عنوان الموضوع : تاريخ خنقة سيدي ناجي المجيد سياحة جزائرية
مقدم من طرف منتديات العندليب

خنقة سيدي ناجي
ولاية بسكرة الجزائر
مورد النعام - تونس الصغيرة



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه
مقدمة:
من المدن الجزائرية ذات التاريخ العريق والمميزات الطبيعية والسياحية مدينة خنقة سيدي ناجي ( عرفت بمورد النعام . تونس الصغيرة ) .الخنقة اسم جغرافي يعني الفج أو المضيق بين جبلين ، تقع خنقة سيدي ناجي بالجنوب الشرقي للأوراس على الضفة الشرقية لوادي العرب وهي إحدى البلديات التابعة لدائرة زريبة الوادي تبعد عن الدائرة ب25 كلم وتتوسط ولايتي بسكرة وخنشلة بمسافة 105 كلم (الطريق الوطني 83 ) يحدها من الشمال بلدية الولجة ومن الشرق بلدية جلال ومن الجنوب والغرب بلدية زريبة الوادي ومن الشمال الغربي بلدية كيمل .
تأسســت بلدية خنقة سيدي ناجي في عام 1946 ويقطنها حاليا حوالي 4000 نسمة.
- كـل من قرأ ما كتبه الرحالون والدارسون عـــن هذه المنطقة قبل الاحتلال الفرنسي تحن نفسه إلى رؤيتها اليوم للإطلاع على ما بقي من آثارها و تعــــريفا بها هـــذا عرض موجز عــــنها:
نشأتهـا وتأسيسها:
كانت خنقة سيدي ناجي قبل تأسيسها عبارة عن غابات ونباتات متنوعة من أشجار العـرعار والقصب تحيط بها الجبال من جميع الجهات ويجري بها وادي العرب وعرفت بمورد النعام ولرؤية رآها سيدي المبارك في المنام طلب منه فيها التوجه إلى هذا المكان فوصلها مع عدة قبائل ( صدراتة - هزا برة - زهانة - دريد ــ زناته ــ روقه ـ نهــد)
مع بداية القرن الحادي عشر للهجرة عام 1010 هـ /1602 م وبنى بها زاوية للصلاة لتعليم العلوم ونشر الطريقة الناصرية الشاذلية وأصبحت وجهة لطلاب العلم والتصوف من كل مكان والتي تسمى حاليا المدرسة الناصرية كانت هذه البلدة مصدر إشعاع يؤمها طلاب العلم من كتــل ناحية حيث كونت رجالا خدموا الوطن ساعة العسر واليســـر وكانت لها مكانة مرموقة وتعتبر المدرسة الناصرية التي بنيت عام 1171 هـ/ 1758 م على يد الشيخ احمد بن ناصر بن محمد بن الطيب مركزا للإشعاع العلم الشرعي وبها 15 غرفة صغيرة لطلاب العلم من البلدة وخارجها وكان بها نظام الداخلي حيث كان إطعام الطلبة الوافدين على حساب القائمين على مسجد سيدي المبارك وقد ساهمت هذه المدرسة في نشر العلوم الشرعية واللغوية فانتشر حفاظ القران والسنة النبوية والفقهاء وتخرج منها العديد من العلماء تابع بعضهم دراستهم في جامع الزيتونة بتونس والجامع الأزهر - ومن أشهر العلماء الذين تخرجوا منها في كافة العلوم التالية نذكر أهمهم من البلدة وخارجها: وبعد وفاته عام 1031 هـ/1622 م واصل ابنه سيدي احمد بن المبارك تعميرها . وقد ظهرت البلدة في أول صورها على شكل حي صغير يدعى : كرزدة يؤمونها شتاء ويرحلون عنها صيفا.والذي أصبح فيما بعد أحد أحيائها العريقة و الذي هدم إبان الاستعمار الغاشم عدا بعض الآثار التي لازالت إلى يومنا هذا خير شاهد عن ذلك الحي - وقسمت خنقة سيدي ناجي إلى خمسة أحياء وهي: كـرزدة - الســــوق ــ مــوسى ــ صدراتة ــ اللواتة
وأما حارة الحبس فقد تركــت وقفا على من قصدها ولــم يجــــد مأوى.
و يعود التقسيم إلى خمسة أحياء تيمنا و تبركا بأركان الإسلام الخمسة
حيث يوجد بها خمسـة احياء وكل حي به بابان يغـلقان ليلا ,بهما حـراس يعملون بالتناوب وبها خمســـــة سواقي وبها خمســـة مساجد
وكان أباء سيد ي المبارك يسكنون الأندلس في عهد الخلفاء الأمويين وبعد سقوط غرناطة هاجرو نحو تونس حيث عاش جد الأسرة سيدي ناجي الأكبر وابنه سيدي قاسم فالتف حولهما العديد من الأتباع والموردين وكان سيدي ناجي الأكبر من أولياء الله الصالحين وهو مدفون في ضريح بساحة الخيل بتونس العاصمة ،وهكذا انتقلت الولاية إلى سيدي لمبارك الذي تنقل عبر بلاد المغرب الى ان استقر به المقام في خنقة سيدي ناجي مع أتباعه .
- أسبـاب تأسيسهـــا :
من المسلم به أن جل الحضارات أقيمت على ضفاف الأودية والأنهار
و لهذه الأسباب قصد سيدي المبارك هذه المنطقة التي تدعى مورد النعام و لسان حاله يردد قوله تعالى : ( ربنا أني أسكنت من ذريتي بواد غيرذي زرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) سورة إبراهيم الآية : 37 .وفي القرن الحادي الهجري حل سيدي المبارك بالمنطقة وجعـــل منها مركزا العلم و المعرفة فبلغت مبلغ قل ما وصلت إليه أي منطقة في تلك الحقبة .وقد عمرت خنقة سيدي في الأول من سبع فرق على التوالي (صدراتة - هزا برة - زهانة - دريد ــ زناته ــ روقه ـ نهـد ) وقد واجهت تلك القبائل عدة صراعات و ضغوطات من القبائل المجاورة رغم ذلك واصل سيدي المبارك العمران والنشاط وأول ما بني كما آنفا هو الزاوية و قام مع أتباعه بغرس أشجار النخيل منها و سميت المنطقة بخنقه سيدي ناجي من طرف سيدي المبارك ناسبا إليها تبركا إلى جده سيدي ناجي الأكبر دفين ساحة الخيل بتونس العاصمة بدلا من اسم مورد النعام.
وقد أنجب سيدي المبارك أربعة 04 أبناء وهم احمد .التواتي . محمد . وعبد الحفيظ ) وبعد وفاته حملت الزاوية اسم مسجد سيدي المبارك الذي عرف التجديد الأول سنة 1147 هـ /1134 على يد الولي الصالح سيدي محمد بن محمد الطيب وتم توسيعه للمرة الثانية عام 1171 هـ /1758 م على يد الشيخ احمد بن ناصر بن محمد بن الطيب.
نظام الأمن :
كانت البلدة محاطة بسور له بابان يغـلقان ليلا ,بهما حـراس يعملون بالتناوب ، والسوار مازال قائما إلى اليوم ، كـما أحيط كل حي من الأحياء الخمسة بســور له بابان كذلك .
كفاح أبناء البلدة أثناء الثورة التحريرية
كان سكان هذه البلدة يعيشون في وضعية جد صعبة كغيرها من البلاد
المجاورة وتحت سلطة المستعمر فقدر محتوم لا مجال لتغييره ، بدأت الحركة الوطنية تجمع حولها البعض من الشباب الخنـقي فاشتركوا فـــــي الأحزاب المناهضة للسياسة العامة لفرنسا في الجزائر فكونت خلايا لحركةانتصار الحريات الديمقراطية وبدأت في جبال الأوراس والى حدود البلدة انتفاضات الثائرين على الأوضاع كانت فرنسا تطلق عليه( المنافقين) مثل

