عنوان الموضوع : دور السوافة في تحرير الجزائر تاريخ الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب
جمع السلاح و التحضير للثورة
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بقيت مخلفاتها التي تتمثل في الأسلحة
والذخائر ، وقد تسرّب من ليبيا وتونس إلى وادي سوف بعضا منها، فأمر
المستعمر أعوانه من شيوخ وقياد بجمعها بأي وسيلة، فجمع بعضها وبقي منها
الكثير لدى السكان، ووصل ثمن الواحدة حوالي 1500 فرنك قديم، والعلبة
الواحدة من الذخيرة ذات 6 رصاصات 20 فرنك قديم. عندئذ شرع محمد بلحاج الذي
أسند إليه النظام السري بالوادي مهمة جمع السلاح عبر الصحراء فبدأ بجمع
السلاح من مواطني الداخل وتخبئته، ثم بدأ السفر إلى البلدان المجاورة لجلب
ما يمكن جمعه من الأسلحة.
فمن قرية سناول شرق غدامس بليبيا اشترى محمد بلحاج كمية كبيرة من
السلاح ومختلف أنواع الذخيرة، وعند عودته خبأها في غوط نخيل شرق الوادي
بقرية الطريفاوي، كما سافر ثانية رفقة الخبير " محمد بن الصادق " وأتى
بكمية وافرة من السلاح والذخيرة والنظارات الكاشفةللأبعاد، وفيها وصل سعر
البندقية الواحدة أقل من 800 فرنك قديم، حتى أن الحمولة كانت ثقيلة فترك
جزءا منها وأخذ عددا أكثر من الابل لجلب الكمية المتبقية. ثم سافر مرة
ثالثة رفقة العريف " بوغزالة بشير بن نصر " سنة 1949م وأتى بكمية لا بأس
بها من السلاح والذخيرة.
وفي الفترة ما بين 1948م و 1953 م سافر " زواري أحمد الصادق " في
أكثر من مرة إلى طرابلس وتونس وأتوا بكميات من السلاح حيث خبأ الكثير منها
في غواطين النخيل حيث يقع الغوط الأول في نزلة الطلايبة جنوب شرق الوادي
والثاني غوط عدائكة شرق ت**بت شمال الوادي.
شهداء وادي سوف
كانت وادي سوف كمثيلاتها في كامل القطر الجزائري سباقة إلى العمل الثوري،
بداية باحتضانها للحركة الوطنية ومرورها بالتحضير للثورة، فكانت معبرا
للسلاح الذي قامت الثورة بواسطته بطرد العدو الغاصب الذي احتل الأرض
واستباح العرض وحاول مسخ ثوابتها من دين ولغة، فلم تبخل وقدمت كل ما يمكن
تقديمه من جهد وسلاح ورجال. وقد بلغت الحصيلة التقريبية لشهداء الوادي 768
شهيدا
اصل السكان
كانت منطقة سوف قديما عامرة بالسكان من البربر الأمازيغ الذين يتخذون من
الخيام مساكن ويعتمدون في معيشتهم على اصطياد الحيوانات الأهلية، وكانت
الأرض مخضرة بالأشجار الكثيفة والتي أحرقتها الكاهنة سنة 670م، مما جعل
المنطقة تتحول إلى صحراء.
وآخر قبائل البربر التي وجدت في سوف هي قبيلة زناتة التي بنت عدة
أماكن، منها الجردانية والبليدة القديمة (قرب الرقيبة) وت**بت القديمة
بمكان ضواي روحه الآن وحزوة قرب الطالب العربي (في الحدود الجزائرية
التونسية). وبعد الفتح الاسلامي بدأت القبائل العربية تهاجر إلى المنطقة
في حدود عام 88 هـ(708م). ونزل بعض منهم بنواحي سندروس قبلة اعميش، ووقعت
بينهم وبين البدو الرحل مناوشات خفيفة، وكان استقرارهم مؤقتا. وكانت قبائل
هلال وسليم وعدوان تعيش في نواحي الكاف والقيروان التونسية، ثم انتقلوا
إلى الجردانية بشمال سوف في القرن السابع الهجري حيث وقع صراع في حدود 600
هـ (1204م) بينهم وبين البربر انتهى بانتصار عدوان. أما قبيلة طرود فقد
كانت تعيش في طرابلس، ثم في بلاد تونس واستقروا في نواحي عقلة الطرودي
وبودخان والميتة في أواخر القرن السابع الهجري (690هـ - 1592م)، أما
استقرارهم بمدينة الوادي فكان في حدود 800هـ (1398) حين استقرت قبيلة
أولاد أحمد بقرب سيدي مستور الذي هاجر قبلهم من المغرب ونزل قرب ت**بت
القديمة في مكان الحي الآن.
الهجرات السكانية
كانت الهجرة من أبرز عوامل تعمير منطقة سوف وذلك في أزمنة متفاوتة، وكانت
لأسباب مختلفة منها الاجتماعية والسياسية... وقد شهدت سوف هجرة الكثير من
سكان المناطق المجاورة كليبيا وتونس والمغرب.
الهجرة من طرابلس الليبية
كانت طرابلس معبر قبائل هلال وسليم عند اجتياحها شمال إفريقيا، ولكن توجد
بعض الحوادث التي اضطرت بعض الأشخاص إلى الهجرة الفردية هربا من القتل
مثلما حدث للعربي جد أولاد شبل الذي قدم من محاميد عرب طرابلس واستقر قرب
أولاد احمد، وبعد مدة التحق به جد العلالقة، ثم تزوج العربي وعلاق من
عائشة وفاطمة وهن بنات أبناء سيدي مستور، كما أن جد أولاد ميلود هاجر من
غدامس ونزل على أولاد يوسف، وتزوج منهم واستقر بينهم. كما أن الحمايدة
وأولاد جامع يرجع أصلهم إلى طرابلس.
الهجرة من تونس
هاجر كثير من أهل تونس إلى سوف بسبب ظروف متعددة واستقروا بالمنطقة وتزوجوا واندمجوا في عدة قبائل:
فقبيلة أولاد أحمد نجد أن سيدي محمد الجديدي القيرواني الأصل، بعد هجرته
انظم إلى عميرة السوفية حيث تزوج ابنتهم مسعودة، كما هاجر من نفطة بلقاسم
الحداد "جد أولاد العبيدي" ونزل على أحد أبناء سيدي مستور الذي زوجه ابنته
مبروكة. وآخرون هاجروا من الأراضي التونسية كالنوابلية من نابل بلدة من
نواحي سوسة وأولاد العربي من دوز التونسية، وأولاد الميهي من نفوسة قابس،
والسوامش من نفزاوة.
أما قبيلة المصاعبة فنجد الشراردة من توزر، والماطرية من بلدة ماطر
التونسية، والاعليات من توزر، والعمودي من نفطة، والرضوين من قفصة،
ومصغونة من القيروان، والشرايطة من همامة تونس، والغرايسة من صفاقس.
أما الأعشاش فنجد منهم العش بن عمر اليربوعي وهو أصل القبيلة كان شخصية
سياسية في قرية من نواحي نفزاوة التونسية يقال لها تلمين الكبرى، وقعت له
مشكلة سياسية بينه وبين الحاكم، ففرّ بأهله وماله إلى سوف، أما سيدي عبد
الله بن أحمد فقد أتى من صفافس
الهجرة من المغرب
شهدت سوف هجرة بعض العائلات المغربية وأغلبهم ينتسبون إلى الأشراف،
ومنهم العزال وأبنائه (المقبورين في النزلة بالوادي)، وكذلك سيدي علي بن
خزان مؤسس قرية الدبيلة، كما هاجر سيدي عون بن مهلهل من أشراف المغرب
الأقصى، وكان كفيف البصر هاجر إلى بلاد الزاب ثم استقر بسوف في الزقم.
الهجرة الداخلية
استقبلت وادي سوف هجرات متعددة من المناطق التلية في الجزائر الشمالية
حينا، ومن المناطق الصحراوية المجاورة النائية حينا آخر، وتعددت الدوافع
والأسباب التي دفعت العائلات الى اتخاذ المنطقة موطنا للإستقرار النهائي،
ومن أسباب هذه الهجرة هو البحث عن الحياة الآمنة المستقرة والعيش الكريم،
فقد هاجر من عرش المصاعبة اولاد اسماعبل (السواكرية) من غرداية ،
والشعانبة من متليلي، واولاد تواتي من عرش العزازلة من منطقة توات وكذلك
الصوالح من ورقلة، بينما هاجر اولاد بلحسن الكوبنينية من عين ماضي،
وغوالين البهيمة من وادي ريغ وأتى إلى كوينين (القوارير) من قورارة
بالصحراء الجزائرية.
بعض ما قيل عن وادي سوف
قال الرحالة المغربي العياشي سنة 1663م: "...سوف هي خط من النخيل مستعرض
في وسط الرمل قد غلب على اكثره، وفيه بلاد عديدة وماؤها طيب غزير قريب من
وجه الأرض. أخبرني أهل البلد أنهم إذا أرادوا غرس النخل بحثوا في الأرض
قليلا حتى يصلون إلى الماء، فيغرسونها بحيث تكون أصولها في الماء ثم يردون
عليها الرمل فلا تحتاج إلى السقي أبدا... وكثيرا ما يقتنون الكلاب
للصيد... وجل معيشتهم منه (أي الصيد)ومن التمر، وتمرهم من أطيب ثمار تلك
البلاد." رحلة العياشي المعروفة باسم "ماء الموائد".
قال الشيخ العدواني على لسان الراوي صفوان: "...إذا احتجت إلى المنع
فعليك بسوف، فقلت له: شكوا أهلها من قلة معاشها، فقال لي: لا تجمع الحرمة
وتمام النعمة..." وقال في وموضع آخر "سوف مانعة الهارب" الشيخ محمد بن
محمد بن عمر العدواني السوفي في تاريخه.
قال الرحالة ابن الدين الأغواطي في رحلته سنة 1826 م: "... ولا يخضع
سكان وادي سوف إلى حاكم... وهم يتكلمون العربية، وأهل سوف يتمتعون
باستقلال كامل، ولم يطيعوا أبدا أي سلطان ومعظم تجارتهم مع غدامس ففيها
يبيعون العبيد..."
قال الشيخ إبراهيم العوامر في كتابه الصروف سنة 1916 م: " في أواخر
عام 1285هـ/سنة 1869م، وقع قحط كبير وغلاء مفرط قلّت فيه الحبوب واللحوم
والألبان... فتضرر أصحاب المواشي والمزارع ضررا فادحا، ولكن أهل سوف كانوا
أصحاب تمر لم يقع لهم ضرر كبير... وانهالت النمامشة عندئذ على أرض سوف
فعمت جميع القرى لما حل بهم من الجوع، فرقّ أهل سوف لحالتهم وبسطوا لهم
أيدي العطاء والإعانة، بل وبعضهم التزم بإطعام بعض العائلات تماما وصيّرها
من جملة عياله، وبعضهم يخرج التمر يفرقها فيهم كما يفرق عليهم النقود
والثياب والخضر والفواكه" إبراهيم العوامر - الصروف في تاريخ الصحراء وسوف
ص 251.
قال الشيخ محمد الساسي معامير الزقيمي السوفي سنة 1927: "... وهاكم
ما انتجته "صحراؤنا" الموات في زعمكهم من فحول الرجال: هذا الشيخ خليفة بن
حسن من قمار، ناظم جواهر الإكليل في متن خليل، ونشأ بين أخريات المائة 12
وأوائل 13هـ، حتى أن الأمة المصرية النبيلة والتي تعرف قيمة الرجال وما
كتبوه أوفدت فيما سلف إلى قمار - على ما بلغنا - أديب منهم للبحث عن
جواهره السالف لنشره حتى يكون طرفة لنا ولكم .." محمد الساسي معامير -
التقويم الهجري ص 345 - 346.
قال الشيخ حمزة بوكوشة في رحلته عن مدينة الوادي سنة 1932: "... ومنها تسورنا البروج المشيدة من بلدة الوادي
بلد صحبت به الشبيبة والصبا ولبست ثوب العيش وهو جديد
فإذا تمثل في الضميـر رأيــتـه وعليـــه أغصـان الشبــاب تميـد
وبلدة الوادي هي أم بلدان سوف لوجود مركز الحكومة بها، وأنها حديثة
العمارة بالنسبة للقرى التي حولها، وهي شديدة التمسك بالحجاب." حمزة
بوكوشة -جولة من التلال إلى الرمال- في جريدة الوزير التونسية 1932.
قال الشيخ أحمد بن الطاهر منصوري في دره المرصوف سنة 2016 : "لأهل
الزقم قديما عادات جد حسنة في التضامن والتعارف والتكافل الاجتماعي... ومن
عاداتهم في المواسم والأعياد أنهم يوزعون الطعام على بعضهم، ليذوق كل منهم
من عشاء الآخر... ويا لها من عادات وتقاليد عربية إسلامية رائعة حقا، ليت
الأجيال حافظت ولو على بعضها. وهذا وأن العادات والتقاليد في قرى سوف
متشابهة في أغلب الأحوال" أحمد منصوري - الدر المرصوف في تاريخ سوف ص
90-91.
قال الشاعر السوري أحمد دوغان:
يا صفوة الوادي أتيت وقصتي بين الجموع كما رأيت تراني
ما كنت أبغي البوح إلا أنني في كل يوم أشتري كتماني
ورأيت في طبع النخيل أصالة عربية...أفتكذب العينــــــــان؟
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
ارجوا المشاركة
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :