عنوان الموضوع : المؤامرة بين التصديق والنفي خبر مؤكد
مقدم من طرف منتديات العندليب
منذ بزوغ النور إلى عيني إبان الطفولة, وأنا أسمع بأن ثمة مؤامرة تحاك ضد العرب تارة, وضد المسلمين تارة أخرى, أحيانا تتقلص المؤامرة لتشمل المذهب السني لوحده وأن ثمة مؤامرات طائفية تحاك ضد هذا المذهب دون غيره من المذاهب, وفي أحيان أخرى أسمع أن أبناء الإقليم المجاور لإقليمنا يتآمرون علينا من أجل الإطاحة بنا وتدمير ممتلكاتنا وثرواتنا, ثم تقلصت الحدود وباتت تشملني شخصياً تجاه أبناء الحارة الذين ينتمون لتشكيلات اجتماعية متنوعة: فابن الفقراء شديد الحقد على ابن الطبقة الثرية والمتوسطة, وابن الحاضرة يحقد على ابن البادية, وابن العائلة المختارة يتعالى على أبناء العوائل العادية السمعة. كانت هذه النكبة الأزلية مع المؤامرة تشكل لغزاً معقداً عجز عقلي الصغير آنذاك على حله, ولعل عقلي الحالي لن يحله ابداً.
في نظري أن القضية لم تكن قط كالتالي: هل توجد مؤامرة أم لا؟ من السذاجة بمكان أن نعتقد بأن التاريخ البشري لم يشتمل على مؤامرات جسيمة ومخططات بعيدة أو قصيرة الأمد, لم يكن هذا قاصرا على العرب والمسلمين والسنة وأهل نجد أو الحجاز, هذه المؤامرات هي ببساطة مسألة طبيعية وبديهية, فالتاريخ من طبعه أنه يكرر نفسه, وأن ينتصر للأخيار في أوقات معينة, لكنه, في أوقات كثيرة جدا, هو تاريخ ماكر وغادر. هذا الغدر شمل أمماً وأجناساً وأعراقاً شتى, وليست أمتنا العربية لوحدها تسكن التاريخ, بل كل الأمم بلا استثناء, وبالتالي فالجميع يتآمرون, والجميع بنفس الوقت ضحايا للمؤامرة.
كان السؤال الذي يجب أن أطرحه على نفسي وقتئذ ولم أطرحه إلا الآن: وماذا لو كانت المؤامرة ووقعت الطامة؟ فلنسلم بوجود مؤامرة صهيونية, وأخرى أمريكية, وثالثة مذهبية ورابعة إقليمية, هل سيغني ذلك عن الالتزام بالقوانين الطبيعية والمنطقية التي ستدفع كل أمة- مهما كثرت المؤامرات من حولها- إلى التقدم والتطور والتحضر؟ إن جميع الأمم تعرضت للخيانات والمؤامرات والطعنات في الصدر والخاصرة معاً, ولكن ليست كل الأمم تستسلم وتسقط وتنهار وتعلق أخطاءها على شماعات الأجنبيين. وما من أمة من الأمم إلا وقد واجهت التحديات, فبقدر التحدي تكون الاستجابة, وبمقدار الألم الناجم عن الخيانة أو المعركة أو الواقعة, يكون التجاوب متوازياً ومتناسباً مع هذه اللحظة المصيرية, فإما أن تكون الأمة أو لا تكون, إما حياة ونصر, وإما هلاك واندحار. ولا مفر من مطاوعة القوانين الطبيعية إذا ما أراد الإنسان البقاء, وعكس ذلك هو الجنون كله.
وهذا هو الفارق الدقيق بين من ينقد نفسه ويحاسبها على الأخطاء, وبين من يتباكى على مجد غابر وماض تليد وأسطورة انتهى وقت حكايتها. إن القول بوجود المؤامرة هو قول سهل, ولكن الصعب في الموضوع هو في كيفية التصدي لهذه المؤامرة أو تلك, أو رسم خطة نهضوية شمولية تنتشل البلدان من قيعانها وتدفع بها إلى ذرى الحضارة المعاصرة: الحضارة التقنية والصناعية والعلمية والفكرية, الحضارة التي لا تعترف بمنطق الذين يشتكون من المؤامرة, بل تعترف فحسب بمنطق العمل والإقدام والجسارة والمهنية والخبرة العملية.
والناظر في أحوال العرب سيجدهم وقد انتفضوا أخيراً على الظلم والطغيان اللذين انعقدا على كاهل الشعوب, ولكن كان البعض يردد أن النظم قد حاكت المؤامرة, والبعض الآخر قال بأن أمريكا بنفسها تقود الأحابيل والدسائس ضد الثوار, كما دخلت إسرائيل وروسيا والصين على نفس الخط, وللسائل هنا أن يسأل نفسه: وهل يجب أن يتوقع الثوار وغيرهم من أبناء الشعوب أن الحياة هي لعبة ومسلاة للجميع؟ وهل كان يدور بخلدهم أن الثورة هي ملهاة لا ضريبة لها ولا جزاء عليها؟ إن المؤامرة واردة, ولكن إحسان الظن هو الآخر وارد, ولا يمكن للحياة أن تستقيم خيراً مطلقاً, كما لا يمكن لها أن تستحيل شراً مطبقاً, ووجود الدول التي تتبع مصالحها هو أيضاً احتمال مألوف, كما أن الدول الأخرى التي ستتجاوب من نداءات المنظمات الإنسانية فيها هي دول حقيقية وليست من وحي الخيال, ومن ثم فلا معنى حقيقة للتركيز على الجهات المتآمرة لوحدها دون إنعام النظر في بقية الدوائر والأوساط المتعاطفة.
إن أول مرحلة من مراحل ما بعد الثورة العربية هو أن يتم التخلص نهائياً من ذهنية المؤامرة, وإعادة تأويل المؤامرة على أنها حدث طبيعي وتاريخي لا مبرر تماما للخوف منه وإنما هو مشجب للفاشلين. وبعدئذ سيكون من شأن الكائن العربي أن يتحرر من مخاوفه وهواجسه التي عاش في ظلها لعقود طويلة, عقود من الخوف والإحباط والقلق, عقود من استثمار مفهوم المؤامرة لدحض الحقوق والواجبات. ولن يكسر حاجز هذا الخوف من المؤامرة سوى إقبال هذا الكائن العربي على الالتحاق بركب الإنسانية جمعاء, الإنسانية السوية والطبيعية والفطرية وليست الإنسانية الشكاكة والقلقة والمحاذرة, فالأصل في الأشياء هو الإباحة والانفتاح, والاستثناء فيها هو الانغلاق والحرمة والجفاء.
الكاتب :طريف عيد السليطي
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
جميع الكيانات الدوليه تتأمر على بعضها
و أكبر مثال الإتحاد السوفيتي و أمريكا
لأن كل الكيانات لا تريد أن يكون أحد أقوى منها
و خاصة دوله مثل الدوله الإسلاميه
لأن الإسلام من أكثر الأديان التي تنتشر بين الناس
لأنه دين الحق
لكن يجب أن لا نبني حياتنا و نرمي كل أخطائنا على أن هناك مؤامره
و نوهم نفسنا و نعطي المؤامره أكبر من حجمها
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
المشكلة ليست فب وجود المؤامرة فالكل يقر بذلك, لكن المشكلة انه اصبح من اصيب بضيق في التنفس يردها لمؤامرة بسحب الهواء من الجو
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :