وجدت أن أكتب في هذا الموضوع خلاصةً للنصيحة الصادقة النابعة من القلب، والتي كان دافعها الشفقة على
بنات المسلمين والبعد بهن عن أن يقعن في شِباك وأيدي العابثين الذين لا خلاق لهم ولا دين.
والحقيقة أيتها
الأخت القارئة، يا من دخلت إلى موضوعي أن ما تضمّنه هو محض الواقع الذي وصلت حال بعض
الفتيات إليه، فإن كنت لم تقعي فاحمدي
الله واقرئي هذا الموضوع وافهميه وانشريه بين من تحبين ومن تشفقين عليه .
وإن كنت قد وقعت في شيء فتلك نصائح أوجهها إليك من غير ثمن ووصلت إليك من غير تعب، فبادري إلى التوبة وخذي بهذه النصائح الغالية والتوجيهات السديدة.
بدايةً
ما من شك أن كل
امرأة تميل للاقتران
برجل تجد معه المودة والرحمة التي جعلها الله آية من آياته فهذه فطرة
الله التي فطر الأنفس البشرية عليها، وينبغي
للمرأة ألا تكابر في الإقرار بهذه الحقيقة، لأنها إذا كابرت فهذا دلالة على كونها غير سويّة ولا سليمة من الناحية النفسية أو التكوينية.
ولما كان من تمام نعمة الله على
المرأة الاقتران
برجل تجد في كنفه أسباب الحياة الكريمة والعيش الهنيء، أحببت أن أدلي ببعض التوجيهات المختصة بجانبٍ من هذا الأمر.
و الذي دفعني على كتابة هذه السطور أن بعض
الفتيات يكون لديها بعض التصورات والتصرفات الخاطئة حيال هذه القضية، وخاصة الطرق التي يسلكها
فتى الأحلام أو
فارس الأحلام كما يسمّى ، عندما يريد الاقتران –
بزعمه – بإحدى الفتيات.
تلك الطرق التي يتملّق من خلالها بعض
الشباب بمعسول الكلام وزخرف القول والأماني الوردية والوعود النرجسية، ليقوم من خلالها بإخراج تلك
اللؤلؤة المكنونة من صدفتها – ألا وهي أنت أيتها الأخت الفاضلة – فإذا به يتابع مكالماته الليلية وطرقه الملتوية، فإذا ظفر بخروج فريسته معه، ونال منها ما شاء، صار ينظر إليها باعتبارها وردةً شمّ عبيرها وتركها بعد أن ذَبُلت بين يديه، مع أن المسكينة قد تعلّق قلبها به، فهي لا تزال في عالمٍ من تلك الوعود و الأماني .
هذه النهاية البائسة تتكرر كثيرا لبعض
الفتيات، مما يؤلم النفوس ويضيق الصدور، لذا أحببت أن أؤدي واجب النصح
لأخواتي الفاضلات، للحذر من هذه التصرفات البغيضة .
فعند أول مكالمة في الهاتف أو دردشة عن طريق الأنترنت أو مواعدة سرية تكون الأمور جميلة والعلاقة حميمة، والأحلام مع
فتى الأحلام وردية، والوعود كثيرة، لأن
فتى الأحلام كثير الوعود ويعدّد المزايا ويصف نفسه بالوسامة وخفّة الظل والعطاء، ويحكي عن مغامراته، وكأنه هو الذي كنت تحلمين به، يسمعك الشعر وقصص الحب، ويخدعك، وبعد مدة تكتشف المسكينة أنها فقدت السيطرة على مقاليد الأمور، واستولى كذبه على عقلها وقلبها .
ومع الأيام يستمر في خداعها قائلا لها: من زمن وأنا أبحث عنك. اكتشفت أن الحياة بدونك ليست بحياة، لقد كنت أبحث عن قلب يحبني، وعقل يفهمني، وإنسانة حنونة تنتشلني من الضياع.. فإذا بها تسمع صوت رجل أتقن فن الاحتيال أطار السهاد من عينيها .
مسكينة هذه الفتاة، لقد صدقّت كل كلمة قالها
أقول لك يا أختاه.. إن المكالمات الهاتفية و المعاكسات و العلاقات و التعارف عبر الأنترنت في البداية عند بعض الفتيان وبعض الفتيات وسيلة للتسلية كما يزعمون، لكن كما يقال رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، والشيطان طويل النفس، يبدأ مع الفتاة بقضية أحلام الزواج ويقنعها أن فتى الأحلام يريد أن يتزوجها، ولكي تحظى عنده بالقبول وتحصل عليه وتحقق هذا الحلم الذي وقع في خاطرها ، فيجب عليها أن تجامله ولا تعكّر عليه مزاجه ولا تردّ له طلبا، لأنها تخشى أن يُغيّر رأيه فيها، فتسعى إلى إرضائه حتى يتزوجها فعلا، فإذا طلب منها شيئًا لبّت، وإن طلب منها أن تتحدّث في أمر من الأمور أجابت، وإن طلب أن يراها سارعت، بأسلوب أو بآخر، ودون علم أهلها بالطبع .
وهناك حالات كثيرة جدا يترك الشاب فيها البنت بعد أن أخذ أعز ما لديها، وبعدما لطّخ سمعتها، ودنّس كرامتها، ثم يتخلّى عنها ويتركها باكية حسيرة كسيرة، وهو يضحك لينتقل منها على غيرها..
فلماذا أختي تبدئين من حيث بدأ هؤلاء؟ ولما لا تأخذين العبر والعظات ممن حولنا؟ ولماذا تصمّي سمعك و تعمي بصرك عن رؤية الحقائق والعواقب؟!
اعلمن أخواتي الفاضلات أن من تدّعينه بأنه فارس الأحلام عنكن
كالذئب، وأنتن مثل
النعجة، ففرّي منه فرار
النعجة من
الذئب،
الذئب لا يريد من
النعجة إلا لحمها، فالذي يريده منك
الرجل أعز عليك من اللحم عند
النعجة وشر عليك من الموت على
النعجة.
فالفتاة التي تكوّن علاقات كأنها تقول للص: تفضل . فلما سرقها اللص صرخت: أغيثوني يا ناس سرقت . فلو أنها لم تفتح الباب لما سمعت الخطاب ، و الآن تذكّرت أنها فرّطت في نفسها . الرجل يسرق من المرأة أغلى شيء لديها.. أغلى من الذهب وأغلى من المال، إنها العفة التي تحفظ كرامتها وكرامة أهلها .
و لو سمعتن أحاديث الشباب في خلواتهم لسمعتن كلاما مهولا مرعبا فلا يبتسم لك الشاب الأجنبي بسمة ولا يلين لك بكلمة ولا يقدّم لك خدمة إلا وهي عنده تمهيدا لما يريد.
فاعلمي أختي الفاضلة : أن هدف هؤلاء هو الاستمتاع بتلك المرأة لدقائق معدودة، ثم يذهب هو ويبقى العار . والمجتمع قد يسامح الرجل مهما عمل من المعاصي إذا تاب منها ونسي جميع أعمالها السابقة، ولكن الفتاة إذا أخطأت فإنها قد تبقى سجينة هذه الغلطة طول عمرها، ولا ينسى المجتمع لها ذلك، حتى ولو تابت، وينظر الناس لها نظرات سيئة طول العمر .
فلا تكوني من هذا الصنف من الفتيات جنحوا نحو إقامة العلاقات المحرمة، حيث تتلقفها الكلاب المسعورة لقمة سائغة، ليعبثوا بها كيفما شاؤوا، ثم يرمون بها زهرة ذابلة قد أُفْسِدَ رحيقها.
أختاه: ماذا ترجين منهم، هؤلاء الشباب الذين هذا هو سلوكهم ! إنك في بيت والدك معزّزة مكرمّة وبعد ذلك إن شاء الله في بيت زوجك ملكة ، وبين أولادك مربية وموجهة لأجيال الغد المشرق.
أختي الكريمة.. إن كنت عاقلة – ولا أظنك إلا كذلك –
فاستمعي إلى هذه النصائح:
لا تصدقي..
لا تصدقي لما يقال أن الزواج السعيد يأتي عن طريق المعاكسات و الحب والتعارف قبل الزواج، لأن الرجل لا يأخذ شريكة حياته و أم أولاده، و يختارها من الشارع، ولا عبر الهاتف ولا من النافذة.
وليكن فرضا ما توقعته الفتاة صحيحا وتزوجت ممّن كان يتحدث إليها هاتفيا أو ممن تعرفت عليه قبل الزواج الشرعي، فبعد الزواج تنقلب الموازين، والسعادة التي حلمت بها تصبح تعاسة، لأنه أثناء فترة الحب التي عاشوها قبل الزواج،
الفتاة كانت تظهر أحسن ما لديها من أخلاق و من كلمات و من هدايا و الشاب أيضا بدوره كان يظهر أحسن ما لديه و يخفي عيوبه و تصرفاته الحقيقية من غضب و غير ذلك، فلأنها فترة حب بينهم فهو يتحمّلها و يسايرها ، وكل واحد يهتم بالآخر 100/100 ، يردّ عليها مباشرة إذا اتصلت به ، إذا أرسلت له رسالة يردّ بأحسن منها ، تكون مناسبة مثلا يوم عيد أو نجحت على طول يشاركها في فرحتها . لكن لمّا تتزوج به يعيش حياته العادية يغضب ، في الصباح يصبح نكدا ، إذا اتصلت به : ماذا تريد مني الآن لن أرد ، فتقول له : لقد تغيرت بعد الزواج ، و هو في الحقيقة لم يتغيّر و لكن تعامل بطبيعته و ترك التصنّع .
إذن فالحب الحقيقي لا يكون إلا بعد الزواج وما سواه، فهو في الغالب حب مزيّف، مؤسس على أوهام وأكاذيب ، ثم لا يلبث أن ينهار فتنكشف الحقائق ويظهر المستور .
لا تصدقي أن شابا – مهما تظاهر بالصدق والإخلاص –يحترم فتاة تخون أهلها وتحادثه عبر الهاتف، أو تتصل به، أو تخرج معه، مهما أظهر لها من الحب، وألان لها من القول، فهو إنما يفعل ذلك لأغراض دنيئة لا تخفى على عاقل.
و احذري...
احذري المسلسلات والأفلام الهابطة المضللة التي تقتل الحياء، وتقضي على الفضيلة وتسبب في هدم الأخلاق والقيم، وخاصة ما يبثه أعداء المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم ليخرجوك عن إيمانك وعفافك . فيصوّر لك مخرج الفيلم أو المسلسل أن الفتاة التي تزوجت من شاب لا تحبه قبل الزواج عاشت حياة تعيسة، والعكس إذا تزوجت من شاب تعرفّت عليه قبل الزواج وتقابلا و تواعدا، عاشا حياة سعيدة ، و يصور لك الخيانة و الحب المحرم باسم الرومانسية .
احذري التبرج والسفور وكثرة الخروج إلى الأسواق وغيرها من غير حاجة، و الخضوع بالفعل أو القول للرجال الأجانب مما يعرضك للفتن ودواعيها ، فحين تتبختر
الفتاة في مشيتها و تلبس البنطال أو الضيق أو المشقوق من أعلى و من أسفل فأكاد أجزم وأعتذر إن قلت أن الفتى صاحب القلب المريض سيجردها بخياله من ثيابها و يتصورها بلا ثياب . كذلك الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت
المرأة حين تخضع بالقول وتترقق في اللفظ ما يثير الطمع في القلوب المريضة التي تثار وتطمع و هي موجودة في كل عهد، وفي كل بيئة، وتجاه كل امرأة، ولو كانت هي زوج النبي الكريم، وأم المؤمنين . فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش فيه في عصرنا المريض الدنس الهابط الذي تهيج فيه الفتن، وتثور فيه الشهوات .
احذري رفيقات السوء الضالات المضلات، فإنهن يعدين كما يعدي المريض الصحيح.
ثم احذري جميع المعاصي والذنوب، فإنها سبب للشقاء والتعاسة وزوال النعم وحلول النقم ونزول المصائب.
أخيرًا
* هل أدركتن
أخواتي الفاضلات الآن سماحة
ديننا الإسلامي! ولماذا حرص على
الحجاب وجعله واجبًا، لا من أجل الذلة بل من أجل العزة.
* هل أدركتن لماذا حرم
ديننا الاختلاط، فهو مدخل من مداخل الشيطان إلى النفس.
* هل أدركتن لماذا نهى
ديننا عن خروج المرأة
متبرجة ومتزينة! حتى لا تفتن الرجال.
* هل أدركتن لماذا نهى
ديننا المرأة عن مكالمة الرجال ومخاطبتهم
بالقول اللين، حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض.
إنه
الدين، العفاف، الحشمة، الطهر، النسب، الأخلاق. و ليكن بمعلوم
الفتيات الفاضلات أن هذه الأمور التي ذكرتها هي المطالب الأولى للراغب في الزواج، فهو يريد فتاة ذات دين وخلق وعفاف وأدب، مهما كان هو منحرف ،و مهما قابل وتعرّف على
البنات، إذا جاء وقت الجدّ وأراد أن يختار شريكة حياته يبدأ يبحث عن
امرأة تصلح لأن تكون أما صالحة لأبنائه، ولن يجد أما صالحة إلا عند ذات الدين والخلق.
نسأل الله الجواد الكريم أن ينفعنا جميعا بما قرأنا، وأن يؤلف بين قلوب المسلمين والمسلمات على الهدى، وأن يبعدهم عن أسباب سخطه ويجنبهم معاصيه، وأن يوفق الجميع لما يحبه و يرضاه.
و أنا أعتذر من الشباب الصالحين الذين يأتون البيوت من أبوابها ، فلست أعمّم بكلامي هذا على كل الشباب .