ماقام به المجاهد الشهيد قرين بلقاسم من تمرد على المستعمر واستمر كذلك الى اندلعت الثورة فانضم إليها ومات شهيدا رحمه الله وكان من آثار ثورة قرين ورفاقه شاهدو أهل البلدة في الخمسينات بعض الفرق العسكرية من سنغال وفرنسيين يتنقلون في دوريات وطلعات للجبال المجاورة ثم استقدمت فرقة من المغاربة كان اسمهم : (القوم) فأقاموا في منازل الشاغرة حي صدراتة .
وفي ليلة أول نوفمبر 1954 سمــــع أهل البلدة كغيرهم بالحوادث التي وقعت بهذا اليوم وعلى الخصوص مدن الأوراس... ،ولم يمر أسبوع حتى بدأت الجيوش تنتشر هنا وهناك وتشدد من أحكامها على البلدة وبدأت نار الثورة على المستعمر هنا وهناك واستحدث مكتب عسكري بالبلدة للاستنطاق في أول شهر للثورة كان قسما مدرسيا يدعى مقر المحكمة سابقا يستنطق فيه المشتبه من البلدة أو القادمون من القرى المجاورة ليتم التسليط عليهم بأنواع التعذيب من ضرب وتعريضهم للتيار كهربائي - تأثر أهل البلدة بما أصبحوا يرونه من أمور مستجدة يقوم بها العسكر يوميا فتحرك الشعور بالوطنية في نفوسهم وتطلع الشباب للالتحاق بصفوف المجاهدين أو العمل على مساندهم بكل الطرق حتى بدا الشباب الخنقي يلتحقون بإخوانهم المجاهدين رحم الله الشهداء والذي عددهم اكثرمن 52 شهيد المجد والخلود لشهدائنا وكذا المجاهدين الأحرار
اقتصادها :
كانت آنذاك الفلاحة هي أهم المصادر لجلب القوات و الرزق و خاصة منتوج التمر المعروف بالتمر الذهبي العلكي ، و كذا الحبوب من قمح و شعير ، حيث كانت تلك المنتوجات تلقى رواجا كبيرا في السوق المحلي للبلدة الذي يؤمه التجار من أنحاء القطر و كذا من الدول المجاورة
أما عن الحرف فقد ظهرت بكثرة منها : الصياغة حيث كانت تمتهن من طرف عائلة بوغد يري و كذلك الحدادة و الحياكة و الصيد له أين اشتهرت عائلة قوبع التي استخدمت الأعشاب الطبية في تحضير جل الأدوية النافعة وهذا حسب الطرق التي انتهجتها عباقرة الطب المسلمين ( ابن سيناء الرازي ) كما اشتهرت صناعة العطور على عدة أنواع ، إضافـة إلـى ذلــك فقـد ظهرت حركة رياضية : سباق الخيل ــ الصيد ــ السباحة ــ الرماية ...
- علماء الدين
- الشيخ سيدي المكي بن الصديق بلمكي شارح سيدي خليل وحكم سيدي عبد الحفيظ
- الأمين بلمكي الذي قد جمع علوم الدين والأدب
- محمد المدني بن المكي بن الصديق الذي اقترح تسمية(البصائر )
على الإمام عبد الحميد بن باديس
- محمد زروق بلمكي الذي جمع علوم الدين والكيمياء والفلك والأدب وكان مفتيا بمسجد سيدي مبارك بصفة رسمية
القضـــــاة
- الشيــخ محمد الطيب بن أمحمد الحاج بن حسين الخنقي الذي
كان قاضيا بأولاد جلال .
- الشيخ عــمراني مسعود الذي كان قاضيا بوادي سوف.
- الشيخ محمد بن إبراهيم مكي الذي كان قاضيا بسيدي عقبة.


الأدبـــــــاء
- الشيخ صالح تومي الذي كان عالما في الأدب و العلوم الدينية.
- الشيخ عاشور كليبي الذي كان بحرا واسعا في اللغة وشاعر
و كاتبا ومفسرا للقرآن.
- الشــــيخ ع المجيد بن حسين وهو من اقترح تسمية (الشهاب )
على الإمام عبد الحميد بن باديس
- الشيخ العربي التبسي كان بحــرا في اللغة و الشعر و الفقه.
- الأستاذ الشاعر مكي الجنيدي الذي كان محاميا بمدينة عنابه.
* الأستاذ الشاذلي مكي الذي كان يمثل الجزائر في الدول العربية
وهو ثالث من صمم العلم الوطني الجزائري
- علماء في الطب
- قوبع عمارة الذي بلغ درجة كبيرة في الطب .
- الشهيد محمود قوبع الذي كان طبيبا لجيش ت الوطني أثناء الثورة.
- أ ما في الرياضيات فنذكر سيدي عبد الله بن عبد الواحد الذي جمع علوما عديدة و خاصة علوم الرياضيات و الهندسة , وهو الذي بث في قضية المياه المتنازع عليها آنذاك بين أهالي عاصمة الزيبان بسكرة فرضوا بحكمه بعد خصام طويل.
- علماء الفلك
- السيد حسين بن ناصر احد حكام البلدة الذي كان يجمع بين الفلك و الطب و علوم الدين .
- الشيخ الازهاري بن سيدي عبد الحفيظ الذي كان أيضا شيخ في الطريقة الرحمانية.وعلى العموم فان المدرسة الناصرية كانت مركز إشعاع على مستوى عمالة قسنطينة آنذاك .فقد كان يقصده الطلاب من كل حدب و صوب للاستفادة من العلوم على مختلف أنواعها وخاصة العلوم الدينية
وحفظ القرآن ، كما انه كان يعتبر رمز لوحدة المغرب العربي الكبير ،
فالطريقة الناصرية أتى بها سيدي المبارك من المغرب الأقصى و أما المسجد فقد بني على منوال جامع الزيتونة.كما ساهم بكل حيوية في الثورة التحريرية إذ أن بعض العلماء الذين تخرجوا من المدرسة الناصرية قاموا بتوعية أهاليهم للقيام بالثورة ضد الاستعمار الفرنسي.وزيادة على مسجد سيدي المبارك هناك عدد من المساجد القديمة مثل زاوية الشيخ عبد الحفيظ الو نجلي ناشر الطريقة الرحمانية في القرن الثالث عشر 13 هـ
ومسجد السوق الذي تم بناؤه خلال القرن 18 م ونظرا لمكانة البلدة في العهود العابرة فقد تغنى بها عدد من الشعراء ورثوا لحالها في الأزمنة الحديثة مثل الشيخ خليفة بن حسن القماري فقيه الصحراء الذي أفتى بتغريم السارق بالقيافة (الحرة) و أنكر عليه ذلك علماء البلدة فأرسل لهم قصيدة منشورة
في عدة كتب منها ((الصروف)) للشيخ إبراهيم الحوا صل و منها قوله:
سلام له في الصالحات أصــــول يوافــــيه من عندي سلام وصول
إلى الشرح الا ثبات من آل خنقة لهــم في الدور الواقعات نقــــول
رؤوس سداد صالــــحون أجــلة شمــوس رشـاد مالهن أفـــــــــول

