عنوان الموضوع : قبيلة ذوي منيع بالعبادلة ولاية بشار قبائل الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب
لايمكنني في هذا الباب أن أقول أكثر مما قد يقوله التاريخ عن نقض العهد من جانب أهل "سجلماسة" وعن أسباب تسمية مدينتهم بتافيلالت. طبعا كانت هناك تصرفات محرجة تنبئ باستخفاف أهل سجلماسة بالمولى الحسن الشريف، مما حتم على مناع وأبنائه وذريتهم تسخير كل طاقاتهم لحماية الشريف وحسن خدمته , حتى لا يشعر بأي غبن من موقف أهل "سجلماسة"، كما لا أستطيع أيضا التطرق في هذه العجالة إلى مسيرة المولى الحسن الشريف الخاصة أو العامة حتى لا أخطئ في حق التاريخ، كما لا أستطيع الخوض في تاريخ ذريته بمن فيها المولى علي الشريف وسلالته حتى لا أتطاول على ما ليس لي به من حق، ما دام أن تاريخ الدولة العلوية سيحتفظ لهم ذلك... لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن أحد الأمراء من أبناء المولى الحسن الشريف تزوج من إحدى بنات مناع تسمى "أم إيزار" فأنجبت له ذرية صالحة ينتسب إليها الشرفاء العبدلاويون، بحيث نجد اليوم الشريف الأصيل في نسبه ينادي الرجل المنيعي ب"خالي مناع" اعترافا باختلاط الدم بين الشرفاء العلويين وبين ذوي منيع.
ومن الخصائص الحميدة للمولى الحسن الشريف على ذرية مناع، هي أنه أوصى قبل وفاته بأن يدفن في ضريحه الحاج عبد الكريم مناع وألح على أن يكون قبره بمدخل الضريح حتى يتربك بالسلام عليه زوار الضريح، تنازلا من المولى الحسن الشريف واعترافا له بالجميل، لما أسداه له، هو وذريته من خدمات، بل ومن تضحيات. في الوقت الذي تخلى عنه فيه أهل "سجلماسة" بنقضهم للعهد الذي أعطوه إياه أمام والده بالينبع. وبتنفيذ هذه الوصية صار مناع وإلي اليوم يقتسم مع المولى الحسن الشريف ضريحه بمنطقة "كرينفود" بضواحي مدينة الريصاني.
انصرف الشرفاء أبناء المولى الحسن الشريف إلى تدبير شؤونهم مع الحفاظ على حسن سير المدارس القرآنية والمعاهد التي خلفها والدهم "بسجلماسة" والناحية، بعد أن حرمه أهل سجلماسة من الإمارة والثمارة، وأثبت بذلك أن نبل المقاصد لا يخشى زرع المصائد، فكبرت السلالة وترعرعت واشتد عضد الأبناء والأحفاد. كما تفرعت موازاة مع هذا سلالة "مناع" وتكونت منها أكبر قوة يعتمد عليه في النعرة أو في الكر. فأصبح لها خمسة أخماس ينتسب كل خمس منها إلى أحد أبناء "مناع".
1-خمس أولاد بلكيز
2-خمس أولاد بوعنان
3-خمس أولاد يوسف
4-خمس أولاد جلول
5-خمس الأدارسة
انتشرت هذه الأخماس واستقرت بالجنوب الشرقي للمغرب وبالتحديد في مثلث يقع بين تافيلالت وبين سهل "وادي كير" وبالضبط في "حوض لعبادلة" الذي سمي انتسابا للشرفاءالعلويين العبدلاويين، وبين عين متلاغا (عين الشواطر حالي باقليم فجيج ) بشمال حمادة كير، وهو مثلث كان كافيا وصالحا للاستقرار، كاف للرعي والكسب. وبأمر كان قد أوصى به المولى الحسن الشريف اتخذت القبيلة حوض لعبادة مركزا رئيسيا لها صالحا للزراعة وغني بالكلأ خاصة بنبتة...لقطف... التي تأكلها الإبل والتي كانت تعطي طعما لذيذا لحليب النوق الذي كان يتغدى منه المولى الحسن الشريف.
في العقدين الثالث والرابع من القرن السابع عشر ميلادي كان ضعف ولاة السعديين سببا في انتشار الفوضى مع انحلال الدولة المغربية، فرأى المولى الشريف بن علي الشريف أن واجب الانقاد ملقى على عاتق العلويين الذين شاع صيتهم، وإلا تعرضت البلاد والدين إلى أخطر نكبة يستحيل معها دوام الدولة المغربية. من أجل هذا غادر المولى رشيد تافيلالت فتوجه إلى زاوية الدلائين بمكناس وصحبة فريق من فرسان قبيلة ذوي منيع الذي كان له بمثابة فريق للنعرة والحراسة ، وكان المولى رشيد قد اتخذ أحد فرسان قبيلة ذوي منيع مستشارا له وقائدا لأركان حربه ساعده على توحيد البلاد وطرد الدخلاء، وقد قدمت القبيلة بواسطة هذا الفريق التي كانت تقويه بأكبر عدد من الفرسان كلما تطلب الأمر ذلك، قدمت ضحايا كثيرين في نصرة المولى رشيد في كل المعارك التي خاضها، "كغزوة ابني مشعل"، "وغزوة عبد الله اعراص" حاكم جبال الريف. وهي معارك باركتها عشيرته ووقفت إلى جانبه لتحقيق فكرته الوحدوية حتى رجع إلى تافيلالت. كما استعدت قبيلة ذوي منيع استعدادا أكبر لجعل المولى رشيد ينتقل من نصر إلى نصر وتكون في مؤازرته حين رجع للقضاء على البقية من أثار الفوضى، فقضى على الأخضر غيلان واستولى على القصر الكبير وتطوان، ثم قضى على محمد الحاج الدلائي شيخ زاوية الدلائين بمكناس وعلى حاكم مراكش عبد الكريم الشيباني المعروف بـ:كروم الحاج.
بهذا يكون المولى رشيد قد وضع أسس العرش العلوي، فوحد به البلاد من تلمسان في أقصى الشرق، إلى وادي نون في أقصى الغرب على حدود الصحراء الكبرى، وشهدت معه قبيلة ذوي منيع ميلاد العرش إلى أن وافته المنية على الطريقة المعروفة، ويدفن بمراكش ثم في ضريح "سيدي احرازم".
تعاقب الملوك العلويون على الحكم، ولم تتخل قبيلة "ذوي منيع" عن نصرة هؤلاء الملوك والدفاع عن دار المخزن كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
ففي عهد السلطان مولاي إسماعيل كانت قبائل "بني مطير"اشراردة، ولمهاية"، تتجاذب الزعامة فيما بينها والسيطرة على المنطقة بين فاس ومكناس، بحيث كانت عصابات قطاع الطرق من هذه القبائل تغتنم الفوضى الناجمة عن اختلال النظام بين هذه القبائل وتقوم بالسطو على القوافل السلطانية بين حضيرتي مكناس وفاس، ولما بلغ ذلك إلى علم السلطان مولاي إسماعيل، أرسل في طلب القبيلة للسيطرة على الموقف والحد من الخسائر التي كانت تتكبدها القوافل السلطانية ذهابا وإيابا.
اجتمعت القبيلة بواسطة مجلس الأربعين للنظر في طلب السلطان مولاي إسماعيل، واهتدت في قرارها إلى تجميع قوة ردع من أربعين فردا بعائلاتهم، اختيروا ممن كانوا يحرقون نظام القبيلة ويخرقون لها نزاعات مع القبائل المجاورة بسبب الاعتداء والسطو على ممتلكات الغير. أرسل كل خمس ثمانية من عصاته، عله يتخلص منهم، ومن تبعاتهم المتمثلة في دفع الدية وجبر الضرر. أمر السلطان مولاي إسماعيل بتوطين هؤلاء الوافدين من قبيلة "ذوي منيع" بين فاس ومكناس وبالتحديد في "قنوفة وعين طوطو" حيث لا زالت ذريتهم تعرف لحد الآن في تلك المنطقة باسم القبيلة وفي تعايش مع وافدين آخرين من قبائل حميان وأولاد سيد الشيخ الذين جاؤوا هم أيضا بمحض إرادتهم لنفس الغاية من غرب الجزائر.كما سارع إلى الانضمام إليهم أشخاص آخرون، ومن قبائل مغربية أخرى لفظتهمعشائرهم أو كانوا منبوذين فيها لسبب أو لآخر..
زيادة على ما ذكر أن قبيلة "ذوي منيع" كانت دائما متواجدة كقوة مدافعة على دار المخزن خاصة في تافيلالت، حماية ونعرة لمن كان يدير شؤون الدولة في تلك البقاع، ونسوق بالتالي أمثلة من معارك كان يخوضها خلفاء السلطان في تافيلالت اتكاء على الدعم الذي كانت توفره لهم القبيلة والقبائل الأخرى المساندة.
كانت تؤدى لبيت المال ضرائب وتقدم هدايا لدار المخزن من طرف المغاربة ومن ضمنهم سكان أقاليم توات ووادي الساورة... وكان أداء هذه الضرائب سنويا بمثابة تجديد البيعة وتجديد الولاء والإخلاص للعرش العلوي وللجالس عليه. فحدث ذات يوم أن بعث السلطان المولى عبد العزيز مبعوثا له يسمى "بوحسون" إلى الرعية المغربية بقصور توات ووادي الساورة لجمع محصول الضرائب والهدايا لدار المخزن. ولما أنهى المبعوث السلطاني مهمته، قفل راجعا بركب محمل بما جادت به الرعية، وعند بلوغه حمادة... "ازغامرة"، اعترضت طريقه جماعة من قبيلة لغنانمة بوادي الساورة وهي عازمة على قتله، وقتل من بمعيته، والسطو على محصول الضرائب. فكان أن سألوه عن رأيه إن هم قتلوه..!فرد رد الواثق من هبة دار المخزن وقال:"الى قتلتوني تموتو... وإلى خلتوني تموتوا" وفعلا قتلوه ومن معه من مسؤولين وكتاب وخدم دون التفكير في عاقبة الأمر.
وما أن بلغ الأمر إلى السلطان مولاي عبد العزيز بمراكش وثبتت الجريمة في حق قبيلة لغنانمة حتى بعث بفريق من الجيش المسلح تحت قيادة إبراهيم بن الحسن إلى خليفة السلطان المولى رشيد بتافيلالت، وأمره بمقاتلة قبيلة لغنانمة عقابا لها على انتهاكها لحرمة دار المخزن. فهيأ المولى رشيد المسيرة وعزز جيشه بأعداد كبيرة من فرسان قبيلة "ذوي منيع" الذين كانوا مرابطين لحمايته بتافيلالت، وصار يحل ويرتحل من مكان إلى آخر إلى أن وصل مشارف قصور قبيلة لغنانمة وأدى المهمة بتطويق القصر الذي انطلقت منه العصابة التي فتكت ببوحسون تطويقا محكما، ونسفه بالبارود، فمات عدد من سكان ذلك القصر، وأسر ما تبقى من الرجال (ثمانون رجلا) من الغنانمة، اقتيدوا كلهم ليسلموا فيما بعد إلى السلطان في مراكش. وقد استعملت طريقة ذكية لربط هؤلاء الأسرى في طريقهم إلى مراكش. وبحيث كان لا يمكن ربط 80 أسير في سلسلة واحدة، فكر قائد الفرسان "ذوي منيع" الذي كلف بمصاحبة الأسرى إلى مراكش ووجد أن الحل هو تكبيل 10 أشخاص في وثاق من حبل مفتول، به حلقات حديدية يتم أحكامها حول الترقية أو "الترقوة" وهي عظم يشد الكتف بترائب الصدر.
في واقعة أخرى، تمردت على خليفة السلطان بالصحراء فرق من قبيلة تكنة وقبيلة ارقيبات، فنادى السلطان المولى عبد العزيز من مراكش على قبيلة "ذوي منيع" التي كانت وقتها في قوافل متشتتة بين "تيمبكتو" وبين "كاو" و"تاودني" في أقصى الشرق بالنيجر. وبعد أن أتته ملبية، بعث بها لمساندة الخليفة السلطاني بالساقية الحمراء، فكانت له بمثابة قوة ردع، خاضت ما خاضته من معارك إلى أن استثب الأمن وانصاعت تلك القبائل إلى أمر الله وإلي أمر خليفة أمير المؤمنين بالصحراء. وقد أكد لي هذه الواقعة رجل مسن من قبيلة ارقيبات صادفته بقرية الجماعة بالدار البيضاء نهاية الستينات بعد أن سألني هل لا زالت القبيلة في شموخها، وهل لا زالت لها النوق العشار، والخيل المسرجة والأبكار... قال هذا وهو يتذكر طفولته حين كانت الأمهات في قبيلة ارقيبات تسكت صغارها بحوافر خيول القبيلة وفرا سن عيرها.
كانت قبيلة ذوي منيع في عهد الدولة العلوية منظمة تنظيما إداريا ومتحكما فيها بواسطة عمال وقياد معنيين بظهائر سلطانية استخرجت أسماؤهم من الخزانة الملكية سنة 1958 (2 عمال و12 قائد) من عهد المولى إسماعيل، مولاي الحسن الأول-مولاي عبد العزيز-مولاي عبد الرحمان-مولاي سليمان) سأكتفي بالتطرق إلى ظروف تعيين العمال دون غيرهم استنادا إلى وثيقتين استخرجتا من كتاب صفحات مغربية عن الحدود الشرقية عثرت عليها بمستندات قيادة ذوي منيع.وبمستندات الخزانة الملكية بالرباط.-
عين جلالة السلطان مولاي عبد العزيز عاملين لقبيلة ذوي منيع في السنة الأخيرة من القرن التاسع عشر ميلادي (1899) بعد أن استوجبت الظروف الحرجة التي شهدتها مناطق الحدود الشرقية، من إقليم فكيك، استوجبت استحكام التنظيم في الجهاز الإداري بهذا الإقليم، ومن ذلك تقسيم قبيلة ذوي منيع إداريا إلى قسمين رئيسيين هما "أولاد بلكيز" و "أولاد بوعنان" وعين عامل على القسم الأول، وعامل على القسم الثاني.
تعيين عامل على قسم أولاد بلكيز
في المدة التي صدر فيها ظهير تعيين هذا العامل، كانت ناحية مهمة من إقليم فكيك هي ناحية "العبادلة" تشهد حوادث مثيرة، لم يكن لهذه الناحية عهد بها من قبل.
كانت الجيوش الفرنسية، قبل صدور هذه الوثيقة، بثلاث سنوات تقريبا، اندفعت في عدوان سافر نحو اقليم توات، تحتل مدنه ودوائره، وتقابل مقاومة السكان بقساوة لا ترحم، بحكم ما تتوفر عليه من أسلحة حديثة بالنسبة إلى سلاح المغاربة في ذلك العهد، وما أن نفضت هذه الجيوش يدها من إقليم توات، حتى اتجهت صوب قصور وادي الساورة وقابلت "الغنانمة" و "بني كومي" بما قابلت به التواتيين من قبل.
ولم يبق لها من عمل لانجاز المرحلة الأولى من تخطيطها، في الاعتداء على السيادة المغربية، إلا الاندفاع في اتجاه القنادسة وبشار.
ولكن الاتجاه نحو هاتين المدينتين لم يكن ميسورا، لوجود قبائل ذات بأس وقوة في الطريق، ولقرب المدنيتين من إقليم تافيلالت، وإقليم وجدة على السواء حيث يسهل تدارك الناحية المهددة بالإمدادات والنجدات.
وقد كان ذلك كله عقبة في الطريق،ولكنها كانت عقبة مؤقتة، إذ لم يكن في مستطاع النواحي المهددة، أن تقف وحدها في وجه عدوان الجيوش الفرنسية، ولو لم تكن السلطات العليا في الدولة منصرفة إلى إخماد الفتن، والقضاء على المتمردين من أمثال الجيلالي الزرهوني (بوحمارة) لكان في إمكان المغرب يومئذ –رغم التفاوت في الإمكانيات- أن يصد الجيوش المعتدية، ويجعل حدا لبطشها وعدوانها، ويعود بها من حيث أتت.
ولكن انصراف المغرب إلى قمع التمرد، والقدرة المحدودة لسكان مناطق الحدود، وتفوق الجيوش المعتدية عدة وعددا، وأسباب أخرى لها صلة بالموضوع جعلت ناحية القنادسة وبشار، تلحق بوادي الساورة وإقليم توات، وتسقط هي الأخر في يد الاحتلال الأجنبي، ويجد في هذه الغنيمة ما يشجعه على مد يده نحو مدينة وجدة وإقليمها، واحتلال الدار البيضاء في نفس الوقت.
وقامت القبائل ذات البأس والحنكة في الحروب بواجبها، فصمدت في وجه العدو، وقاومت احتلاله في شجاعة نادرة... وكانت قبيلة ذوي منيع في مقدمة هذه القبائل المكافحة.
وكتب قواد فروع قبيلة ذوي منيع إلى جلالة السلطان مولاي عبد العزيز، يخبرون جلالته بما حدث ويطلبون النجدة، وكانت النجدة، ولكنها كانت محدودة لما أسلفنا من مشاغل الدولة.
ومن هذه النجدة الاعتناء بتنظيم قبيلة ذوي منيع، وتعيين عاملين عليها، لتتمكن من إعداد نفسها للتغلب على العدوان.
ودارت حوادث كبيرة، ووقائع حربية شهيرة، كواقعة "غرسة" في نواحي "العبادلة" التي تعتبر المركز الرئيسي لقبيلة "ذوي منيع" وسجل أبطال من تلك الجهات، صفحات خالدة في مقاومة المغرب للاحتلال، في بداية القرن العشرين.
مـلخص الوثيقــة:
تبتدئ الوثيقة بالحمدلة والتصلية، يليها الطابع السلطاني وبداخله (عبد العزيز بن الحسن بن محمد، الله وليه ومولاه) ويلي الطابع الديباجة الآتية:
"خدامنا الأرضين كافة جماعة أولاد بلكيز، من قبلية ذوي منيع، سلام عليكم ورحمة الله".
ويلي الديباجة مضمن الوثيقة المشتمل على أقسام ثلاثة وهي: الإخبار بتعيين عامل على أولاد "بلكيز" وإعطاء تعليمات للقبيلة، وتهنئة للعامل والقبيلة مع الدعاء بالتوفيق في الأعمال.
وفيما يلي ملخص مضمن الوثيقة.
1-إعلام لأولاد "بلكيز" بتعيين السيد الحسن بن التهامي عاملا على القبيلة.
2-تحديد اختصاصات العامل الجديد، وبيان المهام المنوطة به من طرف جلالة السلطان.
3-إعطاء تعليمات للقبيلة، لتتعاون مع العامل في حدود الاختصاصات المكلف بها.
4-تهنئة القبيلة بالعامل، وتهنئة العامل بمهامه الجديدة في قبيلة هو من أبنائها.
5-دعاء "عام " بالتوفيق في الأعمال للقبيلة والعامل، خصوصا في ظروف حـرجة، كالظروف التي دعت إلى هذا التقسيم الجديد، في النظام الإداري لمناطق الحدود.
6-ختم الوثيقة بتاريخ صدورها، وهو 10 شوال 1322هـ 1899م.
تـعقيب على الوثيقــة
أشرنا في تقديم الوثيقة إلى أن الحالة العامة في ناحية القنادسة وبشار كانت تدعو إلى دعم عسكري كبير من طرف الدولة، لتتمكن هذه الناحية من الغلبة على الزحف العسكري الفرنسي، ولكن ظروف الدولة المغربية، كانت لا تسمح بأكثر مما فعلت فيما يرجع إلى تقوية الجهاز الإداري بالناحية بتوزيع الاختصاصات، وتحديد المسؤولية في المدن والقبائل.
وإن لم يكن هذا شيئا كبيرا من الناحية العسكرية إلا أنه كان مهما في حد ذاته من الناحية الإستراتيجية، فعن طريق تحديد المسؤوليات، استطاعت الناحية أن تصمد في وجه الاحتلال مدة طويلة، وتجعل قادة هذا الاحتلال في إحراج كبير في أكثر من واقعة حربية.
وقد خضعت مناطق بالناحية من جراء ذلك، إلى ظروف استثنائية شديدة، حتى بعد دخول الفرنسيين إلى مدن الناحية كبشار والقنادسة.
ومن الثابت أن مركز "العبادلة" موطن قبيلة ذوي منيع التي منها "أولاد بلكيز" كان دراعا واقية في الدفاع عن الناحية كلها.
ففي تلك الوديان والوهاد، وفي تلك الفيافي والواحات، لم تجد الجيوش الفرنسية الطريق إلى بشار والقنادسة، مفروشة بالورود كما يقال.
إنما وجدت رجالا يحبون الحرية ويقدسونها، ويبذلون دماء سخية في سبيل الحفاظ عليها، ووجدت قيادة واعية في الدفاع عن الناحية وتحصينها، وبرز على رأس هذه القيادة الباسلة رجال أشداء، كالبطل "بوحسون" والبطل عبد الرحمن ولد بوزيد.
وعرفت جبال الناحية وبطاحها وقائع ومعارك، أعطى فيها أبطال "ذوي منيع" أمثلة حية للبطولة والفداء، كلفت جيش الاحتلال خسارة كبرى، من بينها قتل الجنرال "لوكلير" الذي كان يشرف على الحملة الاحتلالية. وقد يوجد له نصب بالمنطقة.
وإذا غلب المغرب على أمره في مطلع القرن العشرين، وتوغلت قوات الاحتلال الفرنسي في حدوده بالجنوب الشرقي، فإن المغاربة أعطوا عربون الوفاء لبلادهم في معارك "قلب العودة" و "غرسه" وغيرها من المعارك.
بل أن الأقاليم الجنوبية عرفت تضافرا بينها في تلك الظروف، فقد أنجدت تافيلالت توات في معاركه، و أنجدت الناحية التي تتعلق بها الوثيقة، ولكن الأقاليم الشرقية من الجنوب، عرفت لتافيلالت هذا الجميل، وردته يوم استسلمت الأولى للنفوذ الأجنبي، والتحق رجال القبائل بتافيلالت، وكان البطل عبد الرحمن ولد بوزيد المنيعي، على رأس الثائرين من هذه القبائل التي عززت دفاع تافيلالت، ذلك الدفاع الذي كلف جيوش الاحتلال ما كلفها، والذي نأسف لعدم تدوين الكثير من وقائعه الحربية، وإن لم يهمل تدوين المحتلون الذين عرفوا وحدهم، ما كلفهم دفاع الأقاليم الجنوبية من المملكة المغربية.
تـعيين عـامل قسم أولاد بـوعنان:
أسلفنا في الكلام عن الوثيقة السابقة أن الظروف الحرجة التي شهدتها مناطق الحدود الشرقية من إقليم فكيك حتمت استحكام التنظيم في الجهاز الإداري بالإقليم، وتقسيم قبيلة ذوي منيع إلى جزئين رئيسين. والوثيقة التي نقدمها الآن تخص تعيين العامل الثاني على قبيلة ذو منيع. ونشير أن تعيين عامل "أولاد بوعنان" كان بطلب من أعيان أربعة فروع من هذا القسم.
كان أعيان "أولاد عبد الواحد" وأعيان "الذيبات" وأعيان "الخويصيين" وأعيان "البكارة" كتبوا إلى جلالة السلطان مولاي عبد العزيز يخبرونه بتوغل الجيش الفرنسي في أرض ذوي منيع، ويطلبون مساعدة الدولة المغربية للقبيلة، لتتمكن من رد هذا الجيش الدخيل على أعقابه.
ومن هذه المساعدة التي طلبوها في كتابهم، تعيين عامل على "أولاد بوعنان" لأن سلطة قواد فروع القبيلة محدودة، ولأن الظروف لا تسمح بانتظار التعليمات والتوجيهات التي تصدر من عامل الإقليم بفكيك.
وقد أجيبوا في طلبهم هذا، وتم تعيين السيد سالم بن الصديق البوعنيني، عاملا على كافة فروع "أولاد بوعنان" من قبيلة ذو منيع.
وأشارت الوثيقة إلى الطلب، وتقدم الأعيان به، وإلى الاستجابة فيه على عكس الوثيقة الخاصة بتعيين عامل "أولاد بلكيز" فإنها لم تذكر حصول الطلب من الأعيان، مع أن الوثيقتين صدرتا في تاريخ واحد.
ونحن نرجح أن يكون "أولاد بلكيز" كتبوا أيضا بدورهم إلى جلالة السلطان وطلبوا نفس الطلب، ولكن الوثيقة أهملت التنصيص على الطلب من أعيان "أولاد بلكيز".
أما حجتنا في هذا الترجيح، فهي أن العادة المتبعة عند قبائل الجنوب بالمملكة، هي الاستشارة فيما بينها في القضايا الكبيرة وهذا شيء موجود حتى عند القبائل المتباعدة في النسب، فضلا عن هاتين القبيلتين اللتين ما هما في الواقع إلا قبيلة واحدة.
وإذا، فلا شك أن "أولاد بلكيز" كتبوا بدورهم، ولكن الوثيقة أهملت تلخيص كتابهم على خلاف العادة، واكتفت بالإخبار بتعيين العامل، وما تبع ذلك من تعليمات وتوجيهات.
وقضية توغل الجيش الفرنسي في أرض ذوي منيع، لابد من توضيحها في هذا التقديم، إذ أن الأرض عند معظم القبائل المغربية تنقسم إلى قسمين: قسم يعتبر مركزا قارا للقبيلة، وهو الذي تكون به ديارها ومزارعها في الغالب. وقسم يعتبر مرعى للماشية، وهذا يكون في الغالب أوسع رقعة من الأول.
وبالنسبة لذوي منيع، فالمقر الرئيسي هو أرض "العبادلة" بسهل "وادي كير" حيث تتخذ مساكنها، وتفلح أرضها في كل موسم، وسوى هذا "كالحمادة"، "والخملية" وغيرهما، هي مراعي ينتقل فيها رعاة القبيلة بالماشية على مدار فصول السنة.
وتوغل الجيش الفرنسي لم يكن في المقر الرئيسي لذوي منيع، ولا في المراعي المغربية التي تلي إقليم تافيلالت "كالخملية" أو "الحمادة" مما يلي شرقي تافيلالت، ولكنه كان في المراعي المجاورة لمرتفعات وادي "زوسفانة".
وهذه هي الجهة المقابلة لناحية وادي "الساورة" التي دخلها الجيش الفرنسي بعد احتلاله لإقليم توات.
مـلخص الوثيقـة:
تبتدئ الوثيقة بالحمدلة والتصلية، يليها الطابع السلطاني وبداخلة عبد العزيز بن الحسن بن محمد الله وليه ومولاه، ويلي الطابع الديباجة الآتية:
"خدامنا الأرضين كافة، جماعة أولاد عبد الواحد، وجماعة الذيبات، وجماعة الخويصين، وجماعة البكارة، من قبيلة ذوي منيع، وفقكم الله وأرشدكم، وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....".
وبعد هذه الديباجة، يأتي الملخص العام للوثيقة، وينقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بتلخيص كتاب "أولاد بوعنان" إلى جلالة السلطان. وقسم يتعلق بجواب جلالة السلطان عن الكتاب المرفوع من طرف "أولاد يوعنان".
القـسم الأول:
يلاحظ في البداية، فيما يخص هذا القسم من الوثيقة أن الفروع التي نص عليها في الوثيقة من "أولاد بوعنان" ليست هي كلها فروع هذا القسم، من قبيلة "ذوي منيع"، وإنما هي أربعة فقط، أما عدد الفروع فهو أكثر من ذلك بكثير (سبعة)، وليس هذا محل تفصيل الكلام عن فروع "أولاد بوعنان".
وأهم ما ورد في هذا القسم الخاص بتلخيص الكتاب المرفوع إلى جلالة السلطان نوجزه في النقط الآتية:
أ-إخبار "أولاد بوعنان" بوصول كتابهم إلى جلالة السلطان.
ب-حصول العلم بما تعرضت له الناحية "وأن الطاغية-دمرهم الله دخلوا إلى بلاد ذوي منيع".
ج-إحاطة جلالة السلطان علما، بما تقاسيه القبيلة، "وأنها في غاية الضيق من اعتداء الجيش الفرنسي".
د-الإشارة إلى طلب "أولاد بوعنان" بخصوص تعيين عامل عليهم، يتولى شؤونهم في الظروف الاستثنائية التي تشهدها ناحيتهم، ومما ورد في هذه الإشارة هذه الفقرة.
"... وإنكم طلبتم من جنابنا مساعدتكم، بتولية أخيكم سالم بن الصديق البوعنيني، عاملا عليكم فيما شرحتموه....".
الـقسم الثانــي:
وفيما يخص هذا القسم المتعلق بالجواب عن كتاب "أولاد بوعنان" فإننا نلخصه في هذه النقط:
1-إعلام أعيان "أولاد بوعنان" باهتمام جلالة السلطان بالحالة العامة والظروف الشديدة التي تشهدها ناحيتهم.
2-الإشارة إلى أن جلالة السلطان، لبى طلبات المساعدة التي تقدموا بها ليتعزز مركز القبيلة في مقاومة الجيش المعتدى.
3-الإخبار بالموافقة على طلب تعيين السيد سالم بن الصديق البوعناني، عاملا على "أولاد بوعنان" والإشارة إلى أن ظهير توليته كعامل أرفق بهذا الكتاب .
4-ختم الوثيقة بالدعاء للقبيلة والعامل بالتوفيق والانتصار في مقاومة المعتدين واتبع هذا بتاريخ صدور الوثيقة الذي هو: 10 شوال عام 1322هـ 1899م.
وبهذا ينتهي القسم الثاني والأخير، من هذه الوثيقة الهامة التي تخص أعسر فترة شهدتها مناطق شاسعة من إقليم "فكيك".
بعد احتلال الجنوب الشرقي للمملكة واستسلام أراضيه للنفوذ الأجنبي مع بداية القرن العشرين هاجرت طوائف من قبيلة ذوي منيع إلى تافيلالت للدفاع عنها ورد الجميل لها حين هبت لنجدة بلاد توات في معاركها، وعزم رجالها متابعة مقاومة الاحتلال الأجنبي انطلاقا من تافيلالت التي كانت لا زالت تنعم بالحرية في ظل جلالة السلطان مولاي عبد العزيز. فتكونت فرق للمقاومة تحت رئاسة الشريف باسيدي بن المصطفى وقامت رغم اتخاذ الجيوش الفرنسية كامل الاحتياط لتحصين وجودها ولصد كل هجوم محتمل، قامت بالهجوم على الـقوات الـفرنسية في "وادي الزعفراني" بالـقرب مـن "بني كومي" لكنها لم تتوفق بسبب الصمود الذي أبدته القوات المستهدفة، ورجع الشريف باسيدي بن المصطفى ومن معه إلى تافيلالت بعدما تكبدوا خسائر في الأرواح والعتاد. ورغم ذلك كان المقاومون ذوي منيع من "أولاد بلكيز" و"أولاد بوعنان" يهجمون على دويرات وقوافل فرنسية كلما سمحت الظروف بذلك، كان أهمها هجوم "تاورطا" وغيره من الهجومات الأخرى التي كانوا تارة ينجحون فيها وتارة أخرى تكون لصالح القوات الفرنسية.
لم تعمر هذه الهجمات طويلا لأن فرنسا كانت ماضية في ترسيخ وجودها بالمنطقة بجميع الوسائل، فنهجت أسلوب الترغيب والإغراء، وبه نفدت إلى عقول بعض أولياء الأمر بالقبيلة بوعدها لهم بالمال واعتلاء المناصب. مقابل إقناع طوائف القبيلة التي هاجرت إلى تافيلالت بالرجوع إلى أرض ذوي منيع ببلدة "العبادلة" وهكذا عينت كلا من الكبير بن الطاهر قائدا على "أولاد بلكيز"، وبن عبد الرحمن قائدا على "أولاد يوسف" والعربي بن كروم على "أولاد بوعنان" وجعلتهم في تنسيق دائم مع سي إبراهيم القندوسي، شيخ زاوية لقنادسة، وسي مولاي قائد العين الصفراء اللذان كانا يلعبان أكبر الأدوار لاستثباب الأمن وبسط نفوذ الاحتلال الفرنسي على المنطقة بسطا كاملا يوفر لفرنسا كل الحظوظ لاستئناف زحفها إلى داخل المغرب.
وقبل أن تتخذ القبيلة أي قرار بالرجوع إلى "العبادلة" أو بعدمه، اجتمع أهل الرأي في تافيلالت، وأدركوا استحالة الاستمرار في مقاومة الاحتلال في ظل انكسار شوكة الرجال الثوار وضعف القرار لدى غالبية أفراد القبيلة بسبب تسرب سياسة الاستسلام التي راهنت عليها القوات الفرنسية بالمنطقة، الأمر الذي أرغم القبيلة على البحث لحفظ ماء الوجه والتفاوض مع قوات الاحتلال. من أجل ذلك تكونت جماعة ممثلة لجميع أخماس القبيلة بقيادة خمس "أولاد بوعنان" الذي كان ينطق باسم القبيلة، وأوفدت بعض الأشخاص منهم محمد بن لمرابط، محمد الطالب، سالم بن الصديق العربي بن الخليفة وعددا آخر من أعيان القبيلة وساستها، أوفدتهم إلى "إيكلي" أين كان مقر الحاكم العسكري الفرنسي، واجتمعوا به، وخرجوا باتفاق هدنى، بشروط قبلها الجانب الفرنسي وهي كالتالي :
1-لا يطبق على "ذوي منيع" ما يطبق من قانون على الجزائريين ما دامت تافيلالت لم تخضع بعد للنفوذ الفرنسي، خاصة فيما تعلق بالتجنيد الإجباري.
2-ترك حرية حمل السلاح لمن يرغب في ذلك من "ذوي منيع"
3-لا تمنع القبيلة من كسب أو بيع أو شراء العبيد.
4-حرية تنقل "ذوي منيع" -ذهابا وإيابا- إلى أسواق تافيلالت.
هذا الاتفاق حفز كثيرا من الناس على مغادرة تافيلالت والرجوع إلى أرض العبادلة، في حين لم ينل شيئا من آخرين، بحيث غضبت طائفة من "ذوي منيع" ولم تغرها وعود الفرنسيين للقبيلة، بل لم ترض الاستسلام، فبقيت منعزلة عن القبيلة لاتتدخل في شؤونها، ولا يهمها ما اتفقت عليه مع الغزاة الفرنسيين شأنها شأن البقية الباقية من الثوار الذين وإن توقفت هجماتهم على القوات الفرنسية، فإن اختفاءهم في تلك المرحلة كأن يدخل في سياق استراحة المقاتل الذي يتحين الفرص لقهر عدوه. اعتبرت هذه الطائفة من القبيلة وهي خمس "أولاد بوعنان" وبعض من خمس "أولاد بلكيز" أن كل اتفاق مع الفرنسيين يعتبر خيانة وطعنة في الظهر لجلالة السلطان مولاي عبد العزيز الذي رفع من شأن القبيلة بتعيين عاملين له عليها لازال حبر ظهائرهما لم يجف بعد.
بعد الاتفاق المبرم بين الحاكم الفرنسي وقبيلة "ذوي منيع" "بإيكلي" جاءت تعليمات من الجنرال اليوطي المقيم العام الفرنسي بالمغرب إلى الحاكم العسكري في بشار تأمره بدحر قبيلة "ذوي منيع" بكل الوسائل المتاحة، فتقرر إضعاف القبيلة بتحييد زعمائها واستبدال قوادها المعنيين بظهائر سلطانية بقواد اختارهم الحاكم العسكري لاقليم الساورة من بطانته على الشكل التالي:
-لكبير بن الطاهر من عائلة يهودية، قائدا على أولاد بلكير
-محمد بن عبد الرحمان من لمهايا الجزائر، قائدا على أولاد يوسف
-العربي بن كروم، من حميان الجزائر، قائدا على أولاد بوعنان
-الشيخ ولد عبد الله، من المشرية غرب الجزائر، سمي "لاغا" أي قائد القياد بلغة العثمانيين، وجعلت تحت إمرته هؤلاء القواد الثلاثة، ولإتمام الهيمنة على القبيلة، وفي إطار التعليمات المتوصل بها، أقدم الحاكم العسكري على تطبيق سياسة، فرق تسود في حق خمس "أولاد بوعنان" المتعنت الذي لم يخضع بعد، وعن طيب خاطر،لنفوذ القوات الفرنسية بالاقليم، ففرقه إلى أربعة فروع:
*الفرع الأول، اذبيات، لخوصيين أسند أمره إلى القائد العربي بن كروم المعين سابقا.
*الفرع الثاني، "العبادلة"، "أولاد ايعيش"، القائد لحبيب ولد الخليفة
*الفرع الثالث، "السوالم"، "البكارة"، القائد الشيخ ولد الخليفة.
*الفرع الرابع، "أولاد عبد الواحد"، عين عليه القائد عبد المالك بن علي.
ثبت فيما بعد، أن الحاكم الفرنسي أخطأ في الاختيار بتعيينه لقواد الفروع الثلاثة الأخيرة، لأن هؤلاء باتوا غير مقتنعين بهذا التكليف الذي بانت أسبابه، وغير مخلصين للنوايا الفرنسية، بل تحولوا بذلك إلى أقطاب بارزة بالقبيلة ترعى شؤون الرعية أكثر مما تخدم خطط الحاكم ببشار:
لاستمالة –ترغيبا أو ترهيبا- ما تبقى من القبيلة بتافيلالت، وهي البقية التي فضلت تافيلالت بفوضاها العارمة، عن أرض العبادلة الخاضعة للإذلال والتبعية. خاصة وأن ما زاد في نفوذها، دعوة السلطات الفرنسية إلى التجنيد الإجباري في أفق استعدادها لظروف الحرب العالمية الأولى (1914-1918) خرقا للبند الأول من اتفاقية الهدنة الموقعة في ايكلي بين الفرنسيين وثلة من القبيلة فكان قتل الجنرال، هو القطرة التي أفاضت الكأس ودفع فرنسا بعد بسط حمايتها على المغرب بأن تطلب وساطة السلطان في الضغط على قبيلة "ذوي منيع" للاستسلام أو بالأحرى تهدئة الوضع على الأقل، مدعية في حضرة السلطان أن هذه القبيلة ما فتئت تزرع الفتنة وسكان الناحية يشتكون منها.
لهذه الغاية، أوفد جلالة السلطان مبعوثه السيد محمد البكاص للاتصال "بذوي منيع" بأرض العبادلة وبشار ولقنادسة، أرفقته فرنسا بمسؤول مبعوث لها وهو" المسيو سوسبيان" ولما وصل المبعوث السلطاني إلى لقنادسة، عمل شيخ الزاوية بها، سي إبراهيم القندوسي– وبتكليف فرنسي- على إظهار عصيان قبيلة ذوي منيع لكل أمر سلطاني، فحال دون لقاء أعيان القبيلة بالسيد محمد البكاص بالقول أن "ذوي منيع" عازمون على قتل الموفد السلطاني ظنا منهم أنه جاء لبيعهم وبلادهم وأخذ ثمنها من الفرنسيين، فقفل السيد محمد البكاص راجعا دون تحقيق المهمة التي أرسل من أجلها، وهو ما كان يريده الفرنسيون على يد سي إبراهيم القندوسي الذي أطلقت فرنسا فيما بعد، اسمه على بارجة فرنسية، مكافئة له على تعاونه، وكان الفرنسيون يريدون بهذا، كسر الطوق وقطع حبل الوفاء والإخلاص بين قبيلة "ذوي منيع" وبين دار المخزن، وبالتالي وضع القبيلة في مصاف القبائل العاصية، حتى يبرر ضربها في تافيلالت.
بقي الوضع بعد ذلك غامضا بالنسبة لـ"ذوي منيع" تافيلالت مع عدم الاستقرار الذي ألم بالقبيلة في وحدتها، وتماسكها، في ظل الانفلات الأمني إلى أن سقطت تافيلالت سنة 1932 بالقضاء على بلقاسم انكادي الذي نصب نفسه –على شاكلة "بوحمارة" كالحاكم بأمر الله، خارجا عن طاعة القصر السلطاني وعن الأيالة الشريفة لينفرد بالسلطة، بمبرر رفض الحماية ومقاومة الاستعمار. قبلت القبيلة مرغمة بالوضع الجديد، ورضخت للأمر الواقع إلى أن انخرط أبناؤها كسائر المغاربة سنة 1952 في الحركة الوطنية.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
القبائل الاخرى لم تفعل شىء واين الشيخ الابراهيمي و الشيخ العماري و الشيخ محمد بن بوزيان رحمهم الله
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
ساوافي اخي بتاريخ كبير خاصة على معركة غراسة
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
سبحان الله نفس الاسم هههههههههههه
وبارك الله فيك على المعلومة
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
ما اعرفه عن قبائل دوي منيع ان اصلها من تافيلالت بالمغرب اقصى . استقر بها المقام في العبادلةببشار وكانت تقوم بغزو قصور ولاية ادرار .
وهو ما كان يعرف عند سكان قصور ادرار ب "القوم" بالجيم المصرية