاق الانطباعات الحسية الناتجة عن تأثر الأعضاء الحسية بخصائص الأشياء.
النقد :هذا المذهب لم يبحث في جوهر الإدراك،لأن الاعتماد على الحواس لا يمكننا من معرفة كل عناصر الموضوع بدقة، كما أن هذه الحواس قد تخدعنا أحيانا، وهذا ما أكده "ديكارت" بقوله : " كل ما تلقيته حتى الآن على أنه أصدق الأشياء وأوثقها قد تعلمته من الحواس، أو عن طريق الحواس، غير أنني اختبرت أحيانا هذه الحواس فوجدتها خداعة ". كما أننا إذا أخذنا بهذا الموقف فكيف نفسر بعض المفاهيم كمفهوم الكتاب الذي يتصوره العقل خالصا من صفاته الثانوية المتغيرة، في الواقع كل كتاب له: شكل، لون، حجم، أما من حيث تصور الكتاب في العقل هو مرجع للمعرفة، فهذه الصورة يدركها العقل دون أن تمر بالحواس.
عرض الموقف الثاني: يرى المذهب العقلي أن الإحساس لا يمدنا إلا بمعارف أولية، في حاجة دائمة إلى صقل وتجريد عقلي ، ففلاسفة اليونان الكبار أمثال "سقراط" و"أفلاطون" يرون أن الإحساس وحده لا يحقق معرفة مجردة ، بل الإحساس يثير العقل لتحقيق معرفة مجردة فكثيرا ما تكون المعرفة الحسية خاطئة أو غير كافية في ذاتها ، لأن الاقتصار على شهادة الحواس يؤدي إلى نتائج غير صحيحة ، وقيمة الإحساس تكمن في أنه يقوم بتنبيه وإثارة نشاطاتنا العقلية لنصل بطريقة غير مباشرة إلى المعرفة المجردة وهي المعرفة الحقيقية . كما ذهب الفيلسوف الفرنسي "ديكارت" إلى عدم إنكار الإدراك الحسي تماما، ولكنه قد قلل من إسهاماته في المعرفة مقارنة بالإدراك المجرد القائم على العقل . وقد قال : " العقل هو أحسن الأشياء توزعا بين الناس، إذ يعتقد كل فرد أنه أوتي منه الكفاية، وهو يتساوى بين كل الناس بالفطرة "، كما قال أيضا : " أنا أفكر إذن أنا موجود ".
النقد :لكن إذا كان الإحساس هو الجسر الذي يعبره العقل أثناء الإدراك، فإن ذلك يعني بالضرورة أن للإحساس وظيفة يؤديها في عملية الإدراك، وبدونه يصبح الإدراك فعلا ذهنيا مستحيلا، أي كل إدراك يحمل في ثناياه بذورا حسية متنوعة. كما أن الواقع يؤكد عكس ما يقول به المذهب العقلي لأن الطفل الصغير يبدأ في اكتشاف هذا العالم من خلا الأصوات والألوان والأشكال، زد على ذلك إذا كان العقل هو مصدر الإدراك وهو مبدأ فطري في الإنسان، فلماذا لا نملك جميعا نحن البشر نفس المعارف.
التركيب : لقد استطاع الفيلسوف الألماني "كانط" أن يتجاوز مشكلة التعارض بين المذهب العقلي والمذهب التجريبي، حيث ذهب إلى أن عالم الأشياء كما تنقله لنا الحواس هو في الأصل شتات معرفي ، لا يمكن فهمه، والعقل هو الذي يجمع ويربط بين هذا الشتات، لذا فكانط يرى أن المعرفة ما هي إلا تأليف يقوم على معطيات الحواس وفعالية العقل، حيث يقول : " المفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء، والحدوس الحسية بدون مفاهيم عمياء ". كما كان لنظرية الجشطالت رأي آخر حيث ذهبت إلى أن الصيغة أو الشكل والأرضية التي يكون عليها الموضوع، هي التي تحدد طبيعة إدراكنا، فصيغة الشيء أو شكله وأرضيته له علاقة وطيدة في الكيفية الإدراكية ويؤثر مباشرة في إدراكنا. وكذا بالنسبة للنظرية الظواهرية التي ذهبت إلى أن إدراك العالم الخارجي يقع تحت سيطرة الشعور، فالإدراك يقترن بفاعلية الشعور، ومادام الشعور يتغير فإدراكنا يتغير رغم ثبات موضوع الإدراك أي الشيء المدرك.
حل المشكلة : في الأخير يمكن أن نؤكد أن الإدراك لا يمكن حصره لا في العقل وحده ولا في التجربة الحسية وحدها، بل هو تأليف يقوم على معطيات الحواس وفعالية العقل ، لذا فمن باب منطق الاعتدال والموضوعية أن نصرح بموقف الفلسفة النقدية التي يتزعمها "كانط" حيث ترى أن أصل المعرفة هو اتحاد العقل والتجربة معا، فكانت المعرفة عنده عقلية بقدر ما هي حسية.