مقاومة الشيخ سيدي عبد الحفيظ الخنقي رضي الله عنه
بعـد الحملة الواسعة التي قام بها الشيخ عبد الحفيظ الخنقي بمساعدة احمد بلحاج خليفة الأمير عبد القادر و التي حرص فيها سكان سيدي عقبة و الجهات المحاذية لسفح الأوراس الجنوبي و مؤيدي الطريقة الرحمانية في الخروج للجهاد و المقاومة
وفي يوم 14سبتمبر 1849 خرج الشيخ عبد الحفيظ الخنقي واحمـــــد بلحاج على رأس المقاومين من خنقة سيدي ناجي و ليانة والتقــيا مع الشيخ الصادق بن الحاج قادما من احمر خـدو و معه حوالي 700 فارسا و مقاتل و انضم المقاومون مع بعضهما البعض تحت قـيادة الشيخ عبد الحفيظ الو نجلي و تحركت هذه القوة التي بلغ عددها حوالي 5 آلاف مقاتل متجهين إلى مدينة بسكرة و عندما بلغ الخبر القائد العسكــــري الفرنسي ببسكرة الرائد"سان جرمان " تحرك بقواته للتصدي قبل وصولهــــــم إلى المدينة حيث تمركزت القوتان على حافة وادي براز " نواحي سريانه."
و في يوم 17 سبتمبر 1849 صباحا بدأت المعركة الحامية دامت يوما كاملا اشتد فيها القتال و تم القضاء على القائد الفرنسي " سان جرمان" الذي نقل جثمانه إلى مدينة بسكرة و ابنه الجنرال كانروير توعد بالانتقام له فيما فضل المجاهدون الانسحاب من الميدان بسبب قلة التنظيم و التمركز و في يوم 4 نوفمبر 1849 اجتمع الشيخ عبد الحفيظ الخنقي و الشيخ الصادق بلحاج و محمد الصغير بن احمد بلحاج و قرروا مواصلة
المقاومة و تكوين جيش قوي للتوجه به مرة أخرى إلى مدينة بسكرة في
محاولة استردادها غير أن هذا القرار لم ينفذ بسبب علمهم بوصول نجدات
سريعة بقيادة كل من العقيد كرئبيسا و العقيد هيربون لتعزيز مركز بسكرة
لكن ذلك لم يمنع الشيخ عبد الحفيظ الخنقي من الاستمرار في مقاومة المستعمر بمختلف الوسائل إلى غاية استشهاده سنة 1850 م تاركا عدة مؤلفات منها : التعريف بالإنسان الكامل - الجواهر المكنونة و العلوم المصونة - سر التفكير في أهل التذكير - غاية البداية في حكم النهاية .
خنقة سيدي ناجي حاليا بها
مدرستين ابتدائيتين باسماء الشهداء :

الاولى بسم البطل :محمد الصالح بلعباس

والثانية بسم :الاخوة هزابرة

ومتوسطة سميت بسم: الشهيد محمد بلمكي

وكذا ثانوية سميت: بسم :الشيخ عاشور بن محمد

وبها دار للشباب

وبها أيضا مصنع الفخار وكذا مصنع نفخ الزجاج ومتحف تاريخي

للمستثمرالسيد: خبزي عبد المجيد حفظه الله
.
وتعتبر خنقة سيدي ناجي من البلديات ذات المعالم السياحية :

