عنوان الموضوع : التوثيقق لعمالة الطريقة التجانية التاريخ الجزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب
الوثيقة1
صاحب السجادة الكبرى يلقي بين يدي فرنسا "خطبة الإخلاص" الجزائر في 23ـ 1ـ 1350 لمراسل الفتح.
نشرت جريدة La Presse Libre وهي جريدة فرنسية استعمارية يومية كبرى تصدر في عاصمة الجزائر في عددها الصادر يوم السبت 16 مايو (28 ذي الحجة: خطبة طويلة ألقاها الشيخ "سيدي" محمد الكبير صاحب "السجادة الكبرى"ـ أي: رئيس الطريقة الصوفية المسماة بالطريقة التجانية ـ بين يدي الكولونيل سيكوني "الفرنسي" الذي ترأس بعثة من الضباط قامت بنزهة استطلاعية في الجنوب الجزائري، ومهدت "لابريس ليبر" للخطبة بكلمة جاء فيها.
وبعد ما طافت هذه البعثة العسكرية في مدينة الأغواط، سافرت إلى عين ماضي المركز الأساسي للطريقة الصوفية الكبرى "التجانية" ملبين دعوى رئيس هذه الطريقة المحترمة المبجلة الشيخ سيدي محمد الكبير، وبعدما تفرجوا على المدينة ـ يعني قرية عين ماضي ـ وعلى الزاوية ذهبوا إلى القصر العظيم الذي شيد بإيعاز من السيدة الفرنسية مدام أوريلي التجاني "أيّم التجاني"، وفي ردهات هذا القصر الرائعة الجميلة أقيمت مأدبة فخمة فاخرة كبرى لهؤلاء الضباط ولنواب الحكومة العسكرية المحلية بالأغواط وعين ماضي، وفي أثناء شرب الشاي قام حبيبنا حسني سي أحمد بن الطالب، وتلا باسم المرابط سيدي محمد الكبير صاحب السجادة التجانية الكبرى خطبة عميقة مستوعبة للخدمات الجليلة الصالحة التي قامت بها الطائفة التجانية لفرنسا وفي سبيل فرنسا في توطيد الاستعمار الفرنسي، وفي تسهيل مهمة الاحتلال على الفرنسيين، وفي إشارات التعقل كانت تسديها هذه الطريقة لمريديها من "الأحباب"...
ثم قالت الجريدة: وحيث طلب منا نشر هذه الخطبة القيمة فإننا ننشرها فيما يلي: وهنا أوردت الجريدة جانباً كبيراً من الخطبة ـ نصفها أو ثلثيها ـ كله ثناء لا يحصى ولا يعد على فرنسا المستعمرة، فوصفها الخطيب بأنها "أم الوطن الكبرى" وانهال عليها مدحاً وشكراً بما لا يخرج عن معنى ما نسمعه دائماً من دعاتها المأجورين، إلا أنه قال: "حتى اعترفوا لفرنسا بالمدنية والاستعمار، وبأنها حملت عنا ما كان يثقل كواهلنا من أعباء الملك والسيادة، وحملة الأمن والثروة والرخاء والسعادة والهناء...
ولكن المهم من الخطبة هو الجانب الأخير منها، لأنه يحوي اعترافات خطيرة مثبتة بتواريخها، ونحن ننقل هذه الاعترافات حرفياً، ونعرضها على صفحات "الفتح" المجلة التي يثق بها المسلمون جميعاً، ولكل مسلم أن يحكم على هذه الاعترافات بما يشاء.
قال الشيخ سيدي محمد الكبير صاحب السجادة الكبرى "التجانية"، وهو "خليفة" الشيخ أحمد التجاني الأكبر مؤسس هذه الطريقة، وهذا "الخليفة" يسيطر على جميع أرواح "الأحباب" المريدين التجانيين في مشارق الأرض ومغاربها:
... إنه من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا مادياً وأدبياً وسياسياً، ولهذا فإني أقول لا على سبيل المنّ والافتخار، ولكن على سبيل الاحتساب والتشرف بالقيام بالواجب... أن تصل بلادنا وقبل أن تحتل جيوشها الكرام ـ كذا ـ ديارنا.
ففي سنة 1838 كان جدي سيدي محمد الصغير ـ رئيس التجانية يومئذ ـ أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا، الأمير عبد القادر الجزائري، ومع أن هذه العدو ـ يعني الأمير عبد القادر ـ حاصر بلدتنا عين ماضي، وشدد عليها الخناق ثمانية أشهر، فإن هذا الحصار تم بتسليم فيه شرف لنا نحن المغلوبين، وليس فيه شرف لأعداء فرنسا الغالبين، وذلك أن جدي أبى وامتنع أن يرى وجهاً لأكبر عدو لفرنسا، فلم يقابل الأمير عبد القادر!
وفي سنة 1684 كان عمي سيدي أحمد ـ صاحب السجادة التجانية يومئذ ـ مهّد السبيل لجنود الدوك دوماك، وسهل عليهم السير إلى مدينة بسكرة، وعاونهم على احتلالها.
وفي سنة 1870 حمل سيدي أحمد هذا تشكرات الجزائرين للبقية الباقية من جنود "التيرايور" الذين سلموا من واقعه "ريش ـ هوفن" وواقعه "ويسانبور"، ولكي يظهر لفرنسا ولاءه الراسخ وإخلاصه المتين، وليزيل الريب وسوء الظن اللذين ربما كانا بقياً في قلب حكومتنا الفرنسية العزيزة عليه ـ يعني: من حيث كونه مسلماً ولو بالاسم فقط ـ برهن على ارتباطه بفرنسا ارتباطاً قلبياً، فتزوج في أمد قريب بالفرنسية الآنسة أوريلي بيكار (مدام أو أيّم التجاني بعدئذ)، وبفضل هذه السيدة ـ نعترف به مقروناً مع الشكر ـ تطورت منطقة كوردان هذه ضاحية من ضواحي عين ماضي من أرض صحراوية إلى قصر منيف رائع، ونظراً لمجهودات مدام أوريلي التجاني هذه المادية والسياسية فإن فرنسا الكريمة قد أنعمت عليها بوسام الاحترام من رتبة "جوقة الشرف".
المراسل: وسيدي أحمد هذا لما تزوج في سنة 1870 بهذه المرأة الفرنسية، كان أول مسلم جزائري تزوج بأجنبية،وقد أصدرت هي كتاباً فرنسياً في هذه الأيام أسمته "أميرة الرمال" تعني نفسها، وقد ملأته بالمثالب والمطاعن على الزاوية التجانية، وذكرت فيه أن سيدي أحمد هذا إنما تزوجها على يد الكاردينال لافيجري على حسب الطقوس الدينية المسيحية، وذلك لأن قانون الزواج الفرنسي كان دينياً مسيحياً لا مدنياً، ولما توفى عنها سيدي أحمد هذا خلفه عليها وعلى السجادة التجانية أخوه سيدي علي!...
ولما أنعمت فرنسا بوسام الشرف على هذه السيدة منذ أربعة أعوام، قالت الحكومة في تقريرها الرسمي ما نصه:لأن السيدة قد أدارت الزاوية التجانية الكبرى إدارة حسنة كما تحب فرنسا وترضى، ولأنها كسبت للفرنسيين مزارع خصبة ومراعي كثيرة، لولاها ما خرجت من أيدي العرب الجزائريين "التجانيين"، ولأنها ساقت إلينا جنوداً مجندة من "أحباب" هذه الطريقة ومريديها، ويجاهدون في سبيل فرنسا صفّاً كأنهم بينان مرصوص...
واليوم تعيش هذه السيدة (أيّم التجاني) في مزرعة لها كبرى في ضواحي مدينة بالعباس ـ وهران عيشة المترفين ذوي الرفعة والنعيم، وهي الآن لم تقطع علاقاتها بالزاوية التجانية، بل لا تزال تسيطر عليها، وتقبض على أزمتها، ومع أن الأحباب التجانيين يتبركون بهذه السيدة ويتمسكون بآثارها ويتيممون لصلواتهم على التراب الذي تمشي عليه، ويسمونها "زوجة السيدين"، فإنها لا تزال مسيحية كاثوليكية إلى هذه الساعة، ومن العجيب أن إحدى وستين سنة قضتها كلها في الإسلام وبين المسلمين من (1870 إلى الآن 1930) لم تغير من مسيحيتها شيئاً، وهذا دليل على ما كانت عليه تكنه في قلبها لهؤلاء "الأحباب" الذين حكموها في رقابهم وأموالهم!!.
ولنرجع إلى نقل الاعترفات فنقول: ثم قال سيدي محمد الكبير: وفي سنة 1881 كان أحد "مقاديمنا" سي عبدالقادر بن حميدة مات شهيداً مع الكولونيل فلانير حيث كان يعاونه على احتلال بعض النواحي الصحراوية.
وفي سنة 1894 طلب منا جول كوميون والي الجزائر العام يومئذ أن نكتب رسائل توصية، فكتبنا عدة رسائل، وأصدرنا عدة أوامر إلى أحباب طريقتنا في بلاد الهكار (التوارق) والسودان نخبرهم بأن حملة فوولامي الفرنسة هاجمة على بلادهم، ونأمرهم بأن لا يقابلوها إلا بالسمع والطاعة، وأن يعاونوها على احتلال تلك البلاد، وعلى نشر العافية فيها!!.
وفي سنة 1906ـ 1907 أرسل المسيو جونار والي الجزائر العام يومئذ ضابطه المترجم مدير الأمور الأهلية بالولاية العامة سيدي مرانت برسالة إلى أبي المأسوف عليه سيدي البشير، فأقام عنده في زاوية كوردان شهراً كاملاً لأداء مهمة سياسية، ولتحرير رسائل وأوامر أمضاها سيدي البشير والدي ـ رئيس التجانية يومئذ ـ. ثم وجهت ـ أرسلت ـ إلى كبراء مراكش ـ المغرب الأقصى ـ وأعيانها وزعماء تلك البلاد وجلهم ـ أو قال: وأكثرهم ـ تجانيون من أحباب طريقتنا نبشرهم بالاستعمار الفرنسي، ونأمرهم بأن يتقبلوه بالسمع والطاعة والاستسلام والخضوع التام، وأن يحملوا الأمة على ذلك، وأن يسهلوا على جيوش فرنسا تلك البلاد.
وفي الحرب العالمية الكبرى أرسلنا ووزعنا في سائر أقطار شمال أفريقية منشورات تلغرافية وبريدية استنكار لتدخل الأتراك في الحرب ضد فرنسا الكريمة وضد حلفائها الكرام، وأمرنا أحباب طريقتنا بأن يبقوا على عهد فرنسا وعلى ذمتها ومودتها.
وفي سنة 1913 إجابة لطلب الوالي العام للجزائر أرسلنا بريداً إلى المقدّم الكبير للطريقة التجانية في السنغال سيدي الحاج مالك عثمان ساي نأمره بأن يستعمل نفوذنا الديني الأكبر هناك في السودان لتسهيل مأمورية كلوزيل الوالي العام للجزء الشمالي من إفريقية الغربية ـ أي: لكي يسهل عليه احتلال واحة شنقيط.
وفي سنة 1916 إجابة لطلب المريشال ليوتي عميد فرنسا في مراكش كان سيدي علي ـ صاحب السجادة الرئيس الذي كان قبلي ـ كتب مئة وثلاث عشرة رسالة توصية، وأرسلها إلى الزعماء الكبار وأعيان المغاربة يأمرهم بإعانة فرنسا في تحصيل مرغوبها وتوسيع نفوذها وذلك بواسطة نفوذهم الديني!...
وفي سنة 1925 في أثناء حرب الريف أرسلت أنا ـ حبيبنا ـ المخلص ومريد طريقتنا ومستشارنا المعتبر حسني سي أحمد بن الطالب ـ الذي قرأ هذه الخطبة بلسان سيده ـ إلى المغرب الأقصى، فقام بدعاية كبرى ـ وبروباغندا ـ واسعة في حدود منطقة الثوار، وتمكن من أخذ عناوين الرؤساء الكبار والأعيان الريفيين "والمقاديم" وأرباب النفوذ على القبائل الثائرة، وكتبنا إليهم رسائل نأمرهم فيها بالخضوع والاستسلام لفرنسا، وقد أرسلنا هذه الرسائل إلى "مقدّمنا" الأكبر في فاس، فبلغها إلى المبعوث إليهم يداً بيد.
وبالجملة فإن فرنسا ما طلبت من الطائفة التجانية نفوذها الديني إلا وأسرعنا بكل فرح ونشاط بتلبية طلبها وتحقيق رغائبها، وذلك كله لأجل عظمة ورفاهية وفخر حبيبتنا فرنسا "النبيلة".
والله المسؤول أن يخلد وجودها بيننا لنتمتع برضاها الخالد!. ثم لما ختم خطبته هذه بالثناء العاطر على الموظفين الفرنسيين وعلى الضباط العسكريين واحداً واحداً، ومدح الوالي العام الحالي ووصفه بأنه "المستعمر الأكبر".
وما إن انتهى الشيخ من خطبته حتى نهض ليوتنان كولونيل سيكوني رئيس البعثة العسكرية وشكر الشيخ وأثنى عليه، ثم قال له: "من كمال مروءتك وإحسانك يا سيدي الشيخ (المرابط) أنك لم تذكر ولا نعمة واحدة من النعم التي غمرتني بها، فأنت الذي أنجيتني من التوارق الملثمين، وأنقذتني من أيديهم... وهكذا جعل الكولونيل يذكر مناقب أخرى للشيخ كثيرة.
أ هـ .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
الوثيقة2
ويقول بول أودينو:
"خلال السنين الستين الأخيرة كانت التيجانية تقدّم لنا العون، ومنذ سنة 1911م ونحن نستغل نفوذها القوي في جنوبي الغرب وموريطانيا والريف".
ويقول روم لاندو:
"وقد خبر الفرنسيون قضية الطرق الصوفية والدور الذي تلعبه مرات متعددة من قبل، وثمة وثيقتان قلما يعرفها الناس تزودنا بالمعلومات الطريفة: أولاهما رسالة بعث بها قبل قرن من الزمن المارشال (بوجو) أول حاكم للجزائر، إلى شيخ التجانية ذات النفوذ الواسع، إذ أنه لولا موقفها المشبع بالعطف لكان استقرار الفرنسيين في البلاد المتفتحة حديثاً أصعب بكثير مما كان.
ويقول المارشال في نهاية الرسالة: عند ما تشعر بحاجة إلى شيء ما أو إلى خدمة من أي نوع كانت فما عليك إلا أن تكتب إلى مرافقي الذي سيسرّه أن يبلغني رغباتك.
ثم قال (روم لاندو): ووثيقتنا الثانية تلقي ضوءاً على طريقة الإقناع أنها إعلان بعث به خليفة التجاني الذي تلقى رسالة المارشال (بوجو) إلى أتباعه بمناسبة الحرب بين فرنسا والأمير عبد الكريم سنة 1925م يدعو فيه إخوانه إلى مؤازرة الدولة المسيحية ضد مواطنيهم من المسلمين. ويقول الشيخ التجاني محمد الكبير بن البشير في هذا الإعلان: أن فرنسا تكافئ على الخدمات التي تقدّم لها... وفرنسا قد انتصرت مؤخراً في حرب (1914م ـ 1919) على واحدة من أعظم دول أوربا وأقواها. ألا ينصر سبحانه ويمنح عباده من يشاء".
وينقل عن جوليان أنه أثنى على الحكومة الفرنسية قائلاً: " لقد عرفت الحكومة الفرنسية كيف تجمع المتصوفة الذين سوّلتهم وحمتهم"
من كتاب " تاريخ المغرب في القرن العشرين " ص 140-143.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
الوثيقة3
مذكرات لالة أوريي بيكارد "زوجة السيدين" احمد الصغير واخيه البشير بعنوان Aurélie Picard-Tidjani, Princesse des Sables أوريي بيكارد التجاني أميرة الصحراء
يقول الأستاذ الدكتور "عمر فروخ: " يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين لا يبخلون بالمال أو التأييد بالجاه للطرق الصوفية.. وكل مندوب سامي أو نائب الملك.. لابد أنه يقدم شيخ الطرق الصوفية في كل مكان، وقد يشترك المستعمر إمعاناً في المداهنة في حلقات الذكر"..
لكن المستعمر لم يكتف بهذا الدور السطحي، بل حاول اختراق هذه المؤسسات الدينية وذلك بالنفاذ إلى عمق قيادتها. قد تبدو القصة الحالية من نسج الخيال أو من وحي أفلام جيمس بوند لكنها قصة حقيقية بالصور والأدلة على الدور الخطير الذي لعبته فرنسا في صناعة وتطوير وتوجيه الطرق الصوفية وتحريف وجهتها.
لقد سعت إلى اختراق الطريقة التجانية عبر استعمال سلاح المرأة، والسلاح الفتاك الذي أثبت نجاحه في كل قصص المخابرات والجوسسة عبر التاريخ. واستطاعت الحكومة الفرنسية تزويج فتاة فرنسية للخليفة العام للطريقة التجانية وأشرف على هذا الزواج الغريب صانع النصرانية المعاصر الأب لافيجري. وبالفعل نجحت الجميلة أوريي بيكارد في السيطرة على الطريقة طيلة 60 سنة قضتها متنقلة بين فرنسا وعين ماضي مقر الزاوية. >>
ولدت أوريي بيكارد في 12 يونيو 1849 في مدينة مونتانيي لو روا (Montigny-le-Roi (Haute-Marne)) وكان والدها دركيا خدم في الجزائر في جوقة الشرف ويذكر التاريخ أنه كان فخورا جدا بخدمته تحت العلم وكثيرا ما يردد حكاياته خاصة أنه كان من بين الجنود الذين استولوا على عاصمة الامير عبد القادر بن محي الدين "الزمالة" سنة 1943.
في 1861 اتبعت أوريي والدها الذي أصبح يعمل لدى الجنرال فرواساد ولما وصل سنها إلى 18 عملت كبائعة في متجر صغير. وفي هذه الأثناء تعرفت على مدام ستيناكر زوجة الحاكم العام للمدينة فاقترحت عليها أن تعمل لديها وصيفة وعلمتها حرفة العزف على البيانو والصولفاج. وبعد ثلاث سنوات التحقت عائلة ستيناكر بالحكومة الفرنسية حيث تحول السيد ستيناكر إلى وزير البريد لدى الحكومة. وتعرضت الحكومة الفرنسية لهجوم من طرف البروسيين الذين قطعوا الاتصالات والأسلاك الخاصة بمورص مما حدا بها للاستفادة من خدمة الطيور في مراسلاتها خاصة الحمام الزاجل. وقد عهد الوزير للفتاة أوريي بهذه المهمة الصعبة مما يدل على الثقة الكبيرة التي وضعها فيها.
وفي احد الأيام التي كانت تعتني بالحمام شعرت بوجود جسم خلفها وعندما استدارت صرخت بكل قوتها. لقد وقف امامها رجل لم تتعرف على شكله الذي لا يشبه شكل الأوروبيين ولا لباسه مثل اللباس المتعاهد لدى الفرنسيين.
كان الواقف أمامها هو سي احمد التجاني الخليفة العام للطريقة التجانية والبالغ من العمر بضعة وعشرين سنة، الذي يملك البركة الازلية حسب اعتقاد التجانيين. كان هذا الشاب الصغير لا يعي شيئا في الاعيب الساسة الاستعماريين، وهو شيخ الطريقة التي ورثها عن أبيه. كان احمد التجاني مرفوقا بأخيه سي البشير والغرض من زيارتهم لفرنسا هو حضور مراسيم بدعوة من الحكومة الفرنسية؟!.. ويبدو ان المخابر الاستعمارية هيأت الأجواء لمشروع مؤامرة كبرى على الطريقة التجانية وذلك باختراقها في العمق.
حاول الشيخ الصغير ان يحي الشابة الفرنسية التي تلعلع جمالها وبياضها في قلبه، ومالت لها جوارحه ودار في ذهنه خيال الرجولة أمام منظر الفتاة الطري. ولكنه كان عاجزا عن الكلام ولم تسعفه حركة رأسه. سمع الصرخة أحد الجنود فتقدم مسرعا وتحدث مع الخليفة العام بلغة لم تفهمها وقال لها:"الشيخ يعتذر لك لأنه ازعجك في عملك، وقال أنكم لديكم الحظ لانكم تعرفون لغة الطير ورسولنا يقول غناء العصافير هو لغة الملائكة".. كانت المغازلة الظريفة قد طبعت شيء خاص في قلب الفتاة. أما الشاب التجاني فقد طار عقله مع فتائل شعرها الذهبي وقوامها الرشيق وأردافها الممتلئة.. وفي غضون الأيام اللاحقة شاهدت المرأة كثيرا هذا الشاب، الذي اهمه شكلها الممتلئ بكل انواع الغواية النسائية، فبياض بشرتها وعيناواها البنيتين وضفائرها المنسكبة كلها علامات الجاذبية التي لا يصمد امامها الرجال..
في قلب السياسة الفرنسية صنعت هذه العلاقة الغامضة، وعندما سمع والدها بيكارد عاد بسرعة إلى بوردو حتى يحذر ابنته من هذا الزواج لان العرب لهم عاداتهم وتقاليدهم التي لا ترحم المرأة!؟
لكن أين لهذا الجندي المسكين أن يعترض على قرارات أسياده.. طلب الوزير ستيكر من الشابة ان تفكر مليا في مستقبلها ودورها .. وسرعان ما تم الزواج بين سيدي الشيخ احمد التجاني وأوريي بيكارد وقال له والدها كلود :"لدينا الشرف أن أزوجك ابنتي ولكن هناك بعض التفاصيل التي يجب أن نتحدث فيها قبل أن نصبح عائلة واحدة بعد ان أصبحنا شعبا واحدا" قال الشيخ بقلب يكاد ينخلع من اضلعه من شدة الفرح:"طلباتك وطلبات ابنتك هما طلباتي وانا مستعد كي أقدم لها 400 ناقة و 2000 معزة ووزنها مجوهرات وسلاسل ذهبية وزمرجد حتى أربط حياتي بحياة كريمتك" هز الوالد رأسه وخاف الشاب ان يكون العرض غير سخي فأردف يقول:"ستقاسمني حياتي ومملكتي وستعيش متوجة بالبركة". ووافق الشيخ المتيم ان تبقى زوجته تؤمن بالله على طريقتها الخاصة. ولكن العسكري المحنك لم تتوقف طلباته هنا. فسأل الشيخ عن زوجاته الأخريات والاماء الذين يتسرى بهم. فقال له الشيخ سأتخلص منهن كلهن بمجرد ان أعود إلى عين ماضي.
تمت مراسيم الزواج في الجزائر ببركة الكنيسة سنة 1871 وعقد قرانهما المبشر الخطير شارل لافيجري وما أدراك ما لافيجري!
جاء اليوم الموعود وجهز الأمير لفتاة أحلامة باسورا (الجمل بالهودج) يليق بمقامها السامي. وبعد عشرين يوما من السير سمعت الأميرة رجال القافلة يصيحون عين ماضي عين ماضي وهي مقر الزاوية التجانية ومملكة سيدي احمد التجاني. وتوافد رجال الطريقة يحيون سيدهم. انقبض قلب الفتاة قليلا: هل هذه هي المدينة والمملكة التي حدثني عنها هذا الرجل؟؟ أين ذلك من الحدائق الغناء في مقر الحكومة الفرنسية..!! شعرت بالبكاء؟ ولكنها تماسكت.. هذا قدرها!!
وبعد مضي عدة أشهر شعرت القادمة الجديدة بعزلة في هذا العالم الغريب وبدأت تنسج العلاقات والتحالفات والتفكير في التأثير على أم زوجها. وباختصار نجحت الخطة! وبسرعة استطاعت أوريي السيطرة على محيطها واتخذت لنفسها لقبا جديدا: "لا لا يمينة". وبدأت في تشييد قصرها الذي سيحمل اسمها قصرا قريبا من نبع الكوردون البعيد بحوالي 7 كيلومتر عن عين ماضي. كانت هي المهندسة والمخططة وهي واضعة الأسس.
والاهم من ذلك هو عملها على تنظيم الزاوية. لقد لاحظت أن هناك فوضى كبيرة لأن العرب لا يحسنون التنظيم! واعادة هيكلة بناءها.. كان كل شيء يمر على يديها ولم يكن زوجها المسكين يملك من أمره شيئا. فهو يخضع لها وتدوره كما تدور الخاتم في اصبعها..
بدأ تأثيرها بادخال انواع الطبابة فكانت تظهر على يدها المعجزات فقط عن طريق تعميم النظافة والاغتسال والاستعمال الصحي للأشياء.
كانت لا لا يمينة تتحرك دائما وفي قلبها فرنسا، فهي تنصح زوجها في كل ما يتعلق بعلاقاته بفرنسا التي كانت مثل السمن على العسل. وساهمت بقوة في توجيه النصائح للمستكشفين. هكذا يقول المؤرخون.
طلبت أوريي من السلطات الفرنسية انشاء مدرسة سنة 1882 وتم استقدام مدرس فرنسي لمدينة عين ماضي. وبوفاة محاسب الزاوية تحولت الشيخة أمينة بيكارد إلى المكلف بالمالية وقد لاحظت تراجع كبير في المداخيل ورافقت زوجها في خرجاته لجمع الاموال والصدقات والتبرعات. وخططت من جهتها لتطوير أعمال الزاوية، بطريقتها الخاصة. وبدات في احداث استثمارات فلاحية حتى يعود دخلها للزاوية. وانشات مدرسة جديدة في منطقة كوردان.
في 20 افريل 1897 توفي زوجها سي احمد وتولى مهام الزاوية أخوه سي البشير التجاني. ووجد الفرصة الخليفة الجديد كي يعرض على الأميرة الشقراء الزواج منه. وطبعا حتى تحفظ حقوقها فقد تزوجت رسميا بسي البشير التجاني في مقر العمالة الفرنسية بالأغواط وتحت عين ونظر الادارة الفرنسية.
وفي ربيع 1899 قام السيد مارتي باسين (Marthe Bassenne) بزيارة أميرة الصحراء وقد طلبت منه كتابة حياتها الخاصة في هذه المملكة الطرقية وكانت نتاج ذلك مؤلف باسم أوريي بيكارد التجاني أميرة الصحراء(5). في عام 1903 أعطيت لها شهادة التفوق الزراعي على جهودها في الصحراء وفي 1906 تم تعيينها ضابط بالأكادمية. وبعد بضعة سنوات توفي زوجها الثاني في 9 يونيو 1911 وتولى ابنه علي مهام الطريقة. لكن لا لا أمينة كانت تكره هذا الولد فغادرت عين ماضي إلى الجزائر العاصمة. وعادت إلى قصرها في 1914 بطلب من الحاكم العام للجزائر وذلك بغرض تشجيع الشباب العرب للالتحاق بالجيش الفرنسي للدفاع عن فرنسا.
وفي 1920 عادت إلى بلدها الأصلي في فرنسا ولكنها سرعان ما عادت إلى الأغواط في 1922 . وهنا شاركت في حل النزاع الذي ظهر في الطريقة التجانية بعد وفاة سي علي في 1918 وقد طلب منها الشيخ محمد بالبقاء في قصرها وتولي مهام تسيير شؤون الطريقة(6) مثلما كان الحال في السابق.
ولكن الجو الجديد لم يعجبها فرجعت لفرنسا ولكنها شعرت بقساوة البرد الذي لم تتعود عليه فعادت إلى الجزائر وبقيت في البليدة ثم انتقلت إلى سيدي بلعباس وعادت إلى عين ماضي في 2 ماي 1928.
وفي 9 يناير 1931 أعطي لها وسام الشرق من طرف وزارة الحربية وماتت بعين ماضي في 23 أغسطس 1933 . كان عمرها 84 سنة.
يقول الدكتور عمر فروخ:"الطريقة التيجانية التي كانت تسيطر على الجزائر أيام الاستعمار معروف أنها كانت تستمد وجودها من فرنسا، وأن إحدى الفرنسيات من عميلات المخابرات تزوجت شيخاً فلما مات تزوجت بشقيقه، وكان الأتباع يطلقون عليها "زوجة السيدين" ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به، وهي كاثوليكية مازالت على شركها.. وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق، وجاء في أسباب منحها الوسام.. أنها كانت تعمل على تجنيد مريدين يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص"
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
[b]شكرا اخي عبدالله على المعلومات ولكن اطلب مك مساعدتي في اعداد بحث تخرج عنوانها الطرق الصوفية ودورها في محاربة الاستعمار ولعلمك ان اغلب زعماء المقاومات الشعبية مثل الامير والمقراني ونسومر والهاشمي الشريف كلهم خريجو الزوايا]
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
من لديه "بيان ما حدث" للحاج عمر الفوتي التيجاني مطبوع بالفرنسية في فرنسا ضمن رسائله
لان عمر الفوتي الوحيد من التجانية الذي خرق قاعدة عمالة التجانية لفرنسا فحاربها
وسمعت الدكتور محمد لمين بلغيث السوفي في قناة المستقلة ان في هذا البيان وضح انه متاثر بالمنهج السلفي فاردت قرائته والتاكد من ذلك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
السلام عليبكم / تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال أما بعد
أشكر عبد الله على هذه المعلومات القيمة وتنويره لعقولنا فممتنين له بذلك ولكن لدي طلب وهو أنني بحثت عن كتاب : - تاريخ المغرب في القرن العشرين فلم يسعفنب الحظ ولذا أطلب منه أن يدلني أو يرسل لنا هذا الكتاب الذي يذكر حقائق عن الطريقة التجانية وعمالتها للاستعمار ليكون كلام المرء مؤسس ويمكنه الرجوع الى مصادر المؤلف ليزداد علما وقناعة أكثر ليجلى عنه الشك والريب الذي لازال يتملكنا لان الكثير يطعن بدون دليل ويدلس