الزنبقة السوداء
الفصل الاول
الحياة السعيدة
في بلدة دورث الصغيره بهولندا عام 1672 , كان يعيش رجل ينعم بسعادة حقيقية . قلة هم السعداء بين الناس . وكان كورنيليوس فان بيرل واحدا من هؤلاء القلة .
بدا كورنيليوس العمل فاشتغل بالطب , ولكنه ما لبث ان اعتزل هذه المهنه اثر وفاة والده .
سبق لوالد فان بيرل ان كسب الكثير من المال في التجارة .
وحين شارف على الموت قال لابنه قال لابنه كورنيليوس : " كن سعيدا . فالعمل في المكتب طول اليوم ليس بحياة سعيدة .لا تكن تاجرا مثلي , او رجل سياسه مثل كورنيليوس دي ويت , فلا شك ان نهايته ستكون حرجة , عش هادئا , وكن
سعيدا قبل كل شي "
وهكذا بقي كورنيليوس فان بيرل في البيت الكبير . لم يكن يدري كيف يمضي وقته . فراح يزرع الزنبق كان الناس حينذاك يهتمون كثيرا بزراعة الزنبق , وتعطى الجوائز القيمة لمن يستنبت نوعا جديدا من الزنبق في اي شكل
او لون جديد , استنبت فان بيرل ثلاثة انواع جيدة من الزنبق سماها جين ( على اسم امه ) وفان بيرل( على اسم ابيه ) وكورنيليوس ( على اسم صديق والده كورنيليوس دي ويت )
كان يسكن في المنزل المجاور لفان بيرل رجل يدعى اسحق بوكستل , من زارعي الزنبق ايضا
لكنه لم يكن ميسور الحال . كان يعمل بجهد كبير - ويكره فان بيرل , مخافة ان يستطيع هذا الغني ان زراعة زنبق افضل من زنبقه . فينظر من فوق سور الحديقه ليراقب ماذا يفعل فان بيرل حتى بلغ فيه الحال ان اشترى تليسكوبا ينظر به عبر نافذة فان بيرل فيراه وهو يعالج بذوره وبصيلاته , فالزنبق ينمو من البصيلات . وحين رأى حديقة فان بيرل ملأى بأجمل الزهور , عمد الى ربط هرتين بعضهما الى بعض واسقطهما من فوق السور في الليل , فتسببت الهرتان بتكسير الزهور جميعا .
إثر ذلك , وضع فان بيرل حارسا في الحديقة يحمي زهوره من الهرره اذ لم يكن يعلم ان بوكستل هو لذي وضع الهرتين هناك .
في ذاك الوقت بالذات كانت ثمه جائزه لمن يستنبت زنبقة سوداء ليس فيها اي لون اخر
وكانت قيمة الجائزة مئة الف غيلدر .
غيلدر ( العمله الهولندية )
شرع فان بيرل بالعمل فزرع زنبقا بلون احمر قاتم واستخلص منه زنبقا بني اللون , وحصل في العام التالي على زنابق بنية اللون داكنه .
اما بوكستل لديه الى ذلك الحين سوىزنابق بنية فاتحة اللون , فغضب غضبا شديدا حتى بات لا يستطيع العمل . لم يستطع سوى مراقبة فان بيرل , فيجلس الى منظاره يراقب فان بيرل وهو يعالج بصيلاته وجذوره ليمزج نوعا من الزنبق مع نوع اخر . وكلما استطالت مراقبة بوكستل لفات بيرل , ازدات كراهيته له .
وفي ذلك الوقت بالذات وصل كورنيليوس دي ويت الى البلدة .
الفصل الثاني
الرسائل المهمه
وصل كورنيليوس دي ويت الى منزل فان بيرل في ليلة من شهر كانون الثاني ( يناير ) 1672 جال النظر في ارجاء المنزل وراى كل شي , ثم قال (( او الانفراد بك لبضع دقائق )) .
قال فان بيرل : (( تعال الى غرفة بذوري ))
في اثناء ذلك كان بوكستل يراقب كل شي بمنظاره .
تناول فان بيرل قنديلا ومشى امام دي ويت الى غرفة البذور حيث الصندوق الكبير الذي تحفظ فيه البذور والبصيلات وراح بوكستل يحدق عبر منظاره اكثر ممى مضى وشاهد الضوء ينتشر بالغرفه , ثم رأى دي ويت وعرف منيكون اذ ان كورنيليوس دي ويت كان ذائع الصيت كزعيم في الحكومة .
تلفظ دي ويت ببضع كلمات الى فان بيرل , لكن بوكستل لم يستطع تمييز الكلمات . اذذاك اخرج دي ويت مجموعة من الاوراق رطبت سويا واعطاها لفان بيرل , وكان واضحا ان الاوراق مهمة للغاية . ظن بوكستلانها اوراق عن قضايا تتعلق بالحكومة , لكنه تساءل : لماذا تعطى اوراق حكومية الى بيرل الذي لم يكن له اهتمام بالشؤون العامه ؟
كان بوكستل يعلم ان الشعب لا يحب كورنيليوس دي ويت , وانه يزداد كراهية له مع كل شهر , لربما كانت تلك الاوراق من اسرار الحكومه التي لم يشأ دي ويت ان يطلع عليها أحد .
تناول فان بيرل الاوراق ووضعها في صندوق بصيلاته ثم قال دي ويت شيئا , وصافح فان بيرل وخرجا معا من الغرفه . وبعد فترة وجيزة خرج دي ويت الى الشارع .
كان بوكستل مصيبا بافكاره فالاوراق التي اعطاها دي ويت الى فان بيرل كانت رسائل الى ملك فرنسا - لكن دي ويت كان من الحذر بحيث لم يخبر صيدقه عن فحوى الاوراق ,بل طلب اليه الاحتفاظ بها بعناية وعدم تسليمها الى احد سواه او شخص يرسله اليه .
خبأ فان بيرل الاوراق في الصندوق ولم يعد بفكر بها مطلقا .