تراثية - دينية - تقليدية - سياحة طبيعية
فمرحبا بكم لنا الشرف نحن أهل البلدة

زيارتكم تزيدنا عزا و فخرا


**************************

ما كتبته الصحافة الجزائريةعن خنقة سيدي ناجي
1/ جريدة الفجر
alfadjr on 2016.11.28
عرفت منطقة "خنقة سيدي ناجى" بمورد النعام
تونس الصغيرة، أما الخنقة اسم جغرافي يعنى
الفج أوالمضيق بين جبلين، تقع هذه المنطقة
الخلابة بالجنوب الشرقي للاوراس على الضفة
الشرقية لواد العرب، وهي تابعة لدائرة "زريبة
الوادي" وتبعد عنها ب25كم، تأسست خنقة سيدي
ناجي عام 1946 ويقطنها حاليا خمسة آلاف نسمة
كانت خنقة سيدي ناجي قبل تأسيسها عبارة عن
غابات ونباتات متنوعة من أشجار العرعار
والقصب تحيط بها الجبال من جميع الجهات، و
يجري بها "وادى العرب"، وعرفت بمورد النعام
لرؤية رآها سيدي لمبارك في المنام طلب منه
فيها التوجه إلى هدا المكان فوصلها مع عدة
قبائل صدراتة هزابرة رهانة دريد زناتة رقة
شهد مع بداية القرن الحادي عشر للهجرة
الموافق لـ1010هـ 1602م بني بها زاوية للصلاة
لتعليم ونشر الطريقة الناصرية الشادلية،
فجعل منها مركزا للعلم والمعرفة فبلغت مبلغا
قل ما وصلت إليه أي منطقة في تلك الحقبة. وبعد
وفاته عام 1031هـ 1622م واصل ابنه سيدي احمد بن
المبارك تعميرها، وظهرت البلدة في أول صورها
على شكل حي صغير يدعي "كرزدة" يؤمون إليها
شتاءا ويرحلون عنها صيفا، وأصبح فيما بعد أحد
أحيائها العريقة وقسمت خنقة سيدي ناجي إلى
خمسة أحياء كرزدة، والسوق، وموسى، وصدراتة
والواتة، وأما حارة الحبس فقد تركت وفقا على
من قصدها و لم يجد مأوى.
واد العرب مصدر نشاط المنطقة
كانت الفلاحة تعتبر أهم مصدر لجلب القوت
والرزق وخاصة منتوج التمر المعروف بالتمر
الذهبي العلكى، وكذا الحبوب من قمح وشعير،
حيث تلك المنتجات تلقى رواجا كبيرا في السوق
المحلي للبلدة الذى يؤمه التجار من أنحاء
القطر وكذا من الدول المجاورة، أما الحرف
فتنتشر بكثرة في المنطقة منها الصياغة
والحدادة والصيدلة أين اشتهرت عائلة "قوبع"
التي استخدمت الأعشاب الطبية، إضافة إلى ذلك
اشتهرت الخنقة بصناعة العطور والرياضة من
سباق الخيل الصيد السباحة لكن ما قيل عن
البلدة بأن الفلاحة أهم مصدر لجلب القوت
والرزق خاصة التمر الذهبي العلكي أو دفلة
نور، الواقع يثبت العكس، حيث أكد لنا السيد
سالمي أنه تتواجد في المنطقة حوالي ألف نخلة
مهددة بالزوال بعد بناء سد " بربار واد العرب"
الذي يعرف أيضا بـ " الواد الشرقي و الغربي"
والذي كان مصدر ومنبع الحياة بالنسبة
للمنتجين الفلاحيين، أما حاليا فأصبحت هذه
الأراضي والسهول الخضراء والواحات إلى أراض
شبه قاحلة لم يبق منها سوى خيال بعض الأشجار
اليابسة، حيث قال عمي طاهر وعلامات الحزن
والأسى بادية على وجهه " بدون أن أحكي تاريخ
المنطقة شاهد على كل شيء والأعين ترى الآن
الواقع لما آلت إليه المنطقة الخنقة التي
يضرب بها المثل بتراثها". المدرسة الناصرية
مصدر إشعاع وعلم كانت هذه البلدة بمثابة مصدر
إشعاع يحج إليها طلاب العلم من كل ناحية حيث
كونت رجالا خدموا الوطن ساعة العسر واليسر
وكانت لها مكانة مرموقة وتعتبر المدرسة
الناصرية التي بنيت على يد الشيخ "احمد بن
ناصر بن محمد بن الطيب" مركزا لإشعاع العلم
الشرعي وبها خمسة عشرة غرفة لطلاب العلم من
البلدة وخارجها وقد تخرج منها حسب ما قيل
العديد من العلماء تابع بعضهم دراساتهم في
جامع الزيتونة بتونس والجامع الأزهر ومن بين
أشهر العلماء الدين تخرجو منها في كافة
العلوم الملكي بن صديق بلمكى سيدى خليل وحكم
سيدي عبد الحفيظ ....الخ، إضافة إلى مسجد سيدي
لمبارك هناك عدد من المساجد القديمة مثل
زاوية السيخ عبد الحفيض الونجلي ناشر الطريقة
الرحمانية في القرن الثامنة عشر هجري ومسجد
السوق الذى تم بناؤه خلال القرن الثامنة عشرة
ميلادي ونظرا لمكانة البلدة في العهود
العابرة فقد تغنى بها العديد من الشعراء ورثو
لحالها في الأزمنة الحديثة مثل الشيخ خليفة
بن حسن القمارى فقيه الصحراء الذي أفتى
بتغريم السارق بالقيافة الحرة.
أسطورة في طي النسيان
بعد تنقلنا إلى داخل المدينة بمرافقة عمي
سالمي المجاهد سابق مرنا على طريق "بويا احمد"
و يعود اسم هذا الطريق إلى احد أولياء المنطقة
ثم دخلنا إلى حارة موسى والسوق أين شاهدنا
حقيقة روعة وأناقة الهندسة المعمارية للبلدة
وكما واصفها عبد الله سالمي بالقصبة في
الصحراء وبعد ذلك رافقنا إلى دار كبير بمثابة
قصر وهو منزل الزعيم ويعود بناء المنزل إلى
حوالي قرنين من الزمن وهو مبني بالأحجار
والطين وسقفه بالعرعار ويتراوح سمك جدرانها
حوالي ثمانين سنتمتر، سكت عبد الله سالمي
قليلا ثم قال حقيقة خنقة سيدي ناجي أسطورة في
ظل النسيان، وبعدها تنقلنا إلى برج السطحة
وهو معلم من معالم التاريخية للمنطقة.،وحسبما
قيل هو برج سكنه أحد زعماء أتى من تونس واستقر
فيه. قد شاهدنا من خلال البرج كل المدينة أين
توقفنا نتأمل هذه التحفة الفنية التي صنعت
التاريخ ورافقها جمال واد العرب، ورغم أن
معظم سكناتها مهدمة إما بفعل إلاستعمار أو
الطبيعة الخنقة عرضة للزوال.
شباب طموح يعاني التهميش
نظرا لصعوبة الحالة الاجتماعية والفقر وقسوة
الطبيعة، هاجر معظم سكان البلدة إلى مختلف
أنحاء الوطن، وهذا بداية الثمانينيات، وامتد
النزوح إلى غاية التسعينيات. وبقيت العائلات
التي قطنت "الخنقة الجديدة" التي تبعد بحوالي 2
كيلومتر عن الخنقة القديمة، وبعد تقربنا
للحديث مع شباب المنطقة ظهرت على وجوههم
علامات اليأس فقدان الأمل.. حيث قال سعيد
"حقيقة أن البطالة أعاقت شباب الخنقة وكأننا
مهمشين على هذه الأرض".. و هذه الكلمات وترادفت
من كل شاب تقربنا للحديث معه وكل آمالهم معلقة
على "الخبزي" وهو رجل أعمال في المنطقة الذي
وعدهم بإنشاء مصنع للفخار والنفخ في الزجاج.
تركنا شباب الخنقة وكلهم أمل في غد مشرق لهم
ولبلدتهم " الأسطورة" التي ما تزال في طي
النسيان.
29مليار سنتيم لدفع عجلة التنمية بالمنطقة
بعد تنقلنا إلى السلطات المعنية للاطلاع أكثر
الوضعية التي تعيشها "مورد النعام" تونس
الصغيرة صرح والي ولاية بسكرة لـ "الفجر" أن
الدولة خصصت غلافا ماليا يقدر بـ 29 مليار
سنتيم موزع على مشروعين، الأول يتمثل في بناء
مركز الامتياز خصص له ملياري سنتيم يهدف إلى
تكوين شباب المنطقة في الصناعة التقليدية
ومختلف الحرف، أما المشروع الثاني الذي خصص
له باقي المبلغ يهدف إلى ترميم سكنات " خنقة
سيدي ناجي"، وهذا بالتنسيق مع وزارة الثقافة.
و يتساءل سكان المنطقة هل سيتحقق حلمهم
بإعادة النشاط والحيوية لهذه الأسطورة؟.
مخلوف آيت زيان.
الفجر - يومية جزائرية مستقلة: مشاريع التهيئة تنطلق لتعبيد أهم شوارع المدينة مشاريع التهيئة تنطلق لتعبيد أهم شوارع المدينة alfadjr on 2016.07.30 أفاد رئيس بلدية خنقة سيدي ناجي بولاية بسكرة، محي الدين زعيم، بأن المقاولة التي رست عليها عملية تنفيذ مشاريع تعبيد الشوارعالمؤدية إلى المؤسسات العمومية، كمتوسطة بلمكي محمد وابتدائية الإخوة هزابرة والمركز الصحي التابع للمؤسسة العمومية للصحةالجوارية زريبة الوادي، على مسافة 800 متر بمبلغ 500 مليون سنتيم سنة 2016 من مخطط التنمية البلدي. كما حظي المدخل الشمالي للمدينة نحو ولاية خنشلة بغلاف مالي وصل إلى 700 مليون سنتيم موجه للإنارة العمومية والترصيف وتهيئة مفترق الطرق، فضلا عن استمرارية تهيئة شوارع أخرى داخل المدينة في إطار ذات المخطط من سنة 2016، وهذا بقيمة مليار ومائتي مليون سنتيم، وستنطلق الأشغال بعد إنهاء كل الإجراءات الإدارية المتعلقة بمثل هذا النوع من المشاريع الموجهة للتنمية المحلية وتحسين الوسط المعيشي للسكان. وأشار رئيس البلدية إلى إنجاز عدد من الممهلات بمبادرة محلية استعجاليه بعد عدد الحوادث التي عرفها التجمع السكاني الرئيسي بمنطقة البرج إثر السرعة المفرطة للمركبات عبر الطريق الوطني رقم 83 الذي يشق عمران الجهة، ونفس العملية تجري، هذه الأيام، بقرية باديس بإنجاز عدد آخر من الممهلات. جدير بالذكر أن السكان استحسنوا هذه المشاريع التي طالما انتظروها لسنوات عديدة. محمد حريز

2/ جريدة الايام الجزائرية

هدوء وسط الجبال ونخيل تعانق السماء..
خنقة سيدي ناجي..
قصيدة منسية عمرها أربعة قرون
من الجمال
حباها الله بموقع جغرافي مميز جعل منها حلقة ربط بين عدة ولايات كـ "بسكرة" و"باتنة" و"خنشلة" إضافة إلى قربها من ولاية "تبسة" التي كانت تابعة لها بعد الاستقلال ثم انتقلت إدارتها إلى ولايتي"خنشلة" و"بسكرة"
على الترتيب لتبقى تابعة للأخيرة منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا،
هي بلدية "خنقة سيدي ناجي" الواقعة إلى الشرق من عاصمة الزيبان على بعد 120 كلم.
الخنقة..هدوء وسط الجبال وأشجار النخيل
الحديث عن "الخنقة" ذو شجون والتطرق لتاريخها معناه الغوص في تاريخ حافل يمتد لأكثر من أربعة قرون من الوجود، عاشتها المنطقة بحلوها ومرها، بأمجادها وخيباتها، وبأيام هذا التاريخ نسجت ثوب عزها وبنت صرح إرثها الحضاري والثقافي، فالزائر لـ" الخنقة القديمة" يشعر أن عجلة التاريخ عادت به إلى حقب غابرة،

بالنظر إلى يجد فيها من البنايات والآثار والمعالم التي صمدت شامخة راسخة شاهدة على عراقة البلدة.
في طريقنا إلى بلدة "خنقة سيدي ناجي" مررنا بقرية "ليانة"، وهي قرية أضحت كأنها مدينة أشباح بعد أن كانت عامرة بالعلم وأهله وقاعدة رئيسية وفاعلة من قواعد المقاومة والنضال، هجرها أبناؤها وصارت خالية على عروشها، لا تكاد تسمع فيها حسا ولا همسا، وآثر سكانها جلبة المدينة وضوضاءها على هدوء قريتهم وسكونها وبحسرة كبيرة واصلنا رحلتنا وعند ولوجنا بلدة "الخنقة" لاحت لنا التجمعات السكنية الحضرية التي بنيت بطرق منظمة تتخللها شوارع معبدة، أمام كل بيت شجرة أو اثنتين، تستشعر وأنت تطوف في البلدة اهتماما بالغا بنظافة المحيط ومحافظة ملحوظة على البيئة، جعلت من واجهة محلاتها المقابلة للطريق الوطني رقم83 متاحف للأواني الفخارية وبعض المنتوجات الزراعية كالحنة والتمر ونحوهما، وكلما أمعنا الدخول إلى عمق المدينة اكتشفنا أمورا أخرى فـ "الخنقة" بلدية جمعت بين ثنائيتي الأصالة والمعاصرة بين الحجارة والتربة الصحراوية بين الجبال والمسطحات بين النخيل والأشجار، بين سمرة وبياض بشرة الإنسان "الخنقي" الذي تتنازعه اللهجة الصحراوية والشاوية والنايلية، ولعل اجتماع هذه الأمور كلها في صعيد واحد أكسب البلدة سحرا وفتنة وشخصية تفتقر إليها غيرها من الأماكن.
على ضفاف وادي العرب بنيت"الخنقة القديمة"..
استوقفني بالطريق إلى البلدة القديمة مسجد "سيدي المكي" الجامع في معماره بين التراث العتيق واللمسة التجديدية العصرية في البناء، فكان بحق تحفة معمارية رائعة زادت من "الخنقة الجديدة" أو ما يسمى"بالبرج" جمالا وفتنة، وبعد جولة سريعة داخل المسجد انطلقت مباشرة صوب النواة القديمة للخنقة، وما كنت أرى في طريقي إلا جبالا تحجب عني رؤية ما في الأفق، حتى انتابني الشك في وجود البلدة القديمة لولا بعض رؤوس النخيل وبعض القباب القديمة في سفح الجبل، والتي كانت تتراءى لي عند كل منعرج، ثم لا تلبث تختفي بعد ذلك. تقدمت تدريجيا وعبر طريق ملتو ومنحدر بين الجبل ووادي "العرب" الغاص بالنخيل بدت لنا "الخنقة القديمة" بعمرانها الخلاب وموقعها المتميز الواقع وسط الجبال كأن الخالق ما نصبها هناك إلا صونا وحماية لهذه الجوهرة النفيسة .
أول ما يصادفك عند الدخول إلى البلدة بوابة حجرية قديمة تفضي إلى أزقة ضيقة وعتيقة تتخللها سكنات قديمة جدا آل بعضها للسقوط ، والجدير بالذكر أن "الخنقة القديمة" لا تكاد تخلو من الضيوف والزائرين، حيث صادفنا هناك حوالي 10 حافلات لتلاميذ من ولايات "بجاية"،"خنشلة" و"بسكرة" في زيارة سياحية للمكان، ورغم انبهارهم بروعة المكان إلا أني لمست عدم رضاهم وتذمرهم من الإهمال واللامبالاة اللذين طالا هذه المعالم السياحية .
بينما كنت أجول في الأزقة القديمة وأنتقل من مكان إلى آخر وقع سمعي على حديث دار بين بعض المنظمين مفاده أن من يسمع أو يقرأ عن "الخنقة" تعتريه رغبة جامحة لزيارتها والاطلاع على معالمها وآثارها، لكن الإهمال الذي يشهده المكان يوشك أن يقضي على ما تبقى من معالم حضارية وتاريخية، مضيفا أن الوضع إذا استمر على ما هو عليه فعلى "الخنقة" القديمة السلام .
التاريخ يحكي سير العظماء..سيدي لمبارك وسيدي عبد الحفيظ
واصلنا رحلتنا بين أزقة البلدة القديمة، كل جدار.. كل زاوية ...كل بيت.. يحكي قادة وزعماء وعلماء خلدوا بمآثرهم وآثارهم ذكرهم وذكر بلدتهم، فلا تذكر "الخنقة" بدونهم ، ولا يذكر واحد منهم إلا بذكرها، عبر زقاق صغير يقع المسجد القديم أين يتواجد ضريحا "سيدي لمبارك" و"سيدي عبد الحفيظ " وهما أشهر رجالات البلدة ويعتبر المسجد أهم معلم ديني وسياحي في "الخنقة"، قريبا من المسجد العتيق تقع مقبرة قديمة، ومن خلال شواهدها اطلعنا على بعض أسماء المقبورين وتواريخ دفنهم فوجدنا أن أغلبها تشير إلى بدايات القرن الماضي .
عند الخروج من المقبرة ينتهي بك الدرب إلى المتحف التاريخي الذي يحتوي على ما تبقى من بعض مستلزمات الحياة التي استعملت في حقب ماضية، من أواني وأدوات صيد وآلات الزراعة وبعض الألبسة وتجهيزات النقل إلا أن أهم ما في المتحف المجلدات والمخطوطات لولا طريقة عرضها غير العلمية والتي ستؤول بها - إذا لم يتم حفظها بطريقة علمية - إلى التلف، وليس ببعيد عن المعرض أنشأت ورشة خاصة لصناعة الأواني الفخارية ورغم بساطتها وضعف دعمها والاهتمام الذي تحظى به، إلا أن أنامل الصانعين خلقت جوًا من الحراك والنشاط خصوصا أن السائح لابد أن يأخذ معه ذكرى تجعله على اتصال معنوي بالمنطقة التي زارها، إضافة إلى هذا فالورشة أنقذت بعض الشباب من الانحراف والسعي خلف بعض الآفات وانتشلتهم من البطالة، ومن خلال هذه المحطات داخل النواة القديمة للخنقة يجبر المرء على الوقوف وقفة إجلال وتقدير لكل من له يد في صناعة هذا المجد، كما وجدنا في أنفسنا حاجة ملحة لمعرفة كل شيء عن "الخنقة" رغم أن الأمر غاية في الصعوبة كون الأمر يقتضي البحث في أربعة قرون كاملة من تاريخ هذا المكان في ظل الإهمال الذي مس المنطقة، إلا أننا حاولنا ذلك من خلال الرجوع إلى بعض المراجع والاتصال ببعض الشيوخ والمهتمين لمعرفة "الخنقة" منذ نشأتها وبعض المحطات المهمة في تاريخها، مهما توسع وطال بحثنا فلن نتمكن من الإلمام بكل الجوانب لأن هذا مما تفنى دونه الأعمار ولا تحيط به صفحات الأسفار فضلا عن صفحتين من جريدة أو صحيفة.
فج سيدي ناجي الأكبر..حاضرة علم نافست جامع القيروان
فـ "الخنقة" كانت قبل تأسيسها غابة من أشجار "العرعار" ونبات "القصب" على ضفاف الوادي تعيش فيها الكثير من الحيوانات وخاصة "النعام" حتى أطلق عليها "مورد النعام"، وظهرت بعد ذلك سكنات يقطنها الموالون شتاءً ويغادرونها صيفا، وفي سنة 1602 م الموافق 1011 هـ دخلها "الشيخ المبارك بن قاسم" مع بعض من أتباعه ليستقربها ويطلق عليها اسم "الخنقة" والتي تعني "الفج" أو "المضيق" وأضاف إليها "سيدي ناجي" تبركا بجده الشيخ التقي الدفين بتونس"سيدي ناجي الأكبر"، ويعود سبب الاستقرار في هذا المكان حسب ما يشاع إلى منام للشيخ المبارك بن قاسم، حيث رأى جده "سيدي ناجي" في المنام وقال له اذهب إلى "الخنقة" مورد النعام واستوطن بها، فبحث عنها حتى وجدها واستقر بها، ثم دعا الناس للاستيطان بها وتعميرها على قاعدة "من أحيا أرضا فهي له "، ومن بين القبائل التي رافقت الشيخ "لمبارك" والتي قيل أنها سبع قبائل، في حين بعض المراجع تقول أنها ست عشرة قبيلة نذكر منها؛"اللواتة"،"صدراته"،"هزابر"،"زهانة"،"دريد" "نهد"،"زناتة"،" طرود"،"شميسات"،"أولاد خيري"،"بني كثير"،"بني زرق"،"أولاد جوين"،"مناع"،"الكلبة" و"اغموقات"، وفي القرن الحادي عشر أصبحت "الخنقة" قرية مزدهرة ذات نخيل باسقة وأشجار مثمرة وخضر متنوعة، حيث كان "وادي العرب" إبان ذلك العهد في أحسن مراحل تكوينه، ما جعل السدود والسواقي التقليدية سهلة المنال والاستغلال، وهذا ما أهلها لأن تستغل وتستصلح أكبر المساحات زراعيا وخاصة بالمنطقة المسماة "جناح الأخضر" إلى أن اشتهرت بجودة شعيرها وقمحها ليباع إلى قوافل الصحراء وبأسعار مرتفعة جدا إضافة إلى هذا فقد اهتم سكان "الخنقة" بإنتاج أحسن أنواع التمور، وكان على رأسها "دقلة نور" حتى أصبحت المصدر الرئيسي لهذا المنتوج في المنطقة كلها، هذه المميزات جعل صيت "الخنقة" يذيع بين القبائل فأضحت محجاً للعلماء والأطباء والحرفيين والتجار وغدت موطنا للثقافة والفلاحة والصناعة، فكان المقبلون على "الخنقة" لقصد الاستيطان أو المعاملة التجارية أو أخذ العلوم العربية والدينية، فيومها كانت مكتظة بالعلماء ومليئة بمعلمي القرآن الذين وهبوا أنفسهم للتعليم مجانا، وهذا ما ساعد على تزايد عدد الطلبة وما كانت "الخنقة" لتكون بتلك الصورة لولا تلك القيادة الرشيدة والورعة فالشيخ "سيدي لمبارك" كان رجلا صالحا ذا علم وتقي وورع، استطاع بسلوكه وحسن قيادته لمن معه أن يكون الزعيم الديني والدنيوي لأتباعه، فانضووا بوجودهم بالخنقة تحت إمرته، بل تجاوزت سمعته الطيبة "الخنقة" وكسب ود كل الأعراش و"مشيخة" الخنقة أيام العثمانيين.
ولما توفي الشيخ "سيدي لمبارك" تولى المشيخة ابنه" أحمد " ثم ابنه "محمد الطيب" ثم أحفاده واحدا تلوى الآخر، وقد حافظت هذه السلسة من المشايخ على خطى جدهم المبارك فجدوا واجتهدوا وتعلموا فازدهرت البلاد من جميع النواحي الفلاحية والعمرانية والسياسية والثقافية وأمن العباد، فعاشوا الاستقرار والأمن، واستطاعت "الخنقة" خلال مراحل نشأتها أن تجعل من نفسها بلدًا له اعتباره وأهميته لدى الحكام العثمانيين الموجودين آنذاك وهم "البايات" في "تونس" و"قسنطينة" وحتى "الجزائر" وبحكم موقعها الجغرافي فقد كانت معبرا للبعض منهم وملجئاً للبعض الآخر، وكان حكام "الخنقة" يبادلونهم الزيارات والمراسلات، وترجم ذلك في تولي أحد "الخنقيين" وهو "أبوالقاسم بن أحمد بن مزيان العمراني ثم الخنقي" الوزارة بتونس في عهد "الباي مراد" والذي مات مقتولا سنة 1114 هـ ، من جهة أخرى تعد علاقة "الخنقة" بالأعراش الأخرى علاقة ممتازة للغاية، إذا استثنينا "ليانة " والتي لم تتحسن العلاقة معها إلا في القرن الأخير، وذلك بسبب الاختلاف في تقاسم أيام ونسبة الاستفادة من ماء "وادي العرب"، وكانت الأزمة في الكثير من المرات تصل إلى الهجوم المتبادل والقتل والنهب والتخريب، ورغم هذه الصراعات إلا أن "الخنقة" لم تنس عدوها الحقيقي، لما كانت تعيشه من استبداد وظلم من قبل المستدمر الفرنسي الذي تسبب في تهاوي ازدهار البلاد وانحطاط عمرانها وفلاحتها،

