عنوان الموضوع : شخـصـيـة المعـلم المـربي انشغالات البيداغوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب

شخـصـيـة المعـلم المـربي



إن رسالة التعليم من أشرف الرسالات وأكثرها نبلاً , وكيف لا تكون كذلك وهي مهنة الأنبياء والرسل وأصحابُها هم ورثة الأنبياء
وهم الذين يرفعون عن الناس الجهل فينقلونهم من ظلمات الجهالة إلى نور العلم والإيمان والمعرفة.
فالمعلم صاحب اليد الطولى في أن يرتقي أبناؤنا في مراقي العلم و يعلو طلابنا في سماء المعرفة
فهو – بحكمته و أمانته - الذي يرسم لكل واحد طريقه، ويشق لكل طالب سبيله، ليؤدي دوره في مجتمعه
ليكون مجتمعا متكاملا كلٌ يقوم بعمله.
و المعلم سبب نجاح المجتمع ونيله شرف السبق بين الأمم، فهو عنوان نهضة الأمة وتقدمها

ومن هنا كان لا بد للمعلم من أن يتصف بصفات تليق بهذه المهمة العظيمة و الأمانة الثقيلة , ليقوم بدوره المنوط به حق القيام
فالمعلم الصادق الذي يحمل هم الأمانة التي استرعاه الله عز وجل عليها يتساءل دائماً : كيف أقوم بأداء هذه الرسالة وهذه الأمانة على الوجه الذي يرضي الله عز وجل عني؟ , ويتساءل دائما كيف أكون معلما ناجحا في حمل أمانتي , مؤديا لها على الوجه الصحيح.
و من أهم هذه الصفات التي يجدر بالمعلم التحلي بها :
أولاً : ( العلم عبادة – والتعليم جهاد ) :
لابد أن يستحضر المعلم وهو يمارس هذه المهنة أنه في عبادة وجهاد عظيمين فالعلم من أجلِّ القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تبارك وتعالى وخصوصا العلم الشرعي وكذلك سائر العلوم إذا حسنت النية في تدريسها فلقد قال بعض العلماء : ( العلم صلاة السر , وعبادة القلب)
وإذا كان العلم عبادة فما أحوج العبد فيه إلى استحضار جانب الإخلاص في تعلمه وفي أدائه فإن فقدَ العلمُ إخلاصَ النية فقد انتقل من أجل الطاعات إلى أحط المخالفات والعياذ بالله .
وإذا استحضر المعلم أثناء عمله أنه يمارس عبادة وجهادا فإن ذلك ولا شك سيدفعه إلى مزيد من الجد والاجتهاد وإلى مزيد من البذل والتضحية , وسيدفعه ذلك إلى تغليب جانب المصلحة العامة على جانب المصالح الشخصية والمطامع الدنيوية , فهو سيعمل بجد دون انتظار لشكر الشاكرين أو ثناء المثنين أو التفات لقدح القادحين , يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى : (ويجب على المعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى , وألا يجعله وسيلة لغرض دنيوي , فيستحضرُ المعلم في ذهنه كون التعليم آكدُ العبادات , ليكون ذلك حاثا له على تصحيح النية , ومحرضا له على صيانته من مكدراته ومن مكروهاته مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم) .

و المعلم بعد ذلك أحد أولئك الثلاثة الذين يبقى أجر عملهم جاريا عليهم إلى يوم القيامة ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه :
( إذا مات ابن آدام انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية, أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له )

ثانياً : ( المعلم قدوة )
المعلم الناجح قدوة في أمور الخير , منارة هدى , ودليل إرشاد وتوعية , فهو صادق اللسان , عفيف المنطق , حازم في غير عنف , وليِّن في غير ضعف , قدوة في الأقوال والأفعال , طاهر العرض , نقي السريرة , صبور على طلابه , بعيد كل البعد عن رديء القول وفاحش العبارات , طيب المخبر , حسن المظهر , إذا قال فعل , وإذا نطق سلب لب طلابه بما يجري الله على لسانه من جميل القول ورفيع العبارات , لا يعرف السبابُ ولا الشتمُ ولا اللعنُ ولا الاستهزاءُ طريقاً إلى قاموس مفرداته .

ثالثاً : ( المعلم الناجح منضبط السلوك)

المعلم ولا شك مطالب بضبط سلوكه وتصرفاته , ومطالب بالاتزان , وذلك لأن الاتزان والانضباط صفة يحتاج إليها من يطلب من الناس أدنى اعتبار لشخصيته , فكيف بمن يكون معلما للجيل ومربيا للناشئة الذين هم عماد المستقبل وركنه الركين ؟
إن المعلم المتزن لا يمكن أن يستفزه الطلاب إلى مهاوي الطيش والسفاهة , فهو يقابل جميع التصرفات المشاكسة بشخصية وقورة وعقلية منضبطة متزنة , عندها لكل داء دواء تداوي به تفاوت العقليات واختلاف الطبائع والأفهام.

رابعاً : (المعلم الناجح حريص على طلابه)
نعم تتجلى في المعلم الناجح أمارات الصدق والحرص , وذلك من خلال سعيه الحثيث إلى كل ما من شأنه فائدة طلابه ورفعتهم , فهو يكد ذهنه ويضني نفسه في التحضير الجيد والجمع الفاحص للمعلومة , يراعي جميع طلابه ويتفقد مواطن الضعف والقوة لدى كل واحد منهم , فيسعى لعلاج ضعف الضعيف , ويشد من أزر المتفوق ويشجعه , وهو يفرح لكل نجاح أو رفعة تتحقق لطلابه , لأنه يعتبر نجاحهم دليل نجاحه , وإخفاقهم يصب فيما يتعارض مع عمله وطموحه.

خامساً : (حب المهنة و التفاني فيها )
على المعلم أن يكون محبا لمهنته راغبا فيها، سعيدا في عمله بعيدا عن التضجر والتذمر يسعى إلى تنزيه مهنته وصيانتها عن دنيء المفاسد، لا يتخذ علمه سلَّما يتوصل من خلاله إلى الأعراض الدنيوية من جاه أو مال أو سلطان أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه، فهو يؤدي مهنةً يستغفر له فيها أهل السموات والأرض ( إن الله و ملائكته و أهل السموات و الأرض حتى النملة في جحرها , و حتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير ) رواه الترمذي و قال حسن صحيح ، ولا بد للمعلم أن يستشعر كلما ضاقت به نفسه - بسب الظروف التي يعيشها - أنه يقوم بوظيفة الأنبياء وأن مجلسه خير المجالس , و يكفيه شرفا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إنما بعثت معلماً )

سادساً ( سعة الإطلاع و تنوع المعرفة )
هذه الصفة تتطلب من المعلم أن يواظب على المطالعة والبحث وأن يشارك في الندوات والمؤتمرات العلمية والتربوية، بما ينمي معارفه وقدراته ويوسع مداركه ويعمق نظرته للأمور، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان المعلم واسع المعرفة، على دراية بتخصصه العلمي، مطلعا على العلوم الأخرى، وعلى دراية بالقضايا المعاصرة، والمشكلات المستجدة وقد قيل: ( رحم الله امرأ عرف زمانه واستقامت طريقته).

ثم إن المعلم محط أنظار الطلاب في المدرسة، فما أجمل المعلم وهو يتحدث عن مسألة علمية بأن يربطها بقدرة الله
وهذا لا يتأتى للمعلم إلا إذا كان مطالعا للثقافة الإسلامية، فيكون ذا أثر قوي في نفوس طلابه، ويزيد ثقتهم به

سابعاً : ( عـارف بطبيعة المتعلم )
فعلى المعلم أن يعرف أن لكل متعلم قدراتٍ واستعداداتٍ خاصةً به تختلف عن الآخرين، وعليه أن يتعامل معه على هذا الأساس ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (نحن -معاشر الأنبياء - أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم )، ولا شك أن معرفة طبيعة المتعلمين تتطلب مهارات ومعايير معينة ، ويتطلب من المعلم فراسة وذكاء يميز من خلالهما قدرات المتعلم وإمكاناته ، ويتطلب منه معرفةً ببعض القضايا التربوية ، حتى يستطيع إعطاء الطالب ما يستحق ، ولا بد هنا من تعريف الطالب بمستواه وإمكانياته وأنه إن طلب أكثر من طاقته فإن ذلك يضره ولا ينفعه.
ثامناً : ( ناصح للمتعلمين رفيق بهم )

فالمعلم قائد تربوي في مدرسته، يلجأ إليه الطلبة في كل شيء ، فعليه أن يكون مستعدا لتقديم النصح والإرشاد لطلابه في كل وقت وفي كل حين ، وأن لا يبخل عليهم بذلك، وأن يكون مستشاراً أمينا في نصحه وإرشاده رفيقاً بمن يطلب منه النصح والتوجيه،و أن يذكر قول الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك) .

ومن الضروري أن تبنى علاقات بين المعلم والمتعلم تسودها الثقة والمحبة المتبادلة ، لأن العلاقة القائمة على الثقة لها أهمية بالغة بالنسبة لعمل المعلم إذ أن منشأ هذه العلاقة الاحترام المتبادل وهذا يعني أن المعلم يحترم الطلاب كأفراد لهم مشاكل كثيرة، ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إنما أنا لكم مثل الوالد لولده) ولكن مع هذه المكانة فإن للطالب استقلاليته واعتباره .

تاسعاً حسن المظهر )
الإسلام يحث على النظافة ويدعو إليها، والمعلم مطالب أن يكون قدوة للطلاب والمعلمين في هيئته ومظهره ولباسه، ولذلك وجب عليه أن يهتم بمظهره ولباسه، فيكون دائما نظيف الثياب، مرتب الهندام، جميل الشكل، يبتعد عن الثياب التي لا تليق به.
و أخيراً .....
فإن هذا غيض من فيض مما يحسن بالمعلم أن يتحلى به من الصفات و الخصال , حتى يقوم بمهمة التربية و التعليم خير قيام
لينشئ جيل النهضة المنتظر الذي سيغير حال المجتمع العربي و الإسلامي من الضعف إلى القوة , و من الجهل إلى العلم
و من التبعية إلى الاستقلال , و من التخلف إلى التقدم ,و من الذل إلى القيادة .

منقول بتصرف


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========