عنوان الموضوع : بحث العلوم الشرعية ثانية ثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب
لقد قام ببناء هذا المذهب عالمان :
داود الظاهري الأصفهاني ، ويعد منشئ المذهب ؛ لأنه أول من تكلم به.
ابن حزم الأندلسي ، يرجع له فضل التوضيح ، والبيان ، والتدليل ، والتقعيد، والتفريع .
هو الإمام أبو سليمان داود بن علي بن خلف ، الأصفهاني الأصل ، البغدادي الدار، المشهور بداود الظاهري ، نسبة إلى ظاهر نصوص الكتاب والسنة ؛ لتمسكه به، ولد سنة مائتين للهجرة بالكوفة ، انتهت إليه رئاسة العلم ببغداد في وقته، كان رئيس أهل الظاهر ، بصير بالفقه ، عالم بالقرآن ، حافظ للأثر ، رأس في معرفة الخلاف ، من أوعية العلم ، فيه دين متين ، وله ذكاء خارق ، وتوفي ببغداد سنة مائتين وسبعين للهجرة .
روى عن إسحاق بن راهويه ، وأبي ثور تلميذ الشافعي وغيرهما .
ومن تلاميذه :ولده أبو بكر محمد ، وزكريا بن يحيى الساجي ، ويوسف بن يعقوب بن مهران الداودي ، والعباس بن أحمد المذكر ، وعبد الله بن رويم ، وأبو بكر بن النجار ، وأبو الطيب ألديباجي ، وأبو نصر السجستاني .
أخذ داود فقهه عن تلاميذ الشافعي ، والتقى كثيراً من أصحاب الإمام الشافعي، وطلب الحديث ، ورحل إلى بغداد ونيسابور من أجله ، لكنه لم يسلك مسلك الإمام الشافعي في الأخذ بمنطوق النصوص ومفهومها ، بل اتجه إلى النصوص وحدها، وأسرف في إعمال ظاهرها ، وإهمال مفهومها ، فهو وأتباعه يرون أن القصد من الشريعة هو التعبد والامتثال ، أما التعمق في القياس والعلل، فهو عدول عن التشريع الإلهي ، وثروة داود الظاهري الحديثية ساعدته على توسعه في الفقه ، وتشعّبه به .
ولداود الظاهري كتب كثيرة منها : الإيضاح ، والإفصاح ، والأصول ، والدعاوي، كتاب كبير في الفقه ، وكتاب الذب عن السنة والأخبار أربع مجلدات، وكتاب الإجماع ، وكتاب إبطال القياس ، وكتاب خبر الواحد وبعضه موجب للعلم، وكتاب الإيضاح خمسة عشر مجلداً ، وكتاب المتعة ، وكتاب إبطال التقليد، وكتاب العموم والخصوص .
وممن دوّن مذهب الظاهري ونشروه :
ابنه أبو بكر محمد ( 297 هـ ) ، من تآليفه « الوصول إلى معرفة الأصول».
أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، الفارسي الأصل ، ثم الأندلسي القرطبي، ولد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، وتوفي سنة ست وخمسين وأربعمائة، رزق ذكاء مفرطاً ، وذهناً سيالاً ، ذو فنون ومعارف ، فقيه وحافظ، ومتكلم وأديب ، قيل :إنه تفقه أولاً للشافعي ، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه ، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والبراءة الأصلية والاستصحاب ، ومن مؤلفاته : الفصل في الملل والنحل، والمحلى في الفقه ، والمحلى في شرح المحلى بالحجج والآثار ، وكتاب حجة الوداع ، والجامع في صحيح الحديث ، وكتاب ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي ، واختلاف الفقهاء الخمسة ، والتصفح في الفقه ، والإملاء في في شرح الموطإ ، والإملاء في قواعد الفقه ، ودر القواعد في فقه الظاهرية ، والإحكام في أصول الأحكام في أصول الفقه .
يقول ابن تيمية : « أبو محمد مع كثرة علمه وتبحره ، وما يأتي به من الفوائد العظيمة، له من الأقوال المنكرة الشاذة ما يعجب منه ، كما يعجب مما يأتي به من الأقوال الحسنة الفائقة » .
أماكن انتشار المذهب الظاهري
لقد انتشر مذهب داود الظاهري ، مع كثرة المعارضين له ، وذلك لسببين:
الكتب التي ألفها وكتبها ، وكلها كانت في السنن والآثار ، وقد اشتملت على أدلته التي أثبت بها مذهبه وآراءه في الفروع الفقهية .
تلاميذه الذين نشروا هذه الكتب وما فيها ، وأشهرهم ابنه أبو بكر محمد بن داود.
انتشر مذهب الظاهري في القرنين الثالث والرابع ، حتى عد مذهبه الرابع في الشرق في القرن الرابع ، مع مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة ، ومالك ، فكأنه كان في الشرق أكثر انتشاراً وتابعاً من مذهب أحمد ، ولكن في القرن الخامس جاء القاضي أبو يعلى ، وجعل للمذهب الحنبلي مكانة ، وبذلك زحزح المذهب الظاهري وحل محله ، وقد نقل المذهب الظاهري من المشرق إلى الأندلس القاضي خطيب الأندلس « منذر بن سعيد »، و « مسعود بن سليمان بن مفلت أبي الخيارات »وهو شيخ ابن حزم وأستاذه .
ومن الذين نشروا فقه « ابن حزم » ومنهجه :
الحميدي ( ت 488 هـ ) ، المؤرخ الحافظ المحدث ، الذي جمع الصحيحين البخاري ومسلم .
أبو الخطاب مجد الدين بن عمر بن الحسن ، يكنى أبا الخطاب بن دحية.
محيي الدين بن عربي ، وهو من أئمة الصوفية .
وقد انتشر مذهب داود الظاهري في بغداد وبلاد فارس ، وقام به قوم قليلون بأفريقية والأندلس ، وضعف الآن ، وقد انقرض تقريباً في القرن الثامن.
يرى ابن حزم أن القرآن هو الأصل الأول المرجوع إليه للشريعة كلها ، وينكر تعارض نصوص القرآن ، ويقطع بذلك ، حيث يرى أن لا آية أولى بالطاعة لها من آية أخرى مثلها ، وكل من عند الله ، وكل سواء في باب وجوب الطاعة والاستعمال .
يقسم ابن حزم السنة إلى قسمين :
سنة متواترة ، وهي حجة قطعية بالإجماع .
خبر الآحاد ، ويجب تصديقه والجزم به ، ويؤخذ به في العقائد والعمل على السواء.
ولا يقبل من الأحاديث إلا ما كان متصلاً مسنداً ، فلا يقبل الحديث المرسل ولا يحتج به، إلا إذا تأيد معناه بالإجماع .
ثالثاً : عدم تعليل النصوص :
يقول ابن حزم : « لا نقول إن الشرائع كلها لأسباب ، بل نقول : ليس شيء منها لسبب إلا ما نص عليه أنه لسبب ، وما عدا ذلك ، فإنما هو شيء أراده الله تعالى، الذي يفعل ما يشاء ، ولا نحرم ولا نحلل ، ولا نزيد ولا ننقص ، إلا ما قال ربنا ونبينا ، ولا نتعدى ما قالا ، ولا نترك شيئاً منه ، وهذا هو الدين المحض، الذي لا يحل لأحد خلافه ، ولا اعتقاد سواه ، وبالله تعالى التوفيق».
فيرى ابن حزم أنه لا يحل سؤاله عن شيء من أحكام الله تعالى وأفعاله « لم كان هذا » ؟ . فقد بطلت الأسباب جملة ، وسقطت العلل ألبتة ، إلا ما نص عليه تعالى أنه فعل كذا ، لأجل كذا ، كما يرى أنه لا يحل لأحد أن يقول : لم كان هذا السبب لهذا الحكم ، ولم يكن لغيره ؟ ولا أن يقول : لم جعل هذا الشيء سبباً دون أن يكون غيره سبباً أيضاً ؟ ، لأن من طرح شيئاً من هذه الأسئلة فقد عصى الله تعالى، وألحد في الدين ، فوجب أن تكون العلة كلها منفية عن الله تعالى ضرورة، ورد على رأي ابن حزم وقوله أنه إذا قصد من السؤال طلب العلم، والاستنباط، ومعرفة حكم الشارع ، ومقاصد التشريع ، فهو ممدوح وليس بمذموم، والمذموم المنهي عنه السؤال بقصد المحاسبة والاعتراض ، وفي إنكار ابن حزم التعليل رد القياس جملة وتفصيلا.
لقد اعتمد ابن حزم كثيراً على الاعتماد على البراءة الأصلية بالاستصحاب ، وذلك لأنه رفض الاحتجاج بالقياس ، والمصلحة المرسلة ، والاستحسان ، وسد الذرائع، وقول الصحابي ، وقد أداه ذلك إلى القول بغرائب الأقوال ، وشواذ الأحكام .
يرى ابن حزم حجية الإجماع ، ويعتبره أصلاً من أصول الفقه ، لا سيما إجماع الصحابة، ويعتبر الإجماع تابعاً للكتاب والسنة ، وليس دليلاً مستقلاً .
أخطأ أهل الظاهر - كما ذكر ابن القيم - من أربعة أوجه :
رد القياس الصحيح ، ولا سيما المنصوص على علته ، التي يجري النص عليها مجرى التنصيص على التعميم باللفظ ، ولا يتوقف عاقل في أن قوله في الهر :ليس بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات [ رواه أبو داود والترمذي ]، بمنزلة قوله :كل ما هو من الطوافين عليكم والطوافات فإنه ليس بنجس .
تقصيرهم في فهم النصوص ، فكم من حكم دل عليه النص ، ولم يفهموا دلالته عليه ، وسبب هذا الخطأ حصرهم الدلالة في مجرد ظاهر اللفظ ، دون إيمائه وتنبيهه وإشارته وعرفه عند المخاطبين ، فلم يفهموا من قوله تعالى : [ سورة الإسراء آية 23 ]ضرباً ولا سباً ولا إهانة غير لفظة أف، فقصروا في فهم الكتاب .
تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقه ، وجزمهم بموجبه ، لعدم علمهم بالناقل، وليس عدم العلم علماً بالعدم ، ولا يجوز الاعتماد على الاستصحاب إلا إذا قطع المستدل بعدم الناقل ، وهو أضعف الأدلة ، وآخر مدار الفتوى .
اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة ، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة شرط ، أو عقد، أو معاملة استصحبوا بطلانه ، فأفسدوا بذلك كثيراً من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله تعالى بناءً على هذا الأصل ، وجمهور الفقهاء على خلافه ، فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر ؛ لأن الله تعالى لا يُعبد إلا بما شرعهُ على ألسنة رسله ، فإن العبادة حقه على عباده، وحقه الذي أحقه هو ورضي به شرعهُ ، والأصل في المعاملات والعقود الصحة، حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم ، فالله تعالى عفو عن المعاملات والعقود والشروط حتى يحرمها ، فإن الحلال ما أحله الله تعالى ، والحرام ما حرمه ، وما سكت عنه فهو عفو ، فكل شرط وعقد ومعاملة سكت عنها سبحانه ، لا يجوز القول بتحريمها ، فالله تعالى سكت عنها رحمة منه من غير نسيان وإهمال ، فكيف وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة فيما عدا ما حرمه ؟! .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك وجعله الله في ميزان حسناتك
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا جزيلا بارك الله فيك
=========
>>>> الرد الثالث :
شكرا اختي على الموضوع الرائع
ممكن تعطيني بحث حول المذهب الحنفي
=========
>>>> الرد الرابع :
السلام عليكم
يا أخي على عيني و راسي المذهب الحنفي هاهو
هاهو البحث كاملا شاملا ما عليم الا نقله
1) نشأة المدارس الفقهية:
تعود نشأة المذاهب الفقهية إلى بداية الإسلام، وخاصة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم، حيث اجتهد صحابته وأتباعه والمسلمين عامة في تطبيق أقواله وأفعاله.
مع انتشار الإسلام وتوسعه وتعرضه للكثير من القضايا الجديدة الدينية والتشريعية كانت هناك حاجة ملحة للخروج باجتهادات لهذه القضايا الفقهية المستجدة وتلبية حاجات الناس والإجابة عن تساؤلاتهم ومن هنا نشأت جماعة من المتفقهين ( العالمين ) في الدين تُعلِّم الناس في كل إقليم شؤون دينهم ودنياهم .
إن التوسع الجغرافي للإسلام وتنوع البيئات التي انتشر بها، وأيضا قابلية الكثير من النصوص الشرعية الإسلامية للاجتهاد فيها حسب الظروف والحالات أديا إلى نشوء مدارس فقهية منتشرة في الأمصار الإسلامية، وأصبح لكل عالم فقيه أتباع يعملون على نشر فتاواه وحتى العمل ضمن القواعد التي يضعها لإصدار فتاوى جديدة .
2) المذاهب الفقهية الأربع:
المذاهب الفقهية التي انتشرت بشكل واسع عند أهل السنة وأصبحت رسمية في معظم كتبهم هي حسب ظهورها:
ـ مذهب أبي حنيفة النعمان. ـ مذهب مالك بن أنس. ـ مذهب الشافعي. ـ مذهب أحمد بن حنبل.
وهذه المذاهب ما هي إلا مدارس فقهية ولا يوجد بينها اختلاف في العقيدة، كما أن هناك مذاهب فقهية أخرى غير هذه الأربعة لكنها لم تنتشر ويحصل لها الاشتهار مثل هذه المذاهب الأربعة.
3) قبس من سيرة الفقهاء الأربعة:
ـ أبو حنيفة النعمان:
هو النعمان بن ثابت بن النعمان المعروف بأبي حنيفة، ولد في مدينة الكوفة في سنة 80 هـ وتوفى في 11 من جمادى الأولى 150هـ حيث قضى معظم حياته متعلما وعالما.
التقى بكبار الفقهاء والحفّاظ، دارَسَهم وروى عنهم ويعتبر حماد بن أبي سليمان شيخه وبعد وفاته ترأس الحلقة الفقهية وهو في الأربعين من العمر، والتف حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، ويعتبر أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم من أشهر تلاميذه الذين كتبوا عنه.
تكوّنت أصول ط§ظ„ظ…ط°ظ‡ط¨ ط§ظ„ط*ظ†ظپظٹ على يديه، حيث يقول ( إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم أجد فيها أخذت بقول أصحابه من شئت، وادع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيّب فلي أن أجتهد كما اجتهدوا ).
يقع قبره في مدينه ط¨ط؛ط¯ط§ط¯ في منطقة الأعظمية على الجانب الشرقي من ظ†ظ‡ط± ط¯ط¬ظ„ط©.
فأبي حنيفة النعمان الأمام الأعظم هو أحد الأئمة الأربعة الذين اجتهدوا واستنبطوا الأحكام الفقهية الفرعية من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة.
وهو من تابعي التابعين وإمام أهل الرأي وفقيه أهل ط§ظ„ط¹ط±ط§ظ‚ أخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان الذي أخذه عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود واعتمد في مذهبه على الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان والعرف وقول الصحابي وشرع من قبلنا وله في علم العقيدة كتاب الفقه الأكبر.
* ومن أشهر تلامذته:
ـ الإمام أبو يوسف ( يعقوب بن إبراهيم ) ـ الإمام محمد بن الحسن الشيباني ـ أبو الهذيل ( زفر بن الهذيل ) ـ الحسن بن زياد اللؤلؤي.
* ومن أبرز المؤلفات في هذا المذهب:
ـ المبسوط لشمس الدين السرخسي ـ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني ـ مختصر الهداية للمرغياني ـ حاشية ابن عابدين ( رد المحتار على الدر المختار ).
=========
>>>> الرد الخامس :
شكرا جزيلا اختي وجعله الله في ميزان حسناتكي انشاء الله
=========
و هذه بعض الاضافات
انتشار المذهب الحنفي
كان أبا حنيفة معارضاً للدولة الأموية في آخرها، وقد حاول واليها إجباره على قبول منصب القضاء بالترغيب والترهيب. فأبى أبا حنيفة وتحمل ضرب السياط في سبيل ذلك. بل إنه قام بدعم ثورة زيد بن علي زين العابدين ضد الخليفة هشام بن عبد الملك. ثم جاء العباسيون إلى الكوفة، وكان خليفتهم السفاح اسماً على مسمى! فابتعد أبو حنيفة عن السلطة، ورفض أن يتولى القضاء للمنصور العباسي، رغم كل السبل التي اقتفاها لاحتوائه. فكلما ازدادوا إلحاحاً عليه ازداد ابتعاداً عنهم ورفضاً لتولي القضاء. بل قام بتشجيع الناس على عدم معارضة ثورة النفس الزكية، التي خرجت في المدينة ضد العباسيين. واستمر في معارضته حتى وصل الأمر إلى سجنه وتعذيبه. وقيل: أنه مات مسموماً على أيدي العباسيين، والله أعلم.
مات أبو حنيفة دون أن يكون له مذهب يُعرف به وكان أتباعه يقتصرون على بعض الكوفيين. ثم إن السلطات بعد وفاة الإمام أبي حنيفة استطاعت أن تحتوي أكبر تلامذته، وهم: أبو يوسف القاضي (113-182هـ)، ومحمد بن الحسن الشيباني (131-189هـ)، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وإناطة القضاء والإفتاء بهم. وكان أبو يوسف قد انضم إلى السلطة العباسية أيام المهدي العباسي سنة 158، وظل على ولائه أيام الهادي والرشيد. وما زال يتقرب من الخليفة حتى ولاه منصب قاضي القضاة، حيث صار تعيين قضاة الدولة بأمره. فكان لا يولي قاضياً إلاّ من أصحابه والمنتسبين إلى مذهبه. وهذا معناه تبني الدولة العباسية بأسرها لمذهب أبي يوسف الحنفي.
يقول ابن حزم كما في "نفح الطيب" (2|6): «مذهبان انتشرا –في بدء أمرهما– بالرياسة والسلطان: مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولي القضاء أبو يوسف، كانت القُضاة من قِبَلِهِ من أقصى المشرق إلى أقصى عمل إفريقية. فكان لا يولّي إلا أصحابه والمنتسبين لمذهبه. (ومذهب مالك...) والناس سُرّاعٌ إلى الدنيا. فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به...». قال ابن عبد البرّ: «كان أبو يوسف قاضي القضاة، قضى لثلاثة من الخلفاء، ولي القضاء في بعض أيام المهدي ثم للهادي ثم للرشيد. وكان الرشيد يكرمه ويجلّه، وكان عنده حظياً مكيناً. لذلك كانت له اليد الطولى في نشر ذكر أبي حنيفة وإعلاء شأنه، لما أوتي من قوة السلطان، وسلطان القوة».
لقد انتشر مذهب أبي حنيفة في البلاد منذ أن مكّن له أبو يوسف بعد تولّيه منصب قاضي القضاة في الدولة العباسية، وكان المذهب الرسمي لها، بالإضافة لمذهب مالك في الحجاز. فلما مات مالك، صار المذهب الحنفي المذهب الرسمي الوحيد. فانتشر في العراق وفي مشرقها من بلاد العجم: فارس وما وراء النهر (تركستان) وأفغانستان والهند. كما كان المذهب الرسمي لعدد من دول المشرق كدولة السلاجقة، والدولة الغرنوية ثم الدولة العثمانية. وبسبب فتواه الذي أجاز الخلافة لغير قريش، استحسن الأتراك مذهبه خلال حكم الدولة العثمانية واعتبروا المذهب الحنفي مذهب الدولة. ثم أخذوا يحملون الناس على اعتناق مذهبه، حتى أصبح أكبر مذهب إسلامي له أتباع بين المسلمين، بسبب طول فترة حكم الدولة العثمانية الذي امتد حوالي سبعة قرون من الـزمن. بل بلغ بهم الأمر إلى فرض قراءة ط*ظپطµ عن عاصم، بدلاً من القراءات المنتشرة في العالم الإسلامي (وبخاصة قراءة ط§ظ„ط¯ظˆط±ظٹ)، لمجرد أن أبا حنيفة كان يقرأ بها! ونشر الأتراك مذهبه في شرق أوربا والعراق وشمال الشام، لكنهم فشلوا في فرضه في المناطق البعيدة عن نفوذهم كالجزيرة وإفريقيا.