وحرب التعليم الأصلي ولهذه الأسباب وغيرها لم يكن غريبا أن تلتحق "الخنقة" بركب الجهاد.
الخنقيون خلال ثورة التحرير..معارك طاحنة حتى النصر
خاصة بعد دعوة المجاهد "بوزيان الزعطوشي" للولي الصالح "سيدي عبد الحفيظ بن محمد" والذي لبى النداء فجهزا جيشا قوامه أكثر من ألفي رجل ونزل بهم "مشونش" يوم السبت 25 أوت 1848 م الموافق 20 أو 21 شوال 1265 هـ ثم الجبال القريبة منها ثم "سريانة " وكان في كل منطقة ينزل فيها ينظم إليه عدد من أبناء تلك المناطق، ولما علم الفرنسيون بأمر هذا الجيش جهز الكومندان "دوسان جيرمان" قواته المتواجدة بـ "باتنة" ليلتقي الجمعان يوم 29 أوت ،وبعد العصر وقع القتال لتكون معركة يسجلها التاريخ بأحرف من ذهب استشهد فيها العديد من أتباع "عبد الحفيظ " ومنيت القوات الفرنسية بخسائر فادحة، كان أبرزها قتل قائدهم الكومندان "دوسان جيرمان" ليستشهد القائد "سيدي عبد الحفيظ " بعد شهرين من هذه الموقعة واختلف المؤرخون في سبب الوفاة فالتقارير الفرنسية تقول أن السبب وباء "الكوليرا"، في حين تشير بعض المصادر إلى أن سبب وفاة الشيخ هو تأثره بجراحه التي أصابته في المعركة .
بعد اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر سنة 1954 لم تتأخر "الخنقة" كغيرها من مناطق الوطن في دعم الثورة ودشنت ذلك باشتباك بعض سكانها مع قوات فرنسية في التاسع من نوفمبر، فاقتحمتها الجيوش الغازية وجعلت منها مركزا عسكريا، وعاث الفرنسيون على غرار كل مناطق الوطن فسادا، قتلا وتخريبا، فواجهها "الخنقيون" بحمل السلاح ومقارعة العدو بين الوديان وعلى قمم الجبال وبين أزقة التجمعات ليعيش الفرنسيون أياما حالكة بل أجبرهم استبسال المجاهدين على بناء سور لمحاصرة سكان "الخنقة" ومنع دخول من يسمونهم "الفلاقة"، إلا أن هذا السور لم يجد نفعا لسهولة اختراقه، واستمر "الخنقيون" مسيرة الكفاح والنضال إلى أن بزغت شمس الحرية وجاء يوم الاستقلال.فكانت الأزقة تمتلئ ليلا بالكبار الذين تمددت سهراتهم بها، وكذا الأطفال الذين اكتشفوا لأول مرة شوارع مدينتهم ليلا فصاروا لا يدخلون بيوتهم إلا متأخرين لتتواصل الأفراح بلقاء المجاهدين الذين نزلوا من الجبال وأقيمت المآدب وفرح كل من اكتوى بنار التعذيب أو النفي أو الفراق.
الخنقة اليوم..مواقع سياحية ومعالم دينية تستصرخ المسؤولين
ومن يومها و"الخنقة" تصارع من أجل البقاء بعدما حافظت على وجودها أكثر من أربعة قرون، لكن ما يحز في نفس كل "خنقي" وكل صاحب ضمير حي وكل غيور على تاريخ المنطقة الوضع المأساوي الذي صارت إليه "الخنقة" التي حفظت تاريخ أمة كاملة تستحق أكثر مما هي عليه الآن، ومن المؤسف التذكير أن الإستدمار الفرنسي ورغم حربه ضد كل معالم الحضارة العربية والإسلامية، إلا أن السلطات الفرنسية صنفت "الخنقة" كمعلم طبيعي سنة 1928 أما جيل الاستقلال

فهو متنكر لتاريخه غير آبه بأمجاد أسلافه، وهو ما يتجلى في الإهمال الذي تعاني منه البلدية
فهي تفتقر لبيت شباب يتلائم ومكانة المنطقة، والذي يوفر وجوده وتهيئته حركية نشطة،
إضافة لنشر ثقافة المنطقة وتاريخها خصوصا أن "الخنقة" كانت ولا تزال قبلة للباحثين والمبدعين
ورغم الزيارات المتكررة من قبل وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية والكثير من المسؤولين،
ورغم بيع الوعود المعسولة إلا أن "الخنقة" تستغيث وتناشد وتصرخ
"أنقذوا ما بقي مني وحافظوا على موروثكم،فهو دليل عزكم"
إلى هنا ودعنا "الخنقة" وهي تبكي النسيان وتأمل نفض غبار الإهمال،

واسترجعت وأنا أهم بالمغادرة مقولة لأحد الضباط الفرنسيين وهو يجمع حقائبه قائلا لأهل الخنقة
"إننا سنرحل عنكم إلى فرنسا ولكن "الخنقة"ستبقى "خنقة" شئتم هذا أم أبيتم "
فهل من مكذب لهذا الضابط يا مسؤولي الثقافة في بلدنا .
روبورتاج:شعيب رمضاني

آخر تحديث ( 29-04-2016**************************
3/ وقت الجزائر

بلدية خنقة سيدي ناجي ولاية بسكرة
تأخر مشروع الغاز الطبيعي يؤجل إحياء المنطقة السياحية
عبد الكريم نوار
أصبح مشروع إحياء النواة القديمة لخنڤة سيدي ناجي (105 كلم شرق بسكرة)، مهددا بالاندثار جراء التأخر في ربطها بشبكة الغاز الطبيعي، هذا الإجراء ـ حسب رئيس البلدية ـ مازال يراوح مكانه، رغم موافقة الولاية، وأرجع ذلك لأسباب تجارية متعلقة بمؤسسة سونلغاز المكلفة بالاتصال على مستوى هذه الأخيرة، وأوضح أن انطلاق مشروع الغاز الطبيعي يتطلب تسديد 75 في المائة من تكلفة المشروع من قبل ممثل الدولة، وهو ما لم يحصل لحد الآن، في حين أبدى استعداد سونلغاز لتسديد 25 في المائة المخصصة لها في الوقت المناسب وحال تسديد المبلغ الأول.
ومعلوم أن السلطات الولائية والبلدية تبذل مجهودات حثيثة منذ سنوات لإحياء النواة القديمة بمدينة خنڤة سيدي ناجي والمصنفة كمعلم سياحي منذ 1929، حيث قامت البلدية بترميم أهم المعالم السياحية، كالسرايا (مقر الأسرة التركية الحاكمة) والزاوية والمسجد والسقائف (ممرات أسفل المنازل). ولأن النواة القديمة كانت شبه خالية من السكان وآيلة للاندثار نظرا لكثرة السيول بسبب وقوعها على ضفتي وادي العرب وأسفل هضبتين ترابيتين، فقد تمت حمايتها بسور إسمنتي بطول 400 متر يفصلها عن مسار وادي العرب، أنجر من طرف مديرية الري والتي واصلت أشغالها بإقامة?سواقي لتحويل مياه الأمطار النازلة من المرتفعات المجاورة حتى لا تؤثر على المباني الطينية.
من جهتها، البلدية أشرفت على تبليط الشوارع بالطريقة التقليدية، وذلك باستعمال الحجارة المسطحة، إذ ساعدت الشباب المستفيد من عقود الإدماج للقيام بهذه العملية، وذلك بوضع عتاد البلدية تحت تصرفهم وبمساهمة مؤسسة بركة الخيرات. هذه الأخيرة كانت من بين الأطراف الخمسة التي وقّعت الاتفاقية المتعلقة بإحياء النواة القديمة، حيث التزمت البلدية بوضع وسائلها تحت الناشطين، إضافة إلى المحلات. فيما تكفلت وكالة التشغيل بتكوين شباب الإدماج في الصناعات التقليدية. أما مديرية الثقافة، فعينت مهندسين معتمدين لمتابعة المشروع. من جهتها، ساهمت مديرية السياحة بالتعريف بالمنطقة وإنشاء منطقة توسيع سياحي وتنظيم مهرجانات لها. أما المتعامل الخاص بركة الخيرات، فالتزم بتوفير العتاد الخاص وجلب المكونين.ويهدف المشروع إلى إحياء النشاط السياحي الذي كان يميز المنطقة، بالنظر للخصائص التي تتوفر عليها، إذ كانت وجهة للسياحة الدينية والطبيعية، فالخنڤة تضم الوادي والنخلة، والصحراء والجبال الملونة، وتم ربط ذلك بإحياء الصناعة التقليدية التي اندثرت كالحدادة والفخار والمشروبات المحلية ، ولهذا استفاد الشباب من محلات لبعث نشاطات الصناعات التقليدية، حيث ساهمت المؤسسة الخاصة بركة الخيرات بجلب العتاد واستقدام مكونين في ميدان الفخار من تونس بعد شهرين نظرا للأزمة الكروية بين الجزائر ومصر.
وأشار السيد خبزي عبد المجيد، صاحب المؤسسة المذكورة، إلى أن النشاط يستأنف نظرا لتكاليف المنتوج، لأن الفرن يستهلك يوميا أكثر من 2016 لتر من المازوت. وإذا تم ربط النواة القديمة بالغاز، فيمكن بعث النشاط بالاستفادة من الخبرة السورية، وتبقى ورشات الفخار هي كذلك مهددة بالغلق، حسبما أفادنا به رئيس البلدية لنفس السبب، رغم أنها تدعمت بـ 1500 قالب جديد. ونظرا للإرهاق الذي يعانيه الشباب يوميا لجلب قارورات غاز البوتان لتشغيل الأفران, والتي تستقدم من بسكرة على مسافة تزيد عن 100 كلم, مع ضرورة الحصول على ترخيص خاص من السلطات?العسكرية، فقد يتوقف المشروع بسبب ارتفاع تكلفة التصنيع.
للإشارة، ترافقت هذه العملية مع افتتاح متحف يضم الأدوات التقليدية التي كانت مستعملة، سواء الزراعية أو الحربية أو المعيشية، وأضاف رئيس البلدية أن التفكير جار لفتح مكتبة تضم المخطوطات والمراجع القديمة وما أنتجه علماء الجهة، باعتبارها حاضرة علمية معروفة استمر عطاؤها العلمي عما يزيد 400 سنة، إذ كانت تعرف بتونس الصغيرة. رئيس البلدية تمنى أن تبادر الجهات المسؤولة لحل مشكل الغاز الطبيعي، حتى يكتب لمشروع إحياء النواة القديمة البقاء والاستمرارية.



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور على مجهودك الكبير موضوع في غاية الروعة

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :