عنوان الموضوع : مجالات تدافع القيم في التعليم
مقدم من طرف منتديات العندليب
قالوا..................عن
تعريف القيم:
كأي مصطلح من المصطلحات العلمية تختلف التعريفات للقيم باختلاف المعرّفين.
وإضافة إلى ما يتصل بأي مفهوم من عوامل اختلاف تعود إلى طبيعة المعرّفين ومداخل تناولهم، يشير عقل(1427هـ) إلى عوامل ثلاثة تتصل بمفهوم القيم أدت إلى مزيد من التباين في تعريفه وتحديده، وتشمل ما يلي:
تعدد العلوم التي تناولت موضوع القيم.
تناول هذا الموضوع مدة طويلة في إطار غير منهجي.
التداخل بين هذا المفهوم ومفاهيم أخرى، مثل: الاتجاهات، والميول، والمعتقدات.
ويصفه أحد الباحثين بأنه موضوع هلامي الملامح، عالي التجريد، يخضع للعوامل الذاتية (فهمي 1988م).
ورغم الاختلاف الواسع في تعريف القيم، فإن الفلسفات - كما يرى الشعوان 1417هـ - تتفق على أن القيم عبارة عن المعايير التي تُوجِّه سلوك الفرد لما هو مرغوب في مجتمعه.
ويمكن أن نخلص من تعريفات القيم إلى عدد من خصائص القيم، وتتمثل فيما يلي:
عبارة عن معايير وموجِّهات.
تُوجِّه الفرد في أحكامه على الأعمال والممارسات.
تؤثر تأثيراً واضحاً في سلوك الفرد وحياته.
تحدّد للفرد السلوك المقبول وغير المقبول. تتسم بقدر من الثبات والاستقرار.
يتعلمها الفرد من خلال عدد من المواقف المختلفة.
والنظرة للقيم تختلف من بيئة إلى أخرى، ومن اتجاه إلى آخر، لذا سنجد تبايناً بين هذه القوى في رؤيتها للقيم، وسعياً من كل قوة لترسيخ رؤيتها
ويمكن أن نعرّف تدافع القيم بأنه: التفاعل الثقافي بين القوى المؤثرة في تشكيل القيم، وسعي كل قوة إلى أن تأخذ موقعاً مؤثراً، وتستثمر جوانب اتفاقها واشتراكها مع الآخرين في تعزيز ما تؤمن به من قيم.
مجالات التدافع القيمي في التعليم:
يمثل التعليم أحد المجالات المهمة في ترسيخ القيم؛ فهو يتعامل مع الناشئة في مراحل تشكل شخصياتهم وتكوّنها، لذا أصبح محط اهتمام كل من يسعى لترسيخ قيمه في المجتمع، وأصبحت القوى المتصارعة والمتدافعة ترى أنه ميدان سباق وتنافس لتحقيق رؤيتها للقيم.
ويمكن أن نصنف مجالات التدافع القيمي في التعليم إلى المجالات التالية:
المجال الأول: القوانين والأنظمة:
يعدُّ المدخل التشريعي المتمثل في الدساتير والقوانين والأنظمة، من أهم مفاتيح ومداخل التغيير في المجتمعات، وهو من مجالات الصراع بين حملة الأفكار والتوجهات المختلفة.
لذا؛ فقد سعت القوى الخارجية إلى استخدام هذا المدخل أداةً لحرب القيم الإسلامية، وتسويق القيم الغربية، ونصت عدد من الاتفاقيات الدولية على التغيير في التشريعات المحلية بما يتسق مع منظومة القيم الغربية.
وبالرجوع إلى الدساتير والأنظمة في الدول العربية نجد حضوراً للقيم، وتأكيداً على صلتها بالتعليم، وأنها أحد أهدافه وغاياته.
ودراسة واقع القيم في التنظيمات والقوانين التعليمية في الدول العربية، أوسع من أن تستوعبها مثل هذه الورقة الموجزة.
وفيما يلي نشير إشارات موجزة إلى حضور القيم في بعض أنظمة الدول العربية وقوانينها.
أ - المملكة العربية السعودية:
حدّدت المادة الثالثة عشرة من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، غاية التعليم، وتضمّنت ما يلي: «يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخه» (النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية 1412هـ).
ونصت الوثيقة على أن:«غاية التعليم فهم الإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً، وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها، وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا، وإكس
ابه المعارف والمهارات المختلفة، وتنمية الاتجاهات السلوكية البنّاءة، وتطوير المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وتهيئة الفرد ليكون عضواً نافعاً في بناء مجتمعه»(ص10).
ب - المملكة الأردنية:
تضمّن قانون التعليم الأردني التأكيد على أهمية القيم، وحضورها في التعليم، فتضمّنت المادة الثالثة من القانون ما يلي: «تنبثق فلسفة التربية في المملكة من الدستور الأردني والحضارة العربية الإسلامية ومبادئ الثورة العربية الكبرى والتجربة الوطنية الأردنية، وتتمثل هذه الفلسفة في الأسس التالية:
أ - الأسس الفكرية:
1 - الإيمان بالله تعالى.
2 - الإيمان بالمثل العليا للأمة العربية.
3 - الإسلام نظام فكري سلوكي يحترم الإنسان ويعلي من مكانة العقل ويحض على العلم والعمل والخلق.
4 - الإسلام نظام قيمي متكامل يوفر القيم والمبادئ الصالحة التي تشكّل ضمير الفرد والجماعة.
5 - العلاقة بين الإسلام والعروبة علاقة عضوية».
كما نصت المادة الرابعة من القانون نفسه على الأهداف العامة للتعليم، وفيها: «تنبثق الأهداف العامة للتربية في المملكة من فلسفة التربية، وتتمثل في تكوين المواطن المؤمن بالله تعالى المنتمي لوطنه وأمته، المتحلي بالفضائل والكمالات الإنسانية، النامي في مختلف جوانب الشخصية الجسمية والعقلية والروحية والوجدانية والاجتماعية
كما نص قانون التعليم العالي والبحث العلمي الأردني في مادته الثالثة على أن ضمن أهداف التعلم العالي:«تعميق العقيدة الإسلامية وقيمها الروحية والأخلاقية وتعزيز الانتماء الوطني والقومي».
ج - المملكة المغربية:
اعتنى الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المغرب بالقيم، فجاء ضمن المرتكزات الثابتة:
«1 - يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة في أرحب آفاقهما، والمتوقد للاطلاع والإبداع، والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع» (الميثاق الوطني للتربية والتكوين).
واستعراض القوانين والأنظمة في الدول العربية يتطلب جهداً كبيراً لا يمكن استيعابه في هذه الورقة.
والخلاصة: أن القيم حاضرة في القوانين والأنظمة العربية، في أهداف التعليم وغاياته وعملياته، وأن هذا الحضور يتفاوت ويختلف من دولة إلى أخرى، ومن مرحلة إلى أخرى في الدولة الواحدة.
وتدرك الأطراف الأخرى أثر هذا الحضور وانعكاسه على عناصر التعليم كافة من منهج ومعلم ونظم تفصيلية ومناهج...إلخ.
لذا؛ سعت تلك الأطراف إلى نقل الصراع إلى دائرة التشريعات والأنظمة، واتخذت لغة لا تسلم من الحدة والتطرف في الهجوم عليها ونقدها.
وأكتفي هنا بمثال واحد لكاتب سعودي يهاجم فيه سياسة التعليم في السعودية، فيقول:
«ويبيّن هذا أن هذه الوثيقة من أهم العوامل التي أدت إلى نشوء الظواهر التي نشكو منها الآن، وأن المشكلات الخطيرة التي نعاني منها ليست مستوردة، بل الغريب ألا تحدث. فهذه الوثيقة ملأى بالنصوص المنسوخة من الأدبيات الحزبية لبعض الجماعات «الإسلامية» التي وجدت في المملكة ملاذاً لها منذ خمسين سنة.. ومن أبرز ما فيها أنها تشرِّع لتحويل مجتمعنا المسلم إلى «مجتمع إسلامي» بما يعنيه هذا المصطلح من إيديولوجيا حزبية معروفة، وتشرع للتمييز بين المواطنين إلى «إسلاميين» وغيرهم، وتشيع بعض المصطلحات المستحدثة مثل: «الفكر الإسلامي».. وإذا كنا نعاني الآن ممن يطلقون على أنفسهم مصطلح «الجهاديين»، فإن تلك الوثيقة قد أسهمت في رواج هذا المصطلح. فقد جعلت من أهداف التعليم في المملكة: «إيقاظ روح الجهاد الإسلامي لمقاومة أعدائنا، واسترداد حقوقنا، واستعادة أمجادنا، والقيام بواجب رسالة الإسلام» (الفقرة 60).
أما الغاية من تدريس العلوم فقد دُفنت في طيات كمّ هائل من الخطابة التي تبيِّن فضل المسلمين على العلوم، وأن القصد من دراسة العلوم هو التأمل في عظيم خلق الله و«بيان الانسجام التام بين العلم والدين في شريعة الإسلام».
وهناك كثير مما يمكن أن يضاف هنا عن الحشد والتجييش في هذه الوثيقة. وأنا لست ضد هذه الأهداف بذاتها، لكن الطريقة التي صيغت بها لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تحويل هذه الوثيقة إلى برنامج إيديولوجي حزبي.
وخطورة هذه الوثيقة أنها تشرِّع للتعليم وتوجّه عمل المعلمين وتحكم تأليف المناهج. وهي بالحال التي هي عليها تفتح الباب واسعاً لأن يقولبها ذوو الميول الإيديولوجية ويؤولونها كما يشاؤون»[3].
ولما تمثله الأنظمة والقوانين من تأثير مركزي في التعليم، فإنها تستحق من الغيورين على قيم الأمة أن يبذلوا جهداً فاعلاً فيما يتصل بها، ومن معالم هذا الجهد ما يلي:
1 - الوعي الجيد بواقع هذه الأنظمة، وإشاعة الجوانب الإيجابية فيها؛ فالجهل بها مما يسهل عمليات التغيير.
2 - توظيف الجوانب الإيجابية فيها، واستثمارها في مجال المناهج وبيئة التعليم وأنظمته التفصيلية.
3 - تطوير الأنظمة والقوانين، وتقديم بدائل جيدة وإيجابية؛ فإن مرور الوقت وطوله أحد مبررات المطالبة بالتغيير، وما لم يملك الغيورون على القيم بدائل ملائمة فسيكون التغيير بيد القوى الأخرى.
المجال الثاني: فلسفة التعليم وغاياته:
تدعو الاتجاهات التغريبية في عالمنا الإسلامي إلى عَلمنة التعليم، وتفريغ محتواه، وأن فلسفته وغاياته يجب أن تتمحور حول إعداد الفرد للحياة الدنيوية، وحول النهضة الحضارية المادية، ومن ثم فلا مجال لديهم في أن تحوي غايات التعليم وفلسفته جانباً قيمياً رسالياً.
ويوضح الكيلاني (2017م)أثر العولمة في نشر القيم الغربية في التعليم، فيقول: «المناهج التي يجري تنظيمها من الإدارة التربوية للعولمة لا تمدّ الدارسين بالمعارف والمهارات والاتجاهات التي ترتقي بالإنسان وتؤهله للمشاركة في صنع مستقبله، وهي تتجاهل العلوم التي تعرّف الدارسين بهوية الإنسان وحقوقه التي أقرّتها وجاءت بها الشرائع السماوية والفلسفات الإنسانية، وتتجاهل الأعمال والمؤلفات الرفيعة، وتقلل من قيمة علمائها والمختصين بها، وتقوم الآن بصياغة هذه العلوم على أسس اقتصادية نابعة من نظريات رأس المال البشري»[4].
المجال الثالث: المناهج:
تمثل المناهج ترجمة لرؤية التعليم وفلسفته، وتتجلى فيها غايات التعليم وأهدافه، وفيها يتلقى المتعلم المعرفة والاتجاهات والمهارات التي تبني شخصيته وتشكّلها.
وباعتبار المناهج تمثل المخرج النهائي لفلسفة التعليم ومعبّرة عنه، أصبحت من أكثر مجالات الصراع والتدافع، ومتابعةُ ما يكتب حولها وما يثار من القوى الداخلية والخارجية من أكبر المؤشرات على عمق التدافع والصراع في هذا المجال.
المجال الرابع: المعلم:
المعلم هو من يتعامل مع الطالب وهو من يُتوقع منه أن يسهم في تعزيز القيم وبناء شخصية الطالب.
والمتأمل في الواقع التربوي يرى أن هناك قصوراً واضحاً في أداء المعلمين في غرس القيم وتنميتها، فقد توصّلت سماح حسن (2016م) في دراسة حول تفعيل بعض القيم التربوية لدى طفل الروضة في مصر؛ إلى أن المعلمات تنشغل في إعداد الخطط الأسبوعية والشهرية والسنوية والسجلات أكثر من اهتمامها بتفعيل القيم التربوية في الروضة ولدى الطفل.
ويشتكي أسيداه من وضع المعلم في المغرب فيقول عن المدرسة المغربية إنها: «تعيش وضعاً مضاداً لرسالتها ومهمتها ووظيفتها، بدءاً من غياب النموذج بسبب فقدان رجل التعليم وضعه الاعتباري ومنزلته القيمية في المجتمع (يعبّر عن ذلك مجتمعياً ما يتداول من نكت حول شريحة من رجال التعليم)؛ فيتلازم مع ضعف التقدير المعنوي يقف المجتمع موقف تبخيس فعل المدرس ونزع الثقة منه وتحميله مسؤولية أوضاع شريحة من المتخرجين في مجتمع ينحو نحو الأمية وإن كان يسعى في محوها».
وقد سعى عدد من القيادات العَلمانية في العالم العربي إلى الضرب على وتر المعلم، وتوظيف هذا الجانب في نشر القيم العَلمانية والحماية من اختراقها – كما يرون -، ففي سورية بدأت وزارة التربية السورية بإبعاد نحو 1200 معلّمة من السلك التربوي؛ بسبب ارتدائهن النقاب، في خطوة وصفها وزير التربية السوري «علي سعد» بـ «الحفاظ على هوية العمل العلماني الممنهج».
وبحسب ما نقلته الصحيفة فإن الوزير أكد أن عدداً من الوزارات ستقوم بخطوات مماثلة، مضيفاً قوله: «إن العملية التعليمية تسير نحو العمل العلماني الممنهج والموضوعي، وهذا الأمر لا يتوافق مع متطلبات الواقع التربوي؛ لتتكامل الإيماءات والحركات وتعابير الوجه وإيصال المعلومة للطلبة».
...................اما في الجزائر ....لكم ان تضيفوا ما ترونه يليق بالموضوع والمقام
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
جزاك الله خيرا.
=========
>>>> الرد الثاني :
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========