عنوان الموضوع : قصة اغتيال قاصدي مرباح اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
الرجل الأكثر اطلاعا في الجزائر“
هكذا كان يسمى وكان كذلك فعلا.
بعد القضاء على بوضياف كان قاصدي مرباح متأكدا أنه على قائمة الأشخاص المزمع قتلهم. وكيف لا؟ والعربي بلخير نفسه كلف اسماعيل العماري
بعد اغتيال الرئيس بأن يتحدث إلى “سي مرباح” لإقناعه بالابتعاد عن السياسة مقابل منصب في الخارج يناله حسب اختياره.
ويعتبر ذلك بمثابة تقاعد مريح كما وصفه اسماعيل العماري في محاولته إقناع رئيسه السابق قاصدي مرباح. وقد فوجئ هذا الأخير باغتيال صديقه “سي محمد” وبهذه الخسارة انهار مشروع مجتمع كما ينهار قصر من ورق. وشعر بمرارة شديدة بعد تصفية العناصر الذين قام شخصيا بتوصيتهم للرئيس بوضياف لمساعدته في حملته لتطهير الساحة السياسية.
كما شعر بإحباط كبير عندما تعرض المحامي أ. حبيب (عضو ناشط في حزب “مجد” والذي كلفه هو نفسه الدفاع عن 82 ضابط صف كان قد وضَعهم القاضي أ.
سايح تحت التحقيق في قضية اغتيال بوضياف، تعرض للضرب والتهديد بالموت إذا لم ينسحب من القضية. وكانت الرسالة الموجهة إليه واضحة تماما، ذلك أن العربي بلخير لم يكن يريد أن يوجد سيد آخر يحكم الجزائر إلى جانبه. فلا شيئ ولا أحد يمكنه أن يخل بالخطة التي وضعها مع توفيق واسماعيل. ويعود الصراع بين قاصدي مرباح والعربي بلخير إلى عهد بعيد.
ولما كان هذا الأخير مديرا للمدرسة الوطنية للمهندسين والتقنيين الجزائريين تم الإعلام عنه لدى الإدارة المركزية للأمن العسكري من طرف رئيس مكتب الأمن في المدرسة واتهمه بابتزاز الأموال العامة، حيث أن بلخير اقتطع مبالغ ضخمة من ميزانية المدرسة
لبناء فيلات راقية جدا في منطقة عين طاية. وقام فريق من ضباط المصالح المالية أرسلهم قاصدي مرباح بتحديد الوقائع وإثبات الجرم.
وتم تحويل ملف بلخير إلى العدالة العسكرية مع ملاحظة شخصية من قاصدي مرباح: يجب حذفه من قائمة أفراد الجيش الوطني الشعبي. ولكن ومرة أخرى فإن التعاضد بين قدامى الجيش الفرنسي أنقذ العربي بلخير، وأصدر الشاذلي بن جديد أمرا بإيقاف الإجراءات ضده وعينه في الرئاسة.
وأصبح الرجلان مرباح وبلخير يلتقيان بانتظام في مقر رئاسة الجمهورية. وكان مرباح يعرف هذا الشخص جيدا بأنه لا يستحق الاحترام ويعتبره خطأ من أخطاء النظام. بينما العربي بلخير كان يكثر من الانحناءات ويحاول أن لا يظهر كثيرا متجنبا مرباح. وفي آن واحد كان يبذل كل ما في وسعه لإخراج هذا الأخير من دائرة السلطة. وقام بهذا العمل مرحلة بعد مرحلة أولا بإخراجه من اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني ثم من وزارة الدفاع وبعدها من الحكومة نفسها. وعلى إثر أحداث 5 أكتوبر 1988
التي شعر الشاذلي بأنها تجاوزته وأنه لم يعد يعرف ما هو المخرج منها، ونظرا لسمعة النزاهة التي كان قاصدي مرباح يتمتع بها لدى الجزائريين، قام العربي بلخير بإقناع الشاذلي بن جديد بتعيين قاصدي مرباح على رأس الحكومة لمواجهة الظرف في 5 نوفمبر 1988
حيث كان الأمر العاجل هو تهدئة خواطر الناس.
وأعاد تعيين مرباح على رأس الحكومة بعض الأمل للشعب الذي كان يرى فيه الرجل الذي ينقذ اقتصاد البلد الذي أصابته الأزمة العالمية لعام 1986
والتي يريد من الشعب أن يضعها وراء ظهره. وأراد مرباح خلال فترة حكمه أن يطبق إصلاحات حازمة جدا، وأقنع الشاذلي بضرورة إجراء تغيير جذري في أسلوب الحكم. ورغم أن الشاذلي أوجس في نفسه خيفة فلم تكن له الخيرة. وهكذا استطاع مرباح أن يغير الدستور ليفسح المجال للتعددية الحزبية ويسحب الجيش من السياسة للمرة الأولى منذ الإستقلال، كما ألغى محكمة أمن الدولة.
وبلغت العداوة بين العربي بلخير وقاصدي مرباح ذروتها في صيف عام 1989، وبلغت خلافاتهم نقطة اللاعودة.
كان مرباح يستهدف “جرذان النظام “ (هكذا كان يسمي أولئـك اللصوص) لتطهير الاقتصاد الوطني
وكان بلخير أحد المستهدفين الرئيسيين. وأصبحت المشاجرات بين الرجلين أمرا معتادا بل حدث أن رفض بلخير أن منع مرباح من مقابلة الشاذلي لتصريف شؤون الدولة.
ولكن مرباح لم يسكت عن ذلك بل وبخّ بلخير
الذي كثيرا ما لجأ إلى زوجة الرئيس الشاذلي ليشتكي له, وهذا فإن رئيس ديوان الرئيس كان يلعب على كل الحبال ولم يتردد في الاستعانة بـ “حليمة بن جديد” إذا اقتضى الأمر لإقناع زوجها الشاذلي، وكان بلخير مقابل ذلك يظهر لها كل العناية. وفي نهاية شهر أغسطس(أوت) 1989، قرر بلخير أن يتخلص من رئيس الحكومة
وساعدته على ذلك حليمة بن جديد التي قامت بتحذير الشاذلي من “التصرفات الطموحة” البادرة من قاصدي مرباح.
وقام بلخير من جهته في مكتب الرئاسة بنفس الشيئ، مستندا إلى تقارير المصالح الأمنية. وأشارت بعض هذه التقارير إلى صيحات التأييد لمرباح في الملاعب الرياضية والتي تقول: “مرباح الرئيس”.
وفي مساء 9 سبتمبر1989، توجه بلخير مرفوقا بمحمد مدين (توفيق) إلى الإقامة الرئاسية للشاذلي بن جديد في زرالدة لإخباره بقرب وقوع انقلاب عسكري بتدبير من قاصدي مرباح. وما كان من الشاذلي الذي انتابه الخوف واشتد عليه كعادته في الظروف الصعبة إلا أن أعطى كامل الصلاحيات للعربي بلخير لمواجهة هذا الخطر.
وفي المساء نفسه وبدون تضييع وقت أعلنت حالة الطوارئ في الجيش من الدرجة “الأولى” وأخبر بلخير حمروش وشكره على إخلاصه.
وفي العاشر من سبتمبر 1989، منع قاصدي مرباح من الدخول إلى مكتبه في مقر الحكومة. فذهب منزعجا جدا إلى الرئاسة لمناقشة الطابع غير القانوني لما قام به الشاذلي بن جديد الذي رفض أن يستقبله.
وكان بلخير هو الذي تحدث إليه وطلب منه باتسامة عريضة على وجهه أن يتقدم بطلبه للتقاعد.
وهكذا ضرب العربي بلخير بحجر واحد عصافير عديدة: أنهى وجود مرباح السياسي وأبعد حمروش الذي اعتقد فيه الخيانة (أي التواطئ مع مرباح)
وأفلح بالخصوص في جعل الشاذلي يوقع أمرا رئاسيا أنهى به عمل العشرات من الضباط الرفيعي المستوى المنتمين للتيار الوطني.
وبعد فترة من الزمن، انهالت على وزارة الدفاع الوطني موجة من القرارات الصادرة من الرئاسة بهدف إجراء تغييرات في صفوف الجيش، وكان نزار يحتل المنصب لتنفيذها.
و لما جاء الرئيس بوضياف التقى مصير الرجلين مرة أخرى حيث أن العربي بلخير وزير الداخلية، عين الجنرال حسين بلجلطي المدعو عبد الرزاق في منصب المسؤول عن شؤون الأمن في الرئاسة، فأخبره هذا الأخير بالاتصالات الجارية بين بوضياف ومرباح. ومنذ ذلك الحين كانت هذه العلاقة تحت الرقابة إلى أن تمت تصفية بوضياف.
ولم يكن بلخير يطيق مرباح وكان غاضبا عليه منذ أن وقعت يده على تقرير من ثلاثمائة صفحة يتعلق بالفساد كان قد وجده في مكتب الرئيس بوضياف يوم اغتياله.
وفي هذا التقرير، خُصص جزء كبير منه للمافيا”الساسية ــ المالية”وتشعباتها الدولية وعلى رأسها رجل اسمه العربي بلخير. وفي نهاية العام 1992 أخذت الأحداث مجرى خطيرا حتى أن كل المراقبين للمشهد الجزائري رأوا فيها بوادر مأساة ذات عواقب وخيمة. وغدا المخرج من المأزق بالنسبة لعقلاء السياسة الجزائرية مطلبا حيويا لضمان مستقبل الجزائر نفسه. وأن ثقافة العنف لا يمكن إلا أن تولد الفوضى، ولا مخرج إلا مخرج واحد وهو سياسي.
وفي منتصف ديسمبر 1992، حضر رجل إلى مكاتب حزب “مجد” في بوزريعة بأعالي العاصمة الجزائرية وطلب مقابلة السيد قاصدي مرباح. وطلب منه موظف مكتب الاستقبال أن يرتب معه موعدا. ولكن الرجل أصر بلهجة حادة وأكد للموظف أن الأمر مستعجل جدا وهام جدا في آن واحد. وأخرج وثيقة عليها طابع لحزب الجبهة الاسلامية للإنقاذ لم يجف بعد، وهي أمر بمهمة وقعه عبد الرزاق رجام. فطلب منه الموظف أن ينتظر في قاعة الجلوس.
وبعد لحظات استقبل قاصدي مبعوث المجاهدين بعد إجراء الترتيبات الأمنية المعتادة، وأخبره هذا الأخير عن هدف زيارته، ولكن مرباح وهو الرجل الحذر بطبيعته طلب من محدثه أن يرتب له مقابلة مع مسؤولي الحزب. وبعد أسبوع من ذلك، نظمت مقابلة في شقة غير بعيد عن العاصمة ولم يؤتمن بسر هذه المقابلة سوى قلة من الناس المقربين والأوفياء الذين كلفهم مرباح بالحرص على حسن سير اللقاء. وفي هذا الاجتماع، أكد مسؤولو الجبهة الإسلامية للإنقاذ منذ البداية رغبتهم في إيجاد حل سريع للأزمة
وأوضحوا أن العنف ليس سوى رد على القمع العنيف، وأن تأزم الوضع قد يستغله الراديكاليون في المعسكرين. وحذر محمد السعيد قاصدي مرباح من عواقب الإطالة في الصراع لأن الشعب سيكون الخاسر الوحيد.
وحرص قاصدي مرباح على شكر المسؤولين الإثنين للجبهة الأسلامية للإنقاذ للثقة التي منحاها إياه، وبعد نقاش طويل، وعدهما ببذل كل ما هو ممكن لإيجاد حل سياسي للأزمة وجعل العسكر يثوبون إلى رشدهم.
وفي نهاية المقابلة، عين المسؤولان لقاصدي مرباح شخصية ذات صلاحية وقريبة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومستقرة في سويسرا يمكنه التعامل معها بكل ثقة وبكل أمان خاصة. ومن دون طول انتظار اتصل قاصدي مرباح في اليوم الموالي هاتفيا بمكتب وزير الدفاع لترتيب موعد مع خالد نزار.
وهذا الأخير لا يكن أي ود للرئيس السابق للأمن العسكري وذلك لأنه لما أصبح سابقا بعد إدارة الأمن العسكري، الكاتب العام لوزارة الدفاع الوطني في عهد الشاذلي، اقترحه (أي نزار) للتقاعد المبكر ضمن قائمة من الضباط الآخرين. وكانت هذه العملية تدخل في إطار إعادة هيكلة الجيش الوطني الشعبي. فبات كثير من الضباط السابقين في الجيش الفرنسي تحت المجهر.
وفي الواقع فإن قاصدي مرباح كانت لديه قائمة بحوالي أربعمائة ضابط أتوا كلهم من الجيش الفرنسي وكان يريد إبعادهم من الجيش الوطني الشعبي، لأنه يعتقد بأن الجيش الجزائري كوّن ضباطه الجدد ويمكنه آنذاك التخلص من قدامى الجيش الفرنسي.
لكنه لم يقرأ حسابا للتحالفات التي تشكلت بين الضباط القادمين من الجيش الفرنسي، حيث أنهم تجمعوا حول العربي بلخير والشاذلي بن جديد الذي أقدم على إقالة الكاتب العام لوزارة الدفاع. ومنذ ذلك الحين بذل قدامى الجيش الفرنسي قصارى جهدهم للإمساك بزمام الجيش الوطني الشعبي، وللأسف استطاعوا أن يفعلوا ذلك. وبما أن خالد نزار حقود جدا فإنه -إظهارا لسلطته- حدد موعدا لقاصدي مرباح حسب هواه متجاهلا الطابع المستعجل لمطلب هذا الأخير، ومن نافلة القول أن نذكر بأن خالد نزار أخبر العربي بلخير وتوفيق بهذا الطلب. وفي يوم المقابلة، كان نزار لوحده في مكتبه بوزارة الدفاع وقام رئيس التشريفات التابع له بإدخال قاصدي مرباح إلى المكتب ولم يضيع رئيس الأمن العسكري السابق وقته وإنما قدّم عرضا قصيرا لتقييمه للأمور, ثم دخل في صلب الموضوع بإخبار نزار بالمهمة واقترح عليه خطّة لتسوية الأزمة تتكون من خمس نقاط:
ــ رفع حالة الطوارئ
ــ تعيين حكومة وحدة وطنية
ــ إغلاق محتشدات الاعتقال وإطلاق سراح السجناء
ــ إعادة الإعتبار للجبهة الإسلامية للإنقاذ
ــ تنظيم انتخابات في أقرب الآجال المعقولة
وكان خالد نزار مشدوها من شدة ما فوجئ به
ولم يستطع أن يستوعب جرأة قاصدي مرباح في الإقدام على مثل هذا، والتحدث إليه في مكتبه عن الطريقة التي يجب تسيير البلاد بها. ولاشك أن نزار أخذ على حين غفلة ولم يرد الالتزام بأي شيئ وحافظ على قواعد اللباقة
ووعد مرباح بأن يدرس المسألة مع كامل هيئة الأركان.
وعندما رافق مرباح إلى باب الخروج من مكتبه نصحه بإلحاح
بإن لا يخبر أحدا باتصالاته بالجهة المعاكسة. واتصل خالد نزار مباشرة بعد ذلك بالعربي بلخير لإعلامه باتصالات مرباح مع القيادة السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ.
فرد عليه العربي بلخير بلهجة حادة وطلب منه أن يجد حلا بأسرع وقت، فالعربي بلخير لا يقبل أي هفوات تصدر من القيادة في مثل هذه الظروف الحرجة. وفي اليوم القابل في 3يناير (جانفي) 1993، عقدت قمة جمعت الجنرالات محمد مدين (توفيق)
ومحمد تواتي ومحمد العماري وعبد المالك قنايزية واسماعيل العماري في مقر إقامة تابعة للدولة في نادي الصنوبر. وبلهجة تهكمية أخبر نزار الجنرالات بالاقتراحات التي تقدم بها قاصدي مرباح. ولم يتمالك عن شتم هذا الرجل الذي حسب رأيه له علاقات مشبوهة بأشخاص خارجين عن القانون ومطاردين من مصالح الأمن. وخاطب الجنرال توفيق خلال الجلسة ليقول له :” يجب مراقبة هذا الرجل من قريب ويجب أن لا يفلت”!
ثم وكأن الجنرال تواتي أراد التهدئة من خاطره (أي نزار) تدخل ليقول:” التحادث مع الإسلاميين الآن لا ينفع أبدا على أية حال،
بل إنهم سيفهمونه هذا تراجع وسيتقوى جانبهم كما في يونيو (جوان) 1991. وإن أي توقف عن مواصلة استراتيجيتنا قبل التمزيق التام للجهاز التنظيمي للجبهة الإسلامية للإنقاذ فلن يؤدي إلا إلى الانقاص من سلطتنا.
وفي الوقت الحالي فإن هذا الحزب ليس ضعيفا بالدرجة التي تسمح لنا بفرض شروطنا عليه”. وأنهى تواتي حديثه بالتركيز على ضرورة تكثيف القمع لردع أي تمرد ممكن. وبعد تواتي مباشرة اندفع الجنرال توفيق في هجوم عنيف ضد قاصدي مرباح
واتهمه بالتآمر مع الإسلاميين، واشتبه فيه بأنه وراء المعلومات السرية التي تسربت إلى الخارج عن مراكز التعذيب ومراكز الاعتقال السرية والتي نشرتها إحدى النشرات السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ “منبر الجمعة”. وحسب رأيه فإن قاصدي يسعى بكل ما يملك أن ينجز طموحه الخاص في “العودة إلى الحكم”.
وحرص توفيق على أن يذكّر الجنرالات الحاضرين بأن قاصدي مرباح يشكل خطرا دائما يهدد المؤسسة العسكرية خاصة منذ أن ولج في شؤون الدولة مع الرئيس بوضياف.
وسنحت الفرصة لاسماعيل العماري ليلاحظ أن قاصدي مرباح يجري اتصالات وثيقة مع ضباط كبار في الخدمة ، ويراهم بشكل منتظم جدا.
وتساءل إذا ما كان قاصدي مرباح يعد لعملية إنقلابية تهدف إلى زعزعة توازن قيادة الجيش الوطني الشعبي.
وحتى يؤكد اسماعيل العماري خطورة المدير السابق للمخابرات العسكرية (قاصدي مرباح) فقد ذكّر بالدور الذي لعبه هذا الأخير عندما كان على رئيسا للحكومة ومساهمته في عملية التطهير التي قام بها بوضياف إلى جانب علاقاته مع شخصيات مدنية مؤثرة، وأبرز بشكل خاص أهمية الملفات التي بحوزته، والنسخ التي يحتفظ بها للتقارير التي قدمها إلى بوضياف.
أما الجنرال محمد العماري (وهو بطبيعته هجومي) فلم يتردد في أن يعلن:”لا حوار، ولا مصالحة، ويجب علينا أن نسير في استراتيجيتنا إلى آخر المطاف، وأن نقوم بما يلزم لمنع قاصدي مرباح من استغلال هذه الفرصة والعودة إلى المسرح السياسي “.
في الاجتماع لم يوجد سوى أعداء لقاصدي مرباح مستعدين لقتاله. وفي نهاية هذا اللقاء تم اتخاذ قرار بالإجماع.
وكلّف الجنرالات اسماعيل العماري بمراقبة كل حركات وسكنات قاصدي مرباح من قريب، وكشف أتباعه في صفوف الجيش الوطني الشعبي، ومحاولة تحديد مكان قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والعثور على نسخ صور الملفات التي أخرجها مرباح بشكل غير قانوني من أرشيف الأمن العسكري بأي وسيلة كانت. وبعد بضعة أسابيع، صدرت نشرة المعلومات اليومية من المصالح العلمياتية لإدارة المعلومات السرية عالجت خبرا ذا أهمية قصوى، ووصلت إلى مكتب توفيق مكتوبا عليها: سري جدا / مستعجل جدا، قائلة: “إن قاصدي مرباح التقى بعدة جنرالات منهم الجنرال سعيدي فوضيل والجنرال طواهري محمد بمناسبة حفل زواج..
، وانتقد الجنرالات الحاضرون في هذا اللقاء انتقادا حادا سياسة أركان الجيش في علاج الأزمة”. وهذا ما اعتبرته قيادة الجيش خيانة عظمى. وسريعا خرج توفيق من مكتبه، بعد مكالمة هاتفية قصيرة مع خالد نزار، متوجها إلى وزارة الدفاع، وكان في استقباله لدى وصوله، وزير الدفاع وبرفقته الجنرال محمد تواتي. ومنذ أن علم الجنرال نزار بفحوى نشرة المعلومات السرية، اشتد غضبه على قاصدي مرباح
واعتبره قد قطع حبل الوصل بالمؤسسة العسكرية وبالنظام، ومنذ ذلك الحين أصبح مرباح هو الشخص الذي يتعين القضاء عليه.
وبعد الاتصال بالعربي بلخير عبْر الهاتف اتخذ القرار بهذا الاتجاه بشكل عفوي نوعا ما، ثم وافق عليه محمد تواتي بقوة
وأبلغ نزار بشكل واضح مدير المخابرات قائلا: “سي توفيق، قم بما يلزم”!
والجدير بالملاحظة في تلك الفترة من الزمن هو دخول نزار في مرحلة متقدمة جدا من مرضه ولم يعد يستطع ممارسة مهامه كوزير
وأخذ يعد العدة للذهاب، فبدأ منذ ذلك الوقت الصراع لاستخلافه. وفي رأيه فإن ذلك اللقاء الذي جمع مجموعة من كبار الضباط لم يكن له سوى هدف واحد هو تسلم قيادة الجيش الوطني الشعبي من طرف مجموعة مرباح.
ولم يضيع الجنرال توفيق أي وقت واستعان بــ “سي الحاج” (هكذا يدعى اسماعيل العماري) لإيجاد أسرع وسيلة لـ “فعل ما يلزم”.
ولكن المشكل الأكبر الذي واجه مدبري الجريمة المقبلة هو الحصول على الملفات التي تعرضهم للخطر والتي هي بحوزة قاصدي مرباح.
وهذه الملفات المعروفة بخطورتها هي صور طبق الأصل للتقارير الأمنية المتعلقة بالأغنياء الجدد في الجيش: أرقام حساباتهم البنكية في الخارج وقائمة بالأسماء ومراجع الملفات الخطيرة على اسطوانات تحرزا من ضياع وثائق الإثبات من مركز الأرشيف لمديرية المعلومات السرية مركز الحوّاس في بني مسوس
إلى جانب ملف ضخم حول تحركات قدامى الجيش الفرنسي داخل الجيش الوطني الشعبي. وقرر توفيق واسماعيل بضرورة اختراق تنظيم قاصدي مرباح بدلا من الاعتماد على التنصت على هاتفه لأنهما يعلمان جيدا أن ذلك لا ينفع مع شخص دقيق محترف جدا مثل مرباح. واستطاعا استخدام عنصر عضو في داخل الحزب نفسه. وسمي هذا العميل السري المخترق برمز “إكس ــ زاد”.
وكان هذا العميل تحت اشراف ضابط مواضب مخصص له وكانت الاتصالات بينهما شبه يومية. وهكذا استطاع هذا العميل أن يبلغ عن معلومة خطيرة جدا لهذا الضابط المخصص وكانت لها عواقب خطيرة على مجرى الأحداث الآتية. وحسب ما ورد عن العميل “إكس ــ زاد”، فإن قاصدي مرباح قد سلم في السر ملفات إلى مناضل في حزب “مجد” وإن هذه الملفات لم تكن ضمن البريد المعتاد للحزب ذلك أن ذلك المناضل خرج مسرعا من مكتب مرباح لتسليم تلك الملفات في مكان ما.
وقامت المصالح العلماتية لإدارة المعلومات السرية بتحقيق سريع لتعلم أن الشخص المعني سوى عميل سابق للمخابرات العسكرية وهو من الأوفياء لقاصدي مرباح ويعمل في آن واحد في صحيفة الجزائر الأحداث “. وبعد المتابعة والمراقبة لهذا المناضل في حزب “مجد”، تمّ التعرف على شخصية قريبة من دوائر السلطة ألا وهي محمد بوخبزة وهو أخصائي في علم الإجتماع والذي ساند إيقاف المسار الانتخابي في 21 جانفي (يناير) 1992 ثم تراجع لينطوي على نفسه ويبتعد عن تلك الدوائر بعد مقتل الرئيس بوضياف في جوان (حزيرن) 1992. وفي تلك الأثناء، تمّ القضاء على مناضل “مجد“ بعد تعذيبه من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) وكأّن ذلك كان بمحض الصدفة. وتوضّحت الصورة، كان بوخبزة عضوا في المجلس الوطني الاستشاري ومدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملةفي القبة. وهذا المركز التابع للرئاسة كلف بتقديم دراسة تقييمية لمستقبل الجزائر(اللجنة 2016).
وهذه اللجنة كان وضعها البروفيسور جيلالي اليابس، وقد اكتشفت بيت الداء الجزائري وفي كل الميادين: الصحة والزراعة والتعليم والمالية والمديونية والمجتمع والفساد. وفيما يخص النقطة الأخيرة (المجتمع والفساد) أخذ جيلالي اليابس على عاتقه أن يوضح من أين جاءت هذه الظاهرة الاجتماعية وبشكل تفصيلي. ووفقا لما قاله فإن الإثراء الفاحش والسريع جدا لإطارات الدولة وخاصة إطارات الجيش الوطني الشعبي كانت له عواقب وخيمة جدا سواء على اقتصاد البلاد أو على شرف المؤسسة العسكرية التي تمثل سلطة البلاد.
وحاول الجنرال حسن بلجلطي المدعو عبد الرزاق
الرجل الظل للعربي بلخير في الرئاسة (إلى يومنا هذا) أن يقنع شخصيا البروفيسور جيلالي اليابس بالعدول عن طرح هذا الموضوع
ذلك أن البلاد في وضعها الحالي لا تزال غير قابلة لذلك،.
ثم جاء دور اسماعيل العماري ليطلب من البروفيسور جيلالي اليابس أن يسحب لمقطع الخاص بالفساد من دراسته وذلك لأسباب تتعلق بأمن الدولة.
ولكن اليابس رفض ذلك بشكل قاطع مذكرا بأن المعهد تابع لرئاسة الجمهورية وليس لوزارة الدفاع. وحكى البروفيسور قصة مشاكله لصديقه محمد بوخبزة.
ثم تمت تصفية جيلالي اليابس بشكل مهني جدا باغتيال من طرف مجموعة من “الجيا” في 16 مارس 1993.
ولما ظهر بوخبزة على مسرح الأحداث مع قاصدي مرباح، سرعان ما انتبه الجنرالان اسماعيل وتوفيق إلى العلاقة بالموضوع
واتضحت لهما المؤامرة على قاصدي مرباح هو الذي يمسك بالخيوط. ولكن ما جعل الوضع أشد خطورة
وهو عناد محمد بوخبزة مثل صديقه جيلالي اليابس بل أكثر من ذلك شجاعته التي اكتسبها كغيره من شخصيات سياسية عديدة بعد اغتيال الرئيس بوضياف.
وقد ذهب بوخبزة بعيدا إلى حد المطالبة بتكوين لجنة وطنية للتحقيق ومحاكمة المسؤلين عن المديونية الجزائرية واسترجاع الأموال والممتلكات المسروقة.
ولكنه أخطأ بأن صرح بأن الأدلة متوفرة. وغدا بوخبزة تحت المراقبة من دون أن يعلم وكان مسؤولو مديرية المعلومات السرية
يعلمون أنه كان على أهبة الخروج من البلاد فقرروا أن يتحركوا سريعا.
وفي بداية شهر جوان (حزيران) تم استدعاء قاصدي مرباح إلى وزارة الدفاع، وخلال حديثه مع خالد نزار أخبره هذا الأخير أن ليامين زروال سيخلفه وأنه يستطيع الحديث إليه عن اقتراحات الجبهة الإسلامية للإنقاذ موضحا له أن الأغلبية ضد مثل هذا المشروع.
وتحدث خالد نزار للمرة الأخيرة إلى ضيفه حول ما ينوي فعله هل يريد أن يبقى في المعارضة العقيمة في حين أنه من صالحه أن يدخل في كنف النظام ليعود مستقبلا إلى مقدمة الساحة متحملا مسؤوليات أكبر أهمية.
ورد عليه قاصدي مرباح من دون تردد أن النظام انتهى زمنه، وأن هيئة الأركان إذا رفضت اليد الممدودة إليها فإن الجزائر ستصطدم بالحائط مباشرة.
وقال أن أغلبية الجزائريين لم يعودوا يقبلون بسياسة الترقيع. وكان نقاشهما حادا في جو مشحون.
وأنهى نزار هذا النقاش بأسلوب إيحائي حيث قال أن بعض الأشخاص المتنفّذين غير فرحين ولن يقبلوا بالسيف يتهددهم فوق رؤوسهم. تحدث قاصدي مرباح عن الفساد الذي ينخر جسد الجزائر. وردا على أسئلة نزار
حدثه عن مضاعفة أنبوب الغاز تجاه إيطاليا وعن الأشخاص الحقيقيين الذين تلقوا 22 مليون دولار بعد أن تسلمها رسميا الوسيط الملقب بـ “عمر يحيى” ثم ذكر له اختفاء مليار دولار من خلال صفقة وهمية عقدها نيابة عن الجزائر عبد العزيز خلاف مع رجل أعمال إسباني مزعوم (وكانت هذه طريقة قاصدي مرباح في إبلاغ رسالة إلى العراب الكبير العربي بلخير).
وقبل أن يغادر المكان، قال مرباح أنه لا ييأس من أن يثوب الجنرالات إلى رشدهم
حفاظا على مصلحة الجزائر العليا.
وفي 22 جوان (حزيران) 1993، قامت مجموعة كوماندوس من خمسة أفراد باغتيال محمد بوخبزة في شقته (في منزله) بشكل وحشي، بعد أن تعرض لتحقيق “على أكمل وجه” مدعوما بأشنع أنواع التعذيب ثم تم إنهاؤه (على حد تعبير المصطلح الذي تستخدمه الفرقة 195) بالسلاح الأبيض
وتم تفتيش مكتبه ومنزله بشكل دقيق، حيث أن القتلة كانوا يبحثون عن الملفات.
وخرج رئيس مجموعة الكوماندوس عثمان ترتاق من منزل الضحية وبيده وثيقة تدل على التعاون المعقود بين قاصدي مرباح ومحمد بوخبزة حول ملف الفساد في الجيش الجزائري، ولكنه لم يجد أي أثر للملفات المذكورة ولا للأدلة التي ذكرها بوخبزة.
وفي نفس اليوم من اغتيال هذا الأخير، كان من المفروض أن يترأس مدير المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة بعد ظهر ذلك اليوم آخر اجتماع للجنة “الجزائر 2016?الذي في ختامه
سيتم تقديم التقرير النهائي بشكل رسمي إلى المجلس الأعلى للدولة.
وظن القتلة أن محمد بوخبزة ستكون معه الوثائق الضرورية لمثل هذه المناسبة
حتى يتمكن من دعم التقرير بها.
وفي نفس اليوم، بعد صدور البيان الرسمي لمصالح الأمن المعلن لاغتيال بوخبزة، أجمعت كل الصحافة على إدانة الإرهاب الإسلامي.
ولم يتساءل إلا قليل من الناس كيف حصل أن اغتيل مديرين اثنين لمعهد الدراسات الإستراتيجية في ظرف أربعة أشهر؟
وفي تلك الأثناء (في بداية شهر جوان) نجا قاصدي مرباح من محاولة اغتيال ضده، ولا أحد يعلم ما إذا كان مدبروها أرادوا أن يوجهوا له رسالة أو إنهم فشلوا في محاولتهم حقا. وعلى الرغم من خطورة الوضع، لم يتخل قاصدي مرباح عن مهمته.
وتحصل على موعد مع وزير الدفاع الجديد (الجنرال ليامين زروال) في 21 جويلية (تموز) 1993.
ولم يستقبل قاصدي مرباح على حدة، بل كان محمد تواتي حاضرا، ذلك أن خالد نزار أعطى تعليمات جازمة بأن لا يترك الوزير الجديد لوحده
مع الأشخاص غير المرغوبين فيهم، ولكن ذلك لم يمنع قاصدي مرباح من أن يعرض وجهة نظره فيما يخص الوسائل الكفيلة بإنهاء الأزمة.
وبما أن زروال تم تعيينه حديثا لم يسعه إلا أن يقدم وعودا لم يف بها أبدا
بل أكثر من ذلك فإنه لما تسلم رئاسة الدولة رسم الجنرالات في عهده الصفحات الأكثر دموية في تاريخ الجزائر.
وفي المجال السياسي، اتصل قاصدي مرباح بالشيخ بوسليماني، الشخصية المؤثرة والمحترمة في أوساط الحركة الإسلامية في منطقة المدية ومع شخصيات إسلامية أخرى في الجزائر وفي الخارج
محاولا رسم طريق السلام. بل إنه خلال مؤتمر صحفي دولي في 41 جويلية (تموز) 1993، وجه نداء إلى مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ لوضع أسلحتهم ومساعدته لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وكان قاصدي مرباح مقتنعا بأن الجنرالات مصمّمون على المضي بمشروعهم الإجرامي إلى النّهاية، وظنّ أنه يستطيع مواجهتهم بجمع أكبر عدد من الناس حول مسعاه. وكان مشروعه الحقيقي هو الإنقلاب على الجنرالات خاصة أولئك القادمين من الجيش الفرنسي وذلك من طرف الشبّان الذين سئموا من الصفقات السرية والانحرافات الإجرامية في الجيش.
وبمساعدة بعض الضباط السامين الذين لازالوا أوفياء لمبادئ ثورة نوفمبر1954
خطّط لاندلاع تمرد لوحدات الجيش في ليلة 13 أكتوبر ـــ أول نوفمبر 1993.
ولكن لم يكن مقدرا لذلك أن يتم.
ذلك أن “الديوان الأسود” (الحكومة السوداء) أمر بإيقاف المئات العديدة من الضباط وصف الضباط، أغلبهم لأسباب غير وجيهة، أو وجهت لهم ظلما تهمة التعاطف مع الإسلاميين.
وتم اغتيال كثير منهم بشكل وحشي أو زج ّبهم في السجن ليكونوا عبرة لبقية العساكر. وهكذا حاول الجنرالات ترويض المؤسسة العسكرية.
وتوجه قاصدي مرباح إلى سويسرا في 41 أوت (أغسطس) 1993 واستطاع مقابلة رجل الاتصال المخول من القيادة السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، بإدارة التحادث مع مسؤولي الجيش. وتتبعت الشرطة السويسرية تحركات قاصدي مرباح .
وتحصل الرائد سمير رئيس مكتب المصالح الأمنية في سفارة الجزائر عن طريق عملاء له على نسخ مصورة للتقارير حول اتصالات مرباح في سويسرا.
وقد حاول مرباح أن يقابل أصدقاء في جنيف (مثل آيت أحمد الذي لم يستطع أن يقابله) وبعد ذلك قرّر أن يرجع إلى الجزائر مساء يوم الجمعة 02 أوت (أغسطس) 1993.
وفي يوم السبت 12 أوت، قامت مجموعة كوماندوس من 51 فردا للفرقة 192 مثقلة بالأسلحة، بالتّمركز على الطريق المؤدي إلى الشاطئ المحاذي للجزائر العاصمة غير بعيد من مفترق الطرق الذي يقع بمحاذاة مقهى “شرقي” في منطقة بومرداس.
وهذا الطريق كان مغلقا سابقا في وجه حركة السير ثم في ذلك اليوم رفع الحاجز اليومي للجندرمة هناك.
وكانت هناك بعض السيارات التابعة لها تتنقل بين المدرسة الثانوية ومركز الجندرمة للإيحاء بوجود نوع من حركة السير حتى ينخدع بها حراس محتملون للضحية يكونون في المقدمة.
وغير بعيد عن المكان توجد سيارة “عادية” تقلّ رجلا كان على أعصابه ألا وهو الجنرال اسماعيل العماري وقد حرص على أن يكون حاضرا بشخصه لمشاهدة العملية.
وكان يعلم أنه بتقديم رأس الشخص المرهوب الجانب الأكثر من غيره في الجزائر إلى أسياده، سيحصل على تقدير أكبر ووجاهة أعظم.
وبلغ إلى مسامعه صوت خافت جدا يعلمه بوصول “الفيروس” وهو الاسم الرمز الذي أطلق على قاصدي مرباح
فأعطى الجنرال باللاسلكي أمره إلى رئيس مجموعة الكوماندوس عثمان ترتاق بالتحرك. وتمت العملية بسرعة شديدة حيث ألقيت قنبلتان يدويتان تحت السيارة انطلق منهما دخان كثيف، حيّدتا سائق سيارة قاصدي مرباح وأعمت بقية الركاب.
وانهال عليهم وابل من الرصاص ولم يتسنّ للسائق ولا قاصدي مرباح أن يطلقا سوى بعض الرصاصات من سلاحيهما “357 ماغنوم” فأصابا أحد عناصر الكوماندوس.
ولم يكن لهما أي خيار بسبب كثافة الرصاص والعنف الشديد الذي استخدم لكي لا يترك أي مجال للنجاة. وبعد لحظات تقدم رئيس مجموعة الكوماندوس من مكان الضحايا وأطلق عليهم الرصاصات الأخيرة، ثم بإشارة اليد أعلن انتهاء العملية
وأمر مجموعته بالانسحاب. واطمأن اسماعيل لحسن سير العملية. وبعد انسحاب فرقة الكوماندوس من المنطقة، جاءت دورية من الجندرمة لتسجيل وقائع الحادثة. وكانت جثث قاصدي مرباح وابنه وأخيه وسائقه وحارسه الشخصي ملقاة في السيارة، وأخذ قائد الجندرمة أسلحة الضحايا.
وخلص تقرير التحقيق إلى أن العملية كانت عملية اغتيال إرهابية. ولم يتم ّأي تشريح للجثث أو دراسة باليستية للطلقات النارية لدعم هذه النظرية.
وتم تشييع جثمانات الضحايا في جنازة مهيبة شارك فيها حتى بعض عناصر الفرقة 192. وبعد أيام قليلة ، صدر بيان من الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا)
متبنيا اغتيال “الطاغوت” قاصدي مرباح.
وأعلن ضابط إدارة المعلومات السرية المكلف بالعلاقات مع الصحافة الجزائرية الرائد حاج زبير، عن هوية القاتل ألا وهو الشخص الشيخ:
عبد القادر حطاب وهو نفس الشخص الذي نسب إليه الاختطاف -الحقيقي في الظاهر المزعوم في الواقع - لثلاثة موظفين في القنصلية الفرنسية في 32 أكتوبر من العام نفسه، وعرفت هذه العملية بقضية الزوجين “تريفينو”.
وكان واضحا أن الرجل مزعزع ولا زال يحمل آثار تعذيب جسدي رهيب عندما أدلى باعترافاته على شاشة التلفزيون الحكومي. وهذا شيئ معتاد!
وتم تبني جريمة الاغتيال بشكل إيعازي بحيث أن المجرمين وجهوا رسالتهم إلى المعنيين بالأمر الذين يحاولون قطع الصلة بشكل جذري مع النظام.
وأصبح عنف الدولة مشروعا بذريعة ضمان وحدة الدولة، وفي واقع الأمر فإنما تقوم “النومنكلاتورا”(الطبقة المتحكمة) بالضرب قويّا كلما أحسّت أن مصالحها مهدّدة.
ومن سوء حظ الجزائر، فإن العربي بلخير حرصا على مصالحه قدّم للبلاد رئيسها الجديد. وبقي هو بعيدا عن الأنظار، ولكنه قدّم عونه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتعيين أحد مساعديه الأوفياء الجنرال حسن بلجلطي المدعو عبد الرزاق لدعمه. ويبقى السؤال قائما هل يستطيع الرئيس بوتفليقة أن يتخلص من عبد الرزاق؟
لا أحد يعلم إلى أين تسير الجزائر؟ ولكن الشيئ المؤكد أنه مادام الغربيون يغضّون الطرف عن التورط الثابت لأكبر مسؤولي الجيش الجزائري في المأساة
مضحين بمبادئهم من أجل برميل النفط، فإنه من المحتمل جدا أن يندلع انفجار ذو عواقب وخيمة للمنطقة ولحوض البحر الأبيض المتوسط، ليذكّرهم بأنهم ارتكبوا ذنبا لا يغتفر بمساندتهم لعصابة من المجرمين بدعوى أنهم الحاجز الأخير أمام التيار الأصولي الجارف.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
هذا من كتاب الحرب القذرة أليس كذلك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
كيف يخاف الحاكم ربه وخاصة انه مسلم ويسمع الاذان يومياان لم يكن اصم
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
هذا من موقع الضباط الشرفاء الذين فروا من الجيش الشعبي الوطني .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساحلية
كيف يخاف الحاكم ربه وخاصة انه مسلم ويسمع الاذان يومياان لم يكن اصم
هؤولاء اقرب الى الوحوش منهم الى جنس بني ادم لا يتورعون في فعل اي شيء من اجل مصالحهم فوصلت بهم الجراة والوقاحة لاغتيال رئيس دولة وعلى المباشر.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :