Ahmed Boukou Akrouh
الثورة الموءودة الحلقة الثامنة
و في الحقيقة أعتقد بأن سؤالهم لي عن بن بله و تنظيمه كان انطلاقا من أحداث وقعت بالقل
...
ففي خريف سنة 1986 وقعت أحداث و مظاهرات معادية للنظام بمدينة قسنطينة..بدأت شرارتها
ا
لأولى بالجامعة المركزية حيث أحتج الطلبة على الظروف السيئة التي يعيشونها , فحوصرت
الجامعة من كل الجهات من طرف رجال الشرطة لمنع الطلبة من النزول إلى وسط المدينة و الاحتكاك بالشعب , و دخلوا في مشادات عنيفة مع الطلبة الذين حاولوا جاهدين فك الحصار لمدة ثلاثة أيام , و في اليوم الرابع تعاطفنا نحن سكان حي الزيتون مع الطلبة و قمنا بمهاجمة رجال الشرطة المتمركزين تحت الجسر الموصل للمطار و الأماكن المجاورة لحي الفيرما بالزجاجات الحارقة , فأخلوا المكان , و بهذا فتحنا منفذا للطلبة للنزول إلى وسط المدينة , و كلما مررنا بحي أنظم إلينا شبابه حتى أصبحنا بعشرات الآلاف فتطورت الهتافات إلى المطالبة بإسقاط النظام , ودخلنا في مواجهات شرسة مع قوات الأمن . كانت هذه أول مظاهرة تطالب بإسقاط النظام أشارك فيها في حياتي , و كنت سعيدا بهذه التجربة و كانت سعادتي أكبر بدرجة التضامن التي لمستها في أوساط الشعب , حيث كان النسوة يرمون لنا بقارورات الماء و حبات البصل من النوافذ و شرفات البيوت لمواجهة الجو المعبأ بدخان القنابل المسيلة للدموع. توقفت الأحداث مخلفة وراءها خسائر مادية جسيمة . كما تحدثت بعض المصادر على أنها كانت السبب في إقالة اللواء مصطفى بلوصيف الذي حسب زعمهم رفض أوامر الرئيس بإقحام الجيش في هذه العملية و إطلاق النار على المتظاهرين. بعد حوالي شهرين من أحداث قسنطينة أشتعل فتيل انتفاضة أخرى بمدينة القل بولاية سكيكدة و التي تبعد عن قسنطينة ب 108 كلم . هذه المدينة الساحلية الجميلة و الهادئة التي احتضنت عبر التاريخ كل حركات المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي , و أنجبت رجالا أبدعوا في تقديم النفس و النفيس من أجل الحرية , و لأسباب سياسية و جهوية فرض عليها حصارا من طرف النظام ليضاف إلى العزلة الطبيعية التي تعيشها . أدت إلى خروج الشباب في انتفاضة ضد السلطة . بدأت عقب خروج الجمهور من الملعب حيث جرت مقابلة في كرة القدم بين وفاق القل و إتحاد عين البيضاء . قام أنصار الوفاق بترديد عبارات منددة بسلوك النظام منادية بسقوطه و أندس وسطهم بعض أنصار أحمد بن بله حاملين شعارات الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر , و بعد هدأت العاصفة القي القبض على أكثر من مئة شاب عذبوا حسب شهاداتهم بطريقة وحشية , و قدم البعض منهم للمحاكمة بسكيكدة حيث حكم عليهم بالسجن النافذ من سنتين إلى خمس سنوات . ربما ظهور شعارات الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر التي يتزعمها أحمد بن بله في أحداث القل , وكذلك النشاطات التي كانت تقوم بها خاصة وسط المغتربين في أوروبا , و لاسيما بعد أن أطلق سراح زعيمها من السجن سنة 1984 . جعل النظام يطرح فرضية وجود هذه الحركة وراء انتفاضة أكتوبر 1988 . و الحقيقة أن هذه الأحداث كانت أكبر بكثير من أحمد بن بله و حركته . الحلقة التاسعة ستنشر غدا إن شاء الله