عنوان الموضوع : سلسلة أبطال البربر ( فيرموس ) قبائل
مقدم من طرف منتديات العندليب

تمهيـــــد

لم تفرض الإمبراطورية الرومانية سيطرتها على أفريقيا الشمالية إلا بعد القضاء على الثورة الدوناتية وثورة الدوارين، ولكنها لم تنعم بسعادة الاستقرار وبحبوحة العيش في بلاد تامازغا بسبب اندلاع الثورات والفتن والقلاقل الأمازيغية في كل ربوع الممالك البربرية. ومن أهم المقاومات التي عكرت الصفو على المحتل الروماني مقاومة فيرموس التي كانت أشد ضراوة ، وكانت من الأسباب غير المباشرة التي ساهمت في زوال الإمبراطورية الرومانية وانقراضها ، كما كانت من الأسباب التي جعلت الأمازيغيين يتراجعون عن المسيحية التي لم تحقق لهم مطالبهم السياسية والاجتماعية، ولم تحمهم من بطش الرومان وقهرهم وتجبرهم في الأرض. هذا ما جعل المقاوم الأمازيغي فيرموس يشعل نار الثورة على الوجود اللاتيني ، وذلك بتوحيد الأمازيغيين ونشر الفتن والاضطرابات داخل مناطق خط الليمس من أجل الاستقلال ونيل الحرية وتحقيق الهوية والكينونة الأمازيغية.
وسنحاول في هذه الدراسة أن نقدم قدر الإمكان تصورا عاما حول سيرة فيرموس وطبيعة مقاومته وتطورات ثورته العسكرية ونتائجها القريبة والبعيدة.




من هو فيرموس؟

ولد فيرموسfIRMUS الأمازيغي في شمال أفريقيا وبالضبط في نوميديا( الجزائر). وهو ابن رجل موري أفريقي مسيحي اسمه نوبيل ، وكان فيرموس شابا فتيا بالغا فضلا عن كونه قائدا شجاعا احتك كثيرا بالجيش الروماني، وتعرف عن قرب عن مؤهلاته القتالية والهجومية والدفاعية. وتعني كلمة فيرموس في الإيطالية القوي الشجاع. وكان لفيرموس أخوان هما: جيلدون Gildon الذي عينه قائدا في جيشه، وسماك Sammmaque الذي أعدمه فيرموس؛ لكونه جاسوسا وحليفا للرومان وخائنا لبلده.
ومن ثم، فقد تخلى فيرموس عن جنسيته الرومانية ليخدم وطنه ويدافع عن الكينونة الأمازيغية والهوية البربرية. واستطاع بمقاومته الشرسة أن يسحق الجيوش الرومانية خلال عامين متواليين منذ 369 م. ولكن أخاه جيلدون باعه للرومان، فقتل فيرموس سنة 375م.

[b] تطور مقاومة فيرموس
لم تظهر ثورة فيرموس الأمازيغي إلا بعد تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية، وتمادي القوات الرومانية في استعمال الشطط والتعسف ، ونهج سياسة الاستغلال والنهب والسيطرة على كل خيرات الأمازيغيين وممتلكاتهم، وطرد الضعفاء والفقراء والمعدمين خارج خط الليمس، وتتبع المقاومين بالتنكيل واستخدام القوة. فقامت القوات الإيطالية بتشتيت الحركة الدوناتية والقضاء على ثورة الدوارين الاجتماعية. وأعدت كل قواتها للتدخل السريع لمجابهة الأفكار التحررية والثورات الانقلابية التي تطالب بطرد الرومان ومحاربة القوات الغازية:" وأحس الرومان بمفعول هذه المبادئ الثورية في عقول الأهالي، فراحوا يضطهدونهم ويعذبون كل من سولت له نفسه أن ينتحل المسيحية دينا، فساءت الحالة السياسية في البلاد، ومما زاد في الطين بلة اضطراب الحالة الاقتصادية وهبوط مستوى المعيشة تبعا لتعدد القلاقل واضطهاد الأهالي الآمنين. ولم يلبث الإمبراطور قسطنطين أن يتفطن لخطورة الموقف، فيوطد العزم على جعل حد لتلك الحالة المنكرة، ويعتنق الدين المسيحي هو نفسه، وتصبح بذلك للديانة المسيحية صبغة رسمية".
ولكن الأمازيغيين لم يستفيدوا من مبادئ الدين المسيحي الجديد بسبب الظلم الذي نهجه الجيش الروماني تجاه سكان تامازغا عن طريق استعبادهم وتذليلهم واستغلال ثروات الأمازيغ وخيراتهم، كما أنهم مارسوا عليهم الظلم والبطش باسم المسيحية وقانون السلام الذي كان يدعو إليه الإمبراطور قسطنطين. فكانت النتيجة الطبيعية لهذا الاستلاب الديني ولهذا الحيف الكبير، أن ارتد الأمازيغيون عن المسيحية لينضموا بعد ذلك إلى صفوف جيش فيرموس الذي أعلن تمرده عن العاصمة المركزية ، وحمل السلاح في وجه الجيش الروماني من خلال التشبث بالهوية الأمازيغية والدفاع عن اللغة المحلية والكتابة البونية ومحاربة سياسة المسخ والرومنة.
وهكذا نجد أن الإمبراطور الروماني لم يهتد فعلا إلى " مواطن الداء من ذلك الجسد المريض، ولم يعمل على التخفيف مما كان يعانيه الأهالي من آلام وأسقام، فبقيت حالتهم المادية والاجتماعية كما كانت، وظل الرومان يسخرونهم لمصالحهم الشخصية... وبعد الصبر الجميل تطير حمية البربر، فيعرضون عن الديانة المسيحية التي كانوا يرجون من ورائها قبل ذلك تحقيق مطالبهم السياسية، ولم تلبث أن تنتشر الفتنة في طول البلاد وعرضها على يد الزعيم فيرموس...الذي راح يجوب البلاد طولا وعرضا لإحياء ضمائر المواطنين، ويتولى بنفسه تنظيم المظاهرات ضد روما التي أرادت أن تبتلع شعبا أمازيغيا بأسره وتقضي على شخصيته وآماله.".
هذا، وقد قام فيرموس بتوحيد الأمازيغيين وجمع شمل القبائل والعشائر واسترضاء ساكنة الولايات والممالك الأمازيغية في شمال أفريقيا لتكوين جيش أمازيغي موحد يستطيع من خلاله القائد فيرموس التصدي للقوات الرومانية ومجابهة الاحتلال اللاتيني.
ولم تظهر مقاومة فيرموس في الحقيقة إلا بعد موت قسطنطين الأكبر وانشقاق الكنيسة المسيحية داخل الإمبراطورية الرومانية بصفة عامة ونوميديا بصفة خاصة. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ إبراهيم حركات:"وقد اشتهر قسطنطين الأكبر بعدالته وحزمه إلى جانب تسامحه الديني، حيث أباح للناس اعتناق المسيحية بمحض إرادتهم. بيد أن أسقف نوميديا حاول الاستقلال عن الكنيسة الرومانية. وهكذا بدأ الانشقاق داخل الأوساط المسيحية في وقت مبكر من تاريخ المومنين" بالثالوث".
وماكاد يموت قسطنطين الأكبر، حتى نشبت ثورات خطيرة داخل الشمال الأفريقي، حتى إن ثائرا من الجزائر سحق جيوش الرومان خلال عامين متوالين منذ سنة 369م، وهذا الثائر هو فيرموس الذي تخلى عن الجنسية لصالح وطنه."
زد على ذلك أن ثورة فيرموس استمالت الدوناتيين المناهضين للحكم الروماني والكارهين للكنيسة الإقطاعية، فانضم إليها كذلك الدوارون الذين كانوا يدورون حول مخازن الحبوب لسرقتها من أجل البحث عن لقمة الخبز لتأمين حياتهم. ومن هنا، أصبحت ثورة فيرموس في منطقة نوميديا ثورة قومية أمازيغية كما يذهب إلى ذلك شارل أندري جوليان في كتابه "تاريخ شمال أفريقيا"، أي إن الذين شاركوا في هذه الانتفاضة العسكرية هم مقاومون أمازيغيون من مختلف التيارات والاتجاهات والمذاهب الدينية والاجتماعية، والهدف واحد هو طرد الرومان من تامازغا وقطع الإمدادات التموينية عليهم.
ويقول الأستاذ محمد بوكبوط متحدثا عن هذا السياق التاريخي:" ففي سنة372م ، أدى تدخل قائد إفريقيا في النزاع بين أبناء أمير الحلف الخماسي إلى ثورة أحدهم وهو فيرموس معلنا الحرب ضد الرومان، فانضم إليه الدوناتيون والدوارون، فكانت ثورة اجتماعية قومية تحررية، إذ كانت زعامتها وقاعدتها أمازيغية، ولم تكتف قواتها بالإغارة على الضياع كما كان الشأن مع الدوارين، بل نجدها تستولي على شرشال عاصمة ولاية القيصرية وإيكوسيوم ( الجزائر)، كما دحرت الجيوش الرومانية في عدة معارك."
وبعد أن سيطر فيرموس على شرشال والجزائر ومنطقة بومرداس، أعلن هذا القائد الشجاع ثورته رسميا سنة372م على حكومة روما، فامتدت نيرانها من شرشال غربا إلى سطيف شرقا. وكانت رد الفعل الروماني أن يضرب فيرموس بأخيه القائد جيلدون Gildon ، بعد أن أغرته روما بعدة امتيازات ترابية ووعدته بجوائز وغنائم كثيرة في حالة الانتصار على أخيه فيرموس والتصدي بالقوة للدوناتيين والدوارين المتحالفين مع أخيه.
وهنا نفهم جيدا بأن الرومان كانوا دائما عاجزين عن مواجهة القوات الأمازيغية بطريقة مباشرة ووجها لوجه، فكانوا دائما يضربون الأمازيغيين بالأمازيغيين، ولا يدخلون الحرب إلا بعد استنزاف القوات البربرية وتعب الجيوش المحلية وتشتت الجهود واشتعال الفتن والإحن والأحقاد بين ساكنة تامازغا. وبالتالي، يسهل على القوات الرومانية احتلال البلاد والسيطرة عليها وتطويق حركاتها التمردية، فيبدأون في التعذيب وإعدام الثوار والقواد والزعماء والتنكيل بالسكان وإحداث المجازر في حق النساء والشيوخ والصغار.
ويذهب محمد بوكبوط إلى أنه على الرغم من " إرسال إمدادات عسكرية لم يستطع الرومان إخماد الثورة إلا بشراء ضمائر بعض قواد فيرموس، باستغلال ثغرة أطماع أخيه جيلدون، فتآمر معهم ضد أخيه الذي انتحر سنة375م، مما أدى إلى تفكك حلف الثوار وتسهيل مهمة الرومان، فشنوا حربا لاهوادة فيها ضد الدوناتيين باعتبارهم محرضي الثوار، لكن النتيجة كانت عكس ما سعى إليه الرومان، إذ تجذرت الدوناتية في أوساط الأمازيغ تعبيرا منهم على الإصرار على التمسك بهويتهم والحفاظ على كينونتهم المتميزة عن المحتلين الرومان، ومن ثم كانت الدوناتية رد فعل مذهبي واجتماعي من جانب الأمازيغ ضد القوالب الفكرية والدينية التي كانت تسعى مؤسسات الاحتلال دولة وكنيسة صهر الأمازيغ فيها لاحتوائهم وطمس هويتهم".
وبعد أن أخمدت ثورة فيرموس من قبل القائد ثيوديسوسThéodose l’Ancien الروماني، عين جيلدون قائدا لنوميديا العسكرية سنة386م. لكن جيلدون لم يرتح للرومان ولنواياهم الخبيثة ، فأعلن بدوره الحرب على روما وقطع عليها إمدادات الحبوب والمؤن الزراعية، كما وزع أملاك الإمبراطور وممتلكات الملاكين الكبار على الفلاحين الأمازيغيين والفقراء النوميديين.
ولكن الحكومة الرومانية لم ترض بهذا الواقع المر الذي كاد أن يعرضها للفناء والزوال عندما أقدم جيلدون على منع السفن من شحن الحبوب والثروات إلى العاصمة الرومانية، فأرسلت روما قواتها لتضرب نوميديا بالنار والحديد انتقاما من الجماهير الأمازيغية الثائرة، فارتكبت مجازر دامية في حق الأمازيغيين والثوار المنتفضين، فكان المآل أن قتل جيلدون من قبل أخيه مكزيزيل على غرار موتة أخيه فيرموس.
ولكن المقاومة الدوناتية بقيت مستمرة صامدة تعزف على إيقاع التحدي والصمود ومجابهة القوى الغازية. إلا أن المعركة ستتخذ طابعا إيديولوجيا عندما استغلت السلطة الرومانية رجال الدين الموالين لها وخاصة القديس أوغسطين لمحاربة الدوناتيين الذين يمثلون الدين الشعبي التحرري الذي كان مناقضا لتوجهات الكنيسة الرسمية التابعة للسلطة الرومانية المركزية. فدخل أوغسطين في صراع مع الشعب الأمازيغي وضد الثوار الدوناتيين والمضطهدين ، فاستخدم أسلوب الإبادة والقتل والتعذيب والتنكيل ناهيك عن مسؤوليته التاريخية المباشرة عن انعقاد محاكم التفتيش في نوميديا لمحاسبة الدوناتيين من أجل إرضاء الحكومة الرومانية والعمل على ترجمة نواياها الاستعمارية إلى أفعال إجرامية لتصفية المعارضين الأمازيغيين في أرض الواقع. ومن ثم، فقد كان أوغسطين خائنا للمقاومة الأمازيغية على غرار جيلدون في بداية مشواره العسكري القيادي.
ويقول محمد بوكبوط في هذا الشأن مشيرا إلى اقتراب نهاية الإمبراطورية الرومانية:" ففي بداية القرن الخامس، بلغ التحالف بين المطالب الاجتماعية والحركة الدوناتية حدا استدعى انعقاد مجمع أعلن فيه القديس أغسطين الدوناتية بدعة منافسة لقوانين الإمبراطورية، فمورس اضطهاد وحشي على الأمازيغ بتنظيم ما يشبه محاكم التفتيش، مما دفع أعدادا هائلة إلى إنكار اعتناقها تقية، فاختفت بذلك مظاهرها الخارجية، لكن نيران الثورة الاجتماعية ظلت مستمرة.
ودون الخوض في تطورات الأحداث يكفي القول: إن الولايات الرومانية تميزت أوضاعها بغليان يتفجر بين الفينة والأخرى في شكل ثورات عارمة، تداخلت فيها العوامل الاجتماعية والدينية والقومية، مساهمة في إفلاس النظام الروماني وعجزه عن صد الزحف الوندالي، الذي وضع حدا لقرون من الاحتلال الروماني.".
ولا يمكن لنا أن نعتبر مقاومة فيرموس كما يقول الدارسون الغربيون الموالون للثقافة الرومانية بأنها محاولة اغتصاب وتمرد وعصيان هدفها الخروج عن القوانين الرومانية من قبل حاكم محلي طائش، بل هي ثورة تحررية مشروعة الغرض منها إحقاق الحق وإبطال الباطل والتصدي للغزاة الظالمين الذين قدموا إلى شمال أفريقيا لاستنزافها وتجويع أهلها وتركيع سكانها الأحرار الذين لايرضون بالضيم والذل والعار.
وقد عمل فيرموس طول مقاومته على تحرير العبيد في مدن نوميديا: متيدجة وتيبازة وشرشال وإيكوزيوم، وبذلك كانت ثورته التحررية الاجتماعية والقومية تشبه ثورة القائد سبارتاكوس Spartacus الذي حرر عبيد روما، وجند مائة ألف منهم لمقاومة الحكومة الرومانية في71 قبل الميلاد، فاستمر الصراع بين الفريقين المتحاربين سنتين متواليتين إلى أن قضى عليها القائد الروماني كراسوس.
ولانتفق مع هؤلاء الدارسين الذين يذهبون إلى أن الصراع العائلي بين فيرموس و أخيه جلدون مرجعه الصراع القبلي بين العشائر الأمازيغية، ولا يمكن أن تكون المغالاة في الضرائب السبب المباشر في ثورة السكان المحليين ضد الهيمنة الرومانية، بل إن السبب في الصراع الأخوي كان وراءه الرومان الذين أوعزوا إلى جلدون بمقاتلة أخيه فيرموس مقابل امتيازات إمبراطورية عدة وتأهيله حاكما على ولايات نوميديا، بيد أن الرومان سخروا منه وبدأوا يعدون له العدة للقضاء عليه نهائيا؛ مما دفع جيلدون للثورة على الحكومة الرومانية والغضب عليها أشد الغضب. أما سبب تمرد الأمازيغيين عن الرومان فيعود إلى سياستهم العدائية والعنصرية وإظهار أهدافهم التوسعية في شمال أفريقيا ببناء خط الليمس عن طريق إبادتهم لساكنة تامزغا والسعي لاستغلال ثروات وممتلكات الشعب الأمازيغي الحر.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

موضوع حول ثورة فرموس وجيلدون

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

مطلوب كتاب ليل الاستعمار لفرحات عباس

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

سلام الله عليكم
سمعت مؤخرا بحكم شغلي
أن شابة أديبة من ولاية بومرداس قد قامت بكتابة ملحمة مسرحية عن القائد الأمازيغي فيرموس
وأظنها من مدينة بودواو


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

هذا الفيرموس من اى قبائل البربر هو ؟؟؟؟؟؟؟

اذا كان بربرى اصلا

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة allamallamallam
هذا الفيرموس من اى قبائل البربر هو ؟؟؟؟؟؟؟

اذا كان بربرى اصلا

تود لو تجعله من بني هلال او بني معقل او بنو سليم ,,,,,,,,,,نعم هو من بنو هلال لان جده كان اول النازحين الى الجزائر قبل قرون ثم لحق به الغوغائي ابو زيد
الهلالي