لا تفوتك قراءته
..
أذكر أنني ذهبت أول مرة إلى إحدى المدن الشاطئية العربية الكبرى في ستينات القرن الماضي , وطلب مني قريبي أن أذهب معهم إلى شاطئ البحر فوافقت , ولم أكن ذهبت إلى الشواطئ العامة من قبل , رغم أنني أحب البحر وارتبط به لأنني نشأت بالقرب من شاطئ بحيرة المنزلة الكبرى , وافقت أن أذهب معهم , وفجأة طلبوا مني أن أخلع ملابسي في البيت وأرتدي ملابس البحر ونسير في الشارع لقرب بيتهم من الشاطئ ولكني أمتنعت بشده, إذ كيف أسير في الشارع بهذه الملابس المخصصة لنزول البحر ؟!
نزلت معهم إلى الشارع فرأيت الناس يسيرون في الشارع بملابس البحر دهشت من هذا السلوك الغريب , ذهبت إلى الشاطئ فرأيت العجب العجاب وما لم يكن يخطر لي على بال يومها , النساء قد خلعن ملابسهن وارتدين ملابس البحر الفاضحة وتمددن على رمال الشاطئ والرجال حولهن من كل حدب وصوب , صُعقت من هذه المناظر الفاضحة , وغادرت هذا الشاطئ الذي يعج بالمعاصي فوراً وجلست في البيت إلى أن حضروا فقلت لهم كيف تقبلون هذه الأوضاع والسلوكيات المشينة والمهينه وأنتم من أهل القرى المحافظين وأنتم قبل ذلك وبعده من المسلمين؟! قالوا : لقد كنا في البداية مثلك تماماً , أما الآن فالأمر صار مألوفا جداً لنا . قلت لهم : لقد اقشعر بدني عندما طلبتم مني المشي في الشارع بملابس البحر , وأحسست كأن مرجلا ً يغلي في جلدي , ووقف شعر رأسي , وعندما رأيت هذه المناظر على شاطئ البحر اشتعل جسدي كله غلياناً , واحمر وجهي , وتأثرت تأثراً شديداً , ضحكوا من سلوكي وقالوا : أنت تذكرنا بأول أيامنا في هذه المدينه الشاطئية الكبيرة, أقسمت بعدها أن لا أذهب إلى شاطئ به هذه المعاصي أبداً.
فكرت في الأمر كثيراً , ماالذي جعل جلدي يقشعر وخلايا جسدي تغلي ووجهي يحمر ؟! وما الذي جعلهم يفقدون هذا السلوك البدني والنفسي والاجتماعي العجيب ؟!
قرأت بعد ذلك كتابا عن أن الانسان كائن كيميائي , كل شئ يتم في بدنه عبارة عن تفاعلات كيميائية استرجعت ذلك على ما دَرَسته, في الكيمياء الحيوية, والأيض والاتزان في الانسان , وعلم وظائف الأعضاء , استنتجت أن الحياء عباره عن متفاعلات كيمائية يبطل مفعولها التفاعلي بممارسة ما ينافي الحياء . قرأت في الأمر وتأكدت أن فكرتي صحيحة مئه في المئه فكنت أشرحها لطلابي في الجامعة , والآن هذه حقيقة علمية يعلمها أهل الاختصاص في علم وظائف الأعضاء الأحيائي , وعلم وظائف الأعضاء الإيماني , الذي استنتجه الأستاذ عبدالرحمن علي البنفلاح حفظه الله , وكتب عنه العديد من المقالات , وطلبت منه طباعتها لتوزع على الأطباء وأساتذة علم وظائف الأعضاء (الفسيولوجي) في الجامعات والمدارس للاستفادة بفكرتها وعلمها.
وقد فطن الزمخشري لذلك فقال عن الحياء: الحياء تغير وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يُعاب به ويذم , وقال الراغب الاصفهاني الحياء انقباض النفس عن القبيح وهو من خصائص الانسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي. فكلمتي تغير عند الزمخشري والانقباض عند الاصفهاني تبينان أن هناك تفاعل يؤدي إلى هذا التغير وهذا الانقباض.
واليوم 5/7/2016م شاهدت زوجتي وابن أختها الطفل في الصف الثالث الابتدائي إحدى البنات الرياضيات في التلفزيون وقد لبست ملابس فاضحه , فقال الطفل: أوف , كيف رضيت هذه المرأة بذلك, قالت زوجتي : انهن لايستحين , قلت: لقد تحطمت عندها متفاعلات الحياء التي تتحطم بالنظر وبسلوك عدم الحياء , فلا يشعر الانسان بالحياء فيفعل ما يشاء , مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن مما أدرك الناسُ من النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري ومسلم , أي إذا لم يكن لدى المرء حياء يحول بينه وبين الشرور ويجنبه غشيان الزور , فليفعل ما بدا له من خير أو شر , حق أو باطل , طيب أو خبيث معروف أو منكر , يجر إلى الذم والملام والعيب والعار أم لايجر.
فإذا فسدت عند الانسان متفاعلاته الحيائية فإنه يصنع ما يشاء دون خجل أو تمعر وجه أو اكتراث , فتذهب المرأة إلى البحر وتخلع ملابسها أمام الرجال دون حياء.
وترقص البنت عارية أمام الكاميرات , وتلبس المسلمه الفاضح من اللباس أمام الناس ولا تبالي .
وتعرض النساء أجسادهن دون حياء , لأن إحساسهن الفِطري بالحياء قد مات بموت متفاعلات الحياء الكيماوية عندهن وعند من يوافقهن والعياذ بالله.
وتخلع المسلمه زي هويتها الاسلامية ما دامت بعيداً عن بلادها بلا حياء أو خوف من الله .
ويرى الرجل المسلم الخبث في أهله ولايبالي لأنه فقد عناصر الحياء في خلاياه.
فاحذري أختي المسلمه أن تتحطم متفاعلات الحياء الكيمائية عندك .
واحذر أخي المسلم أن تكون ممن يرى الخبث في أهله ولايبالي.
فإن الحياء شعبة من شعب الإيمان ونعمة من الله عظيمة , وهذه المتفاعلات الإيمانيه من أكبر النعم التي أنعم الله بها على البشرية. [/c
============ الدكتور نظمي خليل أبو العطا ================