تحية طيبة الى أم أحمد - وبعد -
رداً مني على إنشغالك المتعلق بابنك ،أقــول :
لا تقلقي سيدتي فهذه مرحلة الفتوة اليافعة والطفولة النشطة بحب الاطلاع ،النشاط المتزايد ،المحاكاة [ التقليد ] ،التعلق بالوالدين أكثر دون اعارة الإهتمام لإخوته ،النباهة والفطنة الملفتة للإنتباه ،يريد أن يجلب إنتباه غيره ،.....
ولاتنسي سيدتي بأنه صغير إخوته ،ومدلل البيت ،وبالرغم من ذلك حاولت أن تصنعي منه الرجل الصغير ،المهتم وغير المتكل على غيره مثل أقرانه ،فهذه التربية الصالحة ونعم التربية ،فلا تخافي أبدا ،ولا تعرضيه على أي مختص ،لأنك بذلك تتناقضين وأهدافك حيث تريدنه رجلاً صلبا ،وبعدها تطعنين في صلابته ،كيف ذلك ؟
- كما أقول لك إن القسوة - في حدود - والصرامة هي التي تصنع الرجال،وليس التقبيل وجلوس الأحجر من يربي النشأ
ولك عبرة في ذلك سيدتنا صفية بنت عبد المطلب ،عمة رسول الله - صلعم - حيث مات عنها زوجها العوام في احد ىالغزوات ،وترك لها ولدا صغيرا ،فبدل الحنان والعطف عليه والاشفاق لحاله ليتمه ،أخذت تقسو عليه في التربية ،وتحاسبه عن كل كبيرة وصغيرة ،وتدفع به الى كل النوازل والصعاب ،وتمنعه عن مجالسة ومجراة أقرانه في اللعب واللهو ،فكانت ترسل به الى مجالس رسول الله لتعلم القران من فم من نزل عليه القرأن وسماع حديثه ،و في أوقات الفراغ تلزمه بتعلم بري السهام وصنع الحراب والعصي ،وركوب الخيل الجامحة وترويضها ،وإن قصر أو تأخر كانت تضربه ضربا شديدا ،حتى شكوها الصحابة رضوان الله عليهم ،الى رسول الله في إبنها ،فلما بلغها الأمر أنشدت قائلة :
من قال إني أضرب إبني ضربا مبرحا فقد كــــذب
وانما أربيه ليهزم الجيش ويــــأتــي بالسـلـــــــــب
فما إن بلغ أشده ،وأشتد عوده ،حتى أصبح لبيبا عاقلا ،ذو عقل راجحا ،قؤل فعول ،شاعراً معبرا ،وحافظاً لكتاب الله وتفسيره ،ومحدثا عن رسول الله - صلعم - ،ولم يكفيه ذلك حتى أصبح فارسا مغوارا، تهابه جحافل الجيوش العرمرم ،وقائدا محنكا ،ما إن دخل غزوة أو قاد سرية إلا وكان النصر نصيبه وموازين الحرب تقلب على يديه ،حتى نال ثقة رسول - صلعم - فأمره على جيشه وأي جيش ؟،إنه جيش رسول الله ،فكان ملازما لجيشه ،وودودا مع صحابة رسول الله ،وممتثلاً لأوامر سيد الخلق ،ومزلزلاً لكيان الروم والفرس وكل أعداء الله ،فأعز الله به الإسلام والمسلمين وطهر على يديه كثيرا من الأمصار التي كانت مدنسة بالنصرانية والوثنية وشتى مظاهر الكفر والعبودية ...........فرضي عنه رسول الله ،ورضي الله عنه ........أتدرين من هو هذا الصحابي ؟
إنه الــزبيــر بن العــوام ،فلك عبرة في ذلك ولغيرك من نساءنا لا تنسيني بدعائك لي في السجود سيدتي الكريمة .
وحفظ الله لك أبنائك وصانهم في عزك ،وأدام الله ظلك .