بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ يا أيُّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنّ أكرمكم عندَ اللهِ أتقاكم ﴾[1] .
إن اختلاف الحضارات وتطور الزمن شيء مقدر من الله تعالى وهو شيء لابد منه حتى لا تكون الحياة مملة وكل ما فيها بنمط واحد، فأصابع اليدين ليست مشابهة في ما بينها ولكن كل واحد منها يؤدي وضيفته ويساعد اليد على حمل الأشياء والكتابة والرسم... وغيره من وظائف اليد، وكذالك البشر فإنهم خلقوا مختلفي الأشكال والألوان والقبائل والشعوب واللغات، فمنهم عربي ومنهم أعجمي، ومنهم أسود ومنهم أبيض، ومنهم طويل القامة والآخر قصير. وهنالك الرجل والمرأة اللذان يشكلان بما يسمى «بالمجتمع» الذي يكون الإنسان فيه من مختلف الأعمار ويتكون من كلا الجنسين الرجل والمرأة، وعند اتحادهما وفهمهما لبعضهما يصبح المجتمع قوي وأواصر المحبة به عالية وتعيش المجتمعات في ود وتفاهم وسلام.
يا لها من أمنية تتمناها كل الشعوب على وجه الأرض! الكل يرغب في تحقيق هذه الأمنية ولكن هنالك حاجز يقف بيننا وبين تحقيق هذا الحلم ألا وهو: الجشعين ومحبي الدنيا، وتأثير بعض التقاليد الخاطئة على الناس، ووجود فئة كبيرة من اليائسين من الحياة، عدم التعاون أو الإصغاء لمشاعر وأفكار الطرف الآخر وهذه أبرز معوقات تحقيق أمنيتنا وهي السلام والتفاهم والود بين الأفراد والقبائل والشعوب عن طريق فهم «دور المرأة في المجتمع» وأنها هي النصف الآخر من هذا المجتمع.
المحور الأول: المرأة النصف الآخر من المجتمع.
المرأة هي نصف المجتمع بل هي أساس المجتمع كما أنها مربية الأجيال وهي الأخت وهي الأم وهي الابنة وهي الزوجة وهي الصديقة وهي الزميلة وكما هو حال الرجل من مواقعه في المجتمع كذلك المرأة. وعلى المرأة أن تطور من نفسها وتكتسب خبرات ولو كانت بسيطة تنتفع بها كحرفة وتتخذها هواية وعليها أن تطمح للأكثر والأكبر.
ليس يرقى الأبناء في أمة ما = لم تكن قد ترقت الأمهات [2]
على المرأة أن تجاهد وتنافس وتحلق مع أحلامها حتى تصبح في القمة وتحدث انقلابا في الخطط والمشاريع، وخير مثال على المرأة المجاهدة والقوية هي " «بلقيس ملكة سبأ» والتي قامت دولتها في الألفية الثانية قبل الميلاد وازدهرت في القرن الثامن ق. م "[3] ، فقد حكمت بلداً لأعوام طويلة وواجهت مشاكل وقد استطاعت تجاوزها وتخطيها. وحتى تثبت المرأة وجودها في هذا المجتمع عليها أن تكون امرأة ناجحة حتى تتمكن من كسب الآخرين وبما أنها هي النصف ألآخر المكمل للرجل فهي يجب أن تساعد وتعمل حتى يعيش المجتمع في حالة من الازدهار والتطور والنمو.
المحور الثاني: معوقات تقدم المرأة وارتفاع مستوى ثقافتها.
قد تواجه المرأة معوقات تمنعها من تحقيق تقدمها والترقي بمستوى تعليمها كما هو متوقع ويحدث ذلك نتيجة الطبيعة البيئية للمجتمع وثقافته ونحن كعرب منذ القدم كانت هنالك أعراف وتقاليد وعادات بعضها تكون منصفة وتكون أساسا ضمن منهجية الدين الإسلامي ألا أن بعضها خاطئ وهو من آثار الزمن الجاهلي على العرب ونظرتهم السابقة أن المرأة ليست مخلوقة إلا لتخدم الرجل فقط وأنها مكانها البيت.... وغيرها من الأفكار الخاطئة وغير العادلة في حق المرأة بل وأنهم ابتدعوا أشياء تخدم مصلحتهم الشخصية وأعلنوها بأسم الدين! هؤلاء الأشخاص الطامعين والجشعين هم من أدوا إلى فساد المجتمع وتخلفه عن باقي المجتمعات التي لا تكون المرأة فيها متعاونة. الرجال يتوقعون خطأً أن تفكر النساء ويتواصلن ويستجبن بالأسلوب الذي يتبعه الرجال؛ والنساء يتوقعن أن يشعر الرجال ويتواصلون ويستجيبون بالأسلوب الذي تتبعه النساء. [4] كما أننا كعرب وكمسلمون نفتخر بديننا الإسلامي العادل والذي وضع لنا الدستور المقدس «القرآن» وهو الذي يحمي المجتمعات ويضع لها نظاما عادلا ويحفظ للرجل حقوقه ويحفظ للمرأة حقوقها.
المحور الثالث: المرأة ودورها في تنشئة الأجيال.
هل يعني تقدم المرأة حضاريا أن تترك نفسها وتهمل أدوارها الأخرى؟
لا، فالمرأة هي الأم المربية وهي القدوة وهي الإنسانة التي اختارها الله لتؤدي الرسالة المقدسة طالما هي تستطيع أن تصبر وتتحمل وتتخطى جميع الصعوبات لتأدية المهمة الكبرى وهي: تنشئة الأجيال القادمة. وليس معنى ذلك أن تنظف ثياب أطفالها وتطعمهم فقط بل تقوم على توجيههم للخير، والتنشئة على صلابة النفس وقوة الإرادة وترسخ في قرارة نفوسهم الصدق دائما والإخلاص وتشجعهم على حب التعاون حتى يفيد أمته ووطنه وبذلك يتكون الجيل الصاعد الجديد، وينشأ نشأة سليمة.
سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة وخاصة في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة وراوية للأحاديث النبوية الشريفة. وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة. [5]
كثير من الناس في المجتمع يرفض فكرة عمل المرأة في القطاع الصحي «المستشفيات، المستوصف، الصيدلة والمراكز الصحية» كما هو متوقع من الناس كفكرة جديدة تحتمل الرفض أو القبول ولكن لقد تطور الناس وفهموا أهمية دور المرأة في القطاع الصحي وبدئوا يؤيدون فكرة عمل المرأة كطبيبة أو ممرضة وأصبحت الفتيات يتفاخرن بأنهن طبيبات أو ممرضات وأصبحت مهنه شريفة لهن ينفعن بها المجتمع وينتفعن منها.
ولكن كشفت طبيبات سعوديات في الملتقى الصحي النسائي الخامس مشكلات عدة يعانين منها في عملهن، أهمها التفرقة بينهن وبين زملائهم من الأطباء، ما دفع بعضهن إلى تقديم استقالتهن، أو التقاعد المبكر، بالإضافة إلى حرمانهن من حقوق يحصل عليها الأطباء فيما يحرمن منها وبخاصة ما يتعلق في المناصب الإدارية. وذكر ضيف اللقاء المدير العام لمركز باحثات لدراسات المرأة في الرياض الدكتور فؤاد العبد الكريم أن «تربيتنا تعاني خللاً، بحيث يصل المرء أحياناً إلى سن الـ25 دون أن يستطيع اتخاذ قرار»، لافتاً إلى العديد من المشكلات المالية التي يبتلى بها الذكور جراء ذلك، وأردف «فما بالك بالإناث؟». [6] فلماذا هذه التفرقة ألم يأمر الله بالعدل بين الناس من مختلف الأجناس! ودور المرأة في القطاع الصحي مهم جدا فليس الرجل هو من يذهب للمستشفى للعلاج بل المرأة أيضا شأنها شأن أي إنسان عادي تمرض وتذهب إلى المستشفى إذا لزم الأمر فتحتاج إلى أن تتعامل مع امرأة حتى يمكنها فهمها والتحاور حتى تتم إجراءات العلاج بسلام كما أن القطاع الصحي يمثل بيئة وهذه البيئة لا تنجح إلا إذا وجدت فيها المرأة لتكمل الصورة ويكون قطاعا صحياً ناجحا.
المحور الرابع: النجاح حليفكِ.
النجاح ليس بالحظ بل بالعمل، والفشل ليس حظا أيضا بل هو نتيجة كسل، وعندما نريد أن ننجح في شيء علينا أن نعمل من اجله ولكن لعمل شيء أيضا تحتاج للنجاح وعندما تريدين أن تثبتي جدارتك عليك بالثقة بالنفس والتوكل على الله ويكون بذلك النجاح حليفكِ. أنت أيضا يمكنك أن تنجح أيها الرجل وتجعل المرأة ناجحة عن طريق مساعدتها ومعاونتها، وإذا نجحت المرأة ونجح الرجل وصلح المجتمع وفهم الناس بعضهم بعضاً عندها منذ تلك اللحظة يبدأ عصر التطور والازدهار وتتحقق أمنيتنا العظمى وهي السلام بين الأفراد والشعوب.
نصائح ليكون النجاح حليفكِ دائما:
1ــ عش من اجل شيء: بعض الناس يعيشون حياتهم لكي يكونوا فقط قد عاشوها وليس من أجل شيء آخر.. إن قيمة الحياة ليست لذاتها، بل لما تعاش من أجله، والناجحون هم أولئك الذين يملكون "سببا" يعيشون من أجله ومهمة يريدون إنجازها وهدفا يسعون لتحقيقه.
2ــ كن مستعدا لدفع الثمن: كما أنك لا يمكن أن تحصل على قرص خبز من دون أن تدفع ثمنه، كذلك لا يمكن أن تحرز النجاح في أي حقل من حقول الحياة إلا إذا كنت مستعدا لدفع ثمنه. والثمن اللازم للنجاح ليس بالطبع مالا، وإنما هو العمل، وبذل الجهد...
3ـ اجعل من الخير عادة: عاداتنا هي شخصياتنا، وشخصياتنا هي عاداتنا فإذا كنا قد تعودنا أمورا صالحة فنحن من الصالحين، وإذا تعودنا أمورا غير صالحة فنحن غير صالحين لقد قيل " ازرع فكرة تحصد عملا، وازرع عملا تحصد عادة، وازرع عادة تحصد شخصية، وازرع شخصية، تحصد التقدير والنجاح " [7]
المحور الخامس: أسئلة تدفعك للتقدم
كثيرا ما يغيب الحوار عن بيوتنا وعن مدارسنا وعن حياتنا العامة لأننا نخشى من أن يجلب الحوار لنا بعض الانتقادات. [8] ماذا يسبب عدم الحوار في البيوت بين الأم وأولادها والزوج وزوجته والأخت وإخوتها؟
«عدم التحاور مع الطرف الآخر سبب لعدم مشاركة المرأة في بناء مجتمعها لأنها تسكت ولا تطالب بحقوقها وهذا ما جعلها تتأخر من ناحية التقدم والوعي»
الثقة هي ما نحققه، عندما نشعر بحاجة أو إحساس أو بصوتنا الداخلي ونعمل طبقا لذلك، أي حسب ثقتنا الداخلية بأن نحققها. [9] هل تثقين بقدراتك؟
«إذا كنت كذلك إذا ثابري واجتهدي حتى تحققي ما يقوله ذلك الصوت في داخلك، وإذا كانت ثقتك بنفسك قليلة حاولي أن تشجعي نفسك أكثر حتى تصلين إلى الثقة المطلوبة». الله هو الوحيد القادر على كل شيء والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب هو السبيل السهل للنجاح وهو السبيل المضمون.
هل استعددت لمواجهة الصعوبات وتحدي العقبات؟
«توكلي دائماً على الله فهو حسبك وتأكدي أن الله معك في كل خطوة نحو النجاح ومادمت على حق في ما تفعلي وتقصدي بذلك رضا الرب، لا تتراجعي أبدا وتوكلي على الله وان شاء تتيسر الأمور بإذنه»
منقول