عنوان الموضوع : مدينة لمهدية المغربية- في السياحة
مقدم من طرف منتديات العندليب

مدينة لمهدية المغربية



تمهيد:



المراد بالمعمورة تلك البلدة التي تقع على مصب نهر وادي سبو، وبسب هذا الموقع عُرفت أيضا بحلق سبو، كما أطلق على الموقع اسم مهدية، كما هو متعارف عليه اليوم.

وما تزال قصبة المهدية شاخصة إلى الآن، تُشرف على مصب النهر، حلق الوادي، تحدِّق في زرقة المحيط الأطلسي، وتتذكّر كيف كانت محط أنظار الأجانب منذ العهد الفينيقي، مروراً بالقرطاجنيين والرومان [1]، إلى أن تطلع البرتغاليون إليها مع مطالع القرن السادس عشر الميلادي، ثم استيلاء الأسبان عليها، ومن تحرير هذا الموقع، إلى أن جعل المارشال اليوطي مدينة القنيطرة - التي تبعد عن مصب النهر إلا بنحو سبعة كيلومترات - تحمل اسم: مرسى ليوطي ( Port Lyautey )، [ توفي اليوطي سنة 1934م. وما تزال القصبة إلى اليوم تتآكل، وتعبث بها يد الإهمال.

ونظرا لأهمية موقع المعمورة في القديم، ظل محطة تجارية عالمية منفتحة على الغابة وعلى ثروات سهل الغرب، مع ملاءمة مرسى حلق الوادي لشروط الملاحة آنذاك


--------------------------------------------------------------------------------

--------------------------------------------------------------------------------






--------------------------------------------------------------------------------


أولا: المعمورة ( أو المهدية) قبل الاحتلال الإيبيري



1 – مع اسم الموقع:



اسم المكان الذي يعرف حاليا بمهدية، والذي يقع على مصب نهر سبو بمنطقة الغرب؛ كان يُعرف بالحلْق، وبحلق المعمورة، وبمرسى الحلق، وحصن المعمورة، والمهدية. وهذه الأسماء ترددت لدى المؤرخين والجغرافيين المغاربة؛ من ذلك:

- الشريف الإدريسي الجغرافي المغربي (1100 – 1165م) الذي ذكر الموقع باسم المعمورة في كتابه « نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» [2].

- والحسن بن محمد الوزان، المعروف بليون الإفريقي، المولود سنة 888 هـ – 1486م، وقد عاصر محاولات استيلاء البرتغاليين على المعمورة، واختفى في ظروف غامضة سنة 957هـ / 1550م. وقد استعمل «مدينة المعمورة» دون سواها في كتابه (وصف إفريقيا)، وقد ذكر الوزان في زمانه مدينة معروفة تحمل اسم المهدية:« مدينة مبنية على الأطلس وسط غابات» [3]. أما المعمورة فهي عنده « مدينة أسسها أحد ملوك الموحدين على مصب نهر سبو، لكن على بعد ميل ونصف من المكان الذي يصب فيه النهر في البحر (...)، وليست ضواحي المعمورة إلا سهلا رمليا، وقد أُسست المدينة لتحمي المصب، وتحُول دون دخول سفن الأعداء إلى النهر. وفي جوار المدينة غابة بها أشجار باسقة تُثمر بلوطا (...) لكن خطر الأسود فيها عظيم» [4].

- ومحمد الصغير بن محمد اليفراني (1155هـ/1742م) في كتابه (نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي)، أطلق على الموقع « مرسى الحلق»، وقال أيضا:« وكان هذا الحلق من المعمورة» [5]. وفي كتابه ( روضة التعريف بمفاخر مولانا إسماعيل الشريف)، قال:« مدينة المعمورة المسماة بالمهدية» [6].

- أبو إملاق ( عبد القادر بن محمد) من القرن التاسع عشر، صاحب كتاب ( الخبر عن ظهور الفقيه العياشي بهذه البلاد)، نجد قوله:« حلق وادي سبو، وهو المعروف بمرسى المعمورة» [7]. وذكر الوزان ( ليون الإفريقي) أن مصب النهر كان في عهده أي في النصف الأول من القرن السادس عشر، «في غاية العرض والعمق، بحيث يمكن للسفن العظيمة أن تدخله، كما فعله البرتغاليون والأسبانيون مراراً. وهذا النهر صالح للملاحة تماما (...) ولو استعمل أهل فاس نهر سبو للملاحة لنتج عن ذلك بالتأكيد انخفاض في سعر القمح الحالي إلى النصف» [8]. وعموما اشتهر المرسى الواقع على حلق وادي سبو باسم « المعمورة» واسم « المهدية» يأتي ذكره أثناء الحديث عن تأسيس المدينة، مع أنه أطلق عليها بعد فتحها سنة 1681م.



--------------------------------------------------------------------------------






--------------------------------------------------------------------------------





--------------------------------------------------------------------------------




--------------------------------------------------------------------------------


2 - تأسيس المعمورة ( أو المهدية) وأصل التسمية:



أ - لا يعرف من شيّد هذه المدينة:



فقد جاء عند أبي القاسم الزياني (تـ 1833م) أن مدينة المهدية أسسها أمير من يفرن، عام ست وعشرين وثلاثمائة، فاعتبرت من مدائن إفرن في القديم [9]. وبعد أن استولى عليها أمراء برغواطة وخرّبوها شأن مدن أخرى؛ آل أمر مهدية إلى قبائل « بني حسن»، فاستوطنوها وأقاموا بنواحيها، وخاصة على الضفة اليسرى من نهر سبو. وجاء جوهر الصقلين في إطار دعوته للعبيديين أمراء غفريقيا؛ فجدّد بناءها سنة (344هـ/956م).

وجاء في تاريخ الضُّعَيِّف أن مدينة المعمورة «اختطّها المهدي الشيعي على يد بعض عماله؛ فنُسبت إليه» [10].



ب – المعمورة زمن المرابطين (لقاء ابن تاشفين (500هـ/1107م) والمعتمد بن عباد):



من الطرائف التي جرت بالمعمورة، ما نقله الناصري (1897م) في كتابه (الاستقصا) عن ابن أبي زرع، أنه قبل الجواز الثاني للمرابطين إلى الأندلس سنة 481هـ، ضاق المعتمد بن عباد بطغيان ألفنسو، فـ « عَبَرَ البحر إلى العدوة مستنفرا لأمير المسلمين – يوسف بن تاشفين – فلقيه بالمعمورة من حلق وادي سبو، وهذه المعمورة هي المسماة اليوم بالمهدية من أحواز سلا» [11].

وهكذا التقى المعتمد بن عباد يوسف بن تاشفين في المعمورة، حلق وادي سبو، وشكا إليه المعتمد ما يعانيه المسلمون بالديار الأندلسية؛ نتيجة انتشار المد المسيحي هناك. فوعد يوسف المعتمد بالعبور ثانية إلى بلاد الأندلس، وقفل المعتمد راجعا.



ج – المعمورة زمن الموحدين:



1 - عبد المومن بن علي: 559هـ/1163م والعناية بأسطول المعمورة:

لقد تمكن عبد المومن بن علي الموحدي من حكم شمال إفريقيا الغربية وبلاد الأندلس، وشرع في إنشاء الأساطيل بسواحل المغرب. وذكر الناصري أنه عزم «على غزو بلاد الفرنج برا وبحرا، فأمر سنة سبع وخمسين وخمسمائة بإنشاء الأساطيل في جميع سواحل ممالكه، فأُنشئ له منها أربعمائة قطعة، فمنها بحلق المعمورة، وهي التي تسمى اليوم المهدية، مائة وعشرون قطعة» [12]. وهكذا نجد أن عبد المومن قد أعاد بناءها، وأنشأ بها داراً لصناعة السفن. « وهذه الإشارة تؤكد على وجود ميناء مزدهر، وكذلك تجمع سكاني عند مصب النهر ابتداء من من النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي» [13]:

2 - وجاء حفيده يعقوب المنصور الموحدي (595ه/1199م)، فقيل إنه هو الذي بناها ونسب القادري ذلك في كتابه ( نشر المثاني) إلى بعض الأجانب حين قال:« فذكر بعض الأجانب أن المعمورة من بناء ... يعقوب المنصور» [14]. وذكر المؤرخون أن يعقوب المنصور الموحدي جعلها مركزا للهلاليين الذين أنزلهم ببلاد الهبط والغرب، حيث أنزل بها بني مالك منهم خاصة على الضفة اليمنى من نهر سبو، فنشروا بها حياة البداوة [15].






--------------------------------------------------------------------------------




--------------------------------------------------------------------------------


ثانيا: المعمورة بين الاحتلال والمقاومة:



1 – الاحتلال البرتغالي وبناء حصن سان جان خاو دا معمورة ( Sao Joan Da Mamora ) يبدو أن مدينة المعمورة تعرضت للهدم مرات عديدة، وقرب نهاية الموحدين تعرضت للهدم من أسطول برتغالي سنة 663هـ/1239م، وظلت على حالها من الخراب إلى سنة 921هـ/1515م، حيث تطلعت عيون المستعمرين إلى الاستيلاء على الثغور المغربية.

ففي عهد الملك دون مانويل البرتغالي، كان موقع المعمورة قد أضحى مركزا تجاريا معروفا، ففكر في الاستيلاء عليه. وقال الحسن بن محمد الوزان الفاسي ( ليون الإفريقي)، وكان معاصرا لهذا الغزو:« وفي سنة 921هـ أرسل ملك البرتغال أسطولا ضخما لبناء حصن عند مصب النهر، وشرعوا في البناء بمرد وصولهم، وأقاموا جميع الأسس، وبدأوا في تشييد الجدران والأبراج، في حين كان معظم الأسطول راسيا في الميناء. وعلى حين غرة داهمهم أخو ملك فاس، فقتل منهم ثلاثة آلاف، ومزقهم كل ممزق» [16]. وبعد أن وصف الوزان هذا الغزو وصفا تفصيليا؛ أنهى ذلك بقوله:« وقد حضرت في هذه الحرب كلها وشاهدتها عن كتب» [17].

وهكذا حاصر البرتغاليون المعمورة بجيش من 200 سفينة، ويبلغ أفراده ثمانية آلاف جندي، وتمكّنوا من الاستيلاء عليها فحصّنوها بالسور الموجود بها اليوم، وأطلقوا على الحصن: سان خوان دا معمورة ( Sao Joan da Mamora ).

وبعد خمسة أعوام من استيطانهم للمعمورة؛ جهز أبو عبد الله البرتغالي بن محمد الشيخ الوطاسي جيشا تحت قيادة أخيه الناصر؛فهزم البرتغاليين وطردهم منها، واسترجع المعمورة.

2 – المعمورة تحت نفوذ القراصنة:

وبعد خروج البرتغاليين، أغرى المكان بموقعه التجاري المغامرين، فأصبح مقرا للقراصنة، ومحطة تجارية تتجه إليها أنظار الأوربيين. وذكر د. عبد اللطيف الشاذلي، استناداً إلى وثائق دو كستري – الأراضي المنخفضة – أن القراصنة من مختلف الجنسيات قد اتخذوا من المعمورة نقطة ارتكاز لعملياتهم، وتقاطر عليها التجار والوسطاء والبعثات الدينية المتخصصة في افتكاك الأسرى، كما استقرت بالمدينة أوراش بحرية للعناية بالسفن. ويبدو أن المعمورة قد عرفت استقلالا ذاتيا لفترة وجيزة من حياتها؛ إذ استقل القراصنة بالمدينة، وأقاموا حواجز تمنع دخول السفن إلى النهر. وأصبح يرأسهم القرصان الإنجليزي هنري ما ينوارج ( Henry Mainwaring )؛ « وبذلك غدت المعمورة خطراً كبيرا على التجارة الأوربية، واتجهت إليها أنظار أوربا» [18].



3 – الاستيلاء على المعمورة ( San Miguel de Ultramar ):



كان الكيان البرتغالي قد انهار بعد وادي المخازن 936هـ/1578م، وضُمّرت أراضيه إلى التاج الإسياني سنة 1580م، وحاولت إسبانيا بسط نفوذها على مستعمراته السابقة في الشواطئ المغربية.

وكان مركز المعمورة قد زاد إشعاعه التجاري، وسعت هولاندا إلى إبرام اتفاقية مع زيدان السعدي لاحتلال ذلك المركز، وبناء حصن عليه، فبادر فيليب الثالث ملك إسبانيا سنة 1023هـ/1614م، بإرساء أسطول يتألف من 90 سفينة مشحونة بالجيوش والعتاد.

وبعد زوال حماية مكونة من 1500 رجل؛ انصرفت جهود المحتلين إلى بناء الحصن على المرتفع المشرف على المصب، باستغلال أيدي الأسرى من القراصنة. وباستقلال الإسبان بالمعمورة، اكتمل البناء الاستعماري الإيبيري في المغرب، وأضيفت إلى المستعمرات القديمة، مستعمرتان جديدتان هما العرائش ومعمورة [19].

وهكذا دخلت المعمورة تحت النفوذ الإسباني، منذ سنة 1614م، وأصبح حصنها يحمل اسماً جديداً ( San Miguel de Ultramar ). ودام هذا الاحتلال نحو 67 سنة، كما سنرى.

4 – محاولة الحركة العياشية لتحرير المعمورة:

مع ضعف الحكم المركزي السعدي، تضرّرت سلا من الوجود الإسباني في المعمورة؛ ذلك أن مادة الخشب كانت تنقل من معمورة إلى سلا التي اشتهرت بصناعة السفن منذ مطالع العهد الموحدي.

وبعد سنة من وقوع المعمورة في أيدي الإسبان، كان المجاهد العياشي (1576 – 1641م) يقيم بمدينة سلا؛ وهو أحد تلاميذ الشيخ أبي عبد الله بن حسون. وقد ظهر العياشي في آخر الدولة السعدية في النصف الأول من القرن السابع عشر. « نهض لمدافعة المستعمرين الطامعين في المغرب وثغوره، وفي الوقت الذي كانت السلطات الحاكمة في المغرب من الضعف والانقسام بحيث أصبحت عاجزة أن تتفرغ للجهاد الخارجي» [20].

وكانت للمجاهد العياشي ثلاث محاولات لتحرير المعمورة:

المحاولة الأولى سنة 1030هـ/1621م: بعد أن يئس أهل سلا من مساعدة السلطان زيدان بن أحمد المنصور (1614 – 1627م)، وبعد أن استغاثوا به على الإسبان، وأخبروه أن النواقيس أصبحت تضرب داخل الحصن، وأن النصارى تكاثروا بالمعمورة حتى ملكوا الغابة، وبدأوا يعترضون قوافل المسلمين، ويتمادون في سلبها، وينشرون الهلع بين السكان. فأقبل أهل سلا على المجاهد العياشي، واجتمعت كلمتهم عليه.« وذكروا له ما هم فيه من الخوف من النصارى وأن مسارحهم امتدت إلى وادي المخازن (...) فأمرهم بالاستعداد والتهيؤ واتخاذ آلة الجهاد» [21].

فخرج أهل سلا إلى المعمورة تحت قيادة العياشي، وأوقعوا بالإسبان هزيمة جعلتهم يكفون عن الخروج إلى الغابة. واعتبر صاحب (نزهة الحادي) هذه المعركة أول غزوة أوقعها العياشي في الغرب بعد صدوره من ثغر أزمور، وأنه قُتل فيها من النصارى زهاء أربعمائة، ومات من المسلمين مائة وسبعون ( ختم الله لهم بالشهادة).

المحاولة الثانية سنة 1036هـ/1627م: يرى صاحب كتاب ( نزهة الحادي) أن هذه المحاولة جاءت من أجل فتح الحصن والاستفادة من الذخائر، وذكر أنه تم عتْق 300 أسير من المسلمين، وتمَّ أسرُ أكثر من ثلاثمائة من النصارى، ومات أكثر من مائة منهم، ووقع في الأسر قبطان من عظمائهم [22].

المحاولة الثالثة (1040هـ/1631م): كانت حين خرج أهل فاس إلى فتح المعمورة، « ونزلوا بموضع يعرف بعين السبع، وكمنوا فيه ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع خرج النصارى من المعمورة على غِرَّة (...) فلم يشعروا حتى صاحبتهم الخيل، وأحاطت بهم من كل جانب (...) وقتل من النصارى ستمائة أو أكثر، وأسر ثلاثمائة أو أكثر (...) حتى إنه لم يبت في حلق الوادي تلك الليلة إلا حوالي أربعين رجلا» [23].

وأطلق على هذه المعركة « غزوة الحلق الكبرى»، وكانت في رمضان، وشارك فيها أهل سلا تحت قيادة العياشي، كما شارك فيها أهل فاس.

جاءت الوفود بالتهنئة على النصر، فحضَّهم على استئصال شأفة من بقي من النصارى بحلق الوادي، « وعيّر العرب بترك النصارى في بلادهم»،وتوافدت على العياشي رسائل للتهنئة، فقد كتب إليه أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الدلائي يهنئه بغزوة العرائش، فأجابه العياشي برسالة يخبره فيها بعزمه على غزو المعمورة، جاء فيها:

« وقد سمعتم – رضي الله عنكم – خبر هذه الغزوة... على المعمورة... وبلغكم شرحها ما لم يُحتج إلى إعادة... وقد قوي الأمل في الله سبحانه وتعالى أن تكون تلك الغزوة مفتاحا لفتحها... فالمسلمون نازلون الآن بمقر دارها، ويرسلون الصواعق على أسوارها، حتى تغرق إن شاء الله بكفارها... هذا الذي انعقدت عليه النية».

ويشكو العياشي من تفرقة المسلمين، قائلا:« لكن، يا سيدي، أين المساعد، والأمر لا ينهض به الواحد؟ المسلمون – جبر الله صدعهم، وسيّر على ما يُرضيه جمعهم – لا يتفق هم رأي، ولا يثبت لهم حفظ لحمى الإسلام ولا وعي. حتى إن افتراق كلمتهم أضر على الإسلام من اجتماع عدوه، وبعدهم عن نصرته شر من كرب الكافر ودنوه، وقد نهب الإسلام ضياعا، وفاضت نفسه شعاعا...» [24].
5 - محاولة الزاوية الدلائية لفتح المعمورة:

كانت الزاوية الدلائية في عنفوانها في هذه المرحلة، وكانت لها رغبة في تحرير المعمورة، وذكر القادري في حوادث سنة 1057هـ/1646م أن محمد الحاج بن محمد بن أبي بكر الدلائي « أمر بالجهاد متطوعين بحلق الوادي، فخرجوا ثم رجعوا بعد قتال أيام بسبب مرض أصابهم من ماء شربوه هناك، فمات كثير منهم من ذلك المرض» [25].
--------------------------------------

ثالثا: استرجاع المعمورة من أيدي الإسبان في العهد الإسماعيلي



من مآثر العهد الإسماعيلي استرجاع أغلب الشواطئ المغربية، واسترجاع عدة مدن كانت بأيدي الإسبان، وبناء القلاع الحصينة على طول البلاد وعرضها. ونجد خبر هذا الفتح في أول كتاب عن الدولة العلوية، وهو كتاب ( ألأنوار الحسنية) لأحمد بن عبد العزيز العلوي (1140 – 1689م)، وقد قدم هذا الكتاب هدية للمولى إسماعيل العلوي (1083 – 1140هـ/ 1672 – 1727م)، وقد عاصر المؤلف بيعة السلطان، كما عاصر فتح المعمورة.

- يقول أحمد بن عبد العزيز أن السلطان بعث أحد قواده من مكناس - دار مملكته - يوم الخميس، فنزل الجيش قرب المعمورة صبيحة يوم السبت، فلما تحقق الظفر بالبرتغاليين؛ تمّت مراسلة المولى إسماعيل، فقدم إلى المعمورة عشية يوم الثلاثاء،« فقاتلهم العشية وليلتها، والأربعاء وليلتها، ويوم الخميس ففتحها، وفي رابع عشر ربيع الثاني عام 1096هـ دخلها وبها من الكفار ثلاثمائة فارس» [26].

- وجاء عند القادري في ( نشر المثاني) أن المولى إسماعيل نزل قلعة المعمورة الكائنة على حلق وادي سبو، « فحاصرها وأخذها عنوة عند صلاة الجمعة ثالث عشر ربيع الثاني. قيل: قطع الماء عنها، وأخذها عنوة بغير قتال، ولم يمت أحد من المسلمين في فتحها، وغنم جميع النصارى الذين كانوا بها، وأموالهم وسلاحهم وآلات حربهم، وأتى بجميع ذلك إلى مكناس» [27].

- ونجد عند الضعيف الرباطي في تاريخه اسم القائد الذي بعثه المولى إسماعيل لفتح المعمورة، وهو القائد عمرو بن حدو الريفي. وقيل إن المعمورة أخذت على يديه.« قيل بعد قتال وقيل دونه، وإنما أخذت بقطع الماء عنها... وجيء بالنصارى الذين كانوا هناك...لمكناس» [28].

- وجاء عند أكنسوس في (الجيش العرمرم) أنه لما بلغ المولى إسماعيل « أشراف العساكر التي بالمهدية على الفتج، توقفوا على حضوره، فتوجّه إليهم حتى حضر الفتح، وأخرج رئيس النصارى فأمّنه، وأخرج أصحابه وكانوا ثلاثمائة وستة، والغنيمة أحرزها المجاهدون أهل الريف والفحص الذين كانوا رابطين عليها مع القائد عمرو بن حدو البطيوي» [29].

وهكذا ظلت المعمورة تحت النفوذ الإسباني مدة67 سنة، من 1614 إلى 1681م. وحاصرها الجيش المغرب بقيادة عمرو بن حدو الريفي، وانتظر قدوم المولى إسماعيل لحضور هذا الفتح، فاستلمت القلعة بدون قتال، واستسلم قائدها في 30 أبريل 1681م، وكأنما أهديت المعمورة إلى المولى إسماعيل، فكانت هدية مهدية ( La ville en cadeau ) [30].

وبعدما ظل حلق سبو يحمل اسم المعمورة زمنا طويلا أصبح يحمل اسم المهدية، ولعل هذا الاسم أطلقه المولى إسماعيل لأن المهدية كأنما قُدّمت هدية مهدية إليه بذخائرها وعتادها. ومنذ 30 أبريل 1681م أصبح يُطلق على المعمورة اسم مهدية. وكان لهذا الحدث دويٌّ كبير في أرجاء المغرب. وأصلح المولى إسماعيل ميناء المهدية عند مصب وادي سبو.«وقد اتخذ منها السلطان منذئذ تكنة لجيش البخاري، وأدمجها ضمن باقي القصبات المشيدة لضمان سلامة الطريق الرابط بين فاس ومكناس ومراكش عبر رباط الفتح. وعلى عهد السلطان المولى سليمان تم سنة 1211هـ/1295م إغلاق الميناء في وجه السفن الأوربية وتجارها؛ ففقدت المهدية دورها الرئيسي وانتقل أغلب ساكنتها إلى مدينة الرباط» [31] .

والخلاصة أن حلق وادي سبو جذب إليه الأنظار منذ القديم، وكان محط صراع بين الدول الأوربية. وبعد فترة يسيرة من الاستعمار البرتغالي، أصبح الموقع مركزا تجاريا دوليا، يحكمه القراصنة لفترة يسيرة أيضا، ثم أضحى مستعمرة إسبانية من سنة 1614 إلى سنة 1681م. وتعددت محاولات تحرير المعمورة من جانب الدولة السعدية وحركة العياشي، وكذا حركة الدلائيين، وعانى سكان المنطقة من نهب خيراتها. وأخيراً تم تحريرها في العهد الإسماعيلي، وأصبحت المعمورة مهدية، وأصبح اسم المعمورة يُطلق على الغابة المجاورة لمهدية، وأصبح على مشارف حلق الوادي قلعة عتيدة، وبدأ عهد آخر من تاريخ مهدية


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

وبعد خروج البرتغاليين، أغرى المكان بموقعه التجاري المغامرين، فأصبح مقرا للقراصنة، ومحطة تجارية تتجه إليها أنظار الأوربيين. وذكر د. عبد اللطيف الشاذلي، استناداً إلى وثائق دو كستري – الأراضي المنخفضة – أن القراصنة من مختلف الجنسيات قد اتخذوا من المعمورة نقطة ارتكاز لعملياتهم، وتقاطر عليها التجار والوسطاء والبعثات الدينية المتخصصة في افتكاك الأسرى، كما استقرت بالمدينة أوراش بحرية للعناية بالسفن. ويبدو أن المعمورة قد عرفت استقلالا ذاتيا لفترة وجيزة من حياتها؛ إذ استقل القراصنة بالمدينة، وأقاموا حواجز تمنع دخول السفن إلى النهر. وأصبح يرأسهم القرصان الإنجليزي هنري

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

مضوع حلو حبيبتي

يعطكي الف عااافية

بانتظار جديدك المميز


تحياتي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

يسلموووووووووووووو قمة الروعه