التقويم البيداغوجي :إنّالمفهوم الجديد للمدرسة لا يحصر وظيفتها في تحصيل المتعلّمين للمعارف والسلوكاتوالقيم، بل تتعدّاه إلى ضمان القواعد الضرورية لاندماج النشء في الحياة الاجتماعيةوالاقتصادية؛ ولا يتأتّى ذلك إلاّ بتعليم رفيع يمكّن من بلوغ مستوى راق من المعارفوالكفاءات.
ولمّا كان التقويم في صلب العملية التربوية، فانّه يشكّل حجر الزاويةفي الإصلاح البيداغوجي، وتعديل الأداء التربوي، خاصّة عملية تقويم تعلّماتالتلاميذ.
ـ الوضعية الحالية للتقويم:
يتجلّى من خلال تحليل الوضع الراهن،أنّ التقويم كما هو مطبّق حاليا، يعطي الأولوية للحصيلة الدورية لمكتسبات التلاميذالمعرفية، وينحصر أساسا في الاستعمال الإداري، مرتكزا على تنقيط عددي ومعطياتإحصائية ترتبط بالامتحانات الرسمية.
فالتقويم بذلك مختزل في مجرّد القياس البسيطللمعارف المكتسبة، وموظّف لمجرّد اتخاذ القرارات المرتبطة بالمسارات الدراسيةللتلاميذ(تدرّج، إعادة، توجيه تلاميذ السنة 9 أساسي والأولى ثانوي...) لذا، ليس لهأيّ تأثير على التعلّم الجاري أو التعلّمات التي سبقته، ما عدا آثارها الثانوية -إيجابا أو سلبا- التي يحدثها على الجانب النفسي والعاطفي.
ونظرا لهذا الواقع،فإنّ مفهوم التقويم، ينبغي أن يوضع ضمن إشكالية اندماج مع مسار عملية التعليموالتعلّم، والتحكّم الفعلي في دينامية التغيير التي تتماشى وأهداف الإصلاح.ويقيمتشخيصا للثغرات وصعوبات التعلّم لدى التلميذ، مؤدّيا إلى عمليات علاج يجب القيامبها.
تتضمّن عملية التقويم البيداغوجي ثلاث مراحل:
- مرحلة القياس: وتهدف إلىجمع وتنظيم وتحليل المعطيات وتأويلها؛
- مرحلة الحكم: ويتمّ فيها إبداء الرأي،وإصدار حكم اعتمادا على معطيات موضوعية؛
- مرحلة القرار: التي تلي الحكم الناجمعن المعطيات الموضوعية التي وفّرها القياس.
ـ التقويم البيداغوجي:
يشكّلالتقويم إحدى الركائز الأساسية في عملية تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومةالتربوية. وعليه، فإنه يعتبر ثقافة يجب تثمينها لدى المتدخّلين في العمليةالتربوية، ويعمل على تحسين أساليب التقويم الحالية لجعلها تنسجم وروح الإصلاح الذيشرعت فيه وزارة التربية الوطنية .
ولمّا كانت العلاقة وطيدة بين ممارسات التقويموعمليه التعليم، فإنّه من الأهمية بمكان أن تكون هذه الممارسات متجانسة وخصوصياتالبرامج الجديدة المبنية على أسس المقاربة بالكفاءات، والتي تركّز بدورها علىالتنمية الشاملة للمتعلّم ولا تكتفي باكتساب المعارف فحسب، بل تعتمد بيداغوجيااندماجية تكسب التلميذ كفاءات مستدامة يستخدمها في حياته اليومية لمواجهة الوضعياتالمشكلة .
وهذا المنحى الجديد للبيداغوجيا، ينبغي أن يتميّز بتفاعل قويّ بينعملية التعليم /والتعلّم وعملية التقويم، وذلك لكون هذا الأخير يؤدّي وظيفتينأساسيتين:
* المساهمة في تصحيح مسار التعليم والتعلّم (التقويم التكويني)،
* المصادقة على كفاءات التلميذ (التقويم التحصيلي ).
ـ المبادئ المنهجية لنظامالتقويم التربوي:
ترتكز النظرة الجديدة لتقويم التعلّمات على أسس و مبادئ،نلخّصها في:
1- التقويم معالجة تهدف إلى الحكم على الكلّ المتكامل من المعارفوالقدرات المشكّلة للكفاءةالتي تكون في طور البناء؛
2- الممارسات التقويميةمندمجة في المسار التعليمي كمؤشّر يبرز التحسينات المحصّل عليها، والصعوبات التيتعترض التعلّمات، وذلك قصد تحديد العمليات الملائمة للإصلاح والعلاج. والجديربالذكر أنّ الخطأ لا يعتبر عجزا ما دامت عملية التعلّم لم تنته، بل هو مؤشّر لصعوبةظرفية يؤدّي تشخيصها إلى معرفة أسبابها والقيام بعلاجها؛
3- أساليب التقويمالتحصيلي مؤسّسة على جمع معلومات موثوقة ووجيهة عن المستويات المتدرّجة للتحكّم فيالكفاءات المستهدفة، وذلك قصد تكييف التدخل البيداغوجي وفق الحاجات المتباينةللتلاميذ.
4- العلامات (النقاط) المحصّل عليها مرفقة بملاحظات دلالية نوعية، ولاتقتصر على التنقيط العددي؛ وهذا من شأنه دعم المجهود التعلّمي، وربط علاقات تكامليةبين التلميذ و المعلّم والوليّ.
5- التقويم عملية تنطوي على وضعيات تجعل التلميذيعي استراتيجيات التعلّم، ويبني موقفا شخصيا .
ـ إجراءات التقويم:
والجديربالذكر أن النشاطات التقويمية تنظّم وفق تدرّج التعلّمات التي تتخلّلها نشاطاتخاصّة بإدماج مكتسبات التلاميذ، يتعوّدون من خلالها على توظيف معارفهم المكتسبةومهاراتهم في إيجاد الحلول المناسبة لوضعيات مشكلة متدرّجة الصعوبة، على أن تجريهذه العمليات في نهاية كلّ وحدة تعلّمية على شكل استجوابات أو فروض محروسة، أو فينهاية مجموعة من الوحدات التعلّمية على شكل فرض محروس أو اختبار. أمّا التقويم فينهاية، الطور، فهو امتحان يقيس مدى تحكّم التلاميذ في اللغات الأساسية وفقالمستويات الكفاءات التي سطّرتها المناهج التعليمية.
ولا بدّ أن تستجيب اختباراتالتقويم لمجموعة من المباديء التي تضمن مصداقيتها المتمثّلة في الموضوعية والعدلوالإنصاف، وذلك اعتمادا على عدد من المبادئ التي تتضمّنها المذكرات الخاصة بكلمادة؛ كما ينبغي أن ترفق النقطة الممنوحة لكلّ تقويم بعد التصحيح بملاحظة نوعيةخاصّة بكلّ تلميذ، تعبّر عن النتائج التي حقّقها أو الصعوبات التي واجهها، ومستوىالكفاءات التي حقّقها، مبتعدين بذلك عن تلك الملاحظات العامّة التي لا تفيدالمتعلّم في شيء (مثل: ضعيف، غير كاف، متوسط...). إلى جانب ذلك، فعلى المدرّس أنينظّم حصصا لتصحيح الفروض والاختبارات وبناء أجوبة نموذجية، معتمدا في ذلك علىتقنيات التصحيح الذاتي والتصحيح الجماعي التي تعتمد في نشاطات العلاجالبيداغوجي.