فتحتُالدرج لأبحث عن قلم فلم أجده.. وهممت بإغلاق الدرج ولكن لفت انتباهي قصةمكتوبة في ورقة جريدة قديمة داخل المكتب.. فأخذت أقرأها
سافر أب إلى بلد بعيد تاركا زوجته وأولاده الثلاثة.. سافر سعيا وراء الرزق وكان أبناؤه يحبونه حبا جما ويكنون له كل الاحترامأرسلالأب رسالته الأولى إلا أنهم لم يفتحوها ليقرؤا ما بها بل أخذ كل واحدمنهم يُقبّل الرسالة ويقول أنها من عند أغلى الأحباب.. وتأملوا الظرف منالخارج ثم وضعوا الرسالة في علبة قطيفة.. وكانوا يخرجونها من حين ل آخرلينظفوها من التراب ويعيدونها ثانية.. وهكذا فعلوا مع كل رسالة أرسلهاأبوهم*******ومضت السنونوعاد الأب ليجد أسرته لم يبق منهم إلا ابنا واحدا فقط فسأله الأب: أين أمك؟؟قال الابن : لقد أصابها مرض شديد, ولم يكن معنا مالا لننفق على علاجها فماتتقال الأب: لماذا؟ ألم تفتحوا الرسالة الأولى لقد أرسلت لكم فيها مبلغا كبيرا من المالقال الابن: لا.. فسأله أبوه وأينأخوك؟؟قال الابن: لقد تعرف على بعض رفاق السوء وبعد موت أمي لم يجد من ينصحه ويُقومه فذهب معهمتعجب الأب وقال: لماذا؟ ألم يقرأ الرسالة التي طلبت منه فيها أن يبتعد عن رفقاء السوء.. وأن يأتي إليّرد الابن قائلا: لا.. قال الرجل: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأين أختك؟قال الابن: لقد تزوجت ذلك الشاب الذي أرسلت تستشيرك في زواجها منه وهى تعيسة معه أشد تعاسةفقال الأب ثائرا : ألم تقرأ هي الأخرى الرسالة التي اخبرها فيها بسوء سمعة وسلوك هذا الشاب ورفضي لهذا الزواجقال الابن: لا لقد احتفظنا بتلك الرسائل في هذه العلبة القطيفة.. دائما نجملها ونقبلها, ولكنا لم نقرأها*******تفكرتفي شأن تلك الأسرة وكيف تشتت شملها وتعست حياتها لأنها لم تقرأ رسائل الأبإليها ولم تنتفع بها, بل واكتفت بتقديسها والمحافظة عليها دون العمل بمافيهاثم نظرت إلى المصحف.. إلى القرآن الكريم الموضوع داخل علبة قطيفة على المكتبيا ويحي ..إنني أعامل رسالة الله ليّ كما عامل هؤلاء الأبناء رسائل أبيهمإنني أغلق المصحف واضعه في مكتبي ولكنني لا أقرأه ولا أنتفع بما فيه وهو منهاج حياتي كلهافاستغفرت ربي وأخرجت المصحف.. وعزمت على أن لا أهجره أبدا