عنوان الموضوع : رائد الاصلاح الشيخ عبد الحميد بن باديس
مقدم من طرف منتديات العندليب

الميلاد والنشأة

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النور بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 4 من ديسمبر 1889 م على الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 5 ديسمبر 1889 م في سجلات الحالة المدنية التي أصبحت منظمة وفي أرقى صورة بالنسبة لذلك العهد كون الفرنسيين أتموا ضبطها سنة 1886 م.
كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه، فأمه هي : السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلول من أسرة مشهور بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة "ابن جلول من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة (ابن جلول) ولنسبها العريق تزوجها والده محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951 م) الذي شغل منصب مندوبا ماليا وعضوا في المجلس الأعلى وباش آغا شرفيا، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بميدالية Chevalier de la légion la légion d’honneur
نشأ "عبد الحميد" في أحضان أسرة عريقة في العلم والجاه، وفي بيتها الكريم ترعرع معززا مكرما، لا ينقصه شيء من متاع الحياة الدنيا، وكان أبوه حريصا على أن يربيه تربية إسلامية خاصة؛ فلم يُدخله المدارس الفرنسية كبقية أبناء العائلات المشهورة، بل أرسل به للكتاب القرآني ككل الأطفال بالطريقة المألوفة المعروفة وهو في الخامسة من عمره، فحفظ القرآن وتجويده على يد الشيخ المقرئ محمد بن المدَّاسي وعمره لم يتجاوز الثالثة عشرة سنة، ونشأ منذ صباه في رحاب القرآن فشب على حبه والتخلُّق بأخلاقه. ولشدة إعجابه بجودة حفظه، وحسن سلوكه، قدمه ليصلي بالناس التراويح في رمضان بالجامع الكبير وعمره إحدى عشر سنة ليتعود على تحمل المسئولية، وقبله المصلون رغم صغر سنه وبقي يؤمهم ثلاثة أعوام.
تلقى مبادئ العلوم العربية والإسلامية بجامع سيدي محمد النجار على مشائخ من أشهرهم العالم الجليل الشيخ "أحمد أبو حمدان الونيسي" ابتداء من عام 1903 الذي حبب إليه العلم، ووجهه الوجهة المثلى فيه، وهو من أوائل الشيوخ الذين لهم أثر طيب في اتجاهه الديني.
و في سنة 1908 عزم أستاذه الشيخ "الونيسي" على الهجرة إلى المشرق العربي حين ذاق ذرعا بالحياة تحت وطأة الحكم الفرنسي الطاغي، و لشدة تعلق عبد الحميد بأستاذه قرر السفر معه أو اللحاق به مهاجرا في طلب العلم، غير أن أباه لم يوافقه على ذلك ووجهه إلى طلب العلم في تونس

المعرفة والعلم في نظر ابن باديس

المعرفة التي اهتم بها ابن باديس ودعا إلى تلقينها للناس باعتبارها مادة التربية وأداة التثقيف والتهذيب هي المعرفة التي ترسخ الإيمان وتعصم الاعتقادات من الانحراف, والأخلاق من الفساد, والفكر من الضلال, وتفيد الإنسان في حياته الدينية والدنيوية.

وقد يتصور البعض أن المعرفة التي انشغل بها ابن باديس واعتبر تعليمها واجبا دينيا, وضرورة اجتماعية هي المعرفة المتعلقة بالعلوم الشرعية, وما يخدم هذه العلوم وبعين على فهمها, وما عدا ذلك فلا يندرج ضمن اهتماماته, شأنه في ذلك شأن الفقهاء التقليديين الذين يحصرون المعارف الواجب تعليمها في الفقه والعقائد والأصول, والحقيقة غير ذلك, فهو يعتبر إهمال العلوم المتعلقة بالحياة سببا من أسباب تأخرنا وانحطاطنا, لذلك كان يعيب على العلماء الذين أهملوا هذه العلوم التي أوصلت أوربا إلى ما هي عليه.

ابن باديس وتعليم المرأة

الاتجاه الذي كان سائدا في عصر ابن باديس لم يكن يشجع تعليم البنت ولم يكن يتيح لها فرص التثقيف التي تؤهلها لوظيفتها الاجتماعية التي تنتظرها, بل كثيرا ما كانت الفرص التعليمية المتاحة خاصة بالبنين, ومقصورة عليهم في أغلب الحالات.

وهذا الأمر كان يقلق ابن باديس, لذلك أبدى اهتمامه بموضوع تعليم المرأة, لأنها شقيقة الرجل وتشكل نصف المجتمع, وهي الركن الركين الذي يقوم عليه بناء الأسرة, فإهمال تربيتها, وتركها جاهلة هو هدم لهذا الركن, وتفكيك لبنية الاسرة, وإضعاف لقدرتها على الاضطلاع بسؤولتها التربوية والاجتماعية.

وكان موقف ابن باديس أن وجه جهوده الإصلاحية والتربوية المتطرفة التي حاولت سلخ المرأة المسلمة من مقوماتها وتجريدها من خصوصياتها.

وهاجم بشدة الآراء الجامدة التي حاولت إبقاء المرأة متاعا مهملا, وكذلك الآراء المتطرفة التي حاولت سلخ المرأة المسلمة من مقوماتها وتجريدها من خصوصياتها.

ونبه العلماء وأولياء أمور البنات إلى أهمية تعليم البنت, ضمن الإطار الحضاري الإسلامي, لأن البنت المتعلمة تستطيع أن تبني أسرة منسجمة ومتماسكة, كما تستطيع أن تصور نفسها, وتحفظ كرامتها, وتضطلع بوظيفتها التربوية داخل الأسرة, وفي المجتمع اضطلاعا كاملا.

وقد بين في رده على دعاة تحرير المرأة أن التحرير الحقيقي الذي يجب أن نسعى إليه هو تحريرها من الجهل, فقال : " وإذا أرتم إصلاحها الحقيق فارفعوا حجاب الجهل عن عقلها قبل أن ترفعوا حجاب الستر عن وجهها, فإن حجاب الجهل هو الذي أخرها, وأما حجاب الستر فإنه ما ضرها في زمان تقدمها, فقد بلغت بنات بغداد وبنات قرطبة وبنات بجاية مكانة عالية ما ضرّها في العلم وهنّ متحجبات" الشهاب, ج : 10, م 5 نوفمبر 1929.

العمل الجماعي في نظر ابن باديس

إن ما وصلت إليه أوضاع الأمة الجزائرية من تدهور وتردي في ظل الاستعمار الفرنسي الغاشم، لم يترك للإمام ابن باديس من خيار سوى الانطلاق في دعوته، ولو بصفة فردية. فقد اتخذ من الجامع الأخضر معهدًا لنشاطه العلمي والتعليمي والتربوي، معتقدًا بأن العلم هو وحده الإمام المتبع في الحياة، في الأقوال والأفعال والمعتقدات، ورغم الجهود الفردية المتواصلة التي كان يقوم بها ابن باديس في تلك الفترة، إلا أنه كان يؤمن بوجوب العمل الجماعي، وإنشاء حركة منظمة تتولى انتشال هذه الأمة من وهدة الجهل والتنصير والفرنسة.
وقد انسابت أشعة الفجر الجديد من تلك اللقاءات المباركة، التي جمعته بالأستاذ محمد البشير الإبراهيمي في المدينة المنورة، في موسم الحج سنة 1913م، حين وضعا البذور الأولى للنهضة، التي ما لبثت أن أيقظت الأصوات بعد سكوتها.. وحرّكت الهمم بعد سكونها، يصف لنــا الشيــخ الإبراهيمـــي تلك اللقــاءات المباركــة التي جمعتــه بالشيــخ ابن باديس، فيقول: (وكانت تلك الأسمار المتواصلة كلها، تدابير للوسائل التي تنهض بها الجزائر، ووضع البرامج المفصلة لتلك النهضات الشاملة، التي كانت كلها صورًا ذهنية تتراءى في مخيلتنا، وصحبها من حسن النية وتوفيق الله ما حققها في الخارج بعد بضع عشرة سنة. وأشهد الله على أن تلك الليالي من عام 1913 ميلادية، هي التي وضعت فيها الأسس الأولى لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي لم تبرز للوجود إلا في عام 1931م). فتطابقت أفكار الرجلين على وجوب إنشاء حركة إصلاحية في الجزائر، فرسما لها منهاجًا بحكمة ومهارة. وعلى الرغم من الحصار الذي فرضه المستعمر على معاهد التعليم الإسلامي والكتاتيب القرآنية، إلا أن هذه الروح الجديدة والنفثات الهادئة، جعلتها تستمر في أداء رسالتها ومواصلة عطائها. يصف لنا الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله، تلك اليقظة فيقول: (لقد بدأت معجزة البعث تتدفق من كلمات ابن باديس، فكانت ساعة اليقظة، وبدأ الشعب الجزائري المخدّر يتحرك، ويالها من يقظة جميلة مباركة). ولم تنقطع نداءات ابن باديس لجمع الطاقات وتوحيد الصفوف، وتكاتف الجهود، معتمدًا في ذلك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم اللذين هما الأساس لكل نهضة تتطلع لها الأمة، وفي هذا يقول: (إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإنما تكون لهم قوة إذا كانت لهم جماعة منظمة، تفكّر وتدبّر، وتتشاور وتتآزر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكرة وعزيمة).
ورغم ما للأعمال الفردية من منافع ومزايا، إلا أنه لا ينهض بالأمم والشعوب من العمل إلا ما كان منه منظمًا، تتضافر فيه الجهود وتتآزر. وبعد عشر سنوات من شروعه في التعليم وظهور نتائج ذلك في النشء العلمي الذي كوّنه، حاول ابن باديس أن يعلن الدعوة العامة إلى الإسلام الخالص والعلم الصحيح.ففي سنة 1924م، تدارس مع الأستاذ البشير الإبراهيمي فكرة تأسيس جمعية تكون نواة للعمل الجماعي، تحت اسم: (الإخاء العلمي) تجمع شمل العلماء والطلبة، وتوجّه جهودهم، وتقارب بين مناحيهم في التعليم والتفكير، وتكون صلة تعارف بينهم، ومزيلة لأسباب التناكر والجفاء...). ثم حدثت حوادث عطّلت المشروع الذي كان لابد له من زمن أوسع، حتى يتخمّر وتأنس إليه النفوس التي ألفت التفرقة.. بعدها انصرف ابن باديس إلى تأسيس الصحافة الإصلاحية، فكانت (المنتقد) ثم (الشهاب (التي كان لها في سنتها الثانية والثالثة دعوة إلى مثل تلك الجمعية، وكان كُتّاب ) الشهاب( إذ ذاك قد كتبوا في ذلك الموضوع، وكانت تلك الأفكار والأقوال تمهيدًا للعمل. وتمهيدًا لجمع شمل العلماء في الجزائر تحت لواء التنظيم المنشود، بادر ابن باديس إلى تأسيس: جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة.
الدعوة إلى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

بعد العشر سنوات التي قضاها ابن باديس مجاهدا بمفرده يعلم الناس ويرشدهم ويصحح لهم أمور دينهم, ويستنهض همم العلماء الذين تقاعسوا عن واجباتهم في بث الوعي الوطني والدين, تأكد لديه أن معركة الدفاع عن الجزائر وعن مقوماتها لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد, أو جماعة محدودة العدد, وبسلاح واحد, لذلك بدأ تفكيره يتجه إلى توسيع الخطة الإصلاحية التي شرع في تنفيذها منذ رجوعه من الحجاز عام 1913, وهكذا وابتداءا من سنة 1924 أخذ يتطلع إلى الدخول في مرحلة جديدة تتكامل فيها وسائل العمل النضالي ويوجه فيها جهد المخلصين من أبناء هذا الوطن للتصدّي لإفشال سياسة الاستعمار, والقيام بواجب خدمة الوطن والدين واللغة, وإصلاح الأوضاع الثقافية والاجتماعية والسياسية, والسعي إلى تحقيق يقظة فكرية, وبعث شعور قومي, ووعي سياسي وديني, يدفع الحركة الإصلاحية إلى الأمام. وكان من الطبيعي أن يتطلع ابن باديس إلى استكمال الأدوات التي تحتاج إليها الحركة الإصلاحية, وتأسيس الهيئات التي تشد عضده, وتعينه على أداء المهمة الثقيلة وكانت في ذهنه عدة أمور منها : تأسيس نواة للعمل الصحافي, وقد تم ذلك في عام 1925 بإصدار أول صحيفة له (المنتقد) وإنشاء هيئة لتنظيم التعليم الحر والإشراف عليه وكان عام 1930 حين تم إنشاء (جمعية التربية والتعليم الإسلامية) وهيئة أخرى تكون بمثابة مجلس علمي أو حزب ديني تتولى تنشيط الحركة الإصلاحية في جميع توجهاتها, وتنهض بأعباء الإصلاح والإرشاد والدعوة الإسلامية والتوعية السياسية والدينية, هيئة تضم العلماء وتجندهم لخدمة البلاد والوقوف في وجه الاستعمار, وهذه هي (جمعية العلماء) التي ستظهر إلى الوجود في عام 1931, كما سيأتي. كما كان في ذهن ابن باديس إنشاء شبكة من المدارس والمعاهد للتعليم الحرّ تتوج في النهاية بكلية للتعليم العالي, وإحداث نظام ايفاد البعثات إلى الخارج, لكن المنية لم تمهله حتى ينجز كل هذه المشاريع, وخاصة المشروعين الأخيرين. إذن بدأ التفكير في كل هذه الأمور في الفترة التي سبقت تأسيس جمعية العلماء أي من عام 1924. وكانت فكرة إنشاء جمعية العلماء هي الفكرة المسيطرة على تفكير ابن باديس لذلك عرضها على الشيخ البشير الإبراهيمي حين زاره في مدينة سطيف التي اتخذها هذا الأخير مقرا له بعد عودته من المشرق في عام 1920, وما يذكر في هذا الصدد أنه التقى به المدينة المنورة في أثناء رحلة الحج, وتباحث معه في شأن الجزائر والظروف التي تمرّبها, وتعاهدا منذ ذلك الوقت على التفكير في وضع خطة لتخليص البلاد من محنتها, وخدمة دينها ولغتها, وتربية أجيالها. وفي هذا اللقاء طلب منه ابن باديس أن يفكر معه في إنشاء جمعية يختار لها جمع من العلماء المؤمنين الشاعرين بمحنة بلادهم والقادرين على الأخذ بيدها, وإصلاح حالها والاضطلاع بهمة مكافحة أشكال الانحراف والبدع التي تعرفها, والوقوّف في وجه مخططات الاستعمار, جمعية تستطيع القيام بهذا العبء الذي كان ابن باديس ينظر إليه على أنه السبيل لتحضير الشعب لخوض معركة المصير, لأن الاضطلاع بالعبء الإصلاحي والتربوي. وهكذا بدأت الفكرة تنمو وتختمر في أذهان الذين وصلت إليهم, وكان نادي الترقي بالعاصمة الذي كانت تلقى بها المحاضرات, ويلتقي فيه المثقفون المجال الحي الذي نمى فكرة إنشاء جمعية العلماء, وهيا المناخ الفكري لها, ومن الأمور التي هيات الجو الفكري لهذه الجمعية هو أن ابن باديس بادر بإنشاء الصحف التي تنشر الأفكار الإصلاحية والمبادئ التي تقوم عليها هذه الأفكار, حيث دعا ابن باديس في مختلف الصحف إلى اتحاد العلماء وتجمعهم, والاتفاق على خطة عمل لإصلاح الأوضاع الدينية والتعليمية والاجتماعية والسياسية, فهو يشير هنا إلى ضرورة إنشاء جمعية من العلماء.

تحليل مكونات شعار ابن باديس الإصلاحي

الإسلام ديننا :
الإسلام في منظور ابن باديس منهج هداية ونظام اجتماعي شامل تنتظم ضمن فصوله أمور الحيتة الدنيا, ومطالب الحياة الأخرى, لأن الإسلام في جوهره, وكما فهمه أئمة السلف هو سعي جاد إلى المواءمة بين الطبيعة والإنسان وبين الحياة البشرية في جوانبها المادية, والحياة البشرية في جوانبها الروحية, وهو بهذا يسع الأوطان والأقوام والأجناس, ويستوعبها ويحترم الأديان ويعترف بها, فالإسلام دين عدل وإنصاف وتسامح, لأنه كما يقول ابن باديس : " دين الإنسانية التي لا نجاة لها ولا سعادة إلا به, لأن خدمتها لا تكون إلا على أصوله". إن الإسلام الذي يراه ابن باديس طريقا لخلاص الأمة من أوضاعها المتردية هو الإسلام الإيجابي الذي يحارب السلبية والجمود, والاستكانة والاستسلام لليأس والكسل, ويناهض كل أشكال الاستغلال والاضطهاد, والتميز العرقي والجنسي, ويدفع المنتمين إليه إلى الثورة على ما في نفوسهم من ضعف وجبن وتردد, وعلى الأوضاع الفاسدة التي تعوق مجتمعهم عن النهوض والتقدم ومقاومة التخلف بكل أشكاله.
العربية لغتنا :
يرى ابن باديس أن اللغة في الأساس مستودع قيم الأمة, والحافظة لكيانها والرمز المعبر عن حقيقتها, والوعاء الحامل لهويتها وتراثها, فهي عقل الأمة وروحها ووجدانها, وأساس وحدتها, وعماد تفكيرها, ومنطلق نهضتها. واللغة من جهة أخرى هي الجسر الذي يصل أبناء الأمة بأسلافهم, وبما تركوه من مجد وفكر, وهو الذي يصلهم بأبنائهم وأحفادهم في المستقبل, ويعزز الروابط بين أفراد الأمة الواحدة. إن هذا اللسان العربي العزيز الذي خدم الدين وخدم العلم وخدم الإنسانية هو الذي نتحدث عن محاسنه منذ سنين, فليحقق الله أمانينا".
الجزائر وطننا :
الجزائر بالنسبة إلى ابن باديس هي وطنه الخاص, وهي عنده ليست إقليما جغرافيا فحسب, ولكنه كيان حي من البشر الذي يعيشون فيه, وتؤلف بينهم روابط الدين واللغة والتاريخ, يقول في الشطر الثاني من السؤال (لمن أعيش) أعيش للإسلام والجزائر :
"...أما الجزائر فهي وطني الخاص الذي تربطني بأهله روابط من الماضي والحاضر والمستقبل بوجه خاص, وتفرض علي تلك الروابط لأجله - كجزء منه - فروضا خاصة ,أنا اشعر بأن كل مقوماتي الشخصية مستمدة منه مباشرة, فأرى من الواجب أن تكون خدماتي أول ما تتصل بشيء تتصل به مباشرة وكما أني كلما أردت أن أعمل عملا وجدتني في حاجة إليه, إلى رجاله وإلى ماله, وإلى آلامه وآماله, وكذلك أجدني أعمل - إذا عملت - قد خدمتُ بعملي ناحية أو أكثر مما كنت في حاجة إله, وهكذا. ويشرح ابن باديس هذه الأوطان ويرتبها ترتيبا طبيعيا في دوائر متداخلة ومتكاملة, في مقال بعنوان : "الوطن والوطنية" صدره بشعار جريدة (المنتقد) وهو : "الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء", قال فيه : " بهاتين الجملتين منذ نيف وعشر سنين توجنا جريدة المنتقد الشهيدة وجعلناهما شعارا لما تحمله في رأس كل عدد منها. هذا أيام كانت كلمة الوطن والوطنية كلمة إجرامية لا يستطيع أحد أن ينطق بها, وقليل جدا من يشعر بمعناها, وإن كان ذلك المعنى دفينا في كوامن النفوس ككل غريزة من غرائزها, لا سيما في أمة تنسب إلى العروبة, وتدين الإسلام, مثل الأمة الجزائرية ذات التاريخ المجيد...."


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك أخي الكريم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :