عنوان الموضوع : طلب عاجل بكالوريا ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

اتمنى ان اجد عندكم عند اخوتي الكرام ملخص لمشكلة التصوف بين النسبي والمطلق لنستفيد جميعا وجزاكم الله كل خير
عاجل ربي يحفظكم
شكرا



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

اين ردودكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

=========


>>>> الرد الثاني :

هذا البحث غير كامل يمكن اجراء تعديلات وايضافات وهو اجتهاد فقط
مقدمة
الصوفية أو التصوف ليست دين أو مذهب إنما هي منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله عز و جل, كما يعرفها أصحابها. أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة و لا يصح أي سند لإثباتها و عليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الله. تقوم الصوفية على فكرة الولاية, حيث يعتبر الولي عارفا بالله الذي يمنحه كرامات تماثل معجزات الأنبياء مثل شفاء المرضى و كشف الغيب, و هذا ما عرضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام. حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله بالكشف والمشاهدة. تؤلف الصوفية مجموعة من الطرق و الأذكار التي يتلوها المريد في أوقات مختلفة حسب توصيات مشايخ الطريقة بغية تنقية النفس و تطهيرها ليرتقي في المراتب الروحية التي يمكن أن توصله إلى درجة الولاية.
التصوف تجربة اسلامية انسانية
يعتبر التصوف الإسلامي جزءا أساسيا في تراثنا العربي الإسلامي حيث تبوأ مكانا هاما في الفكر العربي الإسلامي، والاهتمام بالتصوف قديم، تناوله المؤرخون والعلماء العرب والمسلمون ؛ (كالطوسي، والكلاباذي ، والقشيري وغيرهم)، كما ألف فيه الفلاسفة كابن سينا والغزالي وابن خلدون، وتجادل فيه الفقهاء وعلماء الكلام إضافة إلى جهود المستشرقين أمثال ماسينيوس ونيكلسون وغيرهما.
ولم يتفق هؤلاء على رأي سواء تعلق الأمر بحدوده أو أصوله فاختلفت الآراء والمشارب حوله. فالتصوف ليس ظاهرة إسلامية خاصة بل إن جذوره وعروقه لتمتد في أي فكر ديني عموما، حتى إن كثيرا من الدارسين ربطه بأصول غير إسلامية كالمسيحية والهندية والفارسية والفلسفة اليونانية. ورأي آخر يرفض هذه الصلات جملة وتفصيلا ويرده إلى أصوله الإسلامية ومنابعه الأولى (القرآن والسنة).
إذن نريد بهذه المداخلة أن نبرز أبعاد التصوف التاريخية والمصادر التي استقى منها عن طريق التأثير والتأثر الذي انعكس على الأدب الديني الصوفي، فكما هو معلوم إن التصوف تميز بطابعه الأدبي الجمالي والوجداني في أسمى صوره من خلال شعراء الحب الإلهي والإشراق ووحدة الوجود.
ولنصل إلى معرفة أصل التصوف ونشأته تعرضت لمعنى كلمة (تصوف - صوفي - صوفية).
التصوف في ضوء التراث
وضع أبو سعيد محمد أحمد الميهمي الصوفي الإيراني 357 ـ 430 هـ تلميذ أبي عبد الرحمن السلمي أوّل هيكل تنظيمي للطرق الصوفية بجعله متسلسلاً عن طريق الوراثة.
يعتبر القرن الخامس امتداداً لأفكار القرون السابقة، التي راجت من خلال مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي، المتوفى 412هـ والتي يصفها ابن تيمية بقوله: (يوجد في كتبه من الآثار الصحيحة والكلام المنقول ما ينتفع به في الدين (*)، ويوجد فيه من الآثار السقيمة والكلام المردود ما يضر من لا خيرة له، وبعض الناس توقف في روايته) [ مجموع الفتاوى 1/ 578 ]، فقد كان يضع الأحاديث لصالح الصوفية.
· ما بين النصف الثاني من القرن الخامس وبداية السادس في زمن أبي حامد الغزالي الملقَّب بحجَّة الإسلام ت505هـ أخذ التصوف مكانه عند من حسبوا على أهل السنة (*). وبذلك انتهت مرحلة الرواد الأوائل أصحاب الأصول غير الإسلامية، ومن أعلام هذه المرحلة التي تمتد إلى يومنا هذا:
ـ أبو حامد الغزالي: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي 450 ـ 505هـ ولد بطوس من إقليم خراسان، نشأ في بيئة كثرت فيها الآراء والمذاهب (*) مثل: علم الكلام (*) والفلسفة (*)، والباطنية (*)، والتصوف، مما أورثه ذلك حيرة وشكًّا دفعه للتقلُّب بين هذه المذاهب الأربعة السابقة أثناء إقامته في بغداد، رحل إلى جرجان ونيسابور، ولازم نظام الملك، درس في المدرسة النظامية ببغداد، واعتكف في منارة مسجد دمشق، ورحل إلى القدس ومنها إلى الحجاز ثم عاد إلى موطنه. وقد ألف عدداً من الكتب منها: تهافُت الفلاسفة، والمنقذ من الضلال، وأهمها إحياء علوم الدين. ويعد الغزالي رئيس مدرسة الكشف (*) في المعرفة، التي تسلمت راية التصوف من أصحاب الأصول الفارسية إلى أصحاب الأصول السنية، ومن جليل أعماله هدمُه للفلسفة اليونانية وكشفه لفضائح الباطنية في كتابه المستظهري أو فضائح الباطنية. ويحكي تلميذه عبد الغافر الفارسي آخرَ مراحل حياته، بعدما عاد إلى بلده طوس، قائلاً: (وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ اللذين هما حجة الإسلام) ا. هـ. وذلك بعد أن صحب أهل الحديث في بلده من أمثال: أبي سهيل محمد بن عبد الله الحفصي الذي قرأ عليه صحيح البخاري، والقاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي الذي سمع عليه سنن أبي داود [طبقات السبكي 4 / 110].
ـ وفي هذه المرحلة ألف كتابه إلجام العوام عن علم الكلام الذي ذم فيه علم الكلام (*) وطريقته، وانتصر لمذهب (*) السلف ومنهجهم (*) فقال: (الدليل على أن مذهب السلف هو الحق: أن نقيضه بدعة (*)، والبدعة مذمومة وضلالة، والخوض من جهة العوام في التأويل (*) والخوض بهم من جهة العلماء بدعة مذمومة، وكان نقيضه هو الكف عن ذلك سنة محمودة) ص[96].
ـ وفيه أيضاً رجع عن القول بالكشف (*) وإدراك خصائص النبوة (*) وقواها، والاعتماد في التأويل (*) أو الإثبات على الكشف الذي كان يراه من قبل غاية العوام.
يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني، المتوفى سنة 561ه‍ ، وقد رزق بتسعة وأربعين ولداً، حمل أحد عشر منهم تعاليمه ونشروها في العالم الإسلامي، ويزعم أتباعه أنه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ رغم عدم لقائه بالحسن البصري، كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب، وإحياء الموتى، وتصرفه في الكون حيًّا أو ميتاً، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة. ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه: "قدمي هذه على رقبة كل ولي (*) لله"، وكان يقول: "من استغاث بي في كربة كشفت عنه، ومن ناداني في شدة فرجت عنه، ومن توسل بي في حاجة قضيت له)، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية.
ـ يقول السيد محمد رشيد رضا: "يُنقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات ما لم ينقل عن غيره، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها" [دائرة المعارف الإسلامية11/171].
كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي ت 540ه‍ ويطلق عليها البطائحية نسبةً إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق، وينسج حوله كُتَّاب الصوفية ـ كدأبهم مع من ينتسبون إليهم ـ الأساطير والخرافات، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية. ومن هذه الأقوال: (كان قطب الأقطاب (*) في الأرض، ثم انتقل إلى قطبية السماوات، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال) [طبقات الشعراني ص141، قلادة الجواهرص42].
ـ وقد تزوج الرفاعي العديد من النساء ولكنه لم يعقب، ولذلك خلفه على المشيخة من بعده علي بن عثمان ت584ه‍ ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه‍، ولأتباعه أحوال وأمور غريبة ذكرها الحافظ الذهبي ثم قال: "لكن أصحابه فيهم الجيد والرديء".
ـ وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة (*) السهروردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه‍‍، صاحب مدرسة الإشراق (*) الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة (*) والتعطيل (*) والقول بالفلسفة (*) الإشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره (*) وزندقته فأمر بقتله ردة، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض (*) أو الظهور المستمر. ومن كتبه: حكمة الإشراق (*)، هياكل النور، التلويحات العرشية، والمقامات.
تحت تأثير تراكمات مدارس الصوفية في القرون السالفة أعاد ابن عربي، وابن الفارض، وابن سبعين، بعثَ عقيدة الحلاج، وذي النون المصري، والسهروردي.
في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لُقِّب بالشيخ الأكبر.
ـ محيي الدين ابن عربي: الملقب بالشيخ الأكبر 560-638ه‍ رئيس مدرسة وحدة الوجود، يعتبر نفسه خاتم الأولياء (*)، ولد بالأندلس، ورحل إلى مصر، وحج، وزار بغداد، واستقر في دمشق حيث مات ودفن، وله فيها الآن قبر يُزار، طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلّى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله، وله كتب كثيرة يوصلها بعضهم إلى 400 كتاب ورسالة ما يزال بعضها محفوظاً بمكتبة يوسف أغا بقونية ومكتبات تركيا الأخرى، وأشهر كتبه: روح القدس (*)، وترجمان الأشواق (*) وأبرزها: الفتوحات المكية وفصوص الحكم.
ـ أبو الحسن الشاذلي 593-656ه‍: صاحبَ ابن عربي مراحل الطلب ـ طلب العلم ـ ولكنهما افترقا حيث فضّل أبو الحسن مدرسة الغزالي في الكشف (*) بينما فضل ابن عربي مدرسة الحلاج وذي النون المصري، وقد أصبح لكلتا المدرستين أنصارهما إلى الآن داخل طرق الصوفية، مع ما قد تختلط عند بعضهم المفاهيم فيهما، ومن أشهر تلاميذ مدرسة أبي الحسن الشاذلي ت656ه‍ أبو العباس ت686ه‍، وإبراهيم الدسوقي، وأحمد البدوي ت675ه‍. ويلاحظ على أصحاب هذه المدرسة إلى اليوم كثرة اعتذارها وتأويلها (*) لكلام ابن عربي ومدرسته.
وفي القرن السابع ظهر أيضاً جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت672ه‍ـ.
أصبح القرن الثامن والتاسع الهجري ما هو إلا تفريع وشرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف. ومن أبرز سمات القرن التاسع هو اختلاط أفكار كلتا المدرستين. وفي هذا القرن ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت791هـ. وكذلك القرن العاشر ما كان إلا شرحاً أو دفاعاً عن كتب ابن عربي، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة. ومن كتّاب تراجم الصوفية في هذا القرن: عبد الوهاب الشعراني ت 973ه‍ صاحب الطبقات الصغرى والكبرى.
وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية، وانتشرت الفوضى بينهم، واختلطت فيهم أفكار كلتا المدرستين وبدأت مرحلة الدراويش.
ـ ومن أهم ما تتميز‍ به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد علي باشا والي مصر يقضي بتعيين محمد البكري خلفاً لوالده شيخاً للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطى فيها. وذلك كله في محاولة لتقويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعرف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر.
من أشهر رموز القرون التأخرة:
ـ عبد الغني النابلسي 1050-1143ه‍.
ـ أبو السعود البكري المتوفى 1812م أول من عرف بشيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر بشكل غير رسمي.
ـ أبو الهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287هـ.‍
ـ عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281ه‍، ومما يحسن ذكره له أنه اهتم بنشر الإسلام بين الوثنيين (*)، وكوَّن لذلك جيشاً، وخاض به حروباً مع الوثنيين، واستولى على مملكة سيغو وعلى بلاد ماسينه. ومن مؤلفاته: سيوف السعيد، سفينة السعادة، رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم.
ـ محمد عثمان الميرغني ت1268ه‍. ستأتي ترجمة له في مبحث الختمية.
ـ أبو الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني، فقيه متفلسف، من أهل فاس بالمغرب، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327ه‍، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد. ومن كتبه: حياة الأنبياء، لسان الحجة البرهانية في الذب عن شعائر الطريقة الأحمدية الكتانية.
ـ أحمد التيجاني ت1230ه‍. ستأتي ترجمة له في مبحث التيجانية.
ـ حسن رضوان 1239-1310ه‍ صاحب أرجوزة روض القلوب المستطاب في التصوف.
ـ صالح بن محمد بن صالح الجعفري الصادقي 1328-1399ه‍ انتسب إلى الطريقة الأحمدية الإدريسية بعد ما سافر إلى مصر والتحق بالأزهر، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، والشيخ يوسف الدجوي، ومن كتبه: الإلهام النافع لكل قاصد، القصيدة التائية، الصلوات الجعفرية.
الندوة العالمية للشباب الاسلامي
مراعاة طبيعة التصوف كتجربة ذوقية
التصوف تجربة ذوقية وجدت في سائر الأديان السماوية والوضعية، وعبَّر عنها كل صوفي في إطار ما يسود مجتمعه من عقائد وأفكار، وقد درسها العلماء وحاولوا التماس خصائص تميزها عن غيرها من التجارب وتنطبق على كل أنواع التصوف الناضج، وهي:
1 - الترقي الأخلاقي.
2 - الفناء في الحقيقة المطلقة.
3 - العرفان الذوقي المباشر.
4 - الطمأنينة والسعادة.
5 - الرمزية في التعبير.
ووفق هذا عُرف "التصوف بأنه فلسفة حياة تهدف إلى الترقي بالنفس الإنسانية أخلاقيًّا، وتتحقق بواسطته رياضيات عملية معنية تؤدي إلى الشعور في بعض الأحيان بالفناء في الحقيقة الأسمى، والعرفان بها ذوقًا لا عقلاً، وثمرتها السعادة الروحية، ويصعب التعبير عن حقائقها بألفاظ اللغة العادية؛ لأنها وجدانية الطباع ذاتية".
ويتضح من هذا أن التصوف تجربة ذوقية خاصة ليس للعقل مدخل فيها؛ ولذا لا يقبل أصحابها الحكم عليها بالفلسفة والعقل، "فإنه يحق للصوفية أن يعترضوا على كل من يحاول أن يَزِن تجاربهم وتعبيراتهم بميزان العقل؛ لأن العقل وقوانينه مشترك بين الناس جميعًا، أما التجارب الصوفية فلا تخص غيرهم".
وفي التصوف الإسلامي نرى ذوقية علومه واعتبار ذلك حتى لدى رئوس التصوف الفلسفي، ومن ذلك ما يروى أن تلميذًا لابن عربي قال له "إن الناس ينكرون علينا علومنا، ويطالبوننا بالدليل عليها، فقال ابن عربي ناصحًا: إذا طالبك أحد بالدليل والبرهان على علوم الأسرار الإلهية فقل له: ما الدليل على حلاوة العسل؟ فلا بد أن يقول لك: هذا علم لا يحصل إلا بالذوق، فقل له: هذا مثل ذلك".
وإذا كانت هذه الرواية تظهر اعتبار الذوق في علوم متفلسفة الصوفية، فإن بعض الباحثين يرى أن أصحاب التصوف الفلسفي لا يستطيعون أن يدعوا أنهم توصلوا إلى نظرياتهم في الوجود عن طريق الذوق، وليست نظرياتهم هذه نتيجة إلهامات وفيوضات إلهية لأن بعضهم قد اعترف أنه أخذها من حكمة زرادشت وفلسفة أفلاطون، الأمر الذي يجعل هذه النظريات بالمعيار الصوفي غريبة على التصوف الإسلامي إن لم تكن مسخًا له.
لكن الذي يبقى موضع اتفاق هو أن التصوف تجربة ذوقية خاصة يعبر كل صوفي عنها بوسيلته وطريقته، وقد تختلف من صوفي إلى آخر نتيجة درجته في التجربة ذاتها.
وكذلك يبقى أن الحكم على هذه التجربة لا يكون بالفلسفة العقلية ولا يكون بتجاهل خصائصها والتركيز على بعض الجوانب دون الأخرى؛ لأن ذلك لا ينصف التصوف، وذلك كما فعل بعض علماء النفس حين درسوا التجربة الصوفية ضمن مسائل علم النفس الديني، لأنهم ركزوا على الجانب الحسي في التجربة، ولم يدققوا في المصطلحات التي تحمل شحنة وجدانية خاصة، بل وأكثر من ذلك – كما يذكر الدكتور التفتازاني - نظروا إلى بعض حالات التصوف على أنها حالات مرضية عقلية ناسين أو متناسين طبيعة التجربة المحكوم عليها، والتي لا يمكن الحكم عليها حكمًا سليمًا إلا ممن ذات أو عنده استعداد للتذوق وتأمل حالات موجودة بالفعل وناطقة بطبيعة التجربة الذوقية التي نحن بصدد الحكم عليها.
أقول: لو نظر إلى التصوف في ضوء طبيعته التي أشرنا إليها فإن مسألة غموض التعبيرات الصوفية سوف يعرف سببها، ومسألة اختلاف التعبيرات للصوفي الواحد سوف يدرك سرها كذلك، وسوف ندرك لماذا اعتدل البعض في حكمهم على التصوف وذلك حين فهموا طبيعته واعترفوا بها ولماذا لم يدرك البعض هذا الحظ من الإنصاف، وذلك لأنهم قاسوا التصوف كعلم على سائر العلوم في عصره مع أن هذا المقياس ذاته غير دقيق لأن علوم العصر تختلف بحسب موضوعاتها وتختار لذلك وسائلها وتعين لغة التعبير فيها.
فلكي نصيب في الحكم على التصوف، ونستطيع الإفادة من جوانب الثراء فيه ينبغي أن نراعي هذا الأمر ونحن نقرأ تراثنا الصوفي، ويبقى بعد ذلك أن نخطئ أو أن نصيب لكن كل ذلك في دائرة الاجتهاد الأمين الذي يمنح صاحبه أجرًا إن أخطأ وأجرين إن أصاب. والله المستعان.
من الزهد الى الوجد
درج كثير من الباحثين على اعتبار التصوف ثمرة من ثمار الزهد، وهو استنتاج غير دقيق عندي، لأن التصوف عبارة عن الرياضات الروحية، والمجاهدات النفسية، والزهد يحصل بالاستنكاف عن الملذات، والإعراض عن زخرف الحياة، وقد يكون هذا ناتجا عن خلل فكري، أو عن عقدة نفسية، أو عن غير ذلك، (كما نلاحظ في كثير ممن اعتزلوا الحياة ليس من باب الزهد، وإنما لخلل في رغباتهم وغرائزهم ونفسيتهم) بينما التصوف، لا بد من عيار التجربة والاختبار، حتى يصل الإنسان إلى نتائجه التي منها عدم الاغترار بملذات الدنيا، وهو الزهد بمفهومه الشرعي.




خَاتَمِـةٌ
إن هذه الروح السمحة ، المتعالية ،التى تجلَّت عبر التاريخ الإسلامى كتقاليد صوفية راسخة فى ميدانىْ العلم والعلم - أو النظرية والتطبيق العملى- هى معين لا ينضب لاستلهام القيم الروحية فى المجتمعالمعاصر . ولو غفل أهل الزمان عن الاستفادة من هذا الرصيد الروحى العظيم ، فلا شكأن خسارتهم ستكون كبيرة .
وتجدر الإشارة ، أخيراً ، إلى هذه الروح السمحةللتصوف ، لم تؤد إلى انعزال المتصوفة وتحليقهم فى الفراغ ، بل كان للصوفية -دوماً- دوراً كبيراً فى مجتمعاتهم . فقد عمل مشايخ الصوفية منذ وقت مبكر على إحياء الدينفى النفوس ، وبثُّوا فى العبادة سورة الروح المتأجِّجة .
لقد أحيا الصوفيةمراسم الدين حين جعلوا من أنفسهم أنموذجاً للاحتذاء لم يلجأوا يوماً للعنت والعنف،وإنما دعوا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أثرهم عميقاً فى الحضارةالعربية الإسلامية عبر تاريخها الطويل. وقد سبق لنا استعراض هذا الأثر فى بحثنا : التراث الروحى فى الحضارة العربية الإسلامية(38) . ورصدنا فيه عديداً من الأمثلةالدالة على فعالية التصوف خلال قرون الإسلام وعبر حدوده الواسعة ، سواء داخل الدولةأو فى مواجهة الاستعمار الخارجى .. وهى مسألة تفاصيلها تطول - وليس هذا موضعها - غير أن مرادنا هنا ، هو تأكيد أن التسامح الصوفى ، لا يؤدى إلى السلبية الفرديةوالجماعية .. وإنما يرشِّد خطوات الفرد والجماعة فى كل حين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



=========


>>>> الرد الثالث :

التصوف و العرفان في سطور
اخذ التصوف ابعادا كثيرة و مستويات في تطور الثقافة العربية الاسلامة ، كما مر بحقول معرفية مختلفة قديمة قدم المعارف الدينية الاسلامية ، كما يعود له الفضل في نشر الرسالة المحمدية ، و تثبيت عقيدة التوحيد في النفوسن ولعل تنوع الطرق الصوفية وكثرتها يرجع الى نفود الفكر الصوفي و سلطته الروحية التي اكتسبها عبر حركة و رصيد تاريخي قوي لا ينكره الى جاهل بحقائق اهل الحال.
الاصل الاشتقاقي للكلمة مستحدثة ، اطلقت على الزهاد الكوفيين ، الثلاثة وهم :ابو موسى جابر بن حيان الصوفي ،وابو هاشم شريك الكوفي و عبدك الصووفي ،الاول فيلسووف وعالم والثاني ابو هاشم فعاصر سفيان الثوري و الامام جعفر الصادق .و ذكر انه اول من بنى خلوة و زاوية في الرملة وكان ناسكا وعارفا بالله ، كان مجيدا لعلم الكلام.1
عبدك الصوفي رجل منزوي زاهد في الكوفة في حدود سنة 199ه ، فمفهوم التصوف خرج من العراق و بالذات من الكوفة حيث عرفت المنطقة صراعا مذهبيا وحركة سياسية و فقهية نشطة تزامنت مع الحكم العباسي الذي ترك الباب مفتوحا امام حرية التفكير على الرغم من ان العقيدة الفلسفية و السياسية لنظام الحكم العباسي كانت معتزلية المنهج.2
الاصل اللغوي للكلمة اختلف فيه الى حد التناقض ،ماقيل الكلمة مشتقة من الصوف او ( صفف)،ونسبوها الى اللباس الخشنن منها الصف و الصفاء او الصفة وهم جماعة من الصحابة انزوت في مسجد رسول الله (ص) لفقرها و قلة حالها، والبعض يذهب ابعد من ذلك بحيث يرجعه الى رجل اسمه صوفة( الغوث بن مرة من سدنة الكعبة) ، و الى صوفة القفا (الشعيرات التي تنبث في مؤخرة الرأس)او الى الصوفانة وهي نبتة صحراوية.
التصوف هو علم الحقيقة له منطفه و الياته وادواته و مريدوه هم الصادقون المتصرفون بنور الله الثابث بالعبر في العلم والحال .و المريد الصوفي يسير و يهتدي بعناية الله و توفيقه بعيون ثلاثة يدرك بها حقائق الامور و بواطن الاشياء و انوار المعارف و العلوم.
*عين البصر * عين البصيرة * عين الروح..بعين البصر يدرك المحسوسات و بعين البصيرة تدرك المعنويات وبعين الروح تدرك الملكوتيات ، فبصفاء النفس و مجاهدتها يبلغ الناس درجة الملائكة.
في التصوف حركة الفكر و نشاطه تسير بالحدس و العرفان فهو كما عرفه ابن سينا "نمط اصيل في التوليد المعرفي و الاداء التعليمي "" يرى محي الدين ابن عربي في الفتوحات المكية " لابد ان تكون المعاني مركوزة في النفس ثم تنكشف له مع الاناة حالا بعد حال".
العقل عند الصوفية "اصله الصمت و باطنه كثمان الاسرار"
يرى الدكتور مصطفى عبد الرازق ان طريقة النظر العقلي و طريقة التصفية العرفانية نقلا عن الشيخ طاش كبرى زاده يتفاضلان و الحجة في ذلك ان العلم و العمل متفقان يوصلان العبد الى السعادة الابدية و السيادة السرمدية و كلاهما ثمرة الاخر ، فالرجل لامناص له من العمل بما عمل به وعرف بموجبه طرق الحق . وهاتان طريقتان الاولى منها طريقة الاسستدلال و الثانية طريقة المشاهدة .الاول درجة العلماء الراسخين و الثانية طريقة الصديقين، وقد ينتهي كل منهما الى الاخر فيكون صاحبه جامعا للبحرين بحر الاستدلال و المشاهدة.
يعتمد الصوفية على التعبئة الروحية كمنهج لتطهير النفس و تزكية الروح .وذلك للتخفيف من غلوالحياة المادية و تعميقا للمعاني السامية الدينية بعيدا عن الشهوات و الردائل و هو مايدعى بالنزعة الاحيائية اوالبعد التزكوي التقوي.
منهج التصوف يستمد جوهره من كتاب الله و سنة نبيه (ص) ، العبادات تعتمد على الاذكار و الاوراد لابقاء الصلة حية و طيدة بين العبد و ربه و لاحتواء النفس و لجمها عن المعاصي و هو ماكان معهودا في الزوايا و الخلوات و مدارس كناب الله حيث يعكف المريد على الذكر و تنمية جسمه و عقله و روحه بل يتعلم حرف و مهارات ذات طابع اقتصادي انتاجي و هذا النموذج اتبعته حركات صوفية قوية كالسنوسية في ليبيا و المهدية في السودان ، تمهيدا لبناء مجتمع ديني تاريخي ذو طابع سياسي روحي.
يبقى التصوف طاهرة ترتوي من الرحيق النبوي و الحب الالهي ...من احب الله احبه الله و احبه الناس و ذكرته الملائكة في عليائها. وهذا لايتم الى بمجاهدة النفس و طهارتها و قربها من معين التعبد والتزلف للذات الالهية بالاخلاص و العبادات .
المراجع
*ذ.حسن الشيخ الفاتح قريب الله. في الزهدد و التصوف.
*الامام ابي المواهب الشافعي الانصاري. الطبقات الكبرى

السعادة والوجدان
يتفق المتصوفة والفلاسفة أن السعادة في معرفة الحق، غير أنهم لايرون العقل أهلا لهذه المهمة،فليست الحدود والأقيسة العقلية بقادرة على إدراك نور الحقوجلاله اللامتناهي. ومن هنا كان الإلهام والإشراق سبيلا السعادة يحصلان في القلب لاالعقل، لأن القلب أشرف اجزاء الإنسان شبيه بمرآة إدا صقلت وجليت صارت قابلة لتلقي نور الحق، وذلك لايتأتى إلا بالمجاهدة والمكابدة والإقبال على الله تعالى والإنصراف عما دونه، من أجل التخلية ثم التحلية. يقوا السهروردي – أحد أئمة التصوف -: « إذا تزكت النفس، انجلت مرآة القلب وانعكست فيه أنوار العظمة الإلاهية ولاح فيه جمال التوحيد وانجذبت أحداق البصيرة إلى مطالعة انوار الجلال الإلاهي ورؤية الكمال الأزلي ". وهذه مرتبة لايبلغها من بقي منشغلا بالجسد وشهواته، أو توقف عند العقل وتأملاته.

وسواء تعلق الأمر بإبن عربي أو الحلاج او إبن الفارض او السهروردي،فإن سبيل التصوف إلى السعادة الحقة مقامات ومراتب وأحوال يتدرج فيها المتصوف حتى يصل إاى مرتبة الشيخ المطلق والعارف المحقق والمحبوب المعتق الذي وسع الحق قلبه فلم يعد يبالي او ينشغل بغيره.

نخلص إلى أن السعادة المقصودة سعادة وجدانية تمس الإنسان بإعتباره روحا في المقام الول والأخير،ورغم اختلاف المتصوفة عن الفلاسفة، إلا ان موقفيهما يعكس تأثير الشريعة والدين من حيث نبذ اللذة الحسية البدنية والتركيز على الروح والنفس. ولكن أليست هذه السعادة أحادية الجانبتتطلب مجهودا يتجاوز قدرة الإنسان وينفيه من حيث هو إنسان أي كلية مركبة من جسم وعقل ووجدان..؟أليست هذه سعادة فوق مستوى الإنسان مثلما أن سعادة اللذة الحسية دون مستوى الإنسان؟


=========


>>>> الرد الرابع :

مشكور اخي على مجهوداتك جزاك الله كل خير

=========


>>>> الرد الخامس